→ باب النفي والاعتراف في الزنا | كتاب الأم – كتاب الحدود وصفة النفي ما جاء في حد الرجل أمته إذا زنت الشافعي |
باب ما جاء في الضرير من خلقته لا من مرض يصيب الحد ← |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما: (أن رسول الله ﷺ سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير) قال ابن شهاب لا أدري أبعد الثالثة أم الرابعة.
[قال الشافعي]: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن الحسن بن محمد بن علي أن فاطمة بنت رسول الله ﷺ حدت جارية لها زنت.
[قال الشافعي]: رحمه الله: وكان الأنصار ومن بعدهم يحدون إماءهم وابن مسعود يأمر به وأبو برزة حد وليدته، فإن قال قائل: لا يحد الرجل أمته وإنما ذلك إلى الإمام واعتلوا فيه بأن قالوا إن كان صاحب الأمة لا يعقل الحد؟ قلنا: إنما يقيم الحد من يعقله. وقلنا لبعض من يقول هذا القول: قال الله تبارك وتعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}.
[قال الشافعي]: فقد أباح الله عز وجل أن يضرب الرجل امرأته وهي حرة غير ملك يمين قال: ليس هذا بحد قلت: فإذا أباحه الله عز وجل فيما ليس بحد فهو في الحد الذي بعدد أولى أن يباح؛ لأن العدد لا يتعدى والعقوبة لا حد لها فكيف أجزته في شيء وأبطلته في غيره قال: روينا عن ابن عباس ما يشبه قولنا قلت أو في أحد مع رسول الله ﷺ حجة؟ قال: لا قلنا: فلم تحتج به وليس عن ابن عباس بمعروف؟ فقال لي بعض من يقول لا يحد الرجل أمته إذا زنت إذا تركت الناس يحدون إماءهم أليس في الناس الجاهل أفيولى الجاهل حدا؟
[قال الشافعي]: قلت له: لما أمر رسول الله ﷺ من زنت أمته أن يحدها كان ذلك لكل من كانت له أمة والحد موقت معروف قال فلعله أمر بهذا أهل العلم قلت ما يجهل ضرب خمسين أحد يعقل ونحن نسألك عن مثل هذا قال وما هو؟ قلت أرأيت رجلا خاف نشوز امرأته أو رأى منها بعض ما يكره في نفسه أله ضربها؟ قال: نعم قلت له ولم؟ قال رخص الله عز وجل في ضرب النساء وأذن رسول الله ﷺ أن يؤدب الرجل أهله قلنا: فإن اعتل عليك رجل في ضرب المرأة في النشوز والأدب بمثل علتك في الحد وأكثر وقال: الحد مؤقت والأدب غير مؤقت. فإن أذنت لغير العالم في الضرب خفت مجاوزته العدد قال: يقال له أدب ولا تجاوز العدد قلنا: فقال وما العدد؟ قال ما يعرف الناس قلت: وما يعرفون؟ قال الضرب غير المبرح ودون الحد قلنا قد يكون دون الحد ضربة وتسعة وثلاثين وتسعة وسبعين فأي هذا يضربها؟ قال ما يعرف الناس قلنا فإن قيل لك لعله لم يؤذن إلا للعالم قال حق العالم والجاهل على أهلهما واحد قلنا: فلم عبت علينا بأمر النبي ﷺ من زنت أمته أن يحدها. ثم زعمت أن ليس للعالم أن يحد أمته؟ فإن اعتللت بجهالة الجاهل فأجز للعالم أن يحدها وأنت لا تجيزه، وإنما أدخلت شبهة بالجاهل وأحد يعقل لا يجهل خمسين ضربة غير مبرحة ثم صرت إلى أن أجزت للجاهلين أن يضربوا نساءهم بغير أن توقت ضربا. فإن اتبعت في ذلك الخبر عن رسول الله ﷺ ولم تجز لأحد أن يتأول عليك؛ لأنه جملة فهو عام للعالم ولغيره قال: نعم قلنا فلم لم تتبع الخبر الذي هو أصح منه عن رسول الله ﷺ في أن يحد الرجل أمته فأثبت أضعف الخبرين وجعلت العالم والجاهل فيهما سواء بالخبر ثم منعت العالم والجاهل أن يحد أمته؟ ما ينبغي أن يبين خطأ قول بأكثر من هذا؟
[قال الشافعي]: ما إلى العلة بالجهالة ذهب من رد هذا ولو كانت العلة بالجهالة ممن يحد إذا لاجازه للعالم دون الجاهل فهو لا يجيزه لعالم ولا لجاهل وقد رد أقوى الخبرين وأخذ بأضعفهما وكلا الحديثين نأخذ به نحن ونسأل الله سبحانه التوفيق.