يقع القلب بين الرئتين في منتصف الصدر، ويميل الجزء الأسفل من القلب ناحية اليسار. ولأن دقات القلب تحدث في الجزء الأسفل فإن معظم الناس يعتقد أن القلب يقع بكامله في الجانب الأيسر من الجسم. هذا الرسم الإيضاحي يبين القلب بثلثي حجمه الطبيعي تقريبًا.
| ||
| ||
|
يغطي القلب من الخارج غشاء يسمى النخَاب ويحيط غشاء آخر يسمى التّامور بالنخاب وبالقلب بصورة تامة وكاملة، ويمتد حتى أعلى القلب ليشمل الأوعية الدموية الممتدة أعلى القلب. وتوجد مادة لزجة بين التامور والنِخَاب تساعد القلب على الانقباض بسهولة.
تختلف عضلة القلب عن عضلات الجسم الأخرى مثل العضلة الملساء والعضلة الهيكلية. فالعضلات الهيكيلية مثل التي في الذراع أو الرِجل لها ألياف طويلة وشرائح داكنة اللون وأخرى فاتحة بالتبادل، ويسمى هذا بالتخطُّط. ونحن نستطيع أن نتحكم في العضلة الهيكلية. أما العضلات الملساء التي تكون جدار المعدة الداخلي والأمعاء ومعظم الأعضاء الداخلية للجسم فخالية من التخطط وتعمل بحركة تلقائية ولا نستطيع أن نتحكم فيها. وعضلات القلب لها تخطُّط مثلها مثل العضلات الهيكلية. ولكنها تنقبض وتتمدد بحركة تلقائية مثل العضلات الملساء. وبالإضافة لذلك فإن خلايا عضلات القلب تعمل مجتمعة وكأنها خلية واحدة. فعندما تنقبض أو تتمدد أي خلية في القلب فإن الخلايا المحيطة بها تعمل الشيء نفسه، ولهذا السبب يخفق القلب أو يدق دائمًا وبانتظام مدة حياة الإنسان.
الشرايين الأولى الرئيسية التي تتفرع من الأبهر هي الشرايين التاجية التي تغذي القلب بالدم ليتمكن من ضخ الدم. وهذان الشريانان ينقسمان إلى فروع كثيرة في القلب. والأمراض التي تصيب الشرايين التاجية من أصعب المشاكل التي تواجه أطباء القلب لأنها تغذي عضلة القلب نفسها.
مصطلحات القلب | ||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الصمام الأبهري يتحكم في انسياب الدم من البطين الأيسر للأبهر (الشريان الرئيسي للجسم) في الصورة اليمنى فإن شُرف الصمام مقفلة مانعة الدم من الرجوع للبطين. وفي اليسار الشُرف مفتوحة لتسمح بمرور الدم ليدخل الأبهر عندما ينقبض البطين الأيسر. |
كيف يضخ القلب الدم
يدخل الدم غير المؤكسد (مبين باللون الأزرق) إلى لجانب الأيمن من القلب. ويدخل الدم المؤكسد (مبين باللون الأحمر) إلى الجانب الأيسر من القلب. ويقوم جانبا القلب بالضخ في آن واحد. فالأذينان الأيمن والأيسر ينقبضان في وقت واحد كما يفعل البطينان الأيمن والأيسر.
ونشاط القلب له دورتان: انقباضية وانبساطية. وتحدث الدورة الانقباضية عندما ينقبض البطين، والدورة الانبساطية عندما ينبسط البطين. وتعادل دورة انقباض وانبساط عضلة القلب دقة قلب واحدة.
ويفتح انبساط وانقباض البطينين صمامات القلب أيضًا، وينتج عن إقفال الصمامات صوت لب ـ دب في دقة القلب ويستطيع الأطباء سماعه بالسماعة. وفي حالة انقباض البطينين ينغلق الصمام المثلث الشرف والصمام التاجي محْدثين الصوت الأول في دقة القلب. وفي الحال بعد إغلاق الصمامات يحدث الضغط المتولد في البطين، والذي يجعل صمام الأبهر وصمام الرئة ينفتحان. وبعد أن ينتهي الانقباض ينخفض الضغط في البطين وعندها ينغلق صمام الرئة وصمام الأبهر محْدثين الصوت الثاني في دقة القلب. في هذا الوقت، يكون الضغط المتولد في الأذينين أكبر بكثير مما في البطينين. وعليه فإن الصمام المثلث الشرف والصمام التاجي ينفتحان ويبدأ الدم الانسياب إلى البطين مرة أخرى.
يتحكم الجهاز العصبي التلقائي في سرعة دقات القلب. حيث ترسل بعض الخلايا الخاصة دُفْعَات كهربائية إلى القلب مما يجعله ينقبض وينبسط بصورة منتظمة.تبدأ الدفعة في حزمة صغيرة من الليف العضلي تسمى العُقدة الجيبية الأذينية، وفي معظم الحالات تسمى الناظمة القلبية، لأنها تنظم ضربات القلب وترسل إشارات بانتظام. تقع العقدة الأذينية الجيبية في الأذين الأيمن قريبًا من مكان دخول الوريد الأجوف العلوي إلى القلب. وترسل العقدة الجيبية الأذينية دفعات عبر ممرات وقنوات خاصة ينتج عنها انقباض الأذينين عندما تصلها الدفعة الكهربائية. وتصل هذه الدفعة إلى عقدة أخرى تسمى العقدة الأذينية البطينية، تقع بين الأذين والبطين. وتؤخر هذه العقدة الدفعات العصبية قليلاً لتسمح للبطين بوقت كافٍ ليمتلئ بالدم، وحينما تتواصل الدفعات يمتلئ البطين.
