الرئيسيةبحث

الأرجنتين ( Argentina )



الأرجنتين ثانية كبرى بلدان أمريكا الجنوبية من حيث المساحة والسكان، ولايفوقها في ذلك إلا البرازيل. وتمتد الأرجنتين على الخريطة في شكل طويل مستدق، وتحتل معظم الجزء الجنوبي لأمريكا الجنوبية. وتمتد من تشاكو البوليفية في الشمال إلى قنال بيجل في الجنوب.

تختلف طبيعة سطح الأرض كثيرًا في جميع أنحاء الأرجنتين. فجبال الأنديز الوعرة تمتد على طول الحدود الغربية للبلاد. وتمتد عبر الجنوب هضبة جرداء تشتد فيها الرياح تدعى بتاجونيا. أما البامبا، وهي سهل معشوشب خصب، فتقع بالقرب من وسط البلاد. وتنتشر الغابات على مساحات شاسعة في الشمال على امتداد حدود بوليفيا وباراجواي.

يعيش ثلث سكان الأرجنتين تقريبًا في منطقة بوينس أيريس، بينما يقل السكان في أجزاء واسعة من البلاد.

ينتمي معظم الأرجنتينيين إلى سلالات أسبانية وإيطالية. ويُشكل الهنود ـ وهم السكان الأصليون لما يُعرف الآن بالأرجنتين ـ جزءًا صغيرًا فقط من سكان البلاد. ويتكلم جميع سكان الأرجنتين تقريبًا اللغة الأسبانية وهم من الرومان الكاثوليك.

يعود اسم الأرجنتين للكلمة اللاتينية أرجنتوم التي تعني الفضة . وقد جاء أول المستوطنين الأسبان إلى الأرجنتين بحثًا عن الفضة والذهب خلال القرن السادس عشر. ومثل هذه الثروة لم تكن موجودة في البلاد، ولكن تربة البامبا الخصبة أثبتت فيما بعد أنها أثمن كثيرًا من المعادن الثمينة. وعند نهاية القرن التاسع عشر الميلادي أصبحت الأرجنتين غنية بصادراتها من اللحوم والحبوب إلى أوروبا. وفي أواخر العشرينيات من القرن العشرين الميلادي أصبحت الأرجنتين إحدى أغنى بلاد العالم. واليوم تبقى الأرجنتين غنية بثرواتها الطبيعية. ومع ذلك فلا تعتبر من بين عمالقة الاقتصاد، فقد دمّر اقتصادها التضخم المرتفع بالإضافة إلى عدد من المشاكل السياسية الصعبة.

ازدادت أهمية الصناعة تدريجيًا بالنسبة للاقتصاد الأرجنتيني. وأصبح جزء كبير من الصناعة يتضمن معالجة المنتجات الزراعية. فالأرجنتين منتج ومصدر رئيسي للحوم والذرة وبذور الكتان. كما أنها تنتج وتصدر كميات هائلة من القمح. ولكن البلاد تفتقر إلى الكميات الكبيرة من الفحم الحجري وخامات الحديد ومعظم المعادن الأخرى التي تحتاجها الصناعة الثقيلة. ومع ذلك توفر صناعة النفط الأرجنتينية معظم حاجات البلاد من الزيت تقريبًا.

كانت الأرجنتين مستعمرة أسبانية لنحو 300 عام تقريبًا. وقد حصلت على استقلالها في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي وأصبحت جمهورية عام 1853م. وحكم البلاد حكام عسكريون معظم الأوقات منذ عام 1930م.

نظام الحكم

الكاساروزادا (البيت القرنفلي) يشتمل على مكتب رئيس الأرجنتين ومكاتب الحكومة الأخرى. ويواجه هذا المبنى ساحة دي مايو في قلب مدينة بوينس أيريس.

الحكومة الوطنية:

نص دستور الأرجنتين الذي أقر عام 1853م على أن تكون البلاد جمهورية. وينص الدستور كذلك على انتخاب رئيس وكونجرس. ويضع الدستور الكنيسة الرومانية الكاثوليكية تحت حماية الدولة، ويشترط أن يكون الرئيس ونائبه من الكاثوليك.

في عام 1976م استولت على الأرجنتين حكومة عسكرية، وعطلت بعض أحكام الدستور. وطرد القادة العسكريون الرئيس وحلّوا الكونجرس وغيروا هيكل الحكومتين المركزية والمحلية. كما عطّلوا كثيرًا من حقوق المواطنين المدنية. وأخيرًا أجبرت الاضطرابات السياسية والاقتصادية الحكومة العسكرية على الدعوة إلى الانتخابات الحرة أواخر عام 1983م. وتسلمت زمام الحكم حكومة مدنية جديدة يرأسها رئيس وكونجرس في ديسمبر عام 1983م.

يُنتخب رئيس الأرجنتين لفترة أربع سنوات، ولا يجوز له شغل هذا المنصب لأكثر من فترتين متتاليتين. ويعين الرئيس أعضاء مجلس الوزراء الذين يرأسون الإدارات التنفيذية للحكومة. ويتألف الكونجرس في الأرجنتين من مجلسين: مجلس النواب، ومجلس الشيوخ. ويتكون مجلس النواب من 259 عضوًا يتم انتخابهم بوساطة الشعب. ويتكون مجلس الشيوخ من 72 عضوًا، يتم اختيارهم بوساطة الهيئات التشريعية الإقليمية في الأرجنتين.

الحكومة المحلية:

تقسم الأرجنتين إلى 22 منطقة إدارية، وإقليم جزيري واحد ومقاطعة فيدرالية واحدة. ويرأس كل منطقة إدارية حاكم يختاره الشعب. ويقوم الرئيس بتعيين حاكم الجزيرة المسماة تييرا دل فويجو التي تقع في أقصى الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية. ويرأس رئيس بلدية منتخب المقاطعةَ الفيدراليةَ التي تشمل العاصمة بوينس أيريس.

السياسة:

في الأرجنتين حزبان سياسيان رئيسيان: الاتحاد المدني الراديكالي، ويسمى أيضًا الحزب الراديكالي، ويجتذب كثيرًا من الأرجنتينيين من الطبقات الوسطى ؛ وحزب العدالة الذي يسمى أيضًا حزب بيرون، وهو يؤيد سياسات الرئيس السابق خوان بيرون. وهذه السياسات تدعو إلى زيادة الإنفاق الحكومي وتقوية الشعور القومي. ويدعم هذا الحزب معظم النقابات العمالية. كما يوجد في الأرجنتين عدد من الأحزاب الصغيرة.

المحاكم:

يُعيِّنُ رئيسُ الجمهورية المحكمة العليا، وهي أعلى محكمة في الأرجنتين. كما يعين قضاة محاكم الاستئناف الفيدرالية. ولكل إقليم نظامه الخاص بالمحكمة العليا والمحكمة الدنيا. ويقوم حكام الأقاليم بتعيين قضاة المحاكم الإقليمية.

القوات المسلحة:

رئيس الجمهورية في الأرجنتين هو القائد العام للقوات المسلحة في البلاد. ويجب على الرجال بين 20 و 45 عامًا أن يخدموا 12 شهرًا، على الأقل، في الجيش أو سلاح الطيران، أو 14 شهرًا في سلاح البحرية. ويبلغ تعداد القوات المسلحة الأرجنتينية 65,000 رجل. كما أن هناك عددًا قليلاً من النساء في وظائف غير قتالية، وينخرط نحو 375,000 رجل في الجيش الاحتياطي الأرجنتيني.

السكان

عدد السكان:

يعيش في الأرجنتين حوالي 37,919,000 نسمة (2002م) يزداد عددهم ببطء بسبب النسبة المنخفضة لعدد المواليد. وهذه النسبة من أكثر النسب انخفاضًا في أمريكا الجنوبية.

ساعدت الهجرة بشكل كبير على زيادة عدد السكان في الماضي. فقد كان عدد السكان في منتصف القرن التاسع عشر حوالي مليون مواطن. لكن هذا العدد ازداد إلى حوالي 8 ملايين عام 1914م بسبب الموجات الهائلة من المستوطنين الأوروبيين. ثم انخفضت هذه الهجرة بشكل كبير خلال الثلاثينيات من القرن العشرين، ثم ارتفعت مرة أخرى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945م. ومنذ السبعينيات من القرن العشرين كان معظم القادمين الجدد هم من اللاجئين السياسيين والاقتصاديين من البلدان المجاورة، وخصوصًا بوليفيا وتشيلي وباراجواي.

يتوزع سكان الأرجنتين بشكل غير متساوٍ، حيث يعيش ثلث السكان تقريبًا في بوينس أيريس وضواحيها، ويعيش حوالي الربع في البامبا وسط الأرجنتين، بينما لايوجد في مناطق واسعة من البلاد سوى عدد قليل من السكان، بسبب قساوة المناخ ووعورة التضاريس. وهذه المناطق تشمل جبال الأنديز الوعرة في الغرب، وهضبة بتاجونيا الجافة في الجنوب، ومنطقة الغابات في الشمال تدعى جران تشاكو.

رعاة البقر الأرجنتينيون (الغاوشو) هم من المهجنين (المستيزو) الذين هم مزيج من سلالات هندية وأوروبية. وفي الصورة نرى مجموعة من رعاة البقر وهم يرتدون زيهم التقليدي ويحيون أغانيهم ورقصاتهم القديمة.

الأسلاف:

ينتمي حوالي 85% من سكان الأرجنتين إلى أصل أوروبي. ويشكل المستيزو أو المولدون، وهم مزيج من السلالات الهندية والأوروبية، معظم الـ 15% الباقية. وبخلاف معظم بلدان أمريكا اللاتينية، لا تشتمل الأرجنتين إلا على عدد قليل من الهنود.

عاش حوالي 250,000 هندي فيما يُعرف الآن بالأرجنتين، عندما وصل الأوروبيون الأوائل خلال القرن السادس عشر. وفي أواخر القرن التاسع عشر مات كثير من الهنود إما بسبب الأمراض التي نقلها الأوروبيون، أو لأن الأوروبيين أبادوهم. وكثيرون آخرون تزاوجوا مع الأوروبيين ونتج عن ذلك سكان مهجنون. وليس في الأرجنتين اليوم سوى 50,000 هندي تقريبًا من سلالات غير مختلطة. ومعظم هؤلاء الهنود يعيشون في مناطق معزولة مثل الأنديز وجران تشاكو وبتاجونيا.

استوطن الأرجنتين كثير من الناس من عدة دول أوروبية. ويرجع نسب بعض الأرجنتينيين إلى الأسبان الذين وصلوا خلال القرن السادس عشر. وآخرون ينحدرون من ملايين الأوروبيين الذين اندفعوا إلى البلاد بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وخلال الفترة من عام 1860م إلى عام 1930م جاء حوالي 45% من مهاجري الأرجنتين من إيطاليا وحوالي 30% من أسبانيا. واجتذبت الأرجنتين أيضًا مهاجرين من أستراليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والبرتغال وروسيا وسويسرا. ولقد جاء بعد عام 1930م كثير من المهاجرين من أوروبا الشرقية وخصوصًا بولندا ومن الشرق الأوسط.

اللغة:

يتكلم معظم الأرجنتينيين اللغة الأسبانية، وهي لغة البلاد الرسمية. وكثير منهم يتكلم أيضًا لغة أوروبية ثانية ويقرأ إحدى الصحف الأجنبية التي تصدر يوميًا في بوينس أيريس. ولايزال بعض الهنود في الأرجنتين يتكلمون لغاتهم التقليدية.

أنماط المعيشة

تختلف حياة الريف كثيرًا عن حياة المدينة في الأرجنتين. ففي الصورة اليمنى يسوق رعاة البقر الذين يسمون الغاوشو قطعان الماشية عبر سهول الأرجنتين الخصبة المسماة بامبا بينما تبدو في الصورة اليسرى المباني السكنية الحديثة والمكاتب مصطفة على جوانب الشوارع.

حياة المدينة:

يعيش حوالي 89% من الأرجنتينيين في المدن. ويعيش حوالي 11 مليون نسمة في بوينس أيريس الكبرى وهذا يجعلها واحدة من أكبر المناطق المأهولة في العالم. وبوينس أيريس هي المركز الرئيسي للحكومة والتجارة والصناعة والزراعة. وتقع على طول ريودي لابلاتا وهو خليج على شكل قمع. ويطلق الأرجنتينيون على سكان بوينس أيريس بورتينوز وتعني أصحاب الميناء. أما المدن الأقل اتساعًا فيقطن كلاً منها أقل من مليون نسمة.

استقر كثير من المهاجرين الأوروبيين إلى الأرجنتين في المدن وخصوصًا بوينس أيريس. ويتوافر في المدن عادة الوظائف والتعليم والفرص الأخرى التي مكنت القادمين الجدد من الانتساب للطبقة الوسطى. ويوجد في الأرجنتين اليوم طبقة متوسطة أكبر مما في معظم بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى. ويعمل كثير من أبناء هذه الطبقة في الصناعة، وفي أعمال خاصة، أو في الوظائف الحكومية أو الأعمال المهنية. ويسكن بعضهم في شقق في مبان حديثة عالية، بينما يسكن آخرون في منازل من طابق واحد لها ساحات أو حدائق صغيرة. ويعيش رجال الأعمال وغيرهم من الأثرياء في القصور والشقق الفاخرة في المدن أوالضواحي.

ومنذ الثلاثينيات من القرن العشرين اندفع كثير من العمال الريفيين إلى المدن الكبيرة بحثًا عن العمل. وتعاني هذه المدن اليوم مشكلة حادة في السكن، بينما ظهرت في الضواحي الأحياء الفقيرة المزدحمة. ويعيش كثير من سكان هذه الأحياء في أكواخ. ومعظمهم لا يستطيع العثور إلا على عمل جزئي فقط.

يبدو على مناطق المدن في الأرجنتين المظهر الأوروبي الذي يعكس تأثير مستوطنيها الأوروبيين. ويُبنى كثير من المدن مثل المدن الأسبانية حول ميدان رئيسي اسمه بلازا. ويواجه هذا الميدان كاتدرائية بالإضافة إلى المباني الحكومية المهمة. وتشبه بوينس أيريس أية عاصمة أوروبية بشوارعها العريضة وشققها ذات الشرفات، والمتنزهات الجميلة، والمباني الحكومية الرائعة. وتجتذب المقاهي العديدة والمطاعم والمحلات التجارية الممتازة أعدادًا كبيرة من الناس. وفي المساء يتجول كثير من سكان العاصمة في الشوارع الرئيسية للتنزّه.

حياة الريف:

يعيش في الأرياف حوالي 10% فقط من الأرجنتينيين. وتغطي المزارع الضخمة التي تسمى الإستانسيا كثيرًا من سهول البامبا وبتاجونيا. وكثير من سكان الريف يعملون في هذه المزارع، وآخرون يعملون في مزارعهم الصغيرة الخاصة. وبشكل عام لا يعيش سكان الريف بمستوى سكان المدن. ولذلك يقل سكان الريف الآن حيث يبحث عمال المزارع عن حياة أفضل في المدن.

يُبنى كثير من البيوت الريفية من الطوب المصنوع من الّلبن المجفف في الشمس. ويعيش الفقراء في أكواخ ذات جدران من اللبن أو التراب، وسطوح من القش والطين. ويمكن بناء البيوت الواسعة على الطراز الأسباني بحيث تنظم البيوت حول فناء. ويملك أصحاب الأراضي الأغنياء إقطاعيات رائعة في الريف وبيوتًا فاخرة في المدن.

خلال القرن التاسع عشر الميلادي أصبح بعض الأرجنتينيين المهجنين رعاة أبقار يطلق عليهم اسم الغاوشو. وكان هؤلاء يصطادون الأبقار الوحشية والخيول البرية في سهول البامبا. وقد أصبحت شخصية الغاوشو الرومانسية جزءًا من الفن الشعبي الأرجنتيني. واليوم يعمل الغاوشو القلائل الباقون بشكل رئيسي كعمال في المزارع.

