مجلة المقتبس/العدد 21/اليونان
→ ثروة العرب | مجلة المقتبس - العدد 21 اليونان [[مؤلف:|]] |
المقامات اللزومية ← |
بتاريخ: 15 - 10 - 1907 |
سبب نصرة اليونان - لم تكن حرب مادي حرباً وطنية بين يونان وبرابرة بل كان يونان آسيا ونصف يونان أوروبا يقاتلون في الجيش الفارسي ولم يجسر كثيرون من أبناء جنسهم على ابداء أقل حركة. وكان الخاقان الأعظم ورعاياه هم الذين حاربوا اسبارطة وأثينة ومن حالفهما في الحقيقة. فكان من خوارق العادات أن يغلب هذان الشعبان الصغيران ذاك الخليط العظيم من الفرس. وزعم اليونانيون أن الآلهة قاتلوا عنهم ومتى درست أحوال الخصمين عن أمم بطل عجبك. فقد كان الجيش الفارسي جسيماً فظن كسيركس على سذاجة قلبه أن النصر معقد اللواء بكثرة العدد بيد أن هذه الجموع كانت مرتبكة من نفسها ولم تدر من أين تأخذ ذخيرتها وتتقدم تقدم بطيئاً ويضيق ذرعها من أول يوم الحرب حتى أن السفن المزدحمة كانت تغرز طرف مقدمها في السفن المحيطة بها وتحطم لها مجاذيفها ثم أن في ذلك الجماء الغفير كما يقول هيرودتس كثيراً من الناس وقليلاً من الجند. ولم يكن غير الفرس والماديين وهم خيرة الجيش يقاتلون بشدة أما غيرهم فلم يكونوا يزحفون إلى العدو إلا إذا انهالت السياط عليهم وقد جاؤوا بسيف القوة والقهر إلى حرب لا يهمهم أمرها ولا سلاح لديهم ولا نظام في مصافهم فهم لا يلبثون أن يركنوا إلى الفرار بمجرد أن تغيب أعين الحراس عنهم. وتقاتل الماديون والفرس وحدهم في بلاتيه وميكال ونجا الرعايا. وكان الجند الفارسي سيء النظام والعدة يلبس ثياباً طويلة وقد وقيت رؤوسهم بقلنسوة من لباد وحفظت أجسامهم أتراس من شجر الصفصاف والخلاف وسلاحهم قوس ومدية قصيرة جداً ولم يكونوا يستطيعون القتال إلا بعيدين ويقاتل الرجل رجلاً مثله. أما الاسبارطيون والمتحدون معهم بعقد المحالفة فكانوا على عكس ذلك تقيهم التروس العظيمة والخوذ ووقايات السوق ويسيرون جموعاً مشتبكة لا تقاوم يخرقون صفوف العدو بحرابهم الطويلة وما هو بأسرع من رد الطرف حتى تصير الحرب ملحمة كبرى ومذبحة تباع فيها الارواح بيع السماح.
نتائج الحروب المادية - فادت اسبارطة الجيوش ولكن كما قال هيرودتس كانت آثنية هي التي انقدت اليونانية بان كانت لها مثإلا في المقاومة. فالفت اسطول سلامينة وقد استفادت آثنية من هذه النصرة أما المدن الايونية من الجزر وشاطئ آسيا جملة واحدة فقد ثارت ومردت والفت عصابة تبايعت فيها على الموت في سبيل الذود عن اوطانها من مهاجمة الفرس. وأما الاسبارطيون وهم شعوب جبلية فلما لم يستطيعوا أن يدبروا حرباً انصرفوا راجعين ادراجهم فأصبح الأثينيون إذ ذاك زعماء العصابة. وفي عام 476 جمع اريستدس قائد اسطولهم نواب المدن المتحالفة فقر رأيهم على متابعة حرب الخاقان الأعظم وتأمروا بينهم على تقدم سفن ومحاربين وإن يؤيدوا كل سنة قطيعة من المال قدرها 460 تالاناً (أي مليوناً وسبعمائة الف فرنك) وجعلت الخزانة بمدينة ديلوس في معبد ابولون معبود الايونين وكان عهد إلى أثينة أن تقود الجيوش وتجبي القطائع. وقد القى اريستدس في البحر قطعة من الحديد والحصى واقسموا كلهم أن يحتفظوا جميعاً بالعهود إلى يوم تطفو هذه الحديدة على سطح الماء وذلك حباً بتأكيد العهد وتفادياً من نقض يمين الاخلاص.
