الرئيسيةبحث

بورما ( Burma )



باجودة شوي داجون الكبيرة تعد من المعالم العمرانية البارزة في بورما، وتقع في رانجون، عاصمة البلاد وأكبر مدنها.
بورما، التي تعرف الآن باسم ماينمار، دولة تقع في جنوب شرقي آسيا على امتداد خليج البِنْغال. وتحد بورما جبال من جهات ثلاث: الغرب والشمال والشرق، حيث تحيط بوادي نهر إراوادي. ويصب نهر إراوادي في خليج البنغال من خلال مصاب عديدة في شكل دلتا واسعة تقع عليها رانجون، عاصمة بورما وأكبر مدنها.

يُسمَّى سكان بورما بالبورميين وأغلبهم من البوذيين، ويقطنون في قرى حول الدلتا وحول وادي إراوادي. لقد ظل الناس يعيشون فيما يُعرف الآن ببورما منذ عصور ماقبل التاريخ. ونشأت عدة ممالك في بورما ثم سقطت منذ القرن الحادي عشر الميلادي حتى القرن التاسع عشر الميلادي عندما استولت بريطانيا على بورما. ونالت بورما استقلالها عام 1948م، ثم أعلنت الحكومة عام 1989م تغيير الاسم الرسمي للبلاد، من اتحاد بورما إلى اتحاد مَاينْمار.

نظام الحكم

أيقونة تكبير خريطة بورما

الحكومة الوطنية:

يسيطر على حكومة بورما مجلس عسكري يُسمَّى مجلس الدولة للسلام والتنمية ؛ ويتولى رئيس المجلس مسؤوليات رئيس الوزراء ووزير الدفاع. ويعتقد كثير من الخبراء أن القائد العسكري ني ون الذي حكم البلاد بين عامي 1962م و1988م، لا يزال يسيطر على أعمال المجلس. وقد تسلم المجلس السلطة بانقلاب عسكري في سبتمبر 1988م، وكان يعرف حتى عام 1997م باسم مجلس الدولة لاستعادة القانون والنظام. وقد ألغى الانقلابيون السلطة التشريعية وغيرها من المؤسسات الوطنية الحكومية. وفي عام 1990م أجريت انتخابات متعددة الأحزاب، نال فيها الحزب الرئيسي المعارض وهو حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية أغلبية المقاعد، غير أن الحكومة العسكرية أوضحت أنها لن تسمح بانتقال السلطة حتى يتم وضع دستور جديد. وبدأت جميع الفعاليات السياسية اجتماعات متواصلة منذ 1993م لوضع الدستور الجديد.

الحكومة المحلية:

تنقسم بورما إلى 14 وحدة إدارية كبيرة تشمل سبعة أقسام و سبع ولايات. يشكل البورميون ـ أكبر المجموعات العرقية في بورما ـ غالبية سكان الأقسام، بينما تقطن المجموعات العرقية الأخرى بالولايات بصفة رئيسية. كذلك تنقسم الأقسام والولايات نفسها إلى عدة وحدات صغيرة، حيث يدير كل وحدة من وحدات الحكومة المحلية مجلس يتألف من عسكريين ومدنيين وضباط شرطة محليين.

المحاكم:

حلت أعلى محكمة في بورما بموجب القانون العرفي، وتمارس المحاكم الأقل درجة اختصاصاتها بالمشاركة مع المحاكم العسكرية.

القوات المسلحة:

يبلغ عدد الأفراد العاملين بالجيش البورمي والبحرية وسلاح الطيران 400,000 فرد، يخدم نحو90% منهم في الجيش، وجميعهم متطوعون. وتبلغ القوة العاملة في الشرطة الوطنية البورمية نحو 50,000 فرد.

السكان

عدد السكان وأصولهم:

يبلغ عدد سكان بورما نحو 48,866,000 نسمة، يسكن نحو 75% منهم بالمناطق الريفية، والبقية في المدن.

