مجلة الرسالة/العدد 948/ليلة حمراء
→ رحلة الى الحجاز | مجلة الرسالة - العدد 948 ليلة حمراء [[مؤلف:|]] |
الادب والفن في اسبوع ← |
بتاريخ: 03 - 09 - 1951 |
للاستاذ ابراهيم محمد نجا
قضيتها ليلة حمراء عاصفة ... قضيت فيها لباناتى واوطارى
دخلت مخدعها الوردى فاشتعلت ... في القلب نيران اشواقى وافكارى
رايتها في رداء الليل فاتنة ... سيان في جسمها المكسو والعارى
ترف من حولها الازهار نادية ... تضم احلام قلب واله وار
وبرقص النور اطيافا معطرة ... كانها قبلات الكوكب الساري
لما راتنى وفي عيني امنية ... للصمت يكشفها، والمدمع الجاري
رنت الى بطرف عابث غزل ... معربد ذي احاديث واخبار
واومأت لي بنهد لابنى ابدا ... يعنو كطفل، ويستعلى كجبار
كانه رغبة حمراء والهة ... تجسدت، فتوارت خلف استار
لكنها حينما اوشكت الثمها ... وكدت اقطف منها بعض اثمار
تمنعت والغوانى شانها عجب ... في الحب ما بين ايسار واعسار
تقول: حسبك ما ابصرت من ثمرى ... فاذهب ودعنى؛ فقد هتكت استارى
فقلت: رحماك انى معرم كلف ... دامى الفؤاد، غريب، نضو اسفار
لم تشد في دوحة الايام اطياري ... ولم ترف على الافنان ازهارى
قضيت عمرى اغنى للجمال سدى ... حتى تحطم في كفى مزمارى
وكلما خلت انى قد ظفرت به ... ولى وادبر عنى اى ادبار
عشرون عاما مضت صحراء قاحلة ... لا تبصر العين فيها طيف انهار
ماتت على رملها الاحلام وانبعثت ... كتائب الياس تسرى كالردى السارى
فلا الربيع جميل في مسارحها ... ولا الشتاء لذيذ الدفء في الغار
ولا الصباح غناء الطير رنحها ... مر النسيم على غناء معطار
ولا المساء رجوع الطير تدفعها ... ذكرى ليالى الهوى في جوف اوكار
قد عشت فيها غريب الروح يقلقنى ... دهرى بكأس من الحرمان موار
واليوم جئتك روحا صيغ من لهب ... لا يستقر، وجسما صيغ من ن وجئت بابك ضيفا يبتغى نزلا ... له. . . فاين حقوق الضيف والجار؟
- * *
يا هند لوعنى دهرى وحيرنى ... واننى اليوم ابغى الاخذ بالثار
رضيت بالياس زادا ليس ينفعنى ... والياس زاد محب غير مختار
يا هند انى لظمان الحشا قلق ... وانت يا هند. . انت الجدول الجارى
يا هند انت كتاب الحسن سطره ... رب الوجود. . وانى وحدى القارى
انا الهزار حياتى كلها نغم ... موله وقمته كف اقدار
انا المحب حياتى كلها شغف ... يسرى بجسمى كنار او كيتار
انا الغريب حياتى كلها قلق ... كاننى زورق في كف اعصار
تهتز كاسى بدمع الياس مترعة ... ما ضر لو ملئت من خمر عصار؟
انى فتى عشق الاحلام ساحرة ... فليس يتركها الا بمقدار
ارعى نجوم الليالى وهى ساهرة ... وما نجوم الليالى غير سمارى
- * *
اشكو اليها عشياتى التي ذهبت ... سدى فتملا بالاحلام اسحارى
وهبت للحسن ايامى واعمارى ... فضيع الحسن ايامى واعمارى
وعشت للحب لا ابغى به بدلا ... فالحب اغنيتى، والحب قيثارى
كان قلبي اذا ما الحب عانقه ... فراشة تتغنى بين انوار
لا اشتهى غير قلب صيغ من شغف ... يحنو على، ويمحو طيق اكدارى
وليس في الكاس من خمر الحياة سوى ... بقية احتسى منها بمقدار
غدا سامضى، فلا الانوار راقصة ... حولى تعانقها انغام اوتارى
غدا ستبكى الليالى وهي قاتلتى ... ويسال الدهر عنى وهو حفارى
غدا تقولين: كم اشجى باغنية ... ارق في السمع من انغام اطيار
واليوم لم يبق من هذا الغناء سوى ... نوح الحمائم في افنان اشجار
غدا يوروننى والدمع يغلبهم ... حاشاك الا تكونى بين زوارى
يا هند حسبى انى عشت منفردا ... كما يعيش سجين بين اسوار وليس في الحب او تدرين من حرج ... يا اخت روحى ولا في الوصل من عار
فنولينى الذي ابغيه من زمنى ... ولا تخافى حديث العائب الزارى
للناس فلسفة حمقاء جاهلة ... ولست ابصر فيهم غير ثرثار
فاذعنت، ثم لانت، ثم ما فتئت ... حتى انالت جناها كف ستار
فرحت املا عينى من مفاتنها ... والمس الجسم منها لمس اوتار
اهيىء الشعلة الحمراء في جسدى ... ويستمد فؤادى وحى اشعارى
حتى انثنيت وفي صدرى معربدة ... هوجاء تهدر فيه اى تهدار
اضمها ضمة المشتاق روعه ... قرب الفراق، وبعد الاهل والدار
الصدر للصدر يشكو حر لهفته ... والثغر للثغر يشكو حرقة النار
حتى ارتمت في فراش الحب شاكية ... كزهرة الروض تشكو مس اعصار
فبان من جسمها ما كان مستترا ... ولا تسلنى. . . فتلك اليوم اسرارى
ابراهيم محمد نجا