مجلة الرسالة/العدد 211/القصص
→ بين الجد والمجون | مجلة الرسالة - العدد 211 القصص [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 19 - 07 - 1937 |
قصة الحب والحياة
جرازييلاَّ
كان لامرتين في الثامنة عشرة من عمره عندما لمسه الحب بأنامله الناعمة، وطاف به الشعر في آفاق الوحي والإلهام. وكانت (جرازييلا) الفتاة الأولى التي أسمعته نغمات الغرام، وأسكرت روحه بتلك الخمرة العلوية التي تسكبها الآلهة في أرواح الشعراء والمفكرين
فجرازييلا هي التي غرست في فؤاد (لامرتين) زهرة الشوق والحنين. وهي التي جعلته ينطق بأرق ما في الحياة من صبابة وتذكار، وألم ودموع!
لقد أحب دانتي بياتريس فكتب عنها الصحائف والأوراق وعشق جميل بثينة فصعد لأجلها التأوهات والزفرات. . . ولكن لامرتين في حبه لجرازييلا أرانا شيئاً خفيا لم تقع على مثله العيون
فالذي يقرأ ما كتبه لامرتين عن جرازييلا يعانق تمثال الحب ويتفهم معاني الحياة. . . لأن هناك أقوالاً إذا لم تبلل العيون بالدموع فهي تفعم النفوس بغمائم الحزن والكابة، ومرارة الشوق والتذكار
إن لامرتين عرف أن يسعع تلك الفتاة الساذجة البريئة تغاريد الحياة المعنوية وحفيف أجنحة الهوى. . . وأن يجعلها ترى من وراء ضباب أحلامها شجرة الحب المتعالية في الفضاء، ونهر الغرام الجاري بين الأرض والسماء
والذي يصغي إلى غمغمة تلك التعابير الشعرية الحنونة التي سالت على براعة لامرتين، ترفعه العاطفة إلى جنة سحرية فيرى مواكب الأرواح هائمة في رحاب النعيم، وغواني الشعر راقصة على أنات الرباب في ضوء القمر!!
شغف (لامرتين) بالطبيعة منذ صباه وغذى شعوره وإحساسه برقة الحب والغرام، وعناصر الحسن والجمال. . . فجاءت كتاباته صورة حية للمثل الأعلى الذي ينشده أصحاب التأمل وأبناء الخيال
ثم أحب التجول والاغتراب ليتغلغل في صدر الطبيعة وليجني في حناياها تلك الزهرة القدسية الخالبة التي تملأ القلب عبيراً والنفس نشوة وكمالاً. . . فارتحل إلى إيطاليا بلاد الشمس المشرقة والماء المترقرق، والذكريات الزاخرة بالحياة والحرارة
وجاب أنحاءها فتعرف إلى آثار التاريخ الروماني القديم الذي لم يمح الدهر سطراً واحداً من ذكرياته
وفي (روما) المدينة الخالدة استطاع الشاعر أن يدرس عصر النهضة درساً وافياً دقيقاً فكان يذهب في الصباح إلى نهر (التيبر) المنساب فوق رفات الدهور والأجيال، فيجلس على ضفافه ويتطلع من ثنايا مائه إلى آماله وأمانيه التي يخبئها المستقبل. وعندما يخيم الظلام يعود إلى مخدعه فينام راضياً مطمئناً
وهنا تشوق لامرتين إلى سماء (نابولي) الزرقاء ليشاهد فيها قبر (فرجيل) الذي كان يجد لذة في ترديد أشعاره فذهب إليها. وفي هذه الأثناء التقى الشاعر بأحد أصدقائه القدماء فعاش معه عيشة ألفة ودعة
نابولي عند الإيطاليين جنة سحرية فاتنة سكنتها أرواح الشعراء والأنبياء. . . هي غابة ابتدعتها عبقرية الله لتبقى مكمناً للفن والفكر والموسيقى، ومأوى لكل من يريد أن يرسم أفكاره التواقة إلى المثل الأعلى، وأحلامه الشاردة وراء أشباح الموت والحياة!!