ينحدر معظم البورميين من شعوب مختلفة وفدوا إلى المنطقة من أواسط آسيا. ويشكل البورميون، وهم أكبر مجموعة عرقية في بورما، نحو ثلثي السكان. أما المجموعات العرقية الأخرى فإنها تشمل الكارين، وشان، والآراكانيس، وتشين، وكاشين، ومون، وناجا، ووا. ويعيش معظم أفراد هذه المجموعات على التلال والجبال المتاخمة لبورما. وتسعى كل مجموعة من سكان التلال إلى المحافظة على ثقافتها الخاصة. ومنذ عام 1948م ظلت مجموعات عديدة في حالة ثورة مسلحة ضد الحكومة لنيل المزيد من الحقوق أو الاستقلال في أوطانهم. ويعيش بعض الصينيين والهنود في المدن والبلدات البورمية.

اللغات:

اللغة الرسمية في بورما هي البورمية ذات الصلة بالتِّيبْتية. ويتحدث جميع السكان تقريبًا اللغة البورمية. كما يتحدث الكثير منهم اللغة الإنجليزية أيضًا. بالإضافة إلى ذلك تستخدم مجموعات كثيرة تعيش في التلال لغات خاصة بها.

الدين:

يعتنق نحو 85% من سكان بورما مذهب ثيرافادا البوذيّ. ★ تَصَفح: البوذية. وتؤثر البوذية التي تقول بأن السعادة تكمن في تحرير النفس الإنسانية من ملذات الدنيا تأثيرًا بالغًا على الأسرة والمجتمع. وتشمل المجموعات الدينية الأخرى في بورما المسلمين والنصارى.

السوق العائمة تُعدُّ تقليداً مميزًا على بحيرة إنلي في أواسط بورما، حيث يتجمع المزارعون والصناع المهرة وأُناس آخرون في المنطقة داخل قوارب كل خمسة أيام لتسويق منتجاتهم مثل كعك الأرز، والسمك، والفواكه، والخضراوات، وأدوات الحقل، والحرير.

أنماط المعيشة:

يسكن معظم البورميين في قرى زراعية يتألف أغلبها من نحو 50-100 منزل من الخيزران مسقوف بالقش. ويتم بناء المنازل على أعمدة ترتفع فوق سطح الأرض لحمايتها من الفيضانات والحيوانات المفترسة. ويوجد في معظم القرى أديرة بوذية تمثل مراكز للعديد من الأنشطة الاجتماعية إلى جانب الممارسات الدينية.

من أمثلة ذلك أن الصبيان يبقون بالدير لفترة قد تمتد من أيام قليلة إلى عدة أشهر عقب احتفال بمناسبة بلوغهم سن الرشد، يطلق عليه شنْ بيُو. وفي أثناء الاحتفال تحلق رؤوس الصبيان رمزًا لنبذهم المؤقت للدنيا. أما الفتيات فعندما يبدأن الدخول في سن البلوغ يقام لهن احتفال خاص بثقب شحمة الأذن يُسمَّى نَهْتون، يتسلمن بعده أول زوج من الأقراط.

يعيش كثير من سكان المدن في منازل صغيرة من الطابوق أو الإسمنت، ويعملون في المؤسسات الحكومية أو المنشآت الصناعية والتجارية. وتتميز حياة المدن بقدر أكبرمن الأنشطة الترويحية والثقافية مقارنة بالحياة في الريف، كما أنها تتحرك بخطىً أسرع. غير أن معظم سكان المدن يرتبطون أيضًا بصلات وثيقة مع أسرهم ومجموعاتهم العرقية، ويظل الدين أمرًا مهمًا بالنسبة لهم طوال حياتهم.

يلبس الناس عادة، في المدن أو الريف، رجالاً أو نساء اللونجي، وهو رداء طويل مُحْكَم مصنوع من قماش قطني اُسْطواني الشكل. ويتميز اللونجي الخاص بالنساء بألوان وتشكيلات زاهية وملتحم عند الجانب. ويتميز لونجي الرجال أحيانًا بتشكيلات مخططة ويلتحم من الأمام. وتلبس النساء قميصًا رقيقًا، كما يلبس الرجال قميصًا مع اللونجي. وفي المناسبات الخاصة، يرتدي الرجال سترة من الحرير وجوانجبوانج، وهو غطاء للرأس مصنوع من القماش وملفوف حول إطار من الخوص.

