الرسم الهزلي ( Cartoon )
☰ جدول المحتويات
الرسم الهزلي أو الكارتون رسم أو سلسلة من الرسوم التي تحكي قصة أو تعبر عن رسالة. للرسوم الهزلية عدة وظائف، فهي قد تسلي، وتعلم، أو تعلق على شخص أو حدث، أو حالة من الشؤون العامة. وتضم غالبية الرسوم الهزلية حوارات وتعليقات لفظية لكن بعضها يعبر عن رسائله من خلال الرسوم. ويسمى كل منظر منفصل أو رسم في الصور الهزلية لوحة.
لايرسم الرسامون الهزليون الأشياء كما تبدو في الحياة الواقعية. فقد يتم تصغير أو تضخيم بعض الملامح في الشخصية مثل الرأس واليدين، أو القدمين. في الواقع يبلغ قياس رسم رأس الشخص حوالي ثُمْن الجسم فقط. لكن حجم الرأس في شخصية الرسوم الهزلية يمكن أن يكون ثلث أو حتى نصف طول الجسم. وتساعد الرؤوس الأكبر من المعتاد الرسام الهزلي على توجيه انتباه القارئ إلى تعبيرات الوجه مثل: الابتسامة، والازدراء، أو الدهشة. وتُرسم الأيدي والأقدام أكبر من المعتاد في معظم الحالات، لقوة التأثير.
في بعض الأحيان يستخدم الرسامون الهزليون الرموز بوصفها نوعًا من الاختصار، لكي تساعدهم في سرد القصة، مثلاً يستخدمون مصباحًا فوق رأس الشخصية لكي يشيروا إلى فكرة ذكية مشرقة، كما يعبر السحاب الأسود فوق رأس الشخصية عن اليأس.
يبتدع الرسامون الهزليون رسومًا للكتب والمجلات والصحف والأفلام. ويستخدم المعلنون والمدرسون والحكومات في الغالب رسائل الرسم الهزلي ؛ لأنها تجذب الانتباه، ولأنها سهلة القراءة. وتُعلم رسائل الرسم الهزلي الناس بسرعة وفعالية.
يشيرمصطلح الرسم الهزلي في الفنون الجميلة إلى الرسم، الذي يخططه الفنان ليكون مرشدًا له عند التَّلوين، أو لبعض الأعمال الأخرى، ويختلف هذا الفنان عن بقية الرسامين الهزلين ؛ لأنه يرسم اللوحة كخطوة أولى فقط. والرسام الهزلي من ناحية ثانية يعمل في مجال الفن التجاري، وينتج رسومًا هزلية كاملة للنشر.
أنواع الرسوم الهزلية
يرسم الرسامون الهزليون خمسة أنواع بارزة من الرسوم 1- افتتاحية أو سياسية 2- مسلسلات ولوحات وكتب هزلية 3- عمل فني أو مجلة مثيرة للضحك 4- رسوم توضيحية وإعلانية 5- رسوم متحركة.
وللتَّعرف على الرسوم وخطوات إنتاجها، ★ تَصَفح: الرسوم المتحركة.
الرسوم الافتتاحية:
يفعل الرسم الافتتاحي بالخطوط ما تفعله الافتتاحيات بالكلمات. ويسعى الرسام الهزلي إلى التأثير على القارئ ليكوِّن رأيًا عن شخص ما، أو حدثٍ بارز ما في الأخبار. وتظهر غالبية الرسوم الافتتاحية في الصفحات الافتتاحية بالصحف، رسومًا مفردة أو بدون تعليقات أو عناوين. ويمكن للرسوم أن تدعم افتتاحية الصحيفة الرئيسية، أو يمكن أن تتعامل مع بعض الأحداث الواردة في أخبار اليوم. ويستعمل كثير من الرسامين أسلوبا في الفن يُسمَّى فن الكاريكاتير للسخرية من أناس مشهورين، وذلك بتضخيم صفاتهم الجسدية أو تعبيرات الوجه. ★ تَصَفح: الكاريكاتير.يستعمل الرسامون الهزليون مجموعة من الرموز المتنوعة لتساعدهم على توضيح رسائلهم بسرعة. على سبيل المثال : النسر الجائع يمكن أن يكون رمزًا لشركة كبيرة، تلتهم شركات أصغر. وفي رسوم هزلية كثيرة كان يستخدم الدب ليرمز إلى الاتحاد السوفييتي (سابقا). وتُمثل المملكة المتحدة بصورة لجون بول. أما الرجل النحيف ذو اللحية، الذي يلبس سترة سوداء للسهرة مزينة بنجوم وخطوط، فهو العم سام الذي يرمز للولايات المتحدة.
