→ من يلي القصاص | كتاب الأم – كتاب جراح العمد خطأ المقتص الشافعي |
ما يكون به القصاص ← |
[قال الشافعي]: رحمه الله: وإذا أمر المقتص أن يقتص فوضع الحديدة في موضع القصاص ثم جرها جرا فزاد على قدر القصاص سئل أهل العلم فإن قالوا: قد يخطأ بمثل هذا سئل فإن قال أخطأت أحلف ولا قصاص عليه وعقل ذلك عنه عاقلته، وإن قالوا لا يخطأ بمثل هذا فللمستقاد منه القصاص بقدر الزيادة إلا أن يشاء منه الأرش فيأخذه من ماله، وكذلك إن قالوا: قد يخطأ بمثله وقيل للمقتص احلف لقد أخطأت به فإن أقر أقص منه أو أخذ من ماله الأرش وإن لم يقر ونكل قيل: للمجني عليه احلف لقد عمد فإن حلف فله القود وإن نكل فلا شيء له حتى يحلف فيستقيد أو يأخذ المال. وهكذا إذا وضع الحديدة في موضع غير موضع القود لا يختلف فيه الجواب فيما أمكن أن يكون خطأ وما لم يمكن، وإذا وضع الحديدة في غير موضعها أعدته حتى يضعها في موضعها حتى يستقيد للمجني عليه الأول ولا يتخذ إلا أمينا لخطئه وعمده فإذا كان القصاص على يمين فأخطأ المقتص فقطع يسارا أو كان على أصبع فأخطأ فقطع غيرها فإن كان يخطأ بمثل هذا درئ عنه الحد وكان العقل على عاقلته [قال الربيع] وفيه قول آخر: أن ذلك عليه في ماله ولا تحمله العاقلة ؛ لأنه عمد أن يقطع يده ولكنا درأنا عنه القود لظنه أنها اليد التي وجب فيها القصاص فأما قطعه إياها فعمد. [قال الشافعي]: وإذا كان لا يخطأ به اقتص منه، وإذا برأت جراحته التي أخطأ بها المقتص اقتص الأول، ولو قال المقتص للمقتص منه: أخرج يسارك فقطعها وأقر أنه عمد إخراج يساره وقد علم أن القصاص على يمينه وأن المقتص أمر بإخراج يمينه فلا عقل ولا قود على المقتص، وإذا برئ اقتص منه لليمنى، وإن قال: أخرجتها له ولم أعلم أنه قال: أخرج يمينك ولا أن القصاص على اليمنى. أو رأيت أني إذا أخرجتها فاقتص منها سقط القصاص عني أحلف على ذلك ولزمت دية يده المقتص ولا قود ولا عقوبة عليه وإنما يسقط العقل والقود إذا أقر المقتص منه أنه دلسها وهو يعلم أن القود على غيرها، ولو كان المقتص منه في هذه الأحوال كلها مغلوبا على عقله فأخطأ المقتص فإن كان مما يخطأ بمثله فعلى عاقلته، وإن كان مما لا يخطأ بمثله فعليه القود إلا إذا أفاق الذي نال ذلك منه وسواء إذا كان المقتص منه مغلوبا على عقله أذن له أو دلس له أو لم يدلس ؛ لأنه لا أمر له في نفسه، وإذا أمر أبو الصبي أو سيد المملوك الختان بختنهما ففعل فماتا فلا عقل ولا قود ولا كفارة على الختان وإن ختنهما بغير أمر أبي الصبي أو أمر الحاكم ولا سيد المملوك وماتا فعليه الكفارة وعلى عاقلته دية الصبي وقيمة العبد ولو كان حين أمره أن يختنهما أخطأ فقطع طرف الحشفة وذلك مما يخطئ مثله بمثله فلا قصاص وعليه من دية الصبي وقيمة العبد بحساب ما بقي ويضمن ذلك العاقلة. ولو قطع الذكر من أصله وذلك لا يخطأ بمثله حبس حتى يبلغ الصبي فيكون له القود أو أخذ الدية أو يموت فيكون لوارثه القصاص أو الدية تامة، ولو كانت بواحد منهما أكلة في طرف من أطرافه فأمره أبو الصبي وسيد العبد بقطع الطرف وليس مثلها يتلف فتلف فلا عقل ولا قود ولا كفارة وإن أمره بقطع رأس الصبي فقطعه أو وسط الصبي فقطعه أو بقطع حلقومه فقطعه عوقب الأب على ذلك وعلى القاطع القود