للنساء في بورما قدر أكبر من الحقوق مقارنة بمثيلاتهن في الأقطار الآسيوية الأخرى، حيث تحتفظ المرأة باسمها بعد الزواج، وتتساوى مع زوجها في حيازة الممتلكات. وفي معظم الأسر البورمية، تتولى الأم المصروفات والشؤون المنزلية، ويعمل كثير من النساء خارج المنزل، بل إن بعضهن يمتلكن أعمالاً تجارية أو يقُمْن بإدارتها.

الطعام:

يتناول البورميون الأرز في كل الوجبات تقريبًا. ويُطيّب الأرز في الغالب بالفلفل الحار، كما يمكن إضافة السمك أو الخضراوات. ويفضل البورميون السمك والروبيان والدجاج، لكنهم قلَّما يأكلون لحم البقر أو اللحوم الحمراء الأخرى. وتشمل المتبلات المستخدمة في الأطعمة البحرية واللحوم البصل والثوم والزنجبيل ونْجابي، وهو معجون لاذع المذاق يُصنع من السمك أو الروبيان المحفوظ. أما الفواكه المفضلة لدى البورميين فتشمل الموز والحمضيات وفواكه جنوب شرقي آسيا المعروفة باسم ديوريانز.

الترويح:

تشمل الألعاب الرياضية المحببة في بورما كرة القدم ونوعًا من الملاكمة يُبيح الضرب في أي جزء من الجسم. أما اللعبة الجماعية المفضلة بصفة رئيسية فإنها لعبة شنْلُون التي تعتمد على تمرير كرة من القصب المنسوج من لاعب إلى آخر عن طريق ضربها بالركبة أو الرأس.

يقيم البورميون مهرجانات عديدة تستمر أكثرها شعبية لثلاثة أيام قبل بدء العام البوذي الجديد، وذلك في أبريل خلال موسم الحرارة والجفاف غالبًا، حيث يتراشق الناس بالماء في احتفال صاخب ينتهي وجميعهم مبتلُّون. ويتضمن مهرجان رأس السنة وغيره من الاحتفالات المتعددة عرضًا يُسمَّى بوي يستمر طوال الليل، يشترك فيه الممثلون والمغنون والمهرِّجون.

التعليم:

يعرف نحو 80% من سكان بورما ممن هم في عمر 15 سنة أو أكثر مبادئ القراءة والكتابة. ويَفْرِض القانون البورمي دخول المدرسة على الأطفال في عمر 5-9 سنوات، وتمنح الحكومة فرصة التعليم المجاني من الروضة إلى الجامعة. غير أن التعليم في المراحل التي تلي المرحلة الابتدائية لايتوافر إلا في المدن والبلدات الكبيرة. وتقع الجامعات البورمية الرئيسية في رانجون ومندلاي إلى جانب عدد كبير من الكليات الأكاديمية والفنية.

الفنون:

من الأعمال الفنية المعروفة في بورما آلاف الباجودات (معابد على شكل أبراج) التي تنتشر في أنحاء القطر. وتعد باجودة شوي داجون في رانجون أشهرها على الإطلاق، حيث يرتفع ذلك الهيكل الذهبي ذو القباب إلى 99م فوق منصة من الرخام على قمة تل. وهناك المئات من الباجودات بالمدينة القديمة باجان، إضافة إلى أن الصُناع البورميين المهرة مشهورون بالنحت على الخشب وصناعة الأواني المطلية باللّكِ والمجوهرات.

السطح والمناخ

أقاليم السطح:

تنقسم بورما إلى ثلاث مناطق برية رئيسية هي: 1- سلسلة الجبال الشرقية 2- الحزام الجبلي الغربي 3- الحزام الأوسط.

