→ فصل في الصفات الاختيارية | مجموع فتاوى ابن تيمية فصل في الإرادة والمحبة والرضا ابن تيمية |
فصل في السمع والبصر والنظر ← |
فصل في الإرادة والمحبة والرضا
وكذلك في الإرادة والمحبة كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [1]، وقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء الله} [2]، وقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء الله آمِنِينَ} [3]، وقوله: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} [4]، وقوله: {وَإِذَا أَرَادَ الله بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ} [5]، وقوله: {وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا} [6]، وقوله: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [7]، وأمثال ذلك في القرآن العزيز.
فإن جوازم الفعل المضارع ونواصبه تخلصه للاستقبال، مثل "إن" و"إن"، وكذلك "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، فقوله: {إِذَا أَرَادَ}[8]، و{إِن شَاء الله آمِنِينَ} [9] ونحو ذلك، يقتضي حصول إرادة مستقبلة ومشيئة مستقبلة.
وكذلك في المحبة والرضا، قال الله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله} [10]، فإن هذا يدل على أنهم إذا اتبعوه أحبهم الله، فإنه جزم قوله: {يُحْبِبْكُمٍُ} به، فجزمه جوابًا للأمر، وهو في معنى الشرط، فتقديره: إن تتبعوني يحببكم الله. ومعلوم أن جواب الشرط والأمر إنما يكون بعده لا قبله، فمحبة الله لهم إنما تكون بعد اتباعهم للرسول، والمنازعون: منهم من يقول: ما ثم محبة بل المراد ثوابًا مخلوقًا، ومنهم من يقول: بل ثم محبة قديمة أزلية إما الإرادة وإما غيرها، والقرآن يدل على قول السلف أئمة السنة المخالفين للقولين.
وكذلك قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ الله وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} [11]، فإنه يدل على أن أعمالهم أسخطته، فهي سبب لسخطه، وسخطه عليهم بعد الأعمال، لا قبلها، وكذلك قوله: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [12]، وكذلك قوله: {إن تَكْفُرُوا فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [13]، علق الرضا بشكرهم وجعله مجزومًا جزاءً له، وجزاء الشرط لا يكون إلا بعده.
وكذلك قوله: {إِنَّ الله يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [14]، و{يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [15]، و{يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [16]، و{يُحِبُّ الذين يُقاتِلونَ في سَبِيلِهِ صَفّا} [17]، ونحو ذلك، فإنه يدل على أن المحبة بسبب هذه الأعمال، وهى جزاء لها، والجزاء إنما يكون بعد العمل والمسبب.
هامش
- ↑ [يس: 82]
- ↑ [الكهف: 23، 24]
- ↑ [الفتح: 27]
- ↑ [الإسراء: 16]
- ↑ [الرعد: 11]
- ↑ [الإنسان: 28]
- ↑ [الإسراء: 86]
- ↑ [يس: 82]
- ↑ [الفتح: 27]
- ↑ [آل عمران: 31]
- ↑ [محمد: 28]
- ↑ [الزخرف: 55]
- ↑ [الزمر: 7]
- ↑ [البقرة: 222]
- ↑ [آل عمران: 76]
- ↑ [المائدة: 42]
- ↑ [الصف: 4]