الرئيسيةبحث

ربيع الأول ( Rabi' I )


☰ جدول المحتويات


ربيع الأول الشهر الثالث من شهور السنة وفق التقويم الهجري، وقد سُمّي بهذا الاسم نحو عام 412م في عهد كلاب بن مُرّة الجدّ الخامس للرسول ﷺ.

وقد جاء في تسميته بهذا الاسم عدة روايات ؛ منها أن العرب كانوا يخصّبون فيه ما أصابوه من أسلاب في صفر ؛ حيث إن صفرًا كان أول شهور الإغارة على القبائل عقب المحرم - الشهر الحرام. ★ تَصَفح: صفر ؛ المحرم.

وقيل: بل سُمِّي كذلك لارتِباع الناس والدواب فيه وفي الشهر الذي يليه (ربيع الآخر)، لأن هذين الشهريْن كانا يأتيان في الفصل المسمَّى خريفًا وتسميه العرب ربيعا، وتسمي الربيع صيفًا والصيف قيظًا، وهناك رأي يقول: إن العرب كانت تقسم الشتاء قسمين، أطلقوا عليهما الربيعيْن: الأول منهما ربيع الماء والأمطار، والثاني ربيع النبات ؛ لأن فيه ينتهي النبات منتهاه، بل إن الشتاء كله ربيع عند العرب من أجل الندّى.

وفي الحقيقة، كان الربيع عند العرب ربيعيْن: ربيع الشهور، وربيع الأزمنة ؛ فربيع الشهور، شهران بعد صفر ؛ وهما ربيع الأول وربيع الآخر. وأما ربيع الأزمنة، فربيعان: الربيع الأول ؛ وهو الفصل الذي تأتي فيه الكمأة والنَّوْر، وتطلق عليه العرب ربيع الكلأ، والثاني هو الفصل الذي تُدْرَكُ فيه الثمار، ومنهم من يسميه الربيع الثاني، ومنهم من يسميه الربيع الأول كسابقه.لذا، كان أبو الغوث يقول: العرب تجعل السنة ستة أزمنة : شهران منها الربيع الأول، وشهران صيف، وشهران قيظ، وشهران الربيع الثاني، وشهران خريف، وشهران شتاء.

وسميا شهري ربيع لأنهما حَلاّ في فصل الربيع عند تسميتهما، فلزمتهما التسمية. ولا يقال فيهما إلا شهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر. ولا تذكر كلمة شهر مع سائر أسماء الشهور العربية إلا مع شهر رمضان وشهري ربيع ؛ فيقال: هذا شعبان قد أقبل، ولكن نقول أقبل شهر رمضان قال تعالى: ﴿ شهر رمضان الذي أنْزل فيه القرآن ﴾ البقرة: 185: أما شاهد شهري ربيع فهو قول أبي ذؤيب:

بِهِ أبَلَتْ شَهْرَيْ ربيع كِلَيْهما فَقَدْ مارَ فيها نَسْؤُها وَاقْتِرارُها

ومن العرب من جعل السنة أربعة أزمنة: الربيع الأول وهو عند عامتهم الخريف، ثم الشتاء، ثم الصيف، وهو الربيع الآخر، ثم القيْظ ؛ هذا كله قول العرب في البادية، وكانوا يطلقون على أول مطر يقع بالأرض أيام الخريف (ربيع). ويقولون إذا وقع ربيع بالأرض ؛ بعثنا الرُّوّادَ وانتجَعنا مساقطَ الغيث. وإنما سُمّي فصل الخريف خريفًا لأن الثمار (تُخْتَرَفُ) فيه ؛ أيْ تُجْتَنى ؛ وسمته العرب ربيعًا لوقوع أوّل المطر فيه.