الملابس:

تشبه ملابس سكان المدن في الأرجنتين الملابس التي يرتديها الناس في البلدان الغربية. ويرتدي سكان الأرياف ملابس مميزة. فمثلاً يلبس العمال في الإستانسيا جزءًا واحدًا على الأقل من زي الغاوشو التقليدي. ويشمل هذا الزي قبعة ذات حافة عريضة وبونتشو (رداء في وسطه فتحة للرأس)، وسروالاً واسعًا يتم إدخاله في حذاء منخفض. وفي الشمال الغربي من الأرجنتين يلبس الهنود الـبونتشو والقمصان الملونة والقبعات المستديرة السوداء.

الطعام والشراب:

يتغذى معظم الأرجنتينيين جيدًا، ويهتمون باللحوم وخاصة لحم البقر. وهم يفضلون لحم البقر على السمك والدجاج والضأن. وبعضهم يأكل لحم البقر في جميع الوجبات. ويستمتع الناس بشكل خاص بالشواء حيث تحمر لحوم البقر في جلودها على نار مكشوفة. وهناك أطباق شعبية أخرى مثل البوتشيرو (يخنة الدجاج أو أي لحم آخر مع الخضار) والإمبانادا (فطائر محشوة باللحم أو السمك أوالبيض أو الخضار أو الفاكهة). وقد أدخل المستوطنون الإيطاليون الإسبجتي وغيرها من أنواع الباستا في غذاء الأرجنتينيين. كما أدخل الإنجليز فترة شرب الشاي، وهي عادة يتقيد بها كثير من الأرجنتينيين حيث يتوقف العمل لشرب الشاي مع وجبة بسيطة بعد الظهر.

الشراب الوطني في الأرجنتين هو الماتيه، وهو شاي يتم عمله من الأوراق الجافة لشجرة محلية، ويُشرب بوساطة قشة يمصون شراب الماتيه بها من وعاء من اليقطين. وقد أصبحت المشروبات الباردة شعبية بشكل متزايد.

التَّرويح:

تحيط السواحل الواسعة الرملية البيضاء بالساحل الأطلسي للأرجنتين جنوبي بوينس أيريس. ويستمتع كثير من الأرجنتينيين بإجازاتهم على شاطئ البحر كل عام. ويجتذب جنوب الأنديز المتزلجين في الشتاء والمتنزهين والصيّادين في الصيف. كما تُمثل المنطقة المرتفعة حول كوردوبا (قرطبة) منطقة رئيسية أيضًا لقضاء الإجازة.

تُعدّ كرة القدم أكثر الرياضات شعبية في الأرجنتين. وتجتذب هذه الرياضة آلاف الهواة. وهناك رياضة أخرى هي الباتو التي يحاول فيها راكبو الخيول إلقاء كرة ذات ستة مقابض في سلة مرتفعة. وهناك رياضات شعبية أخرى تشمل كرة السلة، وركوب الزوارق والبولو والرجبي وسباق السيارات وسباق الخيل.

وتجتذب التمثيليات والأفلام جماهير غفيرة في بوينس أيريس. ويقدم مسرح كولون الشهير في المدينة الحفلات الموسيقية والباليه والأوبرا. ويُحب سكان بوينس أيريس الاجتماع بالأصدقاء في المقهى أو المطعم. ويحتفل الأرجنتينيون بالأعياد الدينية بمواكب تنبض بالحيوية والألعاب النارية. وخلال الكرنفال، وهو مهرجان يتم قبل أيام الصوم الكبير، يرقص الأرجنتينيون في الشوارع بالزي الوطني.

تلاميذ المدارس في معظم مدارس الأرجنتين يرتدون زيًا خاصًا كالثوب الأبيض الموضح في الصورة. والتعليم الابتدائي والثانوي في الأرجنتين مجاني.

التعليم:

حوالي 94% من الأرجنتينيين ممن بلغوا الخامسة عشرة من أعمارهم أو أكثر يستطيعون القراءة والكتابة. والتعليم الابتدائي والثانوي في الأرجنتين مجاني. وفي البلاد كذلك مدارس أهلية عديدة تقدم التعليم بمقابل مادي. والتعليم للأطفال بين السادسة والرابعة عشرة من العمر إلزامي، ومع ذلك لا يُنهي التعليم الثانوي إلا نسبة صغيرة منهم. وفي الأرجنتين 45 جامعة. وجامعة بوينس أيريس أكبر جامعة في أمريكا الجنوبية، حيث تضم أكثر من 200,000 طالب.

الدين:

جلب المستعمرون الأسبان المذهب الروماني الكاثوليكي إلى الأرجنتين. كما أن كثيرًا من المهاجرين فيما بعد، كالإيطاليين، كانوا من الكاثوليك أيضًا. واليوم ينتمي حوالي 90% من سكان الأرجنتين إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، مع أن كثيرًا منهم لا يمارس ديانته فعلاً. ويشكل البروتستانت 3% تقريبًا من السكان و7% يتبعون ديانات أخرى.

مسرح كولون في وسط بوينس أيريس يُعدّ واحدًا من أجمل دور الأوبرا في العالم. وهو يقدم الحفلات والمسرحيات الموسيقية والباليه، ويجتذب نسبة كبيرة من الجمهور المتحمس.

الفنون:

خلال القرن التاسع عشر الميلادي أصبح راعي البقر الأرجنتيني، الغاوشو الحر، رمزاً للأمة وقيمها. وقد ألهمت أساطير الغاوشو كثيرًا من الكتاب. فالقصيدة مارتن فييرو (1872-1879م)، وهي ملحمة شعرية ألفها خوزيه هيرنانديز، أصبحت أثرًا أدييًا من الطراز الأول في الأرجنتين. وهي تدور حول أحد الغاوشو الذي يثور على المجتمع دفاعًا عن حريته. وقبل ذلك بسنوات هاجم دومينجو فوستينو سارمينتو أسطورة الغاوشو الثائر في كتاب الحضارة والبربرية: حياة خوان فاكوندو كويروجا (1845م)، وقد انضم سارمينتو إلى جانب التعليم وليس إلى جانب الثورة ليحدد مستقبل بلاده. وخلال أوائل القرن العشرين كتب كل من بينيتولينش وريكاردو جوير إلديس روايات خيالية عن حياة الغاوشو.

وقد أثر الغاوشو في الفنون الأرجنتينية الأخرى أيضاً. فقد أبدع بريليديانو بويريدون وهو أول رسام مهم في الأرجنتين مناظر شعبية للغاوشو في القرن التاسع عشر الميلادي. وفي أوائل القرن العشرين فإن ألبيرتو جيناسترا، الملحن الكلاسيكي المشهور عالميًا، اعتمد في أعماله على أغاني ورقصات الغاوشو. وقد أوجد الغاوشو كثيرًا من الرقصات الشعبية في الأرجنتين. ولكن التانجو التي يعتبرها الأرجنتينيون رقصتهم الوطنية، مبنية على رقصات عدد من البلدان.

خلال القرن العشرين كانت الفنون الأرجنتينية تتعلق بموضوعات كثيرة إلى جانب الفولكلور. وقد اتجه كثير من الكتاب والرسامين والملحنين الأرجنتينيين إلى أوروبا طلبًا للأفكار الجديدة وأشكال التعبير الجديدة كذلك. ومن بين هؤلاء، الشاعر ليوبولدو لوجونيس والرسام إميليو بيتوروتي والملحن كارلوس باز.

أصبح بعض الكتاب الأرجنتينيين مشهورين عالميًا في منتصف القرن العشرين. فهناك خورخي لويس بورخيس الشاعر وكاتب المقالات والقصص القصيرة الذي امتدح كثيرًا لاستعماله الرائع للغة، ولملاحظاته الأصيلة على معنى الوجود الإنساني. وهناك الروائيان إيرنستو سباتو، وخوليو كورتازار اللذان قاما بدراسة صعوبات الحياة الحديثة. وحاز عدد من الرسامين والنحاتين والملحنين التقدير الدولي أيضًا خلال القرن العشرين. ومن بين هؤلاء، النحاتان جوليو لوبارك، وإليسيا بنالبا والرسام رومولو ماسيو والملحن ألبيرتو جيناسترا، ويتم تمثيل مسرحيات جيناسترا الموسيقية في عدد من البلدان.

