الرئيسيةبحث

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 43/فتاوى في الحب والزواج

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 43/فتاوى في الحب والزواج

مجلة البيان للبرقوقي - العدد 43
فتاوى في الحب والزواج
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 1 - 9 - 1918


وضعت إحدى المجلات الانكليزية المشهورة عدة أسئلة خطيرة في الحب وألقتها إلى جمع من أكبر كتاب العصر في انجلتره، وآثرت منهم الروائيين على سائر الكتاب، لأنها علمت أن الروائيين هم كتاب العواطف، وأساتذة علم النفس، وهم أخبر بأسرار النفوس، وأوسع علماً بأفانين الحب من غيرهم، فجاءت أجوبتهم غريبة في بابها، لا تخلو من تناقض، ولا تزال متعارضة متباينة، ونحن ننقل إلى قراء العربية جملة من هذه الآراء بعد أن نبسط لهم هذه الأسئلة بترتيبها:

الأسئلة

السؤال الأول - أي الحبين أقوى من صاحبه، حب المرأة، أم حب الرجل؟

السؤال الثاني - هل ينبغي للمرأة أن تظهر حبها؟

السؤال الثالث - هل يجوز أن يحب المرء أكثر من شخص واحد في آن واحد؟

السؤال الرابع - هل يحدث الحب يوماً بمجرد النظرة الأولى؟

السؤال الخامس - أترون الزيجات القائمة على الحب خير ضروب الزيجات؟

السؤال السادس - هل يجوز أن تحب المرأة ذات الوجه الدميم كما تحب الحسناء؟

السؤال السابع - هل يمكث الحب إلى الأبد؟

الأجوبة

فأجاب على هذه الأسئلة الكاتب الطائر الصيت والروائي المبدع هوراس انسلي فاتشل فقال:

1 - حب المرأة أقوى من حب الرجل عامة لأنها ترى في الحب معنى غير ما يرى فيه الرجال ويشغل الحب في فؤادها جميع أفكارها ووحي نفسها.

2 - أعتقد أن الحب باعث الحب والهوى وليد الهوى والعالم ممتلئ بالنساء النصف والسيدات اللاتي اجتزن حدود الصبا يعشن وحيدات مبتردات العاطفة مريرات العيش لأنهن في بعض أدوار أعمارهن لأمر عظيم أو حادث تافه في تيار الحياة وآذيها، أخفين عواطفهن عن الرجل الذي كن يحببن حياء منهن وخجلاً أو كبراً وعزة أو تيهاً ودلالاً.

3 - بلا ريب فإن متعددي الزيجات يؤكدون جواز هذا الحب وإني لأذكر رجلاً أخلص حبه لزوجتين في عصمته إذ جعل يقسم بينهما بالسواء زمنه وماله وعواطفه ولم يعرف المرأتان قدر هذا الحب إلا بعد وفاة الرجل فراحتا تخلصان إحداهما إلى الأخرى وتحملان الحب الذي كان في جانحة الرجل لكل منهما.

4 - لا شك في ذلك فقد حدث أن رجلاً من كبار القواد التقى بفتاة في صبيحة يوم فتزوجها في مسائه وعاشا على محض الحب والوفاء.

5 - لا مشاحة في ذلك لأن زوجاً بلا حب إذا راح موفقاً مسهماً في النجح فإنه أشبه شيء باشتراك في متجر وتضامن على عمل.

6 - أتظنون أن المرأة الدميمة تلوح كذلك في عيني الرجل الذي يحبها؟ فلكم من نساء قبيحات أرسلن وحي الحب في أفئدة على مر الزمن وكر الغداة والعشي.

7 - هذا سؤال صعب الاهتداء إلى حله ولا يستطيع إنسان أن يجيب عليه ولكن لنتوقع أن يزهر الحب في تأثيره العظيم فيبقى آخر الحياة فكذلك يعتقد الروحانيون.

