الرئيسيةبحث

كتاب السنة للخلال/الجزء الأول


بسم الله الرحمن الرحيم



☰ جدول المحتويات

أول كتاب المسند ، ما يبتدأ به من طاعة الإمام ، وترك الخروج عليه ، وغير ذلك

حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال قال : أنبأ أحمد بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله وذكر له السنة والجماعة والسمع والطاعة ، فحث على ذلك وأمر به.

وأخبرنا أبو بكر المروذي ، أن أبا عبد الله ، قال : السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية.

وأخبرني أحمد بن الحسين بن حسان ، قال سمعت أبا عبد الله ، وسئل عن طاعة السلطان ، فقال بيده : عافا الله السلطان ، تنبغي ، سبحان الله ، السلطان.

أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : قلت لأبي عبد الله في صلاة الجمعة وتعجيلها ؟ . فقال : ولد العباس أقوم للصلاة ، وأشدهم تعاهدا للصلاة من غيرهم ، قال رسول الله ﷺ : أطيعوهم ما أقاموا فيكم الصلاة وقال حنبل في موضع آخر : قال أبو عبد الله : الأضحى إلى الإمام والفطر ، إذا أفطر الإمام أفطر الناس ، وإذا ضحى الإمام ضحى الناس ، والصلاة إليه أيضا.

وأخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله قيل له : صلاة الجمعة والعيدين جائزة خلف الأئمة ، البر والفاجر ما داموا يقيمونها ؟ قال : نعم.

وأخبرني محمد بن أبي هارون ، قال : حدثنا مثنى ، قال : قرأت على أحمد ، عن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن فرات ، قال : سمعت أبا حازم ، قال أبو عبد الله : كوفي مولى عزة من أشجع ،

قال : قاعدت أبا هريرة خمس سنين ، سمعته يحدث عن النبي ﷺ أنه قال : (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وإنه سيكون خلفاء فتكثر قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوالهم ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم الذي جعل الله لهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم).

قال أبو عبد الله : ما أحسن هذا الحديث ، كأنه أعجبه ، وهو قول أهل السنة ، أو كما قال.

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال حدثني أبي قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن فرات ، قال : سمعت أبا حازم ، قال : قاعدت أبا هريرة خمس سنين ، فسمعته يحدث عن رسول الله ﷺ أنه قال : (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء ، كلما هلك نبي خلفه نبي ، وإنه لا نبي بعدي ، وإنه سيكون خلفاء فتكثر ، قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : فوالهم ببيعة الأول فالأول ، وأعطوهم حقهم الذي جعله الله عز وجل لهم ، فإن الله سائلهم عما استرعاهم) .

وأخبرني الدوري ، قال : حدثنا عبد الله بن موسى ، قال حدثنا أبو كبران ، قال : سمعت الشعبي ، يقول : حب أهل بيت نبيك ، ولا تكن رافضيا ، واعمل بالقرآن ، ولا تكن حروريا ، واعلم أن ما أتاك من حسنة فمن الله ، وما أتاك من سيئة فمن نفسك ، ولا تكن قدريا ، وأطع الإمام ، وإن كان عبدا حبشيا.

أخبرني محمد بن يحيى ، أنه قال لأبي عبد الله : يروى عن الفضيل أنه قال : وددت أن الله عز وجل زاد في عمر هارون ونقص من عمري ؟ قال : نعم . يروى هذا عنه ، وقال : يرحم الله الفضيل ، كان يخاف أن يجيء أشر منه.

وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق ، حدثهم أن أبا عبد الله سئل عن حديث النبي ﷺ : من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية ما معناه ؟.

قال أبو عبد الله : تدري ما الإمام ؟ الإمام الذي يجمع المسلمون عليه ، كلهم يقول : هذا إمام ، فهذا معناه.

دفع إلينا محمد بن عوف بن سفيان الحمصي ، قال : سمعت أحمد بن حنبل ، يقول : والفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس.

أخبرني أبو نعيم الهمداني ، بطرسوس قال : حدثنا عبد الرحمن بن عمرو ، عن أحمد بن حنبل ، قال : رأيت السنة معلقة بعثمان رحمه الله ، ورأيت الفتنة معلقة بالسلطان.

أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح بن أحمد ، أن أباه ، حدثه أنه قال لابن الكلبي والمظفر رسولي الخليفة : أرى طاعته في العسر واليسر ، والمنشط والمكره والأثر ، وإني لآسف عن تخلفي عن الصلاة جماعة ، وعن حضوري الجمعة ودعوة المسلمين.

أخبرني علي بن عيسى بن الوليد ، أن حنبلا ، حدثهم (ح) وأخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، في هذه المسألة ، قال : وإني لأدعو له بالتسديد ، والتوفيق ، في الليل والنهار ، والتأييد ، وأرى له ذلك واجبا علي.

قال حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله ﷺ قال : (عليك بالسمع والطاعة ، في عسرك ويسرك ، ومنشطك ومكرهك ، وأثرة عليك) . وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، وذكر الخليفة المتوكل ، رحمه الله فقال : إني لأدعو له بالصلاح والعافية ، وقال : لئن حدث به حدث لتنظرن ما يحل بالإسلام.

أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا مردويه ، قال : سمعت الفضيل ، يقول : النظر إلى وجه الإمام العادل عبادة.

أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : دخلت على أبي عبد الله يوم ضرب ابن عاصم الرافضي رأس الجسر ، وكان ضرب الحد ، فدخلت على أبي عبد الله فرأيته مستبشرا يتبين في وجهه أثر السرور ، فقال لي : إن أبا هريرة قال : لإقامة حد في الأرض خير للأرض من أن تمطر أربعين يوما ، فقلت لأبي عبد الله : قد جعلت الخليفة في حل إن كان يجب لنا عليه شيء من أمورنا ، فتبسم أبو عبد الله وكان الذي أمر بضربه جعفر المنصور ، فلما كان بعد الضرب الثاني الذي مات فيه دخلت على أبي عبد الله فجعل يسترجع ويسأل الله العافية.

أخبرني محمد بن يحيى الكحال ، قال : قال أبو عبد الله : جعفر المتوكل غير معتقد لمقالة ، يعني غير معتقد لمقالة من كان قبله في القرآن.

قال : وحدثنا الدوري ، قال : حدثنا سليمان بن داود ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا عطية السراج ، أن أبا مسلم الخولاني ، قال : إنه مؤمر عليك مثلك ، فإن اهتدى فاحمد الله ، وإن عمل بغير ذلك فادع له بالهدى ، ولا تخالفه فتضل.

وقال : وثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، قال : حدثني أبو إسحاق ، عن سعد بن حذيفة ، عن حذيفة ، قال : من فارق الجماعة شبرا فقد فارق الإسلام.

وحدثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت ابن عباس ، يقول : من فارق الجماعة شبرا فمات ، فميتة جاهلية.

وأخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي قال : قال عمي : عمر بن عبد العزيز جاء إلى أمر مظلم فأناره ، وإلى سنن قد أميتت فأحياها ، لم يخف في الله لومة لائم ، ولا خاف في الله أحدا ، فأحيا سننا قد أميتت ، وشرع شرائع قد درست ، رحمه الله ، قال عمي : ويقال : إن في كل كذا وكذا يقوم قائم بأمر الله ، ثم ذكر المتوكل ، فقال : لقد أمات عن الناس أمورا قد كانوا أحدثوها من درس الإسلام ، وإظهار المنكر ، قلت : فتراه من أولي الحق ؟ قال : أليس قال النبي ﷺ : من أحيا سنة من سنتي قد أميتت فقد أظهر ما أظهر ، وأي بلاء كان أكثر من الذمي ، كان أحدث عدو الله ، وعدو الإسلام في الإسلام من إماتة السنة ، يعني الذي قبل المتوكل ، فأحيا المتوكل السنة ، رضوان الله عليه.

باب في العباس والدعاء

أخبرنا يحيى بن جعفر ، قال : أنبأ عبد الوهاب ، عن ثور بن يزيد ، عن مكحول ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله ﷺ للعباس : (إذا كان غداة الإثنين فأتني أنت وولدك ، قال : فغدا وغدونا معه ، فألبسنا رسول الله ﷺ كساء له ، ثم قال : اللهم اغفر للعباس وولده مغفرة ظاهرة وباطنة ، لا تغادر ذنبا ، اللهم اخلفه في ولده) .

أخبرنا يحيى ، قال : أنبأ عبد الوهاب ، قال : أنبأ إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : (صعد النبي ﷺ المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، أي أهل الأرض أكرم على الله عز وجل ؟ قالوا : أنت ، قال : فإن العباس مني ، وأنا منه ، لا تؤذوا العباس فتؤذوني وقال : من سب العباس فقد سبني).

أخبرنا يحيى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمارة بن أبي حفصة ، عن أبي مجلز ، قال : قال رسول الله ﷺ : (إنما العباس صنو أبي ، فمن آذى العباس فقد آذاني).

حدثنا يحيى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : أنبأ عمرو بن أبي المقدم ، عن يحيى بن مسقلة ، عن أبيه ، عن موسى بن عمر ، قال : أصاب الناس قحط فخرج عمر بن الخطاب يستسقي وأخذ العباس فاستقبل القبلة ، فقال : هذا عم نبيك ، جئنا نتوصل به إليك ، فاسقنا به فما رجعوا حتى سقوا.

أخبرنا يحيى ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : أنبأ ابن جريج ، عن رجل ، عن ابن عمر ، عن النبي ﷺ أنه قال : (العباس أسعد الناس بي يوم القيامة).

أخبرني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا الفضل بن زياد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو المغيرة ، قال : حدثني صفوان بن عمرو أبو عمر السكسكي ، قال : حدثني عمرو بن قيس السكوني ، قال : حدثني عاصم بن حميد ، قال : سمعت معاذ بن جبل ، يقول : إنكم لن تروا من الدنيا إلا بلاء وفتنة ، ولن يزداد الأمر إلا بلاء وشدة ، ولن تروا من الأئمة إلا غلظة ، ولن تروا أمرا يهولكم ويشتد عليكم إلا حضره بعده ما هو أشد منه ، أكثر أمير وشر تأمير.

قال أحمد : (اللهم رضينا)

أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أبو المغيرة ، قال : حدثنا صفوان بن عمرو بن قيس ، قال : حدثني عاصم بن حميد ، عن معاذ بن جبل ، قال : لن تروا من الأئمة إلا غلظة ، ولن تروا أمرا يهولكم ويشتد عليكم إلا حضره بعده ما هو أشر منه ، أكثر أمير وشر تأمير . قال أبو عبد الله : اللهم رضينا ، يمد بها صوته مرتين أو ثلاثة.

وأخبرنا محمد ، قال : قال وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن هلال بن يساف ، عن نعيم بن ذي حباب ، عن فضالة بن عبيد الأنصاري ، قال : ثلاث من الفواقر ، والثالثة : إمام إن أحسنت لم يشكر ، وإن أسأت لم يغفر.

باب ذكر الأئمة من قريش

أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، أنه سأل أبا عبد الله عن قول سلمان لا يؤمكم ، أليس إنما أراد الخلافة ؟ قال : نعم.

وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، أن أبا عبد الله ، ذكر عن يحيى بن سعيد ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أوس بن ضمعج ، عن سلمان ، قال : لا يؤمكم ، قال : لا يكون منهم إمام ، يعني الموالي ، قلت : ما يعني به : لا يؤمكم ؟ أراد أن لا يؤم الرجل المولى أحدا ؟ قال : لا ، يريد الخلافة ؛ لأن رسول الله ﷺ قال : (الأئمة من قريش ، فلا يكون في غير قريش خليفة).

أخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله قيل له : الأئمة من قريش ؟ قال : نعم.

وأخبرني عبد الملك الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن حبيب بن الزبير ، قال : سمعت عبد الله بن أبي الهذيل ، قال : كان عمرو بن العاص يتخولنا ، فقال رجل من بني بكر وائل : لئن لم تنته قريش لتضعن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب سواهم ، فقال عمرو بن العاص : سمعت رسول الله ﷺ يقول : (قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة).

باب في جامع طاعة الإمام وما يجب عليه للرعية

أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن عامر ، قال : (أول من بايع بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي) . يعني النبي ﷺ.

وأخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن أسامة بن زيد ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، عن جده عبادة بن الصامت قال : (بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة ، في العسر واليسر ، والمنشط والمكره ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، وأن نقوم بالحق حيثما كنا ، ولا نخاف في الله لومة لائم).

أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن مسعر ، وسفيان ، عن زياد بن علاقة الثعلبي ، عن جرير بن عبد الله قال : (بايعت رسول الله ﷺ على السمع والطاعة ، والنصح لكل مسلم).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن شعبة ، عن عتاب مولى ابن هرمز قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول : (بايعنا رسول الله ﷺ على السمع والطاعة ، فقال : فيما استطعتم).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : (بايعنا رسول الله ﷺ ، على السمع والطاعة فجعل يقول : فيما استطعتم).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن زمعة بن صالح ، عن الزهري ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن عبادة بن الصامت ، قال : (كنا عند النبي ﷺ ، متحلقين فمد يده ، فقال : تبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ، ثم اقتص آية النساء إلى آخرها ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أتى منكم شيئا من ذلك فستره عليه ، فأمره إلى الله ، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ومن أتى منكم شيئا من ذلك فأقيم عليه فهو كفارته).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن عبادة بن الصامت ، عن النبي ﷺ مثله ، إلا أنه لم يقل : (مد يده)

.43- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن جعفر بن برقان ، عن ثابت بن الحجاج الكلابي ، عن ابن العفيف ، قال : شهدت أبا بكر وهو يبايع الناس بعد وفاة رسول الله ﷺ ، فتجتمع إليه العصابة ، فيقول لهم : (أتبايعوني على السمع والطاعة لله ، ولكتابه ، وللأمير ؟ فقال : فأتيته وأنا كالمحتلم أو نحوه ، فقلت أبايعك على السمع والطاعة لله ، ولكتابه ، ثم للأمير ، قال : (فصعد في البصر ، ورأيت أني قد أعجبته).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن بشر بن قحيف قال : بايع عمر رجل ، قال : أبايعك فيما رضيت وكرهت ، فقال عمر رحمه الله : لا ، بل فيما استطعت.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن ابن المنكدر ، عن أميمة ابنة رقيقة ، أن النبي ﷺ قال : (إني لست أصافح النساء ، إنما قولي لامرأة منكن كقولي لمائة امرأة ، وقال : تبايعن فيما استطعتن وأطقتن ، قلنا : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، (أن النبي ﷺ لما جئنه النسوة يبايعنه رجع بعضهن خشية الشرط ، وبايع بعضهن ، فبسط النبي ﷺ رداءه فوضعه على كفه ، فبايعهن من وراء الرداء ، وقال : إن الجنة منكن) . وأشار وكيع بأطراف أصابعه.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ : (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن أطاع الإمام فقد أطاعني ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن عصى الإمام فقد عصاني).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، في قوله تعالى {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، وأولي الأمر منكم} قال : الأمراء.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله ﷺ : ( من بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه ، فليطعه ما استطاع).

باب في الصبر والوفاء

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن يزيد بن إبراهيم ، عن ابن سيرين ، أن رسول الله ﷺ قال لأبي ذر : (إذا رأيت البناء قد بلغ سلعا فاخرج من المدينة ، ووجه بيده نحو الشام ، ولا أرى أمراءك يدعوك ورأيك . قال : قلت : يا رسول الله ، أفلا أضع سيفي على عاتقي ، وأضرب به من حال بيني وبين أمرك ، قال : لا ، ولكن إن أمرعليك عبد حبشي مجدع فاسمع له وأطع) ، قال : فلما بلغ البناء سلعا خرج حتى أتى الشام فكتب معاوية إلى عثمان يشكوه ، يذكر أنه يفسد عليه الناس ، فكتب إليه عثمان أن اقدم ، فقدم المدينة على عثمان ، فقال له عثمان : يا أبا ذر ، أقم تغدو عليك اللقاح وتروح ، قال أبو ذر : لا حاجة لي فيها ، هي لكم ، ثم استأذنه إلى الربذة ، فأذن له ، فقدم الربذة وعليها عبد حبشي أمير ، فحضرت الصلاة ، فقال لأبي ذر : تقدم ، فقال : (لا ، إني أمرت إن أمر علي عبد حبشي مجدع أن أسمع له وأطيع ، فتقدم الحبشي).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن ابن أبي خالد ، قال : سمعت مصعب بن سعد ، قال : قال علي كلمات أصاب فيهن : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ، وأن يؤدي الأمانة ، فإذا فعل ذلك كان حقا على المسلمين أن يسمعوا ، وأن يطيعوا ، ويجيبوا إذا دعوا.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن شعبة ، عن يحيى بن الحصين ، عن جدته ، قالت : سمعت رسول الله ﷺ يخطب بعرفة وهو يقول : (إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع ، فاسمعوا له وأطيعوا ، ما قادكم من كتاب الله).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن يونس بن عمرو ، عن العيزار بن حريث ، عن أم الحصين الأحمسية ، قالت : سمعت رسول الله ﷺ وهو يخطب بعرفة وعليه بردة متلفع بها ، وهو يقول : (إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا وأطيعوا ، ما قادكم بكتاب الله).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة ، قال : قال لي عمر : يا أبا أمية ، إني لا أدري ، لعلي لا ألقاك بعد عامي هذا ، فإن أمر عليك عبد حبشي مجدع فاسمع له وأطع ، وإن ضربك فاصبر ، وإن حرمك فاصبر ، وإن أراد أمرا ينقص دينك ، فقل : سمعا وطاعة ، دمي دون ديني ، ولا تفارق الجماعة.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سلام بن مسكين ، عن ابن سيرين ، قال : كان عمر رضي الله عنه إذا استعمل رجلا كتب في عهده أن اسمعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم ، فلما استعمل حذيفة على المدائن كتب في عهده أن اسمعوا له وأطيعوا ، وأعطوه ما سألكم ، قال : فقدم حذيفة على حمار وكان بيده رغيف وعرق ، قال مالك : عن طلحة : سادلا رجليه من جانب.

وأخبرنا وكيع ، عن الثوري ، عن أبيه ، عن عكرمة ، قال : هو ركوب الأنبياء ، يسدل رجليه من جانب ثم رجع إلى حديث سلام ، قال : فقرأ عليهم عهده ، فقالوا : سلنا ما شئت ، قال : أسألكم طعاما آكله ، وعلف حماري هذا ، قالوا : سلنا ، قال : ألم أسألكم طعاما آكله وعلف حماري هذا ؟ فأقام عندهم ما شاء الله ، ثم كتب إليه عمر أن أقدم ، قال : فخرج ، فلما بلغ عمر قدومه كمن له في مكان حيث يراه.

قال : فلما رآه على الحال التي خرج من عنده عليها أتاه عمر فالتزمه ، وقال : أنت أخي ، وأنا أخوك

أخبر محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله ﷺ : (عليكم بالسمع والطاعة ، إلا أن تؤمروا بمعصية ، فإذا أمرتم بمعصية فلا سمع ولا طاعة).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله ﷺ : (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).

وأخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن إسرائيل ، عن ابن أبي تميمة ، عن عطاء بن أبي رباح سمعه منه : أن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه كان إذا بعث سرية ولى أمرها رجلا ، فقال : أوصيك بتقوى الله الذي لا بد لك من لقائه ، ولا منتهى لك دونه ، وهو يملك الدنيا والآخرة ، وعليك بالذي بعثتك له ، وعليك بالذي يقربك إلى الله عز وجل ، فإن ما عند الله خلف من الدنيا.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن مسعر ، والمسعودي ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، قال : كان عمر رحمه الله إذا بعث عماله ، قال : إني لم أبعثكم جبابرة ، إنما بعثتكم إليه ، لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ، ولا تحرموهم فتظلموهم ، ولا تجمروهم فتفتنوهم ، وأدوا نصيحة المسلمين ، يعني العطاء.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن قيس ، قال : كان جرير بن عبد الله في جيش ، فطلب العدو فأصاب رجلا من أصحابه الثلج ، فذهب بعض جسده ، فقتله ، فبلغ ذلك عمر ، فقال : يا جرير ، أمستمعا ، ما الذي بلغني ؟ قال : أحمد الله إليك يا أمير المؤمنين ، كان يقال لي : هم عندك ، هم عندك ، فأصابه الذي أصابه ، فقال عمر : أمستمع ؟ إنه من يسمع يسمع الله به.

وأخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن زبيد الأيامي ، قال : قال عمر رضي الله عنه : أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله ، وأوصيه بالمهاجرين الأولين ، أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم كرامتهم ، وأوصيه بالأنصار خيرا ، الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبل ، أن يقبل من محسنهم ، وأن يعفى عن مسيئهم ، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا ، فإنهم ردء الإسلام ، وغيظ العدو ، وجباة الأموال ، أن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضى منهم ، وأوصيه بالأعراب خيرا ؛ فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام ، أن يؤخذ من حواش أموالهم فترد على فقرائهم ، وأوصيه بذمة الله ، وذمة رسوله ، أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقاتل من وراءهم ، ولا يكلفوا فوق طاقتهم.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن مسعر ، عن عثمان بن أبي المغيرة ، عن أبي صادق الأزدي ، عن ربيعة بن ناجد ، عن علي ، قال : الأئمة من قريش ، أبرارها أئمة أبرارها ، وفجارها أئمة فجارها ، ولكل حق ، فأعطوا كل ذي حق حقه ، ما لم يخير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه ، فإن خير بين إسلامه وضرب عنقه ، فليمدد عنقه ، ثكلته أمه ، فإنه لا دنيا له ولا آخرة بعد إسلامه.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن شعبة ، عن مخارق الأحمسي ، عن طارق بن شهاب ، قال : كتب عمر بن الخطاب رحمه الله إلى أهل الكوفة : من ظلمه أميره فلا إمرة له عليه دوني . قال : فكان الرجل يأتي المغيرة بن شعبة فيقول : إما أن تنصفني من نفسك ، وإلا فلا إمرة لك علي.

وأخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن شعبة ، عن أبي عمران الجوني ، قال : كتب عمر إلى أبي موسى : أما بعد ، فإنه لم يزل للناس وجوها يذكرون بحوائج الناس ، فأكرم وجوه الناس قبلك ، وبحسب الضعيف المسلم أن ينصف في العدل والقسم . قال : قلت لأبي عمران : ممن سمعت هذا ؟ قال : لا أدري.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة بن يريم ، عن علي ، قال : ناكث بيعته يجيء يوم القيامة أجذم.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن محمد بن قيس ، عن موسى بن طريف ، قال : جاء رجل إلى علي ، فقال : أخبرني بخير أتبعه ، أو شر أتقيه ، فقال علي رضوان الله عليه : بخ بخ ، لقد أعظمت ، وأطولت ، وأوجزت ، أرني يدك ، فأعطاه يده ، فقال : لا تنكثن صفقتك ، ولا تفارقن أئمتك ، ولا ترتدن أعرابيا بعد هجرتك ، خذها قصيرة طويلة ، كما أعطيتها قصيرة طويلة.