سلسلة الجبال الشرقية تفصل بورما عن تايلاند ولاوس والصين. وتشمل هذه المنطقة ساحل تيناسيريم الطويل الضيق على الحدود الشمالية لبحر أَنْدَمان، وهضبة شان. وتزخر المنطقة بأحد أجود أنواع الياقوت واليَشْب في العالم، كما تحتوي على ترسبات من الذهب والرصاص والزِّنك.

الحزام الجبلي الغربي منطقة ذات غابات كثيفة على طول الحدود بين بورما والهند. وتتكون المنطقة الجنوبية من مجموعة من الجبال المنخفضة تُسمَّى أرَاكان يُوما تمتد إلى خليج البنغال الذى يحده سهل ضيق من الأرض الزراعية الغنية.

الحزام الأوسط يقع بين المنطقتين الجبليتين الشرقية والغربية، ويشمل أعلى جبال بورما في أقصى الشمال. وترتفع هكاكابو رازي، أعلى قمة في البلاد، إلى 5,881م فوق سطح البحر. ويتكون النطاق الأوسط أساسًا من واديي نهري إيراوادي وسيتانج. ويجري نهر إيراوادي مسافة 2,000كم في أواسط البلاد منحدرًا إلى أسفل ليصب في خليج البنغال، حيث يُعدُّ أهم خطوط النقل في بورما. ويقع نهر سيتانج، الذي يبلغ طوله 550كم، إلى الغرب من نهر إيراوادي، ومن هذين النهرين يحصل المزارعون على المياه لري مزارع الأرز.

المناخ:

يسود المناخ المداري معظم مناطق بورما. ويبلغ متوسط درجات الحرارة في مندلاي، في وسط بورما 20°م في يناير و 29°م في يوليو، بينما يبلغ في رانجون، على الدلتا، 25°م في يناير و27°م في يوليو. وتتعاقب في بورما ثلاثة مواسم هي: 1- الموسم الممطر، 2- الموسم البارد، 3- الموسم الحار.

الموسم الممطر. يستمر هذا الموسم الذي تهطل خلاله كمية الأمطار كلها في بورما تقريبًا، من أواخر مايو إلى أكتوبر من كل عام وتتفاوت كمية الأمطار كثيرًا من منطقة إلى أخرى، إذ تشهد منطقة مندلاي، على سبيل المثال، نحو 76سم من الأمطار سنويًا، بينما تغمر ساحل تيناسيريم أكثر من 510سم، وتهطل الأمطار هنا بسبب الرياح الموسمية.

الموسم البارد يستمر من أواخر أكتوبر إلى منتصف فبراير، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى أدنى مستوياتها، رغم أن المناخ يظل مداريًا في معظم أنحاء بورما.

الموسم الحار يستمر من أواخر فبراير إلى حوالي منتصف مايو. ترتفع درجات الحرارة خلال هذا الموسم إلى نحو 40°م في أجزاء عديدة من بورما.

الاقتصاد

يُعدُّ الاقتصاد البورمي اقتصادًا ناميًا ويعتمد بصفة رئيسية على الزراعة التي تستوعب نحو ثلثي القوى العاملة في البلاد. وتمتلك الحكومة كافة الأراضي. وتسهم المصانع الحكومية بنحو نصف الإنتاج الصناعي في البلاد.

حقول الأرز تحيط بقرية على وادي نهر إراوَادِي حيث يعيش أغلب البورميين في قرى مماثلة. كذلك يزرع معظم الناس هنا الأرز، وهو المحصول الرئيسي في بورما. وتنتصب قمة الباجودة المستدقة في أدنى الصورة.

الزراعة والغابات وصيد السمك:

يُعَدُّ الأرز المحصول الرئيسي لبورما، حيث تغطي حقول الأرز أكثر من نصف الأراضي الزراعية، ويُصدَّر جزء كبير منه إلى الخارج. وتشمل المحاصيل الأخرى الخضراوات والفاكهة وقصب السكر والفول السوداني والسمسم والذرة الشامية والقمح والدخن والتبغ والجوت والقطن والمطاط، وتزرع معظم المحاصيل في مزارع صغيرة.

