الرئيسيةبحث

إحياء علوم الدين/كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


وهو الكتاب التاسع من ربع العادات الثاني من كتب إحياء علوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي لا تستفتح الكتب إلا بحمده، ولا تستمنح النعم إلا بواسطة كرمه ورفده، والصلاة على سيد الأنبياء محمد رسوله وعبده. وعلى آله الطيبين وأصحابه الطاهرين من بعده.

أما بعد: فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد، وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد وقد كان الذي خفنا أن يكون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، إذ قد اندرس من هذا القطب عمله وعلمه، وانمحق بالكليلة حقيقته ورسمه، فاستولت على القلوب مداهنة الخلق وانمحت عنها مراقبة الخالق واسترسل الناس في إتباع الهوى والشهوات استرسال البهائم، وعز على بساط الأرض مؤمن صادق لا تأخذه في الله لومة لائم، فمن سعى في تلافي هذه الفترة وسد هذه الثلمة إما متكفلاً بعملها أو متقلداً لتنفيذها مجدداً لهذه السنة الدائرة ناهضاً بأعبائها ومتشمراً في إحيائها كان مستأثراً من بين الخلق بإحياء سنة أفضى الزمان إلى إماتتها، ومستبداً بقربة تتضاءل درجات القرب دون ذروتها، وها نحن نشرح علمه في أربعة أبواب. الباب الأول: في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضيلته، الباب الثاني: في أركانه وشروطه: الباب الثالث: في مجاريه وبيان المنكرات المألوفة في العادات. الباب الرابع: في أمر الأمر والسلاطين بالمعروف ونهيهم عن المنكر.