الرئيسيةبحث

الفقيه والمتفقه/الجزءالثاني عشر


كتاب الفقيه والمتفقه الجزء الثاني عشر

باب آداب المستفتي

أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي ليسأله عن حكم نازلته ، فإن لم يكن في محلته وجب عليه أن يمضي إلى الموضع الذي يجده فيه ، فإن لم يكن ببلده لزمه الرحيل إليه ، وإن بعدت داره ، فقد رحل غير واحد من السلف في مسألة .

أخبرنا أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن عبد الله البراني بأصبهان ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الحسن بن بندار المديني ، نا أسيد بن عاصم ، نا الحسين بن حفص ، نا سفيان عن عطاء بن السائب ، قال : حدثني أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : جاء رجل منا إلى أبي الدرداء أمرته أمه في امرأته أن يفارقها فرحل إلى أبي الدرداء يسأله في ذلك ، فقال له أبو الدرداء : ما أنا بالذي آمرك أن تطلق ، وما أنا بالذي آمرك أن تمسك ، سمعت رسول الله يقول : ﷺ : « الوالد أوسط أبواب الجنة » ، فأضع ذلك الباب أو أحفظه .

قال فرجع الرجل وقد فارقها .

أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : قرأنا على أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرك يحيى بن محمد الحنائي ، نا عبيد الله بن معاذ ، نا أبي : نا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير ، حدثنا قال : اختلف أهل الكوفة في هذه الآية : ( { ومن يقتل مؤمناً متعمداً } ) [1] فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها ، فقال : لقد أنزلت آخر ما أنزل ثم ما نسخها شيء .

وإذا قصد أهل محلة للاستفتاء عما نزل به فعليه أن يسأل من يثق بدينه ويسكن إلى أمانته عن أعلمهم وأمثلهم ليقصده ويؤم نحوه ، فليس كل من ادعى العلم أحرزه ، ولا كل من انتسب إليه كان من أهله .

وقد أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ، قال : أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ، قال : نا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : نا عبد العزيز الأويسي قال : نا مالك انه بلغه ، أن عمر بن عبد العزيز قال لرجل : من سيد قومك ؟ قال انا ، قال له عمر : لو كنت سيدهم ما قلت .

وكان عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يقول فيما أخبرنا أبو محمد صالح بن محمد بن الحسن المؤدب ، قال : نا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي ، قال : سمعت أبا قلابة الرقاشي يقول : سمعت أبا عاصم كثيراً يقول سمعت ابن جريج يقول كثيراً :

خلت الديار فسدت غير مسود ......... ومن الشقاء تفردي بالسؤدد

أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الحربي ، أخبرنا علي بن محمد بن الزبير الكوفي ، نا الحسن بن علي بن عفان العامري ، نا زيد بن الحباب عن محمد بن طلحة بن مصرف ، قال : حدثني ميمون أبو حمزة ، قال : قال لي إبراهيم النخعي : تكلمت ولو وجدت بداً لم أتكلم ، وإن زماناً أكون فيه فقيهاً لزمان سوء .

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق بالله الهاشمي قال : حدثني جدي ، نا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي ، نا نصر بن علي ، قال : حدثني عبد الواحد عن محمد بن سيرين ، قال : إن هذا العلم دين فلينظر أحدكم عمن يأخذه .

أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم التميمي بدمشق ، أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف بن القاسم الميانجي ، نا أبو خليفة الفضل بن الحباب ، قال : نا سليمان بن حرب عن حماد عن ابن عون ، قال : ان هذا العلم دين فانظر عمن تأخذ دينك .

أخبرنا أحمد بن عمر بن روح النهرواني بها ، أخبرنا أبو محمد طلحة بن أحمد بن الحسن الصوفي ، نا محمد بن أحمد بن أبي مهزول ، قال : سمعت أحمد بن عبد الله ، يقول : سمعت يزيد بن هارون يقول : ان العالم حجتك بينك وبين الله تعالى فانظر من تجعل حجتك بين يدي الله عز وجل .

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا محمد بن الحسن بن مقسم المقري ، نا جعفر بن محمد ابن الحسن الخراساني ، نا أحمد بن إبراهيم ، نا عبد الملك بن قريب الأصمعي ، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال : أدركت بالمدينة مائة أو قريباً من مائة ، كلهم مأمون ما يؤخذ عن رجل منهم حرف من الفقه ، يقال انه ليس من أهله .

فإن استرشد جماعة فعليهم أن ينبهوه على أفضل المفتين وأعلمهم بأحكام الدين .

أخبرنا أبو الفرج عبد السلام بن عبد الوهاب القرشي الأصبهاني ، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، قال : نا أحمد بن المعلى ، قال : نا أحمد بن أبي الحواري ، قال : نا مروان بن محمد الطاطري ، نا يحيى بن حمزة عن موسى بن يسار ، قال : كان رجاء بن حيوة وعدي بن عدي ومكحول في المسجد ، فسأل رجل مكحولاً عن مسألة فقال مكحول : سلوا شيخنا وسيدنا رجاء بن حيوة .

وان ذكر له اثنان أو أكثر بدأ بالاسن والأكثر منهم رياضة ودربة فينبله في الخطاب ويبجله في الألفاظ ولا تكون مخاطبته له كمخاطبته أهل السوق وأفناء العوام فقد قال الله تعالى : ( { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً } ) [2] وهذا أصل في أن يميز ذو المنزلة بمنزلة ويفرق بينه وبين من لم يلحق بطبقته .

وجاء رسول الله في اكرام ذي السن ، ما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل البزاز بالبصرة ، نا أبو علي الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو خالد يزيد بن بيان العقيلي ، نا أبو الرجال الأنصاري عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله : ﷺ : « ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه » .

أخبرنا القاضي أبو بكر الحيري ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني ، نا محمد بن يحيى هو اذهلي حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه ، قال : من السنة أن يوقر أربعة : العالم ، وذو الشيبة ، والسلطان ، والوالد .

ولا يسأله قائماً .

فقد أخبرنا البرقاني ، قال : قرأت على أبي القاسم بن النخاس ، حدثكم محمد بن إسماعيل البصلاني ، نا بندار ، نا سلم بن قتيبة ، نا شعبة عن قتادة ، قال : سألت أبا الطفيل عن مسألة ، فقال : ان لكل مقام مقالا .

وان رآه في هم قد عرض له أو أمر يحول بينه وبين لبه ويصده عن استيفاء فكره أمسك عنه حتى إذا زال ذلك العارض وعاد إلى المألوف من سكون القلب وطيب النفس فحينئذ يسأله وقد نبه رسول الله على ذلك .

فيما أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ، نا يونس بن حبيب ، نا أبو داود ، نا شعبة أخبرني عبد الملك بن عمير ، قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة ، ان أباه كتب إليه وهو على سجستان : أن لا تقض بين رجلين وأنت غضبان ، فإني سمعت رسول الله يقول : ﷺ : « لا يقض رجل بين رجلين أو بين خصمين وهو غضبان » .

ومن أدب المستفتي أن لا يقول عند جواب المفتي : هكذا قلت أنا ، أو هكذا وقع لي ، وبهذا أجبت . ولا ينبغي له إذا سأل المفتي أن يقول له : ما يقول صاحبك ؟ أو ما تحفظ في كذا ؟ بل يقول : ما تقول أيها الفقيه ؟ أو ما عندك ؟ أو ما الفتوى في كذا ؟ .

أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد العتيقي والقاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي ، قالا : أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعي ، نا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : أخبرني أبو عثمان الخوارزمي نزيل مكة فيما كتب إلي ، قال : نا أبو أيوب حميد بن أحمد البصري ، قال : قال أحمد بن حنبل : قلت للشافعي : ما تقول في مسألة كذا وكذا ؟ قال : فأجاب فيها فقلت من أين قلت ؟ هل فيه حديث أو كتاب ؟ قال : بلى ، فنزع في ذلك حديثاً للنبي وهو حديث النص .

وليس ينبغي للعامي أن يطالب المفتي بالحجة فيما أجابه به ، ولا يقول لم ولا كيف . قال الله سبحانه وتعالى : ( { فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون } ) [3] وفرق تبارك وتعالى بين العامة وبين أهل العلم فقال ( { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } ) [4] فإن أحب أن تسكن نفسه بسماع الحجة في ذلك سأل عنها في زمان آخر ومجلس ثان أو بعد قبول الفتوى من المفتي مجردة .