السطح

أيقونة تكبير خريطة الأرجنتين
مساحة الأرجنتين 2,780,400 كم². وهي تمتد مسافة 3,700 كم تقريبًا من الشمال إلى الجنوب. وتقع أبعد أطرافها جنوبًا على مسافة 970كم فقط من القارة القطبية الجنوبية. ويسود أقصى الشمال مناخ مداري تقريبًا. ويشمل السطح في الأرجنتين الجبال العالية والصحارى القاحلة والسهول الواسعة وغابات المستنقعات.

يمكن تقسيم الأرجنتين إلى أربع مناطق رئيسية وهي: 1- شمال الأرجنتين 2- سهول البامبا 3- الأندين 4- بتاجونيا.


شمال الأرجنتين:

سهل منخفض يقع شرقي جبال الأنديز وشمال جبال قرطبة، ويشمل منطقتين فرعيتين هما: 1- جران تشاكو 2- ميسوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين).

فتح ممر في جران تشاكو وهي منطقة واقعة في شمال الأرجنتين، يحتاج إلى بلدوزر. وتغطي غابات الخشب الصلد أكثر أجزاء تشاكو، ويعيش هناك قليل من الناس.
جران تشاكو يطلق عليها أيضًا اسم تشاكو فقط، وتقع بين نهر بارانا في الشرق والسلاسل المنخفضة لجبال الأنديز في الغرب. وتمتد شمالاً عبر باراجواي داخل بوليفيا. وتغطي الغابات أجزاء كبيرة من تشاكو، ويعيش في المنطقة عدد قليل من السكان. ويسود الجفاف هذه المنطقة معظم أوقات السنة. لكن الأمطار الغزيرة تسقط في الصيف وتسبب فيضان الأنهار. ويزرع المزارعون الذرة والقمح والقطن والمحاصيل الأخرى في الأرض المروية بعد فيضانات الصيف.

تنمو في تشاكو أشجار الكبراش. ويعتبر قطع هذه الأشجار النشاط التجاري الرئيسي للمنطقة. وتعني كبراش كاسر الفأس. ويأتي الاسم من خشب الأشجار الشديد الصلابة، والذي يستعمل في صناعة أعمدة الهاتف والعوارض الخشبية الخاصة بالسكك الحديدية. كما تعتبر الشجرة مصدرًا لحمض التنيك وهي مادة كيميائية تستخدم في صناعة الجلود.

شلالات إيجواكو تُعدّ إحدى أروع الشلالات في أمريكا الجنوبية. وهي تشكل جزءًا من الحدود بين الأرجنتين والبرازيل. ويصل عرضها إلى 3كم وارتفاعها 72م.
ميسوبوتاميا وتعني منطقة مابين النهرين وهي منطقة خصبة بين نهرين كمثيلتها القديمة في بلاد الرافدين، حيث تقع ميسوبوتاميا الأرجنتين والتي تسمى أيضًا أنتري ريوس بين نهري بارانا وأوراجواي. وعلى طول الحدود الشمالية للمنطقة يصب نهر إيجواكو في بارانا.وعلى مقربة من ملتقى النهرين يشكل 275 شلالاً تمثل الشلالات الرائعة المسماة شلالات إيجواكو.

ميسوبوتاميا ذات مناخ حار رطب. وتغطي أجزاء من هذه المنطقة سهول منبسطة مغطاة بالأعشاب. ويرعى المزارعون الماشية والأغنام والخيول في السهول، ويزرعون الذرة والكتان والحمضيات والشاي والأرز. وتغطي غابات المستنقعات أقصى الطرف الشمالي الشرقي. وشجرة الأيلكس التي يصنع شاي الماتي من أوراقها، شجرة برية في هذه المنطقة.

البامبا:

سهل خصب حول بوينس أيريس. وهو يمتد من المحيط الأطلسي إلى الأنديز، ويغطي حوالي خُمس الأرجنتين. ومصدر ثروة البلاد هي سهول البامبا التي تعتبر تربتها السطحية من أخصب المناطق في العالم. وتغطي حقول القمح والذرة والبرسيم أجزاء كبيرة من البلاد. وترعى أعداد كبيرة من قطعان الماشية في الجزء الغربي الجاف من البامبا. ويقوم المزارعون في البامبا كذلك بزراعة الكتان وتربية الخنازير.

يعيش في البامبا أكثر من ثلثي سكان الأرجنتين، ومعظم مراكزها الحضرية وصناعاتها ومرافق النقل فيها. وبالإضافة إلى بوينس أيريس يقع كثير من المدن الكبرى الأخرى على أطراف البامبا. ووراء هذه المدن تمتد السهول على امتداد النظر. وتغطي المزارع الكبيرة التي يمتلكها الأغنياء مسافات واسعة من البامبا الريفية التي يسكنها قليل من الناس.

الأندين:

المنطقة الجبلية الغربية من الأرجنتين، وهي تشمل منطقتين فرعيتين هما: 1- جبال الأنديز 2- البيدمونت.

تمتد جبال الأنديز الوعرة على طول الحدود الغربية للأرجنتين. وسكانها قليلون، ومع ذلك تستخرج من هذه المنطقة كميات قليلة من خامات الحديد والمعادن الأخرى.
جبال الأنديز تفصل الأرجنتين عن تشيلي، وتضم قممها العالية أعلى جبل في نصف الكرة الغربي، وهو أكونكاجوا الذي يصل ارتفاعه إلى 6,959 م فوق سطح البحر داخل حدود الأرجنتين. ويقوم السكان الهنود القلائل بتربية الأغنام في منطقة ذات هضاب واسعة تسمى البونا في الجزء الشمالي من الأنديز الأرجنتينية. أما في الجنوب فإنّ القمم المغطاة بالثلوج والبحيرات التي تشبه المرايا تجتذب القادمين لقضاء إجازاتهم في التزلج وتسلق الجبال.

البيدمونت منطقة ذات جبال منخفضة ووديان مجدبة في شرق الأنديز. وتعمل الجداول الجبلية على توفير المياه للري وبذلك تصبح البيدمونت منطقة للإنتاج الزراعي. ويزرع المزارعون قصب السكر والذرة قرب تكيومان والبرسيم والقطن قرب كروم العنب في كوردوبا (قرطبة). وتنتج الكروم الواقعة بالقرب من ميندوزا وسان خوان العنب لمعظم خمور الأرجنتين. وتعتبر مدن البيدمونت أقدم المستوطنات الأسبانية في الأرجنتين.

بتاجونيا:

هضبة جافة تشتد فيها الرياح في جنوب الأرجنتين. وتبلغ مساحتها أكثر من ربع مساحة الأرجنتين لكن عدد سكانها أقل من 3% من سكان البلاد. وتجعلالتربة الفقيرة والمطر القليل معظم بتاجونيا غير صالحة لزراعة المحاصيل. النشاط الاقتصادي الرئيسي في المنطقة هو رعي الأغنام. تقع مزارع الأغنام في وديان تخترق الهضبة. وتحمي الوديان الضيقة هذه المزارع من العواصف.

يوشوايا إحدى أقصى مدن الجنوب في العالم، وهي تقع في الجزء الأرجنتيني من جزيرة تييرا ديل فويجو. وتقع هذه الجزيرة في أقصى جنوب أمريكا الجنوبية.
يعيش معظم سكان بتاجونيا قرب نهريها الواقعين في الشمال، وهما نهر كولورادو ونهر نيغرو. ويزرع المزارعون البرسيم والكمثرى والتفاح في وديان النهر. ويزور المتحمسون للحياة البرية ساحل بتاجونيا العاصف ليشاهدوا الدلافين وطيور البطريق وأُسُود البحر والحيوانات الأخرى.

تقع جزيرة تييرا دل فويجو في أقصى الطرف الجنوبي لأمريكا الجنوبية. ويفصلها عن البر الرئيسي مضيق ماجلان وتنقسم الجزيرة بين الأرجنتين وتشيلي، وتقع يوشوايا وهي إحدى أقصى مدن الجنوب في العالم، في الجزء الأرجنتيني من الجزيرة.

