الرئيسيةبحث

مجموع الفتاوى/المجلد الرابع/سئل أن علي بن أبي طالب قال إذا أنا مت فأركبوني فوق ناقتي وسيبوني

سئل أن علي بن أبي طالب قال إذا أنا مت فأركبوني فوق ناقتي وسيبوني

سُئِلَ شَيْخُ الإسْلام قدس الله رُوحَهُ:

هل صح عند أحد من أهل العلم والحديث، أو من يقتدى به في دين الإسلام، أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا أنا مت فأركبوني فوق ناقتي وسيبوني، فأينما بركت ادفنوني، فسارت ولم يعلم أحد قبره؟ فهل صح ذلك أم لا؟ وهل عرف أحد من أهل العلم أين دفن أم لا؟ وما كان سبب قتله؟ وفي أي وقت كان ؟ ومن قتله؟

ومن قتل الحسين؟ وما كان سبب قتله؟ وهل صح أن أهل بيت النبي ﷺ سُبُوا؟ وأنهم أركبوا على الإبل عراة، ولم يكن عليهم ما يسترهم، فخلق الله تعالى للإبل التي كانوا عليها سنامين استتروا بها. وأن الحسين لما قطع رأسه داروا به في جميع البلاد، وأنه حمل إلى دمشق، وحمل إلى مصر ودفن بها؟ وأن يزيد بن معاوية هو الذي فعل هذا بأهل البيت، فهل صح ذلك أم لا ؟

وهل قائل هذه المقالات مبتدع بها في دين الله؟ وما الذي يجب عليه إذا تحدث بهذا بين الناس؟ وهل إذا أنكر هذا عليه منكر هل يسمى آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر أم لا؟ أفتونا مأجورين، وبينوا لنا بيانًا شافيا.

فَأَجَاب:

الحمد لله رب العالمين، أما ما ذكر من توصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا مات أركب فوق دابته وتسيب، ويدفن حيث تبرك، وأنه فعل ذلك به، فهذا كذب مختلق باتفاق أهل العلم، لم يوص علي بشيء من ذلك، ولا فعل به شيء من ذلك، ولم يذكر هذا أحد من المعروفين بالعلم والعدل، وإنما يقول ذلك من ينقل عن بعض الكذابين.

ولا يحل أن يفعل هذا بأحد من موتى المسلمين، ولا يحل لأحد أن يوصي بذلك، بل هذا مُثْلَة بالميت، ولا فائدة في هذا الفعل، فإنه إن كان المقصود تعمية قبره، فلا بد إذا بركت الناقة من أن يحفر له قبر ويدفن فيه، وحينئذ يمكن أن يحفر له قبر ويدفن به بدون هذه المثلة القبيحة، وهو أن يترك ميتًا على ظهر دابة تسير في البرية.

وقد تنازع العلماء في موضع قبره. والمعروف عند أهل العلم أنه دفن بقصر الإمارة بالكوفة، وأنه أخفى قبره لئلًا ينبشه الخوارج الذين كانوا يكفرونه ويستحلون قتله فإن الذي قتله واحد من الخوارج، وهو عبد الرحمن بن مِلْجَم المرادي، وكان قد تعاهد هو وآخران على قتل علي وقتل معاوية، وقتل عمرو بن العاص، فإنهم يكفرون هؤلاء كلهم، وكل من لا يوافقهم على أهوائهم.

وقد تواترت النصوص عن النبي ﷺ بذمهم. خرج مسلم في صحيحه حديثهم من عشرة أوجه، وخرجه البخاري من عدة أوجه، وخرجه أصحاب السنن والمساند من أكثر من ذلك. قال ﷺ فيهم: «يَحْقِر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمِيَّة، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وفي رواية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة، يقتلون أهل الإسلام».

وهؤلاء اتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتالهم، لكن الذي باشر قتالهم وأمر به، علي رضي الله عنه كما في الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي ﷺ قال: «تمرق مارقة على حين فُرْقَةٍ من الناس، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق» فقتلهم علي رضي الله عنه بالنَّهْرَوان، وكانوا قد اجتمعوا في مكان يقال له: حَرُورَاء؛ ولهذا يقال لهم: الحرورية.

وأرسل إليهم ابن عباس فناظرهم حتى رجع منهم نحو نصفهم، ثم إن الباقين قتلوا عبد الله بن خَبَّاب، وأغاروا على سرح المسلمين، فأمر علي الناس بالخروج إلى قتالهم. وروى لهم أمر النبي ﷺ بقتالهم وذكر العلامة التي فيهم: أن فيهم رجلًا مُخْدَجَ اليدين ناقص اليد على ثديه مثل البضعة من اللحم تَدَرْدَر. ولما قتلوا وجد فيهم هذا المنعوت.

فلما اتفق الخوارج الثلاثة على قتل أمراء المسلمين الثلاثة، قتل عبد الرحمن بن ملجم عليًا رضي الله عنه يوم الجمعة سابع عشر، شهر رمضان، عام أربعين، اختبأ له، فحين خرج لصلاة الفجر ضربه، وكانت السنة أن الخلفاء ونوابهم الأمراء الذين هم ملوك المسلمين، هم الذين يصلون بالمسلمين الصلوات الخمس، والجمع والعيدين، والاستسقاء والكسوف، ونحو ذلك كالجنائز، فأمير الحرب هو أمير الصلاة الذي هو إمامها.

وأما الذي أراد قتل معاوية فقالوا: إنه جرحه، فقال الطبيب: إنه يمكن علاجك، لكن لا يبقى لك نسل، ويقال: إنه من حينئذ اتخذ معاوية المقصورة في المسجد، واقتدى به الأمراء؛ ليصلوا فيها هم وحاشيتهم، خوفًا من وثوب بعض الناس على أمير المؤمنين وقتله، وإن كان قد فعل فيها مع ذلك ما لا يسوغ، وكره من كره الصلاة في نحو هذه المقاصير.