باب الإمارة وما قيل فيها

أخبرنا محمد ، أنبأ وكيع ، عن الربيع ، عن الحسن ، أن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : قال النبي ﷺ : (يا عبد الرحمن ، لا تسأل الإمارة ؛ فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها ، وإذا حلفت على يمين ، فرأيت غيرها خيرا منها ، فائت الذي هو خير ، وكفر عن يمينك).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، أن العباس ، قال : يا رسول الله ، ألا تستعملني ؟ فقال : يا عباس ، يا عم رسول الله ، نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن مبارك أو غيره ، عن الحسن ، قال : استعمل النبي ﷺ رجلا فقال : (كيف وجدت العمل ؟ فقال : يا رسول الله ، ما زالوا يعظموني كلما ارتحلت ، وكلما نزلت ، حتى ظننت أنهم عبيدا لي).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ : (إنكم ستحرصون على الإمارة ، وستصير حسرة وندامة ، فنعمت المرضعة ، وبئست الفاطمة).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن مالك ، عن مغول ، عن طلحة بن مصرف ، قال : قال خالد بن الوليد : لا يرزين معاهدا إبرة ، ولا يمشين ثلاث خطى ليتأمر على رجلين ، ولا يبتغي لإمام المسلمين غائلة.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن جعفر بن برقان ، عن حبيب بن أبي مرزوق ، عن ميمون بن مهران ، عن رجل من عبد القيس ، قال : رأيت سلمان في سرية هو أميرها على حمار ، والجند يقولون : جاء الأمير ، جاء الأمير ، فقال سلمان : إنما الخير والشر فيما بعد اليوم ، فإن استطعت أن تأكل التراب ، ولا تأمر على رجلين فافعل ، واتق دعوة المظلوم المضطر ، فإنها لا تحجب.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن هشام ، عن أبيه ، قال : قال عمر رضي الله عنه : ما حرص رجل على الإمارة كل الحرص فعدل فيها.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن أبي الأشهب ، ومبارك ، عن الحسن ، قال : (استعمل النبي ﷺ رجلا ، فقال : يا رسول الله ، خر لي ، فقال : اجلس).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن هارون الحضرمي ،عن أبي بكر بن حفص : أن عمر بن الخطاب ، رحمة الله عليه ، استعمل رجلا من المسلمين ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أشر علي ، فقال : اجلس ، واكتم علي.

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن أبي معشر ، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي ، قال : قال رسول الله ﷺ : (إن من تعظيم إجلال الله عز وجل إكرام الإمام العادل) .

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن عبد الرحمن بن يزيد المكي ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله ﷺ : (إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا جعل له وزيرا ، إن هو ذكر أعانه ، وإن هو نسي ذكره).

أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن شبيل بن عوف الأحمسي ، عن رجل من بني أسد ، قال : كانت لي إلى عمر حاجة ، فغدوت إليه لأكلمه فيها ، فسبقني إليه رجل عليه ثياب له شامية غلاظ ، فكلمه ، فسمعت عمر رحمه الله يقول له : لئن أطعتك لتدخلني النار ، لئن أطعتك لتدخلني النار ، قال : فنظرت إليه ، فإذا هو معاوية.

باب ذكر الأئمة من قريش

أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، أنه سأل أبا عبد الله عن قول سلمان [1]. . . . .

باب بيان أحاديث ضعاف رويت عن النبي ﷺ

فسر أحمد بن حنبل ضعفها ، وثبت غيرها ، مما روي عن النبي ﷺ في ترك الخروج على السلطان وكف الدماء ، وإن حرموا الناس أعطياتهم.

أخبرني عصمة بن عصام ، قال : حدثنا حنبل ، قال : حدثني أبو عبد الله ، قال : حدثنا قراد ، قال : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله ﷺ : (استقيموا لقريش ما استقاموا لكم ، فإن لم يستقيموا لكم فاحملوا سيوفكم على أعناقكم ، فأبيدوا خضراءهم ، فإن لم تفعلوا فكونوا زراعين أشقياء ، وكلوا من كد أيديكم).

قال حنبل : سمعت أبا عبد الله قال : الأحاديث خلاف هذا ، قال النبي ﷺ : (اسمع وأطع ، ولو لعبد مجدع) ، وقال : (السمع والطاعة في عسرك ، ويسرك ، وأثرة عليك) ، فالذي يروى عن النبي ﷺ من الأحاديث خلاف حديث ثوبان ، وما أدري ما وجهه.

أخبرني محمد بن علي ، ومحمد بن أبي هارون ، أن حمدان بن علي ، حدثهم قال : ذكرت لأحمد حديث الأعمش حديث ثوبان : (استقيموا لقريش ما استقاموا لكم) ، فقال : حدثنا وكيع ، قال : (استقيموا لقريش ما استقاموا لكم) . إلى ها هنا فقط.

وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد ، عن حديث الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثوبان : (أطيعوا قريشا ما استقاموا لكم) ، فقال : ليس بصحيح ، سالم بن أبي الجعد لم يلق ثوبان.

قال : وسألت أحمد : عن علي بن عابس ، يحدث عنه الحماني ، عن أبي فزارة ، عن أبي صالح مولى أم هانئ ، عن أم هانئ ، قالت : قال رسول الله ﷺ مثل حديث ثوبان (استقيموا لقريش) ، فقال : ليس بصحيح ، هو منكر.

83- أخبرنا موسى بن سهل الساوي ، قال : ثنا أحمد بن محمد الأسدي ، قال : ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، عن إسماعيل بن سعيد الشالنجي ، قال : سألت أحمد ما القول في الأحاديث التي جاءت عن النبي ﷺ أمر في بعضها بالسمع والطاعة في العسر واليسر وقال في بعضها ، قيل له : (يحرمون من الفيء والعطاء ؟ قال : قاتلوهم ، قال : أما ما صلوا فلا) ، وقال في بعضهم : (سلوا سيوفكم وبيدوا خضراءهم) ، فقلت : فما القول في ذلك ؟ قال : الكف لأنا نجد عن النبي ﷺ من غير وجه (أما ما صلوا فلا) ، فسألت أحمد عن الجهاد والجمعات معهم ، قال تجاهد معهم[2]

83- وأخبرنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : (لما وجه النبي ﷺ إلى الكعبة ، قالوا : يا رسول الله كيف بالذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس ؟ فأنزل الله تبارك وتعالى : {وما كان الله ليضيع إيمانكم} قال : أما ما صلوا فلا وقال في بعضها : سلوا سيوفكم ، وبيدوا خضراءهم فقلت : فما القول في ذلك ، قال : الكف ؛ لأنا نجد عن النبي ﷺ من غير وجه : أما ما صلوا فلا . فسألت أحمد عن الجهاد والجمعات معهم ؟ قال : تجاهد معهم). [3]

84- أخبرنا محمد بن علي ، أن مهنى حدثهم قال : حدثني خالد بن خداش ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ لقريش : (عليكم من الحق ما ائتمنوا فأدوا ، وما حكموا فعدلوا ، وما استرحموا فرحموا ، فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) . فقال أحمد : لا أعرفه ، إلا أن ابن أبي ذئب قد حدث عنه معمر غير حديث.

باب الإنكار على من خرج على السلطان

85- أخبرني جعفر المخرمي ، قال : حدثنا مذكور ، قال : حدثنا علي بن عاصم ، قال : حدثنا أبو المعلى العطار ، قال : كنت أمشي مع سعيد بن جبير فنظر إلى امرأة قد تخمرت مصلبا ، فطرف لها ، فقلت : سبحان الله ، تطرف لها وهي منك غير محرم ؟ فقال : إن من المعروف ما لا يؤمر إلا بالسيف . قال : مذكور : فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل ، فقال : سعيد بن جبير لم يرض فعله.

86- أخبرنا أبو بكر المروذي ، أن أبا عبد الله ، قال : قد قلت لابن الكلبي صاحب الخليفة : ما أعرف نفسي مذ كنت حدثا إلى ساعتي هذه إلا أدى الصلاة خلفهم ، وأعتد إمامته ، ولا أرى الخروج عليه.

87- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يأمر بكف الدماء ، وينكر الخروج إنكارا شديدا.

88- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال ، حدثنا معاوية بن هشام ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، وإبراهيم : أنهما كرها الدم ، يعني في الفتنة.

89- أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أبا عبد الله في أمر كان حدث ببغداد ، وهم قوم بالخروج ، فقلت : يا أبا عبد الله ، ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم ؟ فأنكر ذلك عليهم ، وجعل يقول : سبحان الله ، الدماء ، الدماء ، لا أرى ذلك ، ولا آمر به ، الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة يسفك فيها الدماء ، ويستباح فيها الأموال ، وينتهك فيها المحارم ، أما علمت ما كان الناس فيه ، يعني أيام الفتنة ؟ قلت : والناس اليوم ، أليس هم في فتنة يا أبا عبد الله ؟ قال : وإن كان ، فإنما هي فتنة خاصة ، فإذا وقع السيف عمت الفتنة ، وانقطعت السبل ، الصبر على هذا ، ويسلم لك دينك خير لك ، ورأيته ينكر الخروج على الأئمة ، وقال : الدماء ، لا أرى ذلك ، ولا آمر به.

90- وأخبرني علي بن عيسى ، قال : سمعت حنبلا يقول في ولاية الواثق : اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله ، أبو بكر بن عبيد ، وإبراهيم بن علي المطبخي ، وفضل بن عاصم ، فجاؤوا إلى أبي عبد الله ، فاستأذنت لهم ، فقالوا : يا أبا عبد الله ، هذا الأمر قد تفاقم وفشا ، يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك ، فقال لهم أبو عبد الله : فما تريدون ؟ قالوا : أن نشاورك في أنا لسنا نرضى بإمرته ، ولا سلطانه ، فناظرهم أبو عبد الله ساعة ، وقال لهم : عليكم بالنكرة بقلوبكم ، ولا تخلعوا يدا من طاعة ، ولا تشقوا عصا المسلمين ، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم ، انظروا في عاقبة أمركم ، واصبروا حتى يستريح بر ، أو يستراح من فاجر ، ودار في ذلك كلام كثير لم أحفظه ومضوا ، ودخلت أنا وأبي على أبي عبد الله بعدما مضوا ، فقال أبي لأبي عبد الله : نسأل الله السلامة لنا ولأمة محمد ، وما أحب لأحد أن يفعل هذا ، وقال أبي : يا أبا عبد الله ، هذا عندك صواب؟ ، قال : لا ، هذا خلاف الآثار التي أمرنا فيها بالصبر ، ثم ذكر أبو عبد الله قال : قال النبي ﷺ : (إن ضربك فاصبر ، وإن . . . وإن فاصبر) ، فأمر بالصبر ، قال عبد الله بن مسعود : وذكر كلاما لم أحفظه.

91- أخبرني عبد الملك الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا سفيان ، قال : لما قتل الوليد بن يزيد كان بالكوفة رجل كان يكون بالشام أصله كوفي سديد عقله ، قال لخلف بن حوشب لما وقعت الفتنة : اجمع بقية من بقي واصنع طعاما ، فجمعهم ، فقال سليمان : أنا لكم النذير ، كف رجل يده ، وملك لسانه ، وعالج قلبه.

92- فأخبرني منصور بن الوليد النيسابوري ، قال : حدثنا القاسم بن محمد المروزي ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، فذكر مثله سواء . قال القاسم : قال أحمد : انظروا إلى الأعمش ، ما أحسن ما قال ، مع سرعته وشدة غضبه.

93- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : حدثنا عباس يعني العنبري ، قال : قال ابن داود : كان الحسن بن صالح إذا ذكر عثمان سكت يعني لم يترحم عليه ، وترك الحسن بن صالح الجمعة سبع سنين ، فأخبرنا أبو بكر المروذي ، أن أبا عبد الله ذكر الحسن بن صالح ، فقال : كان يرى السيف ، ولا يرضى مذهبه ، وسفيان أحب إلينا منه ، وقد كان ابن حي ترك الجمعة بآخره ، وقد كان أفتن الناس بسكوته وورعه ، وذكر أيضا الحسن بن صالح ، يعني مرة أخرى ، فقال : قد كان أبو فلان ، سماه ، من أهل الكوفة قد خرج مع أبي السرايا وأصحابه ، وحكى أمرا قذرا ، قلت : كيف احتملوه ، فسكت.

94- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو هشام ، قال : سمعت يحيى بن آدم أيام أبي السرايا يقول : هاهنا قوم ينتحلون قول الحسن بن صالح بن حي قد هلكوا ، وسمعت الحسن بن صالح يقول : لا أخرج وإمام قائم ، ولا أخرج إلا في فرقة ، ولا أخرج إلا في جند يوازي عدوي ، لا ألقي بيدي إلى التهلكة ، ولا أخرج إلا مع إمام فيه شرائع السنن كلها ، إن كانت السنن مائة شريعة ، وكان فيه منها تسع وتسعون شريعة لم أخرج معه.

95- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، أنه قال لأبي عبد الله : إن وهب بن بقية حكى ، أن خالدا لما كان زمان المبيضة أنكر خالد على من خرج ، وقال : رأيت إنسانا معه رمحين فأدخلته دكان الطحان فكلمته ، فقال أبو عبد الله : عباد كان ؟ قلت : نعم.

96- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان الثوري ، قال : أتاه رجل في زمن هارون ، فقال له : إن هذا الرجل قد خرج وأظهر ما ترى من العدل ، فما ترى في الخروج معه ؟ فقال له سفيان : كفيتك هذا الأمر ، ونقرت لك عنه ، اجلس في بيتك.

97- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله وذكر عنده عبد الله بن مغفل ، فقال : لم يلتبس بشيء من الفتن ، وذكر رجل آخر ، فقال : رحمه الله مات مستورا قبل أن يبتلى بشيء من الدماء.

98- وأخبرنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو هشام ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن سفيان ، قال : نأخذ بقول عمر رحمه الله في الجماعة ، وبقول ابنه في الفرقة.

99- وأخبرنا المروذي ، قال : حدثنا يحيى القطان ، قال : سمعت يحيى بن آدم ، يقول : سمعت سفيان الثوري ، يقول : لو أدركت عليا ما خرجت معه ، قال : فذكرته للحسن بن صالح ، فقال : قل له يحكي هذا عنك ؟ فقال سفيان : ناد به عني على المنار.

100- أخبرنا محمد بن علي بن العباس النسائي ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا إبراهيم ابن أخت سكن الزيات قال : سمعت سفيان بن سعيد ، يقول : ما أحب أني كنت شهدت مع علي ، قال : فحدثت به الحسن بن صالح عنه ، فقال الحسن : قل لسفيان : يروى هذا الحديث عنك ؟ فقدمت الكوفة ، فقلت لسفيان : يا أبا عبد الله ، إني حدثت الحسن بن صالح بقولك في هذا ، فقال : قل لسفيان : يروى هذا عنك ؟ قال : قال سفيان : نعم ، لينادى به على المنار ، أو على الصومعة.

101- أخبرني محمد بن أبي هارون ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ ، قال : قال أبو عبد الله : ابن عمر ، وسعد ، ومن كف عن تلك الفتنة ، أليس هو عند بعض الناس أحمد ؟ ثم قال : هذا علي رحمه الله لم يضبط الناس ، فكيف اليوم والناس على هذا الحال ونحوه ، والسيف لا يعجبني أيضا.

102- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله يأمر بكف الدماء وينكر الخروج إنكارا شديدا ، وأنكر أمر سهل بن سلامة ، وقال : كان بيني وبين حمدون بن شبيب أنس ، وكان يكتب لي ، فلما خرج مع سهل جفوته بعد ، وكان قد خرج ذاك الجانب ، فذهبت أنا وابن مسلم فعاتبناه ، وقلت : إيش حملك ، فكأنه ندم أو رجع.

103- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : رأيت أبا عبد الله في النوم في الفتنة ، فقلت : يا أبا عبد الله ، ما أحوج أصحابنا إلى أن عرفوا مذهبك ، ما تقول في الفتنة ؟ قال : مذهبنا حديث أبي ذر ، قلت : فإن دخل علي الحرم ، فتكلم بشيء لم أفهمه.

104- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا عبد العزيز العمي ، قال : حدثنا أبو عمران ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ، قال : (كنت خلف رسول الله ﷺ حين خرج من حاشي المدينة ، فقال : يا أبا ذر ، أرأيت إن الناس قتلوا حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء كيف تصنع ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : تدخل بيتك قال : قلت : يا رسول ، فإن أتي علي ؟ قال : تأتي من أنت منه قال : قلت : فأحمل السلاح ؟ قال : إذا شاركت القوم قلت : كيف أصنع يا رسول الله ؟ قال : إن خفت أن يبهرك شعاع السيف فألق طائفة من ثوبك على وجهك ، يبوء بإثمك وإثمه).

105- أخبرنا سليمان بن الأشعث أبو داود ، قال : سمعت أبا عبد الله ذكر حديث صالح بن كيسان ، عن الحارث بن فضيل الخطمي ، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم ، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، عن أبي رافع ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي عليه السلام : (يكون أمراء يقولون ما لا يفعلون ، فمن جاهدهم بيده) . قال أحمد : جعفر هذا هو أبو عبد الحميد بن جعفر ، والحارث بن فضيل ليس بمحمود الحديث ، وهذا الكلام لا يشبهه كلام ابن مسعود . ابن مسعود يقول : قال رسول الله ﷺ : (اصبروا حتى تلقوني).

106- أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت أبي يقول : أعطانا ابن الأشجعي كتبا من كتب أبيه ، فنسخنا من كتاب الأشجعي ، عن سفيان ، عن واصل ، عن ابنة المعرور ، عن المعرور ، قال : سمعت عمر ، يقول : من دعا إلى أمره من غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه.

107- أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن هانئ ، قال : حدثني أحمد ، قال : حدثنا عبد الله بن الوليد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الحارث بن حصيرة ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، قال : إنما اعتبارها على من أثارها ، قال أحمد : يعني في الفتنة.

باب تفريع أبواب أمر الخوارج وقتالهم=

وقتال من خرج على السلطان ، وأحكام دمائهم ، وأموالهم ، وذراريهم ، وغير ذلك من سباياهم ، وسبي بابك الخبيث.

108- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا الأثرم ، قال : حدثنا أبو عبد الله بحديث ذكر فيه الصفرية فقال : الصفرية الخوارج.

109- وأخبرنا الدوري ، قال : سمعت يحيى وسألته عن الصفرية ، ما هم ؟ فقال : يرون رأي الخوارج.

110- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، أن أبا عبد الله قال : الخوارج قوم سوء ، لا أعلم في الأرض قوما شرا منهم ، وقال : صح الحديث فيهم عن النبي ﷺ ، ومن عشرة وجوه. في توقف أبي عبد الله في المارقة.

111- وأخبرني يوسف بن موسى ، أن أبا عبد الله قيل له : أكفر الخوارج ؟ قال : هم مارقة ، قيل : أكفار هم ؟ قال : هم مارقة مرقوا من الدين.

112- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق حدثهم ، أن أبا عبد الله سئل عن الحرورية والمارقة يكفرون قال : اعفني من هذا ، وقل كما جاء فيهم الحديث.

113- وأخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ، أن إسحاق بن منصور حدثهم ، أنه قال لأبي عبد الله : الحرورية : ما ترى فيهم ؟ قال : إذا دعوا إلى ما هم عليه إلى دينهم فقاتلهم ، وإذا طلبوا مالك فقاتلهم ، وأما إذا قالوا : نكون ولاتكم فلا تقاتلون . قال إسحاق بن منصور : قال إسحاق بن راهويه كما قال.

114- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا يعقوب بن بختان ، أن أبا عبد الله قيل له : تصحح عن ابن عمر أنه كان يقبل هدايا المختار ؟

قال : لا أدري ، إلا أنه يقال : إن هدايا المختار كانت تجيئه ، وكان آخر موته.

115- أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد ، قال : نسخت كتاب أحمد بن حنبل إلى علي بن المديني قبل أن يحدث ، عنوانه : إلى أبي الحسن علي بن عبد الله من أحمد بن محمد بن حنبل ، وداخله : إلى أبي الحسن علي بن عبد الله من أحمد بن محمد : سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ، أحسن الله إليك في الأمور كلها ، وسلمك وإيانا من كل سوء برحمته ، كتبت إليك وأنا ومن أعني به في نعم من الله متظاهرة ، أسأله العون على أداء شكر ذلك ، فإنه ولي كل نعمة ، كتبت إليك ، رحمك الله ، في أمر لعله أن يكون قد بلغك من أمر هذا الخرمي الذي قد ركب الإسلام بما قد ركبه به من قتل الذرية ، وغير ذلك ، وانتهاك المحارم ، وسبي النساء ، وكلمني في الكتاب إليك بعض إخوانك رجاء منفعة ذلك عند من يحضرك ممن له نية في النهوض إلى أهل أردبيل والذب عنهم وعن حريمهم ، ممن ترى أنه يقبل منك ذلك ، فإن رأيت ، رحمك الله ، لمن حضرك ممن ترى أنه يقبل منك ، فإنهم على شفا هلكة ، وضيعة ، وخوف من هذا العدو المظل ، كفاك الله وإيانا كل مهم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وكتب.

116- أخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل ، حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله ، وسئل ، عن غزو بابك ، فقال : ما أعرف أحدا كان أضر على الإسلام منه ، الفاسق.

117- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت حسين الصائغ ، قال : لما كان من أمر بابك ، جعل أبو عبد الله يحرض على الخروج إليه وكتب معي كتابا إلى أبي الوليد والي البصرة يحرضهم على الخروج إلى بابك.

118- أخبرني أحمد بن محمد بن منصور ، قال : سمعت عيسى بن جعفر ، قال : ودعت أحمد بن حنبل حين أردت الخروج إلى بابك ، فقال : لا جعله الله آخر العهد منا ومنك.

119- أخبرني الحسن بن الهيثم ، أن محمد بن موسى بن مشيش ، حدثهم ، أنه سأل أبا عبد الله : إذا استغاث من العدو من مثل بابك ونحوه إلى أهل هذه المدينة ، يجب على أهل هذه المدينة أن يخرجوا ؟ قال : يجب على من هو في القرب أول فأول ، قيل : فإن لم يغيثوا ؟ قال : إذا ضيعوا ما عليهم.

120- وأخبرني الحسن بن عبد الوهاب ، قال : حدثنا أبو بكر بن حماد ، قال : سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل : الرجل إذا أراد الغزو ، وكان إذ ذاك الخرمية قلت : فإلى أي الوجهتين أحب إليك قال : وأين مسكن الرجل ، قلت في هذه المدينة وأشار نحو الخرمية.

باب الحكم في الأموال التي يصيبها الخرمية والخوارج وأهل البغي من المحاربين لأهل الإسلام

121- أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، أنه قال لأبي عبد الله : قاتلت الحرورية ثم أخذوا ، قال : كلما أصبوا من شيء في ذلك فهو عليهم . قال إسحاق بن منصور : قال إسحاق بن راهويه : كذا هو.

122- أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ، قال : حدثنا إسحاق بن منصور ، أنه قال لأبي عبد الله : السلطان ولي من حارب الدين ، قال : إذا خرج محاربا مثل هؤلاء الخرمية فما أصابوا من ذلك فهو إلى السلطان . قال إسحاق بن راهويه : كما قال : لا يجوز ذلك في عفو الأولياء ، كذلك قتل الغيلة هو إلى السلطان.

123- أخبرني الحسن بن سفيان ، قال : حدثنا محمد بن آدم ، قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : ثارت الفتنة وأصحاب رسول الله ﷺ متوافرون ، فأجمعوا رأيهم على أنه من أصاب دما ، أو فرجا ، أو مالا ، بتأويل القرآن ، فلا حد عليه ، إلا أن يوجد المال قائما بعينه.

124- أخبرنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن أبي عبدة ، قال : سألت أحمد ، قلت : حديث الزهري : هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله ﷺ متوافرون فأجمعوا ألا يقاد ، ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن ، إلا ما وجد بعينه ؟ قال : نعم . قلت : هذا في الحرورية وأمثالهم ، قال : نعم ، قلت : فأما اللصوص والصعاليك فلا يؤمنون على شيء من هذا ، يؤخذون به كله ؟ قال : نعم.

125- حدثني محمد بن علي ، قال : حدثنا الأثرم ، قال : ذكر لأبي عبد الله : هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله ﷺ متوافرون ، فرأوا أن يهدر كل دم أصيب على تأويل القرآن ، قيل له : مثل الحرورية ؟ قال : نعم ، قال أبو عبد الله : فأما قاطع طريق فلا.

126- أخبرني موسى بن سهل الشاوي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدي ، قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، عن إسماعيل بن سعيد ، قال : سألت أحمد عن أموال أهل البغي ، قال : ليس في أموالهم بغي

127- وأخبرني يزيد بن عبد الله الأصبهاني ، قال : حدثنا الحسن بن محمد ، عن الحسن بن الفرح ، قال : قال سفيان : قال الزهري : وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله ﷺ متوافرون ، فلم يروا قصاصا على مال ، ولا دم أصيب في تأويل القرآن ولا في فتنة ، وذلك لسوء حالهم ، أنزلوهم منزلة الجاهلية ، لا إمام لها ، وبالإمام تقام الحدود ، وقال رسول الله ﷺ : كل دم أصيب في الجاهلية فهو تحت قدمي.

