مجلة المقتبس/العدد 21/صحف منسية
→ المرأة في الإسلام | مجلة المقتبس - العدد 21 صحف منسية [[مؤلف:|]] |
سير العلم ← |
بتاريخ: 15 - 10 - 1907 |
نثر ابن زيدون
كتب ابن زيدون من قرطبة إلى ابن مسلمة بإشبيلية قبل تحوله إليها
ياسيدي وأرفع عددي. وأول الذخائر في عددي. واخطر علق ملأت من اقتنائه يدي. ومن ابقاه الله في عيشة باردة الظلال. ونعمة سابغة الاذيال. قد تناصر الثناء عليك. وتوالي الحديث الحسن عنك. حتى حللت محل الأمانة. وكنت موضع تقليد الوطر واثبات الطوية. والله يمتعك بما حازه لك من الخير. ووفره عليك من طيب الذكر. في علمك أعزك الله ما تقتضيه العطلة من اظلام الخاطر وصداء النفس ويجنبه طول المقام من أخلاق الديباجة وارخاص القدر وقد رأيت أن اجتني ثمرة من الآداب أطلت الاعتناء بها. وأخلاق ادمت رياضة الأنفس عليها. ولما فحصت الملوك وجدت عميدهم الذي انسى السالف قبله. وتقدم الراهق معه. وأتعب العابر بعده. الحاجب فخر الدولة مولاي. ومن أطال الله بقاءه. وكبت أعداءه. بما خصه الله به من سناء الهمم. وشماخة الشيم، وانتظام أسباب الرياسة. وكمال آلات السياسة. واجتماع المناقب التي أفردته من النظراء. وأعلته عن مراتب الاكفاء. فرأيت قبل أن أحمل لغيره نعمة. واوسم ممن سواه بصنعة. أن أعرض نفسي مملوكته عليه عرض من لا يؤهلها لاجازته لا بالاستخارة ولا يطمع لها في قبوله الا مع المسامحة فو كنت الوليد بن عبيد براعة نظم وجعفر بن يحيى بلاغة نثر وإبراهيم بن المهدي طيب مجالسة وإمتاع مشاهدة ثم حضرت بساطة العالي لما كنت مع سعة أحاطته إلا في جانب التقصير وتحت عهدة النقصان غير أنه الا يعدم مني لنجابة غرس اليد وأصابة طريق المصنع من ولاية أخلصها ونصيحة أمحضها وشكر اجنيه الغض من زهراته وثناء اهدي إليه العطر من نفحاته ففوضت اليك هذه السفارة واعتمدتك بتكليف النيابة لوجوه منها حظوتك لديه ومكانتك منه سوغك الله الموهبة في ذلك وانهضك باعباء الشكر لها ومنها سرو مذهبك وكرم سجيتك وصحة مشاركتك لمن لم يستوجبها استيجابي ولا استدعاها بمثل أسبابي من تداني الجوار وتصافي السلف والانتماء إلى آسرة الأدب. فإن وأفقت السانحة الاراة فحظ أقبل. وعبد بلغ من سيده ما امل. ولم أقل عمرك الله كما قيل في النجمين. بل قلت وقد يجمع الله الشتيتين. وإن عاق حرمان عادته أن يعوق عن الظفر ويعترض دو الأمل فأعلمه أيده الله اني في حال العطلة مع غيره والتصرف. ويومي الايطان والتطوف. كالمهتدي بالنجم حين عدم ذكاء ومتيم الصعيد إذا لم يجد الماء
فإن اغش قوماً غيره او ازرهم ... فكالوحش يدنيه من الأنس المحل
والله يتولاه بالفسحة في عمره. والإعلاء لأمره. ويصرف الاقدار مع ايثاره. ويصرف وجوه التوفيق إلى اختياره. ولك سيدي في انتدابك كما ندبتك له ما للساعي المنجح من الشكر. أوللمجتهد البالغ من العذر. وملاك الأمر تقديم المراجعة للايجاب فأسكن إليه. والجواب فاعتمد عليه. وأهدي اليك ندى الغض الناضر من سلامي والارج العطر من تحفتي.
