الرئيسيةبحث

مجموع الفتاوى/المجلد السادس/فصل الذين قالوا إن الاسم غير المسمى

فصل الذين قالوا إن الاسم غير المسمى

وأما الذين قالوا: إن الاسم غير المسمى، فهم إذا أرادوا أن الأسماء التي هي أقوال ليست نفسها هي المسميات، فهذا أيضا لا ينازع فيه أحد من العقلاء.

وأرباب القول الأول لا ينازعون في هذا، بل عبروا عن الأسماء هنا بالتسميات، وهم أيضا لا يمكنهم النزاع في أن الأسماء المذكورة في الكلام، مثل قوله: يا آدم، يا نوح، يا إبراهيم، إنما أريد بها نداء المسمين بهذه الأسماء.

وإذا قيل: خلق الله السموات والأرض، فالمراد خلق المسمى بهذه الألفاظ، لم يقصد أنه خلق لفظ السماء ولفظ الأرض، والناس لا يفهمون من ذلك إلا المعنى المراد به، ولا يخطر بقلب أحد إرادة الألفاظ، لما قد استقر في نفوسهم من أن هذه الألفاظ والأسماء يراد بها المعاني والمسميات، فإذا تكلم بها فهذا هو المراد، لكن لا يعلم أنه المراد إن لم ينطق بالألفاظ والأسماء المبينة للمراد الدالة عليه. وهذا من البيان الذي أنعم الله به على بني آدم في قوله: {خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [1] وقد علم آدم الأسماء كلها سبحانه وتعالى.

ولكن هؤلاء الذين أطلقوا من الجهمية والمعتزلة أن الاسم غير المسمى، مقصودهم أن أسماء الله غيره، وما كان غيره فهو مخلوق.

ولهذا قالت الطائفة الثالثة: لا نقول: هي المسمى ولا غير المسمى.

فيقال لهم: قولكم: إن أسماءه غيره، مثل قولكم: إن كلامه غيره، وإن إرادته غيره، ونحو ذلك، وهذا قول الجهمية نفاة الصفات، وقد عرفت شبههم وفسادها في غير هذا الموضع، وهم متناقضون من وجوه، كما قد بسط في مواضع.

فإنهم يقولون: لا نثبت قديما غير الله، أو قديما ليس هو الله، حتى كفروا أهل الإثبات، وإن كانوا متأولين، كما قال أبو الهُذَيْل: إن كل متأول كان تأويله تشبيهًا له بخلقه، وتجويزًا له في فعله، وتكذيبًا لخبره فهو كافر، وكل من أثبت شيئًا قديمًا لا يقال له الله، فهو كافر، ومقصوده تكفير مثبتة الصفات والقدر، ومن يقول: إن أهل القبلة يخرجون من النار ولا يخلدون فيها.

فمما يقال لهؤلاء: إن هذا القول ينعكس عليكم، فأنتم أولى بالتشبيه والتجويز والتكذيب، وإثبات قديم لا يقال له الله، فإنكم تشبهونه بالجمادات بل بالمعدومات، بل بالممتنعات، وتقولون: إنه يحبط الحسنات العظيمة بالذنب الواحد، ويخلد عليه في النار، وتكذبون بما أخبر به من مغفرته ورحمته، وإخراجه أهل الكبائر من النار بالشفاعة وغيرها، وأنه من يعمل مثقال ذرة خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره.

وأنتم تثبتون قديمًا لا يقال له الله، فإنكم تثبتون ذاتًا مجردة عن الصفات، ومعلوم أنه ما ليس بحي، ولا عليم، ولا قدير، فليس هو الله، فمن أثبت ذاتًا مجردة فقد أثبت قديما ليس هو الله، وإن قال: أنا أقول: إنه لم يزل حيًا عليمًا قديرًا، فهو قول مثبتة الصفات، فنفس كونه حيًا ليس هو كونه عالمًا، ونفس كونه عالمًا ليس هو كونه قادرًا، ونفس ذلك ليس هو كونه ذاتًا متصفة بهذه الصفات، فهذه معان متميزة في العقل، ليس هذا هو هذا.

فإن قلتم: هي قديمة، فقد أثبتم معاني قديمة، وإن قلتم: هي شيء واحد، جعلتم كل صفة هي الأخرى، والصفة هي الموصوف، فجعلتم كونه حيًا هو كونه عالمًا وجعلتم ذلك هو نفس الذات، ومعلوم أن هذا مكابرة، وهذه المعاني هي معاني أسمائه الحسنى، وهو سبحانه لم يزل متكلمًا إذا شاء.

