مجلة الرسالة/العدد 949/رسالة النقد
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 949 رسالة النقد [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 10 - 09 - 1951 |
نقد
معجم شمس العلوم
طبعة أوربا صفحاتها 346 طبع في بريل بليدن 1370هـ (1951) طبعة اليمن صفحاتها 491 (مطبعة الحلبي بالقاهرة 1370)
للأستاذ أحمد عبد الغفور عطار
عندما قرأت منذ عشرة شهور في مجلة الرسالة نبأ اعتزام حكومة اليمن نشر معجم (شمس العلوم) تأليف نشوان بن سعيد الحميري كتبت كلمة أحيي فيها حكومة اليمن ومن انتدب لتحقيقه والإشراف على طبعه وقلت:
(إنني أرجو من حكومة اليمن التي تتولى طبع المعجم وإخراجه أن تعنى به عناية لا مزيد عليها، لأن حياة الكتاب طبعه طبعا أنيقاً، مصححا تصحيحا دقيقا، ونشره نشرا علميا صحيحا، ولا بد لطبع هذا المعجم النفيس من لجنة تشرف عليه لجنة فاحصة محققة تتولى تحقيقه وتصحيحه وتجنيبه التصحيف والتحريف والخطأ، وتعلق عليه، وتسهل مراجعته لكل من يريد الكشف عن كلمة من الكلمات).
واقترحت تكوين هذه اللجنة، وأن يكون بينها عالمان جليلان هما الأستاذان عبد السلام هارون وأحمد محمد شاكر.
وكانت كلمتي بالرسالة تحية لليمن وتقديرا لجهوده العلمية ويقظته الجديدة ومشاركة مصر جهودها الضخمة في ميدان العلم والفكر.
والآن وقد انتهى طبع الجزء الأول من (شمس العلوم) ووصل إلى بعض القراء واطلعت عليه فإن من اللازم على أن أقف القارئ على حقيقة عمل إخواننا اليمنيين وما بذلوا من جهد في سبيل إخراج هذا المعجم.
ومن عجيب المصادفات أن تصدر من (شمس العلوم) طبعتان في سنة واحدة. أحدهما في أوربا والثانية بالقاهرة، ولكن شتان ما هما، وصدرت طبعة أوربا شهر رجب 1370 وطبعة اليمن منذ شهر.
أما طبعة اليمنيين فرديئة إلى حد بعيد من الناحية العلمية وإن كان الورق صقيلا والطباعة حسنة جميلة تشهد لدار الحلبي بالجودة والإتقان والتقدم. وأما طبعة أوربا فممتازة رائعة: الورق أبيض صقيل من الورق الغالي المترف، والطباعة متقنة. وتفضل طبعة أوربا طبعة اليمن في كل شئ، في خلوها من الخطأ والدقة في التصحيح، والعناية بالنشر والتحقيق والمراجعة التي لا مزيد عليها، ووصف الكتاب وطريقة مؤلفة ونقده.
وقد قام بنشر (شمس العلوم) في أوربا المستشرق السويدي العلامة زترستين وصدر منه الجزء الأول منذ شهور، وطبع بمطبعة بريل بليدن، وهو يحوي أربعة حروف: أ، ب، ت، ث، وعدد صفحاته 275 صفحة، وكلاهما باللغة الألمانية، درس فيه (زترستين) هذا المعجم الرحب الفضفاض دراسة دقيقة.
والحق أن طبعة أوربا صحيحة دقيقة متقنة، وقد قرأت منها صفحات كثيرة فألفيتها صحيحة دقيقة لا خطأ فيها مما يدل على العناية البالغة والخدمة التامة والجهود العظيمة التي بذلها هذا المستشرق المخلص في عمله.
أما الجزء الأول الذي أخرجته حكومة اليمن، ووقف على تصحيحه القاضي عبد الله بن عبد الكريم الجرافي اليمني مندوب وزارة المعارف اليمنية فلا يوثق به، ويجب أن يهمل، لأن كل صفحة منه لا تخلو من خطأ يسئ إلى اللغة والفكر، وأنصح الحكومة اليمنية أن تتلف هذا الجزء وتعيد طبعه من جديد إذا كانت حريصة على نشره، وتكل تحقيقه إلى محققين يوثق بعلمهم وتحقيقهم وفهمهم للنصوص العربية واللغة والشعر من أمثال الأستاذ الجليل عبد السلام هارون.
