الفصل الثاني: في (بيان ما هي السنة وبم يصير المرء من أهلها)
اعلموا رحمكم الله أن السنة في لسان العرب هي الطريقة، فقولنا سنة رسول الله ﷺ يعني طريقته وما دعا إلى التمسك به ولا خلاف بين العقلاء في أن سنة الرسول عليه السلام لا تعلم بالعقل وإنما تعلم بالنقل.
فأهل السنة: هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله عن الرسول ﷺ أو عن أصحابه رضي الله عنهم فيما لم ثبت فيه نص في الكتاب ولا عن الرسول ﷺ لأنهم رضي الله عنهم أئمة وقد أمرنا باقتداء أثارهم واتباع سنتهم وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى إقامة برهان والأخذ بالسنة واعتقادها مما لا مرية فيه وجوبه.
قال الله تعالى { قال إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } وقال { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } وقال رسول الله ﷺ ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ( من خالف سنة كفر )
وإذا كان الأمر كذلك فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله فإن أتى بذلك علم صدقه وقبل قوله وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف علم أنه محدث زائغ وأنه لا يستحل أن يصغا إليه أو يناظر في قوله وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر ونفورهم عنهم بين وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون قال الأشعري وقال ابن كلاب وقال القلانسي وقال الجبائي فأقل ما يلزم المرء في بابهم أنه يعرض ما قالوا على ما جاء عن النبي ﷺ فإن وجده موافقا له ومستخرجا منه قبله، وإن وجده مخالفا له رمى به.
ولا خلاف أيضا في أن الأمة ممنوعون من الإحداث في الدين ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول ﷺ لا يسمى محدثا بل يسمى سنيا متبعا وأن من قال في نفسه قولا وزعم أنه مقتضى عقله وأن الحديث المخالف له لا ينبغي أن يلتفت إليه لكونه من أخبار الآحاد وهي لا توجب علما وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثا مبتدعا مخالفا، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهله ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم وأن المبتدعة خصومنا دوننا
وبالله التوفيق.
رسالة السجزي إلى أهل زبيد لأبي نصر السجزي | |
---|---|
المقدمة | الفصل الأول في إقامة البرهان على أن الحجة القاطعة في التي يرد بها السمع لا غير وأن العقل آلة للتمييز فحسب | الفصل الثاني في (بيان ما هي السنة وبم يصير المرء من أهلها) | الفصل الثالث في التدليل على أن مقالة الكلابية وأضرابهم مؤدية إلى نفي القرآن أصلا وإلى التكذيب بالنصوص الواردة فيه والرد لصحيح الأخبار ورفع أحكام الشريعة | الفصل الرابع في بيان أن شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل وأنهم مرتكبون إلى ما قد نهوا عنه | الفصل الخامس بيان أن فرق اللفظية والأشعرية موافقون للمعتزلة في كثير من مسائل الأصول وزائدون عليهم في القبح وفساد القول في بعضها | الفصل السادس في إيراد الحجة على أن الكلام لن يعرى عن حرف وصوت البتة وأن ما عري عنهما لم يكن كلاما في الحقيقة وإن سمي في وقت بذلك تجوزا واتساعا وتحقيق جواز وجود الحرف والصوت من غير آلة وأداة وهواء منخرق وبيان قول السلف وإفصاحهم بذكر الحرف والصوت أو ما دل عليهما | الفصل السابع بيان أن فرق اللفظية والأشعرية موافقون للمعتزلة في كثير من مسائل الأصول وزائدون عليهم في القبح وفساد القول في بعضها | الفصل الثامن في بيان أن الذي يزعمون بشاعته من قولنا في الصفات ليس على ما زعموه، ومع ذلك فلازم لهم في إثبات الذات مثل ما يلزمون أصحابنا في الصفات | الفصل التاسع في ذكر شيء من أقوالهم ليقف العامة عليها فينفروا عنهم ولا يقعوا في شباكهم | الفصل العاشر في بيان أن شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل وأنهم مرتكبون إلى ما قد نهوا عنه | الفصل الحادي عشر في بيان أن شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل وأنهم مرتكبون إلى ما قد نهوا عنه |