وله رسالة خاطب بها ابا مروان بن حيان المؤرخ المشهور قال في فصل منها وقد أهداه احمالاً من الزيت والبر في سنة ممحلة:
وللذي أسكن إليه من حسن قبولك. وجميل تأويلك. اقابل بالحقير. واواجه بالتافه اليسير. ويعلم الله تعالى إني لو تاحفتك عمري ما رأيت أن ذلك كفوء لقدرك. ولا وفاء ببرك. فكيف ما دونه فلك المنزلة التي لا تسامى. والجلالة التي لا توازي. وما شيء وإن جل الا محتقر لك مستصغر عند محلك. ويصل مع موصل كتابي هذا ما ثبت ذكره في المدرجة طيه وانت بمعاليك تتفضل بقبوله وتصل أجمل صلة بالتغاضي عن رتاحته. والاستجازة لنزارته. مقتضياً بذلك شكري وحمدي ومستبداً منهما بجميع ما عندي.
وقد راجعه ابن حيان برقعة يقول فيها: أن لفجأة المسرات الباعثة لآمال النفوس الحائمة صدمات تذهل الجنان وتعقل اللسأن فمن فرح النفس ما يقتل ومن باهر الصنع ما يذهل. ولا كمثل ما فاجأتني به من فضلك المبتدر ميقانه على وفاض من الازودة وخمود من المصأبيح وضغطة من الظنون المخوفة لنكد السنا لم يشغلك عن وجودك شاغل حتى قضيت يذرك في لأول وقته ولم ترض بعادتك المتكلفة لي بشأن الدين حتى تحملت عن ثقل القوت فطرقني قطار هديتك الفاجئة غداة أصبحت فيها منصفاً من الزاد مستوفزاً للارتياد فسكنت دهشاً فرحاً واستحال بياني بلها حتى نولت كتابك الكريم. نظرت في لإليه فنالني به اهتزاز لذكرك وارتياح لقولك فجوزيت جزاء المحسنين بما لرحت من فكري لكشفك في اديم يوم هم عام مع انك قبلت شكري فلا فضل فيه لمقابلة معروفك الا بامحاض الدعاء لك في حراسة مهجتك ودوام نعمتك واستبصار الملك الأعلى عميد الورى مستكفيك في حسن رأيه فيك اعاذك من عين الكمال ووقاك طوارق الأيام والليال وحفظ على زماننا مافيك من كرم الخلال وانهضك بما التزمته من احناث من اقسم في عصرنا أن الجود عدم لا ينال بمنة. وقد طوينا في هذه الرسالة بعض ألفاظ لسقم النسخة المنقول عنها.
شعر ابن زيدون
في دار الكتب الخديوية بالقاهرة نسخة خطية من ديوان بحتري المغرب ابن زيدون وقع في 107 ورقات صغيرة تغلب عليه الصحة في الغالب ولم يذكر فيه تايخ ليعرف به الزمن الذي كتبت فيه وقد كتب في آخره مانصه: تم شعر ذي الوزارتين أبي الوليد احمد ابن زيدون وشعر الملكين والحمد لله وحده.
وإن خير ما يقرظ به ديوان صاحب قصيدة (أضحى التناحي بديلاً من تجافينا) التي بعث بها إلى ولادة بنت المستكفي بالله أن يكتفي بنقل شذرات منه تدل على مبلغ ذاك الشعر من العراقة في الحضارة والرقة.
وقد اتصل بنا أن أديباً من دمشق قد مثل هذا الديوان البديع للطبع او كاد ولا شك أن أصحاب القريض سيسرون بنشره بينهم.