تغطي الغابات نحو نصف مساحة بورما، وتنتج نحو 80% من الإنتاج العالمي من خشب شجرة التيك. ويتم صيد الأسماك والصدفيات في أنهار بورما ومياهها الساحلية، كما يربي الكثير من البورميين الأسماك في البرك الموجودة بالقرى.

التصنيع:

تستوعب الصناعة أقل من عُشر العمالة البورمية، وتُخصص معظم السلع المصنَّعة للاستهلاك المحلي. وتشمل المنتجات الأطعمة المصنعة والمنسوجات والسماد. وتُعَدُّ رانجون المركز الصناعي الرئيسي للبلاد.

التعدين:

يستوعب التعدين أقل من 1% من العمالة البورمية، ولدى بورما ثروة من المعادن تشمل الزنك والرصاص والصفيح والتنجستن والفضة، بالإضافة إلى اليَشْب وبعض الأحجار الكريمة مثل الياقوت والصَّفير. غير أن جزءًا كبيرًا من الثروة المعدنية في بورما لم يُستغل بعد.

مصادر الطاقة:

لايكاد إنتاج بورما من النفط والغاز الطبيعي يكفي حاجتها. وتمد وحدات توليد الطاقة الكهرومائية البلاد بأكثر من نصف حاجتها من الكهرباء، بينما يتم توفير النسبة الباقية من الطاقة عن طريق النفط والغاز الطبيعي والفحم الحجري.

قطاع الخدمات:

يستوعب هذا القطاع نحو ربع العاملين البورميين، ومعظمهم من الإداريين، ويعمل الباقون في المدارس والمستشفيات والمؤسسات الأخرى ذات الصلة بخدمة المجتمع. ويشمل هذا القطاع كذلك العاملين في مجالات التجارة والنقل والاتصالات.

التجارة:

يشكل خشب شجرة التيك والأرز نحوْ ثلثي عائد صادرات بورما التي يصدر معظمها إلى الأقطار الآسيوية الأخرى. أما الواردات الرئيسية فتشمل الآليات والسيارات والسماد والمواد الكيميائية، حيث يأتي الكثير منها من اليابان. وقد تسببت الرقابة الحكومية الصارمة على التجارة، والنقص الحاد في السلع الاستهلاكية، في انتشار سوق سوداء في بورما، إذ يتم تهريب أصناف أجهزة المذياع الترانزستور والتلفاز والملابس إلى داخل البلاد مقابل خشب شجرة التيك والأرز والجواهر والأفيون.

النقل:

تُنقل معظم البضائع في بورما بالقوارب النهرية عبر أكثر من 8,000كم من الخطوط المائية الداخلية، كما يتم النقل أيضًا بالطرق البرية والسكك الحديدية. وفي بورما نحو 27,000كم من الطرق الصالحة لجميع أنواع الطقس ونحو 4,300كم من خطوط السكك الحديدية. ومع أن أغلب القوارب والشاحنات البرية تتبع القطاع الخاص، إلا أن السكك الحديدية تابعة للحكومة. ولايملك السيارات إلا عدد قليل من السكان البورميين حيث يسافر العديد منهم بين المدن بوساطة القوارب النهرية. أما في المناطق الريفية فإن العربات التي تجرها الثيران تُعدُّ الوسيلة المألوفة للنقل. ومن بين الموانئ البحرية الرئيسية في بورما رانجون وباسين ومولمين وستوي. وتعدُّ مندلاي ميناءً نهريًا، ومركزًا للنقل مهمًا كما يُوجد في رانجون مطار دولي.

وسائل الاتصال:

تسيطر الحكومة البورمية على وسائل الاتصال الجماهيري إذ تُصدِر خمس صحف يومية، أربع منها باللغة البورمية وواحدة بالإنجليزية. وتُبث برامج الإذاعة باللغتين البورمية والإنجليزية واللغات المحلية. ويملك جهاز المذياع 4% فقط من البورميين، كما أن الإرسال التلفازي لم يبدأ في بورما إلا عام 1980م.