تأثر (لامرتين) لهذه المناظر وشعر بجاذب عاطفي فلهب يدفعه إلى تفهم أسرارها. فإن مشاهد الصيادين يتفيأون في ظلال مراكبهم الصغيرة. . . والعاشقين يتشاكون الهوى تحت ألوية الدجى. . . والشمس المودعة تلقي نظرتها الحزينة على قمم الجبال. إن جميع هذه المناظر كانت تحرك إحساسه فينظمه شعراً لطيفاً عذباً كما تنظم القيثارة أنغامها وتنهداتها!
وبعد أن مرت بالصديقين أيام قليلة أحب لامرتين تلك الحياة الشعرية التي يحياها الصيادون في مراكبهم تحت السماء الصافية، وفوق متون الأمواج، فتمنى كثيراً لو أتيح له أن يحيا تلك الحياة.
وشاءت الأقدار أن تحقق أمنية الشاعر، وأن يلتقي بفتاة طاهرة تلمع في صدرها محاسن الحب والعاطفة، فقاده حسن الطالع إلى التعرف بصياد شيخ في السبعين من عمره كان ينتصب دائماً قرب زورقه انتصاب الطيف بين الموت والحياة!!
هنا اكتمل الحلم وتحقق الأمل!! كان ذلك في ليلة من ليالي الصيف القمراء. . . بدا البحر فيها صافيا كمرآة العذراء في ساعة عرسها. . . أما السماء فقد تكللت بتاج من الأنوار لتضيء العيون وتهدي القلوب. . وفي وسط هذه التأثرات مرت بالشاعر العبقري أحلام موردة تركت في نفسه أثراً لا يمحوه الدهر
ثم تلت هذه الليلة ليال جميلة في زورق ذلك الصياد الشيخ!!
مات الصيف فأسرعت ربة الحقل بالرحيل لتستريح في وادي الذكرى. ثم جاء الخريف فتناثرت أوراق الأشجار واعتصب جبين الأفق بغيمة من تلك الغيوم السوداء المنذرة بخمود جمرة الأفراح. . . وفي ليلةٍ باردة أتفق الصديقان مع الصياد على سياحة في عرض البحر فركب الثلاثة الزورق وساروا يداعبون الموج بمجاديفهم الخشبية كأنهم في حلمٍ من الأحلام المزهزة. ولم تكد تمضي على ذلك ساعة حتى ثارت الأمواج منبئة بالكارثة الرهيبة. ثم أطفأت النجوم مصابيحها فاشتد حلك الظلام اشتداداً مخيفاً هو المصيبة العظمى. إلا أن الشيخ المسكين لم يستسلم إلى الهلكة فصاح بهم أن يغالبوا المنية حتى تلوي من أمامهم خاسرة مضعضعة.
وظلوا عالقين بين أشداق الموت ساعتين كاملتين حتى قذفتهم الأمواج الصاخبة إلى جزيرة تدعى (إبسكيا) كان بيت الصياد مبنياً فيها. . . وفي ذلك البيت الحقير كان يعيش الشيخ مع زوجه العجوز وحفيدته الحسناء غرازيلاّ.
لم تكن (غرازيلا) كسائر الفتيات. ولم تصنع مثلهن من طين وماء. . . لأن الله حباها بجمال رائع فتان. . . فعيناها سرقتا سوادهما من ظلام الليل، وجيدها التالع استعاد سحره من عرف الزهور البيضاء، أما قوامه الخالب فقد سكبته الطبيعة من ضياء الفجر لتبهر به عقل كل من يراها ويتأمل في معاني حسنها وجمالها
نشأت بين الصديقين والعائلة القروية ألفة لم تلبث أن تحولت إلى محبة سماوية، فاصبح الفريقان لا يحتملان ألم الفراق، وقد كونت هذا التقارب عاطفة غريبة بين الفتاة والشاعر، فإنها أحبته عندما ألقت عليه أول نظرة. وبعد أن درس (لامرتين) أخلاق العائلة وتبين مشاربها وأفكارها شعر بجاذب روحي مجهول يحبب إليه كل فرد من أفرادها.