128- أخبرني عبد الله بن إسماعيل ، قال : حدثنا محمد بن مرجى ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن مطر ، قال : حدثنا أبو طالب ، أن أبا عبد الله سئل عن خرمية كان لهم سهم في قرية فخرجوا يقاتلون المسلمين ، فقتلهم المسلمون كيف تصنع بأرضهم ، قال : هي فيء للمسلمين ، من قاتل عليه حتى أخذه ، فيؤخذ خمسه فيقسم بين خمسة ، وأربعة أخماس للذين فاؤوا ، ويكون سهم الأمير خراج للمسلمين ، مثل ما أخذ عمر السواد عنوة ، فأوقفه للمسلمين.

باب الحكم في سبي من سبى بابك وبيع الذرية

129- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قلت لأبي عبد الله : لو أن رجلا قدم من أرمينية بسبي لا يشترى ؟ قال : لا ، لحال ما فعل بغه ، ما كان له أن يسبي الذرية.

130- أخبرني عبد الملك الميموني ، أن أبا عبد الله قال له الوليد : يا أبا عبد الله ، نأخذ المرأة تدعي الإسلام ، فتقول : دعوني وأرسل لكم عشر مسلمات بدلي ؟ قال أبو عبد الله : إذا كانت تقر بالإسلام كيف تترك ؟ لا تترك ، قال : لها ولد ، ثم يعني عند بابك ، فقال له أيضا : لا تترك ، تذهب إليهم.

131- أخبرني عبد الملك ، قال : قلت يا أبا عبد الله : أمر هذا الكافر ليس كغيره ، أعني بابك ، سبى نساء فوقعوا عليهن ، فما تقول في أولادهن ؟ قال : الولد تبع لأمه ، قلت : كيف ؟ قال : كذا حكم الإسلام ، أليس إن كانت حرة فهم أحرار ، وإن كانت مملوكة فهم مماليك ، فهم تبع لأمهم ، قلت : كبارا كانوا أو صغارا ؟ قال : نعم ، غير مرة ، ثم قال : الشأن أن يكون قد بلغ ، ثم خرج إلينا محاربا وهو مقيم في دار الشرك ، إيش حكمه ؟ إذا هكذا حكم الارتداد ، أو حكم يريد حكم أمه ، وأقبل أبو عبد الله يردد هذا الموضع ، ولا يدري ما حكمه في ذا الموضع إذا بلغ عندهم ثم خرج فقاتلنا ، وقد كنت قلت لأبي عبد الله في ابتداء المسألة : إذا أخذنا المرأة فقامت البينة أنها كانت مسلمة ، أو ادعت الإسلام ، فما كان معها من ولد أليس تبع لأمه ؟ قال : بلى ، قال عبد الملك : أردت من هذا أن قولها يجوز وحدها على ما ادعت هي من الإسلام ، قال عبد الملك ، وإنما ناظرته على بابك لما أخذ من المسلمات فوثبوا عليهن . قال أبو بكر الخلال : قول الميموني ها هنا : إن أبا عبد الله لم يدر ما حكمه في هذا الموضع ، فأبو عبد الله قد حكى عنه جماعة حكم المرتدين ، وحكم نسائهم وذراريهم إذا ولدوا في دار الشرك ، وحاربوا بعد ذلك على نحو مما سأل الميموني في نساء من أخذه بابك ، وقد أجاب أبو عبد الله في ذلك ، وقد أخرجه في كتاب السير ، ويطول شرحه ها هنا ، وإنما توهم الميموني أن أبا عبد الله لا يدري ما حكم الولد إذا حاربنا ، وبالله التوفيق.

132- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : قلت لأحمد بن حنبل : الرجل يبيع غلامه من الخوارج ، قال : لا ، قلت : فيبيع منهم الطعام والثياب ، قال : لا ، قلت : فإن أكرهوه فكره ذلك كله ، قلت : فيشتري منهم ، قال : لا يشتري ، ولا يبيع.

133- وأخبرنا محمد بن علي السمسار ، أن يعقوب بن بختان حدثهم ، أن أبا عبد الله قال : لا تبع لهم الطعام والثياب ، ولا تشتر منهم ، وقال : الخوارج مارقة ، قوم سوء.

134- أخبرني حامد بن أحمد ، أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث ، قال : قلت : يا أبا عبد الله يكره للرجل يحمل إلى مثل سجستان البزيون والأدم نبيعه في المدينة من قوم لا يرون رأي الخوارج ، إلا أنه يرى أن يحمل إليهم ، فلم ير بأسا أن يبيع ممن لا يرى رأي الخوارج ، قلت : ترى أن يحمل إليهم ؟ قال : يعمل على ما يرى ، كأنه لم ير بأسا أن يحمل إليهم ، يعني أهل سجستان ممن لا يرى رأي الخوارج.

135- أخبرني حرب بن إسماعيل ، أنه قال لأبي عبد الله : فإن بلدنا بلد يأتيه الخوارج في كل سنة ، وأن الناس يختلفون علينا في المقام في تلك البلدة ، فذهب إلى التسهيل في ذلك المقام.

136- وأخبرني حامد بن أحمد ، أنه سمع الحسن بن محمد بن الحارث السجستاني ، أنه سأل أبا عبد الله عن أمر الخوارج عندنا ، قال : قلت : إنا في المدينة نظهر خلافهم ، ونصلي في جماعة ، ونجمع ، غير أنهم إن كتبوا إلى الوالي بأمر لم يجد الوالي بدا من أن ينفذه ، فقال : يظهرون مخالفتهم ؟ قلت : نعم ، قال : أكره مجاورتهم ، قلت : إذا كانت معيشته فيها يعني في البلد الذي هم فيه ، قال : أرجو أن لا يكون به بأس ، وإن وجدت محيصا فتخلص.

137- أخبرني أحمد بن الحسين ، أن أبا عبد الله ، سئل عن الخوارج ، فقال : لا تكلمهم ولا تصلي عليهم.

138- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أنا العوام ، قال : حدثنا أبو غالب ، عن أبي أمامة : {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} قال : هم الخوارج.

139- أخبرني حرب ، قال : أنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : دفع إلي محمد خرجا أبيعه في فتنة ابن الأشعث أو ابن المهلب ، قال : فقلت أبيعه منهم ، قال : أما إنه ليس بسلاح ، ثم قال لي بعد : لا تبعه منهم.

140- أخبرني حرب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عمرو النصري ، قال : سمعت سوار بن عمارة يحدث ، عن أبي يحيى السري بن يحيى ، قال : حدثني عبد الكريم بن رشيد ، قال : لما كانت الأزارقة بفارس ، قال : جعل أهل الأهواز يسيرون الخيل فيحملونها إليهم ، فقال الأحنف بن قيس : ما أعلم أهل الأهواز إلا قد حل سباهم.

تفريع ، قتال اللصوص ودفع الرجل عن نفسه وماله وذكر الرباط في الموضع المخوف من اللصوص ، وقطع الطريق

141- أخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل ، حدثهم ، قال : سمعت أحمد ، وقيل له : إن منحارا يقطع الطريق ، حتى لا يقدر أحد أن يسلكه إلا ببذرقة ، فترى للمبذرقين فضل في هذا ؟ فقال : سبحان الله ، وأي فضل أكثر من هذا ، يقونهم ويؤمنوهم من عدوهم ، قيل له : يكون بمنزلة المجاهد ؟ قال : إني لأرجو لهم ذاك إن شاء الله.

142- وأخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : سألت أبا عبد الله ، قلت : إن عندنا حصونا على طرف المفازة يرابط فيها المسلمون العدو ، وهم الأكراد ، وهم من أهل التوحيد يصلون ، ولكنهم يقطعون الطريق ، فما ترى في الرباط في هذا الموضع ؟ فاستحسنه وقال : ما أحسن هذا ؟ قلت : إنهم من أهل القبلة ، قال : وإن كانوا من أهل القبلة ، أليس يرد عن المسلمين ؟ قال : وسألت أحمد مرة أخرى ، قلت : موضع رباط يقال : له بابنيذ في المفازة ، يكون فيه المطوعة يبذرقون القوافل والعدو وهم الأكراد ، وهم مسلمون فاستحب ذلك وحسنه وقال : أليس يدفعون عن المسلمين ، إلا أنه قال : ما لم يكن قتال ؟ قلت : إنهم ربما بذرقوا القوافل فوقع عليهم الأكراد ، قال : إذا أرادوهم وأموالهم قاتلوهم.

باب قوله : من قاتل دون ماله

143- أخبرني عبد الكريم بن الهيثم بن زياد القطان العاقولي ، أنه قال لأبي عبد الله : يقاتل اللصوص ؟ قال : إن كان يدفع عن نفسه.

144- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح ، أنه سأل أباه عن قتال اللصوص ، فقال : كل من عرض لك يريد مالك ونفسك ، فلك أن تدفع عن نفسك ومالك.

145- وأخبرني عبد الملك الميموني ، أن أبا عبد الله قال له في هذه المسألة : قال النبي ﷺ : من قتل دون ماله فهو شهيد.

146- أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، قال : سألت أبا عبد الله عن اللصوص ، يخرجون يريدون مالي ونفسي ، قال : قاتلهم حتى تمنع نفسك ومالك.

147- أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الحميد القطان ، قال : حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، أنه سأل أبا عبد الله عن قتال اللصوص ، قال : أرى قتال اللصوص إذا أرادوا مالك ونفسك.

148- حدثني علي بن الحسن بن سليمان ، حدثنا حنبل : سألت أبا عبد الله ، قلت : امرأة أرادها رجل على نفسها فامتنعت منه ، ثم إنها وجدت خلوة فقتلته لتحصن نفسها ، هل عليها في ذلك شيء ؟ قال : إذا كانت تعلم أنه لا يريد إلا نفسها فقتلته لتدفع عن نفسها فمات فلا شيء عليها ، وإن كان إنما يريد المتاع والثياب فأرى أن تدفعه إليه ، ولا تأتي على نفسه ، لأن الثياب والمتاع فيها عوض ، والنفس لا عوض فيها.

باب من قاتل دون حرمته

149- أخبرني منصور بن الوليد النيسابوري ، قال : حدثنا علي بن سعيد ، أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يقاتل دون حرمته وأهله ، فقال : ما أدري.

150- فأخبرني أحمد بن محمد الوراق ، عن محمد بن حاتم بن نعيم ، عن علي بن سعيد ، قال : ما أدري ، لم يبلغني فيه شيء.

151- وأخبرني عبد الملك الميموني ، أنه قال لأبي عبد الله في هذه المسألة : ودون أهله ، فقال : الرواية عنه : ماله ، وواحد يقول : دون أهله وماله.

152- أخبرني زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا أبو طالب ، وأخبرني الحسين بن الحسن ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث ، أن أبا عبد الله قال : يقاتل دون حرمته.

153- حدثني الحسين بن الحسن الوراق ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث : قيل لأبي عبد الله ، وحدثني الحسين بن الحسن ، قال : حدثنا محمد بن داود : سألت أبا عبد الله ، قلت : الرجل يكون في مصر في فتنة ، فيطرقه الرجل في داره ليلا ، قال : أرجو إذا جاءت الحرمة ودخل عليه منزله ، قيل له : فمن احتج بعثمان أنه دخل عليه ، قال : تلك فضيلة لعثمان ، وأما إذا دخل داره وجاءت الحرم ، قيل : فيدفعه ، فكأنه لم ير بأسا ، وقال : قد أصلت ابن عمر على لص السيف ، قال : فلو تركناه لقتله.

154- وحدثني عبد الله بن محمد بن عبد الحميد ، حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، وسأله ، قال : قيل : أرأيت إن دخل على رجل في بيته في الفتنة ، قال : لا يقاتل في الفتنة ، قلت : فإن أريد النساء ، قال : إن النساء لشديد قال : إن في حديث يروى عن عمر ، يرويه الزهري ، عن القاسم بن محمد ، عن عبيد بن عمير : أن رجلا ضاف ناسا من هذيل ، فأراد امرأة على نفسها ، فرمته بحجر فقتلته ، فقال : والله لا يودى أبدا وحديث أيضا عن عمر : أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فضربهما بالسيف ، فقطع فخذ المرأة وفخذ الرجل ، كان عمر أهدر دمه.

باب ما كره أن يقاتل الرجل دون جاره وأهل رفقته

155- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : قلت لأحمد : كنت في سفر وأمامي رجل فوقع عليه العدو ، فناداني واستغاث بي ، قال : ما أدري ، لو كان مالك لم يكن في قلبي شيء ، فأما مال غيرك فما أدري.

156- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سألت أبا عبد الله عن اللصوص يعرضون للرجل في الطريق ، قال : يقاتلهم دون ماله ، قلت : فإن عرضوا للرفقة ولم يعرضوا لماله ترى أن يقاتلهم ؟ قال : لا أرى أن يقاتلهم بالسيف إلا دون ماله.

157- أخبرني منصور بن الوليد ، أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم ، أن أبا عبد الله قيل له : فيقاتل عن أهل رفقته ، قال : يقاتل عن ماله ، إنما قال النبي ﷺ : من قتل دون ماله فهو شهيد.

158- أخبرنا محمد بن المنذر بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، أنه قال لأبي عبد الله : فإن منعت نفسي ومالي وأخذ من صاحبي فاستغاث بي ، أغيثه ؟ قال : نعم ، تغيثه ، ولا تقاتله لأنه لم يبح لك أن تقتله لمال غيرك ، إنما أبيح لك أن تقاتله لنفسك ومالك.

159- أخبرني محمد بن يحيى الكحال ، أنه قال لأبي عبد الله : الرجل يكون معه المال لغيره فيقاتل عنه ؟ قال : أعفني عن الجواب فيها ، قلت : أليس يروى : من قتل دون جاره فهو شهيد ؟ قال : ليس يصح هذا ، وإنما هو : من قتل دون ماله.

160- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قرئ على أبي عبد الله عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن عبد الله بن الحسن ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي ﷺ قال : من أريد ماله بغير ح?ق ، فقاتل فقتل فهو شهيد.

باب ما يتوقى في قتله إذا دفع عن نفسه إلا أن يلحقه في ذلك وهو لا يريد قتله بالنية

161- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنا ، قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل تلقاه اللصوص يريدون ماله ، قال : يدفعهم عنه ، قلت : يقاتلهم ؟ قال : يدفعهم عنه.

162- أخبرني عبد الملك الميموني ، أنه قال لأبي عبد الله : هل علمت أحدا ترك قتال اللصوص تأثما ؟ قال : لا ، قلت : قوم يقولون : إن لقيتهم فقاتلهم ، لا تضربه بالسيف وأنت تريد قتله ، قال : إنما أضربه لأمنع نفسي ومالي منه ، فإن أصيب فسهل فيه ، قلت : نعم يا أبا عبد الله ، أعلم أني أضربه بالسيف ، ولست آلو قطع يده ورجله ، وأشاغله عني بكل ما أمكنني ، قال : نعم ، وقد كنت قلت له في أن يخرج عليه ، قال : وهو يدعوك حتى تخرج عليهم ، هم أخبث من ذاك ، ورأيته يعجب ممن يقول : أقاتله وأمنعه ، وأنا لا أريد نفسه ، أي فهذا مما لا ينبغي أن يشغل به القلب ، له قتاله ودفعه عن نفسه بكل ما أمكنه ، أصيبت نفسه أو بقيت.

163- أخبرني الحسين بن الحسن ، أن محمدا حدثهم ، أن أبا عبد الله قال : يدفع عن نفسه ، ولا يتعمد قتله.

164- أخبرني محمد بن موسى الوراق ، قال : حدثنا أيوب بن إسحاق بن سافري ، أن أبا عبد الله ، قيل له : من قتل دون ماله فهو شهيد ، قيل له : فيقاتل دون ماله ؟ فقال : لا يقاتل ؛ لأن نفسه ، يعني اللص ، عليك حرام ، ولكن ادفع عن مالك ، قيل : كيف أدفع ؟ قال : لا تريد قتله ولا ضربه ، ولكن ادفع عن نفسك ، فإن أصابه منك شيء فهو حد نزل به ، مثل من أقيم عليه الحد فمات.

165- أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم ، قال : سألت أبا عبد الله عن قتال اللصوص ، فقال : من قتل دون ماله فهو شهيد ، قلت : أقاتله وأضربه ، قال : إذا علمت أنه يريد مالك فقاتله ، وقال : إذا قاتل الرجل دون ماله فقتل أو جرح أو أثخن فيهم ، أرجو لا يحرج ، وذاك أنه قد أذن له في القتال.

166- وحدثني زكريا بن يحيى أبو يحيى الناقد ، حدثنا أبو طالب ، سئل أبو عبد الله عن اللصوص دخلوا على رجل مكابرة ، قال : يقاتلهم ، ولكن لا ينوي القتل ، قيل له : يضربهم بالسيف ؟ قال : يدفعهم عن نفسه بكل ما يقدر ، بالسيف وغيره ، ولا ينوي قتله ، قال : فإن ضربه فقتله ليس عليه شيء ؟ قلت : السلطان لا يلزمه فيه شيء ، قال : إذا علم الناس وقتله في داره ، وقتله ما عليه ؟ ليس عليه شيء ، إنما يقاتل دون ماله ، ودون نفسه.

باب ما يؤمر به الرجل إذا أثخن في القتال

أو جرح اللص حتى يمنعه عن نفسه فلا يقتله بعد الإثخان ، ولا يعيد عليه الضرب ، ولا يقتله إن أخذه أسيرا ، ولا يحدث فيه حادثة إلا بإذن الإمام.

167- أخبرنا محمد بن عبد المنذر بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي ، أن أبا عبد الله قال : فإن جرحته حتى منعته عن نفسك ، فليس لك أن تعيد عليه الضرب حتى تقتله ، إنما لك أن تمنع عن نفسك ومالك ، فقد منعته.

168- حدثنا محمد بن سليمان الجوهري ، حدثنا عبدوس بن مالك العطار ، سمعت أبا عبد الله ، يقول : أصول السنة ، فذكر كلاما كثيرا ، وقال : قتال اللصوص والخوارج جائز ، قال : ولا يجهز عليه إن صرع ، أو كان جريحا ، وإن أخذ أسيرا فليس له أن يقتله ، ولا يقيم عليه الحد ، ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله فيحكم.

باب كراهية اتباعه إذا ولى.

169- أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ، أن إسحاق بن منصور حدثهم ، أنه قال لأبي عبد الله : يقاتل اللص ؟ قال : إذا كان مقبلا تقاتله ، وإذا ولى فلا تقاتل . قال إسحاق بن منصور : قال إسحاق بن راهويه كما قال . قلت : أخذ ابن عمر لصا في داره فأصلت السيف ، قال : إذا كان مقبلا ، وأما موليا فلا ، قال إسحاق : كما قال.

170- حدثني زكريا بن يحيى ، حدثنا أبو طالب ، سمع أبا عبد الله ، قال : فإن ولى فليدعه ولا يتبعه ، قيل له : فإن أخذ مالي وذهب أتبعه ؟ قال : إن أخذ مالك فاتبعه ، قال النبي ﷺ : من قاتل دون ماله ، فأنت تطلب مالك ، فإن ألقاه إليك فلا تتبعه ، ولا تضربه ، دعه يذهب ، وإن لم يلقه إليك ثم ضربته ، وأنت لا تنوي قتله ، إنما تريد تأخذ شيئك وتدفعه عن نفسك ، فإن مات فليس عليك شيء ؛ لأنك إنما تقاتل دون مالك . حديث عمران بن حصين في اللص ، يعني فلم ير بأسا على قاتله ، فذكره ، وابن عمر قد دخل لص ، فخرج يعدو بالسيف صلتا.

171- حدثنا محمد بن سليمان الجوهري ، حدثنا عبدوس بن مالك العطار ، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل قال : قتال اللصوص والخوارج جائز ، إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله ، فله أن يقاتل عن نفسه وماله ، ويدفع عنهما بكل ما يقدر عليه ، وليس له إذا فارقوه ، أو تركوه أن يطلبهم ، ولا يتبع آثارهم ، ليس ذلك لأحد إلا للإمام ، أو ولاة المسلمين ، إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك ، وينوي بجهده أن لا يقتل أحدا ، فإن أتى على بدنه في دفعه عن نفسه في المعركة ، فأبعد الله المقتول ، وإن قتل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة كما جاء في الأحاديث ، وجميع الآثار في هذا إنما أمر بقتاله ، ولم يؤمر بقتله ، ولا اتباعه.

172- وحدثني عبد الله بن محمد بن عبد الحميد ، حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، وسمعته يقول في قتال اللصوص ، قال : أرى أن يدفع الرجل عن ماله ويقاتل ، قال : لأنه يروى عن النبي ﷺ : من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد قال : ولكن إذا ولى اللص لا تتبعه ، قلت : أليس اللص محاربا ؟ قال : أنت لا تدري قتل أم لا ؟ فأما إذا كان لص معروف مشهور أنه قد قتل وشق عصا المسلمين ، فهو محارب ، يفعل به الإمام ما أحب.

173- أخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول في هذه المسألة : فإن ولى فلا تتبعه ، وإن صار في موضع تعلم أنه لا يصل إليك فلا تتبعه.

174- وأخبرني محمد بن موسى ، أن أيوب بن إسحاق حدثهم في هذه المسألة ، قال أبو عبد الله : وإن ولى فلا تطلبه ، دعه يذهب عنك.

175- أخبرني عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله في هذه المسألة ، قال : أرى قتال اللصوص إذا أرادوا مالك ونفسك ، فأما أن تذهب إليهم أو تتبعهم إذا ولوا فلا يجوز لك قتالهم.

176- وأخبرنا محمد بن المنذر ، قال : حدثنا أحمد بن الحسن ، أنه قال لأبي عبد الله : فإن هرب أتبعه ؟ قال : لا ، إلا أن يكون متاعك معه.

باب قتال اللص يدخل منزل الرجل مكابرة ، وذكر مناشدتهم ، وغير ذلك.

177- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : قيل لأحمد بن حنبل : رجل دخل دار قوم بسلاح فقتلوه ؟ فلم يجب فيه ، فأخبرني زكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم ، قال : سئل أبو عبد الله عن لصوص دخلوا على رجل مكابرة ، يقاتلهم أو يناشدهم ؟ قال : قد دخلوا على حرمته ، ما يناشدهم ، يقاتلهم ، يدفعهم عن نفسه ، ولكن لا ينوي القتل ، قال : فيضربهم بالسيف ؟ قال : يدفعهم عن نفسه بكل ما يقدر ، بالسيف وغيره ، ولا ينوي قتله ، قال : فإن ضربه فقتله فليس عليه شيء ، قلت له : السلطان لا يلزمه فيه شيء ، قال : إذا علم الناس وقتله في داره ما عليه ، ليس عليه شيء ، إنما يقاتل دون ماله ، ودون نفسه وحرمته ، قال : فإن ولى فليدعه ، ولا يتبعه ، قلت له : فإن أخذ مالا وذهب ، أتبعه ؟ قال : إن أخذ مالك فاتبعه ، قال النبي ﷺ : من قتل دون ماله فهو شهيد ، فأنت تطلب مالك ، فإن ألقاه إليك فلا تتبعه ولا تضربه ، دعه يذهب ، وإن لم يلقه إليك ثم ضربته وأنت لا تنوي قتله ، إنما تريد أن تأخذ شيئك وتدفعه عن نفسك ، فإن مات فليس عليك شيء ؛ لأنك إنما تقاتل دون مالك . حديث عمران بن حصين في اللص ، يعني لم ير بأسا على قاتله ، قد ذكره ، قال : وابن عمر قد دخل لص فخرج يعدو بالسيف صلتا.

178- أخبرني عبد الملك الميموني ، قال : قالوا لأبي عبد الله : لص دخل على رجل في داره ، كيف يصنع ؟ قال : أليس ابن عمر أخذ السيف ، لولا أن منعناه ، قالوا : فيضربه ؟ قال لهم : للرجل أن يمنع ماله ونفسه ، يعني بكلما.

