المصورات الهزلية ( Comics )
المصوَّرات الهَزلية مجموعة من الرسوم الهزلية (الكارتون) المتتابعة تحكي قصة. وقد تكون المصورة الهزلية مسلسلاً من الصور فقط، أو مسلسلاً من الصور مع كلمات. كما قد تعني أيضًا مجلة الأطفال الهزلية التي تحتوي على مثل هذه المسلسلات وغيرها. وكثير من هذا النوع نجده في الصحف والمجلات، وهي قد تحكي جزءًا من قصة متتابعة أو قصة كاملة. وتصور معظم المصورات الهزلية شخصيات قصصية في حلقات متتابعة. ويوضِّح الحوار الذي يدور بين هذه الشخصيات في مساحات بيضاء تُسمى بالونات، كما توجد مصورات قليلة لا يكون بها أي حوارات وتُسمّى الرسومات الإيمائية.
والهدف الرئيس لهذه المصورات الهزلية هو الترويح، وقد كانت كل المصورات القديمة تتخذ من الفكاهة محورًا لقصصها، أما اليوم، فقد تنوعت مصادر هذه المصورات. فمنها مايقوم على الفكاهة، وهو كثير، ومنها مايتناول المغامرات المثيرة وقصص الخيال الجامح، كما أن منها ما يتناول الأحداث المثيرة في حياة بعض الناس كالأطباء، أو الشرطة، أو المراسلين الصحفيين، أو موظفي السكرتارية وغيرهم. كما يتناول بعضها الروايات التاريخية أو الدينية، أو تقدم أعمالا أدبية منقحة كمسرحيات وليم شكسبير. وهناك مصورات هزلية تتناول اهتمامات الناشئين من القراء، فنجد المجلات التي تحتوي على مصورات هزلية تعالج المشكلات الرومانسية والمشكلات الشخصية التي تهم المراهقين، بالإضافة إلى تناول موضوعات عن الشخصيَّات البارزة المحبوبة كنجوم الرياضة والسينما وغيرها من الموضوعات.
تشير الدراسات إلى أن المصورات الهزلية أكثر الأبواب رواجًا في المجلات. وبعض هذه المصورات يرد في أكثر من صحيفة ومجلة ؛ فمثلاً نجد أن المصورة الهزلية (الفول السوداني) التي وضعها تشارلز شولز تتكرر في أكثر من 2,000 صحيفة. بالإضافة إلى ذلك، نجد أن هذه المصورات صارت أكثر رواجًا مما كانت عليه ؛ فملايين من كتب المصورات الهزلية توزع سنويًا.
أدى رواج المصورات الهزلية إلى جعل شخصياتها مادة مفيدة في مجال الإعلانات التجارية ؛ فكثير من الشركات تستخدم هذه المصورات أو الشخصيات التي ترد فيها في الترويج لمنتجاتها عن طريق الإعلانات. ومن فوائد المصورات كذلك أنها تُستخدم في المنشورات والمؤلفات التربوية.
أثْرت المصورات الهزلية الكتب والأفلام والمسرحيات والأغاني وبرامج الإذاعة والتلفاز. كما أنها أثّرت في حركة الفنون الجميلة المسماة البوب آرت.
إعداد المصورات:
تكون معظم المصورات الهزلية من عمل شخص واحد يقوم بعمليتي الرسم والكتابة. وهناك مسلسلات يشترك فيها شخصان أو أكثر. وفي كثير من الأحوال يقوم الكاتب بتأليف القصة، ويقوم الرسام أو المصور برسم الإطار ؛ أي الصور المفردة. وتحتاج كتب المصورات الهزلية قدرًا كبيرًا من المواد، وقد يتطلب الأمر أن يعمل عدد كبير من الكتاب والفنانين لكي يُتموا كتابًا واحدًا فقط.يفصّل الرسام أحداث القصة بحيث يمكن رسمها على أُطُر منفردة، وينبغي أن ينتقل العمل بتناغم وتناسق من إطار إلى الذي يليه وأحيانًا من حلقة في مسلسل إلى أخرى.
يفرغ الرسام من إعداد مسلسل الصور قبل ستة أسابيع من ظهوره مطبوعًا. ويرتبط معظم رسامي المصورات الهزلية بشركات توزيع تُسمَّى مؤسسات التوزيع والنشر، تعمل بمثابة الوكيل التجاري لهم ؛ فيقوم الرسام بإرسال مسلسل الصور إلى هذه المؤسسات التي تضطلع بمهمة توزيعه على الصحف في كل أنحاء العالم.