أسماؤه:

عرف العرب ثلاث سلاسل من أسماء الشهور قبل أن تستقر على أسمائها التي تعرف بها حاليًا حوالي مطلع القرن الخامس الميلادي ؛ فمثلا نجد أنهم أطلقوا على شعبان: كُسَع وعادل ومَوْهاء. وسموا ذا الحجة نُعَس وبُرك ومُسْبل إلخ. ★ تَصَفح: التقويم الهجري.

ولم تأخذ الشهور هذه الأسماء في وقت أو موضع واحد، بل كان هناك وقت طويل يفرق بين كل تسمية وأخرى. أما شهر ربيع الأوّل فقد عرفته ثمود باسم مُورِد، بينما كانت بقية العرب العاربة تطلق عليه اسم طليق. ومن أشهر الاسماء الأخرى التي عرف بها، اسم خَوّان ؛ أي كثير الخيانة ؛ وذلك لأن الحرب كانت تشتد فيه فتخونهم فتنقصهم أرواحًا وأموالا. قال لقيط الأيادي:

وخاننا خوّان في ارتباعنا فأنْفَدَ للسارح من سوامنا

وقال ابن الأعرابيّ:

وفي النّصف من خَوّان وَدَّ عدوُّنا بأنّه في أمعاء حوتٍ لدى البحر

وقد أجمل الشاعر الشهور العربية التي استخدمت قبل القرن الخامس الميلادي في الأبيات التالية:

أردْت شهور العُرْب في الجاهلية فخذْها على سرْد المحرم تشترك
فمُؤْتَمِرٌ يأتي ومن بعدُ ناجر وخوّان مع صُوَان يجمع في شرك
حنين وزباء والأصم وعادل ونافق مع وَغْل ورنّةَ مع بُرك

من أهم أحداث هذا الشهر، أن الرسول ﷺ وُلد فيه، لكن اختُلف في تحديد اليوم ما بين 8، و10، و12 منه. إلا أن المتخصصين يجزمون بأنه كان في يوم الإثنين 9 ربيع الأول من سنة 53ق.هـ، الموافق 20 أبريل عام 571م (عام الفيل). ويحتفل به في مصر وبعض البلدان الإسلامية في يوم 12 ربيع الأول تبعًا لما جرت عليه سُنّة الفاطميين أثناء وجودهم في مصر. وعندما هاجر ﷺ، مكث في غار حراء ثلاث ليال ثم خرج ليلة غرة ربيع الأول قاصدًا يثرب (المدينة المنورة)، فوصل إلى قباء على مشارف يثرب في يوم الإثنين 8 ربيع الأول من سنة الإذن ـ السنة الأولى من الهجرة، وبها بني أول مسجد في الإسلام. ثم وصل المدينة يوم الجمعة 12 ربيع الأول.

وفي شهر ربيع الأول كانت غزوة دومة الجندل، وذلك في السنة الخامسة من الهجرة التي كان يطلق عليها المسلمون آنذاك سنة الزلزال إشارة إلى ابتلاء المؤمنين وزلزالهم في غزوة الخندق التي وقعت في العام نفسه. وقد أجمع المؤرخون على أن الله استأثر بروح نبيه ﷺ في يوم الاثنين 12 من ربيع الأول عام 11 هـ الموافق 8 يونيو سنة 632م، وكان عمره آنذاك 63 سنة قمرية وخمسة أيام. وفي 15 من هذا الشهر نفسه بويع أبو بكر خليفة للمؤمنين.

في 17 من هذا الشهر من عام 1343هـ، هزمت القوات السعودية قوات الأشراف ودخلوا مكة ثم استولوا بعد ذلك على القنفذة والليث ورابغ. ومن الأحداث المهمة التي وقعت في هذا الشهر أيضًا وفاة الملك عبدالعزيز مؤسس المملكة العربية السعودية في الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ. وفي 12 ربيع الأول من عام 1395هـ استشهد الملك فيصل بن عبدالعزيز في الرياض، عقب ذلك بويع ولي عهده الأمير خالد بن عبدالعزيز ملكًا.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية