مجلة الرسالة/العدد 905/الألعاب العربية
→ إبراهيم عبد القادر المازني | مجلة الرسالة - العدد 905 الألعاب العربية [[مؤلف:|]] |
من الأدب الغربي ← |
بتاريخ: 06 - 11 - 1950 |
للأستاذ محمد محمود زيتون
- 1 -
لم يكن العرب بمعزل عن الحضارات التي أحاطت ببلادهم، بل كانوا على اتصال وثيق بها، في الأخذ والعطاء. على أن الرمال السوافي، والجبال الرواسي، والبطاح المترامية، لم نحجب عن العرب أصداء الفرس والروم والأحباش والهنود والسريان والمصريين.
ويخطئ من يظن أن العرب لم يحتفلوا بالألعاب الرياضية احتفال الرومان والفرس بها. وفي الحق أن العرب عنوا بالرياضة لا باعتبارها لهوا ولعبا؛ ولكن على أنها تربية ذات طابع قومي، ونهج واضح، وغاية رفيعة.
والتراث العربي حافل بهذا اللون من التربية، سواء في كتاب الله، وسنة رسوله، ودواوين الشعراء، والقواميس والمعاجم، مما أضاف إلى الحضارة العربية ثروة جديدة ذات قيمة نادرة، وإن كان الدارسون منا ومن المستشرقين لم يلمسوا هذه الزاوية في قليل أو كثير، إلا أنها لا تقل أهمية عن مظاهر هذه الحضارة التي نعتز بإذاعتها في الناس.
ولنذكر أولا في هذا البحث الألعاب المشهورة عند العرب ليقف القارئ البصير على مقدار نفعها البدني، وغايتها في تربية الفرد وأثرها في المجتمع، ولنا بعد ذلك وقفة عند موقف الإسلام الحنيف من هذه الألعاب التي نستخرجها من كتب اللغة والأدب والسيرة ونذكر منها:
المفايلة: لعبة لفتيان العرب يخبئون الشيء في التراب ثم يقسمونه فإذا أخطأ المخطئ قيل له فال رأيك.
الجثة: تشبه المفايلة هي أن يختبئ الصبيان شيئا تحت التراب ثم يصدع صدعين ثم يضرب أحدهم بيده على أحدهما أو على بعضه؛ فإن قبض على الخبء فيه قمر.
عظم وضاح: لعبة الصبيان بالليل وهي أن يأخذوا عظما أبيض شديد البياض فيلقوه ثم يتفرقوا في طلبه فمن وجده منهم ركب أصحابه.
خراج: يمسك أحدهم شيئا بيده ويقول لسائرهم اخرجوا ما في يدي.
الخطرة: وهي اللعب بالمخراق.
الضب: وهي أن يصور الضب في الأرض ثم يحول أحدهم وجهه ويقول: ضع يدك على صورة الضب، على أي موضع من الضب وضعته فإن أصاب قمر.
النقيري: وهي لعبة بالتراب، ويقال الصبيان ينقرون أي يلعبون النقيري.
المقلاء والقلة: عودان يلعب بهما الصبيان فالعود الذي يضرب به يسمى المقلاء وهي خشبة قدر ذراع - والقلة هي الخشبة الصغيرة - والقلو لعبك بالقلة وذلك رمها في الجو ثم ضربها بمقلاء في اليد فتستمر القلة ماضية فإذا وقعت كان طرفاها ناتئين على الأرض فتضرب أحد طرفيها فتستدير وترتفع ثم تعترضها بالمقلاء فتضربها في الهواء فتستمر ماضية - والفعل قلا يقلو قلوا.
المقلاع: معروف ويستخدم في رمي حجرة إلى مكان بعيد.
العرعار: لعبة للصبيان أيضا.
الخذروف: شيء يدوره الصبي في يده بخيط فيسمع له دوي - قال امرئ القيس يصف فرسه في شدة جريه:
درير كخذروف الوليد أثره ... تتابع كفيه بخيط موصل
الكرة: معروفة ويقال كرا الكرة يكررها ومقطها يمقطها أي يضرب بها الأرض ثم يأخذها.
الطبطابة: مضرب الكرة.
