مجلة الرسالة/العدد 62/رسول الوحدة العربية!
→ بمناسبة الذكرى الأولى للملك فيصل | مجلة الرسالة - العدد 62 رسول الوحدة العربية! [[مؤلف:|]] |
بين الشك والإيمان ← |
بتاريخ: 10 - 09 - 1934 |
للشاعر الحضرمي علي أحمد با كثير
يا أبا غازي! وما فينا سوى ... مُستطار يمزج الدمع بْدم
يا أبا غاري وما فينا فتِيً ... (عربيٌّ دمعُه) إلا انسجم
يا أبا غازي وما فينا فتِيً ... ما براه - يوم ودّعتَ - الألم
ليت شعري، سامعٌ أسئلتي ... أنت؟ أم في مسمع الموت صمم؟
فيم ودّعَت علي أجراحها ... أمة العرب ولَّما تلتئم؟
فيم غادرت بني قحطان في ... مِرْجل يغلي. ونار تحتدم؟
أولم تشرع لها وحدتها؟ ... لو تلبث بها حتى تتم!
لم تجب قولي. . بلى! هذا صدى ... رنَّ في أعماق قلبي كالنَغَم:
مُكرهٌ. . لو كان أمري بيدي ... لم أمت إلاّ وقد فقنا الأمم
ورأيتُ العرب في وحدتها ... كشعاع النور يجري في الظُّلم!
همُّها أن تُصلح العالَم، في ... يدها السيف، وفي الأخرى القلم!
هذه (الخُلد)! وما أبغي بها ... وبنو الضاد ببؤس وضَرَم؟
وأرى (الحوض) فأوّاه متى ... ترد العرب ينابيع الحِكَم؟!
وأرى (الحُور) فلا يُنسِيْنَ ما ... لفتاة العُرب عندي من ذِمم
ربّ لا نقض لما أبرمته ... فارزق العُرب هُمَاماً ذَا شَممْ
بدوي الطبع والخلقِ معاً ... حَضَريّ العِلم، غربيّ الهِمم
طابُع (الوحدة) في تاموره ... بعد توحيدك مرقوم بدم!!
يخرج البدو فيبْني منهمُ ... ثكنَ الجيش كأمثال الهَرَم
يجعل (العرفان) كبرى آيهِ ... ويرى (القوة) في الدنيا الحكم
ذلكم (فيصلٌ) فابكوه وقد ... غاب عنكم شخصه، والرُّوحِ لم
من إذا ما عزَمَ الأمرَ مضى ... وإذا ما أبصر الرأي عزَم
وإذا ما قدمٌ زلّت به ... قام يمشي - غيرَ وانٍ - بقدم!
وإذا ما وقف الدهرُ مضى ... وإذا ما عبس الدهرُ ابتسم يا مليكاً هاشمياً ما له ... غير توحيد شعوب العرب هم
يختم النومُ عليه جفنَه ... فيراه في تهاويل الحُلُم!
بِسَناهُ كنت في (سوريةٍ) ... مَلِكاً في عرش (أقمار الحكم)
وبه في (ميسلون) استُشْهدت ... مُهَجٌ لو لم تقمها لم تَقم
وبه اخترتَ - على كرهِكه - ... عرش (بغداد) ولم تأنف ولَم.
واثقاً أنك تشفِي داءه ... بطريق الحرب أو طرق السَّلَم
فيصلٌ يَفْسَح للخطب إذا ... جاءه لا ينثني، لا يصطدمْ
فإذا الخطب الذي قد أمه ... قد تولّى خلفه كالمنهزم!
فيصلٌ لا يعرف اليأس، ولا ... يرهب الموت، ولا يخشى الغُمم
فيصل العامل يمتدُّ لَه ... أمل النهضة ما امتدّ الألم
فيصل يعمل ما يعمله ... صامتاً في غير عيٍ أو سَأم
يسهر الليل تناجيه المنى ... من رعى آمال شَعْب لم ينم
هذه (يعرب) ضلَّت سيرها ... فهي حيرى تترامى في ظُلِم
بعضها يعثر بالبعض؛ وقد ... غرب الطالع، والليل ادْلَهَمْ
وفم (الغرب) - وأخفى شخصه - ... جاهداً ينفخ في النار الضرم
أيها الآوي إلى فردوسهّ! ... طالما أسهرتَ عينيك فنَم!
لا تخف شراً على العرب، فقد ... لَقِنَتْ مبدأك الحُرَّ الأشم
وسرى فيها، فلن يهضمها ... طامع أجنبُ، أو طاغٍ صَنَم
ولقد خلّفت فيهم (غازياً) ... علَماً يهديهمُ بعد عَلَم
لم يمت من عاش (غازي) بعده ... يرفع الملك، وللشَّعث يُلم
قم تهّيأ للقاء (المصطفى) ... جدّك المبعوث فينا بالِحكم
فسيدنيك إليه فرِحاً ... بمساعيك كباراً والخِدَم
وألق (آل البيت) وأرتع بينهم ... في كروم الخلد أمثال النَّجُمْ!
علي أحمد با كثير