نبذة تاريخية

العهود القديمة:

كان قوم مون أول من استوطن أرض بورما الحالية، فقد نزحوا إلى المنطقة منذ عام 3000ق.م واستقروا بالقرب من مصبَّي نهري سلوين وسيتانج. وقد هاجر قوم مون، كغيرهم من الأقوام الذين أتوا مؤخرًا، من منطقة في أواسط آسيا تمثل الآن جنوب غربي الصين. وقد جاء البايو إلى المنطقة في القرن السابع الميلادي، بينما جاء البورميون والتشين والكاشين والكارين والشان خلال القرن التاسع الميلادي. وعاش كل قوم من هؤلاء بمعزل عن الآخرين، وحافظ كل منهم على ثقافته الخاصة.

في عام 1044م، وحَّد حاكم بورمي يُسمَّى أناوْرَاهْتا المنطقة، وأسَّس مملكة استمرت مايُقارب 250 سنة، وكانت عاصمتها باجان التي تقع على نهر إراوادي في وسط بورما. واحتفظ البورميون بالسمات الثقافية لقوم مون وبايو بما في ذلك مذهب ثيرافادا البوذي. غير أن الغزاة المغول بقيادة قبلاي خان احتلوا باجان عام 1287م وشتَّتوا شمل المملكة. ثم نهضت مملكة بورمية في تونجوو خلال القرن السادس عشر الميلادي، لكنها أُسقطت بثورة شنها المون عام 1752م.

الحكم البريطاني:

تأسَّست آخر مملكة بورمية على يد قائد يُسمَّى ألونجبايا بعد ثورة المون، إلا أن ثلاث حروب مع البريطانيين أدت إلى انهيار المملكة بسبب مقاومة البورميين للمطامع التجارية والإقليمية لبريطانيا. وقد استمرت الحرب الأولى من عام 1824م إلى 1826م، واندلعت الثانية عام 1852م، والثالثة عام 1885م، حيث احتل البريطانيون بالتدريج بورما بأكملها خلال تلك الحروب.

عقب الحرب الثالثة مع بريطانيا، أصبحت بورما إقليمًا تابعًا للهند التي كان يحكمها البريطانيون. وشهدت بورما تحت الحكم البريطاني نموًا سكانيًا واقتصاديًا سريعًا، غير أن المتعلمين البورميين أخذوا يدعون إلى انفصال بورما عن الهند لتصبح دولة مستقلة. على أثر تذمر البورميين أنشأ البريطانيون مجلسًا تشريعيًا في العشرينيات من القرن العشرين، مما أكسب المواطنين قدرًا يسيرًا من المشاركة في الحكم.

غير أن ذلك لم يضع حدًا للمعارضة ضد حكم البريطانيين، ففي مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين قاد راهب بوذي سابق يُدعى سايا سان عدة آلاف في ثورة لم يُكتب لها النجاح. وفي الوقت نفسه، أسس الطلاب الجامعيون الاتحاد العام لطلاب بورما للعمل من أجل الاستقلال، وكان من بين قواد تلك الحركة ثاكين نو، وثاكين أونج سان. ونظم الاتحاد إضرابًا طلابيًا عام 1936م. وبرغم أن البريطانيين قاموا بفصل بورما عن الهند عام 1937م ومنحوا البورميين حكمًا ذاتيًا جزئيًا، إلا أن المقاومة استمرت من أجل تحقيق الاستقلال الكامل.

الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م):

غزت اليابان بورما عام 1942م، وكان ثاكين نو، وثاكين سان قد شكَّلا جيش الاستقلال البورمي الذي ساعد اليابانيين على إجلاء البريطانيين خارج بورما. وأعلن اليابانيون استقلال بورما عام 1943م، لكنهم سيطروا على مقاليد الحكم في حقيقة الأمر، فكره البورميون الحكم الياباني أكثر من الحكم البريطاني. وكّون الثاكينان الرابطة الشعبية للحرية المناهضة للفاشية بقيادة الجنرال أونج سان، حيث ساعدت الرابطة بريطانيا والقوى الأخرى للحلفاء في استرداد بورما عام 1945م.