نبذة تاريخية:
لم يكن هناك سوى القليل من الصور الإيضاحية في الصحف خلال القرن التاسع عشر الميلادي. وكانت أول مجلة تنشر خصيصًا للأطفال هي المجلة البريطانية بويز أونز بيبر ؛ "صحيفة الشاب الخاصة" (1879- 1912م). وقد كانت مجلة جادة كان القصد من ورائها تثقيف القراء وتعليمهم أكثر من إمتاعهم. وعندما ظهر أول مسلسل للمصورات الهزلية في الولايات المتحدة عام 1895م ذاع صيته وراج رواجًا كبيرًا، واسم هذا المسلسل هوجانز آلي. وكان قد أعده ريتشارد ف. أوتكولت للطبعة التي تصدر يوم الأحد من مجلة ذا ويرلد أُوف نيويورك سيتي ؛ أي "عالم مدينة نيويورك". أما أول عمل ناجح متخصّص في المسلسلات التصويرية ؛ فهو ذلك الذي كان يُعده بد فيشر بعنوان "أ.مت" (عُدلت فيما بعد إلى "مَت وجَف"). وبدأ في الظهور عام 1907م في صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل بالولايات المتحدة.فقدت صحف الشباب الجادة رواجها في القرن العشرين، وذلك بازدياد صحف الرسوم والمصورات الهزلية المتسلسلة المعدة للأطفال رخيصة الثمن. وكان للمذياع والسينما أثرهما القوي على المصورات الهزلية. وكانت صحيفة المصورات الهزلية فيلم فن، التي لاقت رواجًا كبيرًا إبان الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين الميلادي، تصور مغامرات المسلسل الهزلي لنجوم السينما آنذاك من أمثال لوريل وهاردي.
عكست مصورات الأطفال الهزلية التحول في الأذواق والاهتمامات ؛ ففي الخمسينيات من القرن العشرين، روّج الناشر البريطاني ماركوس موريس للمصورتين الهزليتين إيجل (العقاب) وجيرل (فتاة). وقد قرظهما النقاد نظرًا للرسوم التوضيحية عالية الجودة ولدقتهما الواقعية. وعلى الرغم من أفول نجم هذه المصورات وأمثالها بحلول الستينيات من القرن العشرين، إلا أننا نجد مصورات هزلية أخرى مثل بيانو وداندي ـ اللتين تغير أسلوبهما قليلاً نظرًا للتحولات التي طرأت على المجتمع ـ قد واصلتا ازدهارهما في العقد الأخير من القرن العشرين.
أقلق ظهور مصورات الرعب الهزلية بعض الآباء والمعلمين الذين اعترضوا على الأسلوب والمحتوى العنيفين اللذين يكتنفانها. وعلى الرغم من ذلك، نجد أن قصص الخيال العلمي والخيال الجامح لا يزالان يجتذبان الكثير من هواة قراءة كتب المصورات. وقد انخفضت شعبية قراء بعض المصورات الهزلية البوليسية مثل دِكْ ترايسي (1931م) الذي قدمه تشستر جولد، إلا أننا نجد مصورات أخرى قديمة لا تزال تجتذب القراء في شتى أرجاء العالم ؛ ومن ذلك المسلسل المصور لمغامرات البطل الخارق ؛ سوبرمان (1938م) الذي اخترع شخصيته كل من جيري سيجل وجوي شستر.
تمزج بعض المصورات الهزلية التي ترد في الصحف مشاهد الترويح والمتعة بالتعليقات السياسية والاجتماعية الساخرة. ومثال على ذلك، ماقام به جاري ترودو في "دونسبري" (1970م).
كان أول كتاب للمصورات الهزلية هو الطبعة الأمريكية الثانية من كتاب ذيَ يلوكدْ ؛ أي "الصبي الوغد"، وهو البطل الصغير العابث في المسلسل المصور الأصلي."هوجانز ألي"، وظهر عام 1897م. أما أول الكتب التي صدرت خصيصًا لتكون بمثابة مصور مسلسل ؛ فقد نشرت في اليابان في العشرينيات من القرن العشرين. وكانت كتب المصورات الهزلية في شكلها الحالي المعهود قد بدأت في المجلات في الثلاثينيات من القرن العشرين. ولقد قدمت المغامرات التي تقوم بها بعض الشخصيات المتعة لأجيال عديدة من الأطفال. ومن ذلك المصور البريطاني الهزلي المحبوب "روبرت بير".
فقدت المصورات الهزلية بعض بريقها ورواجها عقب انتشار التلفاز في أواخر الأربعينيات من القرن العشرين. وقد عانت كتب المصورات كثيرًا، وذلك لأن قليلاً من الناشرين يقبلون نشر كتب تحتوي على مغامرات الفحش والعنف. وقد وقَّعت كل دور النشر بالإجماع ـ تقريبًا ـ عام 1954م على قانون قواعد نشر المصورات الهزلية الذي حظر نشر مثل تلك المواد.
إلا أنه بحلول الستينيات من القرن العشرين، استعادت المصورات الهزلية بعضًا مما افتقدته من رواج. فنجد أن هذه المصورات كانت تُعد في الماضي للأطفال وغير المثقفين من الكبار، إلا أننا نجد الآن مسلسلات مصورة مثل بينتس وجارفيلد تستهوي الكبار والصغار على حد سواء، وكذلك المتعلمين وغير المتعلمين، وهي مصورات غير معقدة ومضحكة، إلا أنها رفيعة المستوى ممتعة للعقل.
★ تَصَفح أيضًا: الكاريكاتير ؛ الرسم الهزلي.