مجلة الرسالة/العدد 128/البريد الأدبي
→ القصص | مجلة الرسالة - العدد 128 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 16 - 12 - 1935 |
الصقالبة في الرواية العربية رد على ملاحظة
وجه إلى قارئ فاضل هو الأستاذ عطية الشيخ في عدد الرسالة الماضي ملاحظة بشأن ما ورد في مقالي (الصقالبة في الرواية العربية) تفسيراً لرواية الرحالة ابن حوقل البغدادي عن (صقالبة الأندلس). فقد ذكر ابن حوقل في رحلته المسماة بالمسالك والممالك عن الصقالبة ما يأتي: (وذلك أن بلد الصقالبة طويل فسيح، والخليج الآخذ من بحر الروم ممتد على القسطنطينية واطربزنده يشق بلدهم بالعرض، فنصف بلدهم بالطول يسبيه الخراسانيون ويصلون، والنصف الشمالي يسبيه الأندلسيون من جهة جليقة وأفرنجة وأنكبردة وفلورية، وبهذه الديار من سبيهم الكثير باق على حاله) (ص75)؛ قلت: (ومعنى ذلك أن الصقالبة الأندلسيين كانوا مزيجاً من الجليقيين (النصارى الأسبان) والألمان والفرنسيين (أهل افرنجة) واللومبارديين (أهل انكبردة) والإيطاليين (من فلورية))، ولكن القارئ الفاضل يريد أن يفسر قول ابن حوقل بأن الصقالبة كانوا يصلون إلى الأندلس عن طريق البلاد المذكورة، لا بأنهم كانوا يجلبون منها
وردي على ذلك هو أن المعنى الثاني هو الأرجح، وهو الذي اخترت الأخذ به، ذلك أن من بين البلاد التي يذكرها ابن حوقل أقطاراً كانت تقع في صميم بلاد الصقالبة في تلك العصور مثل لومبارديا (أنكبردة) وشرق افرنجة (ألمانيا)؛ وفي الوقت الذي زار فيه ابن حوقل الأندلس في أواخر عهد الناصر (أو أوائل عهد الحكم المستنصر) كانت كلمة الصقالبة تطلق في الأندلس على جميع الأجانب الذين يخدمون في البطانة أو الجيش؛ ولم يكن يقتصر في فهمها على الصقالبة الخلص، أعني سكان شرق أوربا وحوض الدانوب، وفي القسم الأول من مقالي شرح واف لتطورات هذه الكلمة، وذكر بعض المراجع التي تلقي ضوءاً على الموضوع.
م. ع. ع
التاريخ والسينما
كانت حوادث التاريخ وما زالت أعظم غذاء للمسرح والسينما؛ والمسرح القديم عريق ف الاقتباس من حوادث ووقائعه الشهيرة؛ ولكن السينما استطاعت على حداثتها تتوسع في هذا الاقتباس سواء من حيث الوقائع أوالمناظر لتفوق وسائلها الفنية، وقد بدأت السينما باقتباس كثير من حوادث التاريخ القديم وشخصياته، فرأينا على ستارهاحياة كليوباطرة، وصفحات كثيرة من التاريخ الروماني قبل رواية (كوفاديس) الشهيرة؛ ثم كان عهد القصص التاريخية الكبيرة مثل (الفرسان الثلاثة)، و (مونت كريستو)، و (الفرنسية) لاسكندر ديماس وغيرها، وفي الأيام الأخيرة رأينا ممثلاً نابغاً هو السير أرليس يحي لنا طائفة من أشهر شخصيات التاريخ الحديث مثل ريشيليو، وفولتير، والدوق ولتون وغيرها
وفي الأنباء الأخيرة أن شركة فنية إنجليزية قررت أن تخرج شريطاً مصوراً يمثل حياة أَلفرد نوبل المخترع السويدي جوائز نوبل الشهيرة للعلوم والآداب والفنون، وكان نوبل صورة رائعة التناقض، فقد قضي حياته في اختراع أصنافجديدة من المفرقعات المهلكة، ثم جعل كل ثروته بعد وفاته وقفاً على تشجيع العلوم والفنون، ورصد منها جائزة كبيرة تمنح كل عام لمن يقدم أجل خدمات لقضية السلام. وقد رأى نوبل قبل وفاته نتائج اختراعاته المهلكة في الحرب الفرنسية (سنة 1870) ورأى رائع فتكها ببني الإنسان فحزن لهذه النتيجةأيما حزن وغدت حياته عذاباً مستمراً، ورأى أن خير ما يكفر به عن هذا الإثم هو أن يهب كل ثروته التي جمعها من اختراع المهلكات لتشجيع أعمال السلام من علوم وفنون، وهذه المأساة المؤلمة وما يترتب عليها من العبر البالغة هي التي يريد مخرجو الشريط الجديد أن يبرزوها للناس