وأما الذي أراد قتل عمرو بن العاص، فإن عمرًا كان قد استخلف ذلك اليوم رجلا اسمه خارجة فظن الخارجي أنه عمرو فقتله، فلما تبين له قال: أردت عمرًا وأراد الله خارجة، فصارت مثلا.

فقيل: إنهم كتموا قبر علي وقبر معاوية وقبر عمرو خوفًا عليهم من الخوارج؛ ولهذا دفنوا معاوية داخل الحائط القبلي من المسجد الجامع في قصر الإمارة، الذي كان يقال له الخضراء، وهو الذي تسميه العامة قبر هود، وهود باتفاق العلماء لم يجئ إلى دمشق، بل قبره ببلاد اليمن حيث بعث، وقيل: بمكة حيث هاجر، ولم يقل أحد: إنه بدمشق.

وأما معاوية الذي هو خارج باب الصغير، فإنه معاوية بن يزيد، الذي تولى نحو أربعين يومًا، وكان فيه زهد ودين. فعلي دفن هناك وعفي قبره؛ فلذلك لم يظهر قبره.

وأما المشهد الذي بالنَّجف، فأهل المعرفة متفقون على أنه ليس بقبر علي، بل قيل: إنه قبر المغيرة بن شعبة، ولم يكن أحد يذكر أن هذا قبر علي، ولا يقصده أحد أكثر من ثلاثمائة سنة، مع كثرة المسلمين من أهل البيت، والشيعة وغيرهم، وحكمهم بالكوفة.

وإنما اتخذوا ذلك مشهدًا في ملك بني بويه الأعاجم بعد موت علي بأكثر من ثلاثمائة سنة، ورووا حكاية فيها: أن الرشيد كان يأتي إلى تلك، وأشياء لا تقوم بها حجة.

وأما السؤال عن سَبْي أهل البيت وإركابهم الإبل حتى نبت لها سنامان وهي البَخَاتِيّ؛ ليستتروا بذلك، فهذا من أقبح الكذب وأبينه، وهو مما افتراه الزنادقة والمنافقون، الذين مقصودهم الطعن في الإسلام، وأهله من أهل البيت، وغيرهم. فإن من سمع مثل هذا وشهرته وما فيه من الكذب قد يظن أو يقول: إن المنقول إلينا من معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء هو من هذا الجنس، ثم إذا تبين أن الأمة سَبتْ أهل بيت نبيها، كان فيها من الطعن في خير أمة أخرجت للناس ما لا يعلمه إلا الله؛ إذ كل عاقل يعلم أن الإبل البَخَاِتيّ كانت مخلوقة موجودة قبل أن يبعث الله النبي ﷺ، وقبل وجود أهل البيت، كوجود غيرها من الإبل والغنم، والبقر والخيل والبغال والمعز.

وإنما هذا الكذب نظير كذبهم بأن عليًا رضي الله عنه نصب يده بخيبر فوطئته البغلة، فقال لها: قطع الله نسلك، فإن كل عاقل يعلم أن البغلة لم يكن لها نسل قط. هذا مع أنهم لم يكن معهم بخيبر بغلة، بل لم يكن للمسلمين بغال، وأول بغلة صارت لهم التي أهداها المقوقس صاحب مصر للنبي ﷺ حتى مات وهي عنده.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: «صنفان من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد: نساء كاسيات مائلات مُمِيلات، على رؤوسهن مثل أسْنِمَة البُخْت، لا يَدْخُلْنَ الجنة، ولا يَجِدْن ريحها، ورجال معهم سِياط مثل أذناب البقر، يضربون بها عباد الله».

فالنبي ﷺ شبه أصحاب العصائب الكبار التي ستكون بعد موته بأسنمة البخاتي، فلولا أنهم كانوا يعرفونها لم يفهموا، وهذه العصائب قد ظهرت بعده بمدة طويلة في هذا الزمان ونحوه، ثم إن البخاتي لا يستتر راكبها إذا كان عاريًا، ولو شاء الله أن يستتر من عري بغيرحق لستره بما يصلح له، كما ستر إبراهيم الخليل لما جرد وألقى في المنجنيق.

ومما يبين ظهور الكذب في هذا، أن المسلمين ما زالوا يسبون الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، ومع هذا فما علم أنهم قط كانوا يرحلون النساء مجردات بادية أبدانهن، بل غاية ما يظهر من المرأة المسْبِيَّة وجهها، أو يداها، أو قدمها.

ولم يعلم في الإسلام أن أهل البيت سبى أحدًا منهم أحد من المسلمين في وقت من الأوقات، مع العلم بأنهم من أهل البيت، اللهم إلا أن يقع في أثناء ما تسبيه المسلمون من لا يعلم أنه من أهل البيت، كامرأة سباها العدو ثم استنقذها المسلمون، وإذا تبين أنها كانت حرة الأصل أرسلوها، وإن كان في ضمن ذلك من لا يعرف من يخفي نسبها ويستحل منها ما حرم الله من هو زنديق منافق، فالله أعلم بحقيقة ذلك، لكن لم يكن شيء من ذلك علانية في الإسلام قط.

وهذا مما يقوله هؤلاء الجهال، أن الحجاج بن يوسف قتل الأشراف وأراد قطع دابرهم، وهذا من الجهل بأحوال الناس، فإن الحجاج مع كونه مُبِيرًا [1] سفاكًا للدماء قتل خلقًا كثيرًا لم يقتل من أشراف بني هاشم أحدًا قط، بل سلطانه عبد الملك بن مروان نهاه عن التعرض لبني هاشم وهم الأشراف، وذكر أنه أتى إلى الحرب لما تعرضوا لهم، يعني لما قتل الحسين.

ولا يعلم في خلافة عبد الملك والحجاج نائبه على العراق أنه قتل أحدًا من بني هاشم.

