مجلة الرسالة/العدد 222/القصص
→ رسالة الفن | مجلة الرسالة - العدد 222 القصص [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 04 - 10 - 1937 |
(القصة الخالدة التي أوحت إلى شاكسبير بروميو وجوليت)
من أساطير الإغريق
التوت الأبيض والتوت الأحمر
أو (بيرام وتسبيه)
للأستاذ دريني خشبة
كان أجمل شباب بابل، وكانت أجمل حسانها
كانت فتنة في فتنة، في جسم قوي، وقلب حمي، وخلق حيي، وقوام مفتول، ونفس حلوة ساكنة سجواء. . . وكانت قسيمة وسيمة، خفية لطيفة، غضة كالورد عطرية كأنفاس البنفسج؛ تفتر عن فم خمري شتيت، وترنو بعينين دعجاوين نجلاوين؛ وترسل شعرها المغدودن على ظهرها العاجي تارة، وصدرها المرمري أخرى، يداعبه النسيم، وتقبله الآلهة، وتنتظم فيه حبات القلوب
وكان بيتاهما متلاصقين، فكان يراها وكانت تراه، وكان يلقاها وكانت تلقاه؛ وكانا يتلاعبان في الصغر، طفلين كالملائكة ثم شبا، فكانا ينفران إلى الخلاء والأدغال، ويلتقيان عند النبع القريب، ويتسلق بيرام أشجار التوت الأبيض - ولم يكن التوت الأحمر قد عرف بعد - فيهز أغصانها وأفنانها، ويساقط الثمر الشهي اللذيذ على سندس العشب، رطباً جنياً. . . فتأكل تسبيه، وتقر به عيناً!!
ثم ترعرعا أيضاً؛ ودبت الحياة الحلوة الجميلة، حارة متدفقة زاخرة، في قلبيهما الصغيرين؛ وأخذ الفؤادان الصغيران يثبتان إلى الأعين السعيدة النقية الطاهرة، يرى كل إلى صاحبه، ويتزود كل من جمال أخيه زاد الهوى وذخيرة الحب، للأيام المقبلات
ولم يعرفا أنه الحب، ذاك الذي يخفق في صدريهما أول الأمر ولكنهما عرفاه، وعرفاه معرفة كلها شجو وكلها حنين حين ألح عليهما وحين كانا يفترقان أشوق ما يكونان إلى لقاء، وأصبى ما يكونان إلى اجتماع. . . ثم عرفا كيف يتشاكيان وكيف يتباكيان وكيف يكون الليل جحيما حينما يقبل فيفصل بينهما بظلامه، ويجمع بين روحيهما بسهده ودموعه وطويل أنينه، وكيف يكون فردوساً خالداً حينما يجمع بينهما في يقظة أو منام
ولم يقو بيرام على عذاب البعد، فاتفق وتسبيه على أن يكلم أباه ليكلم أباها في الخطبة، ولكن الوالد أبى واستكبر، ورفض أن تكون هذه الفتاة التي هي مطمح أبصار شبان المدينة زوجة لولده، وكذلك أبى والد الفتاة؛ ثم شجر الخلاف واتسع، وكثرت شياطينه، وأحيا عداوات قديمة، فتدابر القوم وتناكروا ولكن ما في قلبي الحبيبين ظل على ما كان عليه؛ بل ألهب البعد الذي جرت إليه الخصومة أوار حبهما، فازداد هياماً، وذابا غراماً، وكانت عداوة أهليهما عليهما برداً وسلاماً
ولم يعد يفكر إلا فيها، ولم تعد تفكر إلا فيه، وراح ينظم الشعر يتغنى به برحاءه، ويرسل موسيقاه يكلم بها السماء عسى أن ترق له آلهتها فترحمه مما يقاسي. . . وراحت هي تبكي وتتكلم بلغة الدموع إلى نفسها الملتاعة، وترسل آهاتها في صميم الليل تردد بين النجوم الخفاقة الكلمى تتوسل إلى أرباب الرحمة والحب أن تدرك بلطفها ضعف الحبيبين المظلومين
وتصدعت السماء، وانهمرت شآبيب الرحمة، وانهل فيض الحنان، وأمرت الآلهة فزلزلت الأرض زلزالها. . . وكانت الغرفة التي ينام فيها بيرام ملاصقة للغرفة التي تنام فيها حبيبته تسبيه، وكان يفصلهما جدار مشترك بين المنزلين المختصمين، فأحدث الزلزال في هذا الجدار صدعاً صغيراً كالشعرة، فوصل هواء الغرفتين، وحمل كلام الحبيبين، وأخذت موسيقى بيرام وغناؤه ينسابان إلى غرفة تسبيه، وأخذ بكاء تسبيه وآهاتها تنساب في غرفة بيرام؛ وأخذت النجوى الحلوة، والشكوى الجميلة، وغزل الكلام، وحنين القلوب، ينتقل في بروج هذا الجبل الشق كأنها كواكب السعد تحدوها الآهات الملتهبة، وتذهب بها القبلات الحارة، ترف بأجنحة من أثير من فم إلى فم. . .