قال ابن زيدون يمدح أبا الوليد بن جهور احد ملوك الطوائف وهي أول ديوانه
هذا الصباح على سراك رقيبا ... فصلي بفرعك ليلك الغربيبا
ولديك امثال النجوم قلائد ... الفت سماءك لبة وتريبا
لينب عن الجوزاء قرطك كلما ... جنحت تحت جناحها تغريبا
وإذا الوشاح تعرضت اثناؤه ... طلعت ثريا لم تكن ليغيبا
ولطالما ايديت اذ حييتنا ... كفاً هي الكف الخضيب خضيباً
اطنينة دعوى البراءة شأنها ... أنت العدو فلم دعيت حبيبا
ما بال خدك لا يزال مضرجاً ... بدم ولحظك لا يزال مريبا
لو شئت ما عذبت مهجةعاشق ... مستعذب في حبك التعذيبا
ولزرته بل عدته أن الهوى ... مرض يكون له الوصال طبيبا
ما الهجر الا البين لولا أنه ... لم يشح فاه به الغراب نعيبا ولقد قضى فيك التجلد نحبه ... فثوى وأعقب زفرة ونحيبا
وأرى دموع العين ليس لفيضها ... غيض إذا ما القلب كان قليبا
مالي وللأيام لجّ مع الصبي ... عدوانها فكسى العذار مشيبا
وقال مع تفاح أهداه إلى الوزير الأجل محمد بن جهور
اتتك بلون الحبيب الخجل ... مخالط لون المحب الوجل
ثمار يضمن إدراكها ... هواء أحاط بها معتدل
تأتي لا لطاف تدريجها ... فمن حر شمس إلى برد ظل
إلى أن تناهت شفاء العليل ... وانس المشوق ولهوالغزل
فلو تجمد الراح لم تعدها ... وان هي ذابت فخمر تحل
لها منظر حسن في العيون ... لدنياك لكنه منتقل
وطعم يلذ لمن ذاقه ... كلذة ذكراك لو لم يمل
يمثل ملمسها للاكف ... لين زمانك او يمتثل
صفوت فادللت في عرضها ... ومن يصف منه الهوى فليدل
قبولكها نعمة غضة ... وفضل بما قبله متصل
ولو كنت اهديت نفسي اخ ... تصرت على أنها غاية المحتفل
وكتب إلى الأديب أبي بكر مسلم بن احمد رسالة يتنصل بها
شحطنا وماللدار نأي ولا شحط ... وشط بمن نهوى المزار وماشطوا
اءاحبابنا الون بحادث عهدنا ... حوادث لاعقد عليها ولا شرط
لعمركم أن الزمان الذي قضى ... يشت جميع الشمل منا لمشتط
وأما الكرى مذ لم ازركم فهاجر ... زيارته غب والمامة فرط
إلى أن يقول وهو مما ذكر له القلائد
عدا سمعه عني واصغى إلى عدي ... لهم في اديمي كلما استمكنوا عط
بلغت المدى اذ قصروا فقلوبهم ... مكامن اضغان اساودها رقط
يولونني عرض الكراهة والقلى ... ومادهرهم الا النفاسة والغبط
وقد وسموني بالتي لست أهلها ... ولم يمن امثالي بامثالها قط فررت فإن قالوا الفرار ارابه ... فقد فرّ موسى حين همّ به القبط
وقال وهو السحر الحلال
ساحب اعدائي لانك منهم ... يامن يصح بمقلتيه ويسقم
أصبحت تسخطني وأمنحك الرضى ... محضاً ونظلمني فلا اتظلم
يامن تألف ليله ونهاره ... فالحسن بينهما مضيء مظلم
قد كان في شكوى الصبابة راحة ... لو انني اشك وإلى من يرحم
سقى الغيث اطلال الاحبة بالحمى ... وحاك عليها ثوب وشي منمنا
واطلع فيها للازاهير انجما ... فكم رفلت فيها الخرائد كالدما
اذ العيش غض والزمان غلام
أهيم بجبار يعز وأخضع ... إذا المسك من اردانه يتضوع
إذا جئت أشكوه الهوى ليس يسمع ... فما أنا في شيء من الوصل أطمع
ولا أن يزور المقلتين منام
قضيب من الريحان أثمر بالبدر ... لواحظ عينيه ملين من السحر
وديباج خديه حكى رونق الخمر ... وألفاظه في النطق كاللؤلؤ النثر
وريقته في الارتشاف مدام
سقى جنبات القصر صوب الغمائم ... وغنى على الاغصان ورق الحمائم
بقرطبة الغراء دار الأكارم ... بلاد بها عق الشباب تمائمي
وانجبني قوم هناك كرام
فكم لي فيها من مساء واصباح ... بكل غزال مشرف الوجه وضاح
يقدم أفواه الكؤوس بتفاح ... إذا طلعت في راحة انجم الراح
فإنا لإعظام المدام قيام
