مجلة الرسالة/العدد 300/وحي الشاعرية
→ نقل الأديب | مجلة الرسالة - العدد 300 وحي الشاعرية [[مؤلف:|]] |
قلعة بعلبك ← |
بتاريخ: 03 - 04 - 1939 |
تمرُّد الخيال
للأستاذ حسن القاياتي
أبت الهناءة أن تغازلها المَنى ... شَبَهَ الفرادس ما أعزَّ وأَحسنا
لي من زماني أن أروع مجَادةً ... وعليَّ أن أصِلَ الشكاة وأُفْتَنَا
لِمَنَ الهناَءة في غِنىً ومحبةٍ ... كَلاّ فكم تصِم المحبةُ والغنى؟
ما للفتاة ازَّينت فهفا بها ... لُبُّ الفتى ثم انثنى فازّيَّنَا؟
صَلَفُ الملاحة أنها معبودة ... تَصِفُ المهانةَ كلما بُذِلَتْ لنا
قسماً لو أن الحسن أُرسل كله ... طَلْقاً لما فتح القُلوب وأوْهنَا
كم فاتِكٍ حرس الجمالَ مخافةً ... أن يستثير من الحنان الأْعينا
إن الذي خلق الصبَّاحة زينةً ... قالوا تَغَضّبَ أن تلوح فَتُفْتَنَا!
وَرْدٌ يَرفُّ نضارةً ما بَاُلهُ ... لا يجُتلَى إذ كلُّ وردٍ يجُتَنَى؟
لولا مخادعةُ الغرائز لم تَرُمْ ... متمنِّعاً بالحسن إلاّ أَمْكَنَا
أوَّاه واكبدي أكلُّ مُحَّبب ... إذ كان مُقْتَرَحَ العيون تَحَصَّنَا؟
فَتن الجمالُ على الحجاب وقَلّمَا ... كان السفور أرقَّ منه وَأَفْتَنَا
الحسن يَخْتَبِلُ النفوس لأنها ... وَصَمت حُلاَه بأن تُذال وتُسْجَنَا
زعم الحجا أن اللثام غضاضةُ ... فاليوم إذ سفر الأوانسُ بَرْهَنَا
ليت الذي صنع السلاسل حليةً ... للغيد أطلق سربهنَّ وغَلّنَا
للغيد أنفسنا فليت عُيونها ... تُوْدي بنا شغفاً إذا لم تُحْينا
(إحسان) ما أقسى هواك فليته ... في لين عطفك ما أرقَّ وألينا
أخلو فيعصمني الحياءُ فمن رأى ... كيف انْثَنَيْتُ وفاتني كيف انَثنى؟
كَذبُ المنى وكرامة تَشْفَى بها ... دون الهوان وعزةٍ تَشقَي بِنَا
ماذا لقيتُ وما أرَبْتُُ وشدَّ ما ... خطب السموَّ فتىً أَراب فَأَعْلَنَا؟
ذو اللُّبِّ تحزنه مشاهدُ جَمَّةٌ ... والُّلبُّ يعصم ربَّه أن يّحْزَنَا
أَدِرِ الحديث عن البيان لعله ... يجني لنا ثمرَ المنَى ولعلَّنَ ما قيمةُ الأدب السَّرِيِّ وما جنَى ... منه البديع سوى أَجَادَ وَأحْسَنَا
سَل أفصح الشّادين أيَّةُ غِبطةٍ ... حَلَّت ببيت صاغ أو بيتٍ بَنَى؟
يُزْجُون من رُتب البيان لمحسن ... يَشْآهُ مُقْتَبَلٌ يَبُذُّ المحسنا؟
ليس البديع من العلاء ولم يكن=للأوْج أن يُهدي لكوكبه السَّنَا
كم فاتن تحت الخمول كما شدا=غرِّيدُ ليل ما أرقَّ وَأَفْتَنَا
تَرِفُ الشمائل كَمْ يُتَاُح لجفوةٍ ... كالماءِ ينبت في مسالكه القَنَا
يا موحياً سور الإشادة رقيةً ... أنا شاعرٌ صفتي ولكن مَن أنا؟
ملك الفصيح العذب ليتك آخذي ... بوثيقةٍ عبدَ البيان الألْكَنَا
مَن عَزَّهُ وَزْنُ الرِّجال فَقَصْرُهُ ... أَلا يصوغ الحمدَ حتى يُوْزَنَا
الرَّأْيُ أشيعه الأفِينُ إذا مشت ... في الشعب خاطئةٌ أَصَاخَ فَأَمَّنَا
شهد الحجا أن الجماعة ضَلّةٌ ... حتى إذا قضت الجماعةُ أَيْقَنَا
أَوَّاه من جَنَفِ العشير فإِنه ... غَلَّ النُّهَا عنَتاً وفَلَّ الألْسُنَا
العدل في الأُخري وتلك عُلالةٌ ... عدلُ يُقامُ هناك من ظلمٍ هنا!
الحر يَصْطَنِعُ الإباَء فديته ... بالشعب يُصْرَعُ بالهوان فَيُقْتَنَي
أَمَلُ التَّحَضُّرِ كل جَزْلٍ مُفْضِلٍ ... شَرِقُ الحجا بعلومه غَضُّ اْلَجَنى
في الناس مُبْتَكَرُ االحياةِ وهاتفٌ ... شَادِيَّ غّرِّدْ بالقَديم وغَنِّنَا
إن الحياة فضيلة من هَدَّهَا ... سقط الأخَسَّ من الشعوب الأوهَنا
من عاش لا وطناً حماه ولا انْتَحَى ... للصالحات فكيف عاش بلا مُنَى؟
النُّبْلُ مُحْتَفَلُ الثراء فلا تَسَلْ ... كيف استقلَّ الشعبُ بل ماذا اقَتنى
شعبانِ يصطرعان أَيَّةُ سُبَّةٍ ... للحزْم إن عَكَفَ الصراعُ وَأَدْمَنَا؟
يا جَوُّ مالك بالأخوَّةِ عابساً ... كالماء قَطّبَ للنسيم وَغَضّنَا
وَلَعُ الدسائس كم يسود ونسجُهُ ... بيتُ العناكب ما أخسَّ وَأَوْهَنا
ظلَم الخِلاف مَتَى الوفاق فطالما ... خفَّ الجمالُ إلى التَّواصُل مَوْهِنَا؟
طلب الحياة سرية رَفّافَةً ... أَنّي أَعَزَّ دعاته وأذلنا؟
أين الوئَامُ وكلُّ بِرٍ قبله ... صوتُ التآلف كالمُصَلِّي أَذَّنَا؟ هُبُّوا إلي الرأي الأصيل فإنه ... أمنٌ وإن خلافه لن يُؤْمَنَا
الرأيُ أنبَله تجاربُ أشيب ... كالسيف نازل دهره حتى انْحَنَى
صدق الحجا. الحزمُ أشرف نزعةً ... والنَّاهض الوثّابُ أَنبلُ موطنا
(السكرية - دار القاياتي)
حسن القاياتي