مجلة الرسالة/العدد 610/البريد الأدبي
→ رسالة الفن | مجلة الرسالة - العدد 610 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 12 - 03 - 1945 |
عالمية الاسكندر
في هذه الأيام التي يتفاوض فيها أقطاب العالم لوضع نظام عالمي أو قريب من العالمي، يضمنون به الإشراف على القوميات الختلفة، ووضعها في نظام منسجم متناسق، قد يكون من الطريف أن نشير إلى محاولة لتطبيق فكرة العالمية قام بها صاحبها منذ أثنين وعشرين قرناً أو ما يقرب من ذلك، تلك هي محاولة الاسكندر المقدوني التي أراد به أن ينفذ هذه الفكرة في النصف الثاني من القرن الرابع قبل المسيح.
لم يكن العالم الهلّيني في ذلك الوقت قد اتسع أفقه بعد ليشمل نطاقاً
أوسع من نطاق (المدينة الحرة) الذي نادى به أرسطو في (سياسته)
والذي عبر به خير تعبير عن النظام السياسي الوحيد الذي كان يدركه
العالم الهليني حينذاك.
وإذا كانت بعض المدن الإغريقية قد حاولت أن ترتفع قليلا عن هذا الأفق لتضع نظاماً أوسع، كأثينا التي حاولت أن توجد نظاماً إمبراطورياً تكون هي سيدته، فمع ذلك نجد أنها لم تستطيع أن تمتد بنظامها هذا الجديد لتشمل به شعوباً أخرى غير شعوب العالم الهليني.
فلما ظهر الاسكندر، نظر نظرة أخرى جديدة، وقام بمحاولة بعيدة عن إدراك الإغريق، أراد أن يوجد (دولة) تكون حدودها هي حدود العالم المعروف إذ ذاك، فكيف عمل على تحقيق هذه العالمية، وكيف دبر النظام الذي يستطيع به أن يضمن تناسق أجزائها، وما مدى تأثير الظروف التي أحاطت بالعالم إذ ذاك في هذا النظام، وأخيراً ما مقدار نجاحه في تحقيق فكرته؟
نظر الاسكندر حوله فوجد بين يديه فتوة وقوة يستطيع بها أن يناضل وأن يتغلب، ووجد العقبة الوحيدة التي قد تعترض طريقه، وهي الإمبراطورية الفارسية، قد تفككت وأصبحت على شفا الانهيار، وإذن فليحقق عالية عن طريق إمبراطورية يكسبها بسيفه، وليجمع بين الشرق والغرب في نظام يكون هو على رأسه، وهكذا يسيطر الاسكندر على آسيا الصغرى وسوريا وفينقيا ومصر، ثم يتوغل في آسيا حتى يصل إلى شواطئ المحيط، ويود الوصو إلى الشواطئ المقابلة لولا أن تعاجله منيته.
عمل الاسكندر إذن على أن يوجد (المادة) التي سيطبق فيها نظامه العالمي، ثم انتقل إلى دور آخر، هو تطبيق النظام نفسه، وهنا تقابله المشكلة، فلكي يضمن تحقيق فكرته لابد أن يسيطر بنفسه على إمبراطوريته، ولكن إذا كانت هذه السيطرة الإمبراطورية مما يتفق ونظم الشرق، الذي جرب قبل ذلك نظام الإمبراطورية تحت سيطرة الفراعنة والفرس، فهي مما يتناقض تناقضاً تاماً مع نظام المدينة الذي درج عليه الهلينيون والذي قامت على أساسه الحضارة الهلينية.
وإذن فالاسكندر أمام مشكلة، إن وضع نظامه على أساس المدينة الحرة فقد ضاعت سيطرته، وضاعت بالتالي فكرته الأولى التي يرمي إليها من وراء هذه السيطرة، وهي العالمية. وإن قضى، في سبيل سيطرته، على نظام المدينة الحرة، فقد قضى على الحضارة الهلينية التي قامت هذا النظام، والتي كان يرمي قبل كل شيء إلى أن تسود (عالمه) الجديد.
فليفكر الاسكندر إذن في طريقة يسيطر بها على إمبراطوريته دون أن يقضي على الأساس الأول للحضارة، الهلينية، طريقة يجمع بها بين (ملكية) الشرق و (مدينة) الغرب.
