مجلة الرسالة/العدد 285/البريد الأدبي
→ النارنجة الذابلة في الربيع | مجلة الرسالة - العدد 285 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
المسرح والسينما ← |
بتاريخ: 19 - 12 - 1938 |
كتاب جديد في التصوف الإسلامي
محيي الدين بن العربي من كبار متصوفة الإسلام وأقطاب فلاسفته الذين تركوا ذخيرة فكرية غير ضئيلة، ولم يتعرض لدرسها غير نفر قليل من أعلام المستشرقين، فقد تناولوا بعض نواحيها بما هي جديرة به من البحث والتنقيب. وتقوم اليوم جامعة كمبردج بطبع رسالة لأستاذ مصري هو الدكتور أبو العلا عفيفي قدمها منذ بضع سنوات لنيل إجازة الدكتوراه منها وهي
وقد تناول المؤلف في هذا البحث القيم عدة نواحي جديدة في فلسفة ابن العربي، ودرسها دراسة عميقة، محللاً ومفسراً وناقداً فقسمها إلى أربعة أقسام.
تناول في القسم الأول (النظرية الوجودية) عند هذا الفيلسوف المسلم، وهي تتعلق بنظرته للوجود الإلهي وبوجود العالم؛ ثم خصص القسم الثاني منها لنظريته (المعرفة) وبحث فيه عن أنواع المعارف الإنسانية عامة والمعرفة الصوفية خاصة وكيف يتوصل إليها، والذين درسوا التصوف الإسلامي لا بد قد أدركوا (غموض المعرفة) وما يحتاج إليه دارسها من صبر طويل في تقصيها من نواحيها المختلفة.
وتناول الدكتور أبو العلا عفيفي في القسم الثالث منها (علم النفس كما يفهمه ابن عربي) وهو باب جديد في دراسة ابن العربي استطاع المؤلف فيه أن ينفذ إلى آفاق جديدة وأن يخرج منها بآراء مستجدة في هذه الناحية المجهولة.
وتناول في القسم الرابع والأخير منها آراءه في الأخلاق والجمال وفي مصير الإنسان وفي معنى الجزاء بصورتيه (الثواب والعقاب) وفي الدار الآخرة. ولا مشاحة في أن قيام جامعة كمبردج بطبع هذا السفر للمؤلف المصري دليل على أهمية الكتاب من حيث التحليل والبحث لشخصية تعد في طليعة الشخصيات التي تركت أثراً عظيماً في الفلسفة الإسلامية وفي التفكير الإسلامي ونحت به منحى خاصاً فيه كثير من العمق.
(ح. ح)
النظام والخليل في ضحى الإسلام روى الأستاذ أحمد أمين في كتابه ضحى الإسلام (3: 106) في سياق ترجمته للنظام - عن صاحب كتاب سرح العيون - أن النظام دخل على الخليل بن أحمد وهو صغير، ثم ساق محاورة جرت بينهما لا يعنينا أمرها، وإنما يعنينا أن هذه الرواية مدخولة ظاهرة الدخل من حيث إمكان التلاقي بين الخليل والنظام. فأما النظام فقد ذكر الأستاذ في الصفحة نفسها أنه مات سنة 221 في نحو السادسة والثلاثين من عمره. ومعنى هذا أنه ولد في نحو سنة 185 وأما الخليل فقد ذكر الأستاذ أيضاً في ضحى الإسلام (2: 184) أنه مات سنة 175، كما ذكر ابن النديم أنه مات سنة 170، يعني أن بين موته وبين ميلاد النظام عشر سنوات على الأقل.
فرواية سرح العيون لم يكن من اللائق علمياً أن يعتمد عليها وخصوصاً إذا كانت هذه الرواية قد أوردها الجاحظ في الحيوان (3: 146) بصورة أخرى لم يذكر فيها اسم الخليل.
