مجلة الرسالة/العدد 1015/الأدب والفن في أسبوع
→ رسالة الشعر | مجلة الرسالة - العدد 1015 الأدب والفن في أسبوع [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 15 - 12 - 1952 |
للأستاذ أنور الجندي
طه حسين بين الأدب والسياسة
في خطاب من الأديب عبد اللطيف فايد يقول (كتب الأستاذ محمود عبد المنعم مراد في جريدة المصري في 28 نوفمبر سنة 1952 بعنوان (في الأدب والحياة) تعرض فيه لمؤلفات الدكتور حسين فوزي، وقد دفعه مديح المؤلفات وصاحبها إلى اتهام الدكتور طه حسين بما هو منه بريء. إذ قال في معرض الحديث مخاطبا الدكتور حسين فوزي (أصدقاؤك الذين احترفوا الأدب وزاولوا السياسة، وجعلوا الأدب وسيلة لتلهية الفارغين ليزيدوا كتبهم انتشارا، كما اضطروا إلى مذاراة الحاكمين والمحكومين ليصلوا إلى كراسي الحكم. ومن هؤلاء صديقك الذي أهديت إليه كتابك الجديد الدكتور طه حسين).
وإن القارئ ليقف أمام هذا الاتهام وقد استولى عليه العجب من كل جانب، لأنه إن جاز هذا على بعض الأدباء، فلن يجوز على أستاذنا العميد، وأدب العميد ليس في حاجة إلى التعريف فنقول للكاتب الفاضل إن الدكتور طه حسين لم يجعل الأدب وسيلة لتلهية الفارغين كي يضمن لكتبه الذيوع والانتشار.
وأينما قرأت له وجدت الإيمان بالفكرة، والأدب الرفيع الذي يستعصي العثور على مثله.
ثم أعود فأسأل الأستاذ مراد ألم يقرأ الأيام ومستقبل الثقافة وحديث الأربعاء وعلى هامش السيرة والوعد الحق وغيرها مما تفخر به المكتبة العربية من مؤلفات العميد، وهل كانت هذه الكتب وسيلة لتلهية الفارغين!!
وأود أن أقول للكاتب إن الدكتور طه حسين لم يصل إلى كرسي الوزارة عن طريق التملق ومداراة الحاكمين والمحكومين. . لأننا لم نعثر على أديب شق طريقه بكفاحه وجهاده وإنتاجه حتى وصل مرتبة سامية كالدكتور طه. ثم ما عيب الأديب إذا اشتغل بالسياسة وحافظ على مبادئ أدبه ولم يجعل منها طريقا للإثراء والغنى. والحق أن السياسة كانت دائما في حاجة إلى جبه من الأدباء ليهذبوا حواشيها وليسخروها لإسعاد الناس.
فليبحث الكاتب عن أديب آخر زاول السياسة حتى صار.
وبعد فهذه كلمات اقتطفتها من رسالة الأديب عن طه حسين وليس لي بعد ذلك أن أق شيئا، فطه حسين كاتب وهب نفسه للأدب خالصا مجردا، وقد عاش لفنه مجاهدا، باذلا من أعصابه ودمه وروحه.
وكان في كل وقت المناضل المكافح، الذي يحارب الظلم والطغيان. ويكفي أن يكون طه حسين قد اختير من بين 150 عظيما في العالم، كأعظم شخصية في الشرق، ويكفي أن نقدم هذا للأستاذ مراد. .
والحق أنني لست أدري ما هو وجه الشبه بين طه حسين وحسين فوزي مما يدعو إلى أن يقحم الأستاذ مراد الدكتور العميد عند الحديث عن مؤلفات حسين فوزي؟
والعجيب أن أقرأ هذا في الوقت الذي أستمع فيه إلى حوار مع طلبة إحدى الجامعات في راديو الشرق الأدنى وقد أخذ المذيع يسأل الطلبة عن الكتب التي يقرءونها فأجاب 8 من عشرة منهم بأنهم يقرئون كتب طه حسين. . .
هل يكتب تاريخ مصر من جديد. .
كتب الأستاذ محمد عبد الله عنان في الأهرام يصف المحاولات المنظمة التي قام بها الطغاة والمستبدون، لتحريف تاريخ مصر فقال (لقد بدأت هذه المحاولات المنظمة، لطمس معالم تاريخ مصر الحديث في وقت مبكر، عصر محمد علي ذاته، فطورد الجبرتي مؤرخ العصر، وطورد مؤلفه وشوه وبترت منه صحف مما يتعلق بأعمال محمد علي وتصرفاته. ومن خلال هذه الحقبة الطويلة من تاريخ مصر وحياة الأمة المصرية لم يصدر مؤلف شامل رصين تعرض فيه الحوادث والصور على حقيقتها، ويعرض فيه حكم الطغاة وأهواؤهم وأخطاؤهم بأسلوب نزيه حق، وتعرض فيه حياة الشعب المصري وآلامه وكفاحه وجلده في نفس الصور الأليمة المؤثرة التي كان يحياها، ذلك لأن الطغاة كانوا دائما بالمرصاد لمن يحاول أن يجلو الحقائق المنزهة، وأن يجعل من تاريخ الأمة شيئا يذكر إلى جانب سيرهم).