والذي يذكر لنا السبي أكثر ما يذكر مقتل الحسين وحمل أهله إلى يزيد، لكنهم جهال بحقيقة ما جرى، حتى يظن الظان منهم أن أهله حملوا إلى مصر، وأنهم قتلوا بمصر، وأنهم كانوا خلقًا كثيرًا، حتى إن منهم من إذا رأى موتى عليهم آثار القتل قال: هؤلاء من السبي الذين قتلوا، وهذا كله جهل وكذب. والحسين رضي الله عنه، ولعن من قتله، ورضي بقتله قتل يوم عاشوراء عام واحد وستين.

وكان الذي حض على قتله الشَّمِر بن ذي الجَوْشَن، صار يكتب في ذلك إلى نائب السلطان على العراق عبيد الله بن زياد، وعبيد الله هذا أمر بمقاتلة الحسين نائبه عمر ابن سعد بن أبي وقاص، بعد أن طلب الحسين منهم ما طلبه آحاد المسلمين لم يجئ معه مقاتلة، فطلب منهم أن يدعوه إلى أن يرجع إلى المدينة، أو يرسلوه إلى يزيد ابن عمه، أو يذهب إلى الثَّغْرِ يقاتل الكفار، فامتنعوا إلا أن يستأسر لهم أو يقاتلوه، فقاتلوه حتى قتلوه وطائفة من أهل بيته وغيرهم.

ثم حملوا ثقله وأهله إلى يزيد بن معاوية إلى دمشق، ولم يكن يزيد أمرهم بقتله، ولا ظهر منه سرور بذلك ورضى به، بل قال كلامًا فيه ذم لهم حيث نقل عنه أنه قال: لقد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين، وقال: لعن الله ابن مرْجَانة يعني عبيد الله بن زياد والله لو كان بينه وبين الحسين رحم لما قتله يريد بذلك الطعن في استلحاقه حيث كان أبوه زياد استلحق حتى كان ينتسب إلى أبي سفيان صخر بن حرب وبنو أمية وبنو هاشم كلاهما بنو عبد مناف.

وروى أنه لما قدم على يزيد ثقل الحسين وأهله ظهر في داره البكاء والصراخ لذلك، وأنه أكرم أهله، وأنزلهم منزلًا حسنًا، وخير ابنه عليًا بين أن يقيم عنده وبين أن يذهب إلى المدينة، فاختار المدينة، والمكان الذي يقال له سجن علي بن الحسين بجامع دمشق باطل لا أصل له.

لكنه مع هذا لم يقم حد الله على من قتل الحسين رضي الله عنه ولا انتصر له، بل قتل أعوانه لإقامة ملكه، وقد نقل عنه أنه تمثل في قتل الحسين بأبيات تقتضي من قائلها الكفر الصريح، كقوله:

لما بدت تلك الحمول وأشرفت ** تلك الرؤوس إلى ربي جيرون

نعق الغراب فقلت نح أو لا تنح ** فلقد قضيت من النبي ديوني !

وهذا الشعر كفر.

ولا ريب أن يزيد تفاوت الناس فيه، فطائفة تجعله كافرًا، بل تجعله هو وأباه كافرين؛ بل يكفرون مع ذلك أبا بكر وعمر، ويكفرون عثمان، وجمهور المهاجرين والأنصار. وهؤلاء الرافضة من أجهل خلق الله وأضلهم، وأعظمهم كذبًا على الله عز وجل ورسوله والصحابة والقرابة وغيرهم، فكذبهم على يزيد مثل كذبهم على أبي بكر وعمر وعثمان، بل كذبهم على يزيد أهون بكثير .

وطائفة تجعله من أئمة الهدى، وخلفاء العدل، وصالح المؤمنين، وقد يجعله بعضهم من الصحابة، وبعضهم يجعله نبيًا، وهذا أيضا من أبين الجهل والضلال، وأقبح الكذب والمحال، بل كان ملكًا من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات، والقول فيه كالقول في أمثاله من الملوك، وقد بسطنا القول في هذا في غير هذا الموضع.

وأما الحسين رضي الله عنه فقتل بكَرْبِلاء قريب من الفرات، ودفن جسده حيث قتل، وحمل رأسه إلى قُدام عبيد الله بن زياد بالكوفة، هذا الذي رواه البخاري في صحيحه وغيره من الأئمة.

وأما حمله إلى الشام إلى يزيد، فقد روي ذلك من وجوه منقطعة لم يثبت شيء منها، بل في الروايات ما يدل على أنها من الكذب المختلق، فإنه يذكر فيها أن يزيد جعل ينكت بالقضيب على ثناياه، وأن بعض الصحابة الذين حضروه كأنس بن مالك، وأبي بَرْزَة أنكر ذلك، وهذا تلبيس، فإن الذي جعل ينكت بالقضيب إنما كان عبيد الله بن زياد، هكذا في الصحيح والمساند. وإنما جعلوا مكان عبيد الله بن زياد يزيد، وعبيد الله لا ريب أنه أمر بقتله، وحمل الرأس إلى بين يديه. ثم إن ابن زياد قتل بعد ذلك لأجل ذلك. ومما يوضح ذلك أن الصحابة المذكورين كأنس وأبي برزة لم يكونوا بالشام، وإنما كانوا بالعراق حينئذ وإنما الكذابون جهال بما يستدل به على كذبهم.

وأما حمله إلى مصر فباطل باتفاق الناس، وقد اتفق العلماء كلهم على أن هذا المشهد الذي بقاهرة مصر الذي يقال له: مشهد الحسين باطل، ليس فيه رأس الحسين ولا شيء منه، وإنما أحدث في أواخر دولة بني عبيد الله بن القداح الذين كانوا ملوكًا بالديار المصرية مائتي عام، إلى أن انقرضت دولتهم في أيام نور الدين محمود وكانوا يقولون: إنهم من أولاد فاطمة، ويدعون الشرف. وأهل العلم بالنسب يقولون: ليس لهم نسب صحيح، ويقال: إن جدهم كان ربيب الشريف الحسيني فادعوا الشرف لذلك.