لعل الذي حمل الأستاذ على الاحتفاء برواية سرح العيون، وإغفال رواية الحيوان، هو أن الأولى مفصلة والأخرى مجملة، وليس هذا بمرجح في التحقيق العلمي، فلعل ذلك التفصيل هو من قبيل الحمل والتزيد. إن مما يحمل على العجب أن تفضل رواية ابن نباتة في القرن الثامن عن النظام على رواية معاصره الجاحظ فما بال الأستاذ إذا كانت رواية ابن نباتة على ما رأينا من فساد ظاهر؟
أبو حيان
رابطة التربية الحديثة
تنوي رابطة التربية الحديثة أن تدعو الأستاذ ادولف فربير وهو من أعلام التربية الحديثة لإلقاء بضع محاضرات عامة في هذا الشتاء.
وقد تلقت الرابطة من مركزها الرئيسي بلندن قائمة تنظيم الموضوعات التي تشغل بال رجال التربية في الوقت الحاضر وهي: -
التنافس والتعاون. المقصود من الحرية في التربية. النظام. المسؤولية والحكم الذاتي. المدرسة كمجتمع. الطرق الفردية في الفصل. علم النفس الحديث والطفل. الدين والتعليم الديني. تشغيل الأحداث وبطالتهم. آثام الأحداث. التعبير الذاتي الابتكاري. إعداد المعلم.
وستعمل الرابطة على دراسة تلك الموضوعات دراسة علمية فنية. أما أعضاء الرابطة المصريون فقد قام لفيف منهم بدراسة بعض الموضوعات في إجازة الصيف. ونذكر رؤوس تلك الموضوعات فيما يلي:
التربية الجنسية. مشروع لمدارس الحضانة. تقريرا مان وكلاباريد وما استفادته مصر وما يمكن أن تستفيده منهما. البحث العلمي في التربية. سجل التلميذ. التفرقة أو التوحيد بين الولد والبنت في التعليم. مشكلة تعليم اللغات الأجنبية في مصر. وسائل النهوض بالحياة الريفية. اتجاه جديد في دراسة الأدب العربي. حاجة مصر للتوجيه المهني. هل يقوم التعليم الصناعي على أسس صحيحة. التوفيق بين طريقة المشروع والبرامج الحالية في مصر والخارج. سياسة التعليم بمصر. الروح المدرسية.
دار العلوم وكلية اللغة العربية
كتبت في الرسالة (العدد 283) كلمة عرضت فيها بعض الحجج التي تدفع محاولة الأزهر منافسة دار العلوم في تدريس اللغة العربية بالمدارس، وتبين تفرد دار العلوم من حيث ثقافتها الشاملة ومن حيث إنها البيئة التي تعد فيها وزارة المعارف المعلم على الغرار الذي تتطلبه لمدارسها. فتعرض (أزهري) في العدد (284) لما سقته في الكلمة السابقة وناقش المسائل الآتية:
قلت: ليس من المساواة الحقيقية أن يعين الأزهريون في وظائف التدريس بالمدارس دون أن يعين أبناء دار العلوم في وظائف التدريس بالأزهر. فرد (أزهري) على هذا بأن في المعاهد الأزهرية مدرسين من أبناء الدار كثيرين. فهو يحتج بوجود كبار الأساتذة من أبناء دار العلوم الذين انتدبهم الأزهر أو عينهم حين بدء في إدخال عناصر ثقافية جديدة فيه. وأنا لم أقصد هؤلاء لان الأزهر استدعاهم لحاجته الطارئة، وإنما أعني اللذين يتخرجون في دار العلوم في الحال: هل يأخذ الأزهر منهم للتدريس في معاهده كما يأخذ من المتخرجين في كلياته؟ أم هل يجري بين هؤلاء وهؤلاء مسابقة لذلك، كما يريد الأزهريون أن يشغلوا وزارة المعارف بإجراء مسابقة - لا مقتضى لها - بينهم وبين أبناء دار العلوم للتدريس في المدارس؟
وقلت إن دار العلوم في عهدها الجديد تتفرد من بين جميع معاهد التعليم بالجمع بين الدراسة العربية المستفيضة ودراسة اللغات الأجنبية والسامية وآدابها. فقال (أزهري) إن العهد الجديد يميل بدار العلوم إلى التعاليم الغربية الجامحة التي تباعد بين القديم الخالد وبين ناشئة الأمة. وهذه فلتة من فلتات ما وراء الشعور، فالأزهر يحرص في هذه الأيام على الدعوي بأنه يعمل على مسايرة روح العصر. وليعلم (أزهري) أن النهضة الفكرية والأدبية خاصة قامت على الجمع بين الثقافتين العربية والغربية وإنكار ذلك من قبيل إنكار البدهيات؛ وهذا ما عنيت بالتبرئة من الجمود، أبرأ الله (أزهرينا) منه.
وقال (أزهري): لو راجع الكاتب ذاكرته لذكر أن الاتفاق على حلول كلية اللغة العربية محل دار العلوم، حديث مفروغ منه. فمتى كان هذا الاتفاق؟ ولم؟ وفي أي ذاكرة يوجد غير ذاكرة الأحلام؟! والغريب أن يتمثل بعد ذلك بالبيت الذي أصلحت (الرسالة) روايته:
أريد حياته ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
وهو يريد تنفيذ ذلك الاتفاق الموهوم بإلغاء دار العلوم، فكيف يريد حياتها؟!
وبعد فإن إخواننا الأزهريين في مطلبهم ذلك إما أنهم يريدون أن ينفعوا بعلمهم، وإما أنهم طلاب وظائف فحسب. أما الأولى فإن أبناء دار العلوم يقومون بالمهمة خير قيام، ولا نحسب خريجي كلية اللغة العربية أكثر كفاية من اللذين ينتدب الأساتذة من بينهم لتعليمهم، فيبقى الأمر الثاني وهو أنهم يطلبون الوظائف فحسب، وهذا ما لا حق لهم فيه، فإن في ميدان الوظائف الأزهرية ما يكفهم عن ترزيء أبناء دار العلوم فيما يضيق بهم، وما خلقوا من أجله.
(ع. ح. خ)
وفاة شاعر شاب
فجع الشباب والأدب في ليلة الأربعاء الماضي بوفاة الشاعر الوجداني الرقيق محمد الهمشري محررمجلة التعاون بوزارة الزراعة، فكان لنعيه الفاجيء وجوم شديد في أندية الأدب والصحافة، لأنه كان أملاً من آمال الشعر الحديث، ومثلاً من الأمثال الطيبة للخلق وللصداقة. وقد نشر الفقيد ملحمة بعنوان (شاطئ الأعراف) واشتهر بقصيدته (جيث الفاتنة) وكان بصدد أن يجمع من شعره ما نشر وما لم ينشر في ديوان. رحمه الله رحمة واسعة وألهم أهله وصحبه جميل الصبر.
رواية جان دارك
الموضوع: جان دارك، والمؤلف: برناردشو، والمترجم: الدكتور أحمد زكي بك ناقل ذات الكمليا وقصة الميكروب! فالقارئ لا يدري من أية جهة يأخذه البيان والفن والسمو! أخرجتها لجنة التأليف والترجمة والنشر فيما أخرجت من عيون الأدب الغربي فكانت واسطة القلادة. نبادر اليوم بإعلان ظهورها إلى قراء الرسالة، وسنعود إلى الحديث عنها في العدد القادم.
