مجلة الرسالة/العدد 62/بمناسبة الذكرى الأولى للملك فيصل
→ في تاريخ الأدب المصري | مجلة الرسالة - العدد 62 بمناسبة الذكرى الأولى للملك فيصل [[مؤلف:|]] |
رسول الوحدة العربية! ← |
بتاريخ: 10 - 09 - 1934 |
فقيد الأمة العربية
للشاعر القروي
لَحيُّ برغم القبر فليخسإِ الردى ... وقد سلم الغازي فلا يهنأ العدا
ولو كل موتٍ يضمنُ الخلدَ سارعت ... إليه ملوك الأرض مثنىً وموَحْدا
ولو كل حظٍ حظُ غازي من العلى ... تفاءلَ بالدنيا مُهِلُّ فأنشدا
بنيتَ له الُملكَ الذي هو أهله ... وأَطرفتَ ما هارون بالأمس أتلدا
فمكَّنت أساساً وزخرفت قبةً ... وذهَّبت آفاقاً وأطلعت فرقدا
ورمَّمت في بغداد عرشاً مهدماً ... وخلَّفت في الأكباد عرشاً مؤبدا
وما أنت إلا السيف أعقَبَ خنجراً ... بلوناهُ في الجُلَّى فكانَ المهندا
لدن أدَّب الجبَّار بالصفعةِ التي=تداول أسماعَ النجوم لها صدى
وصبَّ على رأس السفير صواعقاً ... نزلن على أكبادنا البرد والندى
رآه وقد ظلَّ الهدى فانتضى له ... يداً قدحت من عينيه النور فاهتدى
يمينَ شريفٍ تقِعد الطود قائماً ... ولو شاءت اليسرى أقامته مُقعدا
أذابت قلوبَ الخائنين وفوَّرت ... دما في عروق الإنجليز تجمدا
لَيِرْض عليك الله يا سبط أحمد ... فإنك قد أرضيت جدك أحمدا
شفيت بهذا الموقف الحر نفسه ... وزحزحت عن صدر العروبة جلمدا
وكم غضبٍ أدنى من الحلم للتقى ... وأهدى إلى المجد الرفيع من الهدى
وما شأن ملكٍ سامه العبد ذلة ... وأبرق صعلوك عليه وأرعدا.!
وكم تاج ملك صار نِيراً لربه! ... وكم صولجان عاد في العنق مِقْوَدا.!
أيزعم ذو القرنين أنك عبده=ومثلك من يلقى السلاطين أعبدا
تعَّودِ منا أن نغضَّ على القذا ... فعَّودته نسيانَ ما قد تعودا
ليعلمْ عبيد التاج أنك سيد ... تزيد به التيجان مجداً وسُؤددا
وأن قريشاً أعظم الخلق هيبة ... وأكرم أخلاقاً وأشرف محتدا
تخرّ منيعات الجبال مهابة ... لبيت على رَمل الحجاز تشيد زكى أصله قبل النبي محمد ... فكيف وقد أزكى النبيَّ محمدا
بتمكينه عهد من الله خالد ... على الدهر ما كرّ الجديدان جُددا
تشيب الثريا قبل إنذار شيبه ... ويوشك خدُّ الشمس أن يتجعدا
أفيصل أني مرسل فيك شُرَّداً ... يثبن إليك اللانهاية غُرَّدا
أكلِّفها نَوْحا فتمضي شواديا ... أوَابِيَ أن ترثيك حياً مخلدا
كأن حروف الخط أعواد جنة ... على كل فرع بلبلٌ للعلى شدا
وقلَّدتُ منها كلَّ شطرٍ مهندا ... يظل على هام العدا مجردا
إذا قرَع الراوي به سمعَ خائنٍ ... تذوَّقَ طعمَ الموت شعراً مُردَّدا
وحسب القوافي أنها فيك ألهِمت ... لأغدو بها رب البيان المسوَّدا
فقد يهب الحق الغرابَ فصاحة ... وقد يُخرِسُ البُطلُ الهزارَ المغردا
سبيلُكَ لم تسلكه إلا منورا ... وسهمكَ لم ترسله إلا مسدَّدا
وكنت لأشتات البلاد موحدا ... كما كنت في الدين الحنيف موحدا
وكنت لأجل المجد بالمال زاهداً ... وكنت لأجل العرب بالمجد أزهدا
وكم خضت لاستقلال شعبك لجة ... وكم جبت آفاقاً وكم جزت فدفدا
بعيد المنى لم تُلقِ مِرساةَ مطمحٍ ... إلى المجد إلا سامك المجد أبعدا
مشيت له تستبطئ البرق مركباً ... وأدركته تستوطئ النجم مقعدا
أرِحْ كبِداً حَمَّلتها كلَّ فادح ... من الهم يعي الشُّم لو كنَّ أكبدا
طَعامٌ على مضٍ وشربٌ على قذى ... ومشيٌ على جمرٍ ونومٌ على مُدى
تصبرَّتَ حتى الصبرُ كاليأسِ قاتل ... وحتى ذممنا في الخطوب التجلدا
صعدت جبال الألب تنشُد راحة ... وعدت كأن الألب في القلب صعَّدا
كلاكِل هّمٍ لو أنيخت (بيذبلٍ) ... لعاد (يزوفاً) يقذف الجمر والردى
خيانةُ أحلافٍ وإخلافُ ساسةٍ ... وغدر الذي أكرمَته فتمردا
مشَوا بك بين الجيش والتاجِ موكباً ... أعدَّت له نَظَّارةُ الخلد مِرصدا
فلم يرَ أهلُ الأرضِ أروعَ مشهدا ... ولم تَرعينُ الغيبِ أفظعَ مشهدا
يمدون للتسليم في لندنٍ يدا ... ويخفون للتسليح في نينوى يدا وقالوا مليك العرب في الغرب مكرَمٌ ... فقلت إذن باتَ المليكُ مهددا
نصحتك لا تمدد إلى أبرص يدا ... ولو مطرت كفاه درا وعسجدا
لأمرٍ يلقيك الفرنجيُّ باسماً ... فزد حذراً ما زاد ذئب تودُّدا
تراه صحيح الود وهو سقيمه ... كما تُكْسِبُ الحمَّى الخدود تورُّدا
حفيدَ رسول الله يا غوث أمة ... إذا استنجدت لم تلق غيرك منجدا
بكل لسان رتلت لك آية ... وكل جنان شيدت لك معبدا
أذبت عليها حبة القلب ساهراً=فسافر بحبات القلوب مزودا
الشاعر القروي
من العصبة الأندلسية