فهو المسمى نفسه بأسمائه الحسنى، كما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس: أنه لما سئل عن قوله: {وَكَانَ الله عَزِيزًا حَكِيمًا} [2]، {غَفُورًا رَّحِيمًا} [3]، فقال: هو سمى نفسه بذلك، وهو لم يزل كذلك، فأثبت قدم معاني أسمائه الحسنى وأنه هو الذي سمى نفسه بها.

فإذا قلتم: إن أسماءه أو كلامه غيره، فلفظ "الغير" مجمل، إن أردتم أن ذلك شيء بائن عنه فهذا باطل، وإن أردتم أنه يمكن الشعور بأحدهما دون الآخر، فقديذكر الإنسان الله ويخطر بقلبه ولا يشعر حينئذ بكل معاني أسمائه، بل ولا يخطر له حينئذ أنه عزيز وأنه حكيم، فقد أمكن العلم بهذا دون هذا، وإذا أريد بالغير هذا، فإنما يفيد المباينة في ذهن الإنسان؛ لكونه قد يعلم هذا دون هذا، وذلك لا ينفي التلازم في نفس الأمر، فهي معان متلازمة لا يمكن وجود الذات دون هذه المعاني، ولا وجود هذه المعاني دون وجود الذات.

واسم الله إذا قيل: الحمد لله، أو قيل: بسم الله، يتناول ذاته وصفاته، لا يتناول ذاتًا مجردة عن الصفات، ولا صفات مجردة عن الذات، وقد نص أئمة السنة كأحمد وغيره على أن صفاته داخلة في مسمى أسمائه، فلا يقال: إن علم الله وقدرته زائدة عليه، لكن من أهل الإثبات من قال: إنها زائدة على الذات. وهذا إذا أريد به أنها زائدة على ما أثبته أهل النفي من الذات المجردة فهو صحيح، فإن أولئك قصروا في الإثبات، فزاد هذا عليهم، وقال: الرب له صفات زائدة على ما علمتموه.

وإن أراد أنها زائدة على الذات الموجودة في نفس الأمر، فهو كلام متناقض، لأنه ليس في نفس الأمر ذات مجردة حتى يقال: إن الصفات زائدة عليها، بل لا يمكن وجود الذات إلا بما به تصير ذاتًا من الصفات، ولا يمكن وجود الصفات إلا بما به تصير صفات من الذات، فتخيل وجود أحدهما دون الآخر، ثم زيادة الآخر عليه تَخَيُّلٌ باطل.

وأما الذين يقولون: إن الاسم للمسمى كما يقوله أكثر أهل السنة فهؤلاء وافقوا الكتاب والسنة والمعقول، قال الله تعالى: {وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى}[4]، وقال: {أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [5].

وقال النبي ﷺ: «إن لله تسعةً وتسعين اسمًا»، وقال النبي ﷺ: «إن لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، والماحِي، والحاشِر، والعَاقِب» وكلاهما في الصحيحين.

وإذا قيل لهم: أهو المسمى أم غيره؟ فصلوا، فقالوا: ليس هو نفس المسمى، ولكن يراد به المسمى، وإذا قيل: إنه غيره بمعنى أنه يجب أن يكون مباينًا له، فهذا باطل، فإن المخلوق قد يتكلم بأسماء نفسه فلا تكون بائنة عنه فكيف بالخالق، وأسماؤه من كلامه، وليس كلامه بائنًا عنه، ولكن قد يكون الاسم نفسه بائنا، مثل أن يسمى الرجل غيره باسم، أو يتكلم باسمه. فهذا الاسم نفسه ليس قائمًا بالمسمى، لكن المقصود به المسمى، فإن الاسم مقصوده إظهار المسمى وبيانه.

وهو مشتق من السُّمُوِّ، وهو العلو، كما قال النحاة البصريون، وقال النحاة الكوفيون: هو مشتق من السِّمَةِ وهي العلامة، وهذا صحيح في الاشتقاق الأوسط وهو ما يتفق فيه حروف اللفظين دون ترتيبهما، فإنه في كليهما «السين والميم والواو»، والمعنى صحيح، فإن السمة والسميَّا العلامة.

ومنه يقال: وسمته أسمه كقوله: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [6] ومنه التوسم كقوله: {لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} [7]، لكن اشتقاقه من السمو هو الاشتقاق الخاص الذي يتفق فيه اللفظان في الحروف وترتيبها، ومعناه أخص وأتم، فإنهم يقولونفي تصريفه: سميت، ولا يقولون: وسمت، وفي جمعه: أسماء لا أوسام، وفي تصغيره: سُمَىّ لا وُسَيم. ويقال لصاحبه: مسمى لا يقال: موسوم، وهذا المعنى أخص.

