الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 608/هذا العالم المتغير

مجلة الرسالة/العدد 608/هذا العالم المتغير

مجلة الرسالة - العدد 608
هذا العالم المتغير
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 26 - 02 - 1945


للأستاذ فوزي الشتوي

سكر وكحول من النشارة

كم من نشارة الخشب والمواد النباتية نلقي كل يوم؟ إننا نحاول لاستغلالها في إشعال الأفران. فهل نحصل على أكمل فائدة منها؟

نتخلص كل يوم من أطنان من المواد النباتية. وينظر الكيماوي إلى هذه المواد أسفا لأنه لم يتوصل إلى طريقة يستطيع بها إعادة ترتيب عناصرها الأولية فيخرج منها مواد ضرورية للحياة. فهو يعرف أنها تتكون من كربون وإيدروجين وأكسوجين. وبعضها العناصر الأساسية في السكر والكحول والبترول.

والعقبة الكبرى هي إعادة هذا التكوين بطريقة تجارية نقلل نفقات صنعها حتى تصلح للاستهلاك العادي. وقد تمكن 12 عالما أميركيا في صيف السنة الماضية من تذليل هذه الصعوبة فحولوا نشارة الخشب إلى كحول وسكر. فمن 500 رطل من النشارة العادية حصلوا على 250 رطلا من السكر في 8 ساعات وحولت الأخيرة بدورها إلى 12 جالونا ونصفا من الكحول في 24 ساعة

ومعنى هذا أن الطن من النشارة يتحول إلى نصف طن من السكر أو 50 جالونا من أثيل الكحول. وهو غير المادة الكحولية المعروفة باسم ميثل وهي سامة وتستخرج من الخشب أيضا؟

ومن المعروف أن استخراج الكحول من الخشب عملية قديمة. على أن النجاح الذي أحرزه العلماء أخيراً كان استخراجه بنفقات زهيدة، فلم يتجاوز إنتاج الجالون 50 مليما، وفي زمن قصير، إذ تيسر إنتاجه في ثلث المدة السابقة

وكان هذا الكشف العلمي عاملا قويا ساعد على سد الحاجات العسكرية والمدنية في الولايات المتحدة التي قدر استهلاكها في السنة بـ 640 مليون جالون ينفذ منها في صناعة المطاط الصناعي 330 مليونا ويوزع الباقي على صناعات المفرقعات والنسج وغيرها، ولا تنتج هذه البلاد في الواقع إلا 590 مليونا فأتاح لها هذا الاكتشاف تعويض النقص

وتقدر نشارة الخشب التي تتخلص منها المصانع بالحريق بـ 30 مليون طن يكفي أقل من نصفها لإنتاج كل حاجة الولايات المتحدة العسكرية والمدنية

ووضع الفنيون تصميمات مصانع إنتاج الكحول من نشارة الخشب فقدرت نفقات واحد منها ينتج 150 مليون جالون في السنة بمبلغ 18 مليون جنيه. وقدروا إنه باستهلاك مخلفات النشارة كوقود يخفضون تكاليف الإنتاج بنسبة 20 إلى 25 %

فترة النقه وأسبابها

من أعقد المسائل التي يواجهها الطبيب ومريضه فترة النقاهة فان جميع أسباب العلة تزول، ومع ذلك يظل المريض فترة قد تصل إلى أسابيع يشعر أثناءها بارتخاء في أعصابه وعدم قابلية للعمل أو الحركة. فلماذا ينتاب الإنسان هذا الإحساس؟

لم يستطع أحد حتى الآن تفسير هذه الظاهرة وان كانت تعلل بأسباب مختلفة لم يقتنع بها الطب. ولهذا عكف بعض الأطباء على دراسة هذه الظاهرة دراسة عمية حتى يوفروا على المرضى كثيراً من سأم دور النقه

ويشرح الدكتور ريتشاردز الحالة بأنه عندما يصاب الإنسان بجرح أو مرض فان الضرر لا يؤثر في العضو المصاب وحده بل يشمل كل أعضاء الجسم، فيقل تركيز الدم، ويتأثر الجهاز العصبي، وتختل نظم التغذية لمدة طويلة لا يعتبر فيها المريض معافى ألا أن عادت إلى حالتها الطبيعية.

ويبحث الأطباء الآن في العلاقة بين هذه الظواهر ليتوصلوا إلى تقرير ما يجب عمله في أدوار النقة للمرضى

القهوة وقرح المعدة

أعلن ثلاثة من الأطباء في اجتماع الجمعية الطبية الأميركية أنه من الميسور معرقة الأشخاص المعرضين للإصابة بقرح المعدة بواسطة شرب القهوة. فقد وجدوا أن شراب القهوة يؤثر تأثيراً ضاراً على شخص من كل عشرة أشخاص من المصابين بالقرح أو المعرضين للإصابة بها.