فأما مذاهبهم وعقائدهم، فكانت منكرة باتفاق أهل العلم بدين الإسلام، وكانوا يظهرون التشيع، وكان كثير من كبرائهم وأتباعهم يبطنون مذهب القرامطة الباطنية، وهو من أخبث مذاهب أهل الأرض، أفسد من اليهود والنصارى؛ ولهذا كان عامة من انضم إليهم أهل الزندقة والنفاق والبدع: المتفلسفة، والمباحية، والرافضة، وأشباه هؤلاء، ممن لا يستريب أهل العلم والإيمان في أنه ليس من أهل العلم والإيمان.

فأحدث هذا المشهد في المائة الخامسة، نقل من عسقلان، وعقيب ذلك بقليل انقرضت دولة الذين ابتدعوه بموت العاضد آخر ملوكهم.

والذي رجحه أهل العلم في موضع رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما هو ما ذكره الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش والزبير بن بكار هو من أعلم الناس وأوثقهم في مثل هذا، ذكر أن الرأس حمل إلى المدينة النبوية ودفن هناك، وهذا مناسب، فإن هناك قبر أخيه الحسن، وعم أبيه العباس، وابنه علي وأمثالهم.

قال أبو الخطاب ابن دَحية الذي كان يقال له: ذو النسبين بين دحية والحسين في كتاب العلم المشهور في فضل الأيام والشهور لما ذكر ما ذكره الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن: أنه قدم برأس الحسين وبنو أمية مجتمعون عند عمرو بن سعيد، فسمعوا الصياح فقالوا: ما هذا ؟ فقيل: نساء بني هاشم يبكين حين رأين رأس الحسين ابن علي، قال: وأتي برأس الحسين بن علي، فدخل به على عمرو فقال: والله لوددت أن أمير المؤمنين لم يبعث به إلي، قال ابن دحية: فهذا الأثر يدل أن الرأس حمل إلى المدينة ولم يصح فيه سواه، والزبير أعلم أهل النسب وأفضل العلماء بهذا السبب، قال: وما ذكر من أنه في عسقلان في مشهد هناك فشيء باطل، لا يقبله من معه أدنى مُسْكَة من العقل والإدراك، فإن بني أمية مع ما أظهروه من القتل والعداوة والأحقاد لا يتصور أن يبنوا على الرأس مشهدًا للزيارة.

هذا، وأما ما افتعله بنو عبيد في أيام إدبارهم، وحلول بوارهم، وتعجيل دمارهم، في أيام الملقب بالقاسم عيسى بن الظافر وهو الذي عقد له بالخلافة وهو ابن خمس سنين وأيام ؛ لأنه ولد يوم الجمعة الحادي من المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وبويع له صبيحة قتل أبيه الظافر يوم الخميس سلخ المحرم سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وله من العمر ما قدمنا، فلا تجوز عقوده ولا عهوده، وتوفي وله من العمر إحدى عشرة سنة وستة أشهر وأيام؛لأنه توفي لليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة خمس وخمسين وخمسمائة، فافتعل في أيامه بناء المشهد المحدث بالقاهرة، ودخول الرأس مع المشهديِّ العسقلاني أمام الناس، ليتوطن في قلوب العامة ما أورد من الأمور الظاهرة، وذلك شيء افتعل قصدًا، أو نصب غرضًا، وقضوا ما في نفوسهم لاستجلاب العامة عرضًا، والذي بناه طلائع بن رُزَيْك الرافضي. وقد ذكره جميع من ألف في مقتل الحسين أن الرأس المكرم ما غرب قط، وهذا الذي ذكره أبو الخطاب بن دَحية في أمر هذا المشهد، وأنه مكذوب مفترى، هو أمر متفق عليه عند أهل العلم.

والكلام في هذا الباب وأشباهه متسع، فإنه بسبب مقتل عثمان ومقتل الحسين وأمثالهما جرت فتن كثيرة، وأكاذيب وأهواء، وقع فيها طوائف من المتقدمين والمتأخرين، وكذب على أمير المؤمنين عثمان وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنواع من الأكاذيب، يكذب بعضها شيعتهم ونحوهم، ويكذب بعضها مبغضوهم، لاسيما بعد مقتل عثمان، فإنه عظم الكذب والأهواء.

وقيل في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مقالات من الجانبين، علي برىء منها. وصارت البدع والأهواء والكذب تزداد، حتى حدث أمور يطول شرحها، مثل ما ابتدعه كثير من المتأخرين يوم عاشوراء، فقوم يجعلونه مأتمًا يظهرون فيه النياحة والجزع، وتعذيب النفوس وظلم البهائم، وسب من مات من أولياء الله والكذب على أهل البيت، وغير ذلك من المنكرات المنهى عنها بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ واتفاق المسلمين.

والحسين رضي الله عنه أكرمه الله تعالى بالشهادة في هذا اليوم، وأهان بذلك من قتله، أو أعان على قتله، أو رضى بقتله، وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء، فإنه وأخاه سيدا شباب أهل الجنة، وكانا قد تربيا في عز الإسلام، لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر على الأذى في الله ما ناله أهل بيته، فأكرمهما الله تعالى بالشهادة؛ تكميلًا لكرامتهما، ورفعا لدرجاتهما، وقتله مصيبة عظيمة، والله سبحانه قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [2]. وفي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال:

«ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجِرْنِي في مصيبتي، واخْلُفْ لي خيرًا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها» ومن أحسن ما يذكر هنا: أنه قد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قَدُمَتْ، فيحدث عندها استرجاعًا، كتب الله له مثلها يوم أصيب»، هذا حديث رواه عن الحسين ابنته فاطمة التي شهدت مصرعه.