إنني آسف جد الآسف على هذه الخسارة التي تكبدتها حكومة اليمن، وكنت أود أن يبذل من الجهود في نشر (شمس العلوم) ما يكون كفاء ما بذل من المال، فحكومة اليمن - جزاها الله خيرا - أنفقت بسخاء، لطبع هذا المعجم، ولكن لم ينشر علميا، ولهذا كان الكتاب مزدحما بالخطأ الفاحش المعيب.
ويحوي بالجزء الأول من طبعة اليمن ستة حروف: أ، ب، ت، ث، ج، ح، وعدد صفحاته 491 من القطع الكبيرة.
ولأبين فسادها هذه الطبعة من الناحية العلمية أقدم للقارئ (عينات من الأغلاط التي تعد كبائر في اللغة وقواعد العربية، وتقيم الدليل على أن من نشره لم يفهم النصوص فهما مستقيما، وأنه كان ضعيفا في اللغة، وغير عارف بالعروض والشعر، حتى الآيات القرآنية أصابها التشويه والغلط.
جاء في الصفحة الأولى من (شمس العلوم) وتحمل رقم 3: (واجتهدوا في حداسة ما وضعوه، وضبط ما حفظوا وصنفوا من ذلك وجمعوه)
والصواب: (حراسة) لا (حداسة) و (حفظوه) بدل (حفظوا) كما في نسخة مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمة الله الحسيني بالمدينة المنورة.
وجاء في الصفحة نفسها: (جعل تصنيفه حارسا للنقط) وفي نسخة المدينة المنورة: (حارسا النقط)
وفيها أيضا: (وكشفوا عنه ما ستر من الحجب) وفي نسخة المدينة: (يستر) بدل (ستر).
وفي الصفحة الثانية وتحمل رقم 4: (حملني ذلك على تصنيف، يأمن كاتبه وقارئه من التصحيف، يحرس كل كلمة بنقطها، ويجعلها مع جنسها وشكلها، ويردها إلى أصلها).
وبهذا السطر أربع غلطات، أولاها: ضم عين الفعل من يأمن وإذا قبلنا صنع الناشر الشيخ الجرافي فإنه يعد من المستدركين على واضعي قواعد العربية، لأنه أوجد بابا جديدا للمجرد الثلاثي وهو فعل يفعل، وبهذا يكون عدد أبواب الفعل الثلاثي المجرد سبعة بدل ستة، وهذا ما لم يقل به أحد.
إن أمن يأمن من الباب الثالث قطعا وكان الواجب أن يكون (يأمن) يأمن.
وثلاث الغلطات الأخر جعله المصدر المسبوق بالباء فعلا مضارعا، فأصبحت هذه المصادر المسبوقة بالباء: يحرس، ويجعلها، وبردها، أفعالا عند الشيخ الجرافي، مع أن السياق يضطرب بذلك.
وصواب الجملة كلها هكذا: (حملني ذلك على تصنيف، يأمن كاتبه وقارئه من التصحيف، بحرس كل كلمة بنقطها وشكلها، ويجعلها مع جنسها وشكلها، ويردها إلى أصلها)
وكذلك جاء في نسخة المدينة المنورة.
وفي الصفحة نفسها: (والأمثلة حارسة للحركات والشكل، ورادة كل كلمة من بنائها إلى الأصل) وفي نسخة المدينة: (حارسة الحركات) وفيها أيضا: (ويدرك الطالب فيه ملتمسه سريعا، بلا كد فطنة غريزية، ولا أتعاب خاطر ولا روية) وفي طبعة أوربا ومخطوطة عارف حكمة اله بالمدينة: (بلا كد مطية غريزية).
وطبعة اليمن تصحف (مطية) وتجعلها: (فطنة) وتسئ إلى المؤلف الذي سمى معجمه (الأمان من التصحيف).
ولو أراد المؤلف - رحمه الله - النسبة إلى (غريزة) لما قال: (غريزي) بل لسار على القاعدة وقال: (مطية غرزية) ولكن الشيخ الجرافي يخطئ فهم النصوص فينسب إلى المؤلف قصد (المطية الغريزية) لأنه قال بعدها: (ولا أتعاب خاطر ولا روية) وإنما قصد أن يقول: - وهو معنى ما يريده - إن هذا المعجم سهل مستوعب، ولهذا يدرك الطالب فيه ما يريده سريعا دون أن يتعب أو يضني، ولا يتكلف شيخا يقرأ عليه، ولا مفيدا يحتاج إليه؛ كما أنه لا يحمله مؤونة السفر فيكد راحلته التي لا تجهد ولا تعيا).
وطلبة العلم في زمن المؤلف كانوا يكدون الرواحل (الغريزية) في سبيل العلم، وما يزالون في بعض بلاد العرب كذلك حتى الآن.