وهنا يلجأ الاسكندر إلى خير طريق يربط بين النظم والأفكار على اختلافها وتباينها، ذلك هو الطريق الديني. ليسبغ الاسكندر على نفسه سمة دينية مقدسة، يجمع بها بين سيطرة الشرق والغرب، الذي تشغل الأفكار الدينية فيه إذ ذاك المقام الأول. . .
وهكذا يسعى الاسكندر إلى أن تكتسب سيطرته شكل الحق الإلهي، بل أكثر من ذلك أن يصبح هو نفسه إلهاً.
وهكذا نراه يحج في مصر إلى معبد آمون حيث يحصل على اعتراف من الكهنة بأنه ابن الإله (آمون)، ولآمون إذ ذاك مكانته سواء في مصر أو في العالم الإغريقي، الذي أخذ في ذلك الوقت يضعه في مصاف آلهته الكبار.
ثم تراه مرة أخرى في فارس يحيط نفسه بهالة كثيفة من الطقوس الدينية، والمراسيم التي تقدم إلى النار القريبة من عرشه، والتي تمثل فكرة الحق الإلهي للملك.
هذه محاولة للعالمية قامت في القرن الرابع قبل الميلاد، وقد قضت بقضاء صاحبها، فهل تنجح محاولات العالمية في القرن العشرين؟
لطفي عبد الوهاب
تساؤل واستفهام؟
قرأت معجم الأدباء لياقوت الحموي وهو المعجم الذي قامت بطبعه دار المأمون. وبعد البحث والاستقصاء لفت نظري خلوة من كثير من الشخصيات، إذ قد وجدت أن نخبة صالحة من الرجال البارزين لم تذكر في هذا المعجم. فإما أن تكون قد ضاعت من الأصل - وهو احتمال ضعيف - وإما أن يكون ياقوت قد أغفلها، وهذا هو موضوع التساؤل.
لقد كان في جملة من أغفل ذكرهم من الشعراء والأدباء شخصيات مختارة أمثال حسان بن ثابت والأخطل والكميت وجرير وبشار والبحتري وأبى تمام والمتنبي وابن زيدون وعمر بن أبى ربيعة وابن الرومي وابن المعتز وأبى فراس ومسلم بن الوليد (وقد ذكر ترجمة ولدُه سليمان)، ومن الأدباء والرواة والفلاسفة أمثال الحسن البصري والرئيس ابن سينا وابن سيرين والإمام أحمد والإمام أبي حنيفة والإمام مالك والبخاري ومسلم وعبد الحميد الكاتب والغزالي والفارابي والرازي والأصمعي وأبى بكر الخوارزمي وابن الزيات وعلي بن الفرات وعمرو بن مسعدة وابن خفاجة والفضل بن يحيى والفضل بن الربيع والحسن بن سهل وإسماعيل بن صبيح والحسن بن وهيب وبني موسى بن شاكر وأبى الحسن الأشعري والوزير محمد بن علي بن مقلة (أشار ياقوت في ترجمته لأخي الوزير الحسن بأنه سيذكره في بابه ولكني لم أعثر على ترجمة له) وعبد الله ابن قتيبة (ذكر ياقوت ترجمة لولده أحمد) وابن المقفع ويعقوب بن إسحاق الصباح الكندي ومالك بن دينار والقاضي الفاضل وغيرهم ممن يصعب حصرهم في هذه العجالة. في حين أنه ترجم لشعراء كثيرين منهم الفرزدق وصريع الغواني وأبو دلامة وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم ممن هم دون من أغفلهم شهرة ومنزلة، وهنا موضع التساؤل؟
إذا فرض أن ياقوت قد أغفل ذكر هؤلاء أو قسماً منهم فما هو يا ترى السبب الذي حمله على إغفال أمثال هذه الصفوة المختارة؟ وما هو السر في ذلك؟ وهل من الجائز أن يقال إنه تعمد عدم الترجمة لهم أو لقسم منهم لأسباب ودواع تمت إلى سياسة حكام عصره ومسايرة ميولهم؟ تلك الميول التي ربما كانت لا تحبذ الترجمة لأحد من أولئك؟ وإذا كان كذلك فما هي تلك الميول، وهل كانت ظاهرة أمستترة؟ وما هي الدوافع لها؟ وإذا قال قائل إنه اقتصر في معجمه على شخصيات الأدباء فقط، فأقول إنه ذكر كثيرين ممن اشتهروا بالشعر دون غيره كما مر آنفاً. وقد ترجم للإمام الشافعي كما ترجم لأناس اشتهروا بالعلوم الفقهية والنحوية، أو في اللغة والقراءة. فهل لا يرى رجال الأدب اليوم أن إغفال ياقوت - إذا صح - لمثل تلك الشخصيات يعتبر نقصاً كبيراً في قيمة معجمه الأدبية، أو على الأقل إهمالا من ياقوت وغمطاً لحقوق أولئك الرجال؟ وهو يجب أن يتصف به كاتب أخذ على عاتقه تدوين حياة الناس. وإذا كان ياقوت قد قال إنه جعل معجمه قاصراً على من اشتهروا بالأدب؛ فما هو المقياس الذي يقيس به ياقوت الرجل ليكون أديباً في نظره؟ وما هو معنى الأدب عند ياقوت؟ وعلى أي شيء يشتمل؟ وهل إن الوراقين أو بعضهم - وقد حشرهم ياقوت في زمرة الأدباء - يعتبرون من الأدباء في العصر الحاضر؟
هذا بحث مقتضب جاء على عجل، إلا أنه لا يخلوا من حقائق كما أنه لا يخلوا من غوامض تريد من يزيح الستار عنها. فإلى أدباء العصر ولاسيما من عرفوا ببحوثهم القيمة واشتهروا بتحقيقاتهم العلمية والأدبية الثمينة أوجه قولي هذا راجياً أن يتفضلوا بكشف النقاب عما خفي واستغلق ولهم على ذلك شكر التاريخ وثناء الأدب والله الموفق.
(الزبير - البصرة)
احمد حمد آل صالح
شرح لامية العجم، سحر العيون، نزول الغيث
تعليقاً على ما نشره العلامة المحقق الأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي في صفحة 181 من (البريد الأدبي) للرسالة الغراء بعددها 607 بتاريخ 19 فبراير سنة 1945 تحت عنوان شرح لامية العجم - لم أقف على المصنف المذكور لصلاح الصفدي مطبوعاً في بولاق والذي أعرفه من طبعاته المتداولة طبعة معوض فريد (المطبعة الوطنية) بالإسكندرية سنة 1290هـ وأخرى طبع المطبعة الأزهرية بمصر سنة 1305هـ
أما كتاب (سحر العيون) المنسوب لأحد تلامذة شهاب الدين أحمد الحجازي الشاعر المصري أحد علماء القرن التاسع فمطبوع طبعة حجر بمصر سنة 1276هـ
ومن بواعث الأسف أن (نزول الغيث) لابن الِدماميني لا يزال مخطوطا وتوجد منه أكثر من نسخة بدار الكتب المصرية فلعل هذا التعليق يهم المتتبعين لحركة النشر من قراء الرسالة الغراء، ومن الخير أن يدوّن للحقيقة والتاريخ.
يوسف كركور
شكر وتعليق
قرأت في (الرسالة) الغراء مقالاً للناقد الشاعر الأستاذ محمد عبد الغني حسن عن كتابي (محمد عبده) الذي ظهر منذ شهور في سلسلة (أعلام الإسلام) فوددت أن أوجه إلى الناقد الفاضل أحسن التحية للروح الجميلة التي أملت عليه مقاله الكريم الذي خصني فيه بكلمات طيبات، مما شاء له أدبه الجم وفضله الموفور. وودت أن أنوه أيضاً بسماحته وإنصافه، وهما خصلتان شريفتان من بين خصال أخرى محمودة تجلت في نقده لكتابي.
والواقع أن ما أورده صديقنا الأستاذ من ملاحظات على كتابي هو الحق البريء من الشبهات؛ وليس يسعني هنا إلا أن أهنئه على ما حباه الله من حدس صائب وذوق سليم.
غير أن لي تعليقًا على ملاحظتين وردتا في ثنايا المقال، وأرجو من هذا التعليق أن أبين الحقيقة فيما يتصل برسالة لي عن الأستاذ الإمام كتبتها أثناء بعثتي بأوربا، وقدمتها إلى السربون لنيل الدكتوراه في الفلسفة من تلك الجامعة، وتقوم وزارة المعارف المصرية بطبع تلك الرسالة وستظهر قريباً باللغة الفرنسية. وقد ظن الأستاذ محمد عبد الغني حسن كما ظن غيره أن كتابي عن (محمد عبده) في سلسلة أعلام الإسلام موجز لرسالة الدكتوراه، والواقع غير ذلك: فإن عنايتي في رسالتي الفرنسية كانت موجهة كلها إلى (آراء محمد عبده الفلسفية والدينية)، وبعبارة أخرى إلى فلسفة الأستاذ الإمام ومذهبه في الدين والأخلاق والاجتماع.