فإن العلو مقارن للظهور، كلما كان الشيء أعلى كان أظهر، وكل واحد من العلو والظهور يتضمن المعنى الآخر، ومنه قول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: «وأنت الظاهر فليس فوقك شيء» ولم يقل: فليس أظهر منك شيء؛ لأن الظهور يتضمن العلو والفوقية، فقال: «فليس فوقك شيء».

ومنه قوله: {فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ} [8] أي: يعلو عليه. ويقال: ظهر الخطيب على المنبر: إذا علا عليه، ويقال للجبل العظيم: عَلَم؛ لأنه لعلوه وظهوره يعلم ويعلم به غيره. قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [9].

وكذلك الراية العالية التي يعلم بها مكان الأمير والجيوش، يقال لها: عَلَم، وكذلك العَلَم في الثوب؛ لظهوره، كما يقال لعُرْفِ الدِّيك وللجبال العالية: أعراف، لأنها لعلوها تعرف. فالاسم يظهر به المسمى ويعلو، فيقال للمسمى: سمة، أي: أظهره وأعله أي: أعل ذكره بالاسم الذي يذكر به، لكن يذكر تارة بما يحمد به، ويذكر تارة بما يذم به، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [10]، وقال: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [11]، وقال: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [12].

وقال في النوع المذموم: {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ} [13]، وقال تعالى: {نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ} [14]، فكلاهما ظهر ذكره، لكن هذا إمام في الخير، وهذا إمام في الشر.

وبعض النحاة يقول: سمى اسمًا، لأنه علا على المسمى؛ أو لأنه علا على قسيميه الفعل والحرف، وليس المراد بالاسم هذا؛ بل لأنه يعلى المسمى فيظهر؛ ولهذا يقال: سميته أي أعليته، وأظهرته، فتجعل المعلى المظهر هو المسمى، وهذا إنما يحصل بالاسم.

ووزنه فُعْل وفِعْل، وجمعه أسماء كقُنْو وأقناء، وعضْو وأعضاء، وقد يقال فيه: سُم وسِم بحذف اللام. ويقال: سمى كما قال: والله أسماك سما مباركًا.

وما ليس له اسم فإنه لا يذكر ولا يظهر ولا يعلو ذكره، بل هو كالشيء الخفي الذي لا يعرف؛ ولهذا يقال: الاسم دليل على المسمى، وعلم على المسمى، ونحو ذلك.

ولهذا كان أهل الإسلام، والسنة الذين يذكرون أسماء الله، يعرفونه ويعبدونه، ويحبونه ويذكرونه، ويظهرون ذكره.

والملاحدة الذين ينكرون أسماءه، وتعرض قلوبهم عن معرفته وعبادته، ومحبته وذكره، حتى ينسوا ذكره {نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ} [15]، {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا الله فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ} [16]، {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ} [17].

والاسم يتناول اللفظ والمعني المتصور في القلب، وقد يراد به مجرد اللفظ، وقد يراد به مجرد المعنى، فإنه من الكلام، والكلام اسم للفظ والمعنى، وقد يراد به أحدهما؛ ولهذا كان من ذكر الله بقلبه أو لسانه فقد ذكره، لكن ذكره بهما أتم.

والله تعالى قد أمر بتسبيح اسمه، وأمر بالتسبيح باسمه، كما أمر بدعائه بأسمائه الحسنى؛ فيدعى بأسمائه الحسنى، ويسبح اسمه، وتسبيح اسمه هو تسبيح له؛ إذ المقصود بالاسم المسمى؛ كما أن دعاء الاسم هو دعاء المسمى، قال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [18].

والله تعالى يأمر بذكره تارة، وبذكر اسمه تارة، كما يأمر بتسبيحه تارة، وتسبيح اسمه تارة، فقال: {اذْكُرُوا الله ذِكْرًا كَثِيرا} [19]، {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ}، وهذا كثير. وقال: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [20]، كما قال: {فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ} [21]، {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ الله عَلَيْه} [22]، {فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ الله عَلَيْهِ} [23].

لكن هنا يقال: بسم الله، فيذكر نفس الاسم الذي هو ألف سين ميم وأما في قوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ}، فيقال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله.

وهذا أيضا مما يبين فساد قول من جعل الاسم هو المسمى، وقوله في الذبيحة: {فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ} [24] كقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [25]، وقوله: {بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [26]، فقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} هو قراءة بسم الله في أول السور.

وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبين أن هذه الآية تدل على أن القارئ مأمور أن يقرأ بسم الله، وأنها ليست كسائر القرآن، بل هي تابعة لغيرها، وهنا يقول: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ}[27] كما كتب سليمان، وكما جاءت به السنة المتواترة، وأجمع المسلمون عليه؛ فينطق بنفس الاسم الذي هو اسم مسمى، لا يقول: بالله الرحمن الرحيم، كما في قوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} فإنه يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله ونحو ذلك، وهنا قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} لم يقل: اقرأ اسم ربك، وقوله: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} يقتضي أن يذكره بلسانه.

وأما قوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ}[28]، فقد يتناول ذكر القلب. وقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} هو كقول الآكل: باسم الله. والذابح: باسم الله، كما قال النبي ﷺ: «ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله».

وأما التسبيح، فقد قال: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [29]، وقال: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [30]، وقال: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [31].

وفي الدعاء: {قُلِ ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} [32]، فقوله: {أَيًّا مَّا تَدْعُواْ} يقتضي تعدد المدعو؛ لقوله: {أَيًّا مَّا تَدْعُواْ} وقوله: {فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} يقتضي أن المدعو واحد له الأسماء الحسني، وقوله: {ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ} ولم يقل: ادعوا باسم الله أو باسم الرحمن يتضمن أن المدعو هو الرب الواحد بذلك الاسم.

فقد جعل الاسم تارة مدعوًا، وتارة مدعوا به، في قوله: {وَلله الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [33] فهو مدعو به باعتبار أن المدعو هو المسمى، وإنما يدعى باسمه. وجعل الاسم مدعوًا باعتبار أن المقصود به هو المسمى، وإن كان في اللفظ هو المدعو المنادى، كما قال: {قُل ادْعُواْ الله أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ} أي: ادعوا هذا الاسم، أو هذا الاسم، والمراد إذا دعوته هو المسمى، أي الاسمين دعوت، ومرادك هو المسمى: {فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} فمن تدبر هذه المعاني اللطيفة تبين له بعض حِكَم القرآن وأسراره، فتبارك الذي نزل الفرقان على عبده، فإنه كتاب مبارك تنزيل من حكيم حميد، لا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، من ابتغى الهدى في غيره أضله الله، ومن تركه من جَبّار قَصَمَه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو قرآن عجب، يهدي إلى الرشد، أنزله الله هدى ورحمة، وشفاء وبيانًا وبصائر وتذكرة.

فالحمد لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركَا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله.

