مجلة البيان للبرقوقي/العدد 56/فتاوى الأطباء في التقبيل
→ اليوجنيون | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 56 فتاوى الأطباء في التقبيل [[مؤلف:|]] |
الشعر والمدينة ← |
بتاريخ: 1 - 6 - 1920 |
أنُقَبِل أم لا نُقَبِل؟
وضعت إحدى المجلات الغربية المشهورة هذا السؤال على بساط البحث واستفتت فيه صفوة الأطباء في الغرب فجاءت من نواحيهم جملة من الفتاوي الطبية الشائعة، وها نحن أولاء ناقولها لقراء البيان حتى يدركوا لذة التقبيل وآلامه وأخطاره.
فتوى الطبيب روبرت بل
نائب رئيس جمعية الأبحاث الدولية في السرطان
لا مراء في أن التقبيل جائز مقبول إذا أريد منه أن يكون دليلاً على الحب. وكان الشخص المقبل وصاحبه الذي تطبع على وجنته القبلة يعرفان بعضهما البعض المعرفة الأكيدة ويعرف عنهما أنهما صحيحان سليمان من الأمراض، نقيان من العلل. أما التقبيل الذي يأتي عفو الخاطر ويرمي على خدود الناس بلا تمييز ولا احتراز ولا معرفة فلا بد من اجتنابه اجتناب السم الزعاف والوباء المجتاح. لأنه قد ينقل سما ليس في خطورته أقل من مركبات السموم. فهو وسيلة من وسائل العدوى، ولهذا كان واجب الأمهات والمرضعات أن لا يسمحن لأحد من الغرباء بتقبيل أطفالهن وتدليلهن، بل ينبغي لهن أن لا يأذن لأحد من الأصدقاء، وأعز الصواحب بأن يقبلن الأطفال إذا كانت ثمت خالجة من الشك في أفئتهم من صحة اولئك الصحاب والخلطاء وسلامتهم من الأمراض إذ لا ريب في أن التقبيل ينقل العدوى إلى الأطفال وإن كان الهدف إظهار الحب وإبداء ما تكنه العواطف من المودة والاعزاز للولد والصبيان المساكين.
أما تقبيل القطط والسنانير والكلاب الصغيرة فالخطر كل الخطر حتى وإن لم يكن في ذلك شيء من الأذى. وقد تسلم هاتيكم الحيوانات منه إذ المعروف عنها أنها تحمل جراثيم المرض في فروها وشعرها وأوبارها. ونحن خلقاء أن لا ننسى أن تلك الديدان التي تعم جسوم تلك الحيوانات والقراض الذ يجري مكاسر جلودها وثنايا بشرتها لا تزال وسائط لنقل المرض وسريان العدوى. ولذلك كان من الواجب أن يحذر الأطفال المستهترون بملاطفة الكلاب والقطط من حملها في أحضانهم وتقبيل أفواهها ووجوهها.
وإني أعضد الطبيب الفرنسي الذائع الذكر مسيو روم في آرائه المتعلقة بمضار وتقبيل الكلاب والقطط خاصة، ولثم الغرباء وجنات الأطفال والوليدات الصغيرات.
- * *
فتوى الطبيب روبرتسون ولَس
على الرغم من أننا لا نستطيع اليوم أن نستأصل عادة تغلغات منذ أقدم عهود الإنسانية في أعماق الطبيعة الآدمية. وذاعت في كل بلاد الحضارة. نقول أنه يجب أن نجتنب التقبيل الطائش. واللثم النزق. الذي لا نضن به على أي فم، ولا نمسكه عن أي شفة وثغر، إذ لا ريب في أن الخطر الأكبر أن يقبل الإنسان مريضاً لا يزال تاريخه المرضي مشكوكاً فيه. وأشد الناس تعرضاً لهذا الخطر، واستهدافاً لهذه الآفة، الأطفال والصبيان الصغار والبنات القاصرات لأنهم يعدون حلية في الدار لا يستطيع أولئك الأشخاص الوثابة عواطفهم الذين لا يجلدون عن إمساك شعورهم، وضبط إرادتهم فيهرعون إلى تقبيل أي إنسان، أن يزجروا هذه الحاسة ويعينهم على ذلك عجز الاصبية عن المقاومة ورفض هذا الوابل الواكف من اللثمات. فهؤلاء الناس، بل أولئك الموزعون أمراض الدنيا على الناس. أولئك أعوان الجراثيم وحملتها ونقلة ألمراض وحفظتها. لا يترددون في تقبيل الكلاب والقطط والأطيار والكنار، ويجدون في ذلك لذة كبرى، وفرصة عظمى لا يجدونها في شيء آخر أبعث على الفرح والسرور في تقبيل كلب لاهث أو قطة كسلى. وقد يكون هؤلاء الناس أقوياء الجسوم في مأمن من العدوى. وحرز حريز من الجرائيم فلا يحلمون يوماً أنهم قد يروحون على الرغم من سلامتهم من فعل الجرائيم، أشد الوسائط في نقلها إلى الناس. بل قد يجرون على غيرهم العلة المعضال وق يسوقون إليهم المنون ويجلبون أشد الأخطار لأولئك المساكين الذين يظهرون لهم دلائل الحب بالتقبيل. فيودعون كل مكروبات الأمراض فوق خدودهم ووجناتهم.