وأحب أن يقرأ لهم في إحدى الليالي رواية (بول وفرجيني) ففعل. وفيما هو يقص عليهم تلك الفاجعة المؤلمة التي صورها كاتب فرنسا الكبير (برنادين دي سان بيير) أحس بدمعة حرى تتسايل على يده، فنظر فإذا غرازيلا تبكي جاثية عند قدميه، وإذا الشيخ وزوجه مطرقان كأن داهية دهياء حلت في تلك الساعة!
فكانت هذه الكآبة دليلا على رقة عواطفهم.
في إحدى الليالي تسلم رفيق الشاعر كتاباً من أمه تسأله أن يأتي إلى فرنسا لحضور زفاف شقيقته فرافقه لامرتين إلى نابولي، ثم ودعه وعاد إلى الفندق ليصرف فيه ليلته. غير أن لامرتين لم يكن يحس بالرابطة التي توثقه بصديقه إلا بعد أن فارقه. وعندما أقبل الصباح كان يقاسي آلام الشوق على سريره
وعلمت (غرازيلا) بمرض لامرتين فأسرعت إلى (نابولي) مع أخيها الصغير. ولم تكد تدخل عليه وتشاهد نحوله واصفراره حتى تفجرت بالدموع وجداً ولوعة. وبعد أن جلست قرب فراشه نزعت من جيدها أيقونة مقدسة وعلقتها فوق رأسه لتقيه من الموت، ثم خرجت متأثرة باكية تضرع إلى الله إلا يفجعها فيه!!
مضى على هذا الحادث أسبوع كامل شفي في أثنائه لامرتين من آلامه فعاد إلى منزل الشيخ. ولم يكد يطأ عتبة ذلك المنزل حتى أقبل أصحابه يعربون له عن تعلقهم ومحبتهم وإعزازهم. وكان في زيارتهم فتى في العشرين من عمره مشوه البنية، ولكنه طيب الأخلاق شأن أمثاله القرويين الذين لم تفسد المدنية عواطفهم. . . وسأل الشاعر عن أمره فقيل إنه ابن خال لغرازيلا، وإنه سوف يكون زوجها عندما تسمح الظروف. هنا شعر بمرارة خرساء تمزق فؤاده!
مالت الشمس نحو المغيب تاركة قبلة جرى على وهاد تلك الجزيرة الهادئة، وبمغيبها غمرت روح الشاعر سكينة عميقة ممزوجة بالأسى الساحق. . . وما أن صمم على ترك هذه الأسرة لتنعم بأحلامها وتأملاتها حتى وقفت غرازيلا والعجوز في سبيله قائلتين إنهما لا تسمحان له بمغادرة المنزل مادامت العائلة تعتبره فرداً منها. وظلتا تتوسلان إليه حتى رضى أخيراً.
وتسلل الحزن إلى روح الشاعر فأوى إلى حجرته ليذرف فيها دموعه. وكان عندما تهدأ ثورة عاطفته يلجأ إلى مذكراته فيبثها حنينه وشكواه!! مرت على هذه الحادثة ثلاثة أشهر فعاد إلى الشاعر انبساطه الماضي لأنه استعاض عن صديقه المخلص بغرازيلا الحبيبة التي كان يقضي معها أيامه ولياليه على شواطئ تلك الجزيرة الشعرية الساحرة. وهنا شاءت الحياة أن تضرم لوعة الشاعر. . . ففي ذات ليلة عاد إلى المنزل فلحظ انقباضاً مرتسما على وجهي العجوزين أما غرازيلا فكانت عيناها مملوءتين بالدموع
تساءل الشاعر عن سبب انقباضهم وحيرتهم فقال الصياد: إن خال غرازيلا جاء طالباً يدها إلى ابنه، ولما كان في هذا العقد سعادة للفتاة فقد أجابه الشيخ بالارتياح، أما غرازيلا فلم تنطق بغير دموعها السحاحة
عند ذاك أحس لامرتين بتعلقه بغرازيلا، فأهمه كثيراً أن تخرج من ذلك المنزل، وأن لا يراها فيما بعد صادحة بين جنباته وزواياه، ثم دخل مخدعه يائساً وانطرح كالمحموم لشدة تأثره. . . وعبثاً حاول الرقاد.