إذا مات منه الصبي، وإذا أمره بذلك في مملوكه ففعله فمات المملوك فعلى القاطع عتق رقبة ولا قود عليه [قال الربيع] ليس على قاطع مملوك قيمة ؛ لأن سيده الذي أمره وإذا أمره بذلك في دابة له ففعله فلا قيمة عليه ؛ لأنه أتلفها بأمر مالكها. [قال الربيع] والعبد عندي في هذا مثل الدابة هو مال [قال الشافعي]: ولو جاء رجل بصبي ليس بابنه ولا مملوكه وليس له بولي إلى ختان أو طبيب فقال: اختن هذا أو بط هذا الجرح له أو اقطع هذا الطرف له من قرحة به فتلف كان على عاقلة الطبيب والختان ديته وعليه رقبة ولا يرجع عاقلته على الآمر بشيء وهو كمن أمر رجلا بقتل. [قال الشافعي]: وكل قصاص وجب لصبي أو مغلوب على عقله فليس لأبي واحد منهما ولا وليه من كان أخذ القصاص ولا عفوه ويحبس الجاني حتى يبلغ الصبي أو يفيق المعتوه فيقتصا أو يدعا أو يموتا فتقوم ورثتهما مقامهما [قال الربيع] قال أبو يعقوب: ولو أمر رجل رجلا أن يفعل برجل حر بالغ مغلوب على عقله فعلا - الأغلب منه أنه لا يتلف به ففعله فتلف ضمنت عاقلة الفاعل دون الآمر ولا يرجع عليه بشيء ؛ لأنه كان له أن يمتنع منه [قال الشافعي]: ولو كان قال له: هذا ابني أو غلامي فافعل به كذا وكذا ففعل به فتلف ضمنت عاقلة الفاعل دية الحر وقيمة العبد وعليه كفارة في ماله. [قال الربيع] قال أبو يعقوب: وإن كان ابنه أو غلامه فليس له عليه في غلامه شيء إلا الكفارة إذا فعل به ما لا يجوز للسيد فعله به وأما ابنه فإن كان صغيرا أو كبيرا معتوها ففعل به بأمر أبيه ما فيه منفعة لهما فلا شيء عليه وإن كان فعل بهما ما ليس فيه منفعة فعليه الكفارة وعلى عاقلته الدية، وإن كان الابن الكبير يعقل الامتناع فلا عقل ولا قود ولا كفارة إلا أن يفعل به ما لا يجوز للابن أن يفعله بنفسه فتكون عليه الكفارة [قال الشافعي]: وإن جاءه بدابة فقال له: شق ودجها أو شق بطنها أو عالجها ففعل فتلفت ضمن قيمتها إن لم تكن للآمر ولا يضمن إن كانت للآمر شيئا. [قال الشافعي]: وإذا أمر الحاكم ولي الدم أن يقتص من رجل في قتل فقطع يده أو يديه ورجليه وفقأ عينه وجرحه، ثم قتله أو لم يقتله عاقبه الحاكم ولا عقل ولا قود ولا كفارة ؛ لأن النفس كلها كانت مباحة له، ولا ينبغي للإمام أن يمكنه من القصاص إلا وبحضرته عدلان أو أكثر يمنعانه من أن يتعدى في القصاص، وإذا أمكنه أن يقتص فيما دون النفس فقد أخطأ الحاكم وإن اقتص فقد مضى القصاص ولا شيء على المقتص وإن أمكنه أن يقتص من يسرى يديه فقطع يمناها أو أمكنه من أن يشجه في رأسه موضحة فشجه منقلة أو شجه في غير الموضع الذي شجه فيه فادعى الخطأ فما كان من ذلك مما يخطأ بمثله أحلف عليه وغرم أرشه وإن مات منه ضمن ديته وإن برئ منه غرم أرش ما نال منه وكان عليه القصاص فيما نال من المجني عليه ولم يبطل قصاص المجني عليه بأن يتعدى في الاقتصاص على الجاني وإن كان ذلك لا يخطأ بمثله أو أقر فيما يخطأ بمثله أنه عمد فيها ما ليس له اقتص منه مما فيه القصاص إلا أن يشاء الذي نال ذلك منه أن يأخذ منه العقل. وإذا عدا الرجل على الرجل فقتله ثم أقام عليه البينة أنه قتل ابنه وهو ولي ابنه لا وارث له غيره أو قطع يده اليمنى فأقام عليه البينة أنه قطع يده اليمنى فلا عقل ولا قود عليه ويعزز بأخذه حقه لنفسه.