هاييتي ( Haiti )
القصر الوطني في بورت أوبرنس هو المقر الرسمي لرئيس هاييتي، ويضم أيضًا بعض المكاتب الحكومية. وتعد هاييتي أقدم جمهورية سوداء في العالم، وثانية الدول المستقلة في نصف الكرة الغربي . |
وتُعد هاييتي أقدم جمهورية سوداء في العالم، وثانية الدول المستقلة في نصف الكرة الغربي، إذ تتمتّع بالاستقلال منذ عام 1804م، بيد أنها قد حكمها معظم تلك الفترة حكّام مستبدّون لم يبذلوا أية جهود لرفاهية شعبهم.
وصل كريستوفر كولمبوس إلى جزيرة هسبانيولا عام 1492م، وأسس قاعدة أسبانية في المكان الذي يعرف الآن بدولة هاييتي، وبعد ذلك نزل الفرنسيون هاييتي فطوّروها وجعلوا منها أغنى مستعمرة في البحر الكاريبي. الاسم الرسمي للبلاد هو: جمهورية هاييتي. وعاصمتها بورت أوبرنس، وتُعد أيضًا أكبر مدنها.
خريطة هايـــــــــيــتي
نظام الحكم:
يرأس حكومة هاييتي رئيس ينتخبه الشعب لفترة خمس سنوات. ويسن البرلمان الذي يطلق عليه الجمعية الوطنية قوانين البلاد. وتتكون الجمعية الوطنية من مجلسين: مجلس الشيوخ ويضم 27 عضواً ينتخبهم الشعب لفترة ست سنوات، أما المجلس الآخر فهم مجلس النواب وبه 83 عضواً ينتخبهم الشعب لمدة أربع سنوات. ويعين رئيس الوزراء، الذي يتم اختياره من حزب الأغلبية في الهيئة التشريعية، أعضاء وزارته بعد إجراء المشاورات اللازمة مع الرئيس.السكان:
الغالبية العظمى، نحو 95% من أهالي هاييتي من الأفارقة السود الذين جُلبوا إليها مستعبدين وقد قطن معظمهم في السهول الساحلية الآهلة بالسكان وفي وديان الجبال حيث توجد تربة أكثر خصبًا وإنتاجًا.يمثل المولدون الخلاسيون ما يقرُب من 5% من شعب هاييتي، وهم هجين من أصول سوداء وبيضاء، وينتمي معظم هؤلاء المولدين الخلاسيين إما إلى الطبقة الوسطي وإما إلى الطبقة العليا، ونشأ كثير منهم وتعلموا أيضًا في فرنسا ومارس معظمهم التجارة. ومنهم أيضًا الأطباء والمحامون الناجحون، كما يعيش في هاييتي أمريكيّون وأوروبيون وسوريّون.
تُعد هاييتي من أكثر بلدان نصف الكرة الغربي كثافة سكانية (287 نسمة/كم²)، ولذا تُعد من أقل بلدان هذا الجزء من العالم في التنمية، كما أن 55% من السكان أميّون لا يقرأون ولا يكتبون. ويعمل أغلب سكّان هاييتي بالزراعة. وعلى الرغم من هذا، لا ينتجون من المحاصيل إلا مايكفي سد حاجاتهم الغذائية. وتفتقر هاييتي إلى المستشفيات والأطباء، وبسبب قلة الغذاء والرعاية الطبيعية، وبخاصة في الريف، لا يزيد متوسط أعمار السكان في هاييتي على 50 سنة فقط.
الفرنسية لغة البلاد الرسمية، وتتحدّث الغالبية العظمى من الهاييتيين بلغة يطلق عليها الكريول الهاييتية، والتي تتضمن في بنيتها شيئًا من اللغة الفرنسية، بينما تتحدث الطبقتان المتوسطة والعليا باللغة الفرنسية.
تزرع الأسرة الهاييتية النموذجية مساحة صغيرة من الأرض تقل عن 0,8 من الهكتار، وكانت يومًا جزءاً من مزرعة، عمل فيها أسلافهم عبيدًا. وتزرع الأسرة الفول والذرة الشامية والأرز والبطاطس من أجل الطعام، وربما قامت بتربية الدجاج أو الخنازير أو الماعز. وتعيش الأسرة الهاييتية في كوخ صغير ضيق من حجرة واحدة سقفها من القش وجدرانها مصنوعة من العصيّ المغطاة بالطين المجفف.