وقد حدث مع هذا أن الحرب وقفت وعقد اليونان - وكان النصر اليف الويتهم أبداً - معاهدة سليمة او هدنة مع الخاقان الأعظم فأبى الملك أن يعد يونان آسيا من رعاياه (نحو سنة 449). وهنا سؤال يورد في هذا الباب وهو كيف انتهت معاهدة اريستدس وهل كان على المدن المتحدة أن تؤدي القطائع على حين ليس عليها أن تقاتل بعد فابى بعضها ذلك حتى قيل أن أطفئت نار الحرب. وزعمت آثنية أن المدن كانت أخذت على أنفسها العهد على الدهر فاضطرتها إلى أن تؤدي ما يطلب إليها. حتى إذا وضعت الحرب أوزارها لم يجد خزانة ديلوس فتيلاً ولذلك نقلها الأثينيون إلى مدينتهم واستخدمها في ابتناء المصانع والمعاهد. ولطالما كانوا يقولون أن المتحدين يؤيدون ما يتقاضونه من الضرائب للخلاص من ايدي الفرس فمن ثم لم يكن لهم ما يطالبون به بتة ما دامت أثينة تدفع عنهم عادية الخاقان الأعظم. وهذا مما غير حالة المتحالفين فصاروا ملزمين بدفع الضرائب لأثينة وما عتموا إن امسوا رعاياها فزادت أثينة في قطائعهم واكرهت مواطنيهم على المثول أمام المحاكم الأثينية بل قد انفذت بطواريء من قبلها ليستعمروا جانباًَ من ارضهم وبهذا النظر أصبحت أثينة ام القرى تحكم زهاء ثلثمائة مدينة متفرقة في الجزر وشواطئ الارخبيل وتجبي قطيعة قدرها ستمائة تالأن في كل سنة.
الصنائع في بلاد اليونان
أثينة على عهد الأمبراطور بيركليس
بيركليس - كانت أثينة في منتصف القرن الخامس من اقدر المدن اليونانية يدير أمرها بيركليس احد أبناء الاسرات العظيمة وكان مقلاً من الكلام غير مبتذل في شخصه ولم يكن يتوقع في أعماله رضي الأمة بل كان الأثينيون يحترمونه ولا يجرون الا على نصائحه وهو معروف بانه متمكن من شؤون الادارة ومعرفة البلاد ولذلك دخلوا تحت سيطرته وحكمه فأدار سياسة أثينة كلها أربعين سنة كما قال معاصره توسيديس المؤرخ: أن الحكومة الديمقراطية كانت موجودة بالاسم بل كانت تلك الحكومة حكومة الوطني الأولى على التحقيق أثينة ومصالحها - كانت منازل القوم الخاصة في أثينة كما معظم المدن اليونانية ضيقة واطئة متراكمة بعضها على بعض يكون منها ازقة ضيقة منعطفة سيئة التبليط. وقد جعل الأثينون عظمتهم في معالهم الهامة. فمنذ أخذوا يجبون من محالفيهم قطائع لتصرف في سبيل الحروب كانوا ينفقون النفقات الطائلة في أقامة أبينة جميلة فعمروا في ساحة أحد الشوارع رواقاً مزيناً بالصور (الفيسيل) وانشؤا في المدينة دار تمثيل ومعبداً اكراماً لبيزيس احد أبطألهم واوديون معهد الشعر والموسيقى وذلك للمسابقة في هذا العلم. ولكن قامت أجمل المباني على صخرة الاكروبول كانها على قاعدة هائلة وهما معبدان (أحدهما وهو البارتينون جعل قربى للمعبودة أثينة حامية مدينة أثينة) وهيكلاً ضخماً من القلز يمثل أثينة وسلماً من الأثار الجليلة يصل إلى البروبيلي ورواق الرخام في أثينة. ومن ذاك العهد كانت أثينة عظيمة أثينة - ومع ما خصت به أثينة من الصفات المشار إليها كانت أيضاً مدينة أهل الصنائع فقد حشر إليها الشعراء والخطباء والمهندسون والمصورون والنقاشون وكان بعضهم من أهل أثينة ووجهائها وجاءها البعض الاخر من أطراف ارض يونان يحملون إلى تلك المدينة العظيمة نتائج صناعاتهم