وليس ثمت بلد أدرك قانون الصحة من ناحية التقبيل وتبع تلك الرسوم والتعاليم الصحية. كبلاد الأمريكان. فقد درسوا قانون التقبيل الواجب أشد درس. وهناك يرون أن التحية التي يرد القاؤها من الشفاه يجب أن تكون في شكل طاهر نقي من الجراثيم. وقد اخترع أحد علمائهم برقعاً يسمى برقع التقبيل وهو أشبه بحاجز يوضع الشفتين والشفتين. حتى يكون العاشقان في مأمن من كل مرض وعدوى. وهذا الحاجز قد يستعمل عندما لا توجد شفاه تقبل، وثغور تلثم، مضرباً صغيراً للعبةالتينس المنزلي. وهذه الأداة الجديدة عبارة عن شبكة مدهونة بمادة مطهرة تقتل الجراثيم قبل أن تصل من الفم إلى الفم. وما أعجب أن يرى الناس روميو وجولييت هذا الزمان واقفين وفم كل ممتد إلى صاحبه من وراء مصفى أشبه بمصفى الشاي. ولكن الأمريكان لا يزالون أمريكان في كل شيء. وعندهم ان قانون الصحة قبل قانون الحب. على أن العشاق في بلادنا هذه وفي جميع بلاد الله الأخرى سيستمرون على مص الشفاه ولثم الأفواه بالطريقة الطبيعية الفرحة. محتجين على تداخل الطرق العلمية والمواد الكيماوية في غرامهم وأكبر لذاذات حبهم. قانعين من جميع الأخطار بخطر واحد وهو ارتباطهم برابطة الزواج.
- * *
فتوى الطبيب هنري روبرتسن
أستاذ التحاليل الكيماوية في جامعة لندن
لاخفاء في اننا لو حرمنا التقبيل وجعلنا اللثم سنة ملغاة ومحظوراً لا يجوز ارتكابه رفعنا من قيمة القبلة وزدنا في حب الناس لها، وأولع بها العشاق واستهتر بها الناس عامة. وارتفعت قيمتها ألف مرة عما هي عليه اليوم. على أننا نقول آمنين النقد أن ليس في كل ألف قبلة قبلة واحدة تجد لها مبرراً بيولوجياً.
على أن التقبيل بين المحبين أمر طبيعي جداً. ولذة محبوبه الحب كله. ثم يأتي بعد ذلك قبلة الأم طفلها. ولثمة الطفل وجنة أمه. وما بعد هذا من القبل يجب أن في عرف العقل ومبادئ الأخلاق أن يعد جريمة عظمى. وأما القبلات الباردة العادية التي تقع بين شفاه الممثلات ومن أفواه العمات والخالات والعجائز والقواعد من النساء والدردبيسات والخيزبونات. فمن الطيش والسخف والرذالة بحيث لا نستطيع أن نصف. إذ لا لذة فيها البتة ولا فرح ولا معنى. ثم لا يزال تقبيل الطفل الصغير على كره منه وضد إرادته جريمة يحل لها العقاب.