الاستقلال:

عاد البريطانيون إلى السلطة في بورما بعد هزيمة اليابان. غير أن الرابطة كانت قد أصبحت حزباً سياسيًا قويًا يهدد سيطرة البريطانيين الذين لم يتمكنوا من حكم البلاد دون مساندة منها، فقرروا عام 1947م تعيين رئيس الرابطة أونج سان رئيسًا لوزراء الحكومة البورمية، لكنه اغتيل قبل استقلال بورما. وأصبح نائب رئيس الرابطة نو- يو رئيسًا للحزب، فعينه البريطانيون رئيسًا للوزراء. ونالت بورما استقلالها الكامل في 4 يناير 1948م.

ثار بعض الشيوعيين ضد الحكومة عام 1948م، كما حاربت الحكومة الجديدة أيضًا مجموعات عرقية مختلفة، إلا أن قيادة يونو نالت تأييد معظم البورميين، فأحرزت الرابطة نصرًا كبيرًا في الانتخابات التي جرت عامي 1951م و 1956م، على الرغم من استمرار الثوار من الشيوعيين والمجموعات العرقية في محاربة الحكومة.

في عام 1958م، حدث انشقاق بين مؤيدي يونو وجناح آخر في الرابطة، مما هدد بإقحام بورما في حرب أهلية. على أثر ذلك كلف يونو الجنرال ني ون بتشكيل حكومة عسكرية مؤقتة، فأعاد ني وِن النظام وحقق النمو الاقتصادي، وحكم ني وِن حتى إجراء الانتخابات عام 1960م، وحقق جناحه نصرًا ساحقًا، وأصبح رئيسًا للوزراء مرة أخرى، غير أنه أخفق في السيطرة على النزاعات السياسية والعرقية. وفي محاولة للحفاظ على وحدة بورما، استولى ني ون على الحكم دون إراقة دماء في مارس 1962م، وعلَّق الدستور وأقام مجلسًا ثوريًا لحكم بورما.

بورما جمهورية اشتراكية:

أراد ني وِن ومجلسه الثوري جعل بورما بلدًا اشتراكيًا، فتأسس في يوليو 1962م الحزب البورمي للبرنامج الاشتراكي، وكان الحزب السياسي الوحيد المسموح به في بورما. وبدأت الحكومة تفرض رقابة مشددة على الاقتصاد فتدهور الإنتاج الزراعي لعدة سنوات، واختفت السلع الاستهلاكية بسبب السوق السوداء. ورفضت الحكومة معظم المعونات الخارجية وفرضت قيودًا على زيارة الصحفيين والسياح للبلاد، كما أغلقت أو استولت على كافة الصحف والمدارس الأهلية. إضافة إلى ذلك، فقد أُخمدت الإضرابات الطلابية بقوة السلاح، فارتفعت رايات التمرد علنًا بين صفوف الشان والكاشين وغيرهما من المجموعات العرقية الأخرى.

في2 مارس 1974م، أقرَّت بورما دستورًا جديدًا نشأ بموجبه رسميًا حزب الجمهورية الاشتراكية لاتحاد بورما وعلى رأسه يوني وِن، بعد أن أصبح مدنيًا، وأعاد الدستور الانتخابات، غير أن الحزب استمر في تمسكه بجميع مقاليد السلطة. كذلك بدأت الحكومة في تقبُّل المزيد من المعونات الخارجية. واستقال يوني وِن من رئاسة الحكومة عام 1981م، لكنه ظل رئيسًا للحزب، وحل مكانه يوسان يو رئيسًا للحكومة.