والظاهر أن التعاون بين السينما والتاريخ لن يقف عند تمثيل الحوادث التاريخية وإخراجها على هذا النحو، وانه لن يمضي وقت طويل حتى تقوم السينما بدور أهم في خدمة التاريخ؛ ففي باريس يعرض الآن شريط مصور (فلم) عنوانه (السينما في خدمة التاريخ) وهو عبارة عن شرح مصور لأشهر الحوادث التاريخية التي وقعت في الثلاثين عاماً الأخيرة، ومادته مأخوذة من الصور المعاصرة التي سجلت عن هذه الحوادث نفسها. ومعنى ذلك أن المؤرخ قد يرى في الغد القريب في السينما نوعاً من المحفوظات التاريخية التي يمكنه أن يرجع إليها ليحقق بعض المناظر والحوادث. ولا ريب أن تسجيل الحوادث بطريق التصوير وسيلة مؤكدة لإجراء مثل هذا التحقيق؛ وفي وسع المؤرخ أن يعتمد كثيراً على صورة لاجتماع برلماني، أو اجتماع دولي، أو مناظر ثورية، أو عسكرية، أو غيرها صورت وقت حدوثها، بأفضل مما يعتمد على الروايات المعاصرة ذاتها
مصادرة مؤلف ألماني
من أنباء النمسا أن الحكومة النمساوية قررت أن تصادر كتابا صدر أخيراً بالألمانية وعنوانه (الإمبراطورة اليزابيث وأنا) بقلم السيدة ماري لويز فون فالرسي لاريش، وقد أخرجته إحدى المطابع الألمانية في لايبزج. والإمبراطورة اليزابيث هي قرينة الإمبراطور فرانز يوسف وإمبراطور النمسا والمجر، وقد اغتالتها بعض الجمعيات الفوضوية في سنة 1898، وكان لمصرعها دوي كبير في أوربا. وقد كانت المؤلفة وصيفة في البلاط الإمبراطوري، وكانت صلاتها بالقصر والبلاط تهيئ لها فرصة الاطلاع على كثير من الأسرار والحقائق الملوكية؛ والظاهر أنها خرجت في مؤلفها المذكور عن حدود التحفظ المألوف
العيد المئوي لصمويل بتلر
احتفل أخيرا في إنكلترا بالعيد المئوي لمولد الكاتب والشاعر الإنكليزي الكبير صمويل بتلر، وكان مولده في نوفيمبر سنة 1835 في مقاطعة نوتنهام شير؛ وقضى طفولته فيما وراء البحار في زيلاندة، وتلقى بعد ذلك تربية جامعية حسنة في كمبردج. وكان بتلر ذا خلال ومواهب خاصة، فقد كان مصوراً بارعاً يتمتع في عالم التصوير بشهرة ذائعة، ولكنه نزل إلى ميدان الأدب فجأة وأخرج قصته الشهيرة (ايرهوم) وهي قصة طريفة تدور حول وصف عالم خيالي غير عالمنا وبلاد لا وجود لها إلا في مخيلة الكاتب على مثل (رحلات جوليفر) الشهيرة وهي قطعة تفيض بالمخاطرات والحوادث المدهشة، ولكنها تفيض أيضاً بالسخرية اللاذعة والتهكم المر؛ وقد قفاها في أواخر حياته بقصة أخرى من طرازها وعلى منوالها في سرد الحوادث وسماها (ايرهوم المنقحة) سنة 1901؛ وكتب بتلر أيضاً كتاباً أخرى منها (الحياة والعادة) و (التطور قديماً وحديثاً)، وهو مؤلف علمي يحاول فيه بتلر أن يدحض نظريات دارون في التطور؛ وكان آخر ما كتبه بتلر قصته الشهيرة تركها مخطوطاً ولم تظهر إلا بعد وفاته في سنة 1903؛ وله قصائد ومقطوعات شعرية كثيرة؛ وأهم ما يؤثر عن بتلر أنه كان بمثابة الأستاذ الروحي لكاتب من أعظم الكتاب الإنكليز المعاصرين ونعني به برنارد شو؛ وقد تأثر أيما تأثير بتفكيره وأساليبه في التهكم والسخرية اللاذعة. وكانت وفاة صمويل في سنة 1902
نادي الجامعيين
يدرس الآن أساتذة الجامعة المصرية فكرة إنشاء ناد لهم يقضون فيه بعض الفراغ، فيتبادلون المعرفة، ويتواضعون الرأي، ويتساهمون المودة. والفكرة حكيمة ولا شك، لأن توثيق الصلات الحرة بين ممثلي الذكاء المصري وأئمة الثقافة العالية له أثره البالغ في توجيه النهضة الفكرية، وتمهد السبل لها، وتوحيد الغاية منها
والمأمول أن نرى قريباً تحقيق هذه الفكرة
الفرقة القومية المصرية
افتتحت الفرقة الحكومية موسمها التمثيلي الأول مساء الخميس الماضي برواية (أهل الكهف) الأستاذ توفيق الحكيم، فسمعنا من وراء الستار قارئاً حلو النغم يقرأ قول الله تعالى في هذه القصة من سورة الكهف؛ ثم ابتدأ الفصل الأول بمقدمة موسيقية رائعة تترجم الصور الخيالية التي كانت تمر على الستار الأبيض مصورة اضطهاد المسيحيين في عهد دقيانوس قبل حادثة الرواية؛ وسنكتب عن الإخراج والتمثيل والرواية في عدد قادم