مصورات هزلية ولوحات وكتب هزلية:
تمثل المصورات الهزلية واللوحات في الصحف والمجلات أبوابًا منتظمة مع الشَّخصيَّات الثابتة. وبعض المصورات الهزلية مثل هزلية لي فولك الشبح في بعض الصحف الغربية هي قصص مغامرات تستمر من يوم إلى آخر. وفي المصورات الهزلية الأخرى التي تتضمن الفول السُّوداني لشارلي شولز، وقبل الميلاد لجوني هارت، تتورط الشخصيات في مواقف مضحكة كل يوم. وأشهر الرسوم الهزلية في الصحف العربية في مصر مثلاً لوحات صلاح جاهين في جريدة الأهرام ومصطفى حسين في الأخبار ومحمود كحيل في صحيفة الشرق الأوسط وعدد كبير من رسامي مؤسسة روز اليوسف والخريجي في جريدة الرياض، وعلي عبيد في جريدة الحرية التونسية، وناجي العلي في جريدة القبس الكويتية وعزالدين في جريدة الأيام السودانية والكاروري في جريدة الصحافة وجريدة الخرطوم، وغيرهم من الفنانين. وتنشر معظم الصحف المصورات الهزلية. ويشتمل كل مصور هزلي على سلسلة من اللوحات مع كلمات الشخصيات تطبع عادة بالقرب من رؤوسها في مساحات بيضاء تُسمّى بالون الحوار. وتتكون اللوحة الهزلية من لوحة واحدة فقط.يمكن أن تطبع الرسوم الهزلية على شكل مجلة كالكتب الهزلية. ويقدم الكتاب الهزلي قصة واحدة، أو مجموعة من القصص أو جزءًا من قصة طويلة. ويمكن كذلك أن تكون لوحات الكتاب الهزلي مرسومة إما في شكل حقيقي أو مبالغ فيه. وتصور كثير من الكتب الهزلية مغامرات أو قصصًا خيالية، تضم شخصيات مثل الرجل العنكبوت، والرجل الخارق. وهناك كتب أخرى فيها موضوعات فكاهية. ★ تَصَفح: المصورات الهزلية.
الرسوم الهزلية المثيرة للضحك:
لوحات تكون عادة مصحوبة بتعليق قصير. ويتكوّن التعليق من كلمات تُنطقُ بوساطة الشخصية الموجودة في اللوحة. وبعض الرسوم المثيرة للضحك لا تشتمل على تعليقات، وبعضها الآخر يشكل سلسلة من اللوحات الصامتة. ومثل هذه السلسلة تختلف عن المصورات الهزلية في أنها وشخصياتها، تظهر مرة واحدة فقط وليست بابًا مستمرًا. وتسخر الرسوم المثيرة للضحك من الناس بوجه عام، وأحيانًا تسخر من شخصيات محددة، كما تفعل الرسوم الهزلية الافتتاحية. وهي تُقدِّم الفكاهة عن طريق التصريح المعقول أو التصريح المبالغ فيه. إن الوظيفة الرئيسية للرسوم الفكاهية هي أن تسلي، ولكن الرسم الهزلي يمكن أيضًًًًا أن يسخر من أخطاء الإنسان.الرسوم الهزلية التوضيحية والإعلانية:
تساعد في عرض القصص، والمواد التعليمية والإعلانات، وغالبية الرسوم الهزلية التوضيحية قليلة المعنى في ذاتها، ولكنها تفيد في جذب الانتباه، وتعميق معنى النص الذي تصحبه. ومثل هذه الرسوم توضح مواضع ومعلومات مهمة في كتب مدرسية كثيرة.تستخدم بعض الرسوم الهزلية التوضيحية شخصيات المصورات الهزلية. وتستخدم كثير من الشركات شخصيات المصورات الهزلية الشائعة لتوضيح إعلاناتها. وتستعمل الحكومة في بعض الأحيان شخصيات الرسم الهزلي البارزة، لكي تساعد على ترسيخ برامج معينة، أو لكي تنشر معلومات عن هذه البرامج.