وإذا رفع السائل مسألته في رقعة فينبغي أن تكون الرقعة واسعة ليتمكن المفتي من شرح الجواب فيها ، فربما اختصر ذلك لضيق البياض فأضر بالسائل ، فإن أراد الاقتصار على جواب المسؤول وحده قال له في الرقعة : ما تقول رضي الله عنك أو رحمك الله أو وفقك الله ؟ ولا يحسن في هذا : ما تقول رحمنا الله وإياك ؟ بل لو قال : ما تقول رحمك الله ورحم والديك ، كان أحسن . وان أراد مسألة جماعة من الفقهاء قال : ما تقولون رضي الله عنكم ؟ أو ما يقول الفقهاء سددهم الله في كذا ؟ ولا أن يقول : أفتونا في كذا ولا ليفت الفقهاء في كذا . فإن قال ما الجواب ؟ أو ما الفتوى في كذا ؟ كان قريباً .

وحكي أن فتوى وردت من السلطان إلى أبي جعفر محمد بن جرير الطبري لم يكتب له الدعاء فيها ، فكتب الجواب في أسفلها : لا يجوز . أو كتب : يجوز . ولم يزد على ذلك فلما عادت الرقعة إلى السلطان ووقف عليها علم ان ذلك كان من أبي جعفر الطبري للتقصير في الخطاب الذي خوطب به فاعتذر إليه .

وأول ما يجب في ذلك أن يكون كاتب الاستفتاء ضابطاً ، يضع سؤاله على الغرض مع إبانة الخط ، ونقط ما أشكل ، وشكل ما اشتبه .

أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ، قال : أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني أن عبد الواحد بن محمد الخصيبي ، قال : حدثني أبو الحسين الخياط ، قال : كنت قاعداً عند أبي مجالد أحمد بن الحصين فجاءته امرأة برقعة فيها مسألة فقال لي اقرأ عليَّ يا أبا الحسين ، قال فأخذت الرقعة فإذا فيها : رجل قال لامرأته أنت طالق ان تم وقف عبدان ؟ فقرأت عليه ذلك ، فقال لها يا امرأة ما حال وقف عبدان ؟ فقالت له : لست أعرف وقف عبدان ، فقال لي أعد القراءة فقرأت عليه كما قرأت أولاً ، فقال لها يا امرأة تم وقف عبدان هذا أو لم يتم ؟ قالت : لا والله ما أعرف وقف عبدان ، وكان في المسجد جماعة فقال لهم : أنظروا في رقعة المرأة فنظروا فكل قال كما قلت ، ثم انتبه لما في الرقعة بعضهم فإذا فيها : رجل قال لامرأته : أنت طالق ان تم وقف عند آن .

وكان بعضهم يختار أن يدفع الرقعة المفتي منشورة ، لا يكلفه نشرها ويأخذها من يده إذا أفتى ولا يكلفه طيها . وإذا أراد المستفتي جمع جوابات عدة من المفتين في رقعة واحدة بدأ بسؤال الأسن والأعلم فقد قال رسول الله في قصة حويصة ومحيصة : ﷺ : « كبر كبر » وسقنا الخبر بذلك فيما تقدم . وأخبرنا علي بن أحمد بن إبراهيم البصري ، نا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ، نا يعقوب بن سفيان نا ابن عثمان يعني عبدان المروزي نا عبد الله وهو ابن المبارك نا أسامة بن زيد عن نافع ، أن ابن عمر قال : رأيت رسول الله يستن فأعطاه أكبر القوم ثم قال : ان جبريل أمرني أن أكبر . وإن أراد المستفتي أفراد الجوابات في رقاع فلا عليه أن يبدأ بأيهم شاء . ودفع غلام رقعة إلى بعض المفتين يستفتيه فقال له بعد ما تأملها : فأين أكتب الجواب ؟ فقال على ظهر الرقعة فقال : وما هذه المضايقة ؟ لكن خذ الجواب شفاها .

باب ما يفعله المفتي في فتواه

إذا لم يكن بالموضع الذي هو فيه مفت سواه لزمه فتوى من استفتاه لقول الله تبارك وتعالى : ( { ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينان والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } ) [5] .

( وأخبرنا ) أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا الحسن بن إسحاق العطار ، حدثنا محمد بن سعيد القرشي ، نا حماد ابن سلمة عن علي بن الحكم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله ﷺ : « من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار » .

أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي ، نا محمد بن يعقوب الأصم ، نا يحيى بن أبي طالب ، نا عبد الوهاب بن عطاء ، أخبرنا سعيد عن قتادة ، انه كان يقول في هذه الآية : ( { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون } ) [6] قال : هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن علم علماً فليعلمه ، وإياكم وكتمان العلم فإنها هلكة ، ولا يتكلفن الرجل ما لا يعلم فيخرج من دين الله ويكون من المتكلفين أخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد بن محمد الرزاز ، نا محمد بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني ، قال : سمعت أبا بكر محمد بن علي بن الجارود ، قال : نا محمد بن الفرج ، قال : سمعت يحيى بن آدم يقول : سمعت تفسير هذه الآية : ( { وأما السائل فلا تنهر } ) [7] قال : هو الرجل يسألك عن شيء من أمر دينه فلا تنهره وأجبه .

فأول ما يجب على المفتي أن يتأمل رقعة الاستفتاء تأملاً شافياً ، ويقرأ ما فيها كله ، كلمة بعد كلمة حتى ينتهي إلى آخره وتكون عنايته باستقصاء آخر الكلام أتم منها في أوله فإن السؤال يكون بيانه عند آخر الكلام وقد يتقيد جميع السؤال ويترتب كل الاستفتاء بكلمة في آخر الرقعة . فإذا قرأ المفتي رقعة الاستفتاء فمر بما يحتاج إلى النقط والشكل نقطه وشكله مصلحة لنفسه ونيابة عمن يفتي بعده ، وكذلك إذا رأى لحناً فاحشاً أو خطأ يحيل المعنى غير ذلك وأصلحه ، ورأيت القاضي أبا الطيب طاهر ابن عبد الله الطبري يفعل هذا في الرقاع التي ترفع إليه للاستفتاء . وإن كان بين الكلامين فاصل من بياض أو في آخر بعض سطور الحاشية بقية بياض خط على ذلك وشغله على نحو ما يفعله الشاهد إذا قرأ كتاب الشهادة فإنه ربما قصد بذلك تغليط المفتي وتخطئته بأن يكتب فيه بعد فتواه ما يفسدها .

وبلغني أن القاضي أبا حامد المروروذي بلي بمثل ذلك عن قصد بعض الناس فإنه كتب : ما تقول في رجل مات وخلف ابنة وأختاً لأم وابن عم فأفتى : للبنت النصف والباقي لابن العم . وهذا جواب صحيح فلما أخذ خطه بذلك الحق في موضع البياض ﷺ : « وأبا » فشنع على أبي حامد بذلك .

وان مر بشبه كلمة غريبة أو لفظة تحتمل عدة معان سأل عنها المستفتي .

فقد أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي البزاز ، أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري ، نا أحمد بن محمد الأسدي ، نا الرقاشي ، نا عبد الواحد بن عثمان ، نا عبد الواحد بن زياد عن الحجاج عن ابن عمر ، قال : قال عبد الله بن عباس : إذا سأل أحدكم فلينظر كيف يسأل ، فأنه ليس أحد إلاّ وهو أعلم بما سأل عنه من المسؤول .

( وأخبرنا ) الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ، نا الحسن بن علي ابن زياد ، نا أبو نعيم ضرار بن صرد ، نا عمران بن بزيع الملائي ، نا عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي ، انه قال : إذا سأل سائل فليعقل ، وإذا سئل المسؤول فلينتبه .

كتب إلي عبد الرحمن بن عثمان الدمشقي ( وحدثني ) عبد العزيز بن أبي طاهر عنه ، قال : أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي ، نا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو ، أخبرني الحارث بن مسكين عن ابن وهب ، قال : حدثني مالك أن إياس بن معاوية ، قال لربيعة : إن البناء إذا بني على غير أس لم يكد يعتدل . يريد بذلك المفتي الذي يتكلم على غير أصل يبني عليه كلامه .

أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي ، نا عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري ، نا محمد ابن أيوب بن المعافى ، قال : قال إبراهيم الحربي وسمعت رجلاً سأل أحمد عن يمين ، فقال له أحمد : كيف حلفت ؟ فقال الرجل : لست أدري كيف حلفت ، فقال أحمد حدثنا يحيى بن آدم ، قال : قال رجل لشريك : حلفت ولست أدري كيف حلفت ؟ فقال له شريك : ليت إذا دريت أنت كيف حلفت دريت أنا كيف أفتيك .

فإذا قرأ المفتي الرقعة أعاد قراءتها ثانياً ثم يفكر فيها تفكراً شافياً .

فقد أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، قال : أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي ، نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال : قال محمد بن الحسين ، حدثني وليد بن صالح ، قال حدثني عطاء الحلبي عن بعض مشيخته ، قال : كان رجال من ذوي الحكمة يقولون : إذا ترك الحكيم الفكرة قبل المنطق بطلت حكمته وإن كان مبيناً .

ثم يذكر المسألة لمن بحضرته ممن يصلح لذلك من أهل العلم ويشاورهم في الجواب ، ويسأل كل واحد منهم عما عنده ، فإن في ذلك بركة واقتداء بالسلف الصالح . وقد قال الله تبارك وتعالى : ( { وشاورهم في الأمر } ) [8] وشاور النبي في مواضع وأشياء وأمر بالمشاورة ، وكانت الصحابة تشاور في الفتاوي والأحكام .

أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، قال : أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا ابن عيينة عن الزهري ، قال : قال أبو هريرة : ما رأيت أحداً أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله قال الشافعي : قال الله سبحانه وتعالى : ( { وأمرهم شورى بينهم } ) [9] .

أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، أخبرنا عبد العزيز بن جعفر بن محمد الخرقي ، نا محمد بن محمد الباغندي ، قال : حدثني إبراهيم بن أبي الفياض المصري ، نا سليمان بن بزيع عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل به قرآن ولم نسمع منك فيه شيئاً ، ﷺ قال : « اجمعوا العابدين من المؤمنين واجعلوها شورى بينكم ولا تقضوا برأي واحد » .

أخبرنا أبو بكر الحيري ، نا محمد بن يعقوب الأصم ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه ، أن يحيى ابن حاطب حدثه قال : توفي حاطب فأعتق من صلى من رقيقه وصام ، وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه فلم يرعه إلا بحبلها وكانت ثيبا ، فذهب إلى عمر فحدثه ، فقال عمر : لأنت الرجل لا تأتي بخير فأفزعه ذلك فأرسل إليها عمر ، فقال أحبلت ؟ فقال : نعم من مرغوس بدرهمين فإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه ، قال : فصادف علياً وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ، فقال أشيروا علي قال وكان عثمان جالساً فاضطجع فقال علي وعبد الرحمن : قد وقع عليها الحد ، فقال : أشر علي يا عثمان ، فقال : قد أشار عليك أخواك ، فقال : أشر علي أنت فقال : أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه فجلدها عمر مائة وغربها عاماً .

أخبرنا أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أحمد بن عثمان الدمشقي ، أخبرنا جدي ، أخبرنا أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي ، نا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي ، نا مروان بن معاوية نا الأزهر بن راشد عن أبي عاصم التمار ، قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : كنت عند ابن عباس فسئل عن مسألة فالتفت إلي فيها فقال : ما تقول يا سعيد بن جبير ؟ فقلت : أنت ابن عباس وإنما جئت اقتبس منك ، فقال ابن عباس : إذا كان لك جليس فسله فإنما هو فهم يؤتيه الله من يشاء .

أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا محمد بن عمران المرزباني ، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي نا محمد بن القاسم بن خلاد ، قال : قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : من استفتح باب الرأي من وجهه وأتاه من طريقه ضمنت له النجح وتحملت عنه الخطأ ، قيل ما وجهه وأين طريقه ؟ قال : يبدأ بالاستخارة ثم الاستشارة ، ولا يشاور إلا عارفاً حدباً عليه .

أخبرنا محمد بن أبي الفوارس ، أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة ، نا أحمد بن سعيد الدمشقي قال قال عبد الله بن المعتز : من أكثر المشورة لم يعدم عند الصواب مادحاً ، وعند الخطأ عاذراً .

قال الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر صان الله قدره : وقال بعض الحكماء لا بأس بذي الرأي أن يشاور من دونه كالنار الذي يزيد ضوؤها بوسخ الحديد .

فإن كان في الرقعة ما لا يحسن ابداؤه ، وما لعل السائل يؤثر ستره ، أو ما في إشاعته مفسدة لبعض الناس ، فينفرد المفتي بقراءتها والجواب عنها .

أخبرني القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي ، أخبرنا محمد بن جعفر بن هارون التميمي بالكوفة ، أخبرنا أحمد بن محمد بن السري ، نا أحمد بن عيسى بن مخلد ، قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : قال محمد بن إدريس الشافعي : المستفتي عليل ، والمفتي طبيب ، فإن لم يكن ماهراً بطبه وإلاّ قتله .

وإن سئل عن قوم يشهدون على رجل بالزنا فينبغي أن يستفهم السائل كيف رأى الشهود المشهود عليه حتى تكون فتواه على أمر لا شبهة فيه ولا تأويل معه .

أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، نا محمد بن أحمد اللؤلؤي ، نا أبو داود ، نا زهير ابن حرب وعقبة بن مكرم ، قالا : نا وهب بن جرير ، نا أبي ، قال : سمعت يعلى بن حكيم يحدث عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي قال لماعز بن مالك : لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت ، قال : لا ، قال : افنكتها ؟

قال : نعم ، قال : فعند ذلك أمر برجمه .

وينبغي أن يكون توقفه في جواب المسألة السهلة كتوقفه في الصعبة ليكون ذلك عادة له .

أخبرنا محمد بن أبي الفوارس ، أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة ، نا أحمد بن سعيد ، قال : قال عبد الله بن المعتز التثبت يسهل طريق الرأي إلى الإجابة ، والعجلة تضمن العثرة . وإذا اشتملت رقعة الاستفتاء على عدة مسائل فهم بعضها أو فهم جميعها وأحب مطالعة رأيه وإنعام النظر في بعضها أجاب عما لم يكن في نفسه شيء منها وقال في بعض جوابه : فاما باقي المسائل فلنا فيه مطالعة ، ونظر ، أو زيادة تأمل ، فإن لم يفهم شيئاً من السؤال أصلاً فواسع له أن يكتب : ليزد في الشرح لنجيب عنه ، وكتب بعض الفقهاء في مثل هذا : يحضر السائل لنخاطبه شفاها .

وإذا تفكر في مسألة متعارضة الأدلة لم يجب فيها حتى يثبت عنده ما يرجح به أحد الأدلة .

كما أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، نا يوسف بن يعقوب يعني القاضي حدثنا عمر وهو ابن مرزوق حدثنا شعبة ، قال دعلج ، ونا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، نا محمد بن جعفر ، نا شعبة عن أبي عون عن أبي صالح الحنفي ، أن ابن الكواء سأل عليّاً عن الأختين المملوكتين يجمعهما الرجل ، فقال : انك لذهاب في التيه سل عما ينفعك ، قال إنما نسألك عما لا نعلم فأما ما نعلم فلسنا نسألك عنه ، قال أحلتهما آية وحرمتهما آية ، فلا آمرك ولا أنهاك ، ولا أفعله أنا ولا أحد من أهل بيتي . لفظ يوسف .

( وأخبرنا ) أبو القاسم طلحة بن علي بن الصقر الكتاني ، نا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي نا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، نا هشيم عن يونس بن عبيد عن زياد بن حنين ، قال : رأيت رجلاً جاء إلى ابن عمر فسأله فقال : انه نذر أن يصوم كل يوم أربعاء فأتى ذلك على يوم أضحى أو فطر ، فقال ابن عمر رضي الله عنهما : أمر الله بوفاء النذر ونهى رسول الله عن صوم يوم النحر ، قلت : فعلي وابن عمر جاء كل واحد منهما السؤال فجأة وأراد السائل الجواب في الحال ولو أخر الاقتضاء بالجواب حتى ينظرا حق النظر لأجاباه بالحكم .

