مجلة الرسالة/العدد 973/البريد الأدبي
→ الكتب | مجلة الرسالة - العدد 973 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 25 - 02 - 1952 |
بريد الرسالة الأدبي:
تنظر طائفة من الناس إلى (البريد الأدبي) للرسالة على أنه هامش لا يجدر بهذا الاحتفال الذي يتمثل في التعقيبات المختلفة ما بين نحوية وصرفية ولغوية إلى تصحيح رأي، ونقد فكرة، والواقع الذي لا مرية فيه أنه باب حافل خليق بكل عناية، فأقل ما يقال عنه أنه حرب على الأخطاء الشائعة التي يخشى منها ومن مثيلاتها على اللغة العربية الفصحى التي نسعى جاهدين في صيانتها والحفاظ عليها، ولا أعتقد أن واحدا من المعقبين يقصد إلى التشهير بالمخطئ، أو الزراية باللاحن، ولا تعنيه (زبدة البحث وعصارة المقال) بمقدار ما يستهويه تسقط اللحن، وتعقب الأخطاء.
الرسالة مدرسة خالدة رصدت نفسها منذ نشأتها إلى الذود عن لغتنا الحبيبة، والدفاع عنها في شتى النواحي والأبحاث. واللغة العربية في محيطها مجموعة من الألفاظ السلمية القويمة، ونحن نريد أن نقيم الحواجز بينها وبين الدخيل الذي يحسب منها وهو شوكة في جنبها، لا يفتأ يخزها في مقال الكاتب، وخطبة الخطيب، وعلى لسان المتحدث. وإن تعجب فعجب أن نرى الأستاذ المنيفي في العدد (971) من الرسالة يخذل عن هذه المهمة، لأن تصويب الأخطاء الشائعة الشائهة (كما يقول) (عسير الهضم على أفكار الأدباء والكتاب، لأن الكلمة قد أخذت مدلولها بين المتكلمين، بيد أن تصحيحها لا يضفي عليها معنى جديدا، أو زيادة مستحدثة). وأعتقد أن عسر الهضم، ومشقة الإساغة وضيق الصدر، كل أولئك يهون في سبيل الحرص على سلامة اللغة وصونها من العبث. كان أولى أن يحمد للباحثين في المعاجم صنعهم، فهم يقدمون له ولغيره البيان الشافي فيما يرتاب فيه، وليس ضئيلا أن يضيف إلى معلوماته في كل عدد طائفة أخرى من الألفاظ المنخولة المنقاة. . إننا نخشى أن تفتح الثغرة للدعي من الكلمات، فلا يحجزه إلا أن يبارك الله (البريد الأدبي) وينسأ في أجل (الرسالة) الحبيبة، ويزايل الغضب من النقد البريء صدور الناس، فلا يضيق كاتب بتوجيه، ولا ينكل قارئ عن بيان، ولا يستنكف أستاذ عن تعلم، وتلك هي أهداف الرسالة التي تجمع على الحق قلوب الأدباء، وتشيد على المحبة صرح المجتمع، وتدفع في صراحة وقوة عن مجد العروبة.
محمد محمد الأبشبهي
اعتذار وشكر:
نشر بالعدد الماضي تحيتان للرسالة بمناسبة عامها الجديد إحداهما من الحجاز والأخرى من العراق وقد اشتملتا على قدر عظيم من جميل الرأي وحسن الظن في الرسالة وصاحبها. وقد لعودنا في الماضي الطويل ألا ننشر شيئا مما يشبه ذلك. ولو أننا سنناه لكان من موجبات الذوق أن ننشر عشرات الرسائل التي تفضل بها علينا كرام القراء في هذا الموضوع. لذلك نعتذر من نشر ما نشر ومن طي ما لم ينشر، شاكرين للسادة الكتاب والشعراء حسن تقديرهم وفضل تشجيعهم.
لمن هذا الشعر
جاء في (نديم الخلفاء) من سلسلة اقرأ الصادر في فبراير سنة 1952للأستاذ عبد الستار أحمد فراج قوله: شرب الحسين ابن الضحاك يوما عند إبراهيم بن المهدي فجرت بينهما ملاحاة في أمر الدين والمذهب فدعا له إبراهيم بن المهدي بنطع وسيف وقد أخذ منه الشراب فأنصرف وهو غضبان فكتب إليه إبراهيم يعتذر ويسأله أن يجيئه فكتب إليه الحسن: -
نديمي غير منسوب ... إلى شيء من الحيف
سقاني مثل ما يشر ... ب فعل الضيف بالضيف
فلما دارت الكأس ... دعا بالنطع والسيف
كذا من يشرب الخمر ... مع التنين في الصيف
وأقول: قد قرأت كثيرا في كتب التصوف وفيها هذه الأبيات بنصها منسوبة إلى الحسين بن منصور الحلاج الصوفي الشهير، وفي ترجمته في الطبقات الكبرى للإمام الشعراني: -
قال أبو العباس الرازي كان أخي خادما للحسين بن منصور قال فسمعته يقول لما كان الليلة التي وعد من الغد بقتله قلت يا سيدي أوصني قال: عليك بنفسك إن لم تشغلها شغلتك. . . فلما كان من الند وأخرج للقتل قال: حسب الواحد إفراد الواحد له ثم خرج يتبختر في قيده يقول: نديمي غير منسوب ... إلى شيء من الحيف
ثم قال: (يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق) ثم ما نطق بعد ذلك بشيء حتى فعل به ما فعل!
تباين عجيب وفرق شاسع بين صاحب همزية في وصف الخمر وهذا العالم الرباني الفريد.
وإلى أن يبين لنا الأستاذ عبد الستار فراج مرجع روايته نرجى الكلام في هذا الموضوع.
محمد منصور خضر
استفهام
في العدد الممتاز من الرسالة (966) لسنتها العشرين، وفي مقال الأستاذ عبد القادر المغربي (من مشاهد الهجرة ما فيه روعة وعبرة) وفي الصفحة التاسعة، وفي السطر الخامس والعشرين من العمود الأول. يذكر لنا فضيلة الأستاذ الجليل أن سن الرسول كان عند دخوله المدينة المنورة نحو الخمسين. إذ يقول (فإذا لحيته الشريفة سوداء ليس فيها شيب. مع أنه أكبر من أبي بكر بثلاث سنوات وكان النبي في نحو الخمسين من عمره).
وأنا أعلم أن الكثرة الساحقة من الرايات تنص على أن الوحي تنزل على محمد عليه الصلاة والسلام، وسنه أربعون، وأنه أسر بالدعوة ثلاثا، وجهر بها في مكة عشرا ثم هاجر بعد ذلك، فما الحكمة في أن يذهب الأستاذ الجليل في مقاله الرائع القيم هذا المذهب؟
عبد الحافظ عبد المجيد كسبة