وطرف طرائفهم. لا جرم أنه نبغ كثير من أرباب الصنائع اليونأن لم يكونوا من أهل المدينة أثينة وذلك قبل القرن الخامس وبعده بكثير من الزمن ولكن قل إن اجتمع هذا القدر العظيم من أرباب الصنائع في مدينة واحدة ولقد كان معظم اليونانيون من اكيس أرباب المعارف في الصناعات وموادها بيد أن الأثينيين فاقوا غيرهم بحسن ذوقهم وصنع ايديهم وامتازوا بعقول مثقفة ورغبة في الطرف وأثار الظرف واللطف. ولئن جاء من أبناء يونان امة رفيعة القدر عالية المكانة في تاريخ الحضارة فذلك لأنها امة تحسن ملكة الصناعات فلا جيوشهم القليلة ولا بلادهم الصغيرة الرقعة خدمت العالم والعمران خدمة أعظم من خدمة صناعهم لهما. فاليك السبب الذي من أجله كان القرن الخامس أجمل عهد في تاريخ يونان والداعي إلى أن جعل أثينة تستأثر بفضل الشهرة أكثر من غيرها من المدن اليونانية.
الآداب
الخطباء - امتازت أثينة أولاً ببلاغة خطبائها فكانت حقاً بلد الأدب وحسن الإلقاء فبالخطب
في مجلس الأمة يقرر إشهار الحروب وعقد السلم ووضع القطائع والضرائب وكل الشؤون العظيمة وبالخطب التي تلقى في المحاكم يحكم على الوطنين والرعايا أو يبرؤون فللخطباء السلطة وعلى الأمة أن تعمل بنصائحهم ومواعظهم وربما عهدت إليهم بإدارة شؤون المملكة فقد عين كليون قائداً ورأس ديموستين الخطيب حرب فليب. وللخطباء نفوذ وكثيراً ما يلجؤون إلى بلاغة القول للنيل من عداتهم في سياستهم وربما اغتنموا لأنهم ينالون من أرباب الغايات ما يرضيهم من المال ليعضدوا أحد الأحزاب. فقد أخذ اشيل مالاً من ملك مكدونيا وقبض ديموستين دراهم من ملك الفرس. ثم أن بعض الخطباء ينشؤون خطباً ليلقيها غيرهم. ولا يسوغ لمن كانت له قضية أن يرفعها بواسطة محام كما هو الحال عندنا بل تقضي شريعة البلاد أن يتكلم صاحب القضية في قضيته بالذات. فمن ثم كان عليه أن يروح إلى أحد الخطباء يلتمس منه تأليف خطاب له يستظهره ليتلوه أمام المحكمة. ولطالما جاب بعض الخطباء بلاد اليونان وتكلموا في موضوعات توحيها إليهم المخيلة فأقاموا لهم كما نقول مقامات وعقدوا اندية ومؤتمرات وكان قدماء الخطباء يتكلمون بدون مقتصرين على أن يقصوا على المنابر الكوائن بدون أن يعمدوا إلى أساليب خطأبيو فيقفون في المنبر لا حراك لهم دون أن يصرخوا او يتحركوا وكان الملك بيركليس يخطب خطبه على طريقة هادئة دون أن يحرك اهداب ردائه وعندما كان يقف في منبر الخطابة وقد تكلل رأسه حسب العادة باوراق الشجر يزعم الشعب أنه يتخذه رباً من أرباب الأولمبيا ولكن الخطباء الذين جاؤوا بعد ذلك طمعوا في أثارة الأمة وتحريك احساسها والنفوذ إلى شعورها واصطلحوا على الإنشاء المتين يروحون في المنبر ويغدون منشدين متحركين. وما عتمت الأمة أن اعتادت هذا الاسلوب في الفصاحة. ولما أخذ ديموستين يتكلم في منبر الخطابة للمرة الأولى طفق الحضور يقهقهون ويضحكون من اسلوبه اذ لم يكن يحسن التلفظ ولا الوقوف ثم ما لبث أن مرن على الالقاء وإحسأن الحركات المطلوبة حتى صار نديم الشعب وعزيزه. دبت الأيام ودرجت الليالي وديموستين خطيب في امته. وقد سئل ثالثة فقال العمل. ومعنى العمل طريقة الالقاء فإنها كانت تهم اليونان أكثر من الخطبة.