المناخ

مناخ الأرجنتين معتدل. وأعلى درجات الحرارة في الشمال وأقلها في الجنوب. تقع الأرجنتين جنوب خط الاستواء، ولذلك تكون فصولها عكس فصول نصف الكرة الشمالي. ويمتد الصيف من أواخر ديسمبر إلى أواخر مارس، بينما يمتد الشتاء من أواخر يونيو إلى أواخر سبتمبر. ويكون معدل درجات الحرارة حوالي 27°م في الشمال، وحوالي 16°م في أقصى الجنوب. ويتراوح معدل درجات الحرارة في يوليو بين 16°م في الشمال وصفر مئوي في الجنوب.

الأمطار غزيرة في الشمال الشرقي من الأرجنتين ولكنها تقل في الغرب والجنوب. وقد يهطل في ميسوبوتاميا أكثر من 150سم من الأمطار سنويًا لكن البيدمونت ومعظم بتاجونيا معدل سقوط المطر بهما عادة أقل من 25 سم في السنة.

وتؤثر الرياح القادمة من المحيطين الأطلسي والهادئ على مناخ الأرجنتين، حيث إن الهواء الأطلسي المشبّع بالماء يجعل فصول الصيف في ميسوبوتاميا وسهول البامبا رطبة وغير مريحة. وتفقد رياح ا لمحيط الهادئ معظم رطوبتها فوق الأنديز وبذلك تسبب الجفاف في بيدمونت وبتاجونيا. وتهب الرياح العاتية من كلا المحيطين باستمرار على بتاجونيا، فتجعل الهضبة دافئة في الشتاء ومعتدلة البرودة في الصيف. وفي الشتاء، تهب الرياح من القارة القطبية أحيانًا إلى الشمال فيبرد الجو، ويسقط الثلج الخفيف على بتاجونيا والبامبا.

الاقتصاد

تسهم صناعة الخدمات والتصنيع بمعظم الناتج الوطني الإجمالي في البلاد ـ أي القيمة الإجمالية لجميع البضائع والخدمات التي تنتج سنويًا في الأرجنتين. ومع ذلك فالمزارع الخصبة هي أهم مصدر طبيعي وأساس الاقتصاد في البلاد. يقوم كثير من المصانع في الأرجنتين بمعالجة المنتجات الزراعية كاللحوم والأصواف والجلود. ويعتمد كثير من صناعة الخدمات مثل النقل وأعمال البنوك على الزراعة بشكل كبير.

تقوم المصانع في الأرجنتين بإنتاج معظم البضائع الاستهلاكية مثل الطعام والملابس والمعدات المنزلية. لكن البلاد تستورد الآلات الثقيلة والحديد والفولاذ، وغير ذلك من أجل الإنتاج.

تتبع معظم الأعمال والصناعات في الأرجنتين ملكيات خاصة. ومع ذلك تدير الحكومة بعض الصناعات الرئيسية مثل السكك الحديدية والمرافق العامة وإنتاج البترول. وفي عام 1989م أعلنت الحكومة عن خطط لبيع كثير من المشروعات الصناعية الكبيرة التي تملكها الدولة للقطاع الخاص.


الإنتاج والعمال حسب الأنشطة الاقتصادية

الأنشطة الاقتصادية% من إجمالي الإنتاجعدد العمال المستخدمون % العمال من المجموع
الخدمات الاجتماعية والحكومية والشخصية263,965,90034
الصناعة221,637,80014
الزراعة والغابات وصيد الأسماك61,471,00013
التجارة والفنادق والمطاعم152,41,70018
النقل والاتصالات5753,6006
المرافق العامة2106,0001
البناء والإنشاءات5852,3007
التعدين251,1005
التمويل والتأمين والأملاك وخدمات الأعمال17870,7007
المجموع 100 11,850,200 100
* أقل من نصف بالمائة
الأرقام لعام 1996م.
المصادر: منظمة العمل الدولية، صندوق النقد الدولي، الأمم المتحدة.

صناعة الخدمات:

تملك الإدارات الحكومية أكبر عدد من عمال صناعة الخدمات. كما تقوم المدارس والمستشفيات وغيرها بتوظيف أعداد كبيرة من الأرجنتينيين. ويعمل آخرون كثيرون في الشركات التي تعمل في التجارة مثل الحوانيت والمطاعم والفنادق. وتشمل صناعة الخدمات الأخرى شركات المال والنقل والاتصالات.

مصانع تعليب اللحوم مثل هذا المصنع الذي يقع قرب بوينس أيريس، تسهم كثيرًا في الإنتاج الصناعي للأرجنتين. فهذا البلد منتج ومصدّر رئيسي للحوم البقر.

التصنيع:

تضمُّ بوينس أيريس وضواحيها معظم مصانع البلاد. فهناك مصانع تعليب اللحوم، إضافة إلى تعليب الأنواع الأخرى من الأطعمة، وشركات صناعة الجلود، ومصانع الأجهزة الكهربائية، ومواد الطباعة والأنسجة. وتنتج المصانع في كوردوبا السيارات ومعدات السكك الحديدية ومعدات النقل الأخرى. وتوجد في روزاريو معامل تكرير النفط ومصانع إنتاج الصناعات المعدنية والكيميائيات.

الزراعة:

تنتج البامبا وميسوبوتاميا معظم المنتجات الزراعية الرئيسية في الأرجنتين، مثل اللحوم والذرة والقمح. وتُربى الماشية في مناطق جافة في مختلف أنحاء البلاد، من أجل صوفها بشكل رئيسي. وهناك منتجات زراعية مهمة أخرى مثل الحمضيات والقطن والكتان والعنب والبطاطس والذرة وقصب السكر وبذور دوار الشمس والشاي.

تتفاوت مزارع الأرجنتين كثيرًا من حيث الاتساع، حيث إن الملكيات الواسعة تنتشر فوق مناطق واسعة من البامبا. ويقوم أصحاب هذه الملكيات بتأجيرها، كما يستأجرون العمال للعناية بملكياتهم الأخرى. وفي الشمال يزرع كثير من العائلات قطعًا صغيرة من الأراضي بما يكفي لإطعامهم. ويمتلك كبار أصحاب الأراضي معدات حديثة، بينما يستأجر المزارعون الآخرون الآلات أو يستعملون المعدات التي تجرها الخيول.

التعدين:

النفط هو أهم المصادر المعدنية في الأرجنتين. وتنتج حقول الزيت في بتاجونيا والبيدمونت جميع احتياجات البلاد تقريبًا. كما تنتج هذه الحقول أيضًا الغاز الطبيعي. وتنتج الأرجنتين بعض المعادن من الرواسب المعدنية في الأنديز والبيدمونت. وتحتوي هذه الرواسب على خامات الحديد والرصاص والزنك واليورانيوم.

صناعة النفط في الأرجنتين توفر جميع ما تحتاجه البلاد من الزيت تقريبًا. ومصفاة الزيت الموجودة في الصورة تتصل ببوينس أيريس بخط أنابيب طوله 72كم.

الطاقة:

تنتج المحطات الكهرومائية نصف حاجة الأرجنتين من الكهرباء تقريبًا. ويتم إنتاج الكهرباء بوساطة النفط والفحم الحجري والغاز الطبيعي ومحطتين للقدرة النووية.

التجارة:

يتم التبادل التجاري بشكل رئيسي بين الأرجنتين والبرازيل والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (سابقًا) وبلدان أوروبا الغربية. وقد ساعد تطوير السفن المبردة في أواخر القرن التاسع عشر الأرجنتين في أن تصبح مصدرًا رئيسيًا للأطعمة إلى أوروبا. وتشكل المنتجات الزراعية اليوم حوالي تسعة أعشار إجمالي الدخل من صادرات البلاد الإجمالية. وتشمل الصادرات الرئيسية اللحوم والقمح والذرة والزيوت النباتية والجلود والصوف.

وتشمل واردات الأرجنتين الرئيسية المواد الكيميائية والآلات والحديد والفولاذ.

النقل والاتصالات:

تنتشر السكك الحديدية والطرق الجوية من بوينس أيريس فتربط معظم مدن الأرجنتين مع العاصمة. ويُعتمد على الطرق في البلاد في نقل الناس والبضائع أكثر مما يُعتمد على السكك الحديدية. ومعدل امتلاك السيارات في الأرجنتين هو سيارة واحدة تقريبًا لكل ستة أشخاص.