آراء البارونه اورسازي

وقالت البارونه اورسازي، وهي من أكبر الروائيات في العصر الحديث، وأخبر الكاتبات بالحب، وقد وضعت عدة من الروايات في الثورة الفرنسية، بذت فيها ديماس وأبدعت الإبداع كله، وقد اختلفت آراؤها في بعض النقط عن آراء الكاتب الذي بسطنا أجوبته:

1 - يصعب في المسائل التي تمت إلى علم النفس بسبب أن يرسل الإنسان القول عامة، ويعمم في رأيه، ولكن لنا أن نذهب إلى القول بأن حب المرأة أقوى من حب الرجل، لأنه أجلد منها على المقاومة والمغالبة، وأقدر على الاستمرار والبقاء، والحب عند الرجل - ونعني بالحب أسمى مراتبه وأطهر أنواعه، ولا نقصد بذلك إلى الحب الجنسي وإن كان قوياً شديداً - يجب دائماً أن يكون مقروناً بالاحترام والإعجاب بالخلق أو الذكاء النسائي - والرجل لا يستطيع أن يطاوع النفس فيتزوج بالمرأة التي لا يشعر من ناحيتها بشيء من الاحترام، ولذلك كان خليقاً بنا أن نذهب إلى أن في حب الرجل للمرأة تقديراً وتفكيراً معيناً إذ يحسب لحبه حساب الشرف والنبل وفضل المرأة التي يحب ومحاسنها، ولكن حب المرأة نقيض هذا الحب، إذ المرأة لا تحب الرجل لنبل قدره وفضله، ولكن كثيراً ما يكون حبها إياه على الرغم من ذلك، فإنها قد تخف إلى بذل مهجتها وسويداء قلبها طوعاً وبإخلاص نية إلى مخلوق حقير، خفتها إلى بذلها لرجل عظيم، وتمنح فؤادها مجرماً شنيعاً إذا وقعت في هواه، كمنحه البر الطاهر أخا الفضل، والرجل دائماً يقول في أعماق نفسه إذ يحس عيباً من العيوب، أن هذه المرأة ليست خليقة بأن تكون والدة لبني وأطفالي: وإن كان يحس نفسه أسيرة تلك المرأة ومفتونة بشخصها، ولكني أشك في أن تاريخ هذه العاطفة العظيمة كلها يحوي ذكر امرأة واحدة من نساء الدنيا قاطبة قالت في ظروف شبيهة بتلك. . كلا، إن هذا الرجل ليس خليقاً بأن يكون لأطفالي أباً، ولأسرتي رأساً!. .

2 - إذا أحبت المرأة حقيقة فستجد نفسها لا تطاوعها على مغالبة كتمان حبها فإن هذا الحب سينم عن نفسه في مئات من السبل وألوف من الظروف التافهة الصغيرة، ولعل حبيبها لا ينتبه لذلك وإن كان يعمل على أن يجتذب حبه إليها إذ ليس في الحياة ما هو أشد من الحب الكامل الحقيقي مغناطيساً.

3 - لا يقع ذلك مطلقاً، إذا كنا نقصد بالحب إلى الحب الحقيقي التام، حب الروح، أو القلب أو النفس أو أي اسم تختار للتعبير عن الجزء السامي في الإنسان إذا امتزج بحب البدن، وإنما قد يجوز أن يروح حب الرجل أو المرأة أسير شخص آخر بالحواس بينما يحتفظ بعاطفة عميقة نحو شخص غيره، ولكن هاتين العاطفتين في نفسهما لا تسميان حباً.

4 - ليس الحب نباتاً ينمو وزرعاً يزكو، بل الحب قوة عنصرية روحانية تخلق خلقاً.

5 - بلا شك، فليس أكره لنفس المرأة الحساسة، من زواج بلا حب، فإذا لم تكن امرأة ذات جانحة حساسة، بل كانت عروساً خشبية لا أقل ولا أكثر وكانت مادة بلا روح، ومدراً من الآجر الجميل، أو مخلوقاً بلا تفكير، يرضيها أن تكون فقط في بيت رجل، أو ذات مكان اجتماعي، فلا يرتقب من مثلها أن تجعل الرجل سعيداً، وهذا من ناحية المرأة، أما الرجل الذي يتزوج لسبب غير الحب، للمال أو للمركز أو لسبب من الأسباب المادية التجارية فليس إلا مخلوقاً أبله ضعيفاً لا يستطيع أن يجعل أية امرأة سعيدة.

6 - تحب المرأة الدميمة أكثر من المرأة الحسناء، وفي أغلب الأحيان، لأن الرجل يحبها أولاً بجزئه السامي فإذا نجحت بعد ذلك في فتنة حواسه كذلك فلا يلبث حب الرجل لها أن يكون أشد وأروع وأثبت على البقاء من الحب الذي تظفر به المرأة الحسناء بكل سهولة، واعلم أن الرجل الذي يحب امرأة ليست جميلة لا بد أن يكون أرق طبعاً، وألين روحاً، وأقوى أعصاباً، وأشد وفاء من الرجل الذي يقع فريسة سهلة ذلولاً لفتنة امرأة حسناء، وهنا لا بد أن نقصد كذلك بالحب في أرق جوهره وسلطانه ونعني به العاطفة الكبرى، لا الرغبة الشهوانية الجسدية ليس غير.