وقد علم أن المصيبة بالحسين تذكر مع تقادم العهد، فكان في محاسن الإسلام أن بلغ هو هذه السنة عن النبي ﷺ، وهو أنه كلما ذكرت هذه المصيبة يسترجع لها، فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أصيب بها المسلمون.

وأما من فعل مع تقادم العهد بها ما نهى عنه النبي ﷺ عند حدثان العهد بالمصيبة فعقوبته أشد، مثل لطم الخدود وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية. ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية». وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه قال: «أنا بريء مما برئ منه رسول الله ﷺ، إن رسول الله ﷺ برئ من الحالقة، والصالقة، والشاقة».

وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري: أن رسول الله ﷺ قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت». وقال: «النائحة إذا لم تَتُبْ قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سِرْبَال من قَطِرَان، ودِرْع من جَرَبٍ»، والآثار في ذلك متعددة.

فكيف إذا انضم إلى ذلك ظلم المؤمنين، ولعنهم وسبهم، وإعانة أهل الشقاق والإلحاد على ما يقصدونه للدين من الفساد وغير ذلك، مما لا يحصيه إلا الله تعالى.

وقوم من المتسننة رووا ورويت لهم أحاديث موضوعة، بنوا عليها ما جعلوه شعارًا في هذا اليوم، يعارضون به شعار ذلك القوم، فقابلوا باطلًا بباطل، وردوا بدعة ببدعة، وإن كانت إحداهما أعظم في الفساد وأعون لأهل الإلحاد، مثل الحديث الطويل الذي روى فيه: «من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام» وأمثال ذلك من «الخضاب يوم عاشوراء والمصافحة فيه» ونحو ذلك. فإن هذا الحديث ونحوه كذب مختلق باتفاق من يعرف علم الحديث، وإن كان قد ذكره بعض أهل الحديث وقال: إنه صحيح وإسناده على شرط الصحيح، فهذا من الغلط الذي لا ريب فيه، كما هو مبين في غير هذا الموضع.

ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء، ولا الكحل فيه والخِضاب، وأمثال ذلك، ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم، ويرجع إليهم في معرفة ما أمر الله به ونهى عنه، ولا فعل ذلك رسول الله ﷺ، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي .

ولا ذكر مثل هذا الحديث في شيء من الدواوين التي صنفها علماء الحديث، لا في المسندات ؛ كمسند أحمد، وإسحاق، وأحمد بن مَنِيع الحميدي، والدالاني، وأبو يعلى الموصلي، وأمثالها. ولا في المصنفات على الأبواب؛ كالصحاح، والسنن. ولا في الكتب المصنفة الجامعة للمسند والآثار؛ مثل موطأ مالك، ووَكِيع، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأمثالها.

ثم إن أهل الأهواء ظنت أن من يفعل هذا أنه يفعله على سبيل نصب العداوة لأهل البيت والاشتفاء منهم، فعارضهم من تسنن، وأجاب عن ذلك بإجابة بين فيها براءتهم من النصب واستحقاقهم لموالاة أهل البيت، وأنهم أحق بذلك من غيرهم. وهذا حق. لكن دخلت عليهم الشبهة والغلط في ظنهم أن هذه الأفعال حسنة مستحبة، والله أعلم بمن ابتدأ وضع ذلك وابتداعه، هل كان قصده عداوة أهل البيت أو عداوة غيرهم؟ فالهدى بغير هدى من الله أو غير ذلك ضلالة.

ونحن علينا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا من الكتاب والحكمة، ونلزم الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، ونعتصم بحبل الله جميعًا ولا نتفرق، ونأمر بما أمر الله به وهو المعروف، وننهي عما نهى عنه وهو المنكر؛ وأن نتحرى الإخلاص لله في أعمالنا، فإن هذا هو دين الإسلام قال الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [3]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا} [4].

وقال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَالله أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الله وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} [5]

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } إلى قوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [6] قال ابن عباس: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة.

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [7].

وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [8].

وليس الكذب في هذا المشهد وحده، بل المشاهد المضافة إلى الأنبياء وغيرهم كذب، مثل القبر الذي يقال له: قبر نوح قريب من بعلبك في سفح جبل لبنان، ومثل القبر الذي في قبلي مسجد جامع دمشق، الذي يقال له: قبر هود، فإنما هو قبر معاوية بن أبي سفيان، ومثل القبر الذي في شرقي دمشق الذي يقال له: قبر أبي بن كعب، فإن أبيًّا لم يقدم دمشق باتفاق العلماء.

وكذلك ما يذكر في دمشق من قبور أزواج النبي ﷺ، وإنما توفين بالمدينة النبوية.

وكذلك ما يذكر في مصر من قبر علي بن الحسين أو جعفر الصادق أو نحو ذلك، هو كذب باتفاق أهل العلم. فإن علي بن الحسين وجعفر الصادق إنما توفيا بالمدينة، وقد قال عبد العزيز الكناني الحديث المعروف : ليس في قبور الأنبياء ما ثبت، إلا قبر نبينا قال غيره: وقبر الخليل أيضا.

وسبب اضطراب أهل العلم بأمر القبور أن ضبط ذلك ليس من الدين، فإن النبي ﷺ قد نهى أن تتخذ القبور مساجد، فلما لم يكن معرفة ذلك من الدين لم يجب ضبطه.

فأما العلم الذي بعث الله به نبيه ﷺ فإنه مضبوط ومحروس، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [9] وفي الصحاح عنه ﷺ أنه قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يَضُرُّهُمْ من خالفهم، ولا من خَذَلَهُمْ، حتى تقوم الساعة».