آخره ولله الحمد والمنة، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

هامش

  1. [الرحمن: 3، 4]
  2. [النساء: 158]
  3. [النساء: 152]
  4. [الأعراف: 180]
  5. [الإسراء: 110]
  6. [القلم: 16]
  7. [الحجر: 75]
  8. [الكهف: 97]
  9. [الشورى: 32]
  10. [مريم: 50]
  11. [الشرح: 4]
  12. [الصافات: 78، 79]
  13. [القصص: 42]
  14. [القصص: 3]
  15. [التوبة: 67]
  16. [الحشر: 19]
  17. [الأعراف: 205]
  18. [الإسراء: 110]
  19. [الأحزاب: 41]
  20. [المزمل: 8]
  21. [الأنعام: 118]
  22. [الأنعام: 121]
  23. [المائدة: 4]
  24. [الأنعام: 118]
  25. [العلق: 1]
  26. [هود: 41]
  27. [النمل: 30]
  28. [الأعراف: 205]
  29. [الأحزاب: 42]
  30. [الأعلى: 1]
  31. [الواقعة: 74، 96]
  32. [الإسراء: 110]
  33. [الأعراف: 180]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد السادس
فصل: تقرب العبد إلى الله | وقال الشيخ رحمه الله تعالى | فصل: ما قاله الشيخ في إثبات القرب وأنواعه | فصل: هل يتحرك القلب والروح إلى محبوبها | سئل عمن يقول إن النصوص تظاهرت ظواهرها على ما هو جسم | فصل قول القائل: كلما قام دليل العقل على أنه يدل على التجسيم كان متشابها | فصل في جمل مقالات الطوائف في الصفات | فصل الأشياء العينية والعلمية واللفظية والرسمية | فصل طريقة اتباع الأنبياء هي الموصلة إلى الحق | سئل عن تفصيل الإجمال فيما يجب لله من صفات الكمال | المقدمة الأولى أن الكمال ثابت لله | المقدمة الثانية لا بد من اعتبار أمرين | فصل ما جاء به الرسول هو الحق الذي يدل عليه المعقول | فصل قول الملاحدة أن اتصافه بهذه الصفات إن أوجب له كمالا فقد استكمل بغيره | فصل: قول القائل لو قامت به صفات وجودية لكان مفتقرا إليها | فصل: قول القائل الصفات أعراض لا تقوم إلا بجسم مركب | فصل: قول القائل لو قامت به الأفعال لكان محلا للحوادث | فصل: نفي النافي للصفات الخبرية المعينة | فصل: قول القائل المناسبة لفظ مجمل فقد يراد بها التولد والقرابة | فصل قول القائل الرحمة ضعف وخور في الطبيعة | فصل: قول القائل الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام | فصل: قول القائل إن الضحك خفة روح | فصل قول القائل التعجب استعظام للمتعجب منه | فصل قول القائل لو كان في ملكه ما لا يريده لكان نقصا | فصل: قول منكري النبوات ليس الخلق أهلا أن يرسل الله إليهم رسولا | فصل قول المشركين إن عظمته تقتضي ألا يتقرب إليه إلا بواسطة | فصل: قول القائل لو قيل لهم أيما أكمل | فصل: قول القائل الكمال والنقص من الأمور النسبية | فصل قوله تعالى: ولله الأسماء الحسنى | فصل القاعدة العظيمة في مسائل الصفات والأفعال | رد الإمام أحمد على ما أنكرت الجهمية من أن الله كلم موسى | فصل قال القاضي: قال أحمد في رواية حنبل لم يزل الله متكلما عالما غفورا | فصل: ولا خلاف عن أبي عبد الله أن الله كان متكلمًا بالقرآن قبل أن يخلق الخلق | فصل مما يجب على أهل الإيمان التصديق به أن الله ينزل إلى سماء الدنيا | فصل ومما يجب التصديق به مجيئه إلى الحشر يوم القيامة | القول في القرآن | قاعدة في الاسم والمسمى | فصل الذين قالوا إن الاسم غير المسمى | سئل عمن زعم أن الإمام أحمد كان من أعظم النفاة للصفات | فصل في الصفات الاختيارية | فصل في الإرادة والمحبة والرضا | فصل في السمع والبصر والنظر | فصل في دلالة الأحاديث على الأفعال الاختيارية | فصل المنازعون النفاة منهم من ينفي الصفات مطلقا | فصل: رد فحول النظار حجج النفاة لحلول الحوادث | فصل في اتصافه تعالى بالصفات الفعلية | فصل فيما ذكره الرازي في مسألة الصفات الاختيارية | فصل: الرد على الرازي في قصة الخليل إبراهيم وقوله لا أحب الآفلين | قاعدة أن جميع ما يحتج به المبطل من الأدلة إنما تدل على الحق | فصل: مسلك طائفة من أئمة النظار الجمع بين أدلة الأشاعرة والفلاسفة | فصل: الحجة الثانية لمن قال بقدم الكلام | فصل: فيما احتج به الفلاسفة والمتكلمون في مسألة حدوث العالم | فصل في دلالة ما احتجوا به على خلاف قولهم | سئل عن جواب شبهة المعتزلة في نفي الصفات | الرسالة المدنية في الحقيقة والمجاز والصفات | فصل المعترض في الأسماء الحسنى | سئل عن قول النبي: الحجر الأسود يمين الله في الأرض | حديث: رؤية المؤمنين ربهم في الجنة | فصل هل ترى المؤمنات الله في الآخرة | سئل عن لقاء الله سبحانه هل هو رؤيته أو رؤية ثوابه | فصل: قول السائل: كيف يتصور منا محبة ما لا نعرفه | فصل قول السائل إذا كان حب اللقاء لما رآه من النعيم فالمحبة للنعيم | رسالة إلى أهل البحرين في رؤية الكفار ربهم | قوله في حديث: نور أنى أراه | فصل الذي ثبت: رأى محمد ربه بفؤاده | سئل عن أقوام يدعون أنهم يرون الله بأبصارهم في الدنيا | سئل عن حديث إن الله ينادي بصوت | فصل قول القائل لا يثبت لله صفة بحديث واحد | الرسالة العرشية | سئل هل العرش والكرسي موجودان أم مجاز | سئل عن رجلين تنازعا في كيفية السماء والأرض | سئل عن خلق السموات والأرض وتركيب النيرين والكواكب | سئل هل خلق الله السموات والأرض قبل الليل والنهار | سئل عن اختلاف الليل والنهار