179- وأخبرني الميموني ، قال : حدثنا ابن حنبل ، قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، قال : حدثنا عبيد الله ، عن نافع : أن لصا دخل عليهم ، فأصلت ابن عمر عليه بالسيف ، فلو تركناه لقتله.

180- حدثني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، قال : قلت لأبي عبد الله : هل علمت أحدا ترك قتال اللصوص تأثما ؟ قال : لا ، قلت له : في أن يخرج عليه ؟ قال : وهم يدعوك حتى تخرج عليهم ، هم أخبث من ذلك.

181- حدثني الحسين بن الحسن الوراق ، حدثنا إبراهيم بن الحارث ، قيل لأبي عبد الله : وحدثني الحسين بن الحسن ، حدثنا محمد بن داود ، سألت أبا عبد الله ، فذكر المسألة ، فذكر لأبي عبد الله المناشدة للص في غير الفتنة ، فقال : حديث قابوس عن سلمان ، ولم يثبته ، وقال : قال رسول الله ﷺ : من قوتل فقاتل فقتل دون ماله فهو شهيد.

باب إذا علم أنه لا طاقة له بقتالهم أو لا ، ما الحكم في ذلك.

182- أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سألت أبي عن الرجل يقاتل اللصوص وهو يعلم أنه لا طاقة له بهم فيقتلوه ، قال أبي : إن كان يغلب عليه أنه إذا أعطاه بيده خلوا سبيله ، فإن لم يقاتلهم رجوت أن يكون ذلك له ، وإن كان يغلب عليه أنهم يقتلوه فليدفع عن نفسه ما استطاع ، قلت لأبي : الرجل يوافق العدو واللصوص ، وهو يعلم أنه إن قاتل لم يكن في قتاله على عدوه ضرر من قتاله إياهم ، أيقاتلهم أو يستسلم لهم ؟ قال : هذا مثل تلك الأولى.

183- أخبرني محمد بن أبي هارون ، ومحمد بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم ، أنه قال لأبي عبد الله : فإن علم أنه لا طاقة له بهم ، وإن هو قاتل قتل ، فما ترى له ، يقاتل أو يعطي بيده ويسلم ماله ؟ قال : إن كان الذي ترى أنه إن أعطاهم ماله خلى سبيله ولم يقتل فترك القتال ، رجوت أن لا يكون به بأس ، وإن كان الغالب على أمره منهم أنه إن أعطى بيده قتل ، فليدفع عن نفسه بطاقته ما استطاع.

باب قتال اللصوص في الفتنة.

184- دفع إلينا محمد بن عوف الحمصي قال : سمعت أحمد بن حنبل ، كره قتال اللصوص في الفتنة.

185- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، قال : حدثنا أيوب بن إسحاق ، أن أبا عبد الله قال : وأما الفتنة ، فلا تمس السلاح ، ولا تدفع عن نفسك بسلاح ولا شيء ، ولكن ادخل بيتك.

186- وأخبرني الحسين بن الحسن ، قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث ، قال : قيل لأبي عبد الله : الرجل يكون في مصر في فتنة

وأخبرني الحسين بن الحسن ، أن محمدا حدثهم ، قال : سألت أبا عبد الله ، قلت : الرجل يكون في مصر في فتنة ، فيطرقه الرجل في داره ليلا ، قال : أرجو إذا جاءت الحرمة ودخل عليه منزله ، قيل فمن احتج بعثمان رحمه الله أنه دخل عليه ، قال : تلك فضيلة لعثمان ، وأما إذا دخل داره ، وجاءت الحرم ، قيل : فيدفعه ، فكأنه لم ير بأسا ، وقال : قد أصلت ابن عمر على لص السيف ، قال : فلو تركناه لقتله ، فذكر له المناشدة للص في غير الفتنة . فقال : حديث قابوس عن سلمان ولم يثبته ، وقال : قال النبي ﷺ : من قوتل فقاتل فقتل دون ماله فهو شهيد.

باب جامع القول في قتل اللصوص.

187- أخبرني عبد الله بن محمد بن عبد الحميد ، قال : حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله أنه سمعه يقول في قتال اللصوص ، قال : أرى أن يدفع الرجل عن ماله ويقاتل ، قال : ألا يروى عن النبي ﷺ : من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد . قال : ولكن إذا ولى اللص لا يتبعه ، قلت : أليس اللص محاربا ؟ قال : أنت لا تدري قتل أم لا ، فأما إذا كان لص معروف مشهور أنه قد قتل ، وشق عصا المسلمين فهو محارب ، يفعل به الإمام ما أحب ، قال : ولا أرى قتالهم في الفتنة إذا لم يكن إمام ، فهذه فتنة لا يحمل فيها سلاح لأن النبي ﷺ قال لأبي ذر في الفتنة : اجلس في بيتك ، قال : فإن خفت شعاع السيف فغط وجهك وقال النبي ﷺ : من أريد ماله فقاتل فقتل فهو شهيد ، فقال في الفتنة هكذا ، وقال : من أريد ماله هكذا ، فهو عندي قتال اللص جائز إلا في الفتنة ، قلت : أرأيت إن دخل على رجل بيته في الفتنة ؟ قال : لا نقاتل في الفتنة ، قلت : فإن أريد النساء ؟ قال : إن النساء لشديد قال : إن في حديث يروى عن عمر رحمه الله ، يرويه الزهري ، عن القاسم بن محمد ، عن عبيد بن عمير : أن رجلا ضاف ناسا من هذيل فأراد امرأة على نفسها فرمته بحجر فقتلته ، فقال : والله لا يودى أبدا وحديث أيضا عن عمر : أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فضربه بالسيف فقطع فخذ المرأة وفخذ الرجل ، فكان عمر أهدر دمه.

188- أخبرني محمد بن أبي هارون ، والحسن بن جحدر ، والحسن بن عبد الوهاب ، كلهم سمع الحسن بن ثواب ، قال : قلت لأبي عبد الله : سألت الزبيري عن حديث رسول الله ﷺ : من قتل دون ماله فهو شهيد وقول رسول الله ﷺ : إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما الآخر ، فالقاتل والمقتول في النار ، فقال الزبيري : ما تقول في الرومي إذا لقيك فقتلته ، أليس لك فيه أجر ؟ قلت : بلى ، قال : فإذا قتلك ، قلت : شهيد ، قال : كذلك اللص إذا لقيك ، لو أقمناه مقام المسلم ما كتبت شهيدا أبدا ، ولكنه يقام مقام الكافر ، فلذلك : من قتل دون ماله فهو شهيد ، فلما حدثت به أبا عبد الله قال لي : أرأيت لو أن رجلا لقيك على غير عداوة ظاهرة ، فقال : ضع ثوبك وإلا ضربتك بالسيف فأبيت ، ثم حملت عليه فضربته ضربة وأنت لا تدري يموت منها أو لا ، فمات ، ما عليك من ذلك ، وأنت لا تدري حين قال لك : إن وضعت ثوبك وإلا ضربتك بالسيف ، كان يفعل أو لا ما ترى فيه إن قتلته ؟ قال الحسن بن عبد الوهاب قال : ما ترى في قتله إن قتلته ؟ قلت : لا شيء إذا كان لصا ، قال : نعم ، هدر دمه.

189- حدثني عبد الله بن محمد بن عبد الحميد ، حدثنا بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، قال : ولا أرى قتال اللصوص في الفتنة ، إذا لم يكن إمام فهذه فتنة لا يحمل فيها سلاح ؛ لأن النبي قال : لأبي ذر في الفتنة اجلس في بيتك ، قال : فإن خفت شعاع السيف فغط وجهك ، وقال النبي ﷺ : من أريد ماله فقاتل فقتل فهو شهيد

فقال في الفتنة هكذا ، وقال : من أريد ماله هكذا فهو عندي قتال اللصوص جائز إلا في الفتنة.

190- أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سألت أبي عن قوم لصوص قطعوا الطريق وظهر عليهم ، وقتل بعضهم ، ولهم ذرية فبيعوا ، قلت لأبي : يحل شراؤهم ، قال : لا يحل ، يردهم على من اشتراهم ، وإن كان يخاف إن ردهم باعوهم لم يردهم يرسلهم ، هم أحرار ، قلت لأبي : يعتقهم ، قال : هم أحرار ، لا يحتاج أن يعتقهم.

191- قال أبو بكر الخلال : استقرت الروايات عن أبي عبد الله : إنما تقاتل اللص دون نفسك ومالك ، فأما الحرم فمتوقف في رواية علي بن سعيد ، فأما الميموني فبين عنه أن الرواية في نفسه وماله ، وواحد يقول : وأهله ، واتفقوا عنه بعد ذلك أنه يقاتل عن حرمته ، وأشبع الحجة فيه ، واحتج بعمر وابن عمر ، وأما قتاله عن جاره وأهل رفقته ، فإنهم اتفقوا عنه أن لا يقاتل بالسيف في إعانة جاره والرفقة ، وأما محمد بن يحيى ، فذكر أنه لا يصح قوله : من قتل دون جاره . وأشبع المسألة أحمد بن الحسن ، فقال : قال : لم يبح لك أن تقتله لمال غيرك ، إنما أبيح لك لنفسك ومالك ، وأما قتله فقد أجمعوا عنه أنه إذا قاتله لا ينوي قتله ، وأنه إن قتله في مدافعته عن نفسه باعده الله وأشبع المسألة عنه جماعة ، وبين ذلك أيوب بن إسحاق ، فقال : من أخذ برك فأقيم عليه الحد ، وأما إذا أثخن فيه القتال والجراح

فلا يعيد عليه ولا يجهز ولا يقتله ، إذا أخذه أسيرا ولا يقيم عليه الحد ، وإنما ذلك للإمام ، وأما اتباعه إذا ولى فقال : لا تتبعه إلا أن يكون المال معه ، فإن طرح المال وولى فلا تتبعه أصلا ، وأما إذا دخل مكابرة فيقاتله ، ولا يدع ذلك ، واحتج بعمران بن حصين وابن عمر ، وأما المناشدة له فضعف الحديث فيه ، ولم ير ذلك أصلا ، وأما في الفتنة فلم ير قتالهم أصلا ، وقد احتج في جميع ذلك بالأحاديث ، وقد أخرجت الأحاديث التي احتج بها كلها ، فعلى هذا الذي شرحت عنه استقرت الرواية في مذهبه ، وبالله التوفيق.

192- حدثنا محمد بن الجنيد ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، حدثنا سعيد ، عن عبد الرحمن بن أنس يعني السراج ، عن الزهري ، وثنا يحيى بن جعفر ، حدثنا عبد الوهاب ، قال : حدثنا سعيد ، عن عبد الرحمن السراج ، عن الزهري ، عن طلحة ، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، عن النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ قال : من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد.

193- وحدثنا عمران بن بكار ، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، عن سعيد بن زيد ، عن النبي ﷺ قال : من قتل دون ماله فهو شهيد.

194- حدثنا الحسين بن عبد الحميد الميموني ، حدثنا يحيى بن السكن ، حدثنا سليمان بن كثير ، عن الزهري ، عن طلحة بن عبد الله ، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، قال : قال رسول الله ﷺ : من قتل دون ماله فهو شهيد.

195- حدثنا أحمد بن محمد الأنصاري ، حدثنا موسى بن داود ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن أبي عبيدة بن محمد ، عن طلحة بن عبد الرحمن بن عوف ، كذا قال ، عن سعيد بن زيد ، قال : قال رسول الله ﷺ : من أصيب دون ماله ، أو دون دمه ، أو دون دينه ، أو دون أهله ، فهو شهيد.

196- وحدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، أخبرني أبي ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، عن سعيد بن زيد ، قال : قال رسول الله ﷺ : من أصيب دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد.

197- حدثنا أبو بكر المروذي ، قال : قرئ على أبي عبد الله ، عن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن عبد الله بن الحسين ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي ﷺ قال : من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل ، فهو شهيد

198- حدثنا أحمد بن محمد الأنصاري ، حدثنا مؤمل ، هذا وما قبله كان مخرجا في الحاشية ، وضاقت عن تمامه ، فقال بعد حدثنا مؤمل : تمام كتاب اللصوص في الورقة التي في الكتاب وهي معه هذا الحديث ولم أجدها فيه ، ولعلها سقطت منه

فضائل نبينا محمد ﷺ أبو القاسم نبي الرحمة عليه السلام.

199- أخبرني محمد بن الحسن ، أن الفضل حدثهم قال : قرأت على أبي عبد الله أبو النضر قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، فذكر حديث الأسدي ، قال : وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا ، وأولهم مقضيا له ، فذكر الحديث ، قال الفضل : قال لي أحمد : أول النبيين يعني خلقا ، {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} فبدأ به.

200- أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني ، قال : قلت لإسحاق يعني ابن راهويه : حديث ميسرة الفجر قال : قلت : (يا رسول الله ﷺ ، متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد ، ما معناه ؟ قال : قبل أن تنفخ فيه الروح ، وقد خلق).

201- وأخبرنا محمد بن عوف الحمصي ، قال : حدثنا محمد بن المتوكل ، قال : حدثنا شيخ بن أبي خالد ، قال : حدثني حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر ، قال : في خاتم سليمان : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله.

202- أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سئل أبو عبد الله : هل ولد النبي ﷺ مختونا قال : الله أعلم ، ثم قال : لا أدري.

203- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : قال أبو عبد الله ، قال النبي ﷺ : (ما منكم من أحد إلا ومعه شيطان قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال : ولا أنا ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) . قال أبو عبد الله : لا أدري هو يسلم منه أو إبليس أسلم ، قلت : إن قوما يقولون إن النبي ﷺ يسلم منه ، قال : لا أدري.

204- سألت أحمد بن يحيى النحوي ثعلب عن قوله : (إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) ، الشيطان أسلم أو النبي ، قال : أنا أسلم منه ، قال : الشيطان أسلم.

205- وأخبرنا محمد بن بشر أخو خطاب قال : سمعت محمد بن الصباح ، يقول : معنى قول النبي ﷺ : (إلا أن الله أعانني عليه فأسلم) ، قال : يعني فأسلم أنا منه.

206- أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، قال : حدثنا منصور ، عن سالم ، عن أبيه ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله ﷺ : (ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، قالوا : وأنت يا رسول الله ، قال : وأنا ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فليس يأمرني إلا بخير).

207- أخبرني حرب بن إسماعيل بن خلف الحنظلي أبو محمد الكرماني ، قال : سمعت أحمد يقول في حديث أنس : (أن رجلا قال للنبي ﷺ : يا خير البرية ، قال : ذاك أبي إبراهيم) . قال : قد روي غير هذا ، أنه قال : (أنا أول من تنشق عنه الأرض) ، وقال الله عز وجل : {كنتم خير أمة أخرجت للناس} وذهب فيه إلى أن النبي ﷺ إنما أراد التواضع به.

208- سألت أحمد بن يحيى ثعلبا النحوي عن حديث النبي ﷺ الذي سأله ، فقال : (يا نبيء الله ، وهمز ، فقال له النبي ﷺ : لست نبيء الله ، وهمز ، ولكني أنا نبي الله ، ولم يهمز . قال : يقول النبي ﷺ : أنا من الارتفاع ، ليس أنا من النباء).

209- أخبرني عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا سفيان ، عن علي بن زيد بن جدعان ، تذاكروا أي بيت من الشعر ، فقال رجل : قول أبي طالب:

وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد.

210- وأخبرني أحمد بن أصرم المزني ، قال : حدثنا أبو إبراهيم الترجماني ، عن هشيم ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، {وأما بنعمة ربك فحدث} قال : بالنبوة التي أعطاك ربك.

211- وأخبرني أحمد بن أصرم ، عن منصور بن أبي مزاحم ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : {ورفعنا لك ذكرك} قال : لا أذكر إلا ذكرت ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله.

212- قرئ على عبد الله بن أحمد قال : حدثني أبي قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، قال : سألت السدي {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} قال : محمد ﷺ..

213- أخبرني عصمة بن عصام العكبري ، قال : حدثنا حنبل بن إسحاق ، قال : قلت لأبي عبد الله : من زعم أن النبي ﷺ كان على دين قومه قبل أن يبعث ؟ فقال : هذا قول سوء ، ينبغي لصاحب هذه المقالة تخذر كلامه ، ولا يجالس ، قلت له : إن جارنا الناقد أبو العباس يقول هذه المقالة ؟ فقال : قاتله الله ، أي شيء أبقى إذا زعم أن رسول الله ﷺ كان على دين قومه وهم يعبدون الأصنام ، وقال الله عز وجل وبشر به عيسى ، فقال : اسمه أحمد ، قلت له : وزعم أن خديجة كانت على ذلك حين تزوجها النبي ﷺ في الجاهلية ، فقال : أما خديجة فلا أقول شيئا ، قد كانت أول من آمن به من النساء ، ثم ماذا يحدث الناس من الكلام ، هؤلاء أصحاب الكلام ، من أحب الكلام لم يفلح ، سبحان الله ، سبحان الله لهذا القول ، واستعظم ذلك واحتج في ذلك بكلام لم أحفظه ، وذكر أمه حيث ولدت رأت نورا ، أفليس هذا عندما ولدت رأت هذا وقبل أن يبعث كان طاهرا مطهرا من الأوثان ، أو ليس كان لا يأكل ما ذبح على النصب ، ثم قال : احذروا أصحاب الكلام ، لا يئول أمرهم إلى خير.

214- وأخبرني علي بن عيسى بن الوليد ، أن حنبلا حدثهم ، قال : قلت لأبي عبد الله : إن رباحا مر بأبي عفيف فجرى بينهما كلام ، فقال رباح لأبي عفيف : أنت تشهد كل يوم وليلة خمس مرات زورا ، فقال له أبو عفيف واستعظم ذلك : كيف ويحك ؟ قال : تشهد أن محمدا رسول الله ، إنما هو رسول ، فقال أبو عبد الله : قاتله الله ، إنه رد على الله أمره وقوله ، وكفر بالقرآن وجحد ، قال أبو عبد الله : هذا الكفر بالله صراحا ، والرد على الله عز وجل ، وتكذيب النبي ﷺ ، ثم قال أبو عبد الله : قد عرفت للقوم مقالات ما ظننت أن أحدا يقول بها ، ولا يحتج بها ، وتكلم بكلام واحتج به، لم أخرجه ها هنا.

215- أخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا يزيد ، قال : أنبأنا ابن أبي ذئب ، عن عجلان ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ : (والذي نفسي بيده ، إني لأنظر إلى ما ورائي كما أنظر إلى ما بين يدي ، فسووا صفوفكم ، وأحسنوا ركوعكم وسجودكم).

216- أخبرني يزيد بن عبد الله الأصبهاني ، قال : حدثنا يحيى بن الربيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، وداود ، وحميد ، عن مجاهد ، {الذي يراك حين تقوم ، وتقلبك في الساجدين} أن النبي ﷺ كان يرى أصحابه في صلاته من خلفه ، كما يرى من بين يديه.

217- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا أبو بكر الأثرم ، قال : قلت لأبي عبد الله : قول النبي ﷺ : إني أراكم من وراء ظهري ، فقال : كان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه ، فقلت له : إن إنسانا قال لي : هو في هذا مثل غيره ، إنما كان يراهم كما ينظر الإمام إلى من عن يمينه ، وعن شماله ، فأنكر ذلك إنكارا شديدا.

218- وأخبرني الحسين بن الحسن ، أن محمدا حدثهم قال : سئل أبو عبد الله عن تفسير قول النبي ﷺ : إني أراكم من وراء ظهري ، فقال : كان يرى من خلفه ، قيل : أفليس هذا له خاص ؟ قال : بلى.

219- وأخبرني محمد بن أبي هارون ، أن إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عن حديث النبي ، ﷺ : (تراصوا ، فإني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي) ، ما تفسيره ؟ قال أبو عبد الله : يراهم ﷺ من خلفه كما يراهم من بين يديه ، قال الله عز وجل : {وتقلبك في الساجدين} ، هذا تفسيره.

220- أخبرني محمد بن الحسين ، أن الفضل حدثهم قال : كتبت إلى أبي عبد الله أسأله عما روي عن فعل النبي ﷺ له خاص.

221- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح ، وهذا لفظه ، قال : سألت أبي عما يروى من فعل النبي ﷺ له خاص ، ما هو يكون مثل النوم والصفي ، ما معناه ، من الأفعال مما لم يفعله غيره ؟ قال : مثل ما أبيح له من النساء ، مات عن تسع ، وتزوج أربع عشرة ، وقال : تنام عيناي ولا ينام قلبي وكان يصطفي من المغنم.

222- أخبرني الحسن بن الهيثم ، أن محمد بن موسى حدثهم أنه سأل أبا عبد الله : ما معنى قول الشعبي : سهم النبي ﷺ والصفي ؟ قال : كان رسول الله ﷺ يصطفي من الغنيمة.

223- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح أنه قال لأبيه : حديث النبي ﷺ : تنام عيناي ، ولا ينام قلبي قال : كان النبي ﷺ خص بهذا ، كان إذا نام لم يتوضأ ، وقال : تنام عيناي ، ولا ينام قلبي.

224- أخبرني محمد بن العباس بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن منصور بن محمد بن منصور الحربي ، قال : حدثنا إبراهيم بن سقلاب قال : حدثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي ، قال : قيل لأحمد بن حنبل : قول النبي ﷺ : تنام عيناي ، فذكر مثل مسألة صالح سواء.

225- وأخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح ، أنه سأل أباه عن المرأة التي وهبت نفسها للنبي ﷺ ، تزوجها ؟ قال : فيه اختلاف ، أما مجاهد فكان يقول : إن وهبت ، أي لم تهب.

226- وأخبرنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني فطر بن حماد بن واقد ، قال : سألت عبد الله بن سوار عن الجفنة الغرا ، قال : هو الذي يقتبس منه كل خير.

227- أخبرنا محمد بن علي ، قال : حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل ، أنه سأل أباه عن هذه الأشعار التي في كتاب المغازي ، كتاب محمد بن إسحاق فيها أشعار تنقص للنبي ﷺ ، مما قال له الكفار ، في القصيدة البيت والبيتين ، وأقل وأكثر ، قال : تمحى أشد المحو.

228- أخبرني علي بن الحسن بن هارون ، قال : قلت لعبد الله بن أحمد بن حنبل : أبو عبد الله إيش كتب من شعر المغازي ؟ قال : ما هجا المسلمون المشركين ، ولم يكتب هجاء المشركين للمسلمين.

229- أخبرنا محمد بن إسماعيل الأحمسي ، قال : أنا وكيع ، عن إسماعيل بن أبي حازم ، عن دكين بن سعيد الخثعمي ، قال : أتينا رسول الله ﷺ ونحن أربعون أو أربعمئة نسأله طعاما ، فقال النبي ﷺ لعمر : قم فأعطهم ، قال عمر : يا رسول الله ، ما عندي إلا ما يقيظني والصبية - قال وكيع : والقيظ في كلام العرب ثلاثة أشهر - قال : قم فأعطهم قال عمر : سمعا وطاعة ، قال : فقام عمر ، وقمنا معه فصعد إلى غرفة له

فأخرج عمر المفتاح من حجزته ، ثم فتح الباب ، قال دكين : فإذا في الغرفة شبه الفصيل الرابض ، وقال : شأنكم ، فأخذ كل رجل منا حاجته ما شاء ، قال : ثم التفت ، وإني لمن آخرهم ، فكأنا لم نرزأه تمرة.

230- أخبرنا محمد ، قال : أنا وكيع ، عن عثمان بن عبد الله بن هرمز ، عن نافع بن جبير ، عن علي ، قال : كان رسول الله ﷺ شثن الكفين ، ضخم الكراديس. 231- أخبرنا محمد ، قال : أنا وكيع ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال : ما سئل رسول الله ﷺ شيئا قط ، فقال : لا.

232- أخبرنا محمد ، قال : أنا وكيع ، عن أشعث السمان ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس ، قال : كان رسول الله ﷺ أشجع الناس ، وأسمح الناس.