وأصل هذا الكتاب هو الضلال والابتداع والشرك، فإن الضُّلال ظنوا أن شد الرحال إلى هذه المشاهد، والصلاة عندها، والدعاء والنذر لها، وتقبيلها واستلامها، وغير ذلك، من أعمال البر والدين، حتى رأيت كتابًا كبيرًا قد صنفه بعض أئمة الرافضة محمد بن النُّعْمَان الملقب بالشيخ المُفِيد، شيخ الملقب بالمرتضي وأبي جعفر الطوسي سماه الحج إلى زيارة المشاهد، ذكر فيه من الآثار عن النبي ﷺ وأهل بيته، وزيارة هذه المشاهد والحج إليها، ما لم يذكر مثله في الحج إلى بيت الله الحرام.

وعامة ما ذكره من أوضح الكذب وأبين البهتان، حتى إني رأيت في ذلك من الكذب والبهتان أكثر مما رأيته من الكذب في كثير من كتب اليهود والنصارى، وهذا إنما ابتدعه وافتراه في الأصل قوم من المنافقين والزنادقة؛ ليصدوا به الناس عن سبيل الله. ويفسدوا عليهم دين الإسلام، وابتدعوا لهم أصل الشرك المضاد لإخلاص الدين لله، كما ذكره ابن عباس وغيره من السلف في قوله تعالى عن قوم نوح: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} [10] قالوا: هذه أسماء قوم صالحين كانوا في قوم نوح، فلما ماتوا عَكَفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، وقد ذكر ذلك البخاري في صحيحه، وبسطه وبينه في أول كتابه في قصص الأنبياء وغيرها.

ولهذا صنف طائفة من الفلاسفة الصابئين المشركين في تقرير هذا الشرك ما صنفوه، واتفقوا هم والقرامطة الباطنية على المحادة لله ولرسوله، حتى فتنوا أمما كثيرة وصدوهم عن دين الله . وأقل ما صار شعارًا لهم، تعطيل المساجد وتعظيم المشاهد، فإنهم يأتون من تعظيم المشاهد وحجها والإشراك بها، ما لم يأمر الله به ولا رسوله ولا أحد من أئمة الدين، بل نهى الله عنه ورسوله عباده المؤمنين.

وأما المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فيخربونها، فتارة لا يصلون جمعة ولا جماعة؛ بناء على ما أصلوه من شُعب النفاق، وهو أن الصلاة لا تصح إلا خلف معصوم، ونحو ذلك من ضلالتهم.

وأول من ابتدع القول بالعصمة لعلي، وبالنص عليه في الخلافة، هو رأس هؤلاء المنافقين عبد الله بن سبأ الذي كان يهوديًا، فأظهر الإسلام وأراد فساد دين الإسلام، كما أفسد بولص دين النصارى، وقد أراد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قتل هذا لما بلغه أنه يسب أبا بكر وعمر حتى هرب منه، كما أن عليًا حرق الغالية الذين ادعوا فيه الإلهية. وقال في المفضلة: لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته جلد المفترى.

فهؤلاء الضالون المفترون أتباع الزنادقة المنافقون، يعطلون شعار الإسلام وقيام عموده، وأعظمه سنن الهدى التي سنها رسول الله ﷺ، بمثل هذا الإفك والبهتان، فلا يصلون جمعة ولا جماعة.

ومن يعتقد هذا فقد يسوى بين المشاهد والمساجد، حتى يجعل العبادة كالصلاة والدعاء، والقراءة، والذكر، وغير ذلك مشروعًا عند المقابر، كما هو مشروع في المساجد، وربما فضل بحاله أو بقاله العبادة عند القبور، والمشاهد على العبادة في بيوت الله التي هي المساجد، حتى تجد أحدهم إذا أراد الاجتهاد في الدعاء والتوبة ونحو ذلك قصد قبر من يعظمه، كشيخه أو غير شيخه، فيجتهد عنده في الدعاء والتضرع، والخشوع والرقة، ما لا يفعله مثله في المساجد، ولا في الأسحار، ولا في سجوده لله الواحد القهار.

وقد آل الأمر بكثير من جهالهم إلى أن صاروا يدعون الموتى ويستغيثون بهم، كما تستغيث النصارى بالمسيح وأمه، فيطلبون من الأموات تفريج الكربات وتيسير الطلبات، والنصر على الأعداء ورفع المصائب والبلاء، وأمثال ذلك، مما لا يقدر عليه إلا رب الأرض والسماء.

حتى إن أحدهم إذا أراد الحج، لم يكن أكثر همه الفرض الذي فرضه الله عليه وهو حج بيت الله الحرام، وهو شعار الحنيفية ملة إبراهيم إمام أهل دين الله، بل يقصد المدينة.

ولا يقصد ما رغب فيه النبي ﷺ من الصلاة في مسجده، حيث قال في الحديث الصحيح: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام«، ولا يهتم بما أمر الله به من الصلاة والسلام على رسوله حيث كان، ومن طاعة أمره، واتباع سنته، وتعزيره، وتوقيره، وهو أن يكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين، بل أن يكون أحب إليه من نفسه، بل يقصد من زيارة قبره أو قبر غيره ما لم يأمر الله به ورسوله، ولا فعله أصحابه ولا استحسنه أئمة الدين.

وربما كان مقصوده بالحج من زيارة قبره أكثر من مقصوده بالحج، وربما سوى بين القصدين، وكل هذا ضلال عن الدين باتفاق المسلمين، بل نفس السفر لزيارة قبر من القبور قبر نبي أو غيره منهي عنه عند جمهور العلماء، حتى إنهم لا يجوزون قصد الصلاة فيه، بناء على أنه سفر معصية ؛ لقوله الثابت في الصحيحين: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا» وهو أعلم الناس بمثل هذه المسألة.

وكل حديث يروى في زيارة القبر فهو ضعيف، بل موضوع، بل قد كره مالك وغيره من أئمة المدينة أن يقول القائل: زرت قبر النبي ﷺ، وإنما المسنون السلام عليه إذا أتى قبره ﷺ، وكما كان الصحابة والتابعون يفعلون إذا أتوا قبره، كما هو مذكور في غير هذا الموضع.

