الرئيسيةبحث

مجلة المقتبس/العدد 21/المقامات اللزومية

مجلة المقتبس/العدد 21/المقامات اللزومية

مجلة المقتبس - العدد 21
المقامات اللزومية
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 15 - 10 - 1907


مازال الزمان يرينا من أثار الأندلسيين كل سفر جليل ويكشف لنا عن عنايتهم بجميع العلوم مايدل على عظيم اقتدارهم وسموا أفكارهم لاسيما في العلوم الأدبية التي هي عنوان رقة الشعور وصفاء الذوق فقد تفننوا في طرق الإنشاء وأساليب البلاغة بما لا يدخل تحت الحصر.

اسعدني الحظ في الاستانة بالوقوف على المقامات اللزومية وهي عبارة عن خمسين مقامة في مكتبة (جامع لاله لي) للوزير الكاتب الأمام أبي الطاهر محمد بن يوسف التميمي السر قسطي الأندلسي انشأها عند ما وقف على ما أنشأه الرئيس أبو محمد الحريري بالبصرة وبناها على أحسن اسلوب والتزم في نثرها ونظمها مالا يلزم وقد وجدت على ظهر الكتاب ما نصه (المقامات الخمسون) المحتوية على معاني الأدب للوزير الكاتب الأمام أبي الطاهر محمد يوسف بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن إبرأهيمالتميمي المازني السرقسطي ويعرف بابن الاشتركوني أبو الطاهر. قال ابن الزبير: كان أديباً لغوياً شاعراً كاتباً معتمداً في الأدب فرداً متقدماً في ذلك في وقته روى عن أبي علي الصفدي وأبي محمد بن السيد وابن البادش وابن الاخضر وأخذ عنه أبو العباس بن ضا قال: وعليه اعتمدت في تفسير كامل المبرد لرسوخه في اللغة العربية وله المقامات اللزومية الشهيرة وشعره كثير مات بقرطبة يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من جمادي الأولى سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ومن شعره

ومنعم الاعطاف معسول اللمى ... ما شئت من بدع المحاسن فيه

لما ظفرت بليلة من وصله ... والصب غير الوصل لا يشفيه

انصجت وردة خده بتنفسي ... وظللت اشرب ماءها من فيه

وهاءنذا اذكر المقامة الأولى تفكهة للقراء ورجاء أن يطلع عليها من لهم عناية بنشر أثار السلف فيمثلها للطبعة فيفيد ويستفيد وهي هذه:

المقامة الأولى القفرية

قال: حدثنا المنذر بن حمام قال: حدث السائب بن تمام قال: اني لفي بعض البلادوقد اقبلت من الطريف والتلاد استاف الأرض واذرع الطول والعرض افتل الدهر في الذر والغارب وارقب منه كل شارق وغارب قد أفردني حتى الأمل ونابذني حتى السعي والعمل عبر سفار ونضو مهامه وفقار ولا صاحب على طول الاغتراب الا رقراق آل وسراب اذ دفعت إلى اباطح واجارع ومسارح ومشارع فاجلت الطرف في نور وزهر واحلت العيش على جدول او نهر وإذا بلمة كالنجوم يترامون من الكؤس بالرجوم يتهللون طلاقة ويتبذلون خلافة قد نبذوا الوقار واستحلوا العقار واستنفذوا العين والعقار وعوضوا من المسك الدن والقار تنم عن شمائلهم الرياض وتخجل من إيمانهم الحياض قد غفلوا عن العواقب ولم يشعروا بالزمان المراقب (يحيون بالريحان يوم السباسب) وينتمون إلى اكرم المناصب والمناسب قد لفهم الشباب في برودة وروأهم من سلسله وبروده يتنقلون جنيات اللحم ويجرون فضول الريط واللحم والكاس قد تمشت في المفأصل فما ترى غير مساعد اوموأصل قد نزلوا من الأرض وهادا وافترشوا الروض مهادا وإذا أمامهم شيخ رائع السبلات ضخم العضلات يصغون إلى حديثه ويفتنون بقديمه وحديثه فهو يعللهم من خبره بطرف ويهدي اليهم منه اندي تحف وطرف يحبب إليهم البطالة فما يملون منه اسهاباً ولا أطالة فملت إلى منتدأهم وكنت الذي حيأهم وفدأهم فقالوا: كرم رائع ومجد ضائع ونضو هازل وضيف نازل وابتدر الشيخ فقال: خبر ذائع وحديث شائع وخب هازل وعود نازل من اين بالشعث ويا استعب كلا أمريك أشد واصعب لقد اجترأت على الملوك وتخللت نظم السلوك وركبت المهالك وتوغلت المسالك هل عندك من معزية ياهذيل فإنك ما شئت من عذيق او حذيل أنى وانت اخو الصعاليك سموت إلى ذوي الرتب والمماليك فقلت: مهلاً ايها الشيخ مهلاً وهلا مرحباً بك وأهلا أن ترني وقد نفذ زادي وصفر مزادي وطفيء شهأبي واخلق اهأبي وخشن اديمي ونفر عني صاحبي ونديمي فلقد فتنت الكواعب وذللت المصاعب وارضيت الأمال وتسوغت الأمال وبذلت الخطير ووصلت الشطير واكرمت النزيل ووهبت الجزيل وسحبت فضل الذيل وارسلت طرفي بين الخول والخيل وقدت الجياد ومتعت القياد ثم لم يكن إلا أن تقلبت أحوال وتعاقبت سنون وأحوال ذهبت بالحديث والقديم وأثرت في الصميم والاديم فبدلت من النعيم البوس ومن البشر القطوب والعبوس وعوضت من العذب المجاج بالملح الاجاج ومن الأعزاز بالاذلال ومن الإكثار بالأقلال فابتدر الشيخ يفديني بأبنائه ويهديني بهنائه ويقول: إنه لكما قال ومن اين لعاثر أن يقال أنا أعرف آباءه وأجداده وشهدت جموعه وأعداده طالما ركب السرير ولبس الحرير وصبت إليه الكعاب وانقضت دونه الكعاب وخضعت لجده الأملاك وكان به القوام والملاك لقد أطاعت الانداد وأجابته الأعداد ودوخ البلدان فذل كل له ودان فيالك من دهر لايبقى على احد ولا ينقى على مستأنس وخد يعنى بالقريب والبعيد ويولع بالشقي والسعيد ومن حق ذلك الفضل أن توصل أسبابه وترفع قبابه ويصان مذاله ويحلى جيده وقذاله وانتم يابني الا كارم وذوي الهمم والمكارم رفوا للافاضل واعطفوا بالفواضل وارحموا عزيزاً ذل وكثيراً قل ومترياً ادقع وحائماً على موردكم وقع فكل خلع ما عليه والقى بما عنده إليه وخلع عني تلك الاسمال وجاء بما شاء وشئت من كسوة ومال فملأ اليمين والشمال واستقبل الجنوب والشمال ثم قال اللهم يارافع الإعدام وجامع الندام وعالم الخفيات وميسر الحقيات وملطف الأسباب ومؤلف الاحباب متعهم بالمسرات والحبرات والحفهم بالمروط والحبرات وافض عليهم جدواك وزحزح عنهم بلواك واحرسهم عن الغير ولا تجعلهم عظة الأمثال والسير وارسل عليهم من سترك مديدا وخذ بهم من أمرك شديدا وقال لي: خذها اليك. وإذا كنت معك فلا عليك. فسرنا وقد ظل العشا وسقط عليه العشا يقودني زعم إلى اسرته ويحادثني عن يسره وعسرته وجعل يومي ويشير ويقول هناك العدد والعشير كل له خول طاعته ولك علي أمرة مطاعة فسرت حتى دنا بي إلى خيام ومعشر نيام فقال: امكث هاهنا قليلاً حتى اريك جليلاً واكشف لك من أمري عجيباً واقو دلك سابحاً او نجيباً تحل من متن هذا في انيق وتسمو من ذروة ذاك على نيق تم تتبوأ القصر المشيد وتخلف المأمون والرشيد فتخلل تلك الخيام وايقظ النيام فما شعرت الا بالقوم وقد أخذوني باللوم من المنتاب والطارق ولعله الخائن البارحة والسارق والا كف ولا تكف واليمين تصفع والشمال لا ترفع ولا قول لي يسمع ولا أنا في الحياة أطمع حتى طردوني عن حمأهم ورموا بي إلى مرمأهم لا أقلب طرفاً ولا أقرر خوفاً والشيخ مع ذلك يرميني بسهامي ويعجب من صبيه وجهامي ويذكرني بالعهد ويقول ما احوجك إلى المهد ثم انصلت عني انصلاتا وولى انسراباً وانفلاتا وهو ينشد:

دعا بي الدهر لو تجيب ... ياحبذا السامع المجيب

كم تصحب الدهر بالأماني ... يغرك الطرف والنجيب من خادع الدهر والبرايا ... فذلك السيد النجيب

المجد فوز الفتى بحظ ... فما تميم وما تجيب

يارب خدن تركت يوماً ... وحظه الوجد والوجيب

مجدلاً في التراب يدعى ... منه سميع فلا يجيب

فعلمت أنه الشيخ ابو حبيب فقلت مالداء كيده من طبيب

دمشق

محمد علي