تتحكم أعصاب الجهاز العصبي التلقائي في العقدة الأذينية الجيبية والعقدة الأذينية البطينية. ويزيد تنبيه هذه الأعصاب معدل ضربات القلب أو يقلله. وعندما يحتاج الجسم لكمية أكثر من الدم ـ كما في أثناء التمارين الرياضية القاسية ـ تنبه العقدة الأذينية الجيبية الجهاز العصبي، وهي بدورها تزيد معدل دفعاتها. وهذه الدفعات تجعل القلب ينقبض بسرعة أكثر.
يحدّد حجم الإنسان سرعة القلب. فكلما كان الإنسان أكبر حجمًا كانت سرعة قلبه أبطأ. فقلب الرضيع مثلاً يضرب 120 مرة في الدقيقة، وعدد الدقات النموذجي للبالغين 72 مرة في الدقيقة. ولكن الأطباء يعتبرون أن ما بين 60 و 100دقة معدلاً عاديًا. والتمارين الرياضية تساعد على كبر حجم القلب، وإبطاء دقاته. وتتراوح سرعة قلب كثير من الرياضيين المتمرسين بين 40 و60 دقة في الدقيقة.
يساعد القلب في تنظيم ضغط الدم بإفراز هرمون يساعد الكلى في التخلص من الملح خارج الجسم، ولهذا تسبب زيادة الملح زيادة ضغط الدم. وهذه الحالة التي يسميها الأطباء فرط ضغط الدم، قد تؤذي القلب والدماغ والكلى، ومع مرور السنين يمكن أن يؤدي إلى تلف الشرايين ومرض القلب. ★ تَصَفح: ضغط الدم المرتفع.
قد يصيب المرض أي جزء من القلب، لكن كلمة مرض القلب تعني مرض الشرايين التاجية (الإكليلية)، الذي يسمى أحيانًا مرض القلب الإقفاري، وهذه الحالة تؤثر في الأوعية التي تغذي القلب نفسه. وهي تؤدي إلى ضيق في الشرايين التاجية، ولذلك تقلل إمداد القلب بالدم.
يذهب 5% تقريبًا من الدم الذي يضخه القلب للشرايين التاجية مباشرة. والدم يحمل معه الأكسجين والمغذيات (المواد الغذائية) المذابة التي يحتاجها القلب لأداء عمله. ولا يستطيع القلب تخزين الأكسجين، ولهذا فهو في حاجة لإمداد دائم ومستمر. ومرض الشرايين التاجية قد يؤثر في أداء القلب بتأثيره على كمية إمداد الأكسجين بتقليلها أو إيقافها. ويعاني بعض المصابين بمرض الشرايين التاجية ألمًا حادًا، وبعضهم لا يحس بشيء، بل لا يعلم أن له مشكلة في القلب. وإذا تطور المرض فقد ينتج عن ذلك نوبة قلبية. وهذه النوبة تؤدي إلى تلف في عضلات القلب أو ربما للموت المفاجئ. ومعظم حالات مرضى الشريان التاجي يمكن علاجها، ولكن يجب تشخيصها وتمييزها في أسرع وقت ممكن.
قثطرة القلب تشمل تمرير قثطار (أنبوب مرن) عبر القلب، وتتبع مرورها في شاشة أشعة سينية. وتوضح صورة الأشعة السينية أعلاه موضع ثقب بين البطينين. وقد أدخل الأنبوب عبر وريد في الذراع وتم تمريره للقلب عبر الثقب ثم إلى أعلى إلى الشريان السُباتي. |
ومعظم عوامل الخطر الأخرى في مرض الشرايين التاجية يمكن التحكم فيها. وأكثر الأسباب خطورة كمية المادة الدهنية التي تسمى الكولسترول. فكلما زادت كمية الكولسترول في دم الإنسان زادت قابلية إصابته بمرض الشرايين التاجية، لأن ترسب هذه المواد الدهنية يؤدي إلى ضيق الأوعية الدموية. ويمكن التحكم في الكولسترول في الدم بتقليل كمية الدهون الحيوانية في وجبات الطعام. ★ تَصَفح: الكولسترول.
ومن عوامل الخطر الأخرى التي يمكن التحكم فيها ارتفاع ضغط الدم والتدخين. ويجعل ارتفاع ضغط الدم القلب يعمل بجهد أكثر وقد يؤدي إلى نوبة قلبية. ويمكن للإنسان أن يخفض ضغط دمه بأن يقلل من وزنه، وأن يؤدي بعض التمارين الرياضية وأن يأكل كميات قليلة من الملح.
وهناك بعض الأدوية أيضًا تساعد على خفض ضغط الدم المرتفع. فمدخنو السجائر أكثر قابلية للمرض من غيرهم. والذين يدخنون بكثرة عندهم احتمال للإصابة بالسكتة أو النوبة القلبية ضعف غيرهم من غير المدخنين. والذين يتركون التدخين يقللون فرصة إصابتهم بأمراض القلب بصورة ملحوظة. ★ تَصَفح: التدخين. وتشمل بعض الأسباب الأخرى التي تساعد على الإصابة بمرض الشرايين التاجية، مرض السكري، والسمنة المفرطة، والضغوط النفسية.
والكشف الطبي المنتظم غالبًا ما يؤدي إلى التحكم في عوامل الخطر. وفي هذه الحالات قد ينصح الأطباء المريض بالإقلاع عن التدخين أو اتباع وجبات غذاء خفيفة للتحكم في ارتفاع ضغط الدم أو التحكم في نسبة الكولسترول أو التحكم في الوزن.
جراحة المجازة التاجية تساعد الدم على الانسياب حول جلطات الشرايين التاجية. ويمنع مثل هذا الانسداد (أعلى) الدم من الوصول لعضلة القلب. ويستخدم الجراح أجزاء ومفاصل من أوردة الفخذ أو شرايين الصدر لعمل المجازة حول الجلطة (أسفل). |
يشخص الأطباء أمراض الشريان التاجي بدراسة حالة المريض العامة والأمراض السابقة التي أصابته. ويسجلون تاريخ أي ذبحة أو نوبة قلبية أو وجود أي عوامل خطر. وقد يكشف الفحص العام عن وجود أسباب وعوامل خطر مثل ارتفاع ضغط الدم أو عطب في القلب.
يستعمل الأطباء آلة تسمى مرسمة كهربائية القلب لمعرفة أي عطب في القلب أو أي اضطرابات في انتظامه. وتعطي هذه الآلة تخطيطًا يسمى رسم كهربائية القلب، يوضح النشاط الكهربائي لعضلة القلب. وتسجل الدفعات على ورق متحرك يوضح نشاط القلب الكهربائي على شكل سلسلة من الخطوط المموجة أو المتعرجة. وتمثل التعرجات الأساسية انقباض البطين والتعرجات الفرعية تمدد البطين وانقباض وتمدد الأذين. وتؤخذ معظم رسومات القلب للمريض وهو مستلقٍ، ولكن بعض الأطباء يرسم القلب للمريض وهو يؤدي بعض التمارين الرياضية. ومثل هذا التخطيط يوضح ما إذا كان القلب مريضًا حتى وإن لم يشك المريض من ألم، ويوضح إذا كان القلب يتلقى كمية كافية من الأكسجين أثناء التمارين الرياضية القاسية أم لا. ★ تَصَفح: مرسمة كهربائية القلب.
يستعمل الأطباء أيضًا طريقة أخرى تسمى التصوير النَّوَوي الشُّعاعي، لتعرف مرض الشريان التاجي. يحقن الطبيب مادة مشعة في دم المريض ويستطيع أن يرى المادة على شاشة أثناء انتشارها في عضلات القلب. والمساحة التي لا تتلقى دمًا تظهر خالية على الصورة. ويستعمل الأطباء التصوير النووي الشُّعاعي عادة مع رسم كهربائية القلب تحت الإجهاد.
وإذا كان هناك شك في أسلوب التشخيص العادي فإن الأطباء قد يفضلون القثطرة القلبية، ثم يعقبها تخطيط الأوعية التاجية. وهنا يدخلون أنبوبًا مرنًا طويلاً يسمى القثطار عن طريق وعاء دموي كبير عادة ما يكون شريانًا في منطقة التقاء الفخذ مع الجذع، ويدفعون القثطار إلى حيث يبدأ الشريان التاجي ويحقنون صبغة. بهذه الطريقة يمكن رؤية الشرايين من الداخل ـ ويمكن تسجيلها على فيلم أشعة سينية وتسمى الصورة الوعائية. وهذا الاختبار يُظهر حالة الشرايين التاجية بوضوح. وقد توضح الصورة الوعائية للشريان التاجي وجود إصابة طفيفة أو ربما الموت في بعض الأحيان. ولهذا يجريها الأطباء فقط في الحالات التشخيصة المعقدة. ★ تَصَفح: تخطيط الأوعية الدموية.
أثناء جراحة المجازة يفتح الأطباء صدر المريض ليكشفوا القلب (إلى اليسار) ثم يوقفون القلب عن العمل ويوصلون أجزاء الأوعية الجديدة للشريان التاجي المسدود. ويعمل جهاز القلب ـ الرئة على ضخ وأكسدة الدم أثناء العملية الجراحية. |
ويصف الأطباء أدوية مختلفة لعلاج أعراض انسداد الشريان التاجي. وكثير من الأدوية يخفف آلام الذبحة، فقرص النيتروجلسرين مثلاً، يوسع الشرايين التاجية عندما يوضع تحت اللسان، فيسمح لدم أكثر أن يمر عبر الترسبات الدهنية، كما يمكنه أن يوقف آلام الذبحة في دقيقتين. ومحصرات بيتا ومحصرات قنوات الكالسيوم قد تمنع الذبحة، حيث تبطئ محصرات بيتا عمل القلب وتقلل قوة انقباضه وعليه يقلل حاجة القلب للأكسجين مما يجعل ضخ الدم أسهل. وتعمل محصرات قنوات الكالسيوم مثل مُحْصرات بيتا بالإضافة إلى أنها تساعد على تمدد الشرايين التاجية. والعقاران أيضًا يخفضان ارتفاع ضغط الدم. أما عقار القمعية فإنه يقوي القلب الضعيف. وينصح كثير من الأطباء مرضى الشرايين التاجية بتناول قرص أسبرين يوميًا، لأن الأسبرين يمكن أن يساعد في منع تجلط الدم عند مرضى الشريان التاجي.
وإذا عجزت الأدوية عن معالجة مرض الشريان التاجي فإن الأطباء يدرسون اتباع أساليب أخرى للتغلب على المشكلة. وأسهل تقنية هي توسيع الأوعية التاجية. فالأطباء يدخلون قثطارًا به بالون منكمش يصل للمكان الضيق في الشريان التاجي. بعدها يملأ البالون بالهواء مما يدفع الانسداد جانبًا ويوسع الشريان. وتوسيع الأوعية الدموية جراحياً يعمل بنجاح بنسبة 85% للمرة الأولى. وفي ثلث المرضى يرجع الانسداد مرة أخرى في خلال ثلاثة شهور. وهناك طرق متعددة قد تزيد الفوائد والمزايا من جراحة تقويم الأوعية. فقد يؤدي إرسال حزم ضوئية مكثفة من نبائط تسمى الليزر إلى حرق ترسبات اللويحات حديثة التكوين. وقد توضع شرائح رقيقة في الشريان لتبقيه مفتوحًا. ★ تَصَفح: توسيع الأوعية الدموية.
وإذا فشلت وسائل القثطرة فإن معظم أطباء القلب يقترحون إجراء عملية طعم مجازة الشريان التاجي. وفي هذه العملية يزيل الجراح جزءًا يسيرًا من وعاء دموي غالبًا ما يكون وريدًا في الفخذ أو شريانًا في الصدر، ويُوصِّل جانبًا من الشريان أو الوريد للأبهر والجانب الآخر للشريان التاجي المصاب متخطيًا الجزء المسدود. والجراحون يستطيعون إيقاف عمل القلب أثناء عملية التحويل باستعمالهم جهاز القلب ـ الرئة. والجهاز له مضخة كهربائية ونظام أغشية وحواجز تؤدي عمل القلب والرئتين. وهو يسحب ثاني أكسيد الكربون من الدم ويرسل الدم المؤكسد إلى جميع أنسجة الجسم. وقد تخفف مجازة الشريان التاجي من أعراض الذبحة وتطيل ـ بإذن الله ـ عمر المريض الذي يشكو من داء الشريان التاجي الحاد، ولكنه لا يؤثر ولا يوقف تصلب الشرايين.
النوبة القلبية يمكن أن تسبب عطبًا وتلفًا في عضلة القلب (أعلى). الجزء ذو اللون الأحمر قطاع عضلي لم يحصل على الأكسجين أثناء النوبة، ولايستطيع العمل بعد ذلك. |
كيف تحدث النوبة القلبية تحدث النوبة القلبية فجأة، ولكن أسبابها تتكون على مر السنين. فالترسبات التي تحدث في الشرايين التاجية تبدأ في سن مبكرة، وقد تؤدي إلى انسداد الشريان. |
تأهيل مرضى القلب يبدأ في المستشفى ويتم عمل رسم كهربائي للقلب تحت الإجهاد لعدد من المرضى (أعلى) قبل أن يغادروا إلى منازلهم. وهذا الفحص يوضح ويبين مدى التلف الذي أصاب القلب. |
وعلى الشخص الذي يشكو من ألم في الصدر ويشك في بداية نوبة قلبية أن يلجأ للمساعدة والعلاج الطبي فورًا. وقد يتوقف التنفس عند بعض المصابين. وقد يساعد أسلوب إسعافي يسمى الإنعاش القلبي الرئوي المريض على التنفس ويساعد الدورة الدموية على الاستمرار إلى أن تصل العناية الطبية اللازمة. ولكن هذا الأسلوب يجب أن يطبقه شخص مُدَرّب ومتخصص. ★ تَصَفح: إنعاش القلب والرئتين.
وإذا استمر المريض يشكو من الألم فإن الطبيب في هذه الحالة قد يصف مسكنًا للألم مثل المورفين. ويستخدم الأطباء أيضًا أدوية وعقاقير يمكن أن تذيب الجلطة في الشريان المسدود. وإذا فشل العقار في أن يذيب الجلطة فإنهم يلجأون لإسعاف مستعجل بتصوير الأوعية القلبية أو إجراء جراحة المجازة.
وبعد إدخال مريض النوبة القلبية للمستشفى تتم مراقبة أي مضاعفات مثل هبوط القلب واللانظمية أو اختلال ضربات القلب في وحدة العناية المركزة. ويحدث هبوط القلب عندما لا يضخ القلب كمية كافية نتيجة لتلف بالغ في عضلة القلب، ويمكن علاجه بنجاح. وفي حالة اللانظمية، يحدث نظام القلب الكهربائي إيقاعًا غير عادي. ويحدث أحد أنواع اللانظمية ـ وهو الرجفان البطيني ـ عندما ترسل إشارات كهربائية من البطين بغير انتظام. وقد ينتج إيقاع القلب غير الفعال، والموت المفاجئ عن الرجفان البطيني. واللانظمية يمكن علاجها طبيًا.
وقد تصل نسبة الموت في مرضى النوبة القلبية الذين لا يتلقون علاجًا طبياً إلى أكثر من 20%. وبعضهم يموت قبل أن يصل الطبيب، ويتجاهل بعضهم الأعراض. وتتراوح نسبة الموت في المرضى الذين يتلقون العلاج بالمستشفيات بين خمسة وعشرة في المائة. وقد يتعرض مرضى النوبة القلبية الذين يشكون من ألم متكرر في الصدر أو اللانظمية، أو هبوط قلبي، للإصابة بأمراض أخرى أكثر من المرضى الذين لا يشكون من هذه الأعراض.
يسمي أطباء القلب أي اضطراب أو عيب يحدث مع الولادة مرض القلب الولادي. وهذا المرض يحدث في ثماني ولادات من كل 1,000 ولادة تامة. وبعض هذه التشوهات طفيف ولا يؤثر في حياة الشخص العادية، وبعضها يكون حاداً بدرجة قد تؤدي للوفاة.
تبدأ التشوهات الولادية مع تكوُّن القلب في الأسابيع الأولى للحمل. ويتحصل الجنين على كل الأكسجين والمواد الغذائية عن طريق جسم الأم. فالدم يضخ الأكسجين والغذاء لجسم الجنين ومن ثم للجانب الأيمن من قلبه. ولكن الدم لا يدخل رئة الجنين لأنها لا تستطيع أن تمده بالأكسجين، بل يمر من الشريان الرئوي للأبهر عن طريق ممر يسمى القناة الشريانية. وتبدأ الرئة عملها مع الولادة، حيث تنغلق القناة ويبدأ الدم في الجريان للرئتين. ومعظم التشوهات الولادية في القلب تكون عادة نتيجة لفتحات شاذة في القلب أو أجزاء ضيقة تعيق جريان الدم. وقد تحدث التشوهات أصواتًا غير عادية تسمى لغط القلب أوخرير القلب. ★ تَصَفح: لغط القلب. ولا يعلم الأطباء كل الأسباب التي تؤدي إلى التشوهات الولادية في القلب، ولكن يمكن تصحيح معظم التشوهات عن طريق العمليات الجراحية. وستتناول هذه المقالة أكثر هذه التشوهات شيوعًا.
وينتج نوع آخر من الثقوب الشاذة عندما لا تنغلق القناة الشريانية عند ولادة الطفل. هذا الخلل يسمى القناة الشريانية السالكة. فالدم يجري من الشريان الرئوي للأبهر قبل ولادة الجنين. وإذا استمر هذا الممر مفتوحًا، فإن الدم يعكس جريانه ويجري من الأبهر ذي الضغط العالي إلى الشريان الرئوي. ويرجع الدم المؤكسد للرئة مسببًا احتقانًا قد يؤدي للموت إلا إذا أقفل الممر. ويصف الأطباء بعض الأدوية التي تساعد على قفله، وإذا فشلت الأدوية يمكن علاجه بالعملية الجراحية.
وهناك نوع آخر من تشوهات الولادة وهو حدوث ضيق في الأبهر عندما ينزل لأسفل الجسم ـ وتسمى هذه الحالة تَضيُّق بَرْزَخ الأبهر. وهذا الضيق قد يؤدي إلى نوبة قلبية مفاجئة عند الصغار. وعند الأطفال الأكبر سنًا، يؤدي هذا التشوه إلى ارتفاع في ضغط الدم في الرأس واليدين وانخفاض ضغط الدم في الرجلين. ويصحح الجراحون هذا التشوه في سن متقدمة من الطفولة عندما يكون الأبهر قريبًا من حجمه الكامل.
وهناك حالة خاصة معقدة من التشوه القلبي الولادي تسمى رباعية فالوت. وفالوت طبيب فرنسي كان أول من وصف هذه الحالة. والتشوه توليفة من أربعة اضطرابات، وأكثرها خطورة العيب الحاجزي البطيني، وهو ثقب بين البطينين، وضيق في الصمام الرئوي. والصمام الضيق يقلل كمية الدم التي تذهب للرئة مما يزيد الضغط في البطين الأيمن. ويمر الدم من البطين الأيمن عبر العيب الحاجزي البطيني للبطين الأيسر وبعدها للجسم. ولأن ذلك الدم لم يمر بالرئتين ليكتسب اللون الأحمر ـ لون الدم المؤكسد ـ فإنه يجعل لون الجسم مائلاً للأزرق. والأطفال الذين يعانون من هذا العيب يسمون الأطفال الزُّرق أو الولدان الزرق. وبعض الأطفال الزرق يمكن معالجتهم بالأدوية وبعضهم يحتاج لعملية جراحية لتصحيح الحالة. ★ تَصَفح: الوليد الأزرق.
إصلاح عيوب القلب. يبين الرسم الإيضاحي (أعلاه) ثلاث طرق لإصلاح عيوب القلب: 1- يصلح الجراح ثقبًا صغيرًا في القلب بخياطة الأطراف معًا (إلى اليسار). 2- ثقب كبير تم ترقيعه بنسيج صناعي (في الوسط) 3- صمام متعطل أزيل واستبدل به صمام آلي (إلى اليمين). يقوم الجراح بعمل غرز خياطية في الصمام الآلي ويضعه في المكان الصحيح ومن ثم يخيطه مع القلب. |
وتحدث معظم أمراض الصمامات نتيجة تشوهات خلقية في القلب، كأن يكون لصمام الأبهر شرفتان بدلاً عن ثلاث من الشُرف، أو من حمى روماتيزمية. وهذه تحدث بسبب عدوى بكتيرية تعقبها التهابات كثيرة في معظم أعضاء الجسم من بينها القلب. وفي بعض الأحيان تؤدي الحمى الروماتيزمية إلى روماتيزم القلب أو الوفاة.
وتحدث هذه الحمى دائمًا في الطفولة، ولكن العطب الذي تسببه للقلب لا يظهر إلا عندما يتقدم العمر بالمصاب. ويحاول الأطباء تفادي روماتيزم القلب بسرعة تشخيص وعلاج العدوى الأساسية. ★ تَصَفح: الحمى الروماتيزمية.
ويؤدي روماتيزم القلب دائمًا إلى التهاب خلايا الصمام، خاصة الصمام التاجي، مسببًا رجوع الدم عبر الصمام. وعندما يُعالج الالتهاب ويزول تظهر ندبات على الصمام مسببة ضيق الشرايين ورجوع الدم معًا.
وتشمل أعراض أمراض الصمام ضيق التنفس والتعب والسُعَال المتواصل وألم في الصدر في بعض الأحيان. ويستطيع الأطباء تشخيص المرض الصمامي بتحديد لغط القلب الذي ينتج من جريان الدم غير المنتظم. ويؤدي إبطاء جريان الدم أو رجوعه في صمام ضيق، إلى الجريان غير المنتظم.
ويستعمل الأطباء عدة طرق ليؤكدوا تشخيصهم وليحددوا مدى خطورة المرض الصمامي. وفي تقنية تخطيط صدى القلب، ترسل إشارات وموجات فوق صوتية عبر الصدر. وهذه الموجات تنعكس من القلب ويتحول الصدى الراجع إلى صورة فيديو لصمامات القلب والتركيبات الأخرى. ويستعمل الأطباء هذه التقنية أيضًا للكشف عن انسياب الدم غير المنتظم، وأمراض الشرايين التاجية وحالات أخرى من أمراض القلب. وإذا كان هناك بعض الشك حول وجود المرض الصمامي بعد إجراء مخطط كهربائية القلب، فإن الأطباء يلجأون إلى إجراء قثطرة القلب مع تصوير الأوعية القلبية والشرايين التاجية معًا.
ويراقب الأطباء المصاب بالمرض الصمامي لرصد أي تغيير في الأعراض. وإذا زاد ضيق الصمام أو رجوع الدم فإن ذلك قد يسبب هبوط القلب الاحتقاني، وهي حالة لا يستطيع القلب فيها ضخ كمية كافية من الدم. ويعالج الأطباء هذا الهبوط بطرق مختلفة. فقد ينصحون المريض أن يرتاح لفترات طويلة أو يقلل من وزنه أو يتبع إرشادات أخرى تقلل العبء على القلب. وقد يصف الأطباء دواء القُمعية أو أدوية أخرى لتحسين قدرة القلب على الضخ.
إذا فشلت كل طرق العلاج، فإن الأطباء قد يلجأون إلى العملية الجراحية لإصلاح أو استبدال الصمام. والصمام التاجي المصاب يجب أن يستبدل به صمام آلي. ويستخدم الجراحون عدة أنواع من الصمامات الصناعية. مثال ذلك صمام الكرة والقفص، وهو نوع من الصمامات يحتوي على قفص من الفولاذ يحيط بكرة مصنوعة من كربون معالج حراريًا. وهناك صمام آلي آخر يحتوي على أسطوانتين كربونيتيْن شبه دائريتيْن تفتتحان بآلية محورية.
تسمى اللانظمية بطء القلب إذا كانت أقل من 60 دقة في الدقيقة، وتسمى تسرُّع القلب إذا كانت أكثر من 100 دقة في الدقيقة الواحدة.
وبطء القلب قد ينتج من استعمال أدوية تهدئ ناظمة القلب الطبيعية، وهي التي تحدد درجة خفقان القلب عن طريق الإشارات النظمية الكهربائية. ويُحدث انقطاع الإشارات الكهربائية في مسارات التوصيل بطء القلب، ويسمى إحصار القلب. وإذا لم يمكن علاجه بأي طريقة فإن الأطباء يدخلون ناظمة صناعية إلكترونية قريبًا من القلب، وهو جهاز يعمل بالبطارية ويُرسل إشارات كهربائية للقلب، ويمكن برمجته على معدلات مختلفة. ويحدث تسرُّْع القلب عندما يكون هناك مرض يجعل البطين أو الأذين يرسل إشارات كهربائية سريعة. وتَسرُّع القلب الأذيني يمكن علاجه نسبيًا، ولكن تَسرُّع القلب البطيني قد يؤدي إلى رجفان وفيه تؤدي الانقباضات غير المنتظمة إلى الموت المفاجئ. وهناك عدة أدوية تقلل من تَسرُّع القلب. وإذا فشلت الأدوية في العمل على البطين فإن الأطباء يدخلون جهازًا مشابهًا لناظمة القلب ليتغلبوا على الرجفان، ويسمى الجهاز مزيل الرجفان وله قطب كهربائي يوضع على جانب القلب. ويحس هذا الجهاز بأيّ تَسرُّع بطيني في القلب. ويرسل شحنة كهربائية خفيفة لوقف التسرع.
والشغاف أو بطانة القلب، هو الغشاء الذي يغلف تجاويف القلب من الداخل ويكوِّن صماماته. وقد يصاب الشغاف بالتهاب يسمى التهاب الشغاف البكتيري، وهو حالة تحدث عندما تدخل البكتيريا مجرى الدم عن طريق بعض أعضاء الجسم حيث تتكاثر أصلاً، وقد تصيب القلب. وقد تدخل البكتيريا من الفم للدم أثناء جراحة الأسنان والفم. ويقاوم جهاز المناعة العام في معظم الحالات ويدمِّر هذه البكتيريا. ولكن قد تتجمع البكتيريا على الصمام المصاب عند مرضى الصمام وتتكاثر. ومرض التهاب الشَغَاف البكتيري قاتل إذا لم يتم علاجه بالمضادات الحيوية. ويصف الأطباء هذه المضادات قبل وبعد العمليات الجراحية للمرضى الذين تسهل وتكثر إصابتهم. تسمى العدوى والأمراض التي تصيب عضلة القلب التهاب عضلة القلب. وإذا سببت الالتهابات عطبًا مستديمًا لا يمكن علاجه فإن المريض في هذه الحالة يحتاج إلى عملية زرع قلب.
ومعظم حالات عضلة القلب الضخامي تكون بسبب زيادة في سُمك الجدارالعضلي بين تجويفي القلب السفليين والغشاء الفاصل السميك. في هذه الحالة يمنع الحاجز السميك مرور الدم من البطين الأيسر مسببًا احتقانًا في الرئة. ويمكن علاج هذه الحالة بالأدوية التي تساعد على تمدد وانبساط القلب، ويقلل قابلية الخلايا الزائدة لإغلاق مجرى الدم. وإذا تفاقم المرض فلابد من العملية الجراحية لإزالة العضل غير الطبيعي.
يحدث اعتلال عضلة القلب الاحتقاني إذا أدى ضعف عضلة القلب إلى تضخم البطين الأيسر مسببًا ضخًا ضعيفًا للدم. وفي معظم الحالات لا يستطيع الأطباء تحديد السبب المباشر في اعتلال عضلة القلب الاحتقاني. وليس لهم علاج ودواء محدد لعلاج الحالة ولكنهم قد يصفون بعض الأدوية ويحدون من حركة المريض لمنع تطور المرض. وبعض المرضى يحتاجون لعملية زرع قلب.
عملية زرع القلب تمثل آخر فرصة للمرضى الذين يعانون تلفًا حاداً في القلب. يمسك الجراح بقلب متبرع بين يديه في غرفة العمليات (أعلى). |
وتسبب محاولة الجسم التغلب على هبوط القلب تدهور الحالة قليلاً. مثلاً يحاول الجسم أن يعطي كمية كافية من الدم للدماغ والأجزاء الحساسة الأخرى بتضييق الشرايين المؤدية إلى أجزاء أخرى مثل اليدين والرجلين. ولكن هذا التضييق يجعل عمل القلب أصعب في ضخ الدم. ويصف الأطباء بعض الأدوية للتغلب على هذه المشاكل.
ومن أقدم العقاقير التي تستعمل في علاج هبوط القلب أدوية القمعية. وقد وصف الأطباء هذا العقار منذ أكثر من مائتي سنة. والقمعية يقوي انقباضات عضلات القلب، ولهذا يزيد من جريان الدم. وبعض الأدوية الحديثة المسماة موسعات الأوعية، تمنع محاولة الجسم الطبيعية غير المرغوب فيها لتضييق الشرايين، عندما يحدث هبوط القلب. وبعض هذه الأدوية تساعد على تمدد العضلات الملساء في جدران الأوعية الدموية. وتمنع أدوية أخرى التفاعلات الكيميائية التي تؤدي إلى انقباض العضلات الملساء في جدران الشرايين.
وإذا لم يكن ممكنًا التحكم في هبوط القلب بالأدوية، فإن المريض يحتاج لعملية جراحية لتصحيح الخلل الذي أدى إلى العطب. وتمثل العملية الجراحية خطورة شديدة على المرضى الذين لا يتجاوبون مع الأدوية. ومثل هؤلاء المرضى يمكن توصيلهم مؤقتًا بأجهزة مساعدة للقلب. وهي مضخات صغيرة موصلة بالأوردة والشرايين، وتساعد القلب على العمل، وتتيح فرصة للجراحين لإصلاح المعضلات الميكانيكية.
وإذا كان الخلل في القلب غير قابل للإصلاح فإن الأطباء في هذه الحالة يجرون عملية زراعة قلب. وفيها يُستخرج قلب إنسان متوفى ـ ويفضل قلب حي يدق مثل قلب إنسان أعلن عن موت دماغه ـ ويوضع مكان قلب الإنسان المريض. ويوجد دائمًا احتمال رفض جسم المريض لهذا القلب المزروع، لأن الجسم يرفض بصورة طبيعية أي نسيج أو خلية أجنبية عنه. ويتغلب الأطباء على رفض الجسم للأعضاء الأجنبية باستعمال أدوية قوية فعالة. ولهذه الأدوية أحيانًا أعراض جانبية خطيرة. وتمثل قلة المتبرعين بالقلوب عائقًا آخر. وقد يموت معظم المرضى الذين في قائمة الانتظار لزراعة القلب المناسب. ★ تَصَفح: زراعة الأنسجة.
وفي السنة الأولى لعملية زرع القلب تبلغ نسبة النجاح 80%. ولكن النجاح يتطلب دائمًا عناية فائقة مثل إشراف طبي مباشر وعلاج مستمر.
وفي الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي جرب الأطباء زرع قلوب صناعية في البشر ولكن هذه القلوب أثبتت عدم نجاحها لأنها تسبب تجلط الدم. ★ تَصَفح: القلب الصناعي.
في القرن الثاني الميلادي لاحظ جالينوس أن القلب وراء حركة الدم، ولكنه اعتقد بأن بطين القلب الأيمن يدفع الدم في البطين الأيسر عن طريق ثقب في الحاجز الفاصل. واعتقد جالينوس أن الكبد يحول الأكل إلى دم والذي بدوره يمر عبر الجسم ليتم استعماله. ★ تَصَفح: جاليينوس.
ليوناردو دافينشي صمم رسومات مفصلة عن القلب في بداية القرن السادس عشر الميلادي. ودعت رسوماته الدقيقة لمناقشة بعض الاعتقادات المقبولة عن تركيب القلب. |
وفي منتصف القرن السادس عشر الميلادي قام الطبيب أندرياس فزاليوس وهو فلمنكي المولد ـ بوصف الأوعية الدموية. وأوضح أنه لا توجد ثقوب بين تجاويف القلب. نشرت نظرية الدورة الدموية لأول مرة عام 1628م، وذلك عندما بين ولين هارفي الطبيب الإنجليزي أن القلب يعمل كمضخة، ووصف كيف ينساب الدم من القلب للرئة ثم يرجع إلى القلب، ويتوزع على الجسم ثم يرجع إلى القلب. واعتقد هارفي بأن الأوعية الدموية التي تسمى الشعيرات توصل بين الشرايين والأوردة. وقد اقترح فكرة الشعيرات قبل ذلك عالم التشريح الإيطالي أندريا سيسالبينو في القرن السادس عشر الميلادي. وأكد الطبيب الإيطالي مارسيلو مالبيغي وجود الشعيرات في العام 1661م. وفي بداية القرن الثامن عشر الميلادي تمكن الطبيب الإنجليزي، العالم ورجل الدين ستيفن هالس ـ لأول مرة ـ من قياس ضغط الدم، وذلك بإدخال أنبوب زجاجي في شريان حصان بعد أن شق جلده. ونشر نتيجة أبحاثه وتجربته في عام 1733م.
وليم هارفي وضح بأن القلب يعمل كمضخة. وبوسائل إيضاح مثل الرسم الخشبي أعلاه أوضح كيفية مرور الدم إلى كل أجزاء الجسم. |
وفي عام 1903م اكتشف عالم الأمراض الهولندي فيلم إينتهوفن المقياس الجلفاني الخيطي، وهو جهاز يكشف عن وجود أي طاقة كهربائية ضئيلة تتولد من حركة ونشاط القلب. وعليه طور أسس مرسمة كهربائية القلب. وفي خلال العشرينيات من القرن العشرين الميلادي صارت مرسمة كهربائية القلب الجهاز التشخيصي الأساسي في علم أمراض القلب.
وزودت الأشعة السينية العلماء في السابق بأول صورة عن القلب الحي. أما طريقة النظر في أجزاء القلب الداخلية فقد بدأت مع قثطرة القلب في العام 1929م. وكان الطبيب الألماني الشاب ورنر فورسمان رائدًا في هذا المجال حيث جرب في نفسه مرور أنبوب مطاطي في البطين الأيمن لقلبه، وبذلك أعطى أول صور وعائية قلبية (صور بالأشعة السينية لغرف القلب والأوعية الدموية). وحاز جائزة نوبل في الطب نظرًا إلى تجربته الرائدة في طب القلب التشخيصي.
مرسمة كهربائية القلب تستعمل في أثناء العملية الجراحية لتنظيم عمل القلب. تظهر المعلومات على الشاشة ويمكن طباعتها. |
وفي عام 1944م طور الطبيبان الأمريكيان هيلين بروك توسج وألفريد بلالوك عملية جراحية لتحسين الدورة غير الطبيعية لدى الرضّع الزرق.
في البدء كان الأطباء يقومون بالعمليات الجراحية على القلب وهو يعمل. وقد كان ذلك يعني أن يعمل الجراح بسرعة، وأن يكون ما يستطيع أن يراه أو يفعله محدودًا. وفي عام 1953م تغير كل هذا عندما استعمل الطبيب الأمريكي جون جيبون وزملاؤه جهاز القلب ـ الرئة الذي طوروه. وهذا الجهاز يُمكِّن الطبيب من إيقاف القلب أثناء العملية الجراحية حيث يقوم الجهاز بضخ الدم وأكسدته. وحينذاك يستطيع الطبيب إصلاح أي خلل والقلب متوقف تمامًا. وقادت هذه الاكتشافات إلى نوعين من العمليات الجراحية: إصلاح العيوب البنيوية عند الأطفال، واستبدال الصمامات المريضة عند الكبار. وبعد ذلك امتدت عمليات القلب لتشمل أمراض الشرايين التاجية.
تطورت عمليات تغيير مجرى الشريان التاجي في نهاية الستينيات من القرن العشرين بفضل مجهودات الطبيب الأرجنتيني رينيه فافالورو، وكان يعمل بالولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1967م قام الجراحان مايكل دي باكي وأدريان كانتروينز بزراعة القلب المساعد لأول مرة وبنجاح. وتساعد هذه الآلة البطين الأيسر المصاب أو المجهد بصورة مؤقتة. وللجراح المصري الشهير مجدي يعقوب إسهامات عالمية فعالة في جراحات القلب عمومًا وتطوير تقنيات وزرع القلوب الصناعية أو البشرية. ★ تَصَفح: مجدي يعقوب.
تطور آلة القلب ـ الرئة. ساعدت هذه الآلة في إجراء عملية القلب المفتوح في الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي. والآلة تُخرج ثاني أكسيد الكربون من الدم وتسمح بدخول الأكسجين، كما تفعل الرئتان تمامًا. ثم تضخ الدم المؤكسد مرة أخرى للجسم. توصل الآلة عادة عن طريق شريان في الساق، ومن هناك يدخل الدم لفرع رئيسي من الأبهر، وبعد ذلك يدور في خلايا وأنسجة الجسم من غير أن يمر بالقلب. |
وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين الميلادي أجرى الأطباء عدة عمليات لزرع قلوب. ولكن معظم المرضى ماتوا في السنة الأولى لأن الجسم كان يرفض العضو الغريب، حتى كاد الأطباء أن يوقفوا عمليات زرع القلب. وفي الثمانينيات من القرن العشرين بدأ الأطباء باستعمال دواء يسمى سيكلوسبورين ليقاوم رفض الجسم للعضو الغريب. وكان هذا الدواء سببًا ـ بمشيئة الله ـ في إطالة الحياة بعد العملية عند المرضى. وصارت المشكلة الرئيسية في عمليات زرع القلب هي قلة وجود متبرعين.
أجرى الطبيب السويسري أندرياس جروينتزج أول عملية ترقيع وتقويم للأوعية في العام 1977م، وهي عملية غير جراحية في طبيعتها وتُجرَى لفتح أي شريان مسدود. وطور الباحثون تقنيات أخرى تستعمل مع تقويم وترقيع الأوعية لتزيد من فاعليتها. وصار مزيل الرجفان المزروع متوافرًا منذ سنة 1985م. وهو جهاز يحدد الانقباضات الزائدة في البطين ويرسل شحنة كهربائية صغيرة لوقفها.
وتركزت مقاومة ومنع أمراض القلب في تقليل عوامل الخطر التي يمكن التحكم بها. ومن الأسباب الرئيسية للإصابة بمرض الشرايين التاجية فرط ضغط الدم المرتفع وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم وتدخين السجائر، والتحكم في هذه العوامل قد يمنع تطور المرض.
إن معظم الذي تعلمناه لمنع أمراض القلب مصدره الأبحاث الطبية المكثفة. فقد أعطتنا دراسة فرامنجهام مثلاً، للقلب معلومات وافية عن عوامل الخطر التي تخص أمراض الشرايين التاجية. وبدأت الدراسة في عام 1948م في فرامنجهام بولاية ماساشوسيتس الأمريكية، وفحصت قلوب خمسة آلاف شخص. وبفضل هذه البحوث وغيرها طور العلماء أدوية جديدة لعلاج ضغط الدم المرتفع وارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.
وعمل كثير من الناس على تحسين حالة قلوبهم بتعلم أساليب الطب الوقائي، كأن يقوموا بقياس ضغط الدم وقياس نسبة الكولسترول بانتظام. ومعظم الذين يشكون من ارتفاع طفيف في ضغط الدم حافظوا على أخذ كمية قليلة من الملح وكميات قليلة من السعرات الحرارية في الوجبات الغذائية. وبعضهم قلل نسبة الدهون المركزة في وجبتهم، وزيادة على ذلك فإن هناك أعدادًا متزايدة تمارس التمارين الرياضية، وذلك يساعد على تخفيف الوزن وبالتالي يقلل نسبة الكولسترول ويخفض ضغط الدم.
قلوب الحيوانات تختلف في الحجم والشكل. فالدودة الأرضية، مثل معظم الحيوانات اللافقارية لديها أوعية دموية قابلة للانقباض وتقوم بعمل القلب. وللسمك قلب بتجويفين، في حين للضفدع والبرمائيات الأخرى قلب ثلاثي التجاويف. والكلاب مثل الثدييات الأخرى لديها قلب رباعي التجاويف، كما للطيور أيضًا. |
وتعتمد سرعة دقات قلب الطيور أو الثدييات على حجم الحيوان نفسه. فكلما كان الحيوان صغيرًا كان قلبه سريع الضربات، فقلب الطائر الطنّان مثلاً، يدق ألف دقة في الدقيقة الواحدة بينما يدق قلب الفيل 25 مرة في الدقيقة.