ولم يظهر من هذا البحث بالعربية إلا فصول مختصرة قلائل نشرت في (الرسالة) و (الثقافة) و (مجلة الأزهر) و (مجلة العلوم) أما (محمد عبده) في (أعلام الإسلام) فقد كتب خصيصاً لهذه السلسلة، ولم أقصد منه إلا التعريف بسيرة الرجل كما كان، لا كما يريده بعض الناس أن يكون. وهذا ما أدركه الأستاذ محمد عبد الغني حسن، وكشف عنه بإشارات ألمعية وبيان نفاذ. وما أحسبني إلا قد انتهجت لهذه الغاية طريقا سويا مفتوحا لا عوج فيه ولا يحوجنا إلى بدعة (المفاتيح) هذه التي يجري وراءها بعض (المحدثين) في هذه الأيام.
أما ما استدركه الأستاذ الناقد من أنني لم أشر إلى المراجع التي وردت فيها أقوال من استشهدت بهم، فاستدراك ينصب لا على كتابي وحده، بل على أكثر الكتب التي ظهرت إلى الآن في سلسلة (أعلام الإسلام): لأن المجال أمام المؤلفين ضيق محدود، وهم كما رأى الأستاذ نفسه، (مقيدون بقدر الصفحات لا يتعدون حدوده). وأنا أؤكد لصديقي عبد الغني حسن أن هذا القيد الذي أشار إليه كان أثقل على نفسي من أي شيء سواه.
أما ما لاحظه الأستاذ عبد الغني من ورود بعض الأعلام بالحروف الأول دون ذكرها كاملة فمرجعه إلى أن تلك الأسماء إنما أوردتها كما هي في نصوص من كلام محمد عبده نفسه، ولم يكن يسعني أن أغير فيها ما دمت أنقلها اقتباسا (وقد وضعتها بين أقواس صغيرة إشارة إلى هذا)، ولم يكن ثمة حاجة ملحة للكشف عنها لأنها أسماء أشخاص مغمورين ممن لا خطر لهم وان كانوا من أصحاب المناصب الكبيرة. وعندي أنه كان من الميسور إغفال أسمائهم بالمرة، دون أن يؤثر ذلك في سياق الكلام أو يقلل من مغزى الرواية.
وأود أخيراً أن أوجه خالص الشكر إلى صاحب (الرسالة) الذي هيأ لنا هذه الفرصة الممتعة للوقوف على مثال طيب من النقد النزيه الصادر عن خلوص النية وسداد النظرة وصدق الشعور.
عثمان أمين
الحوماني في فلسطين
هبط فلسطين منذ أيام الأستاذ محمد الحوماني صاحب مجلة (العروبة) في بيروت، وناظم ديوان (حواء)، وناقل رسالة الأدب العربي إلى أمريكا. وقد احتفل به جماعة الأدباء في يافا، وألقى مختارات من شعره في قاعة المعهد البريطاني هناك. وأقامت له اللجنة الثقافية في جمعية الشبان المسيحية في القدس حفلة دعي إليها جمهور غفير من المثقفين، وأنشدهم في نهايتها كثيراً من قصائده العصماء.
حول كتاب (الفاروق عمر)
لا نريد أن نعرض هنا لتقريظ كتاب (الفاروق عمر) لسعادة الدكتور هيكل باشا، ولا لنقده، فذلك أمر لم يحن حينه، وإنما نحب أن ننبه وهم لغوي وقع في عنوان الكتاب، ذلك أن أصحاب اللغة من بصريين وكوفيين، نصوا على أن الاسم يتقدم على اللقب في جميع الأحوال، فيقال: (عمر الفاروق) ولا يقال (الفاروق عمر).
ويبدو أن الكاتب الكبير قاس اسم مؤلفه الجديد على اسم الكتاب السابق له المعنونَ (الصديق أبو بكر) ولا قياس في هذا، حيث لم تنص كتب اللغة على الترتيب بين اللقب والكنية كما نصت على الترتيب بين الاسم واللقب. ولعل سعادة الدكتور هيكل باشا يتدارك هذا الأمر في الطبعة الثانية من الكتاب، وفقه الله.
(الرمل)
منصور جاب الله