الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 301/رواية المصاهرة

مجلة الرسالة/العدد 301/رواية المصاهرة

مجلة الرسالة - العدد 301
رواية المصاهرة
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 10 - 04 - 1939


بمناسبة زواج حضرة صاحبة السمو الملكي الأميرة فوزية

للأستاذ محمود غنيم

1 - تتألف الرواية من فصلين: زمن الأول قبل الميلاد بنحو خمسة قرون، وزمن الثاني عصرنا الحاضر

2 - أشخاص الرواية:

الفصل الأول

(1) ملك الفرس (2) حاشية ملك الفرس وعلى رأسهم الوزير (3) ملك مصر (4) حاشية ملك مصر وعلى رأسهم الوزير (5) عراف مصري قديم (6) حاجب الملك

الفصل الثاني

(1) ضابط مصري مع فرقة من جنوده

(2) ضابط إيراني مع فرقة من جنوده

(3) جندي يلتقط ورقة من ورق البردي

(4) جندي معه صحيفة تتضمن نبأ المصاهرة الملكية الحديثة

الفصل الأول

المنظر الأول

كسرى وحاشيته المكونة من أربعة أشخاص منهم: الوزير. المكان: إيوان كسرى. الزمان: قبل الميلاد بنحو خمسة قرون

كسرى (يفتخر):

أنا للحُكم والحِكَمْ ... أنا للبأس والكَرَمْ

إنّ عرشي على السها ... قائمٌ راسخُ القَدَمْ

هل درى الدهرُ من أنا؟ ... إنني سيد العجم

إنما يخضع الزما ... ن لكسرى إذا حك البرايا عبيدُه ... والليالي له خَدَم

أنا كسرى ودولتي ... دولةُ السيف والقلم

الحاشية:

عاش ربُّ التاج كسرى ... عاش للأوطان ذخرا

أنت فقت الشمس نورا ... أنت فقت الشمس قدرا

قد جعلت العدل للم ... ك أساساً فاستقرا

كاد يا مولاي يعنو ... لك أهلُ الأرضٍ طرّا

كسرى: وزيري

الوزير: لبّيك يا سيدي

كسرى: ألا فادنُ مني ولا تبعد

الوزير:

وماذا يريد المليكُ فِداه ... حياتي وما ملكتهُ يدي

كسرى:

هنالك أمرٌ لديَّ خطيرٌ ... ولم أرَ غيرَكَ من مُرْشدِ

وزيريَ إني أفكّر في أن ... أصاهرَ قوماً لهم سُؤْدُدي

أفتش في الأرض عن دولةٍ ... كدولة كسرى فلا أهتدي

(الوزير بعد أن يطرق هنيهة)

أمولاي إن شئت خير الحرم ... إذن فعليك بأرض الهرم

هنالك قوم حسانُ الوجوه ... كرامُ الجدود كبارُ الهممْ

ألا إن فرعون خير الملوك ... وأمة فرعون خيرُ الأمم

ومَن مثلُ فرعون في مجده ... وفي جَدِّه غيرُ شاه العجم؟

كسرى:

أشرتَ بالحكمة والسدادِ ... ملوكُ مصرَ وحدَهم أندادي

غدا تسير مسرعاً من (سوس) ... وتقطع الأرض إلى (منفيس)

سر نحو مصر حاملاً خطابي ... وكن لمولاك من الخطَّابَ المنظر الثاني

فرعون وحاشيته تتكون من أربعة أشخاص منهم الوزير. المكان: قصر فرعون. الزمان: قبل الميلاد بنحو خمسة قرون.