رواية بيت
حضرة الأستاذ الأديب الكبير صاحب الرسالة الكريمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عذيرك من خليلك من مراد ... أريد حياته، ويريد قتلي
أوردت البيت على هذه الصورة في كلمتي التي تفضلت الرسالة بنشرها في العدد (284) دار العلوم والأزهر - فعلقتم عليه بما نصه: الرسالة: (روي الأستاذ الكاتب هذا البيت على هذا النحو، وهو لدريد بن الصمة، وصوابه:
أريد حياته، ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
وفي الأغاني ج14 ص32 طبعة الساسي المغربي، في أخبار عمرو بن معد يكرب ما نصه: (وكان عمرو غزا هو وأبيَّ المرادي، فأصابوا غنائم، فادعى أبيَّ انه قد كان مسانداً، فأبى عمرو أن يعطيه شيئاً، وكره أبيَّ أن يكون بينهما شر. . . فأمسك عنه. وبلغ عمراً أنه توعده، فقال عمرو في ذلك قصيدة له، أولها:
أعاذل، شكتي بدني ورمحي ... وكل مقلص سلس القياد
إلى أن قال فيها:
ولو لاقيتني ومعي سلاحي ... تكشف شحم قلبك عن سواد
أريد حِباءه ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
وفي أخبار دريد بن الصمة ج9 ص12 من الكتاب نفسه ما نصه: عن أبي عبيدة قال: قالت امرأة دريد له: قد أسننت، وضعف جسمك، وقتل أهلك، وفنى شبابك، ولا مال لك ولا عدة، فعلى أي شيء تعول إن طال بك العمر؟ أو على أي شيء تخلف أهلك إن قتلت؟ فقال دريد:
أعاذل، إنما أفني شبابي ... ركوبي في الصريخ إلى المنادي
وبعد أن روى أبياتاً من هذه القصيدة قال:
هذا الشعر رواه أبو عبيدة لدريد، وغيره يرويه لعمرو بن معد يكرب، وقول أبي عبيدة أصح. إلى أن قال: (وخلط المغنون بهذا الشعر قول عمرو بن معد يكرب في هذين اللحنين:
أريد حِبَاَءه ويريد قتلي ... عذيرك من خليلك من مراد
ولو لاقيتني، ومعي سلاحي ... تكشف لحم قلبك عن سواد اهـ
ومثل ذلك في معاهد التنصيص ص225 ج1، الطبعة البهية المصرية.
فالبيت على رواية سيدي الأستاذ - مع استبدال حباءه بحياته - لعمرو بن معد يكرب، لا لدريد بن الصمة، كما قال حضرته، وقد كنت أجزم بذلك من قبل، بيد أن شاعراً (أنسيته) أورده على سبيل التضمين، مقلوباً في قصيدة لامية، فكانت صورته في نفسي أنسب بمضمون كلمتي، ولذلك لم أنسبه والأمر سهل، والعصمة لله وحده.
أزهري
مكتب البعث العربي
إن البسالة العربية التي أعرب عنها المجاهدون العرب في فلسطين، في مواقفهم الدامية وجهادهم الدائب لهي من الأمور التاريخية التي ترفع جبين القومية العربية عالياً وتوقظ في الشعب أحلام الوطنية الصحيحة والتفاني المجيد. ولا شك أن ثورة فلسطين التي هي ثورة الحق على الباطل، وثورة العدل على الظلم، هيأت الأسباب التحريرية الباعثة على النهوض في قابلية العرب الطبيعية اللذين منهم الأفراد المهاجرة في الأمريكتين الجنوبية والشمالية، وأفريقيا الفرنسية والإنكليزية وسائر المقاطعات الأخرى، وهؤلاء الأفراد الذين نزحوا بأجسامهم إلى ما وراء المحيطات الهائجة الصاخبة، وتركوا قلوبهم ثائرة في أقاليمهم وطافحة بذكر الله وذكر الوطن؟!
ولذلك فإن مكتب البعث العربي - تقديراً لهذا الجهاد المشترك - يضع أمام شعراء العرب هدية نفيسة تقدر قيمتها بخمسين دولاراً أمريكياً لأحسن نشيد ينظم للمجاهدين والمهاجرين. وتفسير ذلك أن توضع قطعة نشيد للمجاهد وأخرى للمهاجر يدور محورها على استعراض ما يقوم به هؤلاء من تضحيات هائلة لم يشهدها التاريخ، على أن ترسل جميع الأناشيد بالعنوان المرقوم أسفل حيث تنظر اللجنة فيها وتقوم بإعلان النتيجة في العاشر من شهر أيار - شهر الزهر سنة 1939.
عبد الله بري
مدير مكتب الشعب العربي العام
1732