→ باب الصلاة على الجنازة والتكبير فيها، وما يفعل بعد كل تكبيرة، وليس في التراجم | كتاب الأم - كتاب الجنائز المؤلف: الشافعي |
باب العمل في الجنائز ← |
باب الخلاف في إدخال الميت القبر |
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وسل الميت سلا من قبل رأسه وقال بعض الناس: يدخل معترضا من قبل القبلة، وروى حماد عن إبراهيم (أن النبي ﷺ أدخل من قبل القبلة معترضا) أخبرني الثقات من أصحابنا أن قبر النبي ﷺ على يمين الداخل من البيت لاصق بالجدار، والجدار الذي للحد لجنبه قبلة البيت، وأن لحده تحت الجدار فكيف يدخل معترضا، واللحد لاصق بالجدار لا يقف عليه شيء، ولا يمكن إلا أن يسل سلا أو يدخل من خلاف القبلة؟، وأمور الموتى، وإدخالهم من الأمور المشهورة عندنا لكثرة الموت، وحضور الأئمة، وأهل الثقة، وهو من الأمور العامة التي يستغنى فيها عن الحديث، ويكون الحديث فيها كالتكليف بعموم معرفة الناس لها، ورسول الله ﷺ، والمهاجرون، والأنصار بين أظهرنا ينقل العامة عن العامة لا يختلفون في ذلك أن الميت يسل سلا، ثم جاءنا آت من غير بلدنا يعلمنا كيف ندخل الميت ثم لم يعلم حتى روى عن حماد عن إبراهيم (أن النبي ﷺ أدخل معترضا)، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج عن عمران بن موسى (أن رسول الله ﷺ سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك)، أخبرنا الثقة عن عمرو بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: (سل رسول الله ﷺ من قبل رأسه)، وأخبرنا عن أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة، وابن الضر لا اختلاف بينهم في ذلك (أن رسول الله ﷺ سل من قبل رأسه وأبو بكر وعمر).
[قال الشافعي]: ويسطح القبر، وكذلك بلغنا عن النبي ﷺ (أنه سطح قبر إبراهيم ابنه، ووضع عليه حصى من حصى الروضة)، وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه (أن النبي ﷺ رش على قبر إبراهيم ابنه، ووضع عليه حصباء)، والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح، وقال بعض الناس: يسنم القبر، ومقبرة المهاجرين، والأنصار عندنا مسطح قبورها، ويشخص من الأرض نحو من شبر، ويجعل عليها البطحاء مرة ومرة تطين، ولا أحسب هذا من الأمور التي ينبغي أن ينقل فيها أحد علينا، وقد بلغني عن القاسم بن محمد قال: رأيت قبر النبي ﷺ، وأبي بكر، وعمر مسطحة.
[قال]: ويغسل الرجل امرأته إذا ماتت، والمرأة زوجها إذا مات، وقال بعض الناس: تغسل المرأة زوجها، ولا يغسلها، فقيل له: لم فرقت بينهما؟ قال: أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء، فقلت: وأوصت فاطمة أن يغسلها علي رضي الله عنهما، قال: وإنما قلت: أن تغسله هي لأنها في عدة منه، قلنا: إن كانت الحجة الأثر عن أبي بكر فلو لم يرو عن طلحة رضي الله عنه ولا ابن عباس، ولا غيرهما في ذلك شيء كانت الحجة عليك بأن قد علمنا أنه لا يحل لها منه إلا ما حل له منها، قال: ألا ترى أن له أن ينكح إذا ماتت أربع نسوة سواها وينكح أختها؟ فقيل له: العدة والنكاح ليسا من الغسل في شيء، أرأيت قولك: ينكح أختها أو أربعا سواها أنها فارقت حكم الحياة، وصارت كأنها ليست زوجة أو لم تكن زوجة قط قيل: نعم، قيل: فهو إذا مات زوج أو كأنه لم يكن زوجا قال: بل ليس بزوج قد انقطع حكم الحياة عنه كما انقطع عنها غير أن عليها منه عدة قلنا: العدة جعلت عليها بسبب ليس هذا، ألا ترى أنها تعتد ولا يعتد، وأنها تتوفى فينكح أربعا؟ ويتوفى فلا تنكح دخل بها أو لم يدخل بها حتى تعتد أربعة أشهر وعشرا شيء جعله الله تعالى عليها دونه، وإن كل واحد من الزوجين، فيما يحل له ويحرم عليه من صاحب، سواء. أرأيت لو طلقها ثلاثا أليست عليها منه عدة؟ قال: بلى [قلت]: فكذلك لو بانت بإيلاء أو لعان؟ قال: بلى، قيل: فإن بانت منه ثم مات، وهي في عدة الطلاق أتغسله؟ قال: لا. [قلت]: ولم قد زعمت أن غسلها إياه دون غسله إياها إنما هو بالعدة، وهذه تعتد؟
قال: ليست له بامرأة [قلت]: فما ينفعك حجتك بالعدة كالعبث. كان ينبغي أن تقول: تغسله إذ زعمت أن العدة تحل لها منه ما يحرم عليها فلا يحرم عليها غسله، قيل: أفيحل لها في العدة منه، وهما حيان أن تنظر إلى فرجه وتمسكه كما كان يحل لها قبل الطلاق؟ قال: لا، قيل: وهي منه في عدة.
قال: ولا تحل العدة ههنا شيئا، ولا تحرمه إنما تحله عقدة النكاح فإذا زال بأن لا يكون له عليها فيه رجعة فهي منه فيما يحل له ويحرم كما تعد النساء. قيل: وكذلك هو منها؟ قال: نعم، قيل: فلو قال: هذا غيركم ضعفتموه؛ وهي لا تعدو، وهو لا يعدو إذا ماتت أن يكون عقد النكاح زائلا بلا زوال للطلاق فلا يحل له غسلها، ولا لها غسله أو يكون ثابتا فيحل لكل واحد منهما من صاحبه ما يحل للآخر أو نكون مقلدين لسلفنا في هذا، فقد أمر أبو بكر وسط المهاجرين والأنصار أن تغسله أسماء، وهو فيما يحل له ويحرم عليه أعلم وأتقى لله، وذلك دليل على أنه كان إذا رأى لها أن تغسله إذا مات كان له أن يغسلها إذا ماتت لأن العقد الذي حلت له به هو العقد الذي به حل لها، ألا ترى أن الفرج كان حراما قبل العقد فلما انعقد حل حتى تنفسخ العقدة فلكل واحد من الزوجين فيما يحل لكل واحد منهما من صاحبه ما للآخر لا يكون للواحد منهما في العقد شيء ليس لصاحبه، ولا إذا انفسخت لم يكن له عليها الرجعة في شيء لا يحل لصاحبه، ولا إذا مات شيء لا يحل لصاحبه فهما في هذه الحالات سواء، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت: (لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله ﷺ إلا نساؤه) " أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عمارة عن أم محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله أوصتها أن تغسلها إذا كانت هي، وعلي فغسلتها هي، وعلي رضي الله عنهما.