أخبرنا علي بن أحمد بن إبراهيم ، نا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أبو صالح وابن بكير ، قالا : نا الليث بن سعد ، قال : حدثني يزيد بن حبيب عن سعد بن سنان عن أنس بن مالك ، عن رسول الله قال : البيان من الله والعجلة من الشيطان .

( وقال ) يعقوب ، نا عبد الله بن محمد المصري ، نا سليمان بن بلال عن سعد بن سعيد عن الزهري عن رجل من بلي ، قال : أقبلت أنا وأمي إلى رسول الله فجاء أبي فناجاه دوني وكلمه وكان فيما قال له : ﷺ : « إذا هممت بأمر فعليك بالتؤدة حتى يريك الله منه المخرج » .

( أخبرنا ) أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا أبو أمية الطرسوسي ، نا عبيد بن إسحاق ، نا شيخ من أهل المسجد يكنى أبا عبد الله عن سعد بن طريف عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله : ﷺ : « كاد صاحب الأناة أن يصيب أو قد أصاب وكاد صاحب العجلة أن يخطيء أو قد أخطأ » .

أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعي ، نا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال : نا أحمد بن جميل ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، أخبرنا معمر عن جعفر بن برقان أن عمراً كتب إلى معاوية يعاتبه في التأني ، فكتب إليه معاوية أما بعد : فإن التفهم في الخبر زيادة ورشد وان الرشيد من رشد عن العجلة وان الخائب من خاب عن الإناة وان المتثبت مصيباً أو كاد أن يكون مصيباً وان العجل مخطىء أو كاد أن يكون مخطئاً وأن من لا ينفعه الرفق يضيره الخرق ومن لا تنفعه التجارب لا يدرك المعالي .

ومتى كانت المسألة ذات أقسام لم تفصل في السؤال لم يجز أن يضع جوابه على بعضها فقط والقسم الآخر عنده بخلافه بل يجب عليه أن يقسم المسألة فيقول ان كان كذا فالحكم فيه كذا أو ان كان كذا فالحكم فيه كذا .

أخبرنا القاضي أبو بكر الحيري ، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني ، نا أبو عبد الله محمد بن يحيى ، نا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة ، قال : سئل النبي عن الفأرة تموت في السمن ، ﷺ قال : « إن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فلا تقربوه » .

ويجب أن يكون جوابه محرراً وكلامه ملخصاً .

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، قال : نا سليمان بن حرب ، نا حماد ، قال : سئل أيوب عن مسألة فسكت ، فقال الرجل : يا أبا بكر لم تفهم أعيد عليك ؟ قال فقال أيوب : قد فهمت ولكني أفكر كيف أجيبك ، أخبرنا محمد بن أبي القاسم الأزرق ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن علي الأبار نا أبو قدامة ، قال : سمعت النضر بن شميل ، يقول : سأل رجل الخليل عن مسألة فأبطأ بالجواب ، فقال له صاحبه : لم تنظر ؟ فليس فيه هذا النظر ، فقال : قد عرفت مسألتك وجوابها وإنما فكرت في جواب يكون أسرع لفهمك .

حدثني العلاء بن حزم الأندلسي ، أخبرنا محمد بن الحسين بن بقاء المصري ، أخبرنا جدي عبد الغني بن سعيد الأزدي ، نا بكر بن عبد الرحمن ، نا أبو الزنباع ، نا يحى بن سليمان الجعفي ، قال : قال ابن وهب : كان مالك بن أنس يتشبه بإبراهيم النخعي في فتواه وقلة كلامه وجوابه في المسألة بالاقتصار على المعنى في الجواب .

وليتجنب مخاطبة العوام وفتواهم بالتشقيق والتقعير والغريب من الكلام فإنه يقتطع عن الغرض المطلوب وربما وقع لهم به غير المقصود

أخبرنا القاضي أبو عمر الهاشمي ، نا علي بن إسحاق المادرايي ، نا علي بن حرب الطائي ، نا العباس ابن سليم ، نا أبو شهاب عن محمد بن واسع عن أبي حي الأنصاري عن أبي الدرداء ، قال : تكلم قوم عند النبي فأكثروا فقال النبي : ﷺ : « ان تشقيق الكلام من الشيطان » .

سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن محمد بن الحسين الحربي ، يقول : بلغني عن بعض الهاشميين وهو عم أبي عبد الله بن المهتدي الخطيب ، أن نسوة ثلاثاً من أهل باب البصرة بعن دارا فجئنه مع الدلال والمشتري ليشهد في كتاب البيع ، فقال للنسوة بعد قراءته الكتاب : من أنتن ؟ لا أعرفكن إيتن بنسوة أعرفهن يعرفنكن ، يقلن هن إنكن أنتن ، فأشهد عليكن بما قلتن ، فقال له : المشتري : أيها الشريف قد والله أبيت أن أشتري هذه الدار خاصة من أجل هذه المنازعة التي قد حصلت فيها .

وينبغي للمفتي إذا كتب الجواب أن يطالع ما كتب ويعيد نظره فيه خوفاً من أن يكون قد أسقط كلمة أو أخل بلفظه .

أخبرنا الجوهري ، أخبرنا أبو عبيد الله المرزباني نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي ، نا محمد ابن القاسم بن خلاد ، نا الأصمعي عن رجل ، قال : قال الأوزاعي لرجل : كتبت ؟ قال : نعم . قال : قرأت ؟ قال : لا . قال : لم تكتب .

ومن كان مرسوماً بالفتوى في الفقه لم ينبغ أن يطلق خطه في مسألة من الكلام كالقضاء ، والقدر ، والرؤية ، وخلق القرآن ، وما أشبه ذلك ، لكن لو سئل في رقعة عمن سب الصحابة ، أو ذكر السلف الصالح بسوء أو بدعة كذا وكذا ونحو هذا الجنس كتب الجواب في ذلك وأكثر الأمر فيه للمصلحة وزجر لسفلة الناس .

ولو سئل فقيه عن مسألة من تفسير القرآن ، فإن كانت تتعلق بالأحكام أجاب عنها وكتب بخطه بذلك كمن سئل عن الصلاة الوسطى وعن الذي بيده عقدة النكاح ، وعن أوسط الطعام في الكفارة ، وأما إذا سئل عن تفسير الزقوم والغسلين ، والفتيل ، والنقير ، والقطمير ، والحنان ، رد ذلك إلى أهله ووكله إلى من نصب نفسه له .

أنا أحمد بن محمد العتيقي ، نا علي بن محمد بن عبد الله ابن سعيد العسكري ، قال : سمعت أبا عمر : محمد بن عبد الواحد الزاهد ، يقول : كان أبو حنيفة إذا سئل عن شيء من اللغة ، يقول : إنها ليست من شأني ، ويتمثل بهذا العشر : إن هذا القياس في كل فن ......... عند أهل العقول كالميزان من تحلى بغير ما هو فيه ......... فضحته شواهد الامتحان وجرى في السباق جري سكيت ......... خلفته الجياد يوم الرهان

وإذا سئل عمن قال : انا أصدق من محمد بن عبد الله ، أو عمن قال : الصلاة لعب وعبث ، أو قال لقصيدة بعض الشعراء : أحسن من القرآن ، فيجب أن لا يبادر المفتي بأن يقول هذا حلال الدم أو مباح النفس أو عليه القتل بل يقول : إذا صح ذلك اما بالبينة أو بالاقرار استتابه السلطان فإن تاب قبل توبته وإن لم يتب أنزل به كذا وكذا وبالغ في ذلك وأشفعه .

وان سئل عمن قال كذا وكذا مما يحتمل أموراً لا يكون بعضها كفراً فينبغي للمفتي أن يقول يسأل هذا عما أراد بما قال ، فإن أراد كذا فالجواب كذا ، وإن أراد كذا فالجواب كذا .

