مجلة الرسالة/العدد 959/البريد الأدبي
→ مسمار جحا | مجلة الرسالة - العدد 959 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الدم القدس ← |
بتاريخ: 19 - 11 - 1951 |
اللغة الأجنبية في مرحلة التعليم العالي بمصر:
يجبنا دائما ما نقرئه للأستاذ (عباس خضر) بالرسالة الغراء في توجيهاته القيمة ونقداته الهادئة في كل إسبوع. . وقد كانت كلمة (اللغة الأجنبية الأولى) برسالة 29 نوفمبر سنة 951 موفقة كل التوفيق في غرضها وموضوعها - وحسبها تهايتها التي نصها: (. . إن الإنجليزية في وصفها الحالي بمصر من آثار الإستعمار الإنجليزي الكريهة. . وإن الإنجليز يسوءهم أن نزحزحها عن مكانتها فيجب إذن أن نزيل ذلك الأثر المنتن، وأن نسوء الإنجليز في لغتهم كما نسوءهم في غيرها. . والوقت الحاضر هو أصلح وقت لهذه الضربة القاصمة التي ترضى الشعور الوطني وتنال من الأعداء وتنفع من البلاد. . فهيا أيها الجل العظيم إضرب الضربة)!. .
ولقد عملنا نحن معلمي المرحلة الأولى للتعليم في مصر كل ما في استطاعتنا حتى تهيأ لوزارة المعارف أن توحد المنهج في التعليمين الأولى والأبتدائي سنة 1948 ما عدا اللغة الأجنبية البغيضة التي إنفرد بها الأخير!! - ثم أراد الله أن نضرب هذا التعليم الضربة القاصمة أو بالأحرى ندحر اللغة البغيضة بأبناء الفلاحين الحفاة العراة الذين لم تلوثهم رطانة الأعجمية بتفوقهم الباهر في إمتحان الإبتدائية سنة 1950 - فقد تفوق أطفالنا في بطون القرى وبين ثنايا الكفور على زملائهم في عواصم المدن وأقاصي الثغور!! مع الفارق الكبير بين إعداد هؤلاء وهؤلاء في جميع النواحي الفنية والإجتماعية. . والوطن واحد وامواطن واحد!!
ولقد آمن معالي الوزير الخطير طه حسين باشا بالمعلم الأول في مصر وأصدر منذ إسبوعين قراراً وزارياً بتسمية المدارس الأولية الحالية (مدارس إبتدائية) - ولكن القانون الجديد للمرحلة الأولى أبقى اللغة الأجنبية في تلك المدارس. . مع أننا قرأنا في معظم الدول المتمدنة لا يتعلم الطفل في المدارس الإبتدائية غير لغته الوطنية. . وأما تعليم لغة أجنبية فيبدأ عادة بالمدارس الثانوية، وذلك مراعاة لمدارك الطفل في سنيه الأولى وعدم ' رهاق ذهنه. .
فهل ستكون لكلمة الأستاذ (عباس خضر) لدى معالي الوزير الوطني صداها؟ خورشيد عبد العزيز
إلى الشعراء:
إلى الأستاذ محمود غنيم، ومحمود حسن إسماعيل، ومحمد عبد الغني حسن، ومحمد الأسمر. إلى هؤلاء أولا ثم إلى بقية شعرائنا ثانياً. . إلى هؤلاء جميعاً أسوق هذه الكلمات لعلهم لم يسمعوا لأنهم يعيشون في المريخ، أو لعلهم قد سمعوا ولكنهم قد شغلوا عنا بروعة المناصب وسمر الليالي الملاح
يا شعراء النيل: إريقت في (القنال) دماء، وأزهقت في (الأسماعيلية) أرواح، وتمزقت في (بور سعيد) قلوب وأكباد، فثارت نفوس الشغب وفارت الدماء في عروقه وشرايينه، وسلت السيوف في أغمادها لحماية الأرواح الغالية والدفاع عن الحق المهضوم والعرض المنتهك، ونزل إلى ساحة الإستشهاد أبطال وأبطال، وهتف كل باللغة التي يعرفها، وتكلم الشعب بالمنطق الذي يجب أن يكون. . وفي غمار هذه الثورة المندلعة، والحماسة المتدفقة، والأصوات المجلجلة الرهيبة، أرهفنا آذاننا نريد أن نسمع صوت شاعر منكم. قد تجاوبت أصداء هذه المحنة في أنحاء نفسه وحنايا ضلوعه فهزت شاعريته بنشيد يردد أو قصيدة تغنى. . فما وجدنا غير الصمت والصمت العميق. .! إذن فأين تقال القصائد وفي أي مجال تلقى وتنشد؟. ياشعراء الوادي! إذا كان كفاح هذا الشعب في سبيل حريته غير كفيل بإثارة الشاعرية في نفوسكم وإلهاب عواطفكم