فرعون (يفتخر):

تعرف الأفلاك قدري ... ويطيعُ الدهرُ أمري

إنني فرعون والأنه ... ار من تحتيَ تجري

حسب فرعون جلالاً ... أنه سلطانُ مصر

كم مليك من ملوكٍ ال ... أرض قاسى ذلَّ أسري

يشبه الأهرامَ عزمي ... إنه قطعة صخر

ينقضي عمري ويبقى ... رغمَ أنف الدهر ذكرى

الحاشية:

عاش فرعونُ ودامْ ... عاش مولانا الهمامْ

يا سليلَ المجد يا نس ... لَ الفراعين العظامْ

أنت للكون هلالٌ ... لاح والكونُ ظلام

إنما أنت مُرَبي ال ... كون أستاذُ الأنام

(وزير فارس يصل ويقف بالباب فيستأذن له الحارس)

الحارس (يدخل): مليكي

فرعون: منْ؟

الحارس:

أنا الحارسْ ... رسولٌ جاء من فارسْ

فرعون:

ما خَطبُ هذا الرسول ... اسمح له بالدخول

وزير الفرس (يدخل):

ألا أيُّهذا المليكُ الهمام ... سلامي عليك

فرعون: عليك السلام وزير الفرس:

مليكَ الحمى يا رفيعَ الجنابْ ... معي لك من عند كسرى كتاب

فرعون: كتابٌ وأينَ؟

وزير الفرس:

تفضَّلْ فدْيتُ ... كَ يا خير من سار فوق التراب

(يناوله الخطاب فيقرأه فرعون صامتا ثم يقول):

فرعون: يا وزيري

وزير فرعون: نعمْ نعمْ

فرعون: إن كسرى فتى العجم

جاءنا يخطبُ ابنتي ... أهْو كفءٌ كما زعم

الوزير (بعد أن يطرق قليلا):

وكيف القول يا مولا ... ي في مملكة الفرس

وفي كسرى سليل المج ... د ربِّ السيفِ والترْسِ

مليكُ الفرس إن فُهتُ ... به أُحنى له رأسي

فتى النيرانِ والنورِ ... جديرٌ بابنة الشمسِ

فرعون (بعد أن يطرق قليلا):

قد أجبنا يا رسولْ ... قم فبشّر بالقبولْ

وزير الفرس:

دمتَ يا مولايَ في عزِّ ... وفي عمرٍ يطول

أنت يا فرعون شمسٌ ... ما لها قطُّ أُفُول

(ينصرف وزير الفرس ثم يقف العراف بباب فرعون فيستأذن له الحارس)

الحارس:

مولاي عرافٌ هنا بالبابِ ... تقبضُ يمناه على كتابِ

فرعون:

قم فأت يا حارسُ بالعرَّاف ... قد يكشف العراف بعض الخافي (العراف يدخل):

ألا أيُّهذا المليكُ الهمامْ ... سلامي عليكَ

فرعون: عليك السلامْ

ماذا يقول النجم في المصاهره ... بين ملوك مصر والأكاسرهْ؟

العراف (بعد أن يفتح الكتاب ويقلب صفحاته ثم يتكلم وهو يكتب على ورقة من ورق البردي):

أميرَ الحمى يا مليكَ الزمانْ ... ألا بارك اللهُ هذا القِرآنْ

وسوف يتم قرانٌ كهذا ... إذا الله شاء وآن الأوان

إذا ما مضت خمسة بعد عشري ... ن قرناً إذن تسعد الدولتان

بعرس سعيدٍ به شعبُ مص ... ر ودولةُ فارسَ يرتبطان

وسوف يكون الفريقان حلاّ ... من المجد إذ ذاك أعلى مكان

يكون على رأس كلِّ فريقٍ ... أميرٌ مطاعٌ له الشعب دان

هناك (رضا) وهنا (ابنُ فؤاد) ... يعيش لشعبَيْهِما الملِكان

(ستار)

الفصل الثاني

المنظر: فرقتان من الجند إحداهما إيرانية والثانية مصرية تتكون كل منهما من أربعة جنود ومعهم ضابطهم واقفاً منعزلا قليلا. ويلاحظ أن الفرقة الإيرانية تدخل أولا وبعد أن يتم كلامها تدخل الفرقة المصرية

المكان: ردهة في دار السفارة الإيرانية أو ما يقرب من ذلك.