7 - الحب الحقيقي التام يبقى بلا ريب آخر الحياة، ولا يستطيع شيء في الأرض أن يقتله أو يذهب به ويبلى جدته، وقد تسأمه الحواس، ولكن الرابطة الروحانية تظل باقية بعد أن خطت يد الزمن خطوطها ووضعت طابعها وغضونها ومكاسرها في وجه الحبيب، والحب التام معناه الإيمان التام والثقة التامة والرفقة التامة للذهن والبدن، والاشتراك التام في المصالح والأفكار والخواطر والمطامع والأماني، وجميع قوى الظلام من حزن ومتعبة وسآمة وضجر وإغراءات نفس لا تستطيع أن تحدث أثراً في تلك القوة.

ومثل هذا الحب الطويل العمر يوجد فعلاً، أكثر مما يتوهم الناس ولكنه لا يريد أن يعلن عن وجوده أمام عالم شهواني وقح.

أجوبة وليام لكيه

ورد وليام لكيه وهو من أكبر الروائيين في العصر، وتعد رواياته بالعشرات، ولا يزال اسمه كل يوم يدور في صحف الغرب فقال:

1 - المرأة عادة هي التي تقوم بتضحيات أكبر من تضحيات الرجل وكل امرأة تحن إلى الحب، على حين ترى الرجل كثيراً ما يعد قلب المرأة صغيراً ويستخف بعاطفته والرجل الكبير لا يلبث أن يروح عند المرأة معبوداً، وعبادة البطولة وهي إعجاب يكاد يكون حباً، لا تزال في جانب المرأة.

2 - إن إظهار المرأة حبها قبل أن تستوثق من أن الحب بينهما مبادل، قد يصغر في بعض الأحيان من قدرها في نفس الرجل فلعله قد يقرفها بالطيش ويرميها بخفة الحلم، ويتهمها بالتسرع، فينبغي للمرأة أن تحاذر من إظهار حبها وعليها أن تأخذ بالثبات وتتظاهر بعدم الاكتراث وتبدو في سكون وصبر حتى يعلن الرجل أولاً عن حبه.

3 - كلا، ولا ريب، فإن الحب الصادق هو عاطفة موقوفة على شخص واحد، والعلم بعده ضئيل في النظر، والناس دونه تافهون، على أن الحب الأفلاطوني - وهو لا يزال يختلف عن الحب الحقيقي - قد يجوز للرجل أو المرأة أن تستشعر عاطفة عميقة لأشخاص متعددين ولكن الحب الروحاني السماوي بين الرجل والمرأة لا يتقبل أكثر من شخص واحد يمنح العبادة كلها.

4 - توجد هناك جرثومة معينة تصيب أهل الشباب ولم يستطع العلماء المحدثون أن يضعوا لها اسماً، ولكن اسمها هو، مكروب الحب! وهذه الجرثومة كثيراً ما تلتقي بها في قاعات الرقص ودور الملهى وفي المصطاف والمتربع، والذين تصيبهم يقعون في الحب للنظرة الأولى، وهذا الضرب من الحب هو عرض من الأعراض المعدية المريضة التي يأتي بعدها في مستقبل الحياة الحب الحقيقي.

5 - لا مشاحة في أن زيجات الحب خير الزيجات، ولكن في هذه الأيام التي أصبحت لوازم الحياة غالية، وحاج العيش باهظة الثمن، قد أصبح الحب في كوخ أكثر نفقة من الحب في دار فسيحة منذ سنين عديدة مضت وعندي أن لا يحب الإنسان مطلقاً خير له من أن يحب لأجل المال وأنا لم أشهد في حياتي مثلاً واحداً من هذه الزيجات المالية دامت بعد وقوعها هانئة سعيدة مطلقاً.

6 - بلا ريب، إن أكبر نساء عصرنا هذا وأكبر بطلات التاريخ كن عادة نساء دميمات، ولكن اعلم أن الرجل المفكر الثابت الراجح اللب يعرف جيداً أن الجمال ليس إلا حلاوة جلد وعذوبة مظهر، وإن أجمل الأزهار، ما كان أشد سرعة إلى الذبول وأقصر نضرة، والرجال ذوو القلوب المليئة بالحب الحقيقي لا يحفلون بنظرات النساء الحسان، والرنوات الفاتنة من محاجرهن بل هم يأبهون باستعدادهن وطبائعهن وحلاوة خلقهن، وعذوبة حديثهن، وأما الذين يطلبون الوجه الجميل فكثيراً ما يهتدون إلى الخبث كميناً وراءه، ولا أريد بقولي هذا إن النساء الجميلات جميعاً شريرات خبيثات ولكن الجمال البهي الفاتن وا أسفاه كثيراً ما يكون باعثاً على الخفة والطيش وحب اللهو، وتحبباً وتدللاً لا يلبث الرجل أن يجد منه السآمة القاتلة.