الصاعة: البقعة الجرداء ليس فيها شيء، يكسحها الغلام وينحى حجارتها ويكرو فيها بالكرة.
الكجة: يأخذ الصبي خرقة فيدورها كأنها كرة فهو يكج أي يلعب بالكجة.
التوز: الخشبة تلعب بها الكجة.
البكسة: خرقة يلعب بها وتسمى الكجة.
الصولجان: المحجن وهو قضيب يثنى طرفه.
الميجار: شبه صولجان تضرب به الكرة.
القفيزي: خشبة ينصبها الصبيان يتقافزون عليها.
النفاز: لعبة يتنافزون عليها أي يتواثبون.
الحوفزي: أن تلقي الصبي على أطراف رجليك فترفعه - والفعل حوفزي.
البنات: التماثيل الصغار يلعب بها وهي المعروفة في الفرنسية باسم:
الربيعة: حجر تمتحن بإشالته القوى.
الزحلوقة: مكان منحدر مملس.
الأرجوحة: خشبة توضع على تل ثم يجلس غلام على أحد طرفيها وغلام آخر على الطرف الآخر فتترجح الخشبة بهما وتتحركان فيميل أحدهما بالآخر - والفعل ترجح يترجح على الأرجوحة.
الحمص: هو الترجح والفعل حمص يحمص حمصا.
الجعري: أن يحمل الصبي بين اثنين على أيديهما.
المقثة: خشبة مستديرة على قدر قرص يلعب بها الصبيان تشبه الخرارة.
الخرارة: عود يوثق بخيط ويحرك الخيط وتجر الخشبة فيصوت.
المطثة والمطخة: خشبة عريضة يدقق أحد رأسيها يلعب به الصبيان.
الحجورة: يخط الصبيان خطا مستديرا ويقف فيه صبي ويحيط به الصبيان ويضربونه فمن أخذ منهم أقامه مكانه.
الجماح: سهم يجعل على رأسه طين كالبندقية يرمي به الصبيان.
التخاسي: الرجلان يتخاسيان أي يلعبان بالزوج والفرد يقال: خساً أو زكا أي فرد أو زوج.
الأمبوثة: هي أن يحفر الصبيان حفيرا ويدفنون فيه شيئا فمن استخرجه فقد غلب.
الدعلجة: لعبة يختلف فيها الصبيان للجيئة والذهاب.
الحوالس: هي أن يخطو خمسة أبيات في أرض سهلة ويجعلوا في كل بيت خمس بعرات وبينها خمسة أبيات ليس فيها شيء ثم يجر البعر إليها وكل خط منها حالس.
المخراق: منديل أو نحوه يلوى فيضرب به.
الرجاحة: حبل يعلق ويركبه الصبيان.
الجنابا أو الجنابى: هي أن يتجانب اثنان فيعتصم كل واحد من الآخر.
ردت الجارية: أي رفعت رجلا ومشت على أخرى تلعب.
يتبادح الصبيان: أي يترامون بالبطيخ والرمان والكرين ونحوها.
البوصاء: عود في رأسه نار يديرنه على رءوسهم.
المخزق: عوبد في طرفه مسمار محدد يكون عند بياع البسر بالنوى وله مخازق كثيرة فيأتيه الصبي بالنوى فيأخذه فيه ويشرط له كذا وكذا ضربة بالمخزق فما انتظم له من البسر فهو له قل أو كثر، وإن أخطأ فلا شيء له وذهب نواه.
التضرفط: أن تركب أحداً وتخرج رجليك من تحت إبطيه وتجعلهما على عنقه.
الرهان والمراهنة: هي المخاطرة والمسابقة على الخيل.
الوجب: السبق في الرمي، وهم يتخاطرون أي يتراهنون في الرمي.
الميسر: اللعب في القداح.
هذا فضلا عن الكعب والشطرنج والنرد والدامة والمصارعة والرماية والفروسية والمسايفة والمبارزة والسباحة والرقص واللعب بالمشاعل والرماح والحراب مما يدخل في باب اللعب الذي هو ضد الجد والذي هو أحيانا اللهو.
ومن مادة (لعب) اشتق العرب الاصطلاحات الآتية:
اللعبة: وهي ما يلعب به.
