مجلة الرسالة/العدد 137/بين الثريا والثرى
→ رسائل حاج | مجلة الرسالة - العدد 137 بين الثريا والثرى [[مؤلف:|]] |
الليلة الثانية عشرة ← |
بتاريخ: 17 - 02 - 1936 |
للأستاذ عبد الرحمن شكري
الحمل والجدي والسرطان: هي الأبراج المعروفة بهذه الأسماء، والمعنى هو أن الشباب لا يهتم بما يخبئ له القدر، كما يهتم من يرصد الأفلاك والأبراج ليعرف منها ما يخبئه له القدر
(الناظم)
الشباب
تذكرني الشباب، وقد علونا ... به فوق المجرة والنجوم
ونحن الخالدون، وكان حقاً ... خلوُّ الخالدين من الهموم
سوى الحزن الذي عقباه ضِحْكٌ ... يرن صداه في ضحك الهزيم
وطئنا فوق أطلال الدرارى ... وأشرفنا على بيد السديم
فلا حمل ولا جدي رقبنا ... ولا السرطان ذو البرج العظيم
وما من صولة الأقدار خفنا ... ولا لاحت لنا مثل الغيوم
بأرواح لها في الأفق مسعى ... وتحليق على العيش البهيم
ركضنا في السماء لكل نجم ... حُنُوَّ الطير للزهر العميم
وحوَّلنا وجوه الكون كأسا ... حسوناها ولم تَكُ من كروم
ولم نعبأ بما تُخْفِي الليالي ... ولم نَخْشَ المنية في الهجوم
وأسْلَفَنا الزمان نعيم عيش ... ولم نحذر مقاضاة الغريم
وكنا في ائتلاف الشمل نحكي ... نظام الشهب والدر النظيم
المشيب
سكنا الأرض بعد الأفق دارا ... وأُنزِلنا إلى بطن الأديم
وأُفْهِمْنَا القضاَء، ما فهمنا ... وقُلْ ما شئتَ في لغو العليم
وكُسِّرَت القوادم والخوافي ... وهِيض العظم في الجسم الكليم
صحونا للحياة، وما تراه ... من الخُلُقِ المُقَبَّحِ والذميم فمن حذر إلى بخل وذل ... وسوء الظن بالخلِّ الحميم
أَطَلَ الموت من كَثَبِ علينا ... وظِل الموت أصبح كالنديم
تُرَوِّعُنَا الصروف بكل خطب ... وخطب الموت أهون للفهيم
وضاعت جِدَّةُ الدنيا وصارت ... كأطمار على جسم العديم
يحاربنا التذكر والتمني ... كلا الأمرين يُفْضِي للهموم
وقدما قد نعمنا بالتمني ... وأمَّلْنَا الخلود على النعيم
وليت الذكر، وهو نذير شجو ... يدوم بروقة العهد القديم
سننسى أننا كنا قديماً ... على هام الثريا والنجوم
عبد الرحمن شكري