وقد ازدادت أهمية النقل الجوي بسبب بعد المدن الأرجنتينية بعضها عن بعض. وهناك مطاران رئيسيان في بوينس أيريس. وتُسيَّر رحلات جوية منتظمة تربط أكثر من 50 مدينة أرجنتينية.

تَصْدُر حوالي 190 صحيفة يومية في الأرجنتين، أوسعها انتشارًا صحيفة كلارين التي يملكها القطاع الخاص، وتصدر في بوينس أيريس. ومعدل ما تملكه كل عائلة أرجنتينية جهاز راديو واحد أو أكثر، وتملك معظم العائلات أجهزة تلفاز.

نبذة تاريخية

السكان الأوائل:

عاشت مجموعات كثيرة من الهنود فيما يعرف الآن بالأرجنتين، وذلك قبل وصول الأوروبيين الأوائل إليها في القرن السادس عشر الميلادي بزمن طويل. ومع ذلك كان الهنود قلة هناك بالمقارنة مع بقية أجزاء أمريكا الجنوبية. وكانت القبائل في سهول البامبا وبتاجونيا تجوب البلاد بحثًا عن الطعام. ولم توجد المجتمعات الزراعية إلا في مرتفعات الشمال الغربي والغابات الاستوائية في الشمال الشرقي من البلاد.

الاكتشافات الأوروبية والاستيطان:

في عام 1516م أصبح المكتشف الأسباني خوان ديازدي سوليس أول أوروبي يصل الأرجنتين. وقد نزل على شواطئ خليج ريو دي لابلاتا. وفي عام 1536م أسس الأسبان مستعمرة لمدة قصيرة على الخليج. أما أول المستعمرات الأسبانية الدائمة في الأرجنتين فقد أسسها المستعمرون الذين عبروا جبال الأنديز من بيرو. وخلال منتصف القرن السادس عشر أسسوا سانتياجو ديل استيرو وتكيومان وبعض المدن الجبلية في الشمال الغربي من البلاد. وقد أسس الأسبان مدينة بوينس أيريس عام 1580م.

الفترة الاستعمارية:

حكمت أسبانيا الأرجنتين لمدة تقرب من 300 عام. وقد جاء المستوطنون الأسبان الأوائل بحثًا عن الذهب والفضة. ولكن بعد أن اكتشفت أسبانيا خلو الأرجنتين من هذه الثروة فإنها تجاهلت هذه المستعمرة لعدة سنوات. وفي البداية نمت المستعمرات في الشمال الغربي من البلاد. بشكل أسرع من بوينس أيريس والمدن الساحلية الأخرى. وقد أجبر المستوطنون الأسبان كثيرًا من الهنود في الجزء الشمالي الغربي على العمل في زراعة الأرض وحياكة الصوف. وأحضر الأسبان معهم الخيول والأغنام والماشية. وبدأت المستوطنات في شمال غربي الأرجنتين بتزويد مدن التعدين في البيرو بالطعام والقماش والحيوانات.

قامت الحكومة الأسبانية لعدة سنوات بتحديد التجارة عن طريق بوينس أيريس فنمت المدينة ببطء. لكن في عام 1680م أسس المستوطنون البرتغاليون مركزًا تجاريًا عبر ريو دي لابلاتا من بوينس أيريس. ثم شجعت الحكومة الأسبانية نمو بوينس أيريس لكي تحمي مستعمراتها من التوسع البرتغالي.

عام 1776م أنشأت أسبانيا مستعمرة اسمها نيابة لابلاتا مكونة مما يعرف الآن بالأرجنتين وباراجواي وأروجواي وأجزاء من بوليفيا والبرازيل وتشيلي.
وفي عام 1776م أقامت أسبانيا خارج أراضيها في الجزء الجنوبي الشرقي من أمريكا الجنوبية مستعمرة واحدة كبيرة كانت تسمى إقليم نائب الملك بريودي لابلاتا، أو اختصارًا نيابة لابلاتا. وكانت تتكون مما يعرف الآن بالأرجنتين وباراجوي وأروجواي وأجزاء من بوليفيا والبرازيل وتشيلي. وأصبحت بوينس أيريس عاصمة النيابة، وبدأت تزدهر كمركز تجاري.

بدأ السكان الهنود شمال الأرجنتين يتناقصون تدريجيًا ومات كثير منهم إما بسبب الأمراض الأوروبية أو بسبب قتل الأوروبيين لهم ؛ بينما تزاوج غيرهم مع الأسبان وأنتجوا مزيجًا من السكان من أصل أوروبي وهندي، واحتفظ الهنود في الجنوب بسيطرتهم على بتاجونيا ومعظم أجزاء البامبا.

الاستقلال:

خلال السنوات الأولى من القرن التاسع عشر ازدادت كراهية بوينس أيريس للحكم الأسباني. وفي عامَيْ 1806م، 1807م حاولت القوات البريطانية احتلال بوينس أيريس لتأسيس موطئ قدم للتجارة البريطانية في المنطقة، لكن سكان المدينة طردوهم بدون مساعدة من أسبانيا. وقد زاد هذا من ثقتهم في الحصول على حريتهم من البلد الأم. وفي عامي 1807م و1808م اجتاحت فرنسا أسبانيا وشغلت هذه الحروب الحكومة الأسبانية فأعطت بوينس أيريس الفرصة للقتال من أجل الاستقلال.

وفي 25 مايو 1810م أسست بوينس أيريس حكومة مستقلة لإدارة نيابة لابلاتا، ولكن المقاطعات خارج الأرجنتين عارضت ذلك، مما أدى إلى انهيارها أخيرًا.

في عام 1816م أعلنت المقاطعات التي تشكل الآن جزءًا كبيرًا من الأرجنتين، الاستقلال عن أسبانيا. وسمي البلد الجديد مقاطعات لابلاتا المتحدة.
وفي عام 1812م قاد جنرال أرجنتيني يدعى خوزيه دي سان مارتين الحرب ضد أسبانيا. وتحت هذه الظروف أعلن ممثلو المقاطعات الأرجنتينية رسميًا استقلال البلاد في مؤتمر تكيومان في 9 يوليو 1816م، وأصبح البلد الجديد يعرف باسم مقاطعات لابلاتا المتحدة.

وقد أراد سان مارتين أن يطرد الأسبان من أمريكا الجنوبية لمنع أي هجمات على الأرجنتين في المستقبل. وفي عام 1817م قاد حملة عبر الأنديز وفاجأ القوات الأسبانية في تشيلي. وبعد انتصاره في تشيلي ساعدت قواته على كسب الاستقلال للبيرو. وينظر الأرجنتينيون الآن لسان مارتين كبطل عظيم من أبطالهم.

تشكيل حكومة وطنية:

لم يحقق الاستقلال الحرية للأرجنتين. وقد نشب النزاع بين سكان بوينس أيريس وأصحاب الأراضي الريفية الكبيرة. وأراد سكان بوينس أيريس حكومة مركزية قوية في مدينتهم، لكن أصحاب الأراضي فضلوا سلطة محلية أكثر.

وفي عام 1826م أعدت جمعية وطنية دستورًا للأرجنتين. وسمي بيرناردينو دي ريفادافيا أول رئيس للبلاد. واستقال ريفادافيا عام 1827م بعد فشله في إيجاد حكومة وطنية قوية. ثم حكم خوان مانويل دي روزاس، وهو أحد أصحاب الأراضي من سهول البامبا، الأرجنتين كدكتاتور من عام 1829م إلى عام 1852م. وقد أنشأ روزاس شبكة من البوليس السري للتجسس على أعدائه، وقاد حملات عنيفة ضد هنود البامبا. ونشب القتال بينه وبين البلدان الأخرى أيضًا. وفي عام 1852م قاد الجنرال خوستوخوزيه دي أوركويزا ثورة عسكرية أطاحت بروزاس.