إبداع رسوم الضحك
تطور الفكرة:
يجب أن يكون الرسام الهزلي قادرًا على تخيل فكرة ما، ثم إنتاج رسم كامل لها. ويتعاون رسامو الافتتاحية مع المحررين لمناقشة أحداث اليوم، وتقرر المجموعة أي الأحداث تستحق تعليق الافتتاحية، ثم يخطط الرسام عدة أفكار، ويختار رئيس التحرير واحدة لكي تستكمل. وبعض كبار رسامي الافتتاحية لهم مطلق الحرية في اختيار المادة التي تقدَّم.ويمكن أن يطور فنانو المصورات الهزلية والرسوم المثيرة للضحك أفكارهم الخاصة، أو يتعاونوا مع الكتّاب. ويمكن كذلك لفنان المصورات الهزلية أن يكوِّن فريقًا مع الكاتب الذي يزوده بالقصة.
لا يتعاون معظم فناني الرسوم الهزلية المضحكة مع مطبوعة واحدة فقط، وإنما يرسلون مسودات أولية عديدة في المرة الواحدة إلى رؤساء تحرير المجلات.وقد يقبل رؤساء االتحرير المسودة، مع إجراء بعض التعديلات. أو يطلبون من الفنان أن يعيد الرسم أو يعدله.
يُعدُّ الرّسامون الهزليون رسومات إعلانية أو توضيحية من نسخة مخطوطة باليد، أو مطبوعة على الآلة الكاتبة، مقدمة من الكاتب أو رؤساء التحرير. ويجب على الرسامين أن يصمموا رسمًا يركز على النقاط الأساسية في النص.
إنتاج الرسم الهزلي الكامل:
يعتمد على أسلوب الرسام الخاص ومطالب رئيس التحرير، ويمكن أن يستغرق الرسام من 30 دقيقة إلى يوم كامل لتصميم الرسم الهزلي. وعادة يستخدم الرّسامون ذوو الخبرة تفاصيل واضحة وأشكالاًحقيقيّة. ويختار فنانو المصورات الهزلية والرسوم الهزلية المضحكة ومعظم رسامي الرسوم الهزلية الافتتاحية شكلاً أقل تفصيلاً.يبدأ معظم الرسامون الهزليون برسم الخطوط الخارجية بقلم الرصاص، ثم يمرون عليها بقلم حبر أو فرشاة مغموسة في الحبر، أو بالأقلام المحبَّرة أو أقلام التعليم.
وقد يرسم الرسامون الهزليون أجزاء من الرسم مرة ومرات أخرى، ثم تلصق القطع معًا. وهذا اللصق لايظهر في النسخة المعدلة المطبوعة. هذا وتُظِهر المناطق المظللة والمناطق المجسمة السوداء تباينًا في المساحات.
وتشمل الطرق العامة للتظليل رسمًا من الخطوط الرفيعة القريبة من بعضها، أو باستخدام قطعة مسطحة من البلاستيك الشفاف مفرغ عليها نماذج من الأشكال الهندسية. ويرسم كثير من رسامي الرسوم الهزلية الافتتاحية بوساطة فرشاة على ورق معالج كيميائيًا وفق نماذج معينة قبل الطباعة، ثم يقومون بتظليلها بوساطة قلم شمع ملون. ولمزيد من المعلومات حول كيفية إعادة إنتاج الرسوم الهزلية. ★ تَصَفح: الحفر الضوئي والطباعة الضوئية.
نبذة تاريخية
يعود فن الرسم الهزلي إلى العصور القديمة. فعلى سبيل المثال وجدت رسوم هزلية على الجدران المصرية والمزهريات الإغريقية القديمة. ولكن الرسوم الهزلية لم تكتسب شعبية واسعة إلا في القرن التاسع عشر الميلادي.