ويوم لدى النبي في شاطئ النهر ... تدار علينا الراح في فتية زهر
وليس لنا فرش سوى يانع الزهر ... يدور بها عذب اللما اهيف الخصر
بفيه من الثغر الشيب نظام
ويوم بحوحي الرصافة مبهج ... مررنا بروض الاقحوأن المديح وقابلنا فيه نسيم البنفسج ... ولاح لنا ورد يخد مضرج
تراه أمام النور وهو أمام
واكرم بأيام العفاف السوالف ... ولهو أثرناه بتلك المعاطف
بسود اثيث الشعر بيض السواف ... إذا رفلوا في وشي تلك المطارف
فليس على خلع العذار ملام
وكم مشهد عند العقيق وجره ... قعدنا على حمر النبات وصفره
وظبي يساقينا سلافة خمره=حكى جسدي في السقم رقة خصره
لواحظه عند الدنو سهام
فقل لزمان قد تولى نعيمه ... ورثت على مر الليالي رسومه
وكم رق فيه بالعشي نسيمه ... ولاحت لساري الليل فيه نجومه
عليك من الصب المشوق سلام
وله وقد قال فيها صاحب الذخيرة أنه كتب بها من بطليوس أيام تكدره عليها وهي من غرر نظامة ودرر كلامه
يادمع صب ماشئت أن تصوبا ... ويافؤادي إن ان تذوبا
أن الرزايا أصبحت ضروبا ... لم ار لي في أهلها ضريبا
قد ملأ الشوق الحشا ندوبا ... في الغرب اذ رحت به غريبا
عليل دهر سامني تعذيبا ... ادنى الضنا اذ ابعد الطبيبا
ليت القبول احدثت هبوبا ... ريح يروح عهدها قريبا
بالأفق المهدي الينا طيبا ... تعطرت منه الصبا جنونا
يبرد حر الكبد المشبوبا ... يامتبعاً إساءة التأويبا
مشرقاً قد سئم التغريبا ... اما سمعت المثل المضروبا
ارسل حكيماً واستشر لبيبا
إذا اتيت الوطن الحبيبا ... والجانب المستوضح العجيبا
والحاضر المنفشج الرحيبا ... فحي منه ما رأى الجنوبا
مصانع بجاذب القلوبا ... حيث الفت الرشأ الربيبا مخالساً في وصله الرقيبا ... كم تات ليلي بدره الغريبا
لما أنثنى في سكره قضيبا ... تشدو حمام حليه تطريبا
هصرته حلو الجنى رطيبا ... ارشف منه المبسم الشنيبا
حتى إذا ما اعتن لي مريبا ... شباب أفق هم أن يشيبا
بادرت سعياً هل رأيت الذيبا ... اهاجري ام موسعي تأنيبا
من لم أسع من بعده مشروباً ... ما ضره لو قال لا تتريبا
ولا ملام يلحق القلوبا ... فلا ملام لحق المغلوبا
قد طال ما تجرم الذنوبا ... ولم يدع في العذر لي نصيبا
ان قرت العين بان اؤبا ... لم آل أن استرضى الغضوبا
حسبي أن احرم المغيبا ... قد ينفع المذنب أن يتوبا
وقال:
ولما التقينا للوداع غدية ... وقد خفقت في ساحة القصر رايات
وقربت الجرد العتاق وصفقت ... طبول ولاحت للفراق علامات
بكينا دماً حتى كان عيوننا ... بجري الدموع الحمر منها جراحات
وكنا نرجي الأوب بعد ثلاثة ... فكيف وقد كانت عليها زيادات
مطبوعات ومخطوطات
صدر هذا الكتاب النفيس في الشهور الأخيرة باللغة الإفرنسية من قلم المسيو هنري ليشتنبرجي من أساتذة كلية السوربون في باريز وهو في نحو أربعمائة صفحة تلونا في مسطورة أثار عظمة الأمة الجرمانية وارتقائها في أدابها وعلومها وصنائعها وأخلاقها واوضاعها السياسية والاجتماعية ولاقتصادية والدينية في خلال القرن التاسع عشر كل ذلك مكتوب بلسان الانصاف البحت اوحاه العلم الذي لا ينطبق صاحبه من جانب القلب بعامل هوى النفس واملاه التمحيص الذي يتوفر عليه علماء الغرب إذا اخصوا في فن من الفنون وأرادوا أن يضعوا فيه المصنفات الممتعة النافعة. وقد عددنا الطفر بهذا الكتاب نعمة لانا كنا نعرف درجة ارتقاء الألمان معرفة سطحية وذلك لان من أخلاق هذه الأمة بل من أخلاق الأمم السكسونية كالإنكليز والأميركان أن لا يهمها التظاهر بعظمتها الحقيقية الا بعد إيراد الدلائل الحسية على ذلك وظهور نتائج الأعمال بالطبع.
