→ إقامة الحدود في دار الحرب | كتاب الأم ما عجز الجيش عن حمله من الغنائم الشافعي |
قطع أشجار العدو ← |
قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وإذا أصاب المسلمون غنائم من متاع أو غنم فعجزوا عن حمله ذبحوا الغنم وحرقوا المتاع وحرقوا لحوم الغنم كراهية أن ينتفع بذلك أهل الشرك وقال الأوزاعي نهى أبو بكر أن تعقر بهيمة إلا لمأكلة وأخذ بذلك أئمة المسلمين وجماعتهم حتى إن كان علماؤهم ليكرهون للرجل ذبح الشاة والبقرة ليأكل طائفة منها ويدع سائرها. وبلغنا أنه من قتل نحلا ذهب ربع أجره ومن عقر جوادا ذهب ربع أجره وقال أبو يوسف قول الله في كتابه أحق أن يتبع قال الله: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} واللينة فيما بلغنا النخلة وكل ما قطع من شجرهم وحرق من نخلهم ومتاعهم فهو من العون عليهم والقوة وقال الله عز وجل: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} وإنما كره المسلمون أن يحرقوا النخل والشجر لأن الصائفة كانت تغزو كل عام فيتقوون بذلك على عدوهم ولو حرقوا ذلك خافوا أن لا تحملهم البلاد والذي في تخريب ذلك من خزي العدو ونكايتهم أنفع للمسلمين وأبلغ ما يتقوى به الجند في القتال حدثنا بعض مشايخنا: (عن رسول الله ﷺ أنه حين حاصر الطائف أمر بكرم لبني الأسود ابن مسعود أن يقطع حتى طلب بنو الأسود إلى أصحاب رسول الله ﷺ أن يطلبوا إلى النبي ﷺ أن يأخذها لنفسه ولا يقلعها فكف عنها رسول الله ﷺ).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أما كل ما لا روح فيه للعدو فلا بأس أن يحرقه المسلمون ويخربوه بكل وجه لأنه لا يكون معذبا إنما المعذب ما يألم بالعذاب من ذوات الأرواح قد قطع رسول الله ﷺ أموال بني النضير وحرقها وقطع من أعناب الطائف وهي آخر غزاة غزاها النبي ﷺ لقي فيها حربا وأما ذوات الأرواح فإن زعم أنها قياس على ما لا روح فيه فليقل للمسلمين أن يحرقوها كما لهم أن يحرقوا النخل والبيوت فإن زعم أن المسلمين ذبحوا ما يذبح منها فإنه إنما أحل ذبحها للمنفعة أن تكون مأكولة.
[قال الشافعي]: وقد أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن صهيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ قال: (من قتل عصفورا بغير حقها حوسب بها قيل وما حقها؟ قال أن يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي به).
[قال الشافعي]: نهى رسول الله ﷺ عن المصبورة عن أكلها فقد أحل إماتة ذوات الأرواح لمعنيين أحدهما أن يقتل ما كان فيه ضرر لضرره وما كان فيه المنفعة للأكل منه وحرم أن تعذب التي لا تضر لغير منفعة الأكل فإذا ذبحنا غنم المشركين في غير الموضع الذي نصل فيه إلى أكل لحومها فيه فهو قتل لغير منفعة وهم يتقوون بلحومها وجلودها فلم نشك في أن يتقوى بها المشركون حين ذبحناها وإنما أراد أن يذبحها قطعا لقوتهم فإن قال ففي ذبحها قطع للمنفعة لهم فيها في الحياة قيل قد تنقطع المنفعة عنهم بأبنائهم لو ذبحناهم وشيوخهم والرهبان لو ذبحناهم فليس كل ما قطع المنفعة وبلغ غيظهم حل لنا فما حل لنا منه فعلناه وما حرم علينا تركناه وما شككنا فيه أنه يحل أو يحرم تركناه وإذا كان يحل لنا لو أطعمناهم من طعامنا فليس يحرم علينا لو تركنا أشياء لهم إذا لم نقدر على حملها كما ليس بمحرم علينا أن نترك مساكنهم أو نخيلهم لا نحرقها فإذا كان مباحا أن نترك هذا لهم وكنا ممنوعين أن نقتل ذا الروح المأكول إلا للمنفعة بالأكل كان الأولى بنا أن نتركه إذا كان ذبحه لغير منفعة.