دستور عام 1853م:

التقت وفود من جميع المقاطعات الأرجنتينية ما عدا مقاطعة بوينس أيريس في سانتا في عام 1852م لتشكيل حكومة وطنية، وأعدوا دستورًا مبنيًا بشكل كبير على دستور الولايات المتحدة. وأعلن الدستور عام 1853م وأسس بموجبه اتحاد بين المناطق الإدارية، وتم انتخاب أوركويزا رئيسًا للاتحاد عام 1853م.

في عام 1860م أخذت الأرجنتين اسمها الحالي. وقد كسبت أراضي في الشمال عام 1874م بعد الحرب مع باراجواي. وأصبحت بتاجونيا جزءًا من الأرجنتين عام 1881م.
وقد رفضت مقاطعة بوينس أيريس الانضمام للاتحاد وازدهرت كدولة مستقلة. وساعدها في ذلك حكومة جيدة وأعداد كبيرة من المهاجرين وأموال الاستثمار التي حصلت عليها من أوروبا. ولكن مقاطعات الاتحاد لم تتحسن أحوالها بالدرجة نفسها، وحاول أوركويزا إجبار بوينس أيريس على الانضمام للاتحاد. وفي عام 1859م هزم جيشًا لبوينس أيريس يقوده الجنرال بارتولومي ميتر، لكن ميتر هزم أوركويزا عام 1861م في حرب أخرى. ومن ثم وافقت مقاطعة بوينس أيريس على دخول الاتحاد بموجب الشروط التي وضعتها بنفسها عام 1862م. وقد أصبحت مدينة بوينس أيريس العاصمة الوطنية، كما تم انتخاب ميتر رئيسًا للبلاد، وفي عام 1860م أخذت البلاد اسم الأرجنتين.

ومع انتخاب ميتر رئيسًا بدأت الأرجنتين استقرارًا حكوميًا استمر حوالي سبعين عامًا. وفي عام 1868م خلف دومينغو فوستينو سارمينتو الرئيس ميتر واستمر في الحكم حتى عام 1874م. وقد حاول الرئيسان جذب المهاجرين والاستثمارات من أوروبا للإسراع في تنمية الأرجنتين، كما عمل سارمينتو على نشر التعليم العام.

وفي أواخر القرن التاسع عشر أصبحت البامبا قلب الأرجنتين. وتم طرد آخر السكان الهنود من المنطقة، كما قام آلاف العمال المزارعين القادمين من أوروبا بفلاحة الأرض. وقد ساعدت الأموال البريطانية في بناء خطوط السكك الحديدية، وذلك لنقل إنتاج المزارع من بوينس أيريس. وفي عام 1877م أبحرت أول سفينة مبردة محملة باللحوم الأرجنتينية الطازجة من بوينس أيريس متجهة إلى أوروبا.

حركات الإصلاح:

قام الأثرياء الأرجنتينيون خلال أواخر القرن التاسع عشر ببسط نفوذهم على الحكومة، وعملوا على منع المرشحين الذين عارضوا آراءهم المحافظة من الفوز بالانتخابات. وفي عام 1889م شكل الأرجنتينيون الساخطون اتحادًا مدنيًا، وهو منظمة كانت تطالب بإصلاح الانتخابات. وقد لاقى الاتحاد المدني، الذي أصبح فيما بعد الحزب الراديكالي، هوى لدى الكثير من المهاجرين ورجال الأعمال من الطبقة الوسطى.

وفي عام 1910م أصبح روكو سينز بينا رئيسًا للبلاد. ومع أن سينز بينا كان من المحافظين فإنه عجّل في إصلاح الانتخابات من خلال الكونجرس. وقد نص التشريع المعروف باسم قانون سينز بينا على إجراء الاقتراع السري، وأعطى حق الانتخاب لكل مواطن يبلغ الثامنة عشرة فما فوق، وأوجب عليه الانخراط في الخدمة العسكرية. كما مكّن هذا القانون كبار أصحاب الأراضي من بسط نفوذهم على الانتخابات. وفي عام 1916م تم انتخاب هيبوليتو إيرغوين رئيس الحزب الراديكالي رئيسًا في أول انتخابات نزيهة في ظل القانون الجديد.

ازدهر اقتصاد الأرجنتين خلال الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م) وبعدها،حيث زادت البلدان الأوروبية من مشترياتها من الإنتاج الزراعي الأرجنتيني. وقد تدفق المهاجرون والاستثمارات الأجنبية على البلاد. واعتبرت الأرجنتين من بين أغنى دول العالم خلال السنوات التي سبقت فترة الكساد الكبير، وهو الركود العالمي في سوق العمل الذي بدأ عام 1929م.

الدكتاتورية العسكرية:

في عام 1928م تم انتخاب إيرغوين ثانية رئيسًا للأرجنتين، إلا أنه كان مريضًا بحيث لم يتمكن من إدارة الحكم بشكل فعال. وفي العام التالي بدأ الكساد الكبير تدمير اقتصاد البلاد. وفي عام 1930م أطاح قادة الجيش بالرئيس إيرغوين. ومنذ ذلك الحين أخذت الدكتاتوريات العسكرية المتعاقبة تحكم البلاد.

كانت الحكومة الأرجنتينية تبدي تعاطفًا علنيًا مع دول المحور وهي ألمانيا، وإيطاليا، واليابان خلال سنوات الحرب العالمية الثانية ( 1939م - 1945م)، إلا أنها أعلنت الحرب على دول المحور في مارس عام 1945م قبل فترة قصيرة من هزيمة هذه الدول.

وفي عام 1943م أطاح ضباط الجيش ثانية بالحكومة الأرجنتينية. وبعد تسلم الكولونيل خوان بيرون سدة الحكم، توالى الجنرالات على رئاسة البلاد. وقد عمل بيرون، بصفته وزيرًا للعمل، على تقوية النقابات، وحاز دعم عمال المناطق الحضرية بمنحهم أجورًا أعلى وإجازات مدفوعة الأجر ومزايا أخرى.

وفي عام 1946م تم انتخاب بيرون رئيسًا للبلاد، كما عملت زوجته الثانية إيفا مساعدة له حتى وفاتها عام 1952م. وقد زادت المصروفات الحكومية كثيرًا أثناء حكم بيرون. كما تولت الحكومة إدارة كثير من الصناعات الوطنية وامتنعت عن تشجيع الاستثمارات الأجنبية. وقد جمعت الأموال لدعم الصناعة بشكل سريع عن طريق فرض الضرائب على المنتجات الزراعية. ونتيجة لذلك قلّ الإنتاج الزراعي، وهبط الدخل القومي، لكن الأجور واصلت ارتفاعها. وقام بيرون بتعليق حرية الصحافة وحرية الكلام، كما عدّل دستور الأرجنتين لتدعيم سلطاته وتمكينه من البقاء في الحكم لفترة ثانية.

أصاب الضعف سلطات بيرون أثناء رئاسته الثانية التي بدأت عام 1952م. والواقع أنه كان قد أوجد أعداء كثيرين له. وأخيرًا فَــقَدَ دعم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية له بعد أن قام بالحد من سلطاتها. وفي عام 1955م قام الجيش والأسطول بثورة ضده فهرب من البلاد. وفي نهاية الأمر ذهب إلى المنفى في أسبانيا.

والحقيقة أن محاولة بيرون لتدعيم الصناعة بشكل سريع على حساب الاقتصاد الريفي جعلت الأرجنتين تعاني اقتصاديًا. ومنذ منتصف الخمسينيات من القرن العشرين أخذت البلاد تعاني من ديون كبيرة وتضخم عالٍ وبطء في الإنتاج. ومع ذلك استمر دعم سياسات بيرون وخصوصًا بين صفوف النقابات.

مشاكل سياسية جديدة:

تولى القادة العسكريون السلطة في الأرجنتين بعد الإطاحة ببيرون. وفي عام 1956م أعاد العسكريون العمل بموجب دستور عام 1853م، فانتخب أرتورو فرونديزي، رئيس الحزب الراديكالي المتصلب، رئيسًا للبلاد. وقد قام فرونديزي بتخفيض المصروفات الحكومية، كما حدد الزيادات في الأجور، وأدخل إجراءات أخرى لكبح جماح التضخم وتخفيض الديون، إلا أن هذه الإجراءات لم ترق للناس.