233- أخبرنا محمد ، قال : أنا وكيع ، عن شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : كنت أسمع أن رسول الله ﷺ لا يموت حتى يخير بين الدنيا والآخرة ، قالت : فأصابته بحة في مرضه الذي مات فيه ، فسمعته يقول : {مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا} قالت : فظننت أنه خير.

234- أخبرنا محمد ، قال : أنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم : (أن النبي ﷺ كان يركب رديفا على الحمار ، ويجيب دعوة المملوك.

235- أخبرنا عبد الملك الميموني ، أن سعيد بن سليمان ، حدثهم ، قال : حدثنا منصور بن أبي الأسود ، عن ليث ، عن الربيع بن أنس ، عن أنس ، قال : قال رسول الله ﷺ : أنا أولهم ، وأنا قائدهم إذا وفدوا ، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا ، وأنا مشفعهم إذا حبسوا ، وأنا مبشرهم إذا أيسوا ، الكرامة والمفاتيح يومئذ بيدي ، ولواء الحمد يومئذ بيدي ، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ، يطوف علي ألف خادم كأنهن بيض مكنون ، أو لؤلؤ منثور.

ذكر المقام المحمود.

236- أخبرنا أحمد بن أصرم المزني ، قال : حدثنا عباس بن عبد العظيم ، قال : حدثنا يحيى بن كثير العنبري ، قال : حدثنا مسلم بن جعفر وكان ثقة ، عن الجريري ، عن سيف السدوسي ، عن عبد الله بن سلام ، قال : (إن محمدا يوم القيامة بين يدي الرب عز وجل ، على كرسي الرب تبارك وتعالى. )

237- أخبرنا أبو داود السجستاني ، قال : حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي ، قال : حدثنا يحيى بن كثير ، قال : حدثنا سلم بن جعفر من أهل صنعاء قال : حدثنا سعيد الجريري ، قال : حدثنا سيف السدوسي ، عن عبد الله بن سلام ، قال : (إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم ﷺ فأقعد بين يدي الله على كرسيه) ، فقلت : يا أبا مسعود ، إذا كان على كرسيه ، فليس هو معه ، قال : ويلكم ، هذا أقر حديث لعيني في الدنيا.

238- وأخبرنا أبو بكر بن صدقة ، قال : حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي قال : حدثنا يحيى بن كثير العنبري ، قال : حدثنا سلم بن جعفر البكراوي من ولد أبي بكرة ، قال : حدثنا سعيد الجريري ، قال : حدثنا سيف السدوسي ، قال : سمعت عبد الله بن سلام قال : (إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم ﷺ حتى يجلسه بين يديه) ، قال : فقلت : يا أبا مسعود ، فإذا أجلسه بين يديه فهو معه ، قال : ويلك ، ما سمعت حديثا قط أقر لعيني من هذا الحديث ، حين علمت أنه يجلسه معه.

239- قال أبو بكر الخلال : ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت حديث ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} ، من أبي معمر ، عن أخيه ، عن ابن فضيل . قال : فذاكرته أبي ، فقال : ما وقع إلي بعلو ، وجعل كأنه يتلهف ، يعني إذا لم يقع إليه بعلو.

240- قال أبو بكر الخلال : أملي علينا هذا الكلام وكلام كثير طويل اختصرت هذا منه ، أملاه علينا يحيى بن أبي طالب في مجلسه على رؤوس الناس ، عن هارون الهاشمي ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، وسمعت أيضا أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة أبو بكر شيخنا الثقة المأمون ، قال : ذكر هذا الحديث عند عبد الله بن أحمد بن حنبل ، فقال : فاتني مثل هذا الحديث عن ابن فضيل ، وجعل يتلهف ، وأبو بكر بن صدقة قد سمع من أحمد بن حنبل مسائل كثيرة سمعناها منه ، وكان رجلا جليلا في زمانه.

241- أخبرنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن سليمان ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} ، قال : يجلسه على العرش.

242- أخبرنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، قال : حدثنا عثمان عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه معه على العرش.

243- أخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقرئ ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش . فسمعت محمد بن أحمد بن واصل ، قال : من رد حديث مجاهد فهو جهمي.

244- وأخبرنا أبو داود السجستاني ، قال : حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه على عرشه ، وسمعت أبا داود يقول : من أنكر هذا فهو عندنا متهم ، وقال : ما زال الناس يحدثون بهذا ، يريدون مغايظة الجهمية ، وذلك أن الجهمية ينكرون أن على العرش شيء.

245- وأخبرنا أبو داود ، قال : حدثنا القعنبي ، قال حدثنا مالك ، قال : قال رجل : ما كنت لاعبا به فلا تلعبن بدينك.

246- أخبرنا يحيى بن أبي طالب ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده معه على العرش ، قال أبو بكر بن أبي طالب : من رده فقد رد على الله عز وجل ، ومن كذب بفضيلة النبي ﷺ فقد كفر بالله العظيم.

247- وأخبرني أحمد بن أصرم المزني ، بهذا الحديث ، وقال : من رد هذا فهو متهم على الله ورسوله ، وهو عندنا كافر ، وزعم أن من قال بهذا فهو ثنوي ، فقد زعم أن العلماء والتابعين ثنوية ، ومن قال بهذا فهو زنديق يقتل.

248- وأخبرني أحمد بن أصرم ، قال : حدثنا العلاء بن عمرو ، قال : حدثنا ابن فضيل ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، قال : يقعده معه على العرش.

249- قرأ علينا أبو بكر المروذي كتاب المقام المحمود مرة واحدة في مسجد الجامع فلم أنظر في الكتاب ولم آخذه ، وخرجت إلى كرمان فرجعت وقد مات المروذي رحمه الله. 250- وأخبرني محمد بن عبدوس ، والحسن بن صالح ، وبعضهما أتم من بعض ، قالا : حدثنا أبو بكر المروذي ، قال : قال أبو بكر بن حماد المقرئ : من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت فهو متهم على الإسلام ، فكيف من طعن فيها ؟ وقال أبو جعفر الدقيقي : من ردها فهو عندنا جهمي ، وحكم من رد هذا أن يتقى ، وقال عباس الدوري : لا يرد هذا إلا متهم ، وقال إسحاق بن راهويه : الإيمان بهذا الحديث والتسليم له ، وقال إسحاق لأبي علي القوهستاني : من رد هذا الحديث فهو جهمي ، وقال عبد الوهاب الوراق للذي رد فضيلة النبي ﷺ يقعده على العرش فهو متهم على الإسلام ، وقال إبراهيم الأصبهاني : هذا الحديث حدث به العلماء منذ ستين ومئة سنة ، ولا يرده إلا أهل البدع ، قال : وسألت حمدان بن علي عن هذا الحديث ، فقال : كتبته منذ خمسين سنة ، وما رأيت أحدا يرده إلا أهل البدع ، وقال إبراهيم الحربي : حدثنا هارون بن معروف ، وما ينكر هذا إلا أهل البدع ، قال هارون بن معروف : هذا حديث يسخن الله به أعين الزنادقة ، قال : وسمعت محمد بن إسماعيل السلمي يقول : من توهم أن محمدا ﷺ لم يستوجب من الله عز وجل ما قال مجاهد فهو كافر بالله العظيم ، قال : وسمعت أبا عبد الله الخفاف يقول : سمعت محمد بن مصعب يعني العابد يقول : نعم ، يقعده على العرش ليرى الخلائق منزلته.

251- سمعت أبا بكر بن صدقة ، يقول : سمعت أبا يحيى الناقد ، رحمه الله ، يقول : سمعت محمد بن مصعب العابد ، وذكر هذه القصة ، وقال فيه : ثم يصرفه إلى أزواجه وكرامته ، ﷺ.

252- وأخبرنا أبو يحيى الناقد ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن مصعب العابد وذكر حديث ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه على العرش ، قال ابن مصعب : يجلسه على العرش ليرى الخلائق كرامته عليه ، ثم ينزل النبي ﷺ إلى أزواجه وجناته.

253- وسمعت أبا بكر بن صدقة ، يقول : حدثنا أبو القاسم بن الجبلي ، عن إبراهيم الزهري ، قال : سمعت هارون بن معروف ، يقول : ليس ينكر حديث ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد إلا الجهمية.

254- وسمعت أبا بكر بن صدقة ، يقول : قال إبراهيم الحربي يوما ، وذكر حديث ليث عن مجاهد ، فجعل يقول : هذا حدث به عثمان بن أبي شيبة في المجلس على رؤوس الناس فكم ترى كان في المجلس ، عشرين ألفا ، فترى لو أن إنسانا قام إلى عثمان ، فقال : لا تحدث بهذا الحديث ، أو أظهر إنكاره ، تراه كان يخرج من ثم إلا وقد قتل ، قال أبو بكر بن صدقة ، وصدق ، ما حكمه عندي إلا القتل.

255- وسمعت أبا بكر بن صدقة ، قال : سمعت الحسن بن شبيب المغازلي ، قال : قال أبو بكر بن سلم : أخرج التفسير الذي سمعناه من حديث وكيع بطرسوس ، عن عيسى بن يونس ، فإن فيه حديث أنه فضل من العرش فضلة ، قال أبو بكر بن صدقة يعني في حديث عبد الله بن خليفة عن عمران أن العرش يئط به ، قال الحسين بن شبيب : قال أبو بكر بن سلم : تلك الفضلة مجلس النبي ﷺ الذي يجلس معه.

256- وسمعت أبا بكر بن صدقة ، يقول : حدثني أبو القاسم بن الجبلي ، عن عبد الله بن إسماعيل صاحب النرسي قال : ثم لقيت عبد الله بن إسماعيل فحدثني ، قال رأيت النبي ﷺ في النوم ، فقال لي : هذا الترمذي ، أنا جالس له ، ينكر فضيلتي.

257- أخبرني الحسن بن صالح العطار ، عن محمد بن علي السراج ، قال : رأيت النبي ﷺ ، وأبو بكر عن يمينه ، وعمر عن يساره ، رحمة الله عليهما ورضوانه ، فتقدمت إلى النبي ﷺ فقمت عن يسار عمر ، فقلت : يا رسول الله ، إني أريد أن أقول شيئا فأقبل علي ، فقال : قل ، فقلت : إن الترمذي يقول : إن الله عز وجل لا يقعدك معه على العرش ، فكيف تقول يا رسول الله ، فأقبل علي شبه المغضب وهو يشير بيده اليمنى عاقدا بها أربعين ، وهو يقول : بلى والله ، بلى والله ، بلى والله ، يقعدني معه على العرش ، بلى والله يقعدني معه على العرش ، بلى والله يقعدني معه على العرش ، ثم انتبهت.

258- أخبرني محمد بن جعفر ، أن أبا الحارث ، حدثهم أن أبا عبد الله سئل عن ليث بن أبي سليم ، قال : ما كان أحسن رأيه.

259- أخبرنا أبو داود السجستاني ، قال : سمعت أحمد بن حنبل قيل له : ليث بن أبي سليم يتهم بالبدعة ؟ قال : لا.

260- وأخبرنا أبو داود ، قال : سمعت أحمد بن يونس ، قال : سمعت فضيل بن عياض ، يقول : كان ليث بن أبي سليم أعلم أهل الكوفة بالمناسك.

261- وأخبرنا أبو داود ، قال : حدثنا هارون بن عباد ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن الحسن بن عمرو ، عن فضيل بن عمرو ، قال : قيل لإبراهيم : إن ليث بن أبي سليم فاتته الجمعة فاكترى حمارا ، فضحك إبراهيم.

262- أخبرنا علي بن داود القنطري ، قال : حدثنا آدم بن أبي إياس ، عن شعبة بن الحجاج ، عن عبيد الله بن عمران ، أنه قال : سمعت مجاهدا ، يقول : صحبت ابن عمر لأخدمه ، فكان هو يخدمني.

263- أخبرني محمد بن علي ، قال : حدثنا مهنى ، قال : سألت أحمد ، عن مجاهد ، قال : هو مكي ، لقي عدة من أصحاب رسول الله ﷺ.

264- وأخبرني عبد الملك الميموني ، قال : قال أبو عبد الله في حديث خصيف ، عن مجاهد ، سمعت صوت عائشة تقول للنساء : عليكن بالحجر ؛ فإنه من البيت ، قال أبو عبد الله : هذا يثبت سماعه منها.

265- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سمعت أبا عبد الله ، يقول : قال مجاهد : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث مرات.

266- قال أبو بكر الخلال : قرأت كتاب السنة بطرسوس مرات في المسجد الجامع وغيره سنين ، فلما كان في سنة اثنتين وتسعين قرأته في مسجد الجامع ، وقرأت فيه ذكر المقام المحمود ، فبلغني أن قوما ممن طرد إلى طرسوس من أصحاب الترمذي المبتدع أنكروه ، وردوا فضيلة رسول الله ﷺ وأظهروا رده فشهد عليهم الثقات بذلك فهجرناهم ، وبينا أمرهم ، وكتبت إلى شيوخنا ببغداد ، فكتبوا إلينا هذا الكتاب ، فقرأته بطرسوس على أصحابنا مرات ، ونسخه الناس ، وسر الله تبارك وتعالى أهل السنة ، وزادهم سرورا على ما عندهم من صحته وقبولهم ، وهذه نسخته.

بسم الله الرحمن الرحيم ، سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، وأما بعد : فإن كتابكم ورد علينا بشرح ما حدث ببلدكم ، وكتبنا إليكم بما تقفون عليه ، وبالله نستعين ، وعليه نتوكل في جميع الأمور ، وبعد ، فنوصيكم وأنفسنا بتقوى الله عز وجل والإحسان ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وتقوى الله تبارك وتعالى بها يرزق العباد من حيث لا يحتسبون ، وبها يوجب الله تعالى الجنة لأهلها وبها تحل داره ، وبها ينظر إلى وجهه ، وبها تنال ولاية الله عز وجل ، وهي غاية الكرامة ، ومنزلة الشرف ، ومنهاج الرشد ، وجوامع الخير ، ومنتهى الإيمان ، فأسعدكم الله بطاعته سعادة من رضي عمله ، وتولاكم بحفظه وحياطته ، وشملكم بستره ، وعصمكم بتوفيقه ، وأيدكم بما أيد به المتقين ، وأوصلكم أفضل ميراث الصالحين ، وجعلكم لأنعمه من الشاكرين ، واستخلصكم بأشرف عبادة العابدين ، آمين رب العالمين ، وصلى الله على محمد خاتم النبيين ، وإمام المتقين ، وعلى أصحاب محمد أجمعين .

كتابنا أسعدكم الله سعادة من رضي عمله ، وشكر سعيه ، سعادة لا شقاء بعدها ، جميع أهل السنة والجماعة ، فالحمد لله الذي جعلكم أهلا لذلك ، وأكرمكم بما يستوجب به ثوابه ، ويؤمن من عقابه ، والحمد لله في أول كلامنا وآخره . كذلك روي ، عن أبي صالح ، قال : الحمد لله أول الكلام ، وآخره ، ونبتدئ بعد حمد الله تبارك وتعالى بالصلاة على محمد نبيه ﷺ رسوله وصفيه كذلك روى جابر بن عبد الله ، عن النبي ﷺ : لا تجعلوني كقدح الراكب ، اجعلوني في أول الدعاء ، ووسط الدعاء ، وآخر الدعاء . فالحمد لله كما هو أهله ومستحقه ، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم كثيرا.

أما بعد : فإنه بلغنا ما حدث ببلدكم من نابغ نبغ بالزيغ وقيل الباطل ، فأحدث عندكم بدعة اخترعها ، وشرع في الدين ما لم يأذن به الله ، ففرق جماعتكم بخبيث قوله ، وسوء لفظه ، فلولا ما أمر الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه من النصح لعامة المسلمين وخاصتهم ، وحض عليه في ذلك لوسعنا السكوت ، ولكن الله عز وجل أخذ ميثاق العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه وذلك بما روي عن تميم الداري يبلغ به النبي ﷺ قال : (الدين النصيحة قالوا : لمن ؟ قال : لله ، ولرسوله ، ولكتابه ، ولأئمة المسلمين ، ولجماعتهم)

فاعلموا ، وفقنا الله وإياكم للسداد ، والرشاد ، والصواب ، في المقال بصدق الضمير وصحة العزم بحسن النية ، فإنا نرضى لكم من اتباع السنة والقول بها ما نرتضيه لأنفسنا ، وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت ، وإليه أنيب ، فاتقى رجل ربه ، ونظر لنفسه فأحسن لها الاختيار ، إذ كانت أعز النفوس عليه ، وأولاه منه بذلك بلزوم الاتباع لصالح سلفه من أهل العلم والدين والورع ، فاقتدى بفعالهم ، وجعلهم حجة بينه وبين الله عز وجل ، وقلدهم من دينه ما تحملوا له من ذلك ، وحذر امرئ أن يبتدع ويخترع بالميل إلى الهوى ، والقول بالخطأ فيوبق نفسه ، ويولغ دينه فيعمه في طغيانه ، ويضل في عماية جهله ، فبينا هو كذلك لا يستنصح مرشدا ، ولا يطيع مسددا ، أذهبهم عليه أجله ، وهو كذلك ، فنعوذ بالله من ذلك ، وقد قال الله تبارك وتعالى {إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ، فاستعذ بالله ، إنه هو السميع البصير} ، والذي حمل هذا العدو لله المسلوب أن رد هذا الحديث وخالف الأئمة وأهل العلم ، وانسلخ من الدين اللجاج والكبر ، كي يقال فلان ، فنعوذ بالله من الكبر ، والنفاق ، والغلو في الدين ، والذي حملنا ، أكرمكم الله ، على الكتاب إليكم ، ما حدث ببلدكم من رد حديث مجاهد رحمه الله ومخالفتهم من قد شهد له رسول الله ﷺ قوله ﷺ : (خيركم قرني الذين بعثت فيهم ، ثم الذين يلونهم)

فمال أولو الزيغ والنفاق إلى قول الملحدين ، وبدعة المضلين ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وما سبيل هؤلاء إلا النفي عن البلد الذي هم فيه ، كما أن صاحبهم المبتدع منفي عن الجامع مطرود منه ، ليس إلى دخوله سبيل ، وذلك بتوفيق الله ومنه ، ومنع السلطان ، أيده الله ، إياه عن ذلك ، معمما أنه مسلوب عقله ، ملزوم بيته ، يصيح به الصبيان في كل وقت ، وهذا قليل لأهل البدع والأهواء والضلال في جنب الله عز وجل ، أعاذنا الله وإياكم من مضلات الفتن ، وسلمنا وإياكم من الأهواء المضلة بمنه وقدرته ، وثبتنا وإياكما على السنة والجماعة ، واتباع الشيخ أبي عبد الله رحمة الله عليه ورضوانه ، فقد كان اضمحل ذكر هذا الترمذي واندرس ، وإنما هذا ضرب من التعريض والخوض بالباطل ، فانتهوا حيث انتهى الله بكم ، وأمسكوا عما لم تكلفوا النظر فيه ، وضعوا عن أنفسكم ما وضعه الله عنكم ، ولا تتخذوا آيات الله هزوا ، فمن تكلم في شيء من هذا ، فإنما يتحكك بدينه ، ويتولع بنفسه ، ويتكلف ما لم يتعبده الله به.

وقد أدب الله عز وجل الخلق فأحسن تأديبهم ، وأرشدهم فأنعم إرشادهم ، فقال عز وجل {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} فاتقوا الله عباد الله ، واقبلوا وصيته ، وأمسكوا عن الكلام في هذا ، فإن الخوض فيها بدعة وضلالة ، ما سبقكم بها سابق ، ولا نطق فيها قبلكم ناطق ، فتظنون أنكم اهتديتم لما ضل عنه من كان قبلكم ، هيهات هيهات ، وليس ينبغي لأهل العلم والمعرفة بالله أن يكونوا كلما تكلم جاهل بجهله أن يجيبوه ، ويحاجوه ، ويناظروه ، فيشركوه في مأثمه ، ويخوضوا معه في بحر خطاياه ، ولو شاء عمر بن الخطاب أن يناظر صبيغا ، ويجمع له أصحاب رسول الله ﷺ حتى يناظروه ، ويحاجوه ، ويبينوا عليه لفعل ، ولكنه قمع جهله ، وأوجع ضربه ، ونفاه في جلده ، وتركه يتغصص بريقه ، وينقطع قلبه حسرة بين ظهراني الناس مطرودا ، منفيا ، مشردا ، لا يكلم ولا يجالس ، ولا يشفى بالحجة والنظر ، بل تركه يختنق على حرته ، ولم يبلعه ريقه ، ومنع الناس من كلامه ومجالسته ، فهكذا حكم كل من شرع في دين الله بما لم يأذن به الله ، أن يخبر أنه على بدعة وضلالة ، فيحذر منه وينهى عن كلامه ومجالسته ، فاسترشدوا العلم ، واستحضوا العلماء ، واقبلوا نصحهم ، واعلموا أنه لن يزال الجاهل بخير ما وجد عالما يقمع جهله ، ويرده إلى صواب القول والعمل ، إن من الله عليه بالقبول

فإذا تكلم الجاهل بجهله ، وعدم الناس العالم أن يرد عليه بعلمه ، فقد تودع من الخلق ، وربنا الرحمن المستعان على ما يصفون ، فالله الله ، ثم الله الله يا إخوتاه من أهل السنة والجماعة ، والمحبة للسلامة والعافية في أنفسكم وأديانكم ، فإنما هي لحومكم ودماؤكم ، لا تعرضون لما نهى الله عنه عز وجل من الجدل والخوض في آيات الله ، وأكد ذلك رسول الله ﷺ وحذر منه ، وكذلك أئمة الهدى من بعده من أصحاب رسول الله ﷺ الذين ارتضاهم لصحبة نبيه ﷺ ، واختاره لهم ، وكذلك التابعين بإحسان في كل عصر وزمان ، ينهون عن الجدل والخصومات في الدين ، ويحذرون من ذلك أشد التحذير ، حتى كان آخرهم في ذلك أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه ، فكان أشد أهل زمانه في ذلك قولا ، وأوكده فيه رأيا ، وآخذا به على الخلق وأنصحه لهم ، صبر في ذلك على البلاء من فتنته ، والضراء والسراء ، والشدة والرخاء ، والضرب الشديد بعد طول الحبس في ضنك الحديد ، فبذل لله مهجة نفسه ، وجاد بالحياة لأهلها ، وآثر الموت على أصعب العقوبات ، يرضى منه على بلوغ ما أوجب الله عز وجل على العلماء من القيام بأمره ، ورحمة منه على الخلق ، وشفقا عليهم ، فصبر لعظيم جهد بلاء الدنيا نفسه ، واحتمل في ذات الله كلما عجز الخلق أجمعون عن احتمال مثله أو بعضه ، أخذ بعنان الحق صابرا على وعر الطريق وخشونة المسلك ، منفردا بالوحدة ، عاضا على لجام الصواب ، جوادا لمحبوب العافية لأهلها ، إذ كانوا لا يصلون إليها إلا بفراق السنة ، فحالف الوحشة ، وأنس بالوحدة ، فمضى على سنته على معانقة الحق غير معرج عنه ، رضي بالحق صاحبا ، وقرينا ، ومؤنسا ، لا يثنيه عن ذلك خلاف من خالفه ، ولا عداوة من عاداه ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، لا يزعجه هلع ، ولا يستميله طمع ، ولا يزيغه فزع ، حتى قمع باطل الخلق بما صبره عليه من الأخذ بعنان الحق ، لا يستكثر لله الكثير

ولا يرضى له من نفسه بالقليل ، صابرا محتسبا ، غير مدبر ، معانقا لعلم الهدى ، غير تارك له ، حتى أورى زناد الحق ، فاستضاء به أهل السنة فاتبعوه ، وكشف عورات البدع ، وحذر من أهلها ، فلم يختلف عليه أحد من أهل العلم حتى رجعوا إلى قوله طوعا وكرها ، فدخلوا في الباب الذي خرجوا منه ، وعادوا للحق الذي رغبوا عنه ، واعترفوا له بفضل ما فضله الله به عليهم ، فأقروا له بالإذعان ، وسمعوا له وأطاعوا ، إذ كان أتقاهم لله ، وأنظرهم لخلقه ، وأدلهم على سبل النجاة ، وأمنعهم لمواقع الهلكة ، فبينا الخلق بضيائه مستترون ، يحصي لهم الحق ، وينفي عنهم الباطل ، كما ينفي الكير خبث الحديد ، إذ أتاه أمر من الله عز وجل ما أتى من كان قبله من أولياء الله وأهل طاعته ، واستأثر الله به ، ونقله إلى ما عنده ، فتحيرت من بعده الأدلاء ، وتاه الجاهلون في سكرات الخطأ ، فكان خلفه رحمة الله عليه من أقام نفسه من بعده ذلك المقام ، منتصبا لمذاهبه ، ذابا عن أهل السنة ، متشددا على أهل البدع في حقائق الأمور ، لا ينعرج عن مذاهبه ، ولا يدنسه طمع طامع ، مؤنسا بالوحشة ، منفردا بالوحدة ، صابرا محتسبا ، مبينا على أهل البدع ، مشفقا على أهل السنة ، لا يفزعه ميل من مال إلى غيره ، لم يدعه طمع إلى أحد ، صبر على الخير والشر ، واثقا بمواهب الله له من لزوم أصحابه إياه ، قامعا لأهل البدع ، محبا لأهل الورع ، فرحمة الله على أبي بكر المروذي ، ومغفرته ورضوانه ، فقد كان وفيا لصاحبه ، مشفقا على أصحابه ، لم تر مثله العيون ، فجزاه الله من صاحب وأستاذ خيرا ، فألزموا من الأمر ما توفى الله عز وجل أبا عبد الله رحمة الله عليه ، وأبا بكر المروذي ، فإنه الدين الواضح ، وكل ما أحدث هؤلاء فبدعة وضلالة ، فاعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، واذكروا نعمة الله عليكم ، وعليكم بلزوم السنة ، وترك البدع وأهلها ، فقد كان أحدث هذا الترمذي المبتدع ببلدنا ما اتصل بنا أنه حدث ببلدكم ، وهذا أمر قد كان اضمحل وأخمله الله ، وأخمل أهله وقائله

وليس بموجود في الناس ، قد سلب عقله ، أخزاه الله وأخزى أشياعه ، وقد كان الشيوخ سئلوا عنه في حياة أبي بكر رحمه الله ومحدثي بغداد والكوفة وغير ذلك ، فلم يكن منهم أحد إلا أنكره ، وكره من أمره ما كتبنا به إليكم لتقفوا عليه ، فأما ما قال العباس بن محمد الدوري عند سؤالهم إياه عنه ورده حديث مجاهد : ذكر أن هذا الترمذي الذي رد حديث مجاهد ما رآه قط عند محدث ، ولا يعرفه بالطلب ، وإن هذا الحديث لا ينكره إلا مبتدع جهمي ، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته ، فما أعظم ما جاء به هذا من الضلالة والبدع ، عمد إلى حديث فيه فضيلة للنبي ﷺ فأراد أن يزيله ويتكلم في من رواه وقد قال النبي ﷺ : (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ، لا يضرهم من ناوأهم) ، ونحن نحذر عن هذا الرجل أن تستمعوا منه ، وممن قال بقوله ، أو تصدقوهم في شيء ، فإن السنة عندنا إحياء ذكر هذا الحديث ، وما أشبهه مما ترده الجهمية.