ووجدانكم. فلا نطقت ألسن الشعراء في غير ذلك. .! ألا حيا الله صاحب (الرسالة). . لشد ما يرجع قلمه صدى صوت الجماهير الكادحة. والنفوس الأبية المكافحة. فيرسل كلمات صارخات تبض بالقوة وتفيض بالإيمان. . وبارك الله في أستاذنا (سيد قطب) مسعر هذه الثورة بقلمه، ومذكي أوارها بعزيمته وإخلاصه. . ورحم الله (علي محمود طه) ذلك الشاعر الخالد الذي إنبعث صوته في الأسبوع الماضي من العالم الآخر يبارك حهاد الأمة، ويمجد كفاح الشعب. . وصدق الأستاذ المعداوي حين قال: (واليوم حين تبلغ المعركة أوجها يتخلف عن الإنشاد شعراؤنا الأحياء. . ترى هل أنتم كما قال المعداوي!؟
هارون لمنيفي كيف نشأ إمام المعبد
بينما كنت أتجول في صفحات الرسالة الغراء في العدد 958 وقع نظري على مقال للأستاذ (محمد رجب البيومي) تحت عنوان (محمد إمام العبد) ولما كنت أعهد في الأستاذ الفاضل رونق العبارة، وسلاسة الأسلوب، جعلت أمتع نظري بين سطور المقال مستهاماً بنفثة قامه البارعة
ونحن نشكره على هذه النفثة الجليلة التي أحيا بها تاريخ هذا الشاعر الحزين، الذي أرخى الدهر عليه ستاراً من النسيان
ولكن فاته شيء كان لزاماً عليه أن يذكره، كان يجب عيه أن يذكر نشأته الأولية، وهل هو أكتسب الأدب من طريق التعليم؟ أو بطريق آخر؟ أو ألهم هذا الفن، أو هل هذا في عرف الأدباء ليس بالشيء. .؟
ولما كان (إمام العبد) يكاد يكون مجهولاً، كان الأولى أن يكون المقال حافلاً بتاريخه مبتدئاَ من نشأته إلى نهايته. ليكون القارئ ملماً بتاريخه وأدبه. . .
وللأستاذ الفاضل شكري وإعجابي
محمد فتحي الجعلي
شوقي والرصاقي أيضاً
تحت هذا العنوان وفي تعقيبات صديقنا المعداوي بعدد الرسالة (953) أدهنا مقارنة أدباء العراق بين شوقي والرصافي وتقديم الثني على الأول كما أورد ذلك صديقنا الناصري
أنجبت مصر شوقي وحافظ ومع أنهما شاعران مصرييان فقد كاد الإجماع يكون منعقداً في مصر والأقطار العربية كلها على تقديم شوقي على حافظ ولم يشذ عن ذلك إلا فئة قليلة في مصر
وعندما رثي الزيات صديقه الرصافي - برد الله ثراه - في الرسالة الغراء غداة منعاه؛ أذكر أنه أعتبر خامس خمسة تكونت منهم (قيثارة الشعراء العربي الحديث) وإذا خانتني الظروف فعز علي أن أ ' ثر على ذلك العدد من الرسالة فلن تخونني الذاكرة في إستذكار ما قرره الزيات آنذاك. . حيث شبه أولئك الشعراء الخمسة الراحلين بأوتار القيثارة. فقارب بين شوقي والزهاوي، وشابه بين حافظ والرصافي، وأفرد المطران، وتقسيم أستاذنا الزيات أدنى الأنصاف بحيث تكون المقارنة بين شوقي والزهاوي أكثر مناسبة منها بين شوقي والرصافي. نقول ذلك وإن منا لا نجد مبرراً لهذه المقارنة ولا مجال لها إلا لإذا وضعنا في الكفة المعادلة لكفة شوقي شاعراً كالمتنبي والمتنبي فقط، لا إبن الرومي ولا أبا تمام الذين زكاهما للمقارنة صديقنا المعداوي - مع تقديرنا لآرائه في النقد - ورحم الله شوقي القائل: -
ولي درر الأخلاق في المدح والهوى ... وللمتنبي درة وحصاة
ثم لماذا ينجح إخواننا العراقيون إلى هذه الإقليمية البغيضة ويتهمون الرسالة وعهدنا بها منذ أن عرفناها لا تفرق بين أوطان العروبة، بل بعكس ذلك، فإن كتابها ينادون دائماً بإزالة هذه الفوارق الوهمية القائمة في بعض الأذهان! حبذا لو اعتبر العراقيون شوقي شاعرهم وشاعر الأقطار الشقيقة الأخرى قبل أن يكون شاعر مصر. . لأن الشوقيات تغنت بأمجاد تلك الأقطار أكثر من تغنيها بمجد مصر. ولعله من القوق لشوقي الذي أنكر الإقليمية في وطنه العربي الكبير أن ننظر إليها من زاويتها الضيقة المظلمة
جعفر حامد البشير