7 - نعم، فقد كان لي عمة ذات بعل تزوجا وبقيا في ظل الزواج سبعة وخمسين عاماً، فإذا أقبل المساء جلسا حول الموقدة كعاشقين مفتونين بعضهما بالبعض، إذ يمسك الزوج بيد زوجه فيلاطفها بين راحتيه في رقة وعطف، وقد اعتادا أن يعلنا للناس أنهما لم يتشاجرا في حياتهما اللهم إلا لأمر تافه، لفتح نافذة، أو إغلاق شرفة، فإذا حان موعد النوم أخذ الزوج وقد بلغ التاسعة والثمانين يد زوجته الضامرة المهزولة فينحني إليها ويطبع فوق تلك اليد الذاوية قبلة حارة، وقد ماتا معاً في مسافة قصيرة، واستيقا إلى مضاجع الأبدية في خلال شهر واحد وقد ظلا حبيبن إلى أنفاسهما الأخيرة، هذه هي المشاهدة التي وقعت لي، ولا شك في أن العالم حافل بمئات منها.

ردود تمبل ثيرستون

وقال تمبل ثيرستون، وهو في الصف الأول من الروائيين:

1 - إن العنصر الأكبر في حياة المرأة هو تربية أطفالها والسبيل إلى خلق هذا العنصر الذي أرادته الطبيعة هو عواطفها وجوانحها، ولكن العنصر الأكبر في حياة الرجل هو عمله وواجباته فالحب لدى المرأة هو القوة المسيطرة على حياتها، هو أكبر من الوحي ومن الباعث والدافع، هو الغرض والغاية.

2 - فإذا كان الحب كما قلت هو من ناحية المرأة الغاية والغرض فعليها أن تظهر شيئاً منه لتتم لها منه غايتها، وكما أن الرجل لا يسترخص ولا يبخس عمله قيمته، كذلك المرأة لا تستخف بأعماق حبها.

3 - إذا كان القصد من هذا السؤال أتم ضروب الحب، إذ يتلاقى فيه الولاء بالعطف، والعاطفة بالثقة والاحترام، فأقول كلا.

4 - الحب لمجرد النظرة الأولى يجب أن يحدث غالباً، وكما أن بعض هزات منسجمة من الموسيقى تكسر في لحظة واحدة آنية من الزجاج إذ تتموج فيه تموجات النغمة فتهز الآنية فتلقيها من فوق رفها إلى الأرض، ترى بعض الطبائع تحس لمجرد الملامسة بقوي جاذبة تدفعها وتثير فيها الحب، وما يقال في ذلك عن الحب يقال عن العداوة والكره.

5 - قد يكون الزواج الخلاء من الحب نافعاً للأمة إذا كانت المرأة التي لا تحب زوجها تحب بلا أدنى ريب أطفالها وتحسن تأديبهم والقيام على رعيهم، ولكن ذلك يقصد به أن يكون الزواج عقداً من العقود الرسمية لا يعتبر الفريقان فيه إلا خداماً من خدمة الأمة، ولكن هذا ولا شك ليس المقصود من السؤال والزواج المعقود على الحب في نظر الفرد أرضى أنواع العلاقة، ومن هذا قامت الإصلاحات الجديدة في شرائع الطلاق.

6 - محاسن الوجه لا أهمية لها في الحب، وإنما هو الخلق الذي يسيطر على الحب الحقيقي فالمرأة القبيحة الوجه الحسناء الخلق لا تخلو من نظرات جميلة ومقتبل ناضر في عين الرجل الذي يحب منها خلقها.

7 - هذا السؤال لا يخلو من غموض فإذا كان يقصد به أيجوز أن يبقى الحب مدى حياة العاشقين فجوابه نعم، إذ يجوز أن يحب الرجل والمرأة بعضهما البعض جميع حياتهما ثم يعودان في ظل الشيخوخة إلى حب الأطفال وهو حب لا عاطفة فيه ولكن لا يخلو مع ذلك من تأثير نفساني، أما إذا كان القصد به بقاء الحب إلى الأبد فإن الكاتب لا يسعه إلا أن يظل صامتاً لعدم خبرته بهذا الأمر.