لا يزال معظم سكّان هاييتي يتبعون بعض العادات التي جلبها معظم أسلافهم من إفريقيا. ويتم إنجاز كثير من العمل، في المزارع الصغيرة في هاييتي، بمشاركة مجموعة من السكّان المجاورين الذين ينتقلون من حقل إلى آخر زارعين أو حاصدين للمحاصيل، وهم يغنون بمصاحبة الموسيقى بينما يعملون، ويسمون الربط بين العمل واللعب كومبايت.
تعتنق الغالبية العظمى من الهاييتيين المذهب الروماني الكاثوليكي وبعض الطقوس الخاصة بالوودووية، وهي ديانة تمزج بين المعتقدات النصرانية والإفريقية الوثنية، وهم يعتقدون أنه، عندما يؤدّون بعض الطقوس الخاصة، سيحل فيهم الخالق، مثال ذلك، يقوم الهونجان ؛ أي قسيس الوودووية برسم صورة على الأرض بقليل من الطحين، يلي ذلك رقصات من بعضهم إلى أن يعتقدوا أن الإله قد امتلك واحداً منهم أو أكثر.
يؤمن أتباع الوودووية بكثير من الآلهة الوثنية، مثل: إله المطر وإله الحب وإله الحرب وإله فلاحة الأرض، كذلك فإن بعض الهاييتيين يؤدّون الشعائر الكاثوليكية بدون الوودووية، ويعتنق آخرون المذهب البروتستانتي.
قصب السكّر من المحاصيل الرئيسية في هاييتي، ويقوم هؤلاء المزارعون بتحميل القصب في عربات النقل، حيث يُرسل إلى مصانع السُكَّر لتكريره. وتُصدر هاييتي السكّر إلى الولايات المتّحدة وفرنسا وبعض الدول الأخرى. |
السطح:
تخترق الأجزاء الشمالية والجنوبية من هاييتي، سلسلتان من الجبال الوعرة تكونان شبه جزيرة في الطرَف الغربي من الجزيرة، ويمتد شبهُ الجزيرة الشمالي إلى ما يقرب من 160كم في المحيط الأطلسي، أما شبه الجزيرة الجنوبي فيمتد إلى مايقرُب من 320كم في البحر الكاريبي، كما يقع كل من خليج لا جوناف وجزيرة إيل دي لاجوناف بين شبهي الجزيرة.يقع وادي نهر أرتيبونايت في القسم الشرقي من البلاد بين الجبال، أما جزيرة تورتوجا، فتقع خارج الساحل الشمالي، وتغطي غابات الأرز والماهوجني بعض الجبال، كما تنمو أشجار فاكهة الأقاليم المدارية على الجبال الأخرى.
يزرع الناس مايستطيعون من الأرض، فهم في بعض المناطق يزرعون المحاصيل على منحدرات شديدة الانحدار بحيث يربط الفلاحون أنفسهم في الجبال لتجنب السقوط.
يزرع الناس البن والكاكاو الذي يدخل في صناعة الشوكولاتة.
يُعد قصب السكر المحصول الرئيسي في وادي أرتيبونايت ذي التربة السوداء الخصبة.
وتتراوح درجة الحرارة بين 21°م و 32°م على السواحل، وبين 10°م و 24°م على قمم الجبال، وتستحوذ الغابات المدارية في الجبال الشمالية على ما يقرُب من 250سم من المطر سنويًا، أما الساحل الجنوبي فيستحوذ على أقل من 50 سم من المطر سنويا.
ويهب الإعصار الممطر المدمر أحيانًا على هاييتي في الفترة من يونيو إلى أكتوبر.
مدخل السوق الحديدي في بورت أوبرنس، وقد بُني على شكل أبراج صغيرة ذات نمط إسلامي مغربي، ويبيع التجار في السوق الأطعمة والملابس وغيرها داخل وخارج المحلات. |
الاقتصاد:
يعيش نحو 67% من سكان هاييتي في المناطق الريفية، ويملكون مزارع صغيرة تكاد لا تكفي حاجتهم من الطعام. ويزرع بعض السكّان الذين يعيشون في الجبال الفاكهة والبن ويبيعونها في الأسواق، ويملك بعض المولدين الخلاسيين مساحات كبيرة من الأرض المزروعة حيث يزرعون لفترة مؤقتة البن وقصب السكر والسيزال، وهو نبات يستعمل في صنع الخيط المجدول.يترك كثير من الهاييتيين أرضهم للعمل في مزارع البن وقصب السكّر والسيزال في جمهوريتي الدومينيكان وكوبا.