وكانت تلك الليلة باردة جداً، والبرق شديد اللمعان في الفضاء، والريح تئن كثكلى ترثي وحيدها، والسيول تتساقط بروعة فتلقي الرعب في القلوب. . كان باب الحجرة يضطرب كلما هبت العاصفة. وقد خيل إلى الشاعر أنه يسمع أنيناً جارحاً؛ وأن فماً يردد أسمه بلوعة وأسى!
وكما تبرز الدمعة من العين الباكية ثم تتلألأ على الوجه، برز الفجر من أحشاء تلك الليلة المخيفة، فأنار سفوح الجزيرة وأغوارها بضوئه الضعيف. في تلك الساعة استيقظ لامرتين من رقاده. ولم يكد يسمع صراخ العجوزين والأخوين الصغيرين حتى سُمِّرَ في مكانه. . . ذلك لأن غرازيلا فرت إلى مكان مجهول. وهاج الحزن في صدر الشيخ جميع الآمه فدنا من لامرتين وبيده ورقة مبللة كانت ملقاة على فراش غرازيلا ورجا إلى الشاعر أن يقرأها له فإذا هي تحتوي على هذه الكلمات المتقطعة:
(لقد احتملت كثيراً حتى أصبحت لا أقوى على الاحتمال أقبلكم قبلة الوداع. . . سامحوني. . . أفضل أن أكون راهبة متجردة من أحلامها وأمانيها على أن أعيش عيشة الذل مع الرجل الذي لم تهبني السماء إياه. . . ردوا الخاتم إلى ابن خالي. . . سأصلي لألفونس ولأخوي الحبيبين. . .) ولم يصل لامرتين إلى النهاية حتى ارتعشت يده وهوت الورقة إلى الأرض. وعندما انحنى ليلتقطها رأى عند عتبة الباب زهرة حمراء كانت تحملها غرازيلا دائماً، ووجد بجانبها تلك الأيقونة التي تركتها فوق رأسه يوم كان مريضاً. هنا علم أن الصوت الذي كان يناجيه في عتمة الليل هو صوت غرازيلا. . . فمضى شاكياً!
قضى الأمر وفرت غرازيلا لتدخل إلى الدير، ولكن فرارها راش سهماً ماضياً في قلب لامرتين. فخرج منتحباً بين الأودية والوهاد.
وعندما مالت الشمس نحو المغيب اهتدى إليها في أحد الأكواخ. وما أن رآها حتى جثا بجانبها ووضع يديها بين يديه ثم أدناها من فمه ليدفئهما بحرارة أنفاسه. وبصوت متقطع خاطبها قائلا: لماذا اختبأت هنا؟
فاعترفت غرازيلا له أنهم أرادوا أن يجمعوها بغير الرجل الذي اختارته روحها. . ثم قالت أنها لم تهب قلبها لغيره في العالم
وأحنى لامرتين رأسه ليشكو لها ما يكابده من يأس وحرقة فقاطعته قائلة:
(لقد صرفت ليلة أمس باكية عند باب مخدعك وعندما خرجت قلت في نفسي إني لن أراك أبداً لأني سأصير راهبة تنقطع إلى عبادة الله على ضوء الشموع، وفي ظلال انفرادها الطويل الملول. . ولكني قرعت باب الدير فوجدته موصداً وهكذا رجعت إلى هذا المأوى لأقضي فيه ليلتي. ثم أشعلت المصباح أمام صورة العذراء وخاطبتها قائلة: أيتها القديسة إني أهب حياتي بما فيها من صبوة وإغراء لخالقي. وإذا جاء غداً ذلك الحبيب فقولي له غني أحببته بكل ميولي وعواطفي، وإني هجرت العالم لأجله. . قولي إني ضحيت بأعز شيء لدي، هاهو ذا شعري الذي كان يحبه فإني أقصه. خذيه أيتها العذراء وأبقيه معك ليظل آمناً بين يديك.
