مجلة الرسالة/العدد 449/من وحي النبي
→ متى النور يا ظلمات | مجلة الرسالة - العدد 449 من وحي النبي [[مؤلف:|]] |
العام الهجري ← |
بتاريخ: 09 - 02 - 1942 |
معجزة العنكبوت
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
(مشهد غنائي تنبع موسيقاه من الغار الذي أوى إليه النبي
العربي الخالد مع صفيه (الصديق) في جبل (ثور) خوفاً من
أذى المشركين الذين اقتفوا أثر (المصطفى) في طريقه إلى
المدينة يوم الهجرة).
(أبطال المشهد: العنكبوت، الحمامتان، الثعبان)
العنكبوت يغني (وهو ينسج خيوطه بعد أن دخل النبي وصديقه الغار):
في سَبِيل اللهِ دَورِي ... يَا خُيُوطِي فيِ الأَثِيرِ
أَناَ نَسَّاجُ الُحْصُونِ الشُّ ... مَّ مِنْ أَوْهَى السُتُورِ
وَقَفَ الدَّهْرُ عَلَى باَ ... بِيَ مَذْعُورَ الضَّمِيرِ
وَحِجَابُ الشَّمسِ لاَ قاَ ... نِي بِأَجْفاَنِ الضَّريرِ
وَالضَّحى حَرَّ كَلَيْلٍ ... فَوْقَ أَعْتَابِي أَسِيرِ
أَناَ شَكٌّ جَاَء يَحْميِ ... كُلَّ إيمَانِ الدُّهُورِ
أرْسَلَتْنِي قُدْرَةُ الل ... هِ أَمَانَ الْمُستْجَيِرِ!
قَدْ وَهَي بَيْتِي. . . وَلكِنْ ... صَارَ مِحْرَابَ الْعُصُورِ
بِالّذِي أَخْفَي مِن الأَنْ ... وَارَ في وَجْهِ الْبَشِيِر. . .
فَرْفَعِي ياَ حِكْمَتِي سَدَّاً ... عَلَي بَطْشِ الْمِغيرِ
وَتَغَنَّىْ ياَ خُيُوطِي ... ثُمَّ دُوريِ! تُمَّ دُورِى!
الحمامة لأختها (وقد وجدنا نفسها فجأة على باب الغار يقفان يفقسان ويسمعان نشيد العنكبوت):
أَخْتَاهُ! مَاذَا دَهَاناَ ... فَلَمْ نَعُدْ فِي حِملاَناَ؟! مَاذَا؟! رِمَالٌ، وَنُورٌ ... وَعَنْكبَوُتٌ شَجَاعاَ. . .
وَالْبِيدُ قَلْبٌ تَرَامَي ... عَلَي الثّرَى حَيْرَاناَ
وَسَامِعٌ، وَمُنَادٍ ... وَأَعْيُنٌ لاَ تَرَاناَ
وَضَجَّةٌ فِي الْفَيَاَفِي ... حَسِبْتُهاَ بُرْكاَناَ
لَعَلَّ رِيحاً عَتِياَّ ... عَلَى الَّخُورِ رَمَاناَ
فَضَلَّلَتَنْناَ خُطاناَ ... وَأَوْحَشَتْنا رُباَناَ
أُخْتَاهُ! مَاذَا؟. . .
الحمامة الثانية:
. . . . . . رُوَيداً ... فَقَدْ ضلَلْتِ الْبَياناَ
فَمَا تَرَكْناَ رُباَناَ ... لَكِنْ هَجَرْناَ الزَّمَاناَ
لِذلِكَ الْغَارِ جِئْناَ ... نُلْقِي عَلَيْهِ الأَمَاناَ
فَفِيهِ هَاَلةُ نُورٍ ... تُفجَّرُ اْلإيَماناَ
طاَفَتْ بِمَكَّةَ حِيناً ... فّدَكَّتِ الطُّغْياناَ
وَلاَحَ مِنْهاَ شُعَاعٌ ... يُكَبْكِبُ الأّوْثاناَ
فَالْمشرِكُونَ لَدَيْهاَ ... مُسَهُمونَ حَزَانَى
خَرُّوا سُجُوداً، وَأَرْخَوْا ... لِصَفْحَتَيْهاَ الْعِنَاناَ!
إلاّ بَقاَياَ ضَلاَلِ ... تُسَاوِرُ الْعُمْياناَ
سَاقَتْ إلى النُّورِ جَيْشاً ... مُفَزَّعاً، غَضْبِاناَ
فهَاَجَرَ النُّورُ حَتَّى ... أَلْقَى الْعَصَا فِي حِمَاناَ
ضَيْفٌ! وَكُلُّ الْبَرَاياَ ... فِي حُبَّهِ تَتَفاَنى. . .
فالْعَنْكَبُوتُ يُغَنَّي ... وَيَنْسِجُ النَّسْيَاناَ
وَنَحنُ نُلْقِي نَشِيداً ... نُشْجِي بِهِ الأَكْوَاناَ
وَنَسْحَرُ الَجْيشَ حَتَّى ... يَفِررَّ حِينَ يَرَاناَ
هَيَّا نُغَنَّي. . .
الحمامة الأولى: وَهَيَّا ... نُرَقَّصُ الْعيِدَاناَ. . .
تغنيان معاً:
نَحْنُ بأرْضِ الْعَرَبِ ... حَارِسَتَانِ لِلنَّبيِ
مِنْ وَحْيِهِ، وَطُهْرِهِ ... وَنُورِهِ الْمُحَجَّبِ
نُذيِعُ لِلدُّنْياَ صَدىً ... بِمِثْلِهِ لَمْ تَطْرَبِ. . .
نَحْنُ لِمَبْعُوثِ السَّماَ ... أَقْدَسُ طَيْرٍ رَنَّمَا
غَريِبَتَانِ حَلَّتَا ... أَطْهَرَ وَادٍ فِي الْحِمى
فَغَنَّتَا لِدِيِنهِ ... لحْنَاً يُذِيبُ الصَّنَماَ. . .
الثعبان: (خاشعاً مطرقاً بين يدي المصطفى بعد أن لدغ الصديق):
نبِيَّ اللهِ. . . ياَ هَادِي ... وَياَ تَرْنِيمَةَ الَحْادِي
وَياَ تَسْبِيحَهَ الْكُثْبا ... نِ، وَالرُّكْبَانِ فِي الْوادِي
وَياَ تَوْبَةَ آثَامِ اللَّ ... يَاليِ. . . تاَبِ إِنْشَادِي
وَجِئْتُكَ خَاشِعاً. . . مَاتَتْ ... نَوَافِثُ سُمَّىَ الْعادِي
وَصَاحَ بِقَلْبِيَ الْغُفْرَا ... ن صَيْحَةَ مُغْرَقٍ صَادِ
أَغِثْ لَهَفِي! وَطَهَّرْ ناَ ... رَ تَسْبِيحِي وَأَوْرَادِي
لَدَغْتُ صَفِيَّكَ (الصَّدَّ ... يقَ) حِينْ هَفاَ لإبعاَدِي
وَخِفْتُ أَذُوق حِرْمَانَ السَّ ... ناَ مِنْ طَيْفِكَ الَهادِي
((سراقة) يمر على الغار ممتطياً جواده متقصياً أثر النبي. . . فضلله بيت العنكبوت وطمأنينة الحمام. . . فأعرض عن باب الغار وعاد خائباً. . .!)
(لها بقية)
محمود حسن إسماعيل