ومن ذلك الطواف بغير الكعبة، وقد اتفق المسلمون على أنه لا يشرع الطواف إلا بالبيت المعمور، فلا يجوز الطواف بصخرة بيت المقدس، ولا بحجرة النبي ﷺ، ولا بالقبة التي في جبل عرفات، ولا غير ذلك.

وكذلك اتفق المسلمون على أنه لا يشرع الاستلام ولا التقبيل إلا للركنين اليمانيين؛ فالحجرالأسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم. وقد قيل: إنه يقبل، وهو ضعيف.

وأما غير ذلك فلا يشرع استلامه ولا تقبيله، كجوانب البيت، والركنين الشاميين، ومقام إبراهيم، والصخرة، والحجرة النبوية، وسائر قبور الأنبياء والصالحين.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: «قَاتَل الله اليهود والنصارى، اتَّخَذُوا قبور أنبيائهم مساجد» وفي رواية لمسلم: «لَعَنَ الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

وفي الصحيحين أيضا عن عائشة وابن عباس قالا: لما نزل برسول الله ﷺ طَفِقَ يطرح خَمِيصَة له على وجهه، فإذا اغْتَمَّ بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، يُحَذِّر ما صنعوا.

وفي الصحيحين أيضا عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ في مرضه الذي لم يقم منه: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشى أن يتخذ مسجدًا.

وفي صحيح مسلم عن جُنْدُب بن عبد الله قال: سمعت رسول الله ﷺ قبل موته بخمس وهو يقول: «إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ألا وإن من كان قبلكم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك».

وفي صحيح مسلم عن أبي مَرْثَد الغنوي أن رسول الله ﷺ قال: «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها» .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» رواه أهل السنن، كأبي داود، والترمذي، وابن ماجه، وعلله بعضهم بأنه روي مرسلًا، وصححه الحافظ.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما اشتكى النبي ﷺ ذكر له بعض نسائه أنها رأت كنيسة بأرض الحبشة يقال لها: مارية. وكانت أم سلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة، فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، فرفع رأسه فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله».

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله ﷺ زَوَّارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرُج». رواه أهل السنن، كأبي داود، والنسائي، والترمذي. وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ صحيح.

وفي موطأ مالك عن النبي ﷺ أنه قال: «اللهم لا تجعل قبري وَثَنًا يُعْبَد»، وفي سنن أبي داود عنه أنه قال: «لا تتخذوا قبري عيدًا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر».

وأما العبادات في المساجد ؛ كالصلاة والقراءة والدعاء، ونحو ذلك، فقد قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ الله أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} [11]، وقال تعالى: } إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ} الآية [12]

وفي الترمذي عن النبي ﷺ قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آمَنَ بِالله} » الآية [13]، وقال تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}الآية [14]، وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لله فَلَا تَدْعُوا مَعَ الله أَحَدًا} [15]، وقال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} الآية[16]، وقال تعالى: } وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [17].

وفي الصحيحين عنه ﷺ أنه قال: «صلاة الرجل في المسجد تَفْضُلُ على صلاته في بيته وسُوقه بخمس وعشرين درجة». وفي لفظ: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم بخمس وعشرين درجة» وفي الصحيح عنه ﷺ أنه قال: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معي، معهم حُزَم من حَطَبٍ، إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» .

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أتى النبي ﷺ رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله ﷺ أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له. فلما ولى دعاه، فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: « فأجب».

وفيه أيضا عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: من سَرَّهُ أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم، كما يصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها خطيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهَادى [18] بين رجلين حتى يقام في الصف.

وهذا باب واسع، قد نبهنا بما كتبناه على سبيل الهدى في هذا الأمر، الفارق بين أهل التوحيد الحنفاء أهل ملة إبراهيم، المتبعين لدين الله الذي بعث به رسله، وأنزل به كتبه، وبين من لبس الحق بالباطل، وشاب الحنيفية بالإشراك.

قال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [19]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [20] .

وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولا أَنِ اعْبُدُواْ الله وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [21]، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} الآية [22]

وقال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ الله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [23]