اللعاب: وهو الرجل الذي حرفته اللعب.
اللعب: وهي تماثيل من عاج.
تلعب: لعب مرة بعد أخرى.
ورجل تلعابة. كثير اللعب. التلعاب: اللعب واللعب.
الملعبة: وهي الثوب لا كم له يلعب به الصبي.
الملعب: المكان الذي يلعب فيه الصبيان.
وكذلك قالوا:
برحى: للمخطئ في مرمى.
مرحي: للمصيب في الرمي.
الطالع: وهو السهم الذي يقع وراء الهدف.
الشعوذة: وهي خفة في اليد وأخذ كالسحر يرى الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين، والرجل مشعوذ.
النيرج والنيرنج: وهي الشعوذة.
وبرزت عناية العرب بسباق الخيل وابتدعوا المصطلحات الوفيرة له منها المصلي والمجلي كما سموا الأخير باسم الفسكل وأجازوا الحائز لقصب السبق ومنحوه نوط الجدارة والصرة وهي البدرة من المال. وقال الشاعر يصف الخيل في السباق:
ترى ذا السبق والمسبوق منها ... كما بسطت أناملها اليدان
وبلغ من عنايتهم بالتشجيع وإفساح المجال أمام الضعيف أن قالوا: (وعند مستبق الزود تسبق العرجاء) ليكون باب الأمل مفتوحا على مصراعيه، وافتخروا بنشأتهم على ظهور الخيل فقالوا:
كأنهم في ظهور الخيل نبت ربي ... من شدة الحزم لا من شدة الحزم
فكانوا حقاً وصدقا رهبان الليل وفرسان النهار.
وتعمقوا في دراسة الخيل من كل وجه فدرسوا أعضاءها وأطوار حياتها وطباعها وألوانها وفصائلها وتناسلها وألفوا في ذلك الموسوعات التي من أشهرها كتاب (جر الذيل في علم الخيل) واحتفل بها القرآن الكريم وأقسم بها رب العزة فقال في كتابه العزيز (والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا، فالمغريات صبحا، فأثرن به نقعا، فوسطن به جمعا) وأمر الله بإرهاب العدو بكل ما يستطاع من قوة (ومن رباط الخيل) وما أبلغ النبي العربي بقوله (يا خيل الله اركبي) وليس بعجيب أن يأمر النبي المسلمين بتربية الخيل وإعدادها للجهاد نهيا عن اتخاذها لمجرد الزينة والتفاخر قائلا بعد ذلك (الخير تحت أقدام الخيل) وقد قرن المتنبي عزة الفارس بفضل الكتاب فقال:
أعز مكان في الدنى سرج سابح ... وخير جليس في الزمان كتاب
وكان العرب كذلك أسبق الشعوب إلى حركة الكشف فهم المشهورون بقص الأثر والتعرف على الخصائص الدقيقة لصاحبه بمجرد النظر إلى ما خلفه قدمه على الرمل السافي أو صفاة الجبل فيعرفون إذا كان رجلا أو امرأة، عذراء أو حاملا. وكذلك هم المشهورون بالنار وإشعالها بالليل لهداية الضال وإكرام الضيف وتحدي العدو فقالوا (ناركم منار غيركم) وجاء في الحديث الشريف (إن الرائد لا يكذب أهله.) وكانوا حراصا على تنشئة فتيانهم على المجازفة والمخاطرة فكان منهم أسود البحار الذين قهرت عزائمهم كل قوة وسادت تعاليمهم كل مصر؛ وحتى نعتهم رسول الله بأنهم (الملوك على الأسرة) فذلت لهم رقاب العمالقة والفراعنة، ودانت لهم عروش القياصرة والأكاسرة وبهذا كان العرب جادين حين يلعبون - وبالإسلام صاروا أصحاب رسالة تتجلى آثارها في حركاتهم وسكناتهم وتنضج بها شعائر دينهم ومظاهر دنياهم حتى أصبحوا أصحاب اللهو المشروع الذي لم يتخلف قيد أنملة عن مجال الدعوة المحمدية في أقطارها البعيدة.
(يتبع)
محمد محمود زيتون
(ممنوع النشر والنقل والترجمة إلا بأذن الرسالة)