الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 1015/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 1015/البريد الأدبي

بتاريخ: 15 - 12 - 1952


أين الأدب المصري القديم

إن المطلع على الآداب القديمة على اختلاف مصادرها يجد كل أمة من الأمم غنية بتراثها الأدبي من شعر ونثر تستطيع به أن تتعرف إلى ملامح المجتمعات التي كانوا يعيشون بينها - سواء كانت هذه الأمم ذات نصيب من الحضارة كالرومان والإغريق، أو كانت تغلب عليها البداوة كالأمة العربية.

فإذا ما ذهبت لتبحث عن نصيب القدماء المصريين من ذلك لم تستطع أن تعثر على ما يشفي غلتك.

فلن تجد ناشئا من ناشئة الأدب يعرف شاعرا مصريا قديما كما يعرف (هوميروس) وإلياذته في الأدب الإغريقي أو (فرجيل) في الأدب الروماني.

فإلى أي شيء نرد هذا؟ أنرده إلى أنه ليس لقدماء المصريين أدب. وهذا غير معقول؛ لأنه لا يمكن أن تحيا أمة بلا أدب يترجم عن مشاعرها ويصور نوازعها. أم أن ذلك الأدب بلغ من التفاهة والعجز حدا لا يستطيع معه أن يتخطى سدود الزمن.

هذا ما نرجو أن يكشف عنه المختصون مشكورين.

محمد إبراهيم الجيوشي

حول الأدب والفن في أسبوع

تولى الأستاذ أنور الجندي تحرير باب (الأدب والفن في أسبوع) فانتظرنا التجديد والتطور الكبير لهذا الباب.

ولكن يظهر أن الأستاذ أنور لا يعطي هذا الباب من العناية ما يستحقه.

فقد كتب هذا الأسبوع تحت عنوان (ندوة الشباب المسلمين) في معرض الحديث عن المهرجانات التي أقيمت احتفالا بمولد الرسول يقول:

(فقد اشترك فيها عدد كبير من شعراء الشباب: الغزالي، ومخيمر، وشعلان، والعوضي، والمنشاوي، والتهامي، والماحي، وحمام، والعمادين، وجبر، وقاسم.

وأريد أن أسأل الأستاذ أنور بعد ذلك هل كان حاضرا تلك الندوة؟ يقينا لا! بدليل أنه مخيمر ولا شعلان ولا أحد العمادين تكلم إطلاقا في تلك الندوة.

ومن الغريب أن الأستاذ غالى بعد ذلك قائلا: (ومن القصائد التي لقيت الاستحسان قصائد مخيمر والنشاوي والتهامي) مع أن مخيمر لم يتكلم مطلقا كما قلت.

أرجو من الأستاذ أنور أن يعطي هذه النواحي بعض الاهتمام كي يخرج لنا شيئا يصح أن يقرأ فيفيد لا أن يعلق ويستنتج مقتصرا بذلك على الأسماء الواردة في بطاقة الدعوة.

محمود بخيت الربيعي الجهني

الباكستان أو باكستان

من غرائب هذا العهد الأخير أن قد أخذ يتزلزل فيه ما كان ثابتا متوطدا منذ القدم من قواعد النحو والبلاغة. فعادت بعض مسائل النحو مما كانت تجمع عليه العرب وتتخذ فيه مذهبا واحدا في العصور الماضية كأنف من الشمع في أيدي الكتاب، يلوونه ويعبثون به كيف يشاءون. هذا يميله إلى اليمين، وذلك يعطفه نحو اليسار، ثم يأتي الواحد فيتيامن به تارة ويتياسر به أخرى. من تلكم المسائل مسألةٍ إدخال الألف واللام على الأعلام الأعجمية. فقد أصبحنا نرى أخيرا أن الكتاب والأدباء من الناطقين بالضاد يكادون لا يتفقون على مذهب فيها بعينه عند تعرضهم لذكر بعض الأعلام الأعجمية التي ظهرت حديثا بظهور مسمياتها إلى حيز الوجود، ومن تلك الأعلام اسم دولتنا الناشئة: باكستان.

إنا لم نزل - ولا نزال - نقرأ كلمة (باكستان) ونتتبعها فيما يكتبه الكتاب والأدباء في مختلف المجلات والجرائد العربية، فلم نر من أمرها إلا عجبا!

في جريدة أسبوعية سيارة في القطر الجزائري، يستعمل نائب مدير الجريدة كلمة (باكستان) فيعرفها بالألف واللام، فيقول: (ولا يزال فن يتنقل في ربوع الباكستان). وأما مدير الجريدة المفضال وصاحب امتيازها المسئول فلا يكتب اسم وطننا - أينما كتب - إلا مجردا منها وممنوعا من الصرف، فيقول: (وانفصلت باكستان) و (وسكان البنغال وهي باكستان الشرقية)، و (لأن باكستان هي الأول في البرنامج. . .)

وفي الرسالة الغراء يتفضل الأستاذ أبو الفتوح عطيفة فيتناول القطر الباكستاني ببحثه الممتع في سلسلة بحوثه عن جميع الأقطار.

ولكنه لا يرضى أن يجعل لكلمة (باكستان) شكلا واحدا معينا في جميع المواضع من مقالاته تفاديا - على ما نظن - من سآمة القراء منه، فتارة يسبغ عليها جبة فضفاضة من الألف واللام، وأخرى يجردها حتى تتنفس في الهواء الطلق وتستحم من تعب الجبة.

