مجلة الرسالة/العدد 386/بين أثينا وبين روما
→ الحرب في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 386 بين أثينا وبين روما [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 25 - 11 - 1940 |
للأستاذ عبد اللطيف النشار
بين (أثينا) وبين (روما) ... تغوص بالفكر أم تطير؟
في ظلمات بِقاعِ يمٍّ ... ليس بها ذَرَّة تنير
تختنق العين في دجاها ... والنفس والروح والضمير
فتلك (روما) التي يباهي ... بمجدها جيلها الأخير
ضخامة ما لها رواء ... ينكرها الحس والشعور
يا زهرة ما لها عبير ... في ظلك الضيقُ والنفور
يا زمناً لم يزل يدور ... مبدأ روما هو المصير
شعب ضعيف يسير كرها ... كما يرى حاكم كبير
هيهات هيهات يا أثينا ... لن تقبلي الحكم إذ يجور
دنيا من الحسن يا أثينا ... لا برحت شمسها تنير
يريد إطفاءها غشوم ... هذا لعمري هو الغرور
قد عاش حراً ومات حراً ... ذلكمو الشاكر الصبور
وأرث سقراط في حجاه ... تعجز عن كيده الدهور
في الحرب والسلم يا أثينا ... تشرق في جوك البدور
فيك بشير بكل ما لم ... يأت بمصر له بشير
لو لم تكن مصر لي بلاداً ... لقلت في أرضك النشور
لبيك لبيك يا أثينا ... أسمعني صوتُك الجهير
ما جن (بيرون) في هواها ... لكنه شاعر بصير
طلع الفجر. . .
للأستاذ أمين عزت الهجين
طلع الفجر يا حبيبي وغنى الط ... ير بين الغصون لحن الصباح
فاصح يا حلو، قد صحا الور ... د وطاف النسيم بالأقداح خمرة هوت الغصون فمالت ... تتناجى تناجِيَ الأرواح
هاهو الغصن على الغصن يميلْ
والفراشات جرت بين الحقول
وحلت جلستنا تحت النخيل
هاهي الأزهار حولي ابتسمت ... ذكرتني بك فاشتقت إليك
فتعال إن روحي ظمئت ... والكؤوس وامتلأت بين يديك
أيها الساحر ماذا فعلتْ ... بفؤادي مقلتاك
صفق القلب وروحي سكرت ... حينما لاح بهاك
وهموم العيش يا بدري ومَضَت ... كلها عند لقاك
يا حبيبي كتب الله لنا ... أن تُقضى في الهوى أعمارنا
فتعال إنه يوم الهنا ... يا حبيبي. . . . . .
هاهي الأطيار تشدو حولنا ... وتغني للروابي حبنا
أنت دنياي ودنياك أنا ... يا حبيبي. . . . . .
ساعة في العمر تقضيها معي ... لا أبالي بعدها ماذا يكون
فإذا ما حان يوماً مصرعي ... وبدت في الأفق أطياف المنون
سوف لا أذكر إلا قبلة ... منك توجتَ بها هذا الجبين
ما أكذب الأحلام
للأستاذ فؤاد بليبل
لاَ الحُبُّ عَادَ وَلاَ جَمَالُكِ دَامَا ... فَعَلاَمَ أشْقَي في هَوَاكُ عَلامَا؟
أَغْرَيْتِنِي بِالمَالِ حَتَّى خِلُتني ... نِلْتُ المَرَامَ وما قَضَيتُ مَراما
خَاب الرَّجَاءُ فَيَا لَشَقْوَةِ شَاعِر ... ضَلَّ الحِسَاب وَأخْطَأَ الأرْقاما
وَقَفَ الحياةَ عَلَى الدُّمَى مُتَجَرِّداَ ... مِنْ قَلْبِهِ وَتَعَشَّقَ الأصْنَاما
وَمَضَى يُخَادِعُ نَفْسَهُ في وَصْلِهِ ... مَنِ لا يُحِبُّ وَهَجْرِهِ الآراما
أغْرَتْكِ مِنْهُ صَبْوَةٌ كَذَّابَةٌ ... فحسبتِهِ بِهَوَاكِ جُنَّ هُيَاما وَسَبَتْكِ رِقَّتُهُ وَعَذْبُ بَيَانِهِ ... فَظَنَنْتِهِ أرْعَى الأنَامِ ذِماماً
هَلْ كانَ حُبُّكِ غَيْرَ طَيْفٍ عابرٍ ... نَادى الغُرورُ بهِ فَزَارَ لِماما
حُلْمٌ مِنَ الأحْلاَمِ مرَّ بخَاطِري ... يَوْماً وأجْفَلَ مُعْرِضاً أعْواما
حُلٌم تَوَسْمتُ المسرَّةَ وَالرِّضا ... فيه، فكانَ كآبةً وَخِصَاما
حُلْمٌ، رَجَوتُ به الشِّفاَء وَلم أكُنْ ... لا أظُنَّ أن الَّداَء كانَ عقاما
حُلْمٌ، نَعَمْ حُلْمٌ تَصَرَّمَ وانْقَضَتْ ... أوْهَامُهُ، ما أكذَبَ الأحْلاَما
أغْنِيَّةُ الحُبِّ الذي ألهَمْتني ... أسْرَارَه، فَنَظَمْتُهَا أنغاماً
ماتَتْ عَلَى شفَتَيَّ حَتىَّ أصْبَحَتْ ... أنْاتِ حُزْنٍ تَبْعَثُ الآلاما
يا خَيْبَةَ الآمالِ كيفَ تَصَرَّمَتَ ... لم تشفِ جُرْحاً، أو تبلَّ أوَاما
خِلْتُ السَّعَادَةَ فِي غَنَاكِ حَقِيقةً ... وَطلبتُهَا، فَوَجَدْتُها أوْهَاما
والمالُ! ساَء المالَ! كم مِنْ شاعِر ... لَمَحَ الرَّدَى بِبَرِيِقِه فَتَعَامَى
ليسَ السَّعَادَةُ أنْ تعِيشَ عَلَى الِقلَى ... إنَّ السَّعَادَةَ أن تَموت غَرَاماً