الحكماء - كان منذ قرون عند يونان آسيا خاصة أناس يراقبون المادة ويفكرون في أمرها لقبوا بالحكماء والعلماء في آن واحد وقد عنوا بالطبيعات والفلك والتاريخ الطبيعي اذ لم يكن العلم قد انفصل بعد عن الفلسفة وهكذا كان حال المشاهير الحكماء السبعة ببلاد يونأن في القرن السابع.
السفسطائيون - جاء ناس على قرب عصر بيركليس إلى أثينة فاتخذوا تعليم الحكمة صناعة واجتمع لهم كثير من التلاميذ انشؤا يتقاضونهم أجور الدروس التي يلقونها. وجعلوا ديدهم الإنكار على الدين والعادات وأصول ادارة المدن اليونانية يوهمون انها غير مبنية على العقل. ويأخذون من ذلك أن المرء لا يعرف شيئاً صحيحاً (مما كان قريباً من الصواب في عهدهم) وليس في طاقته أن يعرف أمراً صدقاً كان او زوراً قال أحدهم: لا وجود لا مر ومتى وجد صعبت معرفته. ويدعى هؤلاء العلماء المعلمون للتشكيك بالسفسطائيين. وقد خص بعضهم بملكة الخطابة.
سقراط والفلاسفة - حاول سقراط احد شيوخ أثينة أن ينكر على السفسطائين ويوقفهم عند حدهم على فقر حاله وبشاعة منظره ولكنه لسانه ولم تكن له دروس يلقيها كأولئك السفسطائين بل يكتفي بالرواح إلى المدينة يخاطب من يصادفهم من جماعتهم بكثرة ويحملهم بكثرة الأسئلة على أن يفكروا فيما ينكر فيه نفسه. وكان بحثه مع الفتيان خاصة يعلمهم وينصح لهم. ولم يكن يظهر سقراط أنه شدا سيئاً من العلم بل كان يقول إن غاية علمي أنني ادري بأنني لا ادري. وود لو دعي فيلسوفاً أي محباً للحكمة لا حكيماً كسائر بلك الزمر. ولم يتدبر شيئاً من طبيعة الكون أو مسألة من مسائل العالم بل كان همه دراسة أحوال الإنسان. وكانت حكمته في قوله: أعرف نفسك. فكان من ثم مبشراً بالفضيلة. وإذ أنه كثيراً ما كان يخوض في الموضوعات الأخلاقية والدينية عده الأثينيون سفسطائياً. في سنة 399 مثل أمام المحكمة متهماًً بأنه يتجافى عن عبادة أرباب المدينة وانه يحاول إدخال أرباب جديدة إليها ويفسد على الشبان عقائدهم فلم يحاول أن يدافع عن نفسه بل حكم عليه بالموت وكانت سنة إذ ذاك سبعين سنة فإنتصر له كسينوفون احد تلاميذه وألف أفلاطون من الفلاسفة محاورات أقام فيها سقراط زعيم المتحاورين فاعتبر من ذاك العهد أبا للفلسفة أما أفلاطون فقد كان صاحب مذهب معروف (429 - 348) ولخص أرسطو تلميذ أفلاطون (384 - 322) علوم عصره كافة في كتبه وقد انقسم الفلاسفة الذين أتوا بعد المعلمين أرسطو وأفلاطون قسمين دعيت شيعة أفلاطون بالرواقيين وشيعة أرسطو بالمشائين (لان أرسطو كان يعلم وهو يروح ويغدو).