- تسبيه، تسبيه!
- من؟ من يناديني؟
- تسبيه، هو أنا، أنا بيرام!
- من أين تتكلم؟ - من هنا. . . ألم تشعري بالزلزلة؟
- آه! شعرت بها في العشاء الآخرة ليلة أمس
- إنها أحدثت في الحائط الذي يفصل بيننا شقا. . . وأنا أكلمك منه
- بيرام!
- تسبيه!
- إذن لقد رثت الآلهة لحالنا!
- واستجابت دعائنا يا تسبيه، لقد كانت حركتها موسيقاي!
- إذن كنت تعزف وتتغنى، بينما كنت أبكي وأئن وأذوي!
- لا! ولكني كنت أسكب نفسي دموعاً على أوتار القيثار!
- يا لقسوة هذا الجدار يا بيرام! إنه يفصل بيننا بشدة!
- هو على كل ارحم بنا من أبوينا. . . أليس قد انفرج ليصل حديثنا؟
- نشكره، إن من الصخر لما يتفجر منه الماء!
- نشكره جداً يا تسبيه. . . وأشكره أنا خاصة لأنه فرج عن قلبي بالتحدث إليك
- بيرام!
- حياتي!
- هل الجنة أجمل من سجننا هذا؟
- أنه أجمل من أنظر الجنان يا تسبيه!
- وهذا الظلام! أليس هو أضوء من سنا الضحى؟
- لأننا نتحدث فيه يا أختاه!
- أحب أن اسمع موسيقاك يا ببرام تتدفق في روحي خلال هذا الجدار
- ليس أحب إلي من ذلك يا تسبيه
- أنا لم أسمعك تغني مذ تناكر أهلونا
- سأفعل إن وددت!
- وماذا عساك تغني؟
- كل أغنياتي التي ترنمت بها فيك؟ - ألا تغني شيئا آخر؟
- للآلهة! لأنها أنعمت عليّ بحبك!
وهكذا كانت أحاديث الحبيبين المعذبين كلما جنهما الليل، وضمها غاشي الظلام؛ أحاديث كأوشية الروض، وأفواف الزهر ونجوى البلابل، ممزوجة بعبرة أو عبرتين يريقانهما على جفاء الأهل، ولدد الطباع، وقسوة الأيام
ولم يحتملا هذه الحال طويلاً، فلقد شفهما الهوى، وأنحلتهما الصبابة، وفعل الحب في قلبيهما الضعيفين أفاعيله. ففي ليلة سافرة البدر، ساجية النسيم، صمتت فيها الطبيعة، وتكلم القمر، دار بين العاشقين الحديث الأتي:
- تسبيه؟!
- بيرام!
- أوشك القمر أن يكون بدراً يا حبيبتي!
- إنه جميل الليلة، وحبذا لو ظل جميلاً الليالي المقبلة. . .
- إن القمر جميل دائماً. . . أليس هو ابتسامة هذه الدنيا في ليالي العاشقين؟
- لكنه صامت أبداً. . . إنه أبكم لا يعي!
- سو. . . لا تقولي ذلك يا تسبيه. . . قد تسمعك ديانا فتغضب!
- هل يتكلم؟ هل يفهم؟
- أما أنه يتكلم فحق. . . لكنه لا يتكلم بلسان كلساننا. . .
- أنه يتكلم بلسان من فضة يا تسبيه، لسان له رنين حلو في أعماق الروح. . . ثم هو يفهم آلام المحبين لأنها تصعد إليه مع آهاتهم. . .
- خيال شاعر وفلسفته!
- بل هو الحق يا حبيبتي! لقد كان يكلمني وكنت أكلمه. وكان يفهمني وكنت أفهمه، كان يكلمني بآراده وأضوائه، وهي لسان صامت ولكنه بليغ لسن، وكنت أكلمه بوجداني مرة، وموسيقاي أخرى، فكان يضحك في الأولى، ويرقص في الثانية. . . تسبيه!
- ماذا يا بيرام؟
- أتمنى لو غمرتنا أشعة القمر غداً، في هذا السهل المنبسط - غداً؟ وكيف؟
- ولم لا؟ ألا ترغبين؟
- وكيف أرفض؟ أنا أتمنى ذلك
- إذن سنلتقي!
- وكيف أفعل يا بيرام؟
- تنسرقين إذ نام أهلك. . . ولن يشعر بك أحد
- وأين نلتقي؟
- عند مقبرة نينوس
-. . .؟. . .
- ألا تعرفينها؟
- مكان رهيب!
- لكنه جميل رائع! سنجلس ثمة بين يدي القمر ونتحدث، ونشفي أنفسنا مما تجد!
- وتعزف وتغني؟
- وقد نبكي!
-. . .؟. . .
- اتفقنا! أليس كذلك؟
- اتفقنا
- إذن أنتظرك، إذا لم أجدك هناك، عند النبع القريب. تحت التوتة البيضاء! وكذلك تفعلين
- أفعل ماذا؟
- تنتظريني ثمة إذا سبقتني!
- ترى ماذا تبتغي ديانا مني؟
- لا شيء. . . لا شيء. . .
ما كان أجملها من ليلة سطع في حوشيها القمر، ودحرج لآلئه على مياه النبع، ودغدغ بأضوائه العشب وأفنان الشجر فتبسمت وتضاحكت، ونشر في أجوائها بخوره المصاعد من مجامر الورد، ومداهن البنفسج، احتفاء بمقدم تسبيه! يا لجمال الطبيعة! لقد كان كل ما فيها موسيقى صامتة تنشر أحلى النغم حوالي هذه الحبيبة التي انسرقت تحت إسدال الظلام تمشي كالقطاة وترسل من فوق رأسها خماراً رقيقاً كسحابة الصيف تستر ما وراءها وليست شيئاً! لقد كانت تتوجس في نفسها خيفة وهي تدب في سكون الليل، كما يسري الحلم الجميل في خلد النائم
وذهبت تطوي الطريق وفي رأسها ألف فكرة عن هذه المجازفة؛ وبلغت مقبرة نينوس آخر الأمر، ولكنها لم تجد حبيبها عندها. ترى؟ ماذا عوقه؟ لقد كان رخام المقبرة نظيفاً ناصعاً، ولقد كان شبح الفناء جاثماً فوقها يلمع في ضوء القمر، كأنه يتلاعب بالسنين والأحقاب، وكأنه يسخر من كل شيء فوق الأرض! وبدا للفتاة الضعيفة كأنه يرقص كالسكران فوق الشاخص الرخامي، ولكنها أخذت تصرف عن عينها رؤى عفاريت الليل، وتصاوير الوهم المريض؛ ثم سخرت من خوفها وذكرت التوتة البيضاء، والنبع الذي عندها، فارتدت إليهما لتجلس ثمة، ترتقب زورة الحبيب