وأنا أستميح المؤرخ الكبير الأستاذ عنان القول بأن مؤرخا واحدا استطاع أن يكتب تاريخ مصر في حرية وجرأة وقوة بعد (الجبرتي) ذلك هو عبد الرحمن الرافعي.
إن من يقرأ الفصل الذي كتبه عن (أحمد فؤاد) في الجزء الثاني من كتاب (في أعقاب الثورة) يعرف كيف استطاع الرافعي أن يقول رأيه في صراحة كمؤرخ في هذا الملك، في وقت كان الطغيان فيه قد بلغ حده ومداه، وقد احتمل الرافعي في سبيل ذلك عنتا كثيرا ولم يعبأ بذلك فقد كان مؤمنا بما يقول.
وبعد فنحن نرجو أن يكتب الأستاذ عنان تاريخ مصر من جديد بعد أن أمضى هذا الوقت الطويل دون أن يكتب شيئا عن مصر الحديثة.
حياة المازني
. . . وهذه صورة جديدة من الوفاء لكتاب مصر العباقرة الذين ذهبوا، أذكر اليوم كيف حملت (الرسالة) عبء الوفاء للرافعي، عندما كتب سعيد العريان حياة الرافعي. وظل يتلقى السهام من كل مكان.
. . . كنت اعلم أن الأستاذ محمد محمود حمدان قد كتب قصة المازني بعد وفاته، وكان قد اعد هذه الفصول لتكون كتابا، ولكن ظروفا حالت دون نشرها، حتى أتيح لها أن تطالع قراء الرسالة. في نفس المكان الذي طالعتهم فصول حياة الرافعي.
وقد كان المازني أحد كتاب الرسالة وأحد دعائم الأدب العربي المعاصر.
القصصي العالمي
كتبت إلى الآنسة (ليلى مسلم) تقول (في صحف فرنسا الأدبية هذا الأسبوع أن لجنة مكونة من أندريه موروا وفرنسوا ورياك قد اختارت 12 قصة من بين 123 قصة لنشرها في مجموعة
خاصة هي:
أدولف، الأحمر السود، الخيبة المزدوجة، الأب جوريو، مدام بوفاري، دومنيك، البلياد، الطفل، جرمنيال، التلميذ، سارق الأدب، في طريق.
وهي لكونستان، واسنتدال، ومريمي، وبلزاك وزولا، وبورجيه وغيرهم.
وطلبت الآنسة (ليلى) أن تترجم مجلة الرواية هذه القصص لتقدمها إلى قراء العربية في نفس الوقت الذي تقدم فيه إلى قراء الفرنسية)
ونحن بدورنا نرفع هذه الرغبة إلى صاحب الرواية.
والفن شهدت القاهرة فيلم (مصطفى كامل). . . هذا البطل الوطني الأول. . . وبقى أن نشهد أفلاما عن محمد فريد وعمر مكرم ومحمد كريم وحسن باشا. . . إن مثل هذه القصص هي زاد روحي غاية في القوة للمصريين في هذا العصر الجديد، الذي يعيش فيه الناس على الحقائق الوطنية وعلى المعاني الروحية الخالصة.
لقد عاشت مصر طويلا، تشهد قصصا كلها التهريج والإثم والهوان، ويجب أن ينتهي هذا، مع العهد المظلم الذي انتهى. .
إن المصريين الآن يستقبلون عهدا جديدا،. . جديدا في كل شيء، وعليهم أن يستقبلوا أدبا جديدا وفنا جديدا. . أدب القوة وفن القوة، الأدب والفن المطبوع على الحرية والحيوية والسمو.
والنشيد الوطني، يجري الحديث هذه الأيام حول تغييره. . وهو اتجاه محمود، إننا نريد أن نحس أننا في عهد جديد، في كل شيء، ولا نريد أن نسمع هذا الصوت الذي أتصل يوما بالطاغية. . . المطرود!
ميدان جديد
دعت السفارة الباكستانية إلى مسابقة شعرية في موضوعات أربعة.
أولا: الإسلام وحدة عالية.
ثانيا: رسالة الباكستان.
ثالثا: محمد بن القاسم.
رابعا: محمد إقبال.
ولا شك أنه ميدان جديد يفتح المجال أمام شعرائنا للحديث عن الإسلام والحضارة والتاريخ، ونحن أشد الحاجة من الناحية الثقافية لأن يقتحم شعراؤنا هذه الميادين الخالدة من الإنتاج بعد أن تعثرت خطواتنا طويلا في أدب المناسبات والشعر التقليدي.
أنور الجندي