آراء الكاتبة ماي ادينجتون

وهنا نختم هذه الفتاوى الفلسفية بذكر آراء كاتبة مشهورة عارضت الفتاوى السابقة جميعاً في السؤال الأول، وجاءت برأي لا يزال صالحاً ولعله أقرب إلى الحق وأدنى إلى اليقين، ومن جميع هذه الآراء المتضاربة المتعارضة يستطيع القارئ أن يخرج منها الفكرة الصائبة والرأي الحصيف.

قالت:

1 - إن حب الرجل عامة أقوى من حب المرأة، لأن النساء عمليات في الحب شأنهن في كل شيء وهن يأخذن الحب عملاً من الأعمال ومأمورية من المأموريات ووقوع المرأة في إشراك الحب يختلف في جوهره عن وقوع الرجل في أحابيله إذ حب الرجل يعميه ويذهب بلبه، ويحجب قوة المنطق فيه، والحب الأعمى لقب احتكره الرجال دون النساء لأن حب المرأة لا يكاد يعميها أو يذهب بلبها والرجل يتناول الحب فيجري به في طباق الخيال، وهو مفتون بالخيالى ولوع بالكمالى أما المرأة ببصرها الناصع فأحب إلى نفسها الحقائق، والرجال أغلب عليهم الإذعان لعواطفهم وقليلات في النساء ذوات العواطف وكثيرون من الأزواج يحبون نساءهم، وقليلات منهن يحببن أزواجهن.

2 - لا ينبغي للمرأة أن تظهر حبها إلى الحد البعيد وتتجاوز الاعتدال وإنما قد تأمن المرأة إذا تظاهرت بالحب الشديد.

3 - نعم ولكن ليس الحب نفسه في درجته ومرتبته وليس في شدته وحدته ولأن يحب الإنسان شخصين في آن واحد معناه أن كل منهما يظفر بحب جزئي فقط وأن يحب لصفة من الصفات ليس غير لا أن يحب بجملة فضائله ومناقصه ومحاسنه ومقابحه فإن في الناس من لا يجلدون على أن يحبوا إلا الحب الجزئي، على حين ترى الكثيرين غير خليقين بأن يحبوا أكثر من حب جزئي.

4 - لا يقع ذلك كثيراً ولكنه يقع ولا ريب وهو عادة حب حقيقي متطاول الأجل متراخي الأمد ولعل في بغتته والفكرة الخيالية التي تمازجه ما يكسبه شذى وعبقاً وعذوبة لا تكاد تذهب أو تزول والناس رجالاً ونساءً يقعون مرضى في الخيال ولا دواء لهم منه.

5 - لا ريب في أن زيجات الحب أكثرها عسيلة، فإذا استمر الحب، كان الزواج فخر الزيجات، وأمجد القرآن، فإذا لم يعش الحب فسيبقى للزوجين ذكرى تلك السعادة الكبرى التي كانا ينعمان بها وستظل لديهما رابطة تضمهما وتشدهما، وخليق بكل إنسان أن يجعل مطمح بصره، وأمنية نفسه أن يجد حباً تاماً كاملاً، فإذا كان الزواج يخلو من تلك الروح فليس إلا عقداً صرفاً قد يسرق رجلاً وامرأة من أعز فرص الحياة وتجاريب العيش.

6 - بلا ريب فإن الجاذبية النسائية لا تزال سراً غامضاً من مبهمة الأسرار، وإن كان معروفاً من صاحبه - أي المرأة - وقد تكون المرأة الحسناء بلا جاذبية، ولا فتنة مطلقاً، وقد تروح الدميمة بالفتنة مفعمة وقد تكون آية الجاذبية وليس السبب في اجتذاب المرأة الرجل هو الجمال، بل إنه لذلك الشيء الغامض المستسر الذي لا نستطيع أن نصفه إلا بأنه هو ولا نعرفه، فإذا وقع هذا الشيء هو للمرأة الدميمة فلن يعرف أحبابها أنها دميمة، ولن تدعهن يعرفون ذلك عنها، وقد لا يعرف حقيقة ذلك إلا نساء أخريات.

7 - نعم، ولكن ذلك نادر، من ناحية المحب والمحبوب، والمرأة قد تظفر بحب ثابت من زوجها، إذا كانت فاتنة كثيرة الحيلة، وقد لا يظفر الرجل بهذا الحب منها ولا شك في أن الحب المتبادل الثابت المقيم هو أجمل شيء في هذه الأرض.