الموسيقيون - كان من العادات القديمة أن يرقص القوم في الحفلات الدينية فيمن جمهور من الفتيان حول مذبح المعبود ثم يرجعون واقفين كالإشراف وقفة ذات معان وإشارات. إذ كان القدماء يرقصون بأجسادهم كلها ويختلف رقصهم كثيراً عن رقصنا وهو ضرب من التطواف الحماسي أو أشبه برواية ذات إيماء وكان هذا الرقص الديني أبداً مشفوعاً بأغان تعظيماً للأرباب ويسمى جمهور الراقصين والمغنين جماعة الموسيقيين. للمدن كلها جماعة من الموسيقيين ومنهم أبناء أشرف العيال يعدون كذلك بعد أن يستعدوا زمناً. ومن فرط العناية أن يكون خدمة الرب جديرين بخدمته.
الروايات الفاجعات والهزليات - كان يحتفل الفتيان في الأرياف المجاورة لأثينة كل عام بإقامة المراقص الدينية إكراماً للرب ديونيزوس اله الكرمة وكان بعض هذا الرقص متثأقلاً يمثل أعمال العبود فيضرب رئيس جماعة الموسيقيين على وتر أغنية ديونيزوس ويصور جوقة رفاقه وهم أناس لهم أرجل تيوس يسكنون الغابات ثم يأخذون في تمثيل عيش أرباب أخر وأبطال قدماء. ثم خطر لأحدهم أن ينصب مصطبة يجيء ممثل يلعب عليها عندما ينقطع جوق الموسيقى عن الضرب بأنغامه. وهكذا تم المشهد ونقل إلى المدينة بالقرب من شجر الحور الفارسي أو مجتمع السوقة فنشأت من ذلك الروايات الفاجعات.
أما الرقص الآخر فكان مضحكاً فينكر الراقصون وجوههم ويتغنون بمدائح الرب ديونيزوس وقد شابوها باضاحيك يسلون بها الحضور أو بتصورات هزلية في حوادث حدثت ذاك اليوم. وقد صنع في الجوق الهزلي ما صنع في الجوق المفجع من إدخال ممثلين ومحاورات ونقل المشهد إلى أثينة وهكذا نشأت الروايات الهزلية من اجل هذا واحتفظت الفاجعات والهزليات ببعض أصلها وظلت تمثل أمام هيكل الرب وإن تكن فاجعة ولئن غدا الممثلون وهم جلوس على المصطبة أصحاب موقع في المشهد فقد ظل جوق التمثيل يرقص ويتغنى وهو يطوف حول المذبح وكان جماعة الموسيقيين في الروايات الهزلية كما كان يجيء المتنكرون يبدون ملاحظاتهم على السياسة بغلظة.
الملاهي - جعل في منحدر قلعة الاكروبول ملعب للرب ديونيزوس اله الكرمة يسع ثلاثين ألف متفرج وذلك ليحضر اللأثينيون كافة هذه المشاهد. وكان هذا الملعب كسائر الملاعب اليونانية مكشوفاً تحت السماء ومؤلفاً من دريجات من الحجر مصفوفة على شكل نصف دائرة بإزاء جماعة الموسيقى حيث كان يطوف المنشدون وأمام المشهد الذي تمثل فيه الرواية. ولا تقام المشاهد فيه إلا في أوقات أعياد الأرباب بيد أن المشاهد كانت تدوم إذ ذاك عدة أيام متوالية يبدأون في الصباح عند بزوغ الغزالة ويمثلون للحال ثلاث فاجعات وقصة هجوية تنتهي على ضوء المشاعل من الليل والفاجعات الثلاث يؤلفها واحد وتمثل فاجعات أخرى في الأيام التالية وهكذا كان المشهد ميدان مسابقة بين الشعراء والأمة تعطيهم جوائز الاستحسان وأشهر هؤلاء المتبارين اشيل وسوفقلس واربيدس. وقد عهدت المسابقة أيضاً بين مؤلفي الروايات الهزلية ولم يؤثر من كل ما الفوه من الروايات غير قطعة واحدة الفها أريستوفإن الشاعر الهزلي.