الرئيسيةبحث

رسالة السجزي إلى أهل زبيد/الفصل الخامس


الفصل الخامس: بيان أن فرق اللفظية والأشعرية موافقون للمعتزلة في كثير من مسائل الأصول وزائدون عليهم في القبح وفساد القول في بعضها

وأما موافقتهم للمعتزلة فإن المعتزلة قالت: لا تجوز رؤية الله تعالى بالأبصار وأنه ليس بمرئي.

وقال الأشعري: هو مرئي ولا يرى بالأبصار عن مقابلة. فأظهر خلافهم وهو موافق لهم.

وقالت المعتزلة: لا يجوز أن توصف ذات الله بالكلام ولا كلام إلا ما هو حرف وصوت.

وقال الأشعري: [ يجب وصف ذاته سبحانه بالكلام وليس ذلك بحرف ولا صوت ] فنفى ما نفته المعتزلة وأثبت مالا يعقل، فهو مظهر خلافهم موافق لهم في الأصل.

وأنكرت حديث المعراج.

وقال الأشعري: إنه ثابت ثم قال [ الله لا يجوز أن يوصف أنه فوق ] فكذب بما في حديث المعراج، فصار موافقا لهم مع ( إظهاره ) الخلاف.

وقالت المعتزلة: السور والآي مخلوقة، وهي قرآن معجز.

وقال الأشعري: [ القرآن كلام الله سبحانه والسور والآي ليست بكلام الله سبحانه وإنما هي عبارة عنه، وهي مخلوقة ]

فوافقهم في القول بخلقها، وزاد عليهم بأنها ليست قرآن ولا كلام الله سبحانه فإن زعموا أنهم يقرون بأنها قرآن: قيل لهم: إنما يقرون بذلك على وجه المجاز، فإن من مذهبهم أن القرآن غير مخلوق، وأن الحروف مخلوقة، والسور حروف بالاتفاق، من أنكر ذلك لم يخاطب.

وإذا كانت حروفا مخلوقة لم يجز أن يكون قرأنا غير مخلوق.

وقالت المعتزلة: الزنا والسرقة، وأخذ أموال الناس بغير حق، وما شاكل ذلك حرام وهو قبيح في العقل قبل التحريم.

وقال الأشعري: العقل لا يقتضي حسن شيء ولا قبحه، وإنما عرف القبيح والحسن بالسمع ولولا السمع ما عرف قبح شيء ولا حسنه.

ثم زعم أن معرفة الله سبحانه واجبة في العقل قبل ورود السمع، وأن تارك النظر فيها مع التمكن منه مستحق للعقوبة والنص إنما دل على ترك عقوبته لا على أنه مستحق لها

فإن قال: إن معرفة الله وجبت ولم يعلم حسنها واستحق تارك النظر فيها اللوم كان متلاعبا.

وإن قال: إنها حسنة فقد أقر بأن العقل يقتضي معرفة الحسن والقبيح وإنما ضاق به النفس لما قالت له المعتزلة: الظلم قبيح في العقل، وإذا أراد ( الله ) شيئا ثم عذب عليه كان ظلما. فركب الطريقة الشنعاء في أن لا حسن في العقل ولا قبح.

وكان الأمر ( أيسر ) في رد ما قالوه من هذا، لأن موضوع اسم الظلم لوضع الشيء في غير موضعه، وأخذ ما ليس للآخذ أخذه والله خالق الأشياء ومالكها، ومدبرها وليس لأحد أن يعترض عليه فيما يصنع فيها، ولا يضع الشيء إلا فيما يجعله موضعا له، ولا يأخذ شيئا إلا وهو أولى به، ولا يتصور معنى الظلم في أفعاله، وقد قال الله سبحانه { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون }. ولقد حكى محمد بن عبد الله المغربي المالكي وكان فقيها صالحا عن الشيخ أبي سعيد البرقي وهو من شيوخ المالكيين ببرقة عن أستاذه خلف المعلم وكان من فقهاء المالكيين أيضا أنه قال أقام الأشعري أربعين سنة على الاعتزال ثم أظهر التوبة، فرجع عن الفروع وثبت على الأصول. وهذا كلام خبير بمذهب الأشعري وغوره. ففي هذا القدر كفاية، ولعل غير هذه الرسالة يأتي على شرح موافقته لهم فيقفوا عليه إن شاء الله تعالى.

رسالة السجزي إلى أهل زبيد لأبي نصر السجزي
المقدمة | الفصل الأول في إقامة البرهان على أن الحجة القاطعة في التي يرد بها السمع لا غير وأن العقل آلة للتمييز فحسب | الفصل الثاني في (بيان ما هي السنة وبم يصير المرء من أهلها) | الفصل الثالث في التدليل على أن مقالة الكلابية وأضرابهم مؤدية إلى نفي القرآن أصلا وإلى التكذيب بالنصوص الواردة فيه والرد لصحيح الأخبار ورفع أحكام الشريعة | الفصل الرابع في بيان أن شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل وأنهم مرتكبون إلى ما قد نهوا عنه | الفصل الخامس بيان أن فرق اللفظية والأشعرية موافقون للمعتزلة في كثير من مسائل الأصول وزائدون عليهم في القبح وفساد القول في بعضها | الفصل السادس في إيراد الحجة على أن الكلام لن يعرى عن حرف وصوت البتة وأن ما عري عنهما لم يكن كلاما في الحقيقة وإن سمي في وقت بذلك تجوزا واتساعا وتحقيق جواز وجود الحرف والصوت من غير آلة وأداة وهواء منخرق وبيان قول السلف وإفصاحهم بذكر الحرف والصوت أو ما دل عليهما | الفصل السابع بيان أن فرق اللفظية والأشعرية موافقون للمعتزلة في كثير من مسائل الأصول وزائدون عليهم في القبح وفساد القول في بعضها | الفصل الثامن في بيان أن الذي يزعمون بشاعته من قولنا في الصفات ليس على ما زعموه، ومع ذلك فلازم لهم في إثبات الذات مثل ما يلزمون أصحابنا في الصفات | الفصل التاسع في ذكر شيء من أقوالهم ليقف العامة عليها فينفروا عنهم ولا يقعوا في شباكهم | الفصل العاشر في بيان أن شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل وأنهم مرتكبون إلى ما قد نهوا عنه | الفصل الحادي عشر في بيان أن شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل وأنهم مرتكبون إلى ما قد نهوا عنه