فإن المعدة تتأثر بشراب القهوة وتفرز حامضاً قويا غنياً بالببسين، وهذا التأثير سريع الزوال في الأشخاص العاديين بينما يطول أمده في الأشخاص المصابين بقرح المعدة أو المعرضين للإصابة بها، ومن ثم يستطيع الطبيب أن يدرك استعداد الإنسان للإصابة بهذا المرض. وجرب مفعول مخدر القهوة على مجموعة من القطط بحقنه في عضلاتها فأصيب منها 40 إلى 50 في المائة بقرح المعدة.

ويعتبر الأطباء من يتناول أربع أو خمس فناجين قهوة في اليوم من المدمنين. ومن السهل تخفيف أضرارها بإضافة السكر أو الكريمة إليها، أو بتناولها مع الطعام فان هذه المواد تخفف حدة تأثيرها إلى 60 في المائة. فإذا اعتبرنا القهوة التركية السوداء 100 % فان تأثير القهوة الفرنساوي يكون 90 % والشاي 60 %

ويقول أحد الأطباء إن في القهوة عاملين يؤثران على الإنسان: أحدهما يؤثر على المخ والجهاز العصبي وهو الذي يؤدي إلى حالة الصحو، والآخر يؤثر على خلايا المعدة مباشرة وهو الذي يؤدي إلى حالة قرح المعدة أو يبين استعداد الإنسان للإصابة بها.

أنف بدل المفقود

تقدمت جراحة التجميل خلال هذه الحرب خطوات واسعة فتيسر بها إعادة كثير من الوجوه إلى حالتها الطبيعية. والفضل الأكبر في هذا التقدم يرجع إلى اكتشاف الأطباء لكثير من المعلومات الهامة عن المخدرات وفن (التبنيج) مما أتاح لهم حرية العمل في عملية واحدة لمدة أربع سنوات متواصلة مما كان يبدو مستحيلا منذ 25 سنة.

ويتعرض الإنسان في هذه العمليات إلى عدة مضاعفات مثل فقد الدم وتسمم الجروح وتيسر تعويض دم المصاب بنقله إليه من الخارج، كما منع اكتشاف البنسلين حوادث التسمم.

وليس معنى هذا أن الطب يستطيع تعديل تقاطيع الوجه كما يعدل المثال في قطعة من طين، فلم يوفق جراحو التجميل إلى تركيب أنف أو فك أحسن من الأنف أو الفك الأصليين، حقيقة إن وفرة المصابين في القتال أتاحت لهم إجراء عدة عمليات لم تكن معقولة فأعادوا لبعض الجنود أنوفا غير التي فقدوها في الميدان ولكنها لم تكن في إتقان الطبيعية

وتستطيع جراحة التجميل بما تستعمل من حيل إعادة الجلد المحروق والمتسلخ إلى طبيعته، فان كان كثيراً فأنها لا تضمن أن تترك فيه أثر المشرط لعدة أسباب، منها أن شرائح الجلد المأخوذة من أجزاء أخرى من الجسم تختلف في لونها وسمكها وبنائها عن جلد بشرة الوجه، فان كان الحرق أو التسلخ عميقاً حتى يتلف أنسجة الأعصاب فمن الصعب إصلاحه

واستطاع أحد العلماء ابتكار آلة دقيقة تقطع شرائح اللحم بأي سمك يطلب منها حتى تتفق مع المكان الذي ستوضع فيه فلا تكون سميكة ولا رفيعة

مواد التلوين والصناعة

المواد الكيماوية المستعملة في تلوين الأحذية والكتب من المسائل الهامة الآن لحفظها أطول مدة ممكنة، فكلما احتفظ الجلد بكمية وافرة من الحوامض كلما عاش مدة أطول، ولكن العكس مطلوب في صناعة ورق الكتب الثمينة، إذ يجب أن يحتوى على كمية من القلويات فان الحوامض المبيضة تتلف الورق.

وتتناول الأبحاث الأخيرة في التلوين عدة صناعات وزراعات من الألبان المحفوظة إلى الزهور. فقد وجد أحد الكيميائيين أن الورد الأحمر وزهر القمح الأزرق يتلون في الطبيعة بنفس المواد. ومع ذلك فلوناهما مختلفان. ويرجع ذلك إلى أن خلايا الورد تغلب عليها المركبات الحمضية، بينما خلايا زهور القمح تغلب عليها المركبات القلوية. وبتفاعل المادة الملونة مع أحماض الوردة ينتج اللون الأحمر. أما تفاعل نفس المادة مع قلويات الزهرة فينتج اللون الأزرق.

واستنبطت من هذه النظرية عدة قواعد هامة في تلوين المنسوجات، ومنع مواسير المياه من الصدأ، وفي صناعة حفظ الأغذية في الأوعية المعدنية.

ونال البسكويت نصيبه من الأبحاث الجديدة، فوجد أن لونه يسمر إن كانت القلويات كثيرة في الدقيق، ويبيض ويصير هشا إن زادت كمية الأحماض في العجينة

فوزي الشتوي