وحدثني هذا الحديث محرز بن عون ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه على العرش ، وقد سمعت هذا الحديث من غير واحد من مشيختنا ، ما رأيت أحدا رد هذا.

267- وقال أبو بكر بن إسحاق الصاغاني : لا أعلم أحدا من أهل العلم ممن تقدم ، ولا في عصرنا هذا إلا وهو منكر لما أحدث الترمذي من رد حديث محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش ، فهو عندنا جهمي ، يهجر ونحذر عنه ، فقد حدثنا به هارون بن معروف ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش وقد روي عن عبد الله بن سلام ، قال : يقعده على كرسي الرب جل وعز ، فقيل للجريري : إذا كان على كرسي الرب فهو معه ، قال : ويحكم ، هذا أقر لعيني في الدنيا ، وقد أتى علي نيف وثمانون سنة ما علمت أن أحدا رد حديث مجاهد إلا جهمي ، وقد جاءت به الأئمة في الأمصار ، وتلقته العلماء بالقبول منذ نيف وخمسين ومئة سنة ، وبعد فإني لا أعرف هذا الترمذي ، ولا أعلم أني رأيته عند محدث ، فعليكم رحمكم الله بالتمسك بالسنة والاتباع.

268- وقال أبو بكر يحيى بن أبي طالب : لا أعرف هذا الجهمي العجمي ، لا نعرفه عند محدث ، ولا عند أحد من إخواننا ، ولا علمت أحدا رد حديث مجاهد يقعد محمدا ﷺ على العرش ، رواه الخلق عن ابن فضيل عن ليث عن مجاهد ، واحتمله المحدثون الثقات ، وحدثوا به على رؤوس الأشهاد ، لا يدفعون ذلك ، يتلقونه بالقبول والسرور بذلك ، وأنا فيما أرى أني أعقل منذ سبعين سنة ، والله ما أعرف أحدا رده ، ولا يرده إلا كل جهمي مبتدع خبيث ، يدعو إلى خلاف ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا ، عجل الله له العقوبة ، وأخرجه من جوارنا ، فإنه بلية على من ابتلي به ، فالحمد لله الذي عدل عنا ما ابتلاه به والذي عندنا ، والحمد لله أنا نؤمن بحديث مجاهد ونقول به على ما جاء ، ونسلم الحديث وغيره مما يخالف فيه الجهمية من الرؤية والصفات ، وقرب محمد ﷺ منه ، وقد كان كتب إلي هذا العجمي الترمذي كتابا بخطه ، ودفعته إلى أبي بكر المروذي ، وفيه : أن من قال بحديث مجاهد فهو جهمي ثنوي ، وكذب الكذاب المخالف للإسلام ، فحذروا عنه ، وأخبروا عني أنه من قال بخلاف ما كتبت به فهو جهمي ، فلو أمكنني لأقمته للناس ، وناديت عليه حتى أشهره ليحذر الناس ما قد أحدث في الإسلام ، فهذا ديني الذي أدين لله عز وجل به ، أسأل الله أن يميتنا ويحيينا عليه.

269- وقال علي بن داود القنطري : أما بعد : فعليكم بالتمسك بهدي أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه ، فإنه إمام المتقين لمن بعده ، وطعن لمن خالفه ، وأن هذا الترمذي الذي طعن على مجاهد برده فضيلة النبي ﷺ مبتدع ، ولا يرد حديث محمد بن فضيل ، عن ليث عن مجاهد {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده معه على العرش إلا جهمي يهجر ، ولا يكلم ويحذر عنه ، وعن كل من رد هذه الفضيلة وأنا أشهد على هذا الترمذي أنه جهمي خبيث ، لقد أتى علي أربع وثمانون سنة ، ما رأيت أحدا رد هذه الفضيلة إلا جهمي ، وما أعرف هذا ولا رأيته عند محدث قط ، وأنا منكر لما أتى به من الطعن على مجاهد ، ورد فضيلة النبي ﷺ يقعد محمدا ﷺ على العرش ، وأنه من قال بحديث مجاهد ، فهو جهمي ثنوي لا يدفن في مقابر المسلمين ، وكذب عدو الله وكل من قال بقوله ، فهو عندنا جهمي يهجر ولا يكلم ، ويحذر عنه ، وقد حدثني آدم بن أبي إياس ، عن شعبة بن الحجاج عن عبيد الله بن عمران أنه قال : سمعت مجاهدا يقول : صحبت ابن عمر لأخدمه ، فكان هو يخدمني فمثل هذا يرد حديثه ؟ وقد قال ﷺ : (خير الناس قرني الذي بعثت فيهم ، ثم الذين يلونهم) ، فقد سبقت شهادة النبي ﷺ لمجاهد رحمه الله.

270- وقال إبراهيم الحربي : الذي نعرف ونقول به ونذهب إليه : أن ما سبيل من طعن على مجاهد وخطأه إلا الأدب والحبس حدثنا هارون بن معروف ، عن ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش وإني لأرجو أن تكون منزلته عند الله تبارك وتعالى أكثر من هذا ، ومن رد على مجاهد ما قاله من قعود محمد ﷺ على العرش وغيره ، فقد كذب ، ولا أعلم أني رأيت هذا الترمذي الذي ينكر حديث مجاهد قط في حديث ولا غير حديث.

271- وقال أبو داود السجستاني : أرى أن يجانب كل من رد حديث ليث ، عن مجاهد : يقعده على العرش ، ويحذر عنه ، حتى يراجع الحق ، ما ظننت أن أحدا يذكر بالسنة يتكلم في هذا الحديث إلا إنا علمنا أن الجهمية تنكره من جهة إثبات العرش ، فإنهم ينكرون أمر العرش ، ويقولون : العرش عظمة ، مع أنهم لم ينكروا منه فضيلة النبي ﷺ ، وأن هذا الترمذي رجل لا أعرفه ورأيت من عندي من أصحابنا ، يذكرون أنهم لا يعرفونه في الطلب ، ولا عرفته أنا ، ومجاهد كانت له جلالة عند أصحاب النبي ﷺ عند ابن عباس وابن عمر ، يأخذ له بالركاب ، أسأل الله أن يمن علينا ، وعليكم بلزوم السنة ، والاقتداء بالسلف الصالح ، بأبي عبد الله رضي الله عنه ، فإنه أوضح من هذه الأمور المحدثات ما هو كفاية لمن اقتدى به.

272- قال محمد بن إسماعيل السلمي : كل من ظن أو توهم أن رسول الله ﷺ لم يستوجب من الله عز وجل هذه المنزلة في حديث مجاهد فهو عندنا جهمي ، وإن هذه المصيبة على أهل الإسلام أن يذكر أحد النبي ﷺ ، ولا يقدموا عليه بأجمعهم ، ولولا أن أبا بكر المروذي رحمه الله اجتهد في هذا لخفت أن ينزل بنا وبمن يقصر عن هذا الضال المضل عقوبة ، فإنه من شر الجهمية ما يبالي ما تكلم به ، قال : ليس هذا عرش رب العالمين ، إنما هو مثل عرش بلقيس ، وعرش من العروش شبه عرش الآدميين بعرش الرحمن عز وجل ، لا يرعوي عن دفع فضيلة النبي ﷺ ، فكيف بمن بعد النبي ﷺ ، لا شك في تجهمه ، ولا نقدر على أكثر من الدعاء والتحذير وتبيين أمره ، ونعادي من ينصره ، أو يميل إلى من ينصره بتكفير مجاهد ، ومن قال بقول مجاهد في {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} فإنه يقعده على العرش ، فقال : هذا كفر ، ومن قال : به فهو كافر ، سمعته يقول ذلك.

273- وقال أبو العباس هارون بن العباس الهاشمي : من رد حديث مجاهد فهو عندي جهمي ، ومن رد فضل النبي ﷺ فهو عندي زنديق لا يستتاب ، ويقتل ، لأن الله عز وجل قد فضله ﷺ على الأنبياء عليهم السلام ، وقد روي عن الله عز وجل ، قال : لا أذكر إلا ذكرت معي ويروى في قوله {لعمرك} قال : بحياتك ، ويروى أنه قال : (يا محمد ، لولاك ما خلقت آدم) ، فاحذروا من رد حديث مجاهد ، وقد بلغني عنه أخزاه الله أنه ينكر أن الله عز وجل ينزل ، فمن رد هذا وحديث مجاهد فلا يكلم ، ولا يصلى عليه.

274- وقال أبو علي إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي : إن هذا المعروف بالترمذي عندنا مبتدع جهمي ، ومن رد حديث مجاهد ، فقد دفع فضل رسول الله ﷺ ، ومن رد فضيلة الرسول ﷺ فهو عندنا كافر مرتد عن الإسلام ، وقد كان ورد علي كتاب منه فيه : أن العرش سرير مثل عرش بلقيس ، وعرش سبأ ، وعرش يوسف ، وعرش إبليس ، فأنكرت هذا وغيره من قوله ، وأنكره أهل العلم والإسلام إنكارا شديدا ، والذي ندين لله عز وجل به حديث مجاهد : يقعده على العرش ، فمن رد هذا فهو عندنا جهمي كافر ، وبلغني أنه قال : الهاشميون معي على مثل قولي ، وكذب ، أخزاه الله ، ما هاشمي يدفع فضيلة لرسول الله ﷺ إذ كان ذلك فخرة له ، ومن فعل ذلك من الهاشميين فيجب التفتيش عنه والنظر في أمره ، ولا أعرفه ، ولا رأيته قط من حيث أعرفه ، ولقد كان عند صالح بن علي الهاشمي رضي الله عنه بالمدينة ، فقربه وأدناه ، ثم إنه ظهر منه العداء لله على ما حبسه عليه ، وأطال حبسه من دفعه هذا الحديث وغيره ، مما أطلق به لسانه ، ووضع فيه الكتب ، وذكر أن بيعة أبي مسلم أصح من بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ووضع لآل أبي طالب كتابا يذكر فيه أن العلوية أحق بالدولة من أبي بكر الصديق ، يتقرب بذلك إليهم ، وقد أراد صالح بن علي رضي الله عنه حين حبسه أراد أن يقدم عليه حتى أخرجه ابني في جوف الليل ، فسمعت صالح بن علي يذكر ذلك كله عنه ويضعه ، فينبغي لسامع ذكره أن يتقي الله وحده لا شريك له ، ويحذر عنه الناس ، ويتبين عليه ما هو فيه.

275- وقال محمد بن عمران الفارسي الزاهد : ما ظننت أنه يكون في المسلمين ، ولا في المؤمنين الصادقين ، ولا في العلماء المتفقهين ، ولا في العارفين العابدين ، ولا في الضلال المبتدعين أحد يستحل في عقد ديانته أو بدعته الطعن على رسول الله ﷺ ، ورد فضيلة فضله الله بها ، وخصه بها ، كما خص بالزيارة إليه حيا قبل أن يموت ، ونادى بذلك في أسماع الخلائق ، فقال : {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} ثم سار به الملك حتى انتهى به إلى منتهى منقطع علم أهل السماوات والأرض ، فقال : {ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى} فانتهى العلم إليهما من قبل الملائكة خاصة دون ولد آدم عليه السلام ؛ لأن بني آدم قد شغلهم الله عز وجل بأنفسهم عن النظر في ملكوت الأعلى ، فقال : {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.

وقد حدثني هارون بن معروف ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في قول الله تبارك وتعالى : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} ، قال : يجلسه على العرش . فبلغني أن مسلوبا من الجهال أنكر ذلك ، فنظرت في إنكاره ، فإن كان قصد مجاهدا ، فابن عباس قصد ، وإن كان لابن عباس قصد ، فعلى رسول الله ﷺ رد ، وإن كان على رسول الله ﷺ رد ، فبالله كفر ، وإني أسأل الله بكل اسم هو له من أنكر لرسول الله ﷺ حقا ، أو جحد له فضلا ، أو غاضه شيء من فضله ، أن لا ينيله شفاعته ، وأن لا يحشره في زمرته ، وأن يحتجب عنه كما وعد الجهمية في كتابه من الاحتجاب عنهم ، فإنه قال : {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} ، ووعد المؤمنين المقعد الصدق عنده ، والنظر إلى وجهه بالنضرة في وجوههم إذا نظروا إلى وجهه ، والسرور في قلوبهم إذا عبدوه بالحب له ، والاشتياق إلى المقعد عنده ومجاورته في دار القرار ، فالعجب العجب أن النصارى تضحك بنا أنا نسلم الفضائل كلها لعيسى عليه السلام تشبه الربوبية ، أنه كان يحيي الموتى ، ويبرئ الأكمه والأبرص ، فهذه لا تكون إلا فيه وحده ، فسلمنا ذلك لعيسى بالرضا والتصديق بكتاب الله عز وجل ، وأنكر هذا المسلوب فضيلة لرسول الله ﷺ ، ونحن نفخر على الأمم كلها أن نبينا أفضل الأنبياء ، فأما قول المسلمين المقام المحمود : الشفاعة ، فإنا لا ندفع ذلك فنشاركه في جهله ، بل صدق رسول الله ﷺ أن الله عز وجل يشفعه في وقت ما ، يأذن له بالشفاعة ويكرمه بما أحب من الكرامة ، حتى يعرف أولياءه وأنبياءه كرامته وفضله ، ولقد ضاق قلب المسلوب عن حمل معاني العلم ، فلا يطلع بحسن النية والاتباع على معاني الكتاب ، قال الله تبارك وتعالى : {هذا يوم لا ينطقون} فهذه ساعة تزفر جهنم ، فتذهل العقول ، حتى يقول الرسل من شدة الجهد إذا زفرت ولوا مدبرين ، فيقول الله تبارك وتعالى {ماذا أجبتم ، قالوا لا علم لنا} ثم تأتي عليهم ساعة يشهدون بعقول صحيحة ،

ألا تسمع إلى قوله {ويوم يقوم الأشهاد} وقوله {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} فكذلك الجلوس في وقت ، والشفاعة في وقت ، إلا أن يزعم هذا الجاهل أن الله عز وجل لا يقدر أن يجلسه على العرش ، أو يقول : أن النبي ﷺ لا يستحق ذلك من الله ، وكيف يكون كذلك والله يحلف بحياته ، فقال : {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} ومعناه : وحياتك ، ويقال : وعيشك ، كيف وهو يترك يعقوب في حزنه ثمانين سنة لا يسأله عن حزنه ، فقال : {وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} حتى إذا حزن رسول الله ﷺ على من كفر به أنزل عليه {ولا تحزن عليهم} وقال : {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} أي أنا المكذب لا أنت ، ولقد بلغ من قدره عند الله عز وجل أنه لما دخل بأم سلمة أو زينب أرسل ضعفاء أصحابه ، فأولم عليهم فجلسوا للحديث ، وعلم الله عز وجل أنه أراد الخلوة بأهله ، فمنعه الحياء منهم أن يخرجهم ، فأنزل الله تبارك وتعالى {إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم}

وعاتب عنه نساءه إذا سألوه الدنيا ، فقال الله {يأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا} . وبلغ من قدره أن الله عز وجل كان يتكلم عنه إذا سأله المسلمون عن دينهم ، وإذا آذاه المشركون بقولهم ، ألا تسمع إلى قوله عز وجل {ويسألونك عن المحيض} {يسألونك عن الأنفال} {ويسألونك عن اليتامى} يسألونك عن كذا ، يستفتونك في كذا ، {ويسألونك عن الروح} و {يسألونك عن الساعة} في كل ذلك يتولى عنه الجواب ، فوالله يا إخوتي ، لو ردت كلمة جاهل في فيه لسعد رادها كما شقي قائلها ، وإني أسأل الله عز وجل من رد على رسول الله ﷺ ، أو أنكر له حقا ، أو جحد له فضلا ، أو أغاضه شيء من فضله ، وفضائل أصحابه أن لا ينيله شفاعته ، ولا يحشره في زمرته ، ولست أدعي إن شاء الله ذكر ما فضلنا الله به من فضائل نبينا ، ونحمد الله على قوله {ما ضل صاحبكم وما غوى ، وما ينطق عن الهوى} فلربنا الحمد على ما أودع قلوبنا من حب الاتباع ، وله الحمد إذ لم يذلنا بالابتداع ، والسلام.

276- وقال محمد بن يونس البصري : إن هذا الرجل المعروف بالترمذي قد تبين لنا ولأصحابنا بدعته وإلحاده في الدين ، ورد الآثار التي يحتج بها على الجهمية ، ووقيعته في رسول الله ﷺ ؛ لأن من رد هذه الأحاديث ، فقد أزرى على رسول الله ﷺ ، وطعنه على مجاهد ، وهو من عالية التابعين ، قد صحب جمعا من أصحاب رسول الله ﷺ وحفظ عنهم ، وما سمعنا أحدا من شيوخنا المتقدمين من أهل السنة ذكر هذه الأحاديث إلا بالقبول لها ، ويحتجون بها على الجهمية ، ويقمعونهم بها ، ويكفرونهم ، ولا يردها إلا رجل معطل جهمي ، فمن رد هذه الأحاديث ، أو طعن فيها فلا يكلم ، وإن مات لم يصل عليه ، وقد صح عندنا أن هذا الترمذي تكلم في هذه الأحاديث التي يحتج بها أهل السنة ، وهذا رجل قد تبين أمره ، فعليكم بالسنة والاتباع ، ومذهب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه فهو الإمام يقتدى به ، وقد روى ابن عون عن محمد قال : لا تزال على الطريق ما زلت تطلب الأثر.

277- وقال هارون بن العباس الهاشمي : جاءني عبد الله بن أحمد بن حنبل ، فقلت له : إن هذا الترمذي الجهمي الراد لفضيلة رسول الله ﷺ يحتج بك ، فقال : كذب علي ، وذكر الأحاديث في ذلك ، فقلت لعبد الله : اكتبها لي ، فكتبها بخطه ، حدثنا هارون بن معروف ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش ، فحدثت به أبي رضي الله عنه ، فقال : كان محمد بن فضيل يحدث به ، فلم يقدر لي أن أسمعه منه ، فقال هارون : فقلت له : قد أخبرت عن أبيك أنه كتبه عن رجل ، عن ابن فضيل ، فقال : نعم ، قد حكوا هذا عنه.

278- وقال : حدثنا أبو همام ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه معه على العرش.

279- حدثنا أبو معمر ، حدثنا أبو الهذيل ، عن محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه معه على العرش ، قال عبد الله : سمعت هذا الحديث من جماعة ، وما رأيت أحدا من المحدثين ينكره ، وكان عندنا في وقت ما سمعناه من المشايخ أن هذا الحديث إنما تنكره الجهمية ، وأنا منكر على كل من رد هذا الحديث ، وهو متهم على رسول الله ﷺ.

280- وقال عبد الله بن أحمد : كتب إلي العباس العنبري بخط يده ، حدثنا يحيى بن كثير العنبري ، قال : حدثنا سلم بن جعفر ، وكان ثقة عن الجريري ، عن سيف السدوسي ، عن عبد الله بن سلام ، قال : إن رسول الله ﷺ يوم القيامة قاعد على كرسي الرب بين يدي الرب عز وجل ، فقيل لأبي مسعود الجريري : إذا كان على كرسي الرب فهو معه ، قال : نعم ، مع الرب ، ثم قال : هذا أشرف حديث سمعته قط ، وأنا منكر على من رد هذا الحديث ، وهو عندي رجل سوء متهم على رسول الله ﷺ.

281- قال عبد الله سمعت : أبي يقول : كل من قصد إلى القرآن بلفظ أو غير ذلك ، يريد مخلوقا ، فهو جهمي.

282- حدثنا أبو بكر ، قال : كتب إلي أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة في ذلك : حدثنا أبي وعمي عبد الله بن محمد ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، وواصل بن عبد الأعلى ، وعبيد بن يعيش ، وجعفر بن محمد الحداد ، ويحيى بن عبد الحميد ، وضرار بن صرد ، قالوا : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه على العرش . إلا أن محمد بن عبد الله بن نمير قال : يجلسه معه على العرش . قال محمد بن عثمان : وبلغني عن بعض الجهال دفع الحديث بقلة معرفته في رده مما أجازه العلماء ممن قبله ممن ذكرنا ، ولا أعلم أحدا ممن ذكرت عنه هذا الحديث ، إلا وقد سلم الحديث على ما جاء به الخبر ، وكانوا أعلم بتأويل القرآن وسنة الرسول ﷺ ممن رد هذا الحديث من الجهال ، وزعم أن المقام المحمود هو الشفاعة لا مقام غيره . فهذه حكايات الشيوخ والثقات بمدينة السلام والكوفة وغير ذلك ، ولولا ما يطول به الكتاب لزدناكم من الحكايات ، وفيما كتبنا كفاية لمن أراد الله إن شاء الله.