هذه بعض الشواهد على ما قلنا آنفا. فنسأل إخواننا الكتاب والأدباء الأفاضل: لماذا هذا التشتت والاختلاف في مسألة كانت أحرى أن تكون موضع اتفاق للجميع!

أما ما نعلم في هذه المسألة فهو أنه من الثابت المحقق - أولاً - أن باكستان من الأعلام الأعجمية التي تمنع من الصرف أو التنوين وذلك على قاعدة النحو القائلة بأن العلم يمنع من التنوين أو الصرف.

(1) إذا كان أعجميا غير ثلاثي ساكن الوسط

(2) إذا كان مركبا مزجيا غير مختوم بكلمة ويه

وباكستان ولا شك علم أعجمي غير ثلاثي ساكن الوسط، كما أنها مركب تركيب المزج من (باك) و (استان) ومعنى الأول الطاهر، ومعنى الثاني الأرض أو البقعة، ومعنى المركب البقعة الطاهرة. والمعلوم أن من عادة العرب أنها لا تعرف بالألف واللام - في أغلب الأحوال - الأعلام الأعجمية التي تمتنع من الصرف، مثل لندن ونيويورك وأمريكا وآسيا وليفر بول وبتروغراد ودبشليم وبيدبا. . . بل ترسلها مجردة منهما. وأما ما كان ينصرف من تلك الأعلام الأعجمية لكونه ثلاثيا ساكن الوسط، فالعرب تارة تحليه بالألف واللام كالصين والهند، وأخرى ترسله عاطلا كنوح وشيث، والأمر كله يقف على سماع القوم.

هذا من جهة قواعد النحو. والذي قد استخرجناه من كتابات اللغويين المحققين والكتاب المتحفظين - حفظهم الله - في هذا العصر، أمثال الأستاذ أحمد حسن الزيات في مصر، والأستاذ محمد البشير الإبراهيمي في الجزائر، والأستاذ مسعود الندوي في باكستان، فهو أن كلمة (باكستان) قد أغناها الله عن التنوين وعن الألف واللام. ولا بد أن يكون عليه أساتذة العراق والشام ممن لم نطلع على استعمال (باكستان) في كتاباتهم.

ذلك ما عندنا في هذا الباب، ويا حبذا لو يتفضل أحد أساطين النحو والبلاغة في بلاد العروبة فيأتي بحكم قاطع في هذه المسئلة، حتى لا تبقى باكستان موضع خلاف ونقاش بين الكتاب والأدباء من الناطقين بالضاد، وهي دولة ناشئة ميمونة ينبغي أن تأتى مؤلفة بين الجميع!

بهاول بور - باكستان

محمد كاظم سباق

1 - من تاريخ الفقه الإسلامي

يقول الأستاذ عبد الوهاب خلاف (في 1 - 24 من مجلة الأزهر): ولهذا عني بتدوين الفقه فدون محمد بن الحسن كتب ظاهر الرواية، ودون سحنون المدونة في فقه مالك، وأملى الشافعي فقهه في كتاب الأم، وجمع ابن قدامة فقه أحمد في كتابه المغنى.

أقول: إن أبن قدامة صاحب المغنى توفى سنة 620 فالصواب أن الذي جمع فقه الإمام أحمد هو أبو بكر الخلال المتوفى سنة 311 ففي (شذرات الذهب في أخبار من ذهب ج2 ص361): أنفق عمره في جمع مذهب أحمد وتصنيفه، وله كتاب الجامع - لعلوم الإمام أحمد - وهو كبير جليل المقدار. وفي طبقات الحنابلة لابن الفراء: رحل إلى أقاصي البلاد في جمع مسائل أحمد. . وسبق إلى ما لم يسبق إليه سابق ولم يلحقه بعده لاحق. وقال الخطيب: جمع علوم أحمد. . . ولم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد أحد أجمع لذلك منه. وقال الكوثري: بلغ ما سجله من مسائل أحمد أربعين مجلدا.

2 - من تاريخ الفقه

يقول الدكتور أحمد أمين (1 - 24 من مجلة الأزهر) ومما امتاز به (الشافعي) اهتداؤه إلى علم الأصول ووضعه له ثم استنباط الحكام على وفقه مما لم يصل إليه إمام آخر. ولذلك كان مذهبه أكثر المذاهب انطباقا على المنطق بعكس الأئمة الآخرين فإنهم كانوا يعتمدون على فهمهم لآيات الأحكام وأحاديثها وكان الاستنباط كالملكات في نفوسهم.

وقال ابن العماد في (شذرات الذهب في أخبار من ذهب ج1 ص301): قال ابن الفرات في تاريخه: أبو يوسف أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة. وقال: الكوثري (في سيرة أبي يوسف القاضي ص33): قال طلحة الشاهد: أبو يوسف أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، كما حدث بذلك الخطيب البغدادي. فأوليته في وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة لا تنافي أولية الشافعي في وضع الكتب في أصول الشافعي، بل صنيع الشافعي في مناقشة من تقدمه في مسائل الأصول في كتبه من أجلى الأدلة على أن أوليته هي بالنظر إلى مذهبه فقط. ويقول الأستاذ عبد الوهاب خلاف في (1 - 24 من مجلة الأزهر): (أصول الفقه دون فيه أبو يوسف ولم يصل إلينا ما دونه، ودون فيه الإمام الشافعي رسالته وهي أول مدون في أصول الفقه بين أيدينا). ولا يتسع المجال هنا لبسط قواعد الاستنباط وأصوله عند الإمام النعمان وغيره من الأئمة.

محمد شفيق