توجد في هاييتي صناعات ولكنها قليلة، فالكاكاو وقصب السكّر يُنتجَان هناك، ثم يباع المحصول في كلِّ من الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من الدول الأخرى.
وتوجد بهاييتي بعض محالج القطن، ويبيع الحرفيون في المدن مشغولاتهم اليدوية التي نسجوها من نبات السيزال أو نحتوها في خشب الماهوجني للسائحين.
وتستورد هاييتي كميّات قليلة من الصناعات القطنية والحبوب والآلات ويستورد معظمها من الولايات المتحدة.
وتتوقّف بعض الرحلات الجوية الدولية في بورت أوبرنس ؛ ثم تعبر مدن كاب هاييتيان ولي كابي وسان مارك، وهي موانئ بحرية مهمة ؛ وتتوقف القوارب السياحية في كاب هاييتيان، ويزور كثير من المسافرين تلك المدينة.
لا يوجد في هاييتي من الخطوط الحديدية سوى خط واحد يبلغ طوله 80كم، وتقع معظم تلك الخطوط في مزارع قصب السكّر. ويبلغ طول الطرق في هاييتي مايقرُب من 5,000كم، منها 600كم تُعَدُّ صالحة للاستعمال في كل الظروف المناخية.
نبذة تاريخية:
رحل كريستوفر كولمبوس إلى هسبانيولا عام 1492م حيث ارتطمت إحدى سفنه، واسمها سانتاماريا، ببعض الصخور في قاع البحر على مقربة من مدينة كاب هاييتان الحالية، وكان ذلك خلال شهر ديسمبر من تلك السنة. استعمل بحارة كولمبوس ألواح تلك السفينة في بناء حصن أطلق عليه كولمبوس حصن نافيداد، وعند إبحار كولمبوس، كان بعض طاقمه يمكثون للحفاظ على ذلك الحصن، غير أن الهنود الأراواك الذين كانوا يعيشون على تلك الأرض دمّروا هذا الحصن وقتلوا كلّ من كان به.اكتشف كولمبوس الذهب في الموقع الذي يُعْرف الآن بجمهورية الدومينيكان، ومن ثم ـ اندفع المستوطنون الأسبان إلى هسبانيولا، حيث أجبروا الهنود على استخراج الذهب وزراعة المحاصيل الغذائية. وقد أساءوا معاملة الهنود لدرجة أنه بحلول عام 1530م لم يبق من الهنود على قيد الحياة إلا بضع مئات ؛ ولذا جلب أولئك المستوطنون عبيدًا من إفريقيا للعمل لديهم.
وسرعان ما هجر المستوطنون هسبانيولا ؛ طلبًا لمستوطنات أسبانية أكثر رخاء في كل من بيرو والمكسيك. وبحلول عام 1606م، كان الباقون من الأسبان في هسبانيولا من القلة بحيث أصدر ملك أسبانيا أوامره لكل الأسبان الموجودين هناك بالمضي قُدمًا إلى مكان قريب من مدينة سانتو دومينجو التي تعرف الآن بجمهورية الدومينيكان. وعندئذ هرع القراصنة من الفرنسيين والإنجليز والهولنديين واستولَوْا على الساحلين الشمالي والغربي من هسبانيولا المهجورة، وجعلوا جزيرة تورتوجا الصغيرة قاعدة لهم للهجوم على السفن وهي في طريقها إلى أسبانيا. وحاول الأسبان، عبثًا، إبعادهم. وبحلول عام 1697م أعلنت أسبانيا رسميًا الاعتراف بسيادة فرنسا على الثلث الغربي من تلك الجزيرة.
أطلقت فرنسا على هذه المستعمرة الجديدة اسم سان دومينجو، وجلب المستعمرون الفرنسيون عددًا من الأفارقة وأقاموا مزارع كبيرة لزراعة البن والتوابل. وبحلول عام 1788م، بلغ عدد الأفارقة في هاييتي ما يقرب من نصف مليون نسمة، أي ما يُعادل ثمانية أمثال المستعمرين الفرنسيين أنفسهم، وسرعان ما عمَّ الرخاء مستعمرة سان دومينجو وفاقت في أهميتها، بالنسبة لفرنسا، مستعمراتها في كندا.
