الرئيسيةبحث

رياض الصالحين/الصفحة 154


باب جواز البكاء علي الميت بغير ندب ولا نياحة

أما النياحة فحرام، وسيأتي فيها باب كتاب النهي إن شاء اللَّه تعالى.

وأما البكاء فجاءت أحاديث بالنهي عنه، وأن الميت يعذب ببكاء أهله.

وهي متأولة محمولة على من أوصى به، والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب أو نياحة.

والدليل على جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة أحاديث كثيرة. منها:

925- عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد اللَّه بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُم فبكى رَسُول اللَّهِ ﷺ، فلما رأى القوم بكاء رَسُول اللَّهِ ﷺ بكوا. فقال: (ألا تسمعون إن اللَّه لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم) وأشار إلى لسانه. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

926- وعن أسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن رَسُول اللَّهِ ﷺ رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت ففاضت عينا رَسُول اللَّهِ ﷺ، فقال له سعد: ما هذا يا رَسُول اللَّه قال: (هذه رحمة جعلها اللَّه تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

927- وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ دخل على ابنه إبراهيم رَضِيَّ اللَّه عَنهُ وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رَسُول اللَّهِ ﷺ تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رَسُول اللَّه فقال: (يا ابن عوف إنها رحمة) ثم أتبعها بأخرى فقال: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون) رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وروى مسلم بعضه.

والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة، والله أعلم.