283- وقد حدثنا أبو بكر المروذي ، رحمه الله قال : سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التي تردها الجهمية في الصفات ، والرؤية ، والإسراء ، وقصة العرش ، فصححها أبو عبد الله ، وقال : قد تلقتها العلماء بالقبول ، نسلم الأخبار كما جاءت ، قال : فقلت له : إن رجلا اعترض في بعض هذه الأخبار كما جاءت فقال : يجفى ، وقال : ما اعتراضه في هذا الموضع ، يسلم الأخبار كما جاءت ؟.

284- قال أبو بكر : وسمعت هارون بن العباس الهاشمي ، يسأل أبا جعفر الدقيقي محمد بن عبد الملك الرضا العدل حين قدم إلى بغداد في مجلسه على رؤوس الناس : ما تقول في هذا الترمذي الذي رد فضيلة النبي ﷺ ، حديث ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد . قال : حدثناه عثمان بن أبي شيبة منذ خمسين سنة ، حكم من رد هذا الحديث أن ينفى ، لا يرد هذا الحديث إلا الزنادقة.

285- قال أبو بكر : وسمعت أحمد بن أبي زهير يقول : قال هارون بن معروف : هذا الحديث ترده الزنادقة.

286- قال أبو بكر : قال عبد الوهاب الوراق : حدثنا ابن أبي زكريا المقرئ ، قال : حدثنا محمد بن بكير ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش ، قال عبد الوهاب : من رد هذا الحديث فهو جهمي.

287- وحدثنا أبو بكر ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم النيسابوري صاحب إسحاق بن راهويه ، وغيره ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وهو ابن راهويه ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده معه على العرش ، قال إسحاق بن إبراهيم بن راهويه لأبي علي القوهستاني : من رد هذا الحديث فهو جهمي.

288- وحدثنا أبو بكر ، قال : حدثني أبو بكر بن حماد المقرئ صاحب أبي عبد الله أحمد بن حنبل قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري ، قال : حدثنا يحيى بن حسان ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش ، قال أبو بكر بن حماد : من ذكرت عنده هذه الأحاديث فسكت عنها فهو متهم ، فكيف من ردها وطعن فيها ، أو تكلم فيها.

289- وحدثنا أبو بكر ، قال : سألت أبا عبد الله عن محمد بن مصعب العابد ، فأثنى عليه ، قال : وأي رجل . قلت : كان صاحب سنة ؟ قال : إي لعمري ، لقد كتبت عنه ، وجعل يرفع من قدره ، وقال لي عباس الدوري ، قال لنا يحيى بن معين : وذكر ابن مصعب فذكره بخير وقال : اكتبوا عنه.

290- وحدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى ، قال : سمعت محمد بن مصعب ، ذكر حديث ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : يجلسه على العرش ليري الخلائق كرامته عليه.

291- حدثنا أبو بكر ، قال : سمعت أبا عبد الله الخفاف ، يقول : سمعت ابن مصعب ، قرأ هذه الآية : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : نعم ، يقعده معه على العرش يوم القيامة ؛ ليري الخلائق منزلته لديه.

292- وحدثنا أبو بكر ، قال : سمعت بعض أصحابنا ، قال : قرأت على موسى الرفا : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} ، قال : نعم ، يقعد محمدا على العرش.

293- حدثنا أبو بكر ، قال : وقال لي إبراهيم الأصبهاني : جاءني جماعة بكتاب زعموا أنه بعث به إلي هذا الترمذي لأنظر فيه ، فنظرت فيه ، فإذا في أول الكتاب ، لقد علمني والدي من الأدب ما أعجز عن حمله ، وفي الكتاب طعن على مجاهد رحمه الله وعلى من قال بحديث مجاهد : يقعده على العرش ، وقال : من قال به فهو جهمي ، فرددت الكتاب عليهم ، وقال إبراهيم : هذا الحديث صحيح ثبت ، حدث به العلماء منذ ستين ومئة سنة ، لا يرده إلا أهل البدع ، وطعن على من رده ، وقال : هذا الترمذي لا أعرفه ، وما رأيته قط.

294- وحدثنا أبو بكر ، قال : قال لي أبو عبد الله محمد بن بشر بن شريك : جاءني قوم من عندكم من بغداد ، ومعهم جزء ، فقالوا : بعث بهذا إليك الترمذي ، وقال : انظر فيه ، فما أنكرت منه فعلم عليه حتى يرجع إلى قولك ، فنظرت فيه ، فإذا في الكتاب طعن على مجاهد ، وعلى كل من قال بحديث ليث ، عن مجاهد ، في قوله {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش ، وفيه كلام رديء أنكرته ، فقال أبو عبد الله : اصبر حتى أدفعه إليك ، ثم قال : قم بنا ، فدخل إلى منزله ، وقال : ادخل ، فدخلت معه ، فدفع الكتاب إلي ، ثم قال لي : لم يكن هذا عن مجاهد وحده ، هذا عن ابن عباس ، وقد رواه شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، وقد خرجت في هذا أحاديث ، وقال لي : أنا أكتبها لك فكتبها بخطه ، ثم جاءني إلى طاق المحامل ، فدخل علي وأعطانيها ، فقلت له : اقرأها علي ، فقال : لا يقنعك أن كتبتها لك بخطي ، فقلت : لا ، أنا أريد أن تقرأها علي ، فقرأها علي.

295- وحدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن بشر بن شريك بن عبد الله النخعي ، قال : حدثنا محمد بن عقبة الشيباني ، وأحمد بن الفرج الطائي ، قالا : حدثنا عبادة بن أبي روق ، قال : سمعت أبي يحدث ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش.

296- وحدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك ، قال : حدثنا أبي قال : حدثنا أبو يحيى القتات ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعد محمدا على العرش.

297- وحدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك يعني عمه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا عطاء بن السائب ، وليث بن أبي سليم ، وجابر بن يزيد ، كلهم يقول : سمعت مجاهدا ، قال عطاء في حديثه : وسئل عن قول الله ، عز وجل : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش.

298- وحدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن هانئ ، وطلق بن غنام ، قالا : حدثنا عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش.

299- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثني محمد بن بشر ، قال : حدثنا محمد بن عيسى الوابشي ، ومالك بن إبراهيم النخعي ، قالا : حدثنا ذواد بن علبة ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، مثله.

300- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا محمد بن رباح الأشجعي ، وإبراهيم بن محمد بن ميمون الخزاز ، وإبراهيم بن عبد الحميد الثقفي ، قالوا : حدثنا المطلب بن زياد ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش.

301- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثني محمد بن بشر ، قال : حدثنا الحسن بن بشر ، قال : حدثنا جعفر الأحمر ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش.

302- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثني محمد بن بشر ، قال : حدثني فرات بن محبوب السكوني ، ومحمد بن يزيد البزاز ، وعطية بن أسباط الشوذري ، ومحمد بن عبد الله بن تميم ، وغيرهم ، قالوا : حدثنا محمد بن فضيل ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} ، قال : يقعده على العرش . ، قال أبو عبد الله : وفي هذا غير هذه الأحاديث ، ولكن ثقل علي كتابتها.

303- قال أبو بكر : سألت أبا قلابة عن حديث ابن فضيل هذا ، فقال : حدثنا عمرو بن علي بن بحر بن كنيز ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش ، قال أبو قلابة : لا يرد هذا إلا أهل البدع والجهمية.

304- حدثنا أبو بكر ، قال : جاءني كتاب علي بن سهل بخطه ، وفيه حدثنا هارون بن معروف ، وخلاد بن أسلم ، قالا : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قوله : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يجلسه على العرش . وهذه فضيلة للنبي ﷺ فمن رد فضيلة النبي ﷺ فهو كافر ، ولقد قال سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى : قلت لأبي : لو رأيت رجلا يسب أبا بكر ما كنت صانعا به ؟ قال : أقتله ، قلت : فعمر ، قال : أقتله ، فهي لأبي بكر وعمر ، فكيف بمن رد فضائل النبي ﷺ.

305- حدثنا أبو بكر ، قال : سألت أبا عبد الله بن عبد النور عن فضيلة النبي ﷺ ، حديث مجاهد ، فقال : والله ما للنبي ﷺ فضيلة مثلها ، أدركت شيوخنا على ذلك يتلقونه بالقبول ، ويسرون بها ، ولا يردها إلا رجل سوء جهمي.

306- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن هشام مستملي ابن عرفة ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، عن علي بن ثابت الجزري ، عن غالب بن عبيد الله العقيلي ، قال : حدثني المكيون ذكر منهم عطاء وعمرو بن دينار : أن الله عز وجل يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب مثله ، فيقوم نبينا محمد ﷺ فيثني على الله بما هو أهله ، قال : فيقول الله عز وجل له : ادنه ، قال : ثم يغضب فيقوم نبينا ، فيثني على الله بما هو له أهل ، فيقول له : ادنه ، فلا يزال يقول له : ادنه ، حتى يقعده على العرش ، قال : وجبريل عليه السلام قائم ، فيقول النبي ﷺ : إن هذا يعني جبريل جاءني برسالاتك ، فيقول الله تبارك وتعالى : صدق.

307- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا عباس العنبري ، قال : حدثنا يحيى بن كثير ، قال : حدثنا سلم بن جعفر ، وكان ، ثقة عن الجريري ، عن سيف السدوسي ، عن عبد الله بن سلام : أن رسول الله ﷺ يوم القيامة على كرسي الرب ، قيل للجريري : إذا كان على كرسي الرب فهو معه؟ قال : نعم ، وزادني إبراهيم الأصبهاني في هذا الحديث ، عن عباس بإسناده ، قال : قال الجريري : ويحكم ، ما في الدنيا حديث أقر لعيني من هذا الحديث.

308- قال أبو بكر : وذكر محمد بن إسحاق ، عن علي بن مسعدة ، قال : حدثنا يحيى بن كثير ، قال : حدثنا سلم بن جعفر البكراوي ، عن الجريري ، عن سيف السدوسي ، عن عبد الله بن سلام ، قال : إذا كان يوم القيامة ينزل الجبار عن عرشه وقدميه على الكرسي ، ويؤتى بنبيكم عليه السلام ، فيقعده بين يديه على الكرسي ، فقلت : يا أبا مسعود ، على الكرسي إذا كان على الكرسي فهو معه ؟ قال : نعم ، ويلكم ، هذا أقر حديث في الدنيا لعيني.

309- حدثنا أبو بكر ، قال : وكتب إلي محمد بن يونس البصري ، قال : حدثنا يحيى بن كثير أبو غسان العنبري ، قال : حدثنا سلم بن جعفر ، قال : حدثنا الجريري ، قال : حدثني سيف السدوسي ، عن عبد الله بن سلام ، قال : إذا كان يوم القيامة ينزل الجبار عن عرشه وقدميه على الكرسي ، فيقعد محمدا على الكرسي ، قال : فقلت للجريري : يا أبا مسعود ، يقعده على الكرسي ، قال : نعم ، يقعده معه على العرش.

310- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن عمر المصيصي ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد ، في قول الله عز وجل : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده معه على العرش ، قال : فمن رد حديث عبد الله بن سلام وحديث مجاهد في المقام المحمود ، فقد أزرى على رسول الله ﷺ ورد فضله ، وكان عندنا مبتدعا.

311- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو الفضل عباس بن محمد الدوري ، قال : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام ، يقول : هذه الأحاديث حق لا يشك فيها ، نقلها الثقات بعضهم عن بعض حتى صارت إلينا ، نصدق بها ، ونؤمن بها على ما جاءت . قال أبو الفضل : ونحن نقول في هذه الأحاديث ما قال أحمد بن حنبل متبعين له ولآثاره في ذلك.

312- حدثنا أبو بكر ، قال : سمعت عبد الوهاب الوراق ، يقول : سألت أسود بن سالم عن هذه الأحاديث ، فقال : نحلف عليها بالطلاق والمشي ، إنها حق.

313- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا الفضل بن سليمان ، قال : حدثنا الهيثم بن خارجة ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : سألت سفيان ، والأوزاعي ، ومالك بن أنس ، والليث بن سعد ، عن هذه الأحاديث ؟ فقالوا : نمرها كما جاءت.

314- حدثنا أبو بكر ، قال : سألت الحسن بن الفضل عن حديث مجاهد : يقعده على العرش ، فقال : حدثنا هارون بن معروف ، وعثمان ، عن ابن فضيل ، عن ليث ، عن مجاهد : {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} قال : يقعده على العرش ، قال : وقال : من رد هذه الأحاديث فهو مبتدع ضال . قال : ما أدركنا أحدا يرده إلا من في قلبه بلية ، يهجر ولا يكلم.

315- حدثنا أبو بكر ، حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، قال : حدثني بكر بن سوادة ، عن زياد بن نعيم ، عن وفاء الحضرمي ، عن رويفع بن ثابت ، عن النبي ﷺ أنه قال : (من صلى على محمد ، وقال : اللهم أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة ، وجبت له شفاعتي).

316- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا الفضل بن مسلم المحاربي ، قال : حدثنا محمد بن عصمة ، قال : حدثنا جندل ، قال : حدثنا عمرو بن أوس الأنصاري ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس ، قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى عيسى صلى الله عليه فيما أوحى : أن صدق محمدا ، وأمر أمتك من أدركه منهم أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت النار ، ولقد خلقت العرش على الماء ، فاضطرب ، فكتبت لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن ، قال أبو بكر : فألقيته على أبي عبد الله محمد بن بشر بن شريك فأقر به ، وقال : هو عندي عن جندل بن والق.

317- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا سريج بن يونس ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : {ورفعنا لك ذكرك} قال : لا أذكر إلا ذكرت معي ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله.

318- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي ، قال : حدثنا عمرو بن خالد ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله ﷺ : (أتاني جبريل عليه السلام ، فقال : إن ربي وربك يقول : كيف رفعت لك ذكرك ، قلت : الله أعلم ، قال : إذا ذكرت ذكرت معي).

319- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن بشر بن شريك النخعي ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك ، قال : حدثنا أبي قال : حدثني عبد العزيز بن رفيع ، وسالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، قال : إذا نظر داود إلى خصمه ولى هاربا منه ، فينادي الله عز وجل يا داود ، ادن مني ، فلا يزال يدنيه حتى يمس بعضه.

320- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير : {وإن له عندنا لزلفى} قال : ذكر الدنو حتى يمس بعضه.

321- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا منصور ، قال : حدثنا مجاهد ، قال : سمعت عبيد بن عمير ، وسئل عن قوله : {وإن له عندنا لزلفى} قال : ذكر الدنو منه.

322- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك ، قال : حدثنا أبي ، قال : أخبرني إبراهيم بن مهاجر ، وليث بن أبي سليم ، قالا : حدثنا مجاهد ، قال : إذا كان يوم القيامة ذكر داود ذنبه ، فيقول الله عز وجل له : كن أمامي ، فيقول : رب ، ذنبي ذنبي ، فيقول الله له : كن خلفي ، فيقول : رب ، ذنبي ذنبي ، فيقول الله عز وجل : خذ بقدمي.

323- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثني محمد بن بشر ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شريك ، قال : حدثنا أبي قال : حدثني أبو يحيى القتات ، وإسماعيل بن عبد الله السدي ، قال أبو يحيى : عن مجاهد ، وقال السدي : عن أبي مالك ، عن ابن عباس ، في قوله : {وإن له عندنا لزلفى} قال : يدنو منه حتى يقال له : خذ بقدمي.

324- حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل قال : حدثنا يحيى بن آدم ، قال : حدثنا حمزة ، عن عدي بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : خير ولد آدم نوح وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ﷺ ، وخيرهم محمد ﷺ. وبعد هذا ، أسعدكم الله ؛ فلو ذهبنا نكتب حكايات الشيوخ ، والأسانيد ، والروايات ، لطال الكتاب ، غير أنا نؤمل من الله عز وجل أن يكون في بعض ما كتبنا بلغة لمن أراد الله به ، فثقوا بالله ، وبالنصر من عنده على مخالفيكم ، فإنكم بعين الله بقربه ، وتحت كنفه ما دمتم على الأثر ، سلم الله لكم أديانكم وأماناتكم ، ولسنا نأمن أن ترتفع هذه النائرة وتشيع في الناس فينزل ببلدكم أمر لا تطيقوه ، فالله الله عباد الله ، وانصحوا لإخوانكم من المؤمنين ، وأخرجوا هؤلاء المبتدعة عن بلدكم ، واستعينوا بالله عليهم ، فإن صاحبهم الذي أسس لهم هذا مطرود عن المساجد والطرقات ، ما له عند أحد من المستورين قدر ، قد سلب عقله ، وتاه على وجهه ، لا يستطيع أحد كلامه إلا رد عليه بالشتم ، أخزاه الله ، وأخزى أشياعه ، فإن أشياعه هم الأخسرون ، وشيعة الله هم الغالبون ، مسكنا الله وإياكم بالسنة والجماعة ، وأحيانا وأماتنا عليها برحمته ، ونحن خائفون إن صح هذا عند المسلمين وأصحابنا أجمعين ، أن ينقطع عن هذا البلد المجاهدون وأهل الخير ، وأن ينزل بهم ما نزل أيام اللفظية ، فالله الله في أنفسكم وفينا ، أخرجوا هؤلاء المبتدعة الخبثاء من بين ظهرانيكم ، وثقوا بالنصر من عند ربكم ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، جعلنا الله وإياكم من أوجه من توجه إليه ، وأقرب من تقرب إليه ، وأنجح من دعاه ، وطلب إليه ، وصرف عنا وعنكم أجمعين الفتن المضلة ، وسلمنا وإياكم من الأهواء المردية بمنه وقدرته ، فرأيكم أسعدكم الله في الكتاب بما أحدث الله عز وجل من سلامتكم وإظهاركم على من خالف أهل ملتكم ليحمد الله على ما وهب من نصرته لأوليائه وأهل طاعته ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال أبو بكر الخلال : هذا الكتاب الذي كتبه مشايخنا ، وهذا نسخته ، قد سمعت أكثره من أبي بكر المروذي ، وممن كتبه عنهم أبو بكر المروذي هذا الكلام ، منهم الدوري ، وعلي بن داود ، ويحيى بن أبي طالب ، وأبو داود السجستاني ، وغيرهم ، وحضرت مع أبي بكر المروذي محمد بن بشر بن شريك في طاق المحامل سنة حججنا معه ، ودفع إليه هذه الأحاديث ، وقرأها عليه وحده ، ونحن ناحية ، ومضيت معه إلى منزله ، ودخل هو فلم ندخل نحن ، وقد كان المروذي رحمه الله قال : انتظرني في المخرم حتى أجيء فآخذ خط محمد بن عبيد الله بن المنادي في أمر الترمذي ، كما أخرجه الشيوخ ، فقلت له : ليس ابن المنادي من يأتيك ، فكأنه لم يظن أني عارف ، نسي من هذا النحو ، وجعل يعجب مني ، وقال : انتظرني ، فانتظرته بباب المخرم ، وقال لي : خذ معك شيئا من فوائده ، فلما كان صلاة الغداة فإذا به قد جاء وحده على حمار ، فلما رآني قال : أنت تصلح للسفر ، فصلينا الغداة بباب المخرم ، ومضينا إلى ابن المنادي ، فلما رأى أبا بكر المروذي رفع قدره وعظمه ، غير أن ابن المنادي رحمه الله كانت معه أخلاق الأحداث من المزاح ، وغير ذلك ، فلما رآه أبو بكر المروذي ، ولم أكن أحسبه رآه قبل ذلك وطال قعودنا معه في الحديث ، وذكر ابن المنادي عن أحمد بن حنبل أحرفا حسانا ، فلما انتصف النهار واشتد الحر ولم يذاكره المروذي بشيء مما جاءه له ، فقال لي أبو بكر المروذي : هات ، إيش معك ، فقرأ عليه أحاديث كثيرة من فوائد ، أخرجتها له ، وانصرفنا من عنده ، فلما صرنا في الطريق ، فقال لي أبو بكر المروذي : أراك تبصر هذه الأشياء ، أو نحو ما قال : وسر بما رآه من تفقدي لهذه الأشياء ، ولم أكن أظن أني أحتاج أن أشرح من المقام المحمود هذا كله ، فلما كتبت إلى أصحابنا بما كان بطرسوس ، كتبوا هذا الكتاب وألفوه على هذا الذي قد كتبوا به ، وهو على ما ولفوه ، وبالله التوفيق.

325- أخبرنا أحمد بن ملاعب المخرمي ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ : (إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض ، وهو معه على العرش ، إن رحمتي تغلب غضبي).

326- وأخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : حدثنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا معمر ، عن همام بن منبه ، قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة ، عن رسول الله ﷺ ، وقال رسول الله ﷺ : (لما قضى الله الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش أن رحمتي غلبت غضبي.)

327- أخبرنا محمد بن نصر ، قال : حدثنا داود ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله ﷺ : (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه وهو عنده على العرش أن رحمتي غلبت غضبي).

328- أخبرنا يعقوب بن سفيان ، قال : حدثنا يحيى بن خلف ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله ﷺ قال : (لما قضى الله الخلق كتب الله في كتاب عنده غلبت ، أو قال : سبقت رحمتي غضبي ، فهو عنده فوق العرش) . أو كما قال جامع أمر الخلافة بعد رسول الله ﷺ.

329- أخبرنا محمد بن إسماعيل ، قال : أنبأ وكيع ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : يوم الخميس ، وما يوم الخميس ؟ ثم نظر إلى دموع عينيه تحدر على خده ، كأنها نظام اللؤلؤ ، قال : قال رسول الله ﷺ : (ائتوني باللوح والدواة ، أو الكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا)

فقالوا : رسول الله ﷺ يهجر.

330- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي العميس ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، قالت : قبض النبي ﷺ ولم يستخلف أحدا ، ولو كان مستخلفا أحدا لاستخلف أبا بكر أو عمر.

331- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن مرة ، عن مرة بن شراحيل ، قال : قال عمر : ثلاث لأن يكون رسول الله ﷺ بينهن لنا أحب إلي من الدنيا وما فيها : الكلالة ، والخلافة ، والربا.

332- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن عبد الله بن سبع ، قال : سمعت عليا يقول : لتخضبن هذه ، يعني لحيته ، من رأسه ، فيما ينتظر بالأشقياء ؟ قالوا : فأخبرناه به نبير عترته ، قال : إذن والله تقتلون بي غير قاتلي ، قالوا : ألا تستخلف ؟ قال : لا ، ولكني أترككم إلى ما ترككم رسول الله ﷺ ، قالوا : فماذا تقول لربك إذا لقيته ، قال : أقول : اللهم تركتني فيهم ، ثم قبضتني إليك وأنت فيهم ، فإن شئت أصلحتهم ، وإن شئت أفسدتهم.

333- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن ، قال : قال علي : لما قبض النبي ﷺ نظرنا في أمرنا ، فوجدنا النبي ﷺ قدم أبا بكر في الصلاة ، فرضينا لدنيانا ما رضي رسول الله ﷺ لديننا ، فقدمنا أبا بكر رحمه الله.

334- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قال رجل لأبي بكر : يا خليفة الله ، قال : لست بخليفة الله عز وجل ، ولكني خليفة رسول الله ، أنا راض بذلك.

335- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن سالم أبي العلاء المرادي ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي بن حراش ، وأبي عبد الله رجل من أصحاب حذيفة ، عن حذيفة ، قال : كنا جلوسا عند النبي ﷺ ، فقال : إني لست أدري ما بقائي فيكم ، فاقتدوا باللذين من بعدي ، وأشار إلى أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد.

336- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن مولى لربعي بن حراش ، عن ربعي بن حراش ، أظنه عن حذيفة ، قال : كنا جلوسا عند النبي ﷺ ، فقال : إني لست أدري ما مقامي فيكم ؟ فاقتدوا باللذين من بعدي ، وأشار إلى أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار ، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه.

337- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن زبيد ، أن أبا بكر رحمه الله لما حضره الموت أرسل إلى عمر رحمه الله يستخلفه ، فقال الناس : تستخلف علينا عمر فظا غليظا ، فلو قد ولينا كان أفظ وأغلظ ، فماذا تقول لربك إذا لقيته ، وقد استخلفت علينا عمر ؟ فقال أبو بكر : أبربي تخوفوني ؟ أقول : اللهم إني استخلفت عليهم خير أهلك ، ثم أرسل إلى عمر ، فقال : إني موصيك بوصية ، إن أنت حفظتها ، إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل ، وإن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار ، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق ، وثقله عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا ، وخفته عليهم ، وحق لميزان أن لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفا ، وأن الله عز وجل ذكر أهل الجنة بأصلح ما عملوا ، وأنه يتجاوز عن سيئاتهم فيقول قائل : لا أبلغ هؤلاء ، وذكر أهل النار بأسوأ الذي عملوا ، وأنه رد عليهم صالح ما عملوا ، فيقول القائل : أنا خير من هؤلاء ، وذكر آية الرحمة وآية العذاب ، ليكون المؤمن راغبا زاهدا ، ولا يتمنى على الله غيره ، ولا يلقي بيده إلى التهلكة ، فإن أنت حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت ، ولا بد لك منه ، وإن أنت ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليك من الموت ، ولن تعجزه.

338- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي السفر ، أن أبا بكر أشرف من كنيف أو رفيف ، وأسماء بنت عميس هي ممسكته وهي موشومة اليدين : أترضون بمن استخلف عليكم ؟ فوالله ما ألوت ولا تلوت ، ولا ألوت عن جهد رأي ، ولا وليت ذا قرابة ، استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فاسمعوا له وأطيعوا ، قالوا : سمعنا وأطعنا.

339- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : رأيت عمر بن الخطاب رحمه الله بيده عسيب نخل ، وهو يجلس الناس ويقول : اسمعوا لقول خليفة رسول الله ﷺ ، قال : فجاء مولى لأبي بكر يقال له شديد ، معه صحيفة فقرأها على الناس ، فقال : يقول أبو بكر : اسمعوا وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة ، فوالله ما ألوتكم ، قال قيس : فرأيت عمر بعد ذلك على المنبر.

340- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أفرس الناس التي قالت لأبيها : {يا أبت استأجره} ، والعزيز حين قال لامرأته {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} والقوم فيه زاهدون ، وأبو بكر حين تفرس في عمر فاستخلفه.

341- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن سفيان ، عن جابر ، عن يزيد بن مرة ، عن رجل ، عن عمر ، قال : قال رجل لعمر : يا خليفة الله ، قال : خالف الله بك.

342- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، قال : قال عمر لما حضر : ادعو لي عليا ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعدا ، قال : فلم يكن أحد منهم إلا علي وعثمان ، فقال : يا علي ، لعل هؤلاء يعرفون لك قرابتك ، وما آتاك الله من العلم والفقه ، فاتق الله ، وإن وليت هذا الأمر فلا ترفعن بني فلان على رقاب الناس ، وقال : يا عثمان ، لعل هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله ، وسنك ، وشرفك ، فإن أنت وليت هذا الأمر فاتق الله ، ولا ترفعن بني فلان على رقاب الناس ، ثم قال : ادعوا لي صهيبا ، فقال : صل بالناس ثلاثا ، وليجتمع هؤلاء القوم ، وليخلوا هؤلاء الرهط ، فإن اجتمعوا على رجل فاضربوا رأس من خالفهم.

343- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن أبي معشر ، قال : حدثنا أشياخنا قال : قال عمر : إن هذا الأمر لا يصلح إلا بالشدة التي لا جبرية فيها ، وباللين الذي لا وهن فيه.

344- أخبرنا محمد ، قال : أنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال عمر : من أستخلف ؟ لو كان أبو عبيدة بن الجراح ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ؟ فأين أنت عن عبد الله بن عمر ؟ فقال : قاتلك الله ، والله ما أردت بها الله ، أستخلف رجلا لم يحسن يطلق امرأته.

345- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله ﷺ : ما من أحد من أصحابي إلا لو شئت أن آخذ عليه بعض خلقه إلا أبو عبيدة بن الجراح.

346- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن النضر بن معبد ، عن أبي قلابة ، قال : قال رسول الله ﷺ : لكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.

347- أخبرنا محمد ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة ، قال : جاء السيد والعاقب إلى رسول الله ﷺ فقالا : (ابعث معنا أمينك ، قال : نعم ، سأبعث معكم أمينا حق أمين ، وتشرف لها الناس ، فبعث أبا عبيدة بن الجراح).

348- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، قال : كان الحادي يحدو بعثمان ، وهو يقول:

إن الأمير بعده عليا ... وفي الزبير خلفا رضيا

قال : فقال كعب : لا ، ولكنه صاحب البغلة الشهباء يعني معاوية ، فقيل لمعاوية : إن كعبا يسخر بك ، يزعم أنك تلي هذا الأمر ، فأتاه ، فقال له : يا أبا إسحاق ، وكيف وها هنا علي والزبير وأصحاب رسول الله ﷺ ؟ قال : أنت صاحبها.

349- أخبرنا محمد ، قال : أنبأ وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن ، أن قيس بن عباد ، وابن الكواء ، أتيا عليا ، فقالا : هل عندك من النبي ﷺ في هذا الأمر عهد ، فقال : معاذ الله ، والله إن كنت لأول من صدقه ، فلا أكون أول من كذب عليه ، والله ما عندي من رسول الله ﷺ في هذا الأمر من عهد ، ولو كان عندي من رسول الله ﷺ عهد لقاتلت بيدي هاتين.

باب وفاة أبي بكر ومرثية علي لأبي بكر

350- أخبرنا أحمد بن منصور المروذي الخراساني يعرف بزاج يكنى أبا صالح ، قال : حدثنا أحمد بن مصعب المروزي ، عن عمر بن إبراهيم بن خالد القرشي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أسيد بن صفوان ، وكان قد أدرك النبي ﷺ .

وعلي بن حرب الطائي ، قال : حدثني دلهم بن يزيد ، قال : حدثنا العوام بن حوشب ، قال : حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أسيد بن صفوان ، وكانت له صحبة برسول الله ﷺ ، قال : لما قبض أبو بكر الصديق رحمه الله ، وسجي عليه ارتجت المدينة بالبكاء ، قال علي بن حرب ، ودهش الناس كيوم قبض النبي ﷺ ، فجاء علي بن أبي طالب رحمه الله باكيا مسرعا ، قال زاج مسترجعا ، وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة ، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر رحمه الله ، قال علي بن حرب مسجى ، فقال : رحمك الله أبا بكر ، كنت إلف رسول الله ، وأنسه ومستراحه ، ونعته ، وموضعا لسره ومشاورته ، وأول القوم إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأشدهم يقينا ، وأخوفهم لله ، وأعظمهم غنى في دين الله ، وأحوطهم على رسول الله ﷺ ، وأحدبهم على الإسلام ، وأيمنهم على أصحابه وأحسنهم صحبة ، وأكثرهم مناقبا ، قال علي بن حرب : وأفضلهم مناقبا وأفضلهم سوابقا ، قال علي بن حرب : وأكثرهم سوابقا ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم وسيلة ، وأشبههم برسول الله هديا وسيفا ، درجة وفضلا ، قال علي بن حرب : وأقربهم من رسول الله ﷺ مجلسا ، وأشبههم به هديا ، وخلقا ، وسمتا ، وفعلا وأشرفهم منزلة ، وأكرمهم علية ، وأوثقهم عنده فجزاك الله عن الإسلام خيرا ، وعن رسول الله ﷺ خيرا ، قال علي بن حرب : صدقت رسول الله ﷺ حين كذبه الناس ، فسماك الله في تنزيله صديقا فقال : {والذي جاء بالصدق وصدق به} أبو بكر ، وواسيت رسول الله ﷺ حين تخلوا ، وقمت معه عند المكاره حين عنه قعدوا ، وصحبته في الشدة أكرم الصحبة ، ثاني اثنين ، وصاحبه في الغار ، والمنزل عليه السكينة ، ورفيقه في الهجرة ، وخلفته في دين الله وأمته أحسن الخلافة ، قال علي بن حرب : ورفيقه في الهجرة ، ومواطن الكره ، خلفته في أمته بأحسن الخلافة حين ارتد الناس ، وقمت بالأمر ما لم يقم به خليفة نبي ، قال علي بن حرب : وقمت بدين الله قياما لم يقمه خليفة نبي ، قويت حين ضعف أصحابك ، ونهضت حين وهنوا ، قال زاج : حين وهن أصحابك ، وبرزت حين استكانوا ، وقويت حين ضعفوا ، ولزمت منهاج رسول الله ﷺ إذ هموا ، قال علي بن حرب : إذ هم أصحابه كنت خليفته حقا ، لم تنازع ولم تصدع ، قال علي بن حرب : ولم تصد برغم المنافقين ، وكبت الكافرين وغيظ الباغين ، وكره الحاسدين ، وصغر الفاسقين ، وقمت بالأمر حين فشلوا ، ونطقت حين تتعتعوا ، مضيت بنور إذ وقفوا ، قال علي بن حرب : ومضيت بنور الله إذ وهنوا ، فاتبعوك فهدوا ، كنت أخفضهم صوتا ، وأعلاهم فوقا ، وأقلهم كلاما ، وأصوبهم منطقا ، وأطولهم صمتا ، وأبلغهم قولا ، وأكبرهم رأيا ، وأشجعهم نفسا ، قال علي بن حرب : وأشجعهم قلبا ، وأشدهم يقينا ، وأحسنهم عقلا ، قال زاج : وأشرفهم عملا ،

وأعرفهم بالأمور ، كنت والله للدين يعسوبا أولا حين نفر عنه الناس ، وأخيرا حين أقبلوا ، قال علي بن حرب : كنت أولا حين نفروا عنه ، وأخيرا حين أفشلوا ، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا ، قال علي بن حرب : صاروا عليك عيلا ، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا ، ورعيت ما أهملوا ، وحفظت ما أضاعوا لعلمك بما جهلوا ، شمرت إذ خنعوا ، قال علي بن حرب : وشمرت ما اتجعوا ، وعلوت إذ هلعوا ، وصبرت إذ جزعوا ، ودركت أوثار ما طلبوا ، قال علي بن حرب وأدركت آثار ما طلبوا ، وراجعوا رشدهم برأيك ، فظفروا ونالوا بك ما لم يحتسبوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا ، قال علي بن حرب : عذابا واصبا ونهبا ، وللمسلمين غيثا وخصبا ، قال زاج : وللمؤمنين رحمة ، وأنسا وحصنا ، فطرت والله بغنايها ، وفزت بجبايها ، وذهبت بفضايلها ، وأدركت سوابقها ، قال علي بن حرب : وأحرزت سوابقها ، لم تفلل حجتك ، ولم تضعف نصرتك ، ولم تختر نفسك ، ولم يزغ قلبك ، كنت كما الجبل ، فلا تحركه العواصف ، ولا تزيله القواصف ، كنت كما قال رسول الله ﷺ : أمن الناس عليه في صحبتك وذات يدك ، وكنت كما قال رسول الله ﷺ : ضعيفا في بدنك ، قويا في أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله ، جليلا في أعين المؤمنين ، كبيرا في أنفسهم ، قال علي بن حرب : جليلا في الأرض ، كبيرا عند المؤمنين ، لم يكن لأحد فيك مغمز ، ولا لقائل فيك مهمز ، ولا لأحد فيك مطمع ، ولا لمخلوق عندك هوادة ، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه ، والقوي العزيز عندك ذليل حتى تأخذ منه الحق ، القريب والبعيد في ذلك سواء ، أقرب الناس إليك أطوعهم لله وأتقاهم له ، شأنك الحق ، والصدق ، والرفق ، قول حكم وحتم ، قال علي بن حرب : قولك حق وحتم ، وأمرك حكم وحزم ، قال علي بن حرب : وأمرك جبار وحزم ، ورأيك علم وعزم ، فأقلعت وقد نهج السبيل ، وسهل العسير ، وأطفئت النيران ، وقوي الإيمان ، واعتدل بك الدين ، وثبت الإسلام والمسلمين ، قال علي بن حرب : الإسلام والمؤمنون ، وقوي الإيمان ، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون ، فجليت عنهم فأبصروا ، فسبقت والله سبقا بعيدا ، وأتعبت من بعدك إتعابا شديدا ، وفزت بالخير ، قال علي بن حرب : بالحق فوزا مبينا ، فجللت عن البكا ، وعظمت رزيتك في السماء ، قال علي بن حرب : في السنا ، وهدت مصيبتك الأنام ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاءه ، وسلمنا له أمره ، فوالله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله ﷺ بمثلك أبدا ، كنت للدين عزا وحرزا وكهفا ، وللمؤمنين فيئا وحصنا وغيثا ، فألحقك الله بميتة نبيك ، ولا أحرمنا أجرك ، قال علي بن حرب : وللمسلمين حصنا وأنسا ، وعلى المنافقين غليظا وغيظا وكظما ، والحمد لله ، لا أحرمنا الله أجرك ، ولا أضلنا بعدك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، قال : فسكت الناس حتى انقضى كلامه ، ثم بكوا عليه حتى علت أصواتهم ، وقالوا : صدقت يا ختن رسول الله ﷺ ، قال علي بن حرب : وقالوا : صدقت يا ابن عم رسول الله ﷺ.

351- أخبرنا علي بن حرب ، قال : حدثنا قريش بن أنس ، عن صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن سويد بن زيد ، قال : مررت بمسجد النبي ﷺ وأبو ذر جالس وحده ، فاغتنمت ذلك ، فجلست إليه فذكر عثمان ، فقال : لا أقول لعثمان إلا خيرا بعد الذي رأيته من رسول الله ﷺ ، كنت أتتبع خلوات رسول الله ﷺ أتعلم منه ، فمر بي ، واتبعته ، فدخل حائطا ، ودخلت معه ، فقال النبي ﷺ : يا أبا ذر ، ما جاء بك ؟ قلت : الله ورسوله ، إذ جاء أبو بكر فسلم وجلس عن يمين رسول الله ، إذ جاء عمر فسلم وجلس عن يمين أبي بكر ، إذ جاء عثمان فسلم وجلس عن يمين عمر ، فرأيت النبي ﷺ أخذ سبع حصيات ، أو تسع حصيات في كفه ، فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم أخذهن النبي ﷺ فوضعهن في يد أبي بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم أخذهن النبي ﷺ فوضعهن في يد عمر فسبحن ، حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم أخذهن النبي ﷺ فوضعهن في يد عثمان ، فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن.

352- أخبرنا علي بن حرب ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق الهمداني ، عن عبد خير ، عن علي ، قال : خير هذه الأمة أبو بكر ، ثم عمر.

353- أخبرنا علي بن حرب ، قال : حدثنا القاسم ، عن سفيان ، قال : قال محارب بن دثار : بغض أبي بكر وعمر نفاق.

354- أخبرنا علي بن حرب ، قال : حدثنا محمد بن الفضيل ، عن أبيه ، عن الرجال بن سالم ، عن عطاء ، بغض العربي المولى نفاق.

355- أخبرنا علي بن حرب ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا إسماعيل بن دثار ، قال : قال رجل لشريك شيئا في أمر علي ، فقال : يا جاهل ، ما علمنا بعلي حتى خرج فصعد هذا المنبر ، فوالله ما سألناه حتى قال لنا : تدرون من خير هذه الأمة بعد نبيها ؟ فسكتنا ، فقال : أبو بكر وعمر يا جاهل ، أفكنا نقوم فنقول له : كذبت.

356- أخبرنا علي ، قال : أنبأ أبو مسعود الزجاج ، عن أبي سعد ، عن أبي يعلى ، قال : سألت ابن الحنفية : من خير الناس ؟ فقال : لقد سألتني عما سألت عنه أبي ، فقال : أبو بكر وعمر ، ثم قال : أبوك رجل من المسلمين.

357- أخبرنا علي ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن ابن أبي خالد ، عن عامر ، قال : قاتل علقمة مع علي حتى عرج بصفين ، فقال علقمة : لقد هلك قوم من هذه الأمة برأيهم في علي كما هلكت النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام.

358- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا القعنبي ، قال : حدثنا عيسى يعني ابن يونس ، عن عمر بن سعيد ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، قال : كنا نترحم على عمر حتى وضع على سريره رحمه الله ، فجاء رجل فترحم عليه ، وقال : ما أحد أحب إلي أن ألقى الله عز وجل بعمله منك ، وإن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، فإني كنت أكثر أن أسمع رسول الله ﷺ يقول : كنت أنا وأبو بكر وعمر ، وذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، وقلت : أنا وأبو بكر وعمر ، وكنت أظن ليجعلك الله مع صاحبيك ، فالتفت ، فإذا هو علي بن أبي طالب رحمه الله.

359- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا أبو النضر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت عبد الله بن سلمة ، يقول : سمعت عليا ، يقول : ألا أخبركم بخير الناس بعد رسول الله ﷺ : أبو بكر ، وبعد أبي بكر عمر.

360- أخبرنا الميموني ، قال : حدثنا أبو النضر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال : سمعت عبد الله بن سلمة ، قال : قال عبد الله : إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر.

361- أخبرني عبد الملك ، قال : حدثنا أبو النضر ، قال : سمعته عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن عبد الله ، مثله.

362- أخبرنا عبد الملك ، قال : حدثنا أبو النضر ، قال : حدثنا شعبة ، قال عمرو بن مرة : أخبرني قال : سمعت أبا البختري الطائي ، قال : قال علي : يهلك في رجلان : عدو مبغض ، ومحب مفرط.

363- أخبرنا عبد الملك ، قال : حدثنا أبو عمرو شبابة المدايني قال : حدثنا الفرات بن السائب ، عن ميمون بن مهران ، قال : لقيت ابن عمر بالمدينة فقلت : إني أحب أن أعلم كيف كان مقتل عمر ، فقال : إذن أعلمك أن أبا لؤلؤة عبدا للمغيرة بن شعبة أتاه يشكو إليه ما يكلفه المغيرة من الضريبة ، قال : وكم عليك ؟ قال : أربعة دراهم في الشهر ، قال : وما عملك ؟ قال : أصنع هذه الأرحية ، فوعده أن يكلم مولاه ، فخرج يتهدده ، فقال : ما يقول العبد ؟ قالوا أحمق ، ثم أرسل إلى المغيرة ، فقال : اتق الله فيما خولت وخفف عن غلامك ، وأراد الإصلاح فيما بينهما فخرج الخبيث فصنع مدية لها رأسان مقبضها في وسطها ، فدخل المسجد صلاة الفجر ، وعمر رحمه الله معه درته ، يأمر الناس بتسوية الصفوف يقول : سووا بين مناكبكم ، لا تختلفوا فتختلف صدوركم ، فطعنه تسع طعنات ، فقال عمر رحمه الله : دونكم الكلب فقد قتلني ، فثار إليه الناس ، فجعل لا يدنو إليه أحد إلا أهوى إليه فطعنه ، فطعن يومئذ ثلاثة عشر إنسانا ، فمات منهم ستة في المسجد رحمهم الله ، واحتمل عمر رحمه الله فأدخل إلى بيته ، فكادت الشمس تطلع ولم يصلوا الفجر ، فدفع في قفا عبد الرحمن بن عوف ، فقرأ {قل هو الله أحد}

و{إذا جاء نصر الله والفتح} مبادرة للشمس ، ثم انجفل الناس إلى منزل عمر رحمه الله ، فقال لي : أي بني ، اخرج إلى الناس فأقرئهم السلام ورحمة الله ، وسلهم عن ملأ كان هذا منهم ، فخرج إليهم ، فذكر ذلك لهم ، فقالوا : معاذ الله ، وحاش لله ، والله لوددنا أنا فديناه بالآباء والأبناء ، والله ما أتى علينا يوم قط بعد وفاة رسول الله ﷺ أعظم من هذا اليوم ، ثم قال لابن عباس : سل الناس ، هل يثبتون لي قاتلا ؟ فقال : نعم ، قتلك قين المغيرة بن شعبة ، فاستهل بحمد الله عز وجل إلا يكون ذو حق في الفيء ، إنما استحل دمه بما استحل من فيه عن غير مؤامرته ، وكان أول من دخل عليه علي وابن عباس ، فلما نظر إليه ابن عباس بكى ، فقال : أبشر يا أمير المؤمنين بالجنة ، قال : تشهد لي بذلك ؟ قال : فكأنه كع ، فضرب علي بن أبي طالب رحمه الله منكبه فقال : أجل ، فاشهد ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، فقال عمر : كيف ؟ قال ابن عباس : كان إسلامك عزا ، وولايتك عدلا ، وميتتك شهادة ، فقال : لا والله لا تغروني من ربي وديني ، ثكلت عمر أمه إن لم يرحمه ربه فقال : لا والله لا تغروني من ربي وديني ، سكلت عمر أمه إن لم يرحمه ربه ، ثم قال ورأسه في حجري : ضع رأسي بالأرض ، فقلت : إنه يشق عليك أن تصوب ، فقال : ضعه ، ثكلتك أمك ، فلما وضعته ، فقال : انطلق إلى أمي عائشة رحمها الله ، فسلها أن تصفح لي عن مضجعها الذي أعدته بين بعلها وأبيها ، فإن فعلت فادفنوني موضعها ، وإلا امضوا بي إلى البقيع ، فخرجت حتى أتيت منزل عائشة ، فضربت الباب ، فقالت : من هذا ؟ فقلت : هذا عبد الله ابنك ، فرحبت بي ، فقالت مجيء ما جيت ؟ فقلت : تركت عمر يتشحط في الموت ، وهو يقرئك السلام ورحمة الله ، ويسألك أن تصفحي عن مضجعك الذي أعددتيه بين رسول الله ﷺ وأبي بكر رحمه الله ، قالت : وما الذي أصابه ، قلت : طعنه قين المغيرة بن شعبة ، قالت : صدقني خليلي ، يعني النبي ﷺ ، قد كان أخبرني أن وفاته شهادة ، هنيا مريا ، والله ما كنت أريد أن يدخل بينهما بشر غيري ، فأما إذ سبقني إلى الآخرة ، فليس لحاجته مترك ، قل : نعم ونعما عين ، فلما أتيته قال : مهيم ؟ قلت : قد فعلت ، قال : جزاها الله خيرا في المحيا والممات ، فإن أصبت فاستأذنها ثانية ، فإن تمت ، وإلا فامضوا بي إلى البقيع ، ثم قال له من حوله : استخلف علينا رجلا ترضاه ، فقال : ما أريد أن أتحملها حيا وميتا ، قال : قال : المسلمون يرضون عبد الله بن عمر ، قال : حسب آل الخطاب أن يدان منهم رجل بالخلائق ، ما نظرت له إذ قالوا : أفتاركنا أنت ثلثا بعضنا على بعض ، فلا تشير علينا ؟ قال : إن أردتم أن أشير عليكم فعلت ، فقالوا : إنا نريد ذلك ، فقال : رؤوس قريش الذين يصلحون للخلافة مع ما سمعت من رسول الله ﷺ يذكر أنهم من أهل الجنة سبعة نفر ، منهم : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل من أهلي ، ولست مدخله فيهم ، والنجبا الستة عثمان ، وعلي ابنا عبد مناف ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد خال الرسول ، وطلحة ، والزبير ، ويصلي بالناس صهيب ، وأحضروا عبد الله بن عمر ، فإن أجمع خمسة وأبى واحد فاجلدوا عنقه.

364- أخبرنا إبراهيم بن مالك ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن عائشة ، قالت : كنت أدخل البيت الذي فيه قبر الرسول ﷺ وأبي وأنا حاسرة ، وأقول : إنما هو أبي وزوجي ، فلما دفن فيه عمر لم أدخله إلا وأنا مستترة ؛ حياء من عمر.

آخر الجزء الأول من الأصل المنقول منه ، ويتلوه الجزء الثاني.

هامش

  1. [نقص في الأصل]
  2. [من تلك العلامة إلى مثلها لا يوجد في الطبعة الأولى وهو زائد في الطبعة الجديدة للكتاب برقم (83) واستبدل بالذي بعده]
  3. [ما بين الحاصرتين لم يطبع في الطبعة الجديدة واستبدل بالذي قبله ورقمه أيضا (83)]