الرسوم الهزلية المبكرة:
خلال القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين، رسم فنانون بريطانيون عديدون منهم: جورج كروك شانك، ووليم هوجارث مطبوعات من الرسوم الهزلية وباعوها. وفي عام 1754م. رسم بنجامين فرانكلين واحدة من الرسوم الهزلية الأولى في المستعمرات الأمريكية. وكان رسم فرانكلين قد حفز المستعمرات لكي تتوحد ضد الفرنسيين والهنود، حيث أظهر كل مستعمرة جزءًا من حية مع تعليق اتحد أو مت. وقد نقش بول ريفير ترجمة لهذا الرسم عام 1774م مستحثًا المستعمرين على أن يتحدوا ضد إنجلترا.عُرف الفنان الفرنسي أونوريه دومييه، الذي مارس الرسم من عام 1830م إلى عام 1870م، بأنه أبو الرسم الهزلي الحديث. وقد رسم رسمًا هزليًا للزعماء الفرنسيين في الصحف والمجلات. ولم يلبث أن قضى دومييه ستة أشهر في السجن عام 1832م بسبب رسم ساخر رسمه عن الملك لويس فيليب. وفي إنجلترا كان توماس رولاندسون وجيمس جيلراي قاسيين مثل دومييه، على الملكة البريطانية ورجال الدولة، وعلى الرغم من هذا لم يذهبا إلى السجن بسبب عملهما.
الرسم الهزلي الحديث:
في عام 1841م عرضت تصميمات رسوم جدارية للمجالس التشريعية الجديدة للبرلمان، بوصفها رسوماً هزلية، والتي كانت قد أعيد بناؤها إثر حريق تخريبي. ثم نشرت مجلة بانش الهزلية الحديثة الصدور على الفور سلسلة من الرسوم التخطيطية التي أسمتها رسوم بنش الهزلية، ومنذ ذلك الوقت أصبح الرسم الهزلي معروفاً بهذا الاسم.وكان من بين أكثر رسامي الرسم الهزلي شهرة في مجلة بنش السيرجون تنيل، والذي ظلت رسومه السياسية تشكل بابًا دائمًا في المجلة لمدة 50 عامًا. وفي الولايات المتحدة أثر توماس ناسْت الذي ظهرت أعماله في مجلة هابررْزويكلي بدرجة كبيرة في الرأي العام. وقرب نهاية القرن التاسع عشر أصبحت الرسوم الهزلية الافتتاحية، تشكل أبوابًا منتظمة في الصحف اليومية. وقد استخدم الرسامون الهزليون في الصحف تفاصيل أقل وشخصيات قليلة، وشكلاً متحررًا عما فعل الرسامون الهزليون في المجلات. ثم اضمحل الرسم الهزلي في افتتاحية المجلات، لأن الصحف اليومية استطاعت التعليق على الأخبار بشكل أكثر سرعة.
في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي تطورت مسلسلات الرسم الهزلي في الولايات المتحدة. وكانت المسلسلات الهزلية المبكرة حادة في خطابها، حافلة بالفكاهة العنيفة. ثم ازداد استخدام المسلسلات الهزلية في الصُّحف بسرعة، نتيجة للمنافسات القوية بين الصحيفتين الأمريكيتين نيويورك وورلد و نيويورك جورنال. وقد تنافست الصحيفتان على الرسم الهزلي المسلسل لريتشارد فلتون أوتكولت زقاق هوجان.
فرضت الرسوم الهزلية والافتتاحية نفسها في الصحف الأمريكية، وامتدت المسلسلات الهزلية بسرعة إلى أوروبا. وفي الوقت الحالي اتحد رسامو كثير من المسلسلات الهزلية في نقابة، تتولى البيع للنشر المتزامن للصحف في جميع أنحاء العالم بوساطة وكالات متخصصة في مثل هذه المجالات.
كان السير دافيد لو النيوزيلندي هو الرسام الهزلي للصحيفة السياسية البارزة في النصف الأول من القرن العشرين. وكانت سخريته اللاذعة واقتصاده في الخط قد جعلا من الممكن تمييز عمله في التو. وكان قد بدأ عمله في نيوزيلندا عام 1914م، ثم انتقل إلى لندن عام 1919م. وتُعد شخصيته الكولونيل بليمب نموذجًا للضباط العسكريين من الرجعيين وكبار السن.
هذا وقد أصبحت كتب المغامرات والرسوم الهزلية شائعة في عقدي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين. وبعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، اكتسبت الهزليات الفكاهية شعبية. ومنذ الستينيات صدرت أعداد كبيرة من الكتب والمسلسلات الهزلية التي اهتمت بالقضايا الاجتماعية والسياسية.