ومما استفدناه منه أن الألمان لم يكتفوا بنزول بلادهم بل هم منتشرون في جميع بلاد أوروبا ولاسيما فيما وراء تخومها من الجهات الأربع فقد كأن سنة 1900 في بلاد النمسا 9171000 ألماني أي 36 بالمائة من مجموع السكان يحيون فيها لغتهم وحضارتهم ونفوذهم وفي الأكثر في بوهيميا على كثرة مناضلة عنصر الصقالبة لهم. وعلى الرغم من معاكسة العنصر المجري للعنصر الجرماني لايزال في بلاد المجر 2135000 ألماني أي نحو 33 في المئة من عامة السكان يحافظون على حالتهم وإن شئت فقل يفلحون في الأعمال وينتشرون كما هم في أقليم كرواسياسلافونيا من ديار المجر فإنهم زادوا فيها أربعة أضعاف ما كانوا في النصف الثاني من القرن الأخير. وعدد الألمان في شرق ألمانيا من ولايات البلطيق من أعمال روسيا نحو ربع مليون وهم العنصر المتمدن المتعلم الفني. وفي جنوبي ألمانيا أي في بلاد سويسرا الألمانية يتراجع عنصرهم قليلاً بالنسبة لعنصر الولش وفي غربي ألمانيا 32 الفا أي في هولاندا والبلجيك الفلامندية و68 ألفاً في البلجيك ولوكسمبرغ.
وماعدا هؤلاء فإن هناك ملايين من الألمانيين غادروا ألمانيا على أن يعودوا إليها او هاجروا منها هجرة قطعية فمنهم جنود يخدمون الأجانب ودعاة دين للكثلكة أو إلبرتستانتية ورواد في آسيا وأفريقيا يكتشفون المجاهل والمعالم ومهاجرون مدفوعون بعامل الفقر نزلوا وراء البحر المحيط أي في أمريكيا يبحثون عن الثروة وكل هؤلاء الألمان الذين طرحتهم النوى مطارحاً والقتهم الاقدار في اطراق المعمور كله هم عنصر قوي في جسم القوة الجرمانية ذو شأن عظيم
قال المؤلف ومعلوم أن هجرة الألمان كانت متصلة بعد سنة 1830 حتى أنه يقدر عدد الألمانيين الذين غادروا ألمانيا في خلال القرن التاسع عشر بخمسة ملايين ومعظمهم بين سنة 1881و1890 هكذا أسست منذ ذاك العهد مستعمرات ألمانية كثيرة وأهمها مستعمرة الألمان في الولايات المحدة ويقدر عدد الأميركيين الذين هم من أصل الماني بخمسة وعشرين مليوناً وتعشرة إلى اثني عشر مليوناً تقرأ في جبهتهم ألمانيتهم وهم اما أنهم يتكلون بالألمانية او هم مولدون من آباء ألمان او انهم احتفظوا بعاداتهم وتهذيبهم بما قوى الرابطة بينهم وبين بلادهم الأصلية وكان هذا العدد الدثر من أعظم القوى الألمانية اذ لم يتشبه على ايسر وجه بمن نزل بين ظهرهم من الأميركان وينزع عنه أخلاقه وأداب جنسه في الجيل الثاني أو الثالث واحياناً في الجيل الأول.
ويبلغ الألمان في أميركيا الجنوبية نصف مليون نسمة وهم فيها أكثر احتفاظاً بلغتهم وآدابهم وأغنياء من الطراز الأول وفي استراليا نتشبهون بالعنصر الإنكليزي السنكسوني لأول أمرهم وعلى العكس في النازحين منهم إلى الشرق من جهات الأملاك العثمانية والروسية كقافقاسيا وتركستان وسبيريا من جهة وفلسطين من جهة أخرى فمنهم احتفظوا بأصولهم ولغاتهم وهم على قاب قوسين من النجاح والتقدم وهكذا الحال في سائر البلاد التي نزلوها في آسيا ولاسيما في المستعمرات الهولاندية وكذلك في أفريقية ولاسيما في مستعمرة الرأس ويقدرون عدد الألمان في أوروبا بستة وسبعين مليوناً ونصف يضاف إليهم نحو اثني عشر مليوناً منتشرين في أطراف القارات الأربع الأخرى منهم عشرة ملايين في الولايات المتحدة وأربعمائة الف في أمريكيا الشمالية وخمسمائة الف في أمريكيا الجنوبية وثمانية عشر ألفاً في أمريكيا الوسطى و623 الفا في أفريقيا و110 ألاف في جزائر المحيط و88 ألفاً في آسيا وسنعرب من هذا الكتاب بعض فصوله لفائدة القراء
محمد علي
هي قصة تاريخية غرامية تشتمل على سيرة محمد علي باشا مؤسس العائلة الخديوية من أول نشأته حتة قبض على أزمة الحكومة المصرية عربها عن الإنكليزية نسيب أفندي المشعلاني المشهور في تعريب القصص والفكاهات ونشرتها مجلة الهلال الغراء ملحقاً لها تعويضاً لقرائها عن شهري الصيف وهما اللذان تحتجب فيهما هذه المجلة النافعة وقد جعلتها هدية يدفعون في الاغلب إلا إذا حفزهم حافز ورغبهم كان ما يتنأولونه كل يوم او كل أسبوع او كل شهر من الأفكار والأبحاث لا يساوي وحده في نظرهم أن يقابل بثمن طفيف.