وإن سئل عمن قتل إنساناً أو فقأ عينه فيجب أن يتحرر في جوابه ويحتاط فيما يطلق به خطه بذكر سائر الشروط التي بها يجب القود وبحصول جميعها يتم القصاص .

وإن سئل عمن أتى بما يوجب التعزيز والأدب ذكر قدر ما يعزره السلطان فيقول : يضربه ما بين كذا إلى كذا . ولا يجاوز به كذا خوفاً من أن يطلق القول في ذلك فيضربه السلطان بفتواه ما لا يجوز ضربه .

وإذا رفعت إليه رقعة الاستفتاء فوجد فيها فتوى فقيه قد سئل قبله فإن كانت الفتوى موافقة لما عنده كتب تحت خط الفقيه : هذا جواب صحيح وبه أقول أو كتب : جوابي مثل هذا . وإن شاء ذكر الحكم بعبارة الخص من عبارة الفقيه . وإن كان الذي عنده من الحكم خلاف ما أفتى به الفقيه قبله ذكر ما عنده ، ولم يبال بخلاف من خالفه فيه .

وقد أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي ، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي ، نا أبو يحيى الزعفراني ، نا جعفر بن محمد ، نا عبد السلام بن صالح نا حسين الأشقر ، نا أبو إسحاق الفزاري ( وأخبرنا ) أبو عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن علي السيبي ، نا أبو القاسم الحسن بن أنس ابن عثمان الأنصاري بقصر ابن هبيرة ، نا أحمد بن حمدان العسكري ، نا إسحاق بن إبراهيم ، نا الوليد بن مسلم كلاهما عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن بن ساقط ، زاد السيبي عبد الرحمن ثم اتفقا ، عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود ، قال : الجماعة الكتاب والسنة وإن كنت وحدك ، وفي حديث السيبي ، عن عبد الله قال : الجماعة أهل الحق وإن كنت وحدك

أخبرنا القاضي أبو بكر الحيري ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا أبو علي الحسن ابن إسحاق بن يزيد العطار بغدادي ، نا عمر يعني ابن شبيب المسلي ، نا عثمان بن بويان عن أبيه ، قال : قال إبراهيم النخعي : الجماعة هو الحق وإن كنت وحدك .

أخبرني علي بن أبي علي البصري ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن همام الشيباني حدثني أحمد بن محمد الخوارزمي ، نا بقية ، نا أبو حاتم الرازي ، نا أحمد بن أبي الحواري ، قال : حدثني أبو حفص الماعوني عن عبد الله بن لهيعة ، قال : كتب ابن عباس إلى علي يستحثه فكتب إليه علي مجيباً : إنه ينبغي لك أن يكون أول عملك كما أنت فيه البصر بهداية الطريق ، ولا تستوحش بقلة أهلها ، فإن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين لم يستوحش مع الله في طريق الهداية إذ قل أهلها ولم يأنس بغير الله .

وليس بمنكر أن يذكر المفتي في فتواه الحجة عنده فيما أفتى به كأن يسأل فقيهاً عن من تزوج امرأة بلا ولي فحسن أن يقول قال رسول الله : ﷺ : « لا نكاح إلا بولي » أو سئل عمن اشترى عبداً وله مال لم يشترطه فحسن أن يقول : ماله للبائع لقول رسول الله : ﷺ : « من ابتاع عبداً فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع » .

وكرجل سئل عمن طلق امرأته واحدة بعد الدخول بها أَلَهُ رجعتها ؟ فحسن أن يقول : نعم . قال الله تعالى : ( { وبعولتهن أحق بردهن } ) [10] .

وهكذا إذا سئل عن الوصية للوارث ، وعن الجمع بين المرأة وعمتها ، أو بينها وبين خالتها .

ولم تجر العادة أن يذكر في الفتوى طريق الاجتهاد ، ولا وجه القياس والاستدلال ، اللهم إلاّ أن تكون الفتوى تتعلق بنظر قاض أو حاكم فيومىء فيها إلى طريق الاجتهاد ، ويلوح بالنكتة التي عليها رد الجواب . أو يكون غيره قد أفتى فيها بفتوى غلط فيما عنده فيلوح للمفتي معه ليقيم عذره في مخالفته ، أو لينبه على ما ذهب إليه .

فأما من أفتى عامياً فلا يتعرض لشيء من ذلك ، ولكن ربما اضطر المفتي في فتواه إلى أن يقول : وهذا إجماع المسلمين . أو يقول : لا أعلم اختلافاً في هذا . أو يقول : من خالف هذا الجواب فقد فارق الواجب وعدل عن الصواب . أو يقول : فقد أثم . أو : واجب على السلطان الزام الأخذ بجوابنا أو بهذه الفتوى . وما قارب هذه الألفاظ على حسب السؤال وما توجبه المصلحة وما تقتضيه الحال .

وإذا رأى المفتي من المصلحة عندما تسأله عامة أو سوقة أن يفتي بما له فيه تأول ، وإن كان لا يعتقد ذلك بل لردع السائل وكفه فعل ، فقد روي عن ابن عباس رجلاً سأله عن توبة القاتل فقال : لا توبة له ، وسأله آخر فقال : له توبة ، ثم قال : اما الأول فرأيت في عينيه إرادة القتل فمنعته ، واما الثاني فجاء مستكيناً وقد قتل فلم أويسه .

أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله المقريء أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص ، نا عبد الله بن جعفر بن خشيش ، نا جعفر بن محمد هو ابن شاكر الصائغ نا محمد بن سابق ، نا فضيل بن مرزوق عن عطية ، قال : سأل رجل شاب ابن عمر عن القبلة للصائم ، فقال : انهاك عنها . قال فسأله شيخ ، فقال : آمرك بها . قال فقام إليه الشاب فقال : انا على دين واحد فيحل لهذا ما يحرم علي ؟ قال فقال ابن عمر : ان عروق الخصيتين متعلقة بطرف الأنف فإذا شم تحرك العرق .

قلت : أراد ابن عمر أن الشاب قوي الشهوة فلا يؤمن أن تحدث له القبلة ما يفسد صومه والشيخ يؤمن ذلك في حقه لضعف شهوته ، وقد روي عن رسول الله في هذه المسأل مثل فتوى ابن عمر .

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار ، نا إبراهيم بن محمد العتيق ، نا أبو أحمد ، حدثنا إسرائيل عن أبي العنبس عن الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى رسول الله رجل فسأله أيباشر الصائم ؟ فرخص له ، وأتى آخر فنهاه ، وكان الذي رخص له شيخاً والذي نهاه شاب .

أخبرنا محمد بن عمر النرسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي ، نا بشر بن موسى ، نا موسى بن داود ( وأخبرنا ) الحسن بن علي التميمي واللفظ له ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، نا موسى بن داود ، نا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن قيصر التجيبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال : كنا عند النبي فجاء شاب فقال : يا رسول الله أقبل وانا صائم ؟ قال : لا . فجاء شيخ فقال : أقبل وأنا صائم ؟ قال : نعم . فنظر بعضنا إلى بعض ، فقال رسول الله : ﷺ : « قد علمت نظر بعضكم إلى بعض أن الشيخ يملك نفسه » .

أخبرنا محمد بن أبي علي الأصبهاني ، نا محمد بن إسحاق الأهوازي ، نا عبد الأول بن إسماعيل الأهوازي نا عبد الله بن خبيق عن يوسف بن إسباط عن سفيان الثوري عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن ابن عباس ، قال : ربما أنبأتكم بالشيء أنهاكم عنه احتياطاً بكم ، واشفاقاً على دينكم ، ان رسول الله أتاه رجل شاب يسأل عن القبلة للصائم ، فنهاه عنها ، وسأله شيخ عنها فأمره بها .

وان سأل رجل فقيهاً فقال : إن قتلت عبدي أعلي القتل ؟ جاز أن يقول له : ان قتلت عبدك قتلناك لما روى عن رسول الله انه ﷺ قال : « من قتل عبده قتلناه » . سيما والقتل يذهب في كلام العرب مذاهب وينقسم عندهم أقساماً .

ولو قال له رجل ان سببت أصحاب رسول الله أعلي القتل ؟ أتمنع له أن يقول : قد روى عن رسول الله انه قال ﷺ : « من سب أصحابي فاقتلوه » ومتى أفتى فقيه رجلاً من العامة بفتوى فواسع للعامي أن يخبر بها ، فأما أن يفتي هو فلا .