الزمان: زمننا أي بعد مضي خمسة وعشرين قرنا من حوادث الفصل الأول

الجنود الإيرانيون

نحن نسلُ الفرس أبطالٌ كماةْ ... نحن علَّمنا الورى معنى الحياةْ

سائلوا التاريخَ كم للفرس شاهْ ... تخفضُ الدنيا له شُمَّ الجباهْ

من قِدَم ... نبتني الملكَ كما تُبني الجبال لِلْعَجمْ ... شرف يأبى على الدهر الزوال

الضابط الإيراني

ما لِمَنْ بادوا ومالي؟ ... لست أحيا في الخيالِ

أتباهُون بعصرٍ ... من قديم الدهر خالِ

أتباهُون بعظمٍ ... تحتَ بطن الأرض بال

أنا لا أفخرُ يا قوْ ... مُ بماض بل بحالِ

حاضرُ الفرس كماضي ... هم جلالُ في جلال

قد خُلقنا لسخاء ... وخُلقنا لنضالِ

عن بلاد حرّة ير ... خُصُ فيها كلُّ غال

لم تشوّه بقيودٍ ... أو تدنَّس باحتلال

قد نشِطنا مثل ما ين ... شَط ليثٌ من عقال

وبذلنا للعلا مه ... ريَن من نفس ومال

فاخروا الكونَ بشاهٍ ... قادنا نحو المعالي

جودُه قد فاض فيض الن (م) ... هر بالماء الزلال

بطشه قد بات منه ... راجفاً قلبُ الليالي

(يستمر الفريق الأول في مكانه ثم يدخل الفريق المصري ويقف في مواجهته)

الجنود المصريون

نحنُ أبناءُ الفراعين الشدادْ ... كم بنى فرعون بالأمس وشاد

سائلوا رمسيسَ كم عز وساد ... وانحنى الدهر له بين العباد

مجدنا ... سائل الأهرامَ عنه والنجوما

هاهنا ... نبت العلم مع الفن قديما

الضابط المصري

فَخَرتم بالفراعنة الشِّداد ... وقلتم نحن ساداتُ العبادِ

وليس الفخرُ بالرِّمم البوالي ... وبالعُصُر القديم، من السَّداد

إذا أنا لم أشد مجدي بعزمي ... إذن لا طاب لي مائي وزادي لقد قمنا نشيد لمصرَ صرحاً ... يقوم من العلوم على عماد

جعلنا النيل طَلْق الماء يجري ... بسَلْسال من العذب البراد

وحطَّمنا قيوداً من حديدٍ ... ونلنا ما نحاولُ بالجهاد

لنا سفنٌ على الأمواج تجري ... تبثُّ الرعبَ في روع الأعادي

وجيشٌ بالمدافع قاذفاتٍ ... يصولُ وبالمرقَّقَة الحِداد

وطياراتُنا في الجوِّ تعلو ... تُذلِّلُ متنها بدلَ الجياد

إذا نزل النزيل بأرض مصر ... يحلُّ من النواظر في السواد

لنا كرمٌ لنا همم كبارٌ ... خُلقنا للسلام وللجلاد

فلا تفخر بفرعونٍ قديمٍ ... رميمِ العظمِ مدفونٍ بواد

ولكن فاخر الثقلين طرَّاً ... بفرعونٍ تحدَّر من فؤاد

الضابط الإيراني (للضابط المصري):

عجيب أمرُنا جدّاً ... أرى أنَّا شبيهانِ

سمعت الشعر يا مصريُّ م ... من فيك فأشجاني

الضابط المصري:

أرى يا صاح مجدَ الشر ... ق في مصرٍ وطُهرانِ

فنصف المجد مصريٌ ... ونصفُ المجد إيراني

الضابط الإيراني:

فمن يَفْخَر بتجديد ... فشعبانا جديدان

ومن يفخَرْ بأجدادٍ ... فشعبانا قديمان

الضابط المصري:

مليكُ النيل فاروقٌ ... وشاهُ الفرس نِدَّان

هما في الجَدِّ والجِد ... وفي النهضة سِيَّان

الضابط الإيراني:

وهل في الشرق من دانا ... هما في رفعة الشان

كأن الشرقَ جسم

و ... هما للجسم عينان الضابط المصري:

ألا ما أسعدَ الشرقَ ... لو انضَمَّ المليكان!