وجلست عند جذع التوتة، وجعلت تحدج الثمر الأبيض، وتشتهي لو سقط منه شيء تأكله حتى يحضر بيرام. . . ثم سمعت دبيباً يقترب، فلم تشك أن بيرام قد أقبل، ونبض قلبها بشدة وانذرفت من عينها عبرة لم تفكر هذه اللحظة أن تذرفها. . . ثم أبطأ الدبيب. . . ووثبت تسبيه تمد عينيها الثاقبتين في أرجاء الدنيا الصامتة الرهيبة، ولكنها لم تر شيئاً، وعادت عفاريت الليل ترقص في وهمها، ولكنها لم تبال، وجعلت تجاهد نفسها مجاهدة لينة مرة، عنيفة مرة أخرى، وهي في هذا وذاك تفكر في حبيبها بيرام، وتضرب في تأخره أخماساً لأسداس. . . ثم ذعرت الفتاة ذعراً كبيراً، وساخت الأرض تحت قدميها المرتجفتين أو كأن قد. . . ذلك إنها لمحت شبح لبؤة تخرج من دغل قريب فجأة، ثم تيمم شطر النبع الذي تعرش من فوقه التوتة. ماذا؟ إنها لبؤة ضارية أقبلت ترتوي من ظمأ ملح وجواد شديد. . . وهي تتبهنس مع ذاك كأنها عروس ولكن من الجن
وأطلقت الفتاة ساقيها للريح، ولم تحفل بها اللبؤة، لأنها قد افترست فريسة قبل ساعة ونهشتها، وهذا فمها ملوث بالدم الغريض الدافئ. . .
لم تصنع اللبؤة شيئاً، إلا أنها رأت الخمار الأبيض الذي كانت تسبيه ملتفعة به، ملقى على الأرض، فعاثت فيه، وكأنما أرادت أن تمسح فمها به، فلوثته بالدم، ثم هممت نحو النبع فارتوت على مهل، وعادت أدراجها نحو الدغل الذي تركت فيه فريستها لتأتي على بقاياها
أما الفتاة فقد ظلت تجري حتى بلغت شجرة ضخمة وجدت في أصلها فراغاً فاختبأت فيه، وراحت تلهث من الذعر والتعب، وتتمنى أن ألا ترتد اللبؤة إليها. . . وقد أيقنت أن ديانا، إلهة القمر، قد سمعتها حين عابت على البدر عيه وبكمه، فساقت إليها هذا الوحش في هذا الليل
ولم يمض طويلاً على تلك الأحداث حتى أقبل بيرام وفي نفسه لهفة، وبقلبه قلق، فقصد إلى مقبرة نينوس فلم يجد عندها شيئاً؛ ووقف قليلاً يبحث عن تسبيه في كل شيء! في شجيرات الورد وفسائل الزنبق، وفي العشب الخائف المذعور حول المقبرة؛ وتولاه طائف من الوجد والذهول فراح يبحث في السحابة الرقيقة البيضاء التي انتشرت على وجه القمر في هذه اللحظة، مشبهة خمار تسبيه على وجهها الرقيق الناحل. . . ثم ذكره ميعاده عند النبع القريب تحت التوتة البيضاء، فانثنى ميمما شطرها. . .
(يا للهول! ويا للفزع الأكبر!! ما هذا؟ خمار حريري أبيض؟ لمن هذا الخمار يا ترى؟ أواه! إنه خمارها لا ريب! لقد شهدتها تلتفع به مراراً! يا أرباب السماء! ما هذا الدم؟ وا أسفاه عليك يا تسبيه! لقد قتلتك الوحوش فلن أراك بعد اليوم! أنا السبب يا حبيبتي! لقد جررت عليك هذا باقتراحي الضال! ألا ليت أمي لم تلدني! أي وحش ضار اغتذى بك يا تسبيه؟ أيها القمر القبيح الأبكم لم أغريتنا بهذا اللقاء؟ أنت تستر الآن حياء وخجلا من فعلتك التي فعلت، وكنت بالأمس سافراً متبرجا! أغرب أيها الأصفر كصفرة الموت فلا جمال فيك! رد علي موسيقاي وأغاني فأنت جبس لئيم لا تستأهل منها شيئاً! هات كل ما عندك لي هات! هات دموعي وأشجاني وآهاتي! هات سهدي وعبادتي ومناجاتي! قتلت تسبيه تحت سمعك وبصرك ما أقساك يا صاحب الليالي المواضي! أوه. . . ولكن. . . لا. . . أنا الذي قتلتها، لا ذنب لك يا قمر. . . إني أستغفرك؛ أبق كل ذكرياتي عندك، فلا أمن عليها إلا أنت! أما أنا. . . فهلم يا حسام أسكن هنا. . . في حبة القلب. . . أروَ من هذا الدم الدافئ فلا أمل لصاحبك في الحياة بعد اليوم. . .)