التطورات الحديثة:

في عام 1988م، تظاهرت جموع غفيرة من البورميين ضد الحكومة، منادية بإنهاء حكم الحزب الواحد للبلاد. وفي يوليو استقال يوني وِن من رئاسة الحزب، وكان يعتقد أن بعض الإصلاحات الاقتصادية وإجراء انتخابات متعددة الأحزاب من شأنهما حل مشاكل البلاد. وحل يوسين لوين، قائد شرطة مكافحة الاضطرابات مكان يوني وِن رئيسًا للحزب، كما صار رئيسًا للحكومة بدل يوسان يو، لكنه لم يستطع إيقاف الاضطرابات فاستقال بعد 17 يومًا من الحكم. وجاء بعد يوسين لوين في رئاسة الحكومة والحزب قانوني بارز يُدعى يومنج مونج في أغسطس، غير أن المعارضة استمرت حتى سبتمبر حيث أطاح الجيش بالحكومة القائمة ونصَّب مكانها مجلس استعادة القانون والنظام للدولة، وكان قد تشكل حديثًا. وقد قتل الجيش الحكومي قبل الانقلاب العسكري وبعده آلاف المعارضين.

في يونيو 1989م غيَّرت الحكومة الاسم الرسمي لبورما إلى اتحاد ماينمار، كما عدَّلت اسم رانجون إلى يانجون. وقد وعد المجلس بإجراء انتخابات متعددة الأحزاب، أُجريت بالفعل في مارس 1990م، ولكن قبل ذلك اعتقل المجلس زعيمة الرابطة الوطنية للديمقراطية داو أونج سان سوكي، ابنة قائد الاستقلال أونج سان. وعلى الرغم من اعتقال هذه الزعيمة فقد نالت الرابطة 60% من الأصوات، و 80% من مقاعد الجمعية التشريعية، غير أن المجلس استمر في حكم البلاد بحجة عدم تسليم السلطة حتى وضع دستور مكتوب يتم اعتماده. كذلك سار المجلس على نهجه في اعتقال زعماء الرابطة وغيرهم ممن فازوا في الانتخابات. فرغت لجنة عينها المجلس من كتابة دستور عام 1994م. ورغم أن الدستور يكفل وجود حكومة ديمقراطية إلا أن المجلس أبقى السلطة في أيدي الجيش. نالت أونج سان سو كي جائزة نوبل للسلام عام 1991م لكفاحها السلمي لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي يوليو 1995م، أفرج عنها المجلس. وفي عام 1997م، غير المجلس اسمه من مجلس الدولة لاستعادة القانون والنظام إلى مجلس الدولة للسلام والتنمية. ويعتقد كثير من الخبراء أن الزعيم ني ون وقائد الشرطة السرية والأمين الأول للمجلس خن ناينت يسيطرون على أعمال المجلس. وفي نهاية عام 2000م، قيدت الحكومة حركة زعيمة حزب الرابطة الوطنية سان سو كي وذلك لمطالبتها الدائمة بإقامة حكومة ديمقراطية وإعادة الحكم المدني إلى البلاد.

انفتحت البلاد بفضل الإصلاحات الاقتصادية على التجارة الخارجية والداخلية، فأخذت تصدِّر كثيرًا من الموارد الطبيعية، إلا أن مشاكل التضخم وبطء النمو لا تزال قائمة. وقد امتنعت الدول الكبرى عن تقديم المعونات بسبب انتهاكات المجلس لحقوق الإنسان. استمر الجيش في محاربة الثوار حتى توصل الجانبان إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار في منتصف التسعينيات من القرن العشرين.

إختبر معلوماتك :

  1. ما المحصول الرئيسي في بورما؟
  2. ما دين معظم البورميين؟
  3. لماذا تنتشر السوق السوداء في بورما؟
  4. كيف تُنقل غالبية البضائع في بورما؟
  5. ما أكثر المراكز نشاطًا في القرى البورمية؟
  6. ما البوي؟
  7. في أي المواسم يكثر هطول الأمطار في بورما تقريبًا؟
  8. ما أشهر الأعمال الفنية في بورما؟
  9. ما نوع النظام الذي يسيطر على الحكم في بورما؟

المصدر: الموسوعة العربية العالمية