وفي عام 1791م، وخلال اشتعال الثورة الفرنسية، قام الأفارقة في سان دومينجو بثورة على الفرنسيين فدمروا المزارع والمدن واستولى توسان لوفرتير، وكان واحدًا من الأفارقة، على زمام الأمور في البلاد وأعاد إليها شيئًا من النظام، وبعد أن تولى نابليون الأول زمام الأمور في فرنسا سنة 1799م أرسل جيشًا إلى هاييتي لاستعادة الحكم الاستعماري الفرنسي مرّة أخرى، فاعتقل الجيش توسان وزج به في السجن ثم أُرسل إلى فرنسا. غير أن كثيرًا من أفراد الجيش الفرنسي وقعوا صرعى الحمى الصفراء. ولذا تمكّن الثوار سنة 1803م من هزيمة الجيش الفرنسي الذي فتك به المرض، وفي الأول من شهر يناير سنة 1804م أعلن الجنرال جان جاك ديسالين، قائد الثوار، استقلال البلاد وإقامة دولة تحمل اسم هاييتي.
أصبح دسالين أول رئيس للجمهورية، وبعد مقتله سنة 1806م، نشب صراع على السلطة بين اثنين من القادة هما: ألكسندر بيتيون وهنري كريستوف، فتولى بيتيون حكم هاييتي الجنوبية، بينما حكم كريستوف الجزء الشمالي. وفي سنة 1818م، حل جان بيير بوييه محل بيتيون، وأعاد توحيد القطر، ثم مالبث أن انتحر كريستوف سنة 1820م. وبحلول عام 1821م، قام بوييه بالاستيلاء على المستعمرة الأسبانية في هسبانيولا الشرقية، وظلت هاييتي تحكم تلك المستعمرة حتّى ثورة الشعب عليها سنة 1844م.
وخلال السبعين عامًا التالية، تولى حكم هاييتي 32 حاكمًا، فخيَّم القلق وعدم الاستقرار على طول البلاد وعرضها.
وفي سنة 1915م، بعث الرئيس الأمريكي وودرو ولسون بأسطول حربي تجاري إلى هاييتي لإعادة النظام، خشية أن تطمع الدول الأخرى في الاستيلاء عليها إذا استمرت حالة القلق سائدةً في البلاد.
استنكر الهاييتيون هذا التدخل من جانب أمريكا، وأرغمت قوات الاحتلال هاييتي على أداء ديونها الكثيرة للدول الأخرى.
قوَّى الاحتلال الحكومة، فقامت برصف الطرق وبناء المدارس والمستشفيات، ووضعت برنامجًا صحيًا تم به القضاء على الحمى الصفراء.
وبحلول عام 1934م، انسحبت قوات الولايات المتحدة، واستعادت هاييتي هيمنتها على شؤونها. وقد شجع رئيسا هاييتي التاليان، الشركات الأجنبية على استثمار أموالها في هاييتي، بيد أن الطبقة العليا ـ المولدين الخلاسيين ـ استحوذت على نصيب الأسد من فوائد تلك الاستثمارات.
ولا يزال الكثير من عدم الاستقرار يعم هاييتي منذ عام 1946م، حيث استولى ضباط الجيش على مقاليد الأمور في السنة نفسها بعد أن عمت الفوضى أرجاء البلاد، وانتُخب أحد ضباط الجيش وهو بول ماجلوار رئيسًا للبلاد سنة 1950م، فعمل على زيادة معدلات التنمية الزراعية والصناعية، لكنّه استقال من منصبه سنة 1956م عندما عادت القلاقل إلى سيرتها الأولى، فعاد الجيش إلى سابق عهده واستولى على زمام السلطة في البلاد.
وفي سنة 1957م، انتخب فرانسوا دوفالييه الذي عمل طبيبًا في ريف هاييتي، رئيسًا للدولة ولكنّه ما لبث أن أعلن نفسه رئيسًا للدولة مدى الحياة وراح يحكم البلاد حكمًا استبداديًا حتّى إنه قام سنة 1971م بإجراء تعديل في الدستور يُعطي لرئيس الدولة الحقّ في اختيار خلف له، ومن ثم اختار ابنه جان كلود خلفًا له، غير أنّه قضى نحبه في شهر أبريل عام 1971م. وخلفه من بعده ابنه جان ـ كلود الذي لم يكن قد تجاوز التاسعة عشرة من عمره آنذاك، فنصَّب نفسه رئيسًا للدولة مدى الحياة وحكم البلاد حكمًا استبداديًا مثل والده.