وألقى الفتى المسكين نظرة على كل شيء حوله، لا حرصاً على الحياة المرة؛ ولكن لينظر إلى كل ما نظرت إليه تسبيه قبل أن يأكلها الوحش، وليتزود من الأثر الذي تركته في الوجود عيناها الحزينتان المفزوعتان. . .
ثم أغمد سيفه في صدره. . . وسقط يتجرع سكرة الموت!
وهدأ روع تسبيه، فبرزت من مكمنها في أصل الدوحة، لنرى من أين كان يتردد في أذنيها هذا النداء الحبيب. وكان شبح اللبؤة ما يزال يتمثل لها فيفزعها في الفينة بعد الفينة، ولكنها كانت تسير بخطى وئيدة، لأنها ما شكت مطلقاً في أن النداء لحبيبها، ولأن الصوت الفضي الذي كان يمتزج بأضواء القمر فيغمر أذنيها وقلبها، كان ما يزال يداعب أذنيها الصغيرتين. . . ثم بدا لها أن تحث الخطى حتى تنبه بيرام إلى وجود لبؤة في هذا السهل الجميل جعلته كالفلاة. . . فأسرعت، وأسرعت!!
- من هذا المستلقي على حفاف النبع؟ هو من غير شك!
ثم أسرعت أكثر من ذي قبل
- بيرام؟ ما هذا؟ السيف في صدرك؟ لِمَهْ؟ حبيبي! رد علي! كلم تسبيه! هاأنا ذي! لم قتلت نفسك يا بيرام؟ آه! هذا الخمار الأبيض! وَيْ! إنه ملوث بالدم؟ عاثت فيه اللبؤة الملعونة!
- تس. . . سبيه!
وأرسل القتيل هذا الاسم المحبب وحشرجة الموت تعتلج في صدره، ثم فتح عينه قليلاً فرأى فتاته تبكي فوق رأسه، فتبسم. . . ثم مات!
- بيرام! لا! لا تمت! لابد أن تعيش من أجلي!
ولكنه مات برغم هذه الأماني
- إذن أنا التي قتلتك يا حبيبي؟ أشهدي يا توتتنا البيضاء!
ثم رفعت بصرها إلى فوق، ولكنها بدلاً من أن ترى الثمر الشهي الأبيض، رأت ثمراً أحمر يقطر دماً قانياً
- أوه! رويت من دمه أيتها الشجرة فضرجت ثمرك من حبنا وسعادتنا؟! تعالوا يا أهل! تعالوا أيها القساة! فتشوا عن الرحمة في قلوبكم المتحجرة اذرفوا دموعكم علينا. . احذوا أن تفرقوا بعد اليوم بيننا، فقد ربطت بين جسومنا المنايا. . . لقد أبيتم في أن نجتمع في الحياة فلا تفرقوا بيننا بعد الموت. . . وداعاً أيها القمر. . . وداعاً فقد ظلمناك!)
ثم جذبت السيف من صدر حبيبها وأغمدته في صدرها بعد أن قبلت بيرام الميت قبلة الوداع. . . وسقطت تتخبط في دمائها جانبه. . . ثم عالجت سكرات المنون فوضعت رأسها الجميل، وشعرها المغدودن فوق صدره. . . ولفظت ثمة آخر أنفاسها
وأقبل أهلوهما في الصباح فبكوا كثيراً، واستغفروا لذنوبهم، ثم أقاموا للحبيبين قبراً واحداً من الرخام الناصع عند حفافي النبع. . . تحت التوتة الحمراء!
دريني خشبة