(هنا يدخل جندي مصري معه ورقة بردي التقطها)

الجندي:

تحيةً يا جندنا الأحرارا ... هل فيكمو من يقرأ الآثارا؟

الضابط المصري: أنا. لِمَهْ؟

الجندي:

لقيتُ بالعِشىِّ ... ورقةً من ورق البرديِّ

الضابط المصري: إيت بها

الجندي (يعطيه الورقة): خذ

الضابط المصري (يفحصها)

إنها قديمهْ ... خطُّ محا طول المدى رسومَهْ

وهْي بخط كاهنٍ عرّافِ ... من أهل مصر القُدم الأسلاف

الجندي:

ألستَ تستطيعُ أن تتلُوها

الضابط: بل أستطيعُ فاسمعوا ما فيها

أميرَ الحمى يا مليك الزمانْ ... ألا بارك الله هذا القرآنْ

وسوف يتم قرانٌ كهذا ... إذا الله شاء وآن الأوان

إذا ما مضت خمسةٌ بعد عشري ... ن قرناً إذن تسعدَ الدولتان

بعرس سعيدٍ به شعبُ مصرٍ ... ودولةُ فارسَ يرتبطان

وسوف يكون الفريقان حلاّ ... من المجد إذ ذاك أعلى مكان

يكون على رأس كلَّ فريقٍ ... أميرٌ مطاعٌ له الشعبُ دان

هناك (رضاً) وهنا (ابن فؤاد) ... يعيش لشعبَيْهِما الملِكان

الجندي (في دهشة):

هذا كلامٌ واضحٌ صريحُ ... يا حبذا لو أنه صحيحُ الضابط الإيراني:

إن الأوان هذه الأيامُ ... يا حبذا لو صحت الأحلامُ

في ذلك الوقت يدخل جندي حاملا صحيفة فيها نبأ الزواج ويصيح قائلا:

بشرى لكم يا معشرَ الإخوانِ ... في الصُّحف لم تسمع بها أُذنانَّ

أما سمعتم نبأ القرآِنِ ... (فوزية) مليكةُ الِحسَان

قد زفَّت اليوم بمِهْرَجانِ ... إلى وليَّ العهدِ في إيران

الجميع ينشدون هذا النشيد:

أيها الطير تغَّنى ... حلّ ميعادُ الأغاني

أيها الشاهُ تهَنَّا ... تلك أوقاتُ التهاني

بالرِّفاء والبنين ... دائماً طول السنين

إنه عرسُ البدورْ ... قد تجلَّى في السماءْ

عرس أملاكٍ وحور ... لا رجالٍ ونساءْ

بالرِّفاء والبنين ... دائماً طول السنين

التقى التاجانِ فيه ... تاج رمسيس وكسرى

يا بلادَ الفرس تيهي ... يا بلادَ النيلِ بشرى

بالرِّفاء والبنين ... دائماً طول السنين

مصرُ قد حان السرورْ ... طبتِ يا مصرُ وطابا

رقص النيلُ الوقورُ ... وجرى تبراً مذابا

بالرِّفاء والبنين ... دائماً طول السنين

بلَّغ الشرقَ مناه ... ذلك العُرسُ السعيد

دمت في عزِّ وجاه ... أيها الشرقُ المجيد

بالرِّفاء والبنين ... دائماً طول السنين

(ستار)

محمود غنيم