تولّى كل من فرانسوا وجان الإشراف على القوات المسلحة في هاييتي، وقاما بإنشاء قوة شرطة سرية نفذت بالقوة كل السياسات التي ارتآها هذان الرجلان، واتسمت هذه السياسة بالبطش والعنف، ولهذا أطلق الشعب اسم تونتون ماكوت ـ أي الغول ـ على أعضاء هذه الشرطة السرية.
وفي بداية السبعينيات من القرن العشرين، شرعت أعداد كبيرة من الهاييتيين في مغادرة بلادهم بسبب الظروف المعيشية القاسية والمعاملة غير الإنسانية التي كانوا يلقونها على أيدي الشرطة السرية، وهاجر معظمهم إلى الولايات المتحدة بوصفهم لاجئين.
وفي عام 1986م، ثار الهاييتيّون في وجه جان ـ كلود دوفالييه الذي سرعان ما لاذ بالفرار من البلاد، وعلى الفور نصَّب الفريق هنري نامفي، قائد القوات المسلحة في هاييتي، نفسه رئيسًا للدولة، فألغى الشرطة السرية أو التونتون ماكوت.
وفي شهر مارس 1987م، تبنَّى الناخبون مشروع دستور جديد للبلاد نص على إقامة حكومة جديدة، لها رئيس مجلس نيابي ينتخبه الشعب، بيد أن الحكومة حاولت أن تنقل الإشراف على الانتخابات من المجلس الانتخابي المدني إلى الجيش، ومن ثم هبّت مظاهرات ضد تلك المحاولة تمخضت عن أعمال عنف بين المتظاهرين وقوات الجيش. وكان مقررًا أن تجرى انتخابات الرئاسة في 29 نوفمبر سنة 1987م، إلا أن الإرهابيين هاجموا كثيرًا من الناخبين أثناء وجودهم عند صناديق الاقتراع، وقتلوا أكثر من 30 شخصًا، و نتيجة لذلك، تمّ إلغاء الانتخابات. وفي شهر يناير سنة 1988م، أجريت انتخابات جديدة، واختار الناخبون برلمانًا ورئيسًا مدنيًا جديدًا هو: ليسلي مانيجات. وفى شهر يونيو من السنة نفسها، قام نامفي بانقلاب أطاح فيه بالحكومة، واستولى هو على السلطة، ونصَّب نفسه رئيسًا لحكومة عسكرية، وفي شهر سبتمبر من السنة نفسها، استولى ضباط من الحرس الجمهوري في هاييتي على زمام الأمور، ونصَّب الفريق بورسير أفريل نفسه رئيسًا للحكومة، ولكنّه مالبث أن تنازل عن الحكم في شهر مارس 1990م، عقب الاحتجاجات التي ثارت ضد نظام حكمه. وبذلك أصبحت السيدة إرثا باسكال ـ ترووييوه التي كانت تترأس المحكمة العليا، رئيسًا للدولة، مؤقّتًا، فوعدت بإجراء انتخابات جديدة.
تمّ إجراء الانتخابات تحت إشراف مراقبين أجانب، وكان ذلك في شهر يناير عام 1991م، وانتُخب جان برتراند أريستيد ـ وهو قس سابق ـ رئيسًا للدولة بأغلبية ساحقة ولكن سرعان ما أطاح عسكريّون بحكم أريستيد واستولوا على السلطة.
وفي عام 1994م، وبعد أزمة عنيفة اجتاحت البلاد وبتدخل ودعم مباشرين من الولايات المتحدة الأمريكية، تخلى العسكريون عن الحكم وأعيد الرئيس الهاييتي المنتخب جان برتراند أريستيد إلى السلطة. وفي 7 فبراير 1996م، خلف رينيه بريفال الرئيس أريستيد في أول انتقال سلمي للسلطة منذ أن نالت هاييتي استقلالها قبل 192 سنة. وفي أبريل 1996م، سحبت الولايات المتحدة قواتها العاملة في هاييتي، وفي ديسمبر 1998م، انسحبت قوات حلف السلام التابعة للأمم المتحدة من هاييتي.