مجلة الرسالة/العدد 82/فانك مصري
→ أحمد المتنبي | مجلة الرسالة - العدد 82 فانك مصري [[مؤلف:|]] |
من الأدب الفرنسي المعاصر ← |
بتاريخ: 28 - 01 - 1935 |
للأستاذ فخري أبو السعود
لمناسبة ما أبداه بعض الإفرنج من إمارات الاستهجان أثناء عرض مناظر المؤتمر الوطني بدور السينما
أَقِمْ صَاغِراً وَأرْغَمْ حياتَكَ وَأشْقَهَا ... فإِنَّكَ مِصْرِيٌّ وإنكَ مُسْلِمُ!
وإنك شرِقيٌ وَنَسْلُ أَعَارِبٍ ... يَدِرينُكَ غَرْبِيٌّ وَيَعْلوُكَ أَعْجَمُ
وإنك بين البِيضِ أسمرُ كالِحٌ ... وحَظكَ في الدنيا كجِلْدِك أَسْحَمُ
وإنك ذيلُ العصرِ والغَيْرُ رأسُهُ ... تَقَاعَسْتَ عنه محجما حيثُ يُقْدِمُ
ولسْتَ بِفَعَّالٍ ولست بصانعٍ ... وغيرُك مشهودُ الصناعة مُحْكَم
يجيءُ بآيات الحضارة مُبْدعاً ... وتَعْجَبُ مما بات يأْتِي وَتَسْهَمُ
وأنتَ إذا قال المُفَاخِرُ عاجزٌ ... وأنْ نَطَقَتْ بِيضُ الصَّوَاِرِم مُفْحَم
ورأْيُكَ منْبُوذٌ وقولُك ضائعٌ ... وسيَّانِ منه صارخٌ وَمُكَتَّمُ
وأرضُكَ مَلهى للدخيل وملعبٌ ... وجِدُّكَ مَلهاةٌ لمن يَتَهَكَّمُ
وحقُّك مبذولٌ وسعيك طائِشٌ ... وإِرْثُكَ بين الطامعين مُقَسَّمُ
وأنِتَ أَجيرٌ في بلادك خادم ... وغيرُك يُسْتَجْدي رضاه ويُخْدَم
تَوَلَّى بِأصْفَى دَرِّها ونتاجها ... ويُرضيك ما يَبْقَي ويكفيك درهم
ولاَ تَعْتَبِنْ يوماً عليه إذا انبرى ... يسبُّك مُفتاتاً علي ويشتم
فمِثْلُكَ مَنْ دَرَاى إذا احْتَدَّ غاضبٌ ... ومثلُكَ مَنْ يُغضي ويعفو ويَحْلُمُ
وغيرُك مَنْ إِنْ مَسَّهُ الحيفُ عافَهُ ... وثاَرَ على مُستكبرٍ يَتَهضَّمُ
ولا تَمْدُدَنْ كَفَّا إليه مصافحاً ... فَتُرْفَضَ وَاصْمُتْ إِنَّ صَمْتَكَ مَغْنَمُ
بذا قضت الأَقدار: شَعبٌ مكاثِرٌ ... عزيزٌ، وشعبٌ يُسْتَذَلُّ ويُظْلَمُ
ولا تَذْكُرَنْ مجداً لمصرَ وأعْصُراً ... تَسَامى بها المُلكُ الرفيعُ المعظَّم
ولا تَذْكُرَنْ عهداً به السُّمْرُ وَطَّدُوا ... بناءً لهم في العالمين ودعَّموا
وعهداً إذا رَجَّى به الناسُ مُنْتَمىً ... إلى العِزِّ قال العزُّ للعَرَبِ انْتَمُوا!
وعهداً به أمْسَى الزمانُ مسِّبحاً ... بحمد الالى لله صَلَّوْا وسَلَّمو ولا تَرْثِيَنْ تلك العهودَ ولا تَنُحْ ... عليها فما يَثْنِي المشَيَّع مأْتَمُ
وتلك عهودٌ قد تَوَلّتْ وقد تَلَتْ ... شُعُوبٌ ومَنْ لم يْحكُموا الناسَ ُيحكَموا
فَعِشْ رَاغماً أو فاسْمُ للعز ضارِباً ... بِعَزْمٍ إذا ما أَحْجَم الجنُّ يَقْحَمُ
وحزمٍ يُصمُّ السَّمْعَ عن هَجْوِ كاشحٍ ... وجِدٍّ يُجِبُّ الصَّمْتَ لا يَتكلمُ
فخري أبو السعود