أما القول بأن للتقبيل أضراراً صحية. ومحاولة منعه وحشد جملة من المعارضات الطبية لمقاومته فكلام في فارغ، فإنني رجل خبرت الطب دهري. ولي عهد طويل في هذه الصناعة. وقد مضي عليّ اليوم عشرون حولاً وأنا أرى في كل يوم مائة مريض في عيادتي - وهو معدل مضبوط لزواري م طلاب العافية - فلم أرى في حياتي حادثة مرض كان السبب الأكبر فيها قبلة من الشفة، أو لثمة منة فم. ولكن بالطبع لا يجترئ أحد إلا الأبله العبيط على تقبيل شخص مريض بتلك الأمراض الخبيثة المعروفة. ولكن أمثال هذه الحوادث نادرة فلا تعبأ بتخويفات أؤلئك المخوفين الذين يريدوننا على الاعتقاد بأن التقبيل على وجه العموم خطر مخيف.
وقد اخترعت أمريكا للتقبيل مضرباً شبكياً. وقد تفيد هذه الأداء الحديثة بعض الناس. ويمكن حملها في الجيب كالمنظار. لاستعمالها وقت اللزوم. عندما تعرض خدود للقبل. ويراد بالطبع لثمات على الوجنات. ولا أظن منظر المتحابين وهما يخالسان بعضهما البعض تلك القبل الجميلة من وراء هذا المصفي العجيب يخلو من الفكاهة والتسلية.
وأنا شخصياً متأكد أنه إذا وقع التقبيل فقط بين المتحابين اللذين يجدان إليه روحاً ويفرحان به وينعمان. فلا ضرر البتة منه ولا اذاة. من الوجهة الطبية ولا من الوجهة الأخلاقية. اللهم إلا في أدمغة الفلاسفة الاجتماعيين الذين يتهرسون بالاصلاح والتهدذيب.
- * *
فتوى السير مالكولم موريس
وهو الحجة الكبرى في محاولة استئصال أمراض السل والأمراض الجلدية.
أول ما أقول يجب أن لا نفزع من التقبيل ونفرق. وينبغي أن لا نخوف الناس من ناحية عادة اتفقت عليها الإنسانية جمعاء.
والأمر الثاني يجب تحذير الناس أخطار التقبيل الطائش المتسرع قبل الخبرة والائتلاف. أما القبلة المنزلية بين الأهل والأهل في الصباح عند الخروج من لمضاجع. وفي الليل عند الانزواء في الفراش. فلا ضرر منها البتة. ولا خوف على أهل الدار منها. إلا بالطبع حيث تقع علة البرد والانفلونزا لأحد من أفراد الأسرة. إذ يجب إيقاف ذاك التقبيل حتى تنقشع العلة.
ولا يمكن أن يقال أن هناك ضرر من القبلة المنزلية الاعتيادية تلك اللمسة فوق الجبين أو الخد. أما القبلة المفعمة (المليانة) فوق الشفتين فتلك قبلة خطر ينبغي للإنسان اجتنابها إذا لم يكن مستوثقاً بسلامة الفم الذي ييريد أن يقبله من كل مرض.
- * * فتوى الطبيب س. و. صليبي
(العالم اليوجني الطائر الصيت)
أظهرا الاحصائيات ولا سيما في مستشفى اللقطاء بموسكو. أن لوفيات في الأطفال الذين تقوم أمهاتهم على حضانتهم وبأمر تربيتهم. بمعدل نصف الوفيات في الأطفال الذين يلقون رعاية من المرضعات. وقد شرح الأستاذ بيريتشارد في جلسة من جلسات مجمع الأبحاث الطبية في درجة المواليد سر هذه الحقيقة العلمية. فقال أن الطفل وهو لا يزال جنيناً يتلقى من أمه نصيباً من مقاومتها للجراثيم التي تجتمع في أنفها وفمها وحلقها ولهذا لا خطر على الطفل من عناق أمه وتقبيلها وتدليلها إياه وأنا أقول انه لا ينبغي كقاعدة عامة أن يقبل الطفل أحد غير أمه.
فتوى اللورد دوسون
(طبيب الملك جورج)
القبلة هي فرصة من الفرص الكبرى في الحياة لا أراني متردداً في المجازفة والاجتراء على التقاطها مهما كلفني ذلك.
هذه فتاوى الاطباء في القبل ولو نحن سألنا رأي أهل الحب فيها لهزأوا بالطب والأطباء. وسخروا من العلل والأدواء. وأثاروا حرباً شعواء على المجتمع لا ينتهي أمرها إلا بأن يكون التقبيل عاماً. يؤدى في الطرق. وتسمع وسوسته من كل ناحية. . . . . .