وهنا نزعت منديلها من رأسها فبدت كغصن عرى من أوراقه!!
اختبأ الليل بين خرائب الأبدية ثم بزغ الفجر معلناً قدوم الشمس، فقدم الصياد مع عائلته ليتفقدوا غرازيلا. وعندما شاهدوا تلك الكآبة التي ارتسمت على محياها الناضر ركعوا قربها ملتاعين ونار الحزن تأكل أفئدتهم
عاد الجميع صامتين إلى الجزيرة. وبعد أن صعدوا صلواتهم لتختمر في الفضاء الوسيع ارتموا على مضاجعهم تحفزهم هيبة الأسى. وتظللهم أجنحة اليأس والانفعال
وسارت الأيام في طريقها. . . ففي ذات ليلة من ليالي الربيع الجميلة كان الشاعر نائماً في حجرته فسمع قرعاً قوياً على الباب ففتحه فإذا صديقه القديم يدخل عليه قائلاً:
(أتيت لأصطحبك حالاً إلى فرنسا لأن والدتك تريد أن تراك قبل موتها. فإذا لم تذهب تركت في قلبها غصة أليمة ترافقها إلى الأبدية)
أثرت هذه الكلمات في قلب (لامرتين) فعاوده دفعة واحدة تذكار الماضي الذي قضاه في حضن أمه. ولما لم يحتمل جسده المكدود قوة الصدمة وقع مغمى عليه. وعندما ثاب إليه روعه وعد صديقه بالرحيل.
ثم دخل حجرته ورتب ثيابه، وبعد أن أخذ ورقة وأفرغ عليها جميع ما تضمره روحه العظيمة، أقسم لغرازيلا أنه سيعود إليها عندما تبرأ والدته العزيزة من مرضها، وأراد أن يودع غرازيالا قبل رحيله فمنعه صديقه. غير أن الفتاة استيقظت حينذاك فهبت مذعورة. وعندما علمت حقيقة الأمر وقعت فاقدة الرشد
تسرب داء الغرام إلى قلب (غرازيالا) فاصفرت زهرة حياتها اصفرار الوردة عندما يمسها الخريف بيده القاسية، أما لامرتين فكان يهتف باسمها في الحلم واليقظة!
ولم تشأ غرازيالا أن تفارق الحياة دون أن تبثه أسرار فؤادها ولاعج غرامها فأرسلت إليه هذه الرسالة:
حبيبي الفونس
يقول لي الطبيب إني سأترك الحياة بعد حين، فلذلك أريد أن أودعك الوداع الأخير! آه يا الفونس، حبذا لو كنت قريبا مني الآن، إذا لبقيت حية. . ولكن هي إرادة الله أيها الحبيب
إن جسدي سيضمه التراب ويبلى سريعا أما روحي فستظل مرفرفة فوق رأسك إلى الأبد. إني أترك لك - كتذكار - لما بيننا من عهود - شعري الذي كنت تحبه وتداعبه بأناملك الجميلة فاحفظه لأن رؤيته تعيد إليك ذكرى تلك الليالي التي صرفناها معاً في هذه الجزيرة الحبيبة التي تحن مثلي إليك
(غرازيالاّ)
منذ ذلك اليوم انطبعت على محيا (لامرتين) كآبة خرساء وقطنت عينيه اللطيفتين أشباح اليأس والحنين. وكان كلما شاهد جنازة فتاة يخونه الصبر والتجلد فيرتمي على الأرض باكياً منتحباً! أما روحه فقد اتشحت بوشاح الحزن والكآبة حتى تفصدت بهذه القصة الرائعة المؤثرة التي فتحت لمؤلفها الشاعر العبقري مغالق الخلود
(البرازيل)
يوسف البعيني