مجلة الرسالة/العدد 347/من هنا ومن هناك
→ شجاعة المرأة الكردية | مجلة الرسالة - العدد 347 من هنا ومن هناك [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 26 - 02 - 1940 |
إلى أين تتجه إيطاليا؟
(ملخصة عن (ذي كونتمبوراري رفيو))
مهما قيل في تصريح الحكومة الإيطالية في بدء الحرب عن التزامها طريق الحياد، فمما لاشك فيه أن هذا التصريح قد قوبل بالثقة التامة داخل إيطاليا وخارجها.
وقد كانت الصحافة الإيطالية صريحة في التعبير عن نيات موسوليني في حماية المصالح الإيطالية الخاصة. فكتبت جريدة (رجيم فاشستا) بعد إعلان الحرب ببضعة أيام تقول:
(إن إيطاليا ستفي بتعهداتها ولاشك، ولكن في حدود مصالحها الخاصة التي تضعها الحكومة فوق كل اعتبار، وتنظر إليها كما تنظر إلى النجم القطبي، كلما أرادت تحريك الدفة لتوجيه سفينة البلاد. فما هي مصلحة إيطاليا في الموقف الحاضر؟ قد تنضم إيطاليا إلى ألمانيا وروسيا ضد الحلفاء، ولكن الحكومة الفاشستية لا تخطو هذه الخطوة إلا إذا كانت على ثقة تامة من انتصار الدكتاتوريات الثلاث على الديمقراطية الغربية. وإذا صح هذا الفرض، فإن إيطاليا ستعجز عن الوقوف أمام ألمانيا وروسيا إذا أرادت أن تطالب بنصيبها من الغنيمة في البحر الأبيض المتوسط والمستعمرات باعتبارهما صاحبتي السلطة الحقيقية في أوربا وما يتبعها من البلاد. وسوف تنال روسيا ما تريده من آسيا والبلقان فضلاً عما نالته فعلاً في بولندا وولايات بحر البلطيق، وتترك إيطاليا لتلعب دوراً آخر تكون فيه سياستها الخارجية المالية والاستعمارية والثقافية، تابعة لأهواء الألمان المنتصرين.
وهناك الفرض الآخر وهو الأكثر احتمالاً: وهو انتصار الدول الديمقراطية. وفي هذه الحالة تستطيع إيطاليا أن تختار بين صداقة الأمم المنتصرة كما يدل سلوكها مدة الحرب، ومعارضة يدفعها إليها شيء من عدم الثقة، الذي قد يبعثه غموض الموقف ويضاعف تأثيره اختلاف المبادئ السياسية. . . وإذا كنا لا نستطيع أن نصل إلى حل هذه المشكلة التي يرجع أمرها إلى الظروف والأحوال التي تظهر بعد الحرب، فإننا نستطيع أن نحلق حولها، ونلم بأطرافها
إن الذين يقدرون مستقبل الشعوب بالنظر إلى قواها المادية، ويهملون تقدير القيم الأدبية والأخلاقية، يخدعون أنفسهم في الحقيقة، فهذه القيم هي مصدر النصر في النهاية، إذ الدافع الروحي قوة لا يستهان بها في حياة الأمم
لذلك يرى رجال السياسة الذين يستمتعون بالنظر البعيد، أن يكون إلى جانب حرب السلاح حرب المبادئ والأفكار. يجب أن يعرف المحاربون أنهم يحاربون للمحافظة على القيم الأخلاقية لا للاستيلاء على الأرض والمادة. يجب أن يعرفوا أنهم يحاربون للحرية الإنسانية والدفاع عن الضعفاء والمظلومين
لقد كنا نقول في سنة 1914 إن الحرب قائمة لإنهاء الحرب، ولكنا اليوم نقول: إن الحرب قائمة للدفاع عن الوحدة الأوربية وسلامتها. . .
فهل تستطيع إيطاليا أن تقف أمام أوربا المنتصرة، لتعارض مبادئ الحرية والعدالة التي تدعو إليها بعد الحرب؟. الجواب: لا
العمل والعمال في تركيا
(ملخصة عن (لاجورنال دي روبيه))
ليس في تركيا إنسان واحد بغير عمل، فكلمة (متعطل) لا وجود لها في قاموس اللغة التركية اليوم. فإذا وجد رجل بغير عمل فمعنى ذلك أنه يغير العمل الذي كان يشتغل فيه. ولا يستغرق (تغيير العمل) أكثر من ثلاثة أسابيع على أكبر تقدير. إذ يذهب الرجل أو المرأة ممن يريدون (تغيير العمل) إلى مكتب خاص صباح كل يوم من هذه الأسابيع الثلاثة فيوكل إليه عمل مؤقت يقوم به ريثما يعين له العمل الدائم. وهكذا أصبحت تركيا الحديثة لا تعرف الكسل ولا الخمول
ولا تعرف تركيا كلمة الحرمان من الحقوق الاجتماعية، فجميع الحقوق التي للرجل تتمتع بها النساء. أما الرجال فقد فقدوا سلطانهم القديم على المرأة. وإن كانت لا تزال لهم بعض المزايا على وجه العموم، إلا أن المرأة على الرغم من الجهود التي بذلت بشأنها لا تزال متأخرة عن الرجل في ميدان الحياة العامة. . . إنني ممن يؤمنون بحرية المرأة؛ إلا أن التجارب العديدة قد برهنت لسوء الحظ على تفوق الرجل على المرأة. وقد أتيح لي كرئيس لإحدى قوات لطيران أن أضع تحت رآستي خليطاً من الرجال والنساء، فلم أجد من يدرك فهم ضرورة النظام بين النساء إلا النذر القليل، وغالبهن ممن يمتزن في الأصل بالذكاء الشديد، بينما يبرهن الرجال جميعاً حتى الذين لم يرزقوا من الفهم إلا الشيء القليل على فهمهم للنظام وخضوعهم له
لقد جربت الجوع في الأيام الخالية، ولكني لا أجد الآن تركياً واحداً يعرف الجوع.
وإذا كنت الإحصاءات الرسمية قد دلت على أن عدداً يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف من الأتراك كانوا يموتون جوعاً كل عام، فقد ثبت أنه لم يمت في خمس السنين الأخيرة تركي واحد بعامل الجوع
وتقوم الحكومة التركية بالإشراف على غذاء كل عائلة، وفحصه من الناحية الصحية مرة كل شهرين. وتكلف رب كل عائلة بتقديم بطاقة عن حالة أفراد عائلته الصحية فرداً فرداً إلى السلطات المختصة مرة كل شهر
وتلتزم الفتاة التركية التي تصل إلى الثانية عشرة من سنها بدراسة منهاج خاص في الأحوال الصحية وتربية الأطفال. ولا يباح الزواج لفتيات إلا إذا اجتزن امتحاناً خاصاً في هاتين المادتين. وقد زاد عدد المواليد في بعض المدن التركية إلى 30 في المائة للعناية الفائقة التي تبذلها الحكومة
وقد بلغ عدد الأتراك الذين يحملون شهادات بإتقان القراءة والكتابة من الذين ولدوا منذ سنة 1918، 95 في المائة من الفتيان والفتيات، ويزاد صداق المرأة في تركيا بمقدار التفوق الذي تظهره في خدمة بلادها.
أما عدد الجرائم والمجرمين فقد نقص إلى حد عظيم في السنين الأخيرة. . .
أليس هذا جميعه دليلاً على أن تركيا تسير بخطوات واسعة نحو التقدم والفلاح؟