وخشي قادة الجيش أن يخضع فرونديزي لضغوط البيرونيين (المساندين لبيرون)، وأن يعيد السياسات الاقتصادية البيرونية. فأطاحوا به عام 1962م. ثم قام بحكم البلاد سلسلة من الرؤساء المدنيين والاستبداديين العسكريين حتى عام 1972م.

وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين ساء أداء الاقتصاد الأرجنتيني نتيجة للإدارة السيئة في الحكومة وانتشار الفساد في الجيش. وأدى الضعف في الاقتصاد إلى إضرابات وأعمال عنف واحتجاجات ضد الحكومة. وأخيرًا سمح القادة العسكريون لمؤيدي بيرون بالعودة للسلطة، على أمل أن يعيدوا النظام للبلاد. وفي عام 1973م تم انتخاب هيكتور خوزيه كامبورا، أحد أتباع بيرون، رئيسًا للبلاد. وفي وقت لاحق من ذلك العام عاد بيرون إلى البلاد. واستقال كامبورا بعد فترة قصيرة من عودة بيرون، عندها تم انتخاب بيرون رئيسًا بأغلبية كبيرة، كما أصبحت زوجته الثالثة إيزابيل نائبة للرئيس. وبعد موت بيرون عام 1974م أصبحت إيزابيل أول امرأة تحكم الأرجنتين.

ازدادت مشاكل الأرجنتين بعد تسلم إيزابيل الحكم حيث ازداد التضخم المالي، وانتشر الإرهاب على نطاق واسع من قبل المتطرفين السياسيين المحافظين والليبراليين. وفي أوائل عام 1976م ألقى القادة العسكريون القبض على إيزابيل بيرون وتسلموا زمام الحكم وحلوا الكونجرس. وبدأ القادة العسكريون حملة لتخليص الأرجنتين من المعارضة اليسارية ومن الإرهاب. وتم زج الآلاف في السجون دون محاكمة وتعذيبهم وقتلهم. وكثير من أولئك الضحايا لم يعثر لهم على أثر.

الأرجنتين اليوم:

استمرت الأرجنتين في مواجهة المشاكل الاقتصادية الخطيرة خلال أوائل الثمانينيات من القرن العشرين. والواقع أن التضخم المرتفع وهبوط الإنتاج والإنفاق الزائد، كل ذلك قد أسهم في تعميق الأزمة الاقتصادية.

وقد لحق المزيد من الضرر بالاقتصاد الأرجنتيني نتيجة للحرب بينها وبين بريطانيا عام 1982م حول جزر الفوكلاند. وتطالب الأرجنتين منذ زمن بعيد بملكية هذه الجزر التي تقع على بعد 500كم شرقي مضيق ماجلان، إلا أن بريطانيا بدأت منذ عام 1833م تحكم تلك الجزر التي تسميها الأرجنتين جزر مالفيناس. وفي أبريل من عام 1982م قامت القوات الأرجنتينية باحتلال تلك الجزر مما سبب اندلاع معارك جوية وبحرية وبرية بينها وبين بريطانيا من أجل السيطرة على تلك الأراضي. وقد استسلمت القوات الأرجنتينيّة في الفوكلاند في شهر يونيو إلا أن الأرجنتين لم تتخل عن المطالبة بجزر الفوكلاند.

وقد اضطر الحكام العسكريون الأرجنتينيون تحت ضغط الهزيمة في الفوكلاند والقلاقل الاقتصادية والسياسية المتزايدة إلى الدعوة لانتخابات حرة في أكتوبر من عام 1983م. وتم انتخاب رئيس الحزب الراديكالي راؤول ألفونسين رئيسًا للبلاد. وتسلمت الحكومة المدنية الجديدة الحكم في ديسمبر عام 1983م.

وعد ألفونسين بإجراء تحقيق في أعمال الحكومة السابقة في حملة ضد الإرهاب. ونتيجة لتلك التحقيقات قُدم للمحاكمة كثير من العسكريين ورجال الحكومة. وفي عامي 1985م و 1986م أدين ثلاثة من الرؤساء السابقين والعديد من كبار الضباط العسكريين، وحكم عليهم بالسجن لتورطهم في أعمال القتل والتعذيب.

وفي عام 1989م تفاقم التضخم المالي. وفي شهر مايو من عام 1989م تم انتخاب كارلوس منعم رئيسًا للبلاد وهو من أصل عربي من سوريا. وقد تسلم زمام السلطة في شهر يوليو، فقدم بسرعة برنامجًا اقتصاديًا للطوارئ. ومنعت الحكومة، كجزء من ذلك البرنامج، الزيادات في أسعار المواد الغذائية والكثير من البضائع الاستهلاكية الأخرى. كما تضمن البرنامج تخفيضات في النفقات الحكومية وبيع كثير من المنشآت إلى القطاع الخاص. وعلاوة على ذلك قامت الحكومة بتخفيض كبير في سعر العملة الأرجنتينية من أجل زيادة مبيعات سلعها داخل البلاد وخارجها. واتخذت إجراءات أخرى لزيادة الدخل، تضمنت زيادات حادة في أسعار خدمات مرافق الكهرباء والبترول والغاز الطبيعي.

في عام 1989م أصدر منعم عفوًا عن بعض الأشخاص الذين أُدينوا بالتورط في أعمال القتل والتعذيب في أواسط الثمانينيات من القرن العشرين. وفي عام 1995، أقر كثير من قادة الجيش بانتهاك حقوق الإنسان إبان الأحداث التي شهدتها الأرجنتين في سبعينيات القرن العشرين.

وكان نجاح الرئيس منعم في خفض التضخم، وعلاجه لكثير من المشكلات الاقتصادية سببًا في إعادة انتخابه رئيسًا للبلاد عام 1995م.

وفي عام 1999م، فقدت حكومة منعم ثقة الشعب بعد سلسلة من الفضائح وتهم الفساد لحقت ببعض أعضائها. وفي 10 ديسمبر 1999م أدى فيرناندو دولا روا اليمين الدستوري بوصفه رئيسًا للبلاد لفترة خمس سنوات. وكان بعض المحللين السياسيين قد أشاد بسياسة روا وحنكته عندما كان عمدة للعاصمة بوينس أيريس إذ أفلح في تحسين الخدمات العامة بصورة كبيرة في حدود الموازنة العامة للعاصمة.


تواريخ مهمة في الأرجنتين

1580مأسس الأسبان بوينس أيريس
1776مأسس الأسبان نيابة لابلاتا
1810مشكلت بوينس أيريس حكومة مستقلة
1816مأعلنت الأرجنتين استقلالها عن أسبانيا
1853متبنت الأرجنتين دستورًا فيدراليًا
1912مأصلح قانون ساينز بينا أمور الانتخابات الوطنية
1930مأطاح ضباط الجيش بالحكومة المنتخبة
1943ماستولى خوان بيرون على السلطة
1955مأطاحت ثورة عسكرية بدكتاتورية بيرون الذي غادر البلاد
1973معاد بيرون للأرجنتين وتم اختياره رئيسا
1974ممات بيرون وأصبحت زوجته الثالثة إيزابيل رئيسة للبلاد
1976مأبعد القادة العسكريون إيزابيل بيرون عن السلطة
1982مخسرت الأرجنتين الحرب مع بريطانيا حول السيطرة على جزر فوكلاند
1983مأعيد الحكم المدني بعد إجراء انتخابات حرة

أسئـلـة

  1. ما سلالات الأرجنتينيين ؟
  2. كيف أثر الغاوشو في آداب الأرجنتين ؟
  3. ما النشاط الاقتصادي الرئيسي في بتاجونيا ؟
  4. كيف أثرت دكتاتورية خوان بيرون على الأرجنتين ؟
  5. ما الصادرات الرئيسية للأرجنتين ؟
  6. لماذا قدم المستوطنون الأسبان الأوائل إلى الأرجنتين ؟
  7. ما أهم الموارد الطبيعية للأرجنتين ؟
  8. ما المنطقة التي توجد بها معظم الصناعات والسكان ؟
  9. من أعظم بطل ينظر إليه الأرجنتينيون بالإعجاب ؟
  10. كيف ساعد تطوير السفن المبردة الاقتصاد الأرجنتيني ؟
المصدر: الموسوعة العربية العالمية