وقد أحسن رصيفنا صاحب الهلال بهذه القاعدة الملذة وهي في زهاء ثلاثمائة صفحة من قطع الثمن فنحت عشاق الفكاهات على مطالعتها ونثني على نأقلها وناشرها بما يستحق فضلها.
ديوان صريع الغواني
صريع الغواني او مسلم بن الوليد شاعر متقدم من شعراء الدولة العباسية وهو فيما زعموا أول من قال الشعر المعروف بالبديع وهو الذي لقب هذا الجنس البديع واللطيف وتبعه فيه جماعة وأشهرهم ابو تمام الطائي وكان حسن النمط جيد القول في الشراب وكثير من الرواة يقرنه بأبي نواس في هذا المعنى توفي سنة 208 وقد كان طبع ديوانه في أوروبا والهند واعاد طبعه الأن فئة من انصار الأدب ببور سعيد فأحسنت ونعما فعلت وحبذا لو تتبعه بغيره من الكتب المطبوعة في أوروبا وهي تعد كالمخطوطة في ديارنا لندرتها. قال مسلم في الحكم:
شكا الزمان بما امضى به قدرا ... أن الزمان لمحمود على الابد
لن يبطئ الأمر ما املت اوبته ... وان اعانك فيه رفق متئد
والدهر أخذ ما اعطى مكدر ما ... اصفى ومفسد ما اهوى له بيد
فلا يغرنك من دهر عطيته ... فليس يترك ما اعطى على احد
وقال من هذا النوع
كم رأينا من أناس هلكوا ... فبكى احبابهم ثم بكوا
تركوا الدنيا لمن بعدهم ... وردهم لو قدموا ما تركوا
كم رأينا من ملوك سوقة ... ورأينا سوقة قد ملكوا
قلب الله عليهم وركا ... فاستداروا حيث دار الفلك
مرآة الزمان
جرت عادة كثير من طباع الغربيين أن يطبعوا بالزنكو غراف كثيراً من الكتب القديمة الخطية لاسيما إذا كان خطها بديعاً يغلب عليه الضبط والصحة وفي ذلك فوائد لا تحصى لأن الممالك نسخة من كتاب او رسالة طبع على هذه الصورة كانه ملك النسخة الأصلية الفريدة في بابها وربما طبع الكتاب بهذه الطريقة لا لما ذكر بل لصعوبة النسخ أو الطبع على الطريقة المألوفة ومن ذلك ما فعله الدكتور ريكارد جوت أستاذ العربية في جامعة شيكاغو فإنه طبع في الأيام الأخيرة الجزء الثامن من مرآة الزمان للعلامة يوسف سبط ابن الجوزي وهذا الجزء يحتوي على نهم الأحداث من سنة 495إلى سنة 654 ولعل بعض الطابعين في المشرق يقتنعون هذا الأثر وإن كان يحتاج إلى عناء وكلفة فإن في دور الكتب هنا وعند كثير من المولعين بها كثيراً من الكتب التي يجد ران تطبع على هذه الطريقة لا على الطريقة الأخرى.