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هامش

  1. [أي: مهلك يسرف في إهلاك الناس]
  2. [البقرة: 155-157]
  3. [البقرة: 112]
  4. [النساء: 125]
  5. [الأعراف: 28-30]
  6. [آل عمران: 102-106]
  7. [الأنعام: 159]
  8. [البينة: 5]
  9. [الحجر: 9]
  10. [نوح: 23، 24]
  11. [البقرة: 411]
  12. [التوبة: 18 ]
  13. [التوبة: 18]
  14. [الأعراف: 29]
  15. [الجن: 18]
  16. [النور: 36]
  17. [البقرة: 187]
  18. [وقوله: يُهَادى بين رجلين: أي: يمشي بينهما معتمدًا عليهما من ضعفه وتمايله]
  19. [الزخرف: 45]
  20. [الأنبياء: 25]
  21. [النحل: 36]
  22. [البينة: 5]
  23. [الروم: 30-32]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الرابع
كتاب مفصل الاعتقاد | سئل ما قولكم في مذهب السلف في الاعتقاد ومذهب غيرهم من المتأخرين | فصل في كون أهل الحديث أعلم ممن بعدهم وأحكم وأن مخالفهم أحق بالجهل | فصل في أن كل من استحكم في بدعته يرى أن قياسه يطرد | إن الخارجين عن طريقة السابقين الأولين لهم في كلام الرسول ثلاث طرق | لفظ التأويل صار له بسبب تعدد الاصطلاحات ثلاثة معان | فصل في أن الرسل إما أنهم علموا الحقائق الخبرية والطلبية أو لم يعلموها | فصل في قول من قال إن الحشوية على ضربين | فصل في قول المعترض في الرد على الحنابلة | فصل الأقوال نوعان | قال الشيخ الاستدلال بكون الشيء بدعة على كراهيته قاعدة عظيمة عامة | سئل ما الدليل القاطع على تحقيق حق المسلمين وإبطال باطل الكافرين | فصل في طرق المخاطبة | سئل عن الروح هل هي قديمة أو مخلوقة | سئل الشيخ رحمه الله عن حقيقة ماهية الجن | سئل الشيخ رحمه الله عن الجان المؤمنين | قول الشيخ رحمه الله ردا لقول من قال: كل مولود على ما سبق له في علم الله أنه سائر إليه | سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة | فصل في ذكر الله الحفظة الموكلين ببني آدم الذين يحفظونهم ويكتبون أعمالهم | سئل شيخ الإسلام هل الملائكة الموكلون بالعبد هم الموكلون دائما | سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة | سئل عن عرض الأديان عند الموت | سئل هل جميع الخلق حتى الملائكة يموتون | فصل في مذهب سائر المسلمين في إثبات القيامة الكبرى | سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن الروح المؤمنة | سئل هل يتكلم الميت في قبره | سئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن سؤال منكر ونكير الميت إذا مات | سئل عن الصغير وعن الطفل إذا مات هل يمتحن | سئل الشيخ رحمه الله عن الصغير هل يحيا ويسأل أو يحيا ولا يسأل | سئل شيخ الإسلام وهو بمصر عن عذاب القبر | سئل وهو بمصر عن عذاب القبر | سئل بماذا يخاطب الناس يوم البعث | سئل عن الميزان: هل هو عبارة عن العدل أم له كفتان | سئل عن الكفار: هل يحاسبون يوم القيامة أم لا | سئل عن العبد المؤمن هل يكفر بالمعصية أم لا | سئل عن رجل مسلم يعمل عملا يستوجب أن يبنى له قصر في الجنة | سئل عن الشفاعة في أهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم | سئل عن أطفال المؤمنين هل يدومون على حالتهم التي ماتوا عليها أم يكبرون ويتزوجون | سئل هل يتناسل أهل الجنة والولدان هل هم ولدان أهل الجنة | سئل عن رجل قيل له: إنه ورد عن النبي أن أهل الجنة يأكلون ويشربون فقال من أكل وشرب بال وتغوط | سئل هل أهل الجنة يأكلون ويشربون وينكحون بتلذذ كالدنيا | فصل أفضل الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم إبراهيم الخليل | سئل فيمن يقول: إن غير الأنبياء يبلغ درجتهم بحيث يأمنون مكر الله | سئل عن رجل قال: إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الكبائر دون الصغائر | سئل عن رجلين تنازعا في أمر نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام | سئل هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك | سئل عن هذه الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى موسى وهو يصلي في قبره | سئل عن الذبيح من ولد خليل الله إبراهيم عليه السلام هل هو إسماعيل أو إسحاق | سئل عن الخضر وإلياس هل هما معمران | سئل هل كان الخضر عليه السلام نبيا أو وليا وهل هو حي إلى الآن | سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم هل يعلم وقت الساعة | سئل عن صالحي بني آدم والملائكة أيهما أفضل | سئل عن المطيعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم هل هم أفضل من الملائكة | سئل هل سجد ملائكة السماء والأرض أم ملائكة الأرض خاصة | فصل في التفضيل بين الملائكة والناس | سئل عن خديجة وعائشة أمي المؤمنين أيتهما أفضل | فصل وأفضل نساء هذه الأمة خديجة وعائشة وفاطمة | فصل في نساء النبي صلى الله عليه وسلم | فصل هل أبو بكر وعمر أفضل من الخضر | سئل عن رجلين اختلفا فقال أحدهما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب أعلم وأفقه من علي بن أبي طالب | سئل عن رجل متمسك بالسنة ويحصل له ريبة في تفضيل الثلاثة على علي لقوله عليه السلام له أنت مني وأنا منك | سئل لا أفضل على علي غيره وإذا ذكرعلي صلى عليه مفردا هل يجوز له أن يخصه بالصلاة دون غيره | سئل عن قول الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد في آخر عقيدته | سئل عما شجر بين الصحابة علي ومعاوية وطلحة وعائشة هل يطالبون به أم لا | فائدة: إن كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة فلا يجب الاعتقاد بأن كل واحد من العسكر كان مجتهدا متأولا | فصل في أعداء الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين | سئل عن إسلام معاوية بن أبي سفيان متى كان | فصل في الطريق التي بها يعلم إيمان الواحد من الصحابة | فصل افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق | سئل عن جماعة يقولون: إن الدين فسد من حين أخذت الخلافة من علي بن أبي طالب | سئل هل يصح عند أهل العلم: أن عليا رضي الله عنه قاتل الجن في البئر | سئل عمن قال إن عليا قاتل الجن في البئر وأنه حمل على اثني عشر ألفا وهزمهم | سئل عن فاطمة أنها قالت يارسول الله إن عليا يقوم الليالي كلها إلا ليلة الجمعة | سئل عن رجل قال عن علي بن أبي طالب أنه ليس من أهل البيت ولا تجوز الصلاة عليه والصلاة عليه بدعة | سئل أن علي بن أبي طالب قال إذا أنا مت فأركبوني فوق ناقتي وسيبوني | فصل هل كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل ممن لم يصحبه مطلقا | سئل عن رجلين تنازعا في ساب أبي بكر أحدهما يقول: يتوب الله عليه وقال الآخر لا يتوب الله عليه | سئل عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة من الفساد وطعنوا في ابن مسعود وروايته | سئل عن رجل يناظر مع آخر في مسألة المصراة فطعن أحدهما في أبي هريرة وروايته | سئل عن فرقة من المسلمين يقرون بالشهادتين ويصومون إلا أنهم يكفرون سابي صحابة النبي