وصواب الجملة: (بلا كيد مطية غريرية) والغرير كما جاء في صفحة 335 من الجزء السادس من السان العرب: (فحل من الإبل) وقال اللسان في الصفحة نفسها: (الإبل الغريرية منسوبة إليه).
ومن هنا يظهر لنا أن المؤلف أراد: (بلا كد مطية غريرية) لا (فطنة غريرية) كما جاء في طبعة الشيخ الجرافي وتصحيحه الخاطئ.
وفي صفحة 5 من طبعة الجرافي: (إنه أقبع آثارهم، واقتفى منارهم، وآخذ ما اختار من علمهم) والصواب: اتبع لا (أقبع) وأخذ بدل (آخذ).
وفي صفحة 7: (فعرض عليهم الصلاة الخ) وصحتها: (نفرض)
وفي صفحة 11: (وشمألعلى وزن فأعل) والصواب: فعأل
وفي صفحة 13: (وفي مثل قحطبة وطلحبة قال:
رحم الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات
والصواب: طلحة. لا (طلحبة) كما ذكر الشيخ الجرافي، والدليل البيت الذي استشهد به المؤلف.
وفي صفحة 13 أيضاً: (ضيفن وعشن وخلبن الخ) والصواب: (عيشن) لأن المؤلف كان يتحدث عن زيادة النون في مثل ضيفن.
وجاء في صفحة15: (قال أحمد بن يزيد المبرد) والصواب محمد
في صفحة 16: (ديار وضياع. والأصل: ديوار وصواع) والصواب: صيواع.
وفي صفحة 19: (فم، وفمويمها) والصواب: فتح الفاء في كليهما. ولا ضرورة (لتشكيل) فم، والشيخ الجرافي يدع (تشكيل) الكلمات التي يفرض تشكيلها، ويشكل الكلمات التي لا يخطئ في نطقها الأطفال.
وفي صفحة 23: (قراءة أبي عمرو الكسائي) وصوابها: قراءة أبي عمرو والكسائي. لأن أبا عمرو ليس الكسائي
وفي صفحة 30: (والتصغير فويه) مريدا تصغير فم والصحيح: فويه
وفي صفحة 37: (مفصل الإل) وصوابها: الأل. لأن المؤلف يفتتح هذا الباب بقوله: (فعل بفتح الفاء وسكون العين ويذكر من الكلمات ما كان على وزن فعل.
وفي صفحة 43: لقد جئت شيئا إده وإدا) والصواب: (إدة) جاء في لسان العرب ص37 ج: (الإد والإدة العجب).
وفي صفحة 47 أيضا: (وجمع الإدة. أدد) وأدد هنا تقرأ بفتح الهمزة وضمها، وهذا لم يرد في اللغة، وإنما الوارد: إدد - على وزن عنب - كما جاء في 37ج4 من لسان العرب (وجمع الإدة إدد)
وفي صفحة 48 يقال: (أززت الشئ أزا) صوابها: أززت (بتخفيف الزاي) لأنه ثلاثي ومصدره (أز) يدل على ذلك، أما أزز (بتشديد الزاي) فلم يسمع إلا من الشيخ الجرافي
جاء في صفحة 171 من الجزء السابع من السان العرب: (أززت الشئ أؤزه أزا، ولم يذكر غيره.
وفي صفحة 50: (أثث أعالي النحلة أثاثة إذا التفت) والصواب: (أثث) لأن الفعل ثلاثي وهو (أث)
وفي صفحة 50 أيضا:
(فأثث أعاليه وأدت أصوله ... ومال بقنوان من البسر أحمرا) والصواب: (فأثت) وبذلك يستقيم وزن البيت
وفي صفحة 55: (وعبد الله بن أباض الذي تنسب إليه الأباضية من الخوارج. وهو من تميم من بني مرة)
وفي صفحة 211: (هم ولد تميم بن مر بن أد الخ)
والصحيح ما جاء في صفحة 211: (مر) لا ما جاء في صفحة 55: (مرة) و (أباض) صوابها: (إباض) و (الأباضية) صوبها: (الإباضية).
وفي صفحة 56: (أبلت الوحش تأبل: لغة في تأبل) والقارئ غير المتمكن في اللغة لا يستطيع معرفة اللغة الثانية في تأبل، ولعل الشيخ الجرافي نفسه لا يعرفها، ولذا تركها بدون ضبط، وكان الواجب عليه أن يضبطها هكذا: أبلت الوحش تأبل لغة في تأبل. جاء في ص6 ج13: (وأبلت الإبل والوحش تأبل وتأبل)
البقية في العدد القادم
أحمد عبد الغفور عطار
-