باب التمحل في الفتوى

متى وجد المفتي للسائل مخرجاً في مسألته وطريقاً يتخلص به أرشده إليه ونبهه عليه ، كرجل حلف أن لا ينفق على زوجته ولا يطعمها شهراً أو شبه هذا فإنه يفتيه باعطائها من صداقها ، أو دين لها عليه ، أو يقرضها ثمن بيوتها أو يبيعها سلعة وينويها من الثمن وقد قال الله تعالى لأيوب عليه السلام لما حلف أن يضرب زوجته مائة : ( { وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث } ) [11] .

أخبرنا أبو القاسم الأزهري ، أخبرنا سهل بن عبد الله الديباجي ، نا محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي بمصر ، حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب ، نا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن علي ، في رجل حلف فقال : امرأته طالق ثلاثاً ان لم يطأها في شهر رمضان نهاراً ، فقال : يسافر بها ثم ليجامعها نهاراً .

أخبرنا محمد بن علي بن الفتح الحربي ، نا عمر بن ثابت الحنبلي ، نا علي بن أحمد بن علي بن أبي قيس المقري ، نا عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي ، حدثني الفضل بن إسحاق عن شبابة عن قيس ابن الربيع عن حماد ، قال : قلت لإبراهيم : أمر على العاشر فيستحلفني بالمشي إلى بيت الله ؟ قال : احلف له وأنو مسجد حيِّك .

أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي ، نا عمر بن أحمد الواعظ ، نا مكرم بن أحمد ، نا أحمد بن عطية ، نا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : سمعت وكيعاً يقول : كان لنا جار من خيار الناس ، وكان من الحفاظ للحديث ، فوقع بينه وبين امرأته شيء وكان بها معجباً ، فقال لها : أنت طالق ان سألتيني الطلاق الليلة إن لم أطلقك الليلة ثلاثاً ، فقالت المرأة عبيدها أحرار وكل مال لها صدقة إن لم أسألك الطلاق الليلة فجاءني هو والمرأة في الليلة ، فقالت المرأة : أني بليت بكذا وقال الرجل إني بليت بكذا ؟ فقلت ما عندي في هذا شيء ولكن نصير إلى الشيخ أعني أبا حنيفة وإني أرجو أن يكون لنا عنده فرج ، وكان الرجل يكثر الوقيعة في أبي حنيفة وبلغه ذلك عنه ، فقال : استحي منه . فقلت امضي بنا إليه فأبى فمضيت معه إلى ابن أبي ليلى وسفيان ، فقال : ما عندنا في هذا شيء ، فمضينا إلى أبي حنيفة فدخلنا عليه وقصصنا عليه القصة وأخبرته انا مضينا إلى سفيان وابن أبي ليلى فعزب الجواب عنهما ، فقال : إني والله ما أجد الفرض الا جوابك وإن كنت لي عدواً ، فسأل الرجل : كيف حلف ؟ وسأل المرأة : كيف حلفت ؟ وقال : وأنتما تريدان الخلاص من الله في إيمكانكما ولا تحبان الفرقة ؟ فقالت : نعم وقال الرجل : نعم . قال : سليه أن يطلقك ، فقالت : طلقني ، فقال للرجل : قل لها : انت طالق ثلاثاً ان شئت ، فقال لها ذلك ، فقال للمرأة قولي : لا أشاء ، فقالت : لا أشاء فقال : قد بررتما وخرجتما من طلبة الله لكما ، فقال للرجل أتب إلى الله من الوقيعة في كل من حمل إليك شيئاً من العلم . قال وكيع : فكان الرجل بعد ذلك يدعو لأبي حنيفة في دبر الصلوات ، وأخبرني ان المرأة تدعو له كلما صلت .

أخبرني حسن بن محمد الحلال ، أخبرنا علي بن عمرو الحريري أن علي بن محمد بن كأس النخعي حدثهم ، قال : نا أحمد بن محمد بن عيسى ، نا أبو سليمان هو الجوزجاني عن محمد ابن الحسن ، قال : دخل على رجل اللصوص فأخذوا متاعه واستحلفوه بالطلاق ثلاثاً ان لا يعلم أحداً ، قال : فأصبح الرجل وهو يرى اللصوص يبيعون متاعه وليس يقدر يتكلم من أجل يمينه ، فجاء الرجل يشاور أبا حنيفة ، فقال له أبو حنيفة : احضر لي أمام حيك والمؤذن والمستورين منهم ، فأحضرهم إياه ، فقال لهم أبو حنيفة : هل تحبون أن يرد الله على هذا متاعه ؟ قالوا نعم . قال فأجمعوا كل داعر وكل متهم فأدخلوهم في دار وفي مسجد ، ثم أخرجوهم واحداً واحداً فقولوا له هذا لصك ، فأن كان ليس بلصه قال : لا ، وإن كان لصه فليسكت فإذا سكت فاقبضوا عليه ، ففعلوا ما أمرهم به أبو حنيفة ، فرد الله عليه جميع ما سرق منه .

أخبرنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ ، أخبرنا أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة ، نا أبو إسماعيل الترمذي ، نا عبد العزيز بن عبد الله ، نا مالك ، قال : بلغني أن أبا يوسف جاءه إنسان فقال : إني حلفت بطلاق امرأتي لأشترين جارية وذلك يشتد علي لمكان زوجتي ومنزلتها عندي ؟ فقال له أبو يوسف : اشتر سفينة فهي جارية .

أخبرنا الجوهري ، أخبرنا محمد بن عمران ، نا أحمد بن محمد بن عيسى المكي ، نا محمد بن القاسم بن خلاد ، نا إسحاق بن إبراهيم ، قال : قال الرشيد يوماً لأبي يوسف القاضي : عند عيسى بن جعفر جارية وهي أحب الناس إلي وقد عرف ذاك فحلف أن لا يبيع ولا يهب ولا يعتق وهو الآن يطلب حل يمينه فهل عندك في ذلك حيلة ؟ قال : نعم يهب لأمير المؤمنين نصف رقبتها ويبيعه النصف فلا حنث عليه في ذلك .

أخبرنا محمد بن أحمد بن رزقويه ، نا محمد بن الحسن بن زياد النقاش المقرىء ، نا عبد الله بن محمد الفرهاذاني ، حدثنا حرملة بن يحيى ، قال : سمعت الشافعي وسأله رجل فقال : حلفت بالطلاق ان أكلت هذه التمرة أو رميت بها ؟ فقال : تأكل نصفها وترمي بنصفها .

باب في حزن بعض ما يسمع من العلم والامساك عنه لعذر في ذلك

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا سليمان بن حرب نا أبو هلال عن الحسن ، قال : قال أبو هريرة : لو حدثتكم كلما في كيسي لرميتموني بالبعر . قال الحسن : صدق والله لو حدثهم ان بيت الله يهدم أو يحرق ما صدقه الناس .

وقال يعقوب ، نا سليمان ، نا أبو هلال عن قتادة ، قال : قال حذيفة : لو كنت على شاطىء نهر وقد مددت يدي لأغرف فحدثتكم بكل ما أعلم ما وصل يدي إلى فمي حتى أقتل .

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، نا أبو عبيد ، نا مروان بن معاوية عن حسان بن أبي يحيى الكندي ، قال : سألت سعيد بن جبير عن الزكاة فقال ادفعها إلى ولاة الأمر ، قال فلما قام سعيد تبعته فقلت : انك أمرتني أن أدفعها إلى ولاة الأمر وهم يصنعون بها كذا ، فقال : ضعها حيث أمرك الله ، سألتني على رؤوس الناس فلم أكن لأخبرك .

أخبرنا العتيقي والتنوخي ، قالا : أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعي ، نا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثني أبي ، قال : سمعت الربيع بن سليمان ، قال : كان الشافعي يرى أن الصناع لا يضمنون إلا ما جنت أيديهم ولم يكن يظهر ذلك كراهية أن يجتري الصناع .

أخبرنا أبو عمر بن مهدي وأبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن جعفر العطار ، قالا : نا عثمان بن أحمد الدقاق ، نا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا عمرو بن عبد الغفار ، نا الأعمش عن شقيق عن عبد الله ، قال : من أفتى الناس في كل ما يسألونه فهو مجنون .

أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا هارون بن سليمان الأصبهاني ، نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان ( وأخبرنا ) أبو بكر البرقاني ، أخبرنا عمر بن نوح البجلي ، أخبرنا أبو خليفة ، نا ابن كثير ، أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل ، قال : قال عبد الله : من أفتى الناس في كل ما يستفتونه فهو مجنون . هذا لفظ الصيرفي وقال البرقاني عن عبد الله قال : إن الذي يفتي الناس في كلما يستفتونه فهو مجنون .

أخبرنا محمد بن أحمد ابن رزق ، أخبرنا عثمان عن أحمد الدقاق ، نا حنبل بن إسحاق ( وأخبرنا ) ابن الفضل ، أخبرنا ابن درستويته ، نا يعقوب ، قالا : نا سليمان بن حرب ، نا حماد بن زيد ، قال : قال ابن شبرمة وفي حديث يعقوب قال كان ابن شبرمة يقول : ان من المسائل مسائل لا يجمل بالسائل أن يسأل زاد حنبل عنها ثم اتفقا ولا بالمسؤول أن يجيب زاد حنبل فيها .

أخبرنا عبد الملك بن محمد بن محمد بن سلمان العطار ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري ، نا عبد الله بن سليمان ، قال : قريء على الحارث بن مسكين عن عبد الرحمن بن القاسم أو ابن وهب عن مالك بن أنس ، قال : ان من إذالة العالم أن يجيب كل من كلمه ، أو يجيب كل من سأله .

أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل ، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله القطان نا أحمد بن محمد بن عيسى ، نا أبو سلمة المنقري ، حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : ﷺ : « لا تزالون تسألون حتى يقال لكم هذا الله خلقنا فمن خلق الله عز وجل » . قال أبو هريرة فجعلت أصبعي في أذني ثم صرخت فقلت : صدق الله ورسوله ، الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد .

قال الشيخ الإمام أبو بكر : وحمقى الناس يسألون بجهلهم عن جميع ما يعرض في قلوبهم .

كما أخبرنا ابن الفضل القطان بقراءتي عليه عن أبي بكر محمد بن الحسن النقاش ، قال : أخبرنا أحمد بن الحارث ، أخبرنا جدي عن الهيثم بن عدي عن عبد الله بن عياش ، قال : جلس الشعبي على باب داره ذات يوم فمر به رجل ، فقال له : أصلحك الله إني كنت أصلي فأدخلت أصبعي في أنفي فخرج عليها دم فما يرى القاضي احتجم أم أفتصد ؟ فرفع الشعبي يديه وقال : الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة .

وقال النقاش : أخبرنا الحسن بن علي يعني العدوي أخبرنا الحسن بن علي بن راشد ، قال : جاء رجل إلى شريك بن عبد الله ، فقال : أيها القاضي أيما أطيب الطنبور أم العود ؟ فقال له احسبك بايعت يا عدو الله ، فحلف انه لم يبايع وانه مستفهم ، فقال له : كم على الطنبور من زبر ؟

قال : اثنان . قال وعلى العود ؟ قال : أربعة .

قال فكلما كثر من هذا كان أطيب .

أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري ، نا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري املاءًا ، نا محمد بن يحيى الصولي ، نا يموت بن المزرع ، قال : سمعت أبا حاتم السجستاني يقول كان رجل يحب الكلام ويختلف إلى حسين النجار ، وكان ثقيلاً متشادقاً لا يدري ما يقول ، فآذى حسيناً ثم فطن له فكان يعد له الجواب من جنس السؤال فينقطع ويسكت ، فقال له يوماً : ما تقول أصلحك الله في حد قلاشي التوهيمات في عنفوان القرب من درك المطالب ؟ فقال له حسين : هذا من وجود فوت الكيفوفية على غير طريق الحيثوثية وبمثله يقع الثناء في المجالسة على غير تلاق ولا افتراق ، فقال الرجل هذا يحتاج إلى فكر واستخراج فقال حسين : فكر فانا قد استرحنا .

باب رجوع المفتي عن فتواه إذا تبين له أن الحق في غيرها

أخبرنا علي بن طلحة بن محمد المقري ، أخبرنا عمر بن محمد بن علي الناقد ، نا عبد الله بن محمد بن ناجية ، نا محمد بن يحيى بن أبي سمينة التمار ، نا محمد بن يحيى بن قيس المأربي عن ثمامة بن بشراحيل عن سمي بن قيس عن شمير عن أبيض بن حمال رضي الله عنه ، قال : وفدت إلى رسول الله فاستقطعته الملح فقطعه لي ، فلما وليت قال رجل : يا رسول الله تدري ما أقطعت ؟ إنما إقطعته الماء العد فرجع فيه .

قال الشيخ الإمام أبو بكر يعني الماء العد الدائم الذي لا انقطاع له مثل ماء العين والبئر ، وهذا إذا لم يكن في ملك أحد فالناس في شركاء لا يختص به بعضهم دون بعض ولهذا رجع النبي فيه .

أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، نا يحيى بن أبي طالب ، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء ، أخبرنا عمر ابن قيس عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة ، انه قال : كنت حدثتكم ان من أصبح جنباً فقد أفطر فإنما ذلك من كيس أبي هريرة فمن أصبح جنباً فلا يفطر .

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن طاهر الدقاق ، أخبرنا عمر بن إبراهيم المقري ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، نا عثمان بن أبي شيبة ، نا طلحة بن يحيى عن يونس عن بن شهاب عن سالم عن ابن عمر ، قال : كان يأتيه الرجل يسأله أيقسم زكاته ؟ فيقول : أدوها إلى الأئمة .

أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، نا أبو عبيد ، نا هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن حيان بن أبي جبلة عن ابن عمر ، انه رجع عن قوله في دفع الزكاة إلى السلطان . وقال : ضعوها مواضعها .

قال الشيخ الإمام أبو بكر كان عبد الله بن عمر يوجب دفع زكاة الأموال الباطنة إلى الأمراء ، فلما أخبر أنهم لا يضعونها مواضعها رجع عن رأيه في الدفع إليهم وأمر الناس أن يتولوا بأنفسهم صرفها إلى الأصناف .

فإذا أفتى الفقيه رجلاً بفتوى ثم قال له : قد رجعت عن فتواي فإن كان ذلك قبل أن يعمل المستفتي بها كف عنها .

كما أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان ، نا محمد ابن أبي زكير أخبرنا ابن وهب ، قال : قال مالك : كان ابن هرمز رجلاً كنت أحب أن أقتدي به ، وكان قليل الكلام قليل الفتيا ، شديد التحفظ ، وكان كثيراً ما يفتي الرجل ثم يبعث في أثره من يرده إليه حتى يخبره بغير ما أفتاه ، قال : وكان بصيراً بالكلام ، وكان يرد على أهل الأهواء ، وكان من أعلم الناس بما اختلف فيه من هذه الاهواء .

أنا القاضي أبو عبد الله الصيمري ، قال : نا العباس بن أحمد الهاشمي ، قال : نا أحمد بن محمد المكي قال : نا علي بن محمد النخعي ، قال : حدثني محمد بن أحمد بن الحسن بن زياد عن أبيه ، أن الحسن بن زياد هو اللؤلؤي استفتي في مسألة فأخطأ فلم يعرف الذي أفتاه ، فاكترى منادياً ينادي : أن الحسن ابن زياد استفتي يوم كذا وكذا في مسألة فأخطأ ، فمن كان أفتاه الحسن بن زياد بشىء فليرجع إليه ، قال : فمكث أياماً لا يفتي حتى وجد صاحب الفتوى فأعلمه أنه قد أخطأ وان الصواب كذا وكذا .

وإن كان رجوع المفتي عن فتواه بعد عمل المستفتي بها نظر في ذلك فإن كان قد بان للمفتي أنه خالف نص كتاب أو سنة أو إجماعاً وجب نقض العمل بها وابطاله ، ولزم المفتي تعريف المستفتي ذلك .