الفضيلة والرذيلة
جورج اونه من مشاهير كتاب فرنسا المعاصرين له عشرات من المؤلفات في التمثيل والقصص وكلها منتشرة بين الفرنسين وهو من الناقمين على أرباب المجد والمال ولذلك ترى معظم كتاباته تدور على هذا المحور. وقد عرب منشيء هذه المجلة في هذه الآونة رواية من سلسة روايات له كثيرة سماها جهاد الحياة نشرتها مجلة مسأمرات الشعب في267 صفحة منصفة القطع وسميت (الفضيلة والرذيلة) وهي تمثل رجلاً من أهل الأدب والقريض اتصل بقتاة أدبية وامرأة متأدبة فحاول أن يحل من الأولى محلاً دفعته عنه بفضل أدبها وتربيثها مع أن امها كانت معروفة بالخلاعة والتبذل وحل من الثانية وهي غنية من ربات القصور محلاً لا يليق بمن كتب وصفت أن يحله فأخذت ترفع مقامه بين خاصتها وتبره ليصلح لها كتاباتها المنثورة والمنظومة لأنها كانت مولعة بالشهرة أدبية ولما تستعد لها على أصولها وقد تخلل ذلك كلام في النقد على أرباب الرفاهية والمجد وطلاب الشهرة الباطلة مثال من تغفل بعض أرباب المطابع والجرائد والمجلات والمجامع العلمية في فرنسا مما تحتاج كل صفحة من صفحاته إلى شرح طويل. وهذه الرواية تلذ مطالعتها الخاصة أكثر من العامة وهي تطلب من مجلة مسأمرات الشعب وثمنها خمسة عشر قرشاً وتهدى لمن يشترك بالمجلة المذكورة.
المجرم البريء
نشرت مجلة مسأمرات الشعب القصصية هذه الرواية معربة بقلم كاتب هذه السطور أيضاً وهي رواية بلذ مطالعتها جمهور الناس تمثل صورة من صور التهور في الغرام الحرام وعواقبه المدمرة وذلك أن صاحب معمل في باريز كان في حالة حسنة من دنياه يعيش في غبطة مع زوجته وفتاته فساقة الغرور إلى الاتصال بامرأة احد كبار المحامين استلت منه آدابه وماله ثم جمعته الاقدار في حرب السبعين مع زوجها وكان يعرفه من قبل معرفة بسيطة فتصادقا على الرغم منه وانقذ كل منهما حياة صاحبه في بعض المواقع فعاد صاحبه وقد قطعت ساقاه فلم ير صاحب المعمل أن يعود إلى سالف عهده مع زوجة صاحبه بعد تلك الحقوق التي بينهما وراح يوبخ نفسه على ما قدمت يداه اما هي فكتمت الأمر وأخذت تدبر له مكيدة للانتقام منه بواسطة رجل كان قبض عليه صاحب المعمل في دار الحرب وهو يتجسس للعدو وسجنه ريثما ينفذ عليه حكم الإعدام ففر في الليل وعادإلى باريز وتعرف إلى تلك المرأة وكان مطلعاً من قبل على شيء مما يدور بينها وبينه قبل الحرب. وصادف أن وقع صاحب المعمل في ضائقة عقيب وقوف الحركة المالية في فرنسا وكان مديناً لرجل عجوز بمبلغ من المال فأراده أن ينظر إلى ميسرة فالح هذا في تقاضي دينه فلم يسعه إلا أن يدفع إليه ما أراد وعندها دمر ذاك الجاسوس إلى دار الشيخ وذبحه وأخذ اوراقه المالية التي كانت فيها إشارة إلى انها صادرة عن صاحب المعمل ودفع القسم الأعظم منها إلى عشيقة صاحب المعمل القديمة لتؤديها إليه وفاء عن مبلغ كانت اقترضته منه أيام اتصالها به فأخذها هذا فرحاً وصادف أن كانت دار صاحب المعمل في ضاحية باريز مناوحة لدار الشيخ القتيل الذي كان دائن الأول مديناً له وإن صاحب المعمل تأخر ليلة القتل مضظرباً من الأزمةا لمالية التي تهدده بالخراب وإن زوجته وابنته رأتا شخصاً شبه لهما به فظنتا انه هو الذي دخل دار ذاك الجار العجوز قبيل منتصف الليل واتفق وجود شبه في الصورة بين صاحب المعمل وبين الجاسوس القاتل ووقعت للابنة وامها امارات قوية تدل على أن صاحب المعمل هو القاتل لا محالة ولما استنطقتهما النيابة من الغد ظهر عليهما تردد لم يشك القضاة معه بأن القاتل هو صاحب المعمل قتل غريمه بعد أن دفع إليه المبلغ كما علم من كتأبين كان بعث