→ في المسلم يدخل دار الحرب بأمان فيشتري دارا أو غيرها | كتاب الأم اكتساب المرتد المال في ردته الشافعي |
ذبيحة المرتد ← |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: سئل أبو حنيفة رحمه الله تعالى عن المرتد عن الإسلام إذا اكتسب مالا في ردته ثم قتل على الردة فقال ما اكتسب في بيت المال لأن دمه حلال فحل ماله وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى مال المرتد الذي كان في دار الإسلام والذي اكتسب في الردة ميراث بين ورثته المسلمين وبلغنا عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم أنهم قالوا ميراث المرتد لورثته المسلمين وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إنما هذا فيما كان له قبل الردة وقال أبو يوسف هما سواء ما اكتسب المرتد في الردة وقبل ذلك لا يكون فيئا.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: كل ما اكتسب المرتد في ردته أو كان له قبل الردة سواء وهو فيء لأن الله تبارك وتعالى منع الدماء بالإسلام ومنع الأموال بالذي منع به الدماء فإذا خرج الرجل من الإسلام إلى أن يباح دمه بالكفر كما كان يكون مباحا قبل أن يسلم يباح معه ماله وكان أهون من دمه لأنه كان ممنوعا تبعا لدمه فلما هتكت حرمة الدم كانت حرمة المال أهتك وأيسر من الدم وليس قتلنا إياه على الردة كقتلنا إياه على الزنا ولا القتل ولا المحاربة تلك حدود لسنا نخرجه بها من أحكام الإسلام وهو فيها وارث موروث كما كان قبل أن يحدثها وليس هكذا المرتد: المرتد يعود دمه مباحا بالقول بالشرك وقال أبو حنيفة يكون ميراث المرتد لورثته من المسلمين فقيل لبعض من يذهب مذهبه ما الحجة لكم في هذا؟ فقالوا روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قتل رجلا وورث ميراثه ورثته من المسلمين قلنا أما الحفاظ منكم فلا يروون إلا قتله ولا يروون في ميراثه شيئا ولو كان ثابتا عن علي رضي الله تعالى عنه لم يكن فيه حجة عندنا وعندكم لأنا وإياكم نروي عن رسول الله ﷺ خلافه.
[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه أن رسول الله ﷺ قال: (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم).
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أفيعدو المرتد أن يكون كافرا أو مسلما؟ قال بل كافر قلنا فحكم رسول الله ﷺ أن لا يرث مسلم كافرا ولا يرث كافر مسلما قال فإن قلت لا يذهب مثل هذا عن علي بن أبي طالب وأقول بهذا الحديث وأقول إنما عنى به بعض الكافرين دون بعض قلنا فيعارضك غيرك بما هو أقوى عليك في الحجة من هذا فيقول إن عليا قد أخبر بحديث الأشجعيين عن النبي ﷺ في حديث بروع بنت واشق فاتهمه ورده وقال بخلافه وقال معه ابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت فزعمت أن لا حجة في أحد مع النبي ﷺ وهو كما قلت لو ثبت وزعمت أن عمارا حدث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (أن النبي ﷺ أمر الجنب أن يتيمم) فرده عليه عمر وأقام على أن لا يتيمم الجنب هو وابن مسعود وتأول ابن مسعود فيه القرآن فزعمت أن قول من قال كان أولى من قول من رده وهو كما قلت فكيف لم تقل بمثل هذا في حديث النبي ﷺ: (لا يرث المسلم الكافر) وأنت لا تروي عن علي أنه سمعه من النبي ﷺ ولا أخبر به عنه، وقد روي عن معاذ بن جبل أنه ورث مسلما من ذمي فقال نرثهم ولا يرثونا كما تحل لنا نساؤهم ولا يحل لهم نساؤنا، أفرأيت إن قال قائل بهذا وقال لا يذهب على معاذ شيء حفظه أسامة ولعل النبي ﷺ إنما أراد بهذا مشركي أهل الأوثان دون أهل الكتاب ألا يكون هذا أولى أن يكون له شبهة منك؟ أو رأيت إذ زعمت أن حكم المرتد مخالف في الميراث حكم المشرك غيره لم لم تورثه هو من ورثته من المسلمين كما تورثهم منه فتكون قد قلت قولا واحدا أخرجته فيه من جملة المشركين بما ثبت له من حرمة الإسلام؟ فما قلت فيه بما رويت عن علي رضي الله تعالى عنه لأنه لم يقل لا يرث المسلم وإذا ورث عقلنا أنه يورثه ولا بما روى عن النبي ﷺ ولا بالقياس لأن المسلمين الذين أدركنا نحن وأنت لا يختلفون في أن الكافر لا يرث المسلم والمسلم لا يرث الكافر غير ما ادعيت في المرتد وكذلك قالوا في المملوكين وإنما ورثوا في هذين الوجهين من يورثون منه ولم يتحكموا فيورثون من رجل ولا يورثونه.