كما أخبرنا علي بن محمد بن يحيى السلي بدمشق ، أخبر عبد الوهاب بن الحسن الكلابي ، أخبرنا أحمد بن عمير بن يوسف بن جوصة ، نا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ان مالكا أخبره ، قال ابن جوصة ( ونا ) عيسى بن إبراهيم بن مثرود ، أخبرنا ابن القاسم ، حدثني مالك عن نافع ، أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل عبد الله بن عمر عما لفظ البحر ، فنهاه عن أكله ، قال نافع ثم انقلب عبد الله فدعى بالمصحف وقرأ : ( { أحل لكم صيد البحر وطعامه } ) [12] قال نافع فأرسلني عبد الله بن عمر إلى عبد الرحمن بن أبي هريرة انه لا بأس بأكله .

أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا دعلج بن أحمد ، أخبرنا محمد بن علي بن زيد الصائغ ، أن سعيد بن منصور حدثهم ، قال : نا حديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن سعد بن إياس ، عن رجل تزوج امرأة من بني شمخ ثم أبصر أمها فأعجبته ، فذهب إلى ابن مسعود فقال : إني تزوجت امرأة فلم أدخل بها ثم أعجبتني أمها أفأطلق المرأة ؟ قال : نعم . فطلقها وتزوج أمها ، فأتى عبد الله المدينة فسأل أصحاب رسول الله فقالوا : لا يصلح ، ثم قدم فأتى بني شمخ فقال : أين الرجل الذي تزوج أم المرأة التي كانت عنده ؟ قالوا : هاهنا قال : فليفارقها . قالوا : كيف وقد نثرت له بطنها ؟ قال : وإن كانت فعلت ، فليفارقها فإنها حرام من الله عز وجل .

( وأخبرنا ) ابن الفضل ، أخبرنا ابن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا محمد بن أبي السري ، نا عبد الرزاق ، أخبرنا الثوري عن أبي فروة عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود ، أن رجلاً من بني شمخ من فزارة تزوج امرأة ثم رأى أمها فأعجبته فاستفتى ابن مسعود عن ذلك ، فأمره أن يفارقها ويتزوج أمها . فتزوجها فلولدت له أولاداً ، ثم أتى ابن مسعود المدينة فسأل عن ذلك ، فأخبر انها لا تحل ، فلما رجع إلى الكوفة ، قال للرجل : إنها عليك حرام إنها لا تنبغي لك ففارقها .

قلت : لعل عبد الله بن مسعو تأول في فتواه قول الله تعالى : ( { فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } ) [13] ان الاستثناء راجع إلى أمهات النساء وإلى الربائب جميعها والله أعلم .

وإن كان رجوع المفتي عن قوله الأول من جهة اجتهاد هو أقوى أو قياس هو أولى لم ينقض العمل المتقدم لأنَّ الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد .

أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي ، نا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري بواسط ، نا القاضي أبو أمية الأحوص بن المفضل الغلابي ، نا أبي ، نا الواقدي ، نا معمر ( وأخبرني ) أبو القاسم الحسين بن محمد ابن إبراهيم الحنائي بدمشق واللفظ له ، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان السلمي ، أخبرنا محمد ابن يوسف بن بشر الهروي ، نا محمد بن حماد الطهراني ، أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن مسعود بن الحكم الثقفي ، قال : أتي عمر بن الخطاب في امرأة تركت زوجها وأمها واخوتها لأمها وأخوتها لأمها وأبيها ، فشرك بين الاخوة للأم وبين الأخوة للأب والأم بالثلث ، فقال له رجل : إنك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا ؟ قال : فتلك على ما قضينا يومئذ وهذه على ما قضينا اليوم .

قال عبد الرزاق : قال الثوري لو لم أستفد في سفري هذا من معمر غير هذا الحديث لظننت إني قد أصبت خيراً .

التوثق في استفتاء الجماعة

أخبرنا أبو بكر البرقاني ، قال : أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي ، قال : أخبرنا الحسين بن إدريس ، قال : نا ابن عمار عن المعافى عن إبراهيم بن يزيد عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس ، قال : إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي .

وإذا اختلف جواب المفتين على وجهين فينبغي للمستفتي أن يجمع بين الوجهين إذا أمكنه ذلك للاحتياط والخروج من الخلاف . مثاله أن يفتيه بعض الفقهاء أن الفرض عليه في الطهارة مسح جميع رأسه ويفتيه بعضهم انه يجزئه مسح بعض الرأس وإن قل فإذا مسح جميعه كان مؤدياً فرضه على القولين جميعاً .

وأما إذا لم يمكنه الجمع بين وجهي الخلاف لتنافيهما مثل أن يكون أحدهما يحل ويبيح والآخر يحرم ويحظر ، فقد قيل : يلزمه أن يأخذ بأغلظ القولين وأشده لأن الحق ثقيل .

كما أخبرنا إبراهيم بن عمر بن أحمد بن إبراهيم البرمكي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت الدقاق ، نا محمد بن صالح بن ذريح ، نا هناد بن السري ، نا ابن نمير عن موسى بن عبيدة عن أبي عمرو ، قال : قال عبد الله : ألحق ثقيل قوي ، والباطل خفيف ولرب شهوة تورث حزناً طويلاً .

( وأخبرنا ) أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين الأصبهاني بها ، أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني ، نا علي بن عبد العزيز ، قال : قال أبو عبيد : قال بعض الحكماء إذا أشكل عليك أمران فلم تدر أيهما أدنى إلى الصواب والسداد فأنظر أثقلهما عليك فاتبعه ، ودع الذي تهوى فإنك لا تدري لعل الهوى هو الذي زينه في قلبك وحسنه عندك ، وقيل يأخذ بأسهل القولين وأيسر الأمرين لأن الله تعالى قال : ( { يريد الله بكم اليسر ، ولا يريد بكم العسر } ) [14] .

ولما أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن شهريار الأصبهاني ، أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني قال : حدثني محمد بن أحمد الزهري الأصبهاني ، نا إسماعيل بن يزيد ، نا أبو داود الطيالسي ، نا سلام بن مسكين عن قتادة عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله : ﷺ : « خير دينكم أيسره » .

( وأخبرنا ) الحسن بن علي التميمي ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، نا أبو المغيرة ، نا معان بن رفاعة ، نا علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه ، قال : قال النبي : ﷺ : « إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكن بعثت بالحنيفية السمحاء » .

أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن عيسى البزاز وأبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله السكري ، قالا : أخبرنا علي بن محمد بن أحمد المصري ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم ، نا الفريابي ، نا سفيان عن داود بن أبي هند عن الشعبي ، قال : إذا اختلف عليك في أمرين فخذ بأيسرهما ، ثم قرأ : ( { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } ) [15] وقيل : يأخذ بفتوى أفضلهما عنده في الدين والعلم وأورعهما ، ويلزمه الاجتهاد في تعرف ذلك من حالهما .

أخبرنا أبو الحسن أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت العبكري ، أخبرنا جدي ، قال : قال أبو عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري : فإن قال قائل فكيف تقول في المستفتي من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا فهل له التقليد ؟ قيل له : ان شاء الله هذا على وجهين : أحدهما ان كان العامي يتسع عقله ويكمل فهمه إذا عقل أن يعقل وإذا فهم أن يفهم فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم عن حججهم فيأخذ بأرجحها عنده ، فإن كان عقله لم يقصر عن هذا وفهمه لا يكمل له وسعه التقليد لأفضلهما عنده . وقيل : يأخذ بقول من شاء من المفتين وهو القول الصحيح لأنه ليس من أهل الاجتهاد وإنما عليه أن يرجع إلى قول عالم ثقة وقد فعل ذلك فوجب أن يكفيه .


هامش

  1. [ النساء : 39 ]
  2. [ النور : 36 ]
  3. [ الأنبياء : 7 ]
  4. [ الزمر : 9 ]
  5. [ البقرة : 159 ]
  6. [ ال عمران : 187 ]
  7. [ الضحى : 01 ]
  8. [ ال عمران : 159 ]
  9. [ الشورى : 83 ]
  10. [ البقرة : 228 ]
  11. [ ص : 44 ]
  12. [ المائدة : 69 ]
  13. [ النساء : 32 ]
  14. [ البقرة : 185 ]
  15. [ البقرة : 185 ]