باب الدفن |
أخبرنا الربيع قال [قال الشافعي]: وإن مات ميت بمكة أو المدينة أحببت أن يدفن في مقابرهما، وكذلك إن مات ببلد قد ذكر في مقبرته خبر أحببت أن يدفن في مقابرها فإن كانت ببلد لم يذكر ذلك فيها فأحب أن يدفن في المقابر لحرمة المقابر، والدواعي لها وأنه مع الجماعة أشبه من أن لا يتغوط، ولا يبال على قبره، ولا ينبش، وحيثما دفن الميت فحسن إن شاء الله تعالى، وأحب أن يعمق للميت قدر بسطة، وما أعمق له، وووري أجزأ وإنما أحببت ذلك أن لا تناله السباع، ولا يقرب على أحد إن أراد نبشه، ولا يظهر له ريح ويدفن في موضع الضرورة من الضيق والعجلة الميتان، والثلاثة في القبر إذا كانوا، ويكون الذي للقبلة منهم أفضلهم، وأسنهم، ولا أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال، وإن كانت ضرورة، ولا سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها، وهي خلفه، ويجعل بين الرجل والمرأة في القبر حاجز من تراب، وأحب إحكام القبر ولا وقت فيمن يدخل القبر فإن كانوا وترا أحب إلي، وإن كانوا ممن يضبطون الميت بلا مشقة أحب إلي، وسل الميت من قبل رأسه وذلك أن يوضع رأس سريره عند رجل القبر ثم يسل سلا، ويستر القبر بثوب نظيف حتى يسوى على الميت لحده، وستر المرأة إذا دخلت قبرها أوكد من ستر الرجل، وتسل المرأة كما يسل الرجل، وإن ولي إخراجها من نعشها، وحل عقد من الثياب إن كان عليها، وتعاهدها النساء فحسن، وإن وليها الرجل فلا بأس فإن كان فيهم ذو محرم كان أحب إلي، وإن لم يكن فيهم ذو محرم فذو قرابة وولاء، وإن لم يكن فالمسلمون ولاتها، وهذا موضع ضرورة، ودونها الثياب، وقد صارت ميتة، وانقطع عنها حكم الحياة.
قال: وتوضع الموتى في قبورهم على جنوبهم اليمنى، وترفع رءوسهم بحجر أو لبنة، ويسندون لئلا ينكبوا، ولا يستلقوا، وإن كان بأرض شديدة لحد لهم، ثم نصب على لحودهم اللبن نصبا ثم يتبع فروج اللبن بكسار اللبن، والطين حتى يحكم ثم أهيل التراب عليها، وإن كانوا ببلد رقيقة شق لهم شق ثم بنيت لحودهم بحجارة أو لبن ثم سقفت لحودهم عليهم بالحجارة أو الخشب لأن اللبن لا يضبطها فإن سقفت تتبعت فروجها حتى تنظم.
قال: ورأيتهم عندنا يضعون على السقف الإذخر ثم يضعون عليه التراب مثريا ثم يهيلون التراب بعد ذلك إهالة.
[قال الشافعي]: هذا الوجه الأثر الذي يجب أن يعمل به، ولا يترك، وكيفما ووري الميت أجزأ إن شاء الله تعالى ويحثو من على شفير القبر بيديه معا التراب ثلاث حثيات أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهما (أن النبي ﷺ حثى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا).
[قال الشافعي]: وأحب تعجيل دفن الميت إذا بان موته فإذا أشكل أحببت الأناة حتى يتبين موته، وإن كان الميت غريقا أحببت التأني به بقدر ما يولى من حفره، وإن كان مصعوقا أحببت أن يستأنى به حتى يخاف تغيره، وإن بلغ ذلك يومين أو ثلاثة لأنه بلغني أن الرجل يصعق فيذهب عقله ثم يفيق بعد اليومين، وما أشبه ذلك وكذلك لو كان فزعا من حرب أو سبع أو فزعا غير ذلك أو كان مترديا من جبل، وإذا مات الميت فلا تخفى علامات الموت به إن شاء الله تعالى فإن خفيت على البعض لم تخف على الكل وإذا كانت الطواعين أو موت الفجأة، واستبان الموت فلم يضبطه أهل البيت إلا أن يقدموا بعض الموتى فقدموا الوالدين من الرجال والنساء ثم قدموا بعد من رأوا، فإن كان امرأتان لرجل أقرع بينهما أيتهما تقدم وإذا خيف التغيير على بعض الموتى قدم من كان يخاف عليه التغيير لا من لا يخاف التغيير. عليه، ويقدم الكبار على الصغار إذا لم يخف التغيير على من تخلف، وإذا كان الضرورة دفن الاثنان، والثلاثة في قبر، وقدم إلى القبلة أفضلهم، وأقرؤهم ثم جعل بينه وبين الذي بينه وبين الذي يليه حاجز من تراب فإن كانوا رجالا ونساء وصبيانا جعل الرجل الذي يلي القبلة ثم الصبي ثم المرأة وراءه وأحب إلي لو لم تدفن المرأة مع الرجال، وإنما رخصت في أن يدفن الرجلان في قبر بالسنة، لم أسمع أحدا من أهل العلم إلا يتحدث (أن النبي ﷺ أمر بقتلى أحد اثنان في قبر واحد، وقد قيل ثلاثة).