بهما إليه قبل يومين من مقتله يهدده فيهما ضمنا أن لم يمهله في الدفع ولما سجن صاحب المعمل بما قامت عليه من الإمارات وهو ينادي بانه بريء تقدم صديقة في دار الحرب ذاك المحامي على عجزه ليتولى الدفاع عنه وفاء بحقوق الصداقة فابى أن يطلعه على سر قضيته ليحسن انقاذه من ايدي القضاة لكن صديقة المحامي عرف بأن في المسألة سراً له اتصال بأمور نسائية ابت مروءة صاحبه أن يبوح به إليه لأنه ربما ادى إلى خراب بيت وتشتيت شمل أسرة عظيمة وبينا هو في المحكمة يدافع عنه يوم صدور الحكم عليه وقد ايقن الناس بانه كاد يؤثر بطلاقة لسانه في عقول القضاة فيبرؤن صاحبه او يحكمون عليه بعقوبة خفيفة جداً ألقيت إليه بطاقة فلما قرأها دهش وتلعثم ثم نقلوه إلى غرفة وجاء الطبيب وقد فارق المحامي الحياة وعندها حكمت المحكمة على الذي تبين لها أنه القاتل بالاشغال الشاقة مؤبداً. وفي خلال ذلك هلكت امرأة صاحب المعمل حزناً وخلفت ابنتها وهي في السابعة يتيمة عجية فكفلها خال أبيها وباع المعمل والمصيف وجميع ما يملكه ابن اخته ووفى ما كان عليه من الديون. اما صاحب المعمل فتمكن بعد سنة من الفرار ومن محبسه في خمسة من المجرمين السياسيين وانقلب إلى نيويورك فقيراً وقيراً فدخل في أحد المعامل وكان يحسن صناعة الحديد قوي العضل عارفاً بالميكانيكيات فظهرت كفاءته ووفق إلى أن جمع مبلغاً من المال عاد به بعد سنتين إلى فرنسا متخفياً وأخذ ابنته من خاله ورجع إلى أمريكيا فزوده بمبلغ منالمال يستعين به على تربية ابنته وكان خاله عقيماًُ فإنشأ ذاك المحكوم عليه بتوسع عمله وذهب إلى كندا فاغتنى كثيراً بفضل كده وعمله وسعة معارفه في الميكانيكيات والطبيعيات وعلم ابنته التعليم العالي وبدل اسمه واسم اسرته وبعد أن قضى هناك نحو عشر سنين حدثته نفسه بالرجوع إلى وطنه ليكشف سر قضيته ويعاد النظر فيها ليعرف من اين أبى فرجع واتخذ له داراً في ظاهر باريز. ومن غريب المصادفات أن القصر الذي اكتراه كان بالقرب من مزرعة انتقلت بالارث الشرعي لزوجة صديقه الذي هلك في خلال الدفاع عنها وعشيقته القديمة وكانت اوت إليها بعد وفاة زوجها مع ولديها فاتصل أهل البيتين بواسطة ابنة صاحب المعمل وعقدت بينهما صلات التعارف ومازال الغني المحكوم عليه يبحث حتى توصل إلى معرفة القاتل الحقيقي ودخل معه في شركة ثم بعث إلى البورصة من قبله بمن سعى إلى اسقاط اسهمها فافلس شريكه او كاد ولم يجد ملجأ الا شريكه صاحب المعمل فوعده باعطائه شيئاً من المال إلا أن القاتل القديم اضمر أن يقتله وراح من الليل إلى داره وكان نصب له تمثالاً من الخشب وضعه على المنضدة فشبه له وظنه هو فإنشأ يضربه بخنجره وكان صاحبنا كامناً له مع اثنين من رجال الشرطة وقاضين كان لهم يد في الحكم عليه سابقاً فأمسكوه واعترف بفعلته وهو متلبس بالجريمة إلا أنه طعن نفسه في الحال بخنجره وسألوه أسئلة فاعترف بانه هو قاتل ذاك الشيخ العجوز الذي كان صاحب المعمل مديناً له وأن له شريكاً في قتله وحشرجت روحه فلم يسم ذاك الشريك وعندها صدر عفو الحكومة عن صاحب المعمل وعقد لابنته على احد ولدي صديقة المحامي وكان محامياً أيضاً وماتت في خلال ذلك أمهما أي عشيقة صاحب المعمل وقد اقرت بما جنته وسقطت من عيني ابنيها وراح الزوجان الجديدان تحالفهما السعادة بعد أن شقي أبواهما وأماهما هذا الشقاء الذي قاد ليه الغرور وطيش الصبا والصبوة. وقد وقعت القصة في ثمانمائة صفحة صغيرة صدرت في أربعة أجزاء وهي تطلب من مكتبة المسامرات وثمنها ثمانية قروش وفيها كثير من الحوادث التي بلذ العامة وبعض الخاصة.