الرئيسيةبحث

صفر ( Safar )


☰ جدول المحتويات


صَفَر الشهر الثاني وفق التقويم الهجري، وسُمِّي بهذا الاسم نحو عام 412م في عهد كلاب بن مُرَّة الجد الخامس للرسول ﷺ. وفي تسميته بهذا الاسم عدة آراء، منها ما يقول إنه اكتسب هذا الاسم لأن العرب كانوا يغيرون فيه على بلاد يُقال لها الصَّفَرِيَّة، بينما يقول آخرون: إن الاسم مأخوذ من اسم أسواق كانت في جنوبي الجزيرة العربية ببلاد اليمن تُسمى الصَّفَرِيَّة، كان العرب يرتحلون إليها ويبتاعون منها. ويُقال إنه سُمي صفرًا لأنه يعقب شهر الله المحرم ـ وهو من الأشهر الحرم ـ وكانت البلاد تخلو من أهلها لخروجهم إلى الحرب. وفي اللغة صَفِرَ الإناءُ أي خلا، ومنه ¸صِفْر اليدين·، أي خالي اليدين، لا يملك شيئًا. وقال بعضهم إنما سُمي صفر صفرًا لإصفار مكة من أهلها إذا سافروا عقب الأشهر الحرم فأخلوا مكة وارتحلوا إلى مضارب قبائلهم. ويقول رؤبة إنهم أطلقوا عليه هذا الاسم لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل، فيتركون من أغاروا عليهم صِفْرًا من المتاع، وذلك لأن صفرًا يلي المحرم. وكان العرب يقولون: أعوذ بالله من صفر الإناء وقرع الفناء، ويعنون بذلك هلاك المواشي وخلوّ ربوعهم منها. وكان من عادة العرب قبل الإسلام، تأجيل حرمة المحرّم إلى صفر، ويسمى هذا التأجيل النّسيء، وكانوا يطلقون على الليلة التي بينه وبين آخر المحرم ـ إذا كانوا لا يدرون أهي من هذا أم ذاك ـ اسم الفلتة. وكانوا إذا جمعوا المحرم مع صفر قالوا: الصّفران.

ولم تكن العرب قبل الإسلام تعرف العُمْرة في أشهر الحج ولا صفر، بل كانت العمرة فيها عندهم من أفجر الفجور، وكانوا يقولون: إذا انسلخ صفر، ونَبَتَ الوبر، وعفا الأثر، وبرأ الدّبر حلّت العمرة لمن اعتمر.

أسماؤه:

كانت العرب تطلق على الشهور الحالية أسماء غير المعروفة بها حاليًا، وقد أطلقوا عليها ثلاث سلاسل من الأسماء قبل أن تستقر على أسمائها الحالية في مطلع القرن الخامس الميلادي، من ذلك أنهم سموا رمضان: زاهر ونافِق ودَيْمَرَ، وسموا رجبًا: أَحْلَك والأصَمّ وهوْبَل. أما صفر فقد عرفته ثمود باسم مُوجِر، وكانت بقية العرب العاربة تطلق عليه اسم ثقيل، ومن أشهر الأسماء الأخرى التي عرف بها، اسم ناجِر، ويحتمل أن يكون ذلك مشتقًا من النَّجر، أي شدة الحر، إذ كان هذا الشهر يأتي أوان اشتداد الحرارة، والشاهد على ذلك قول الشاعر:

صُرىً آجِنٌ يَزْوي له المرءُ وجْهَه إذا ذاقه الظمآن في شهر ناجر

أو قد تكون لذلك علاقة وإشارة إلى ابتداء أشهر الحرب، فبعد أن ينسلخ شهر مُؤتَمر، وهو المحرم تبدأ الإغارات يقول الشاعر:

صبحْناهم كأسا من الموت مُرّةً بناجِرَ حتى اشتد حرُّ الودائق
وهناك رأي يقول: إن كلمة ناجر تعني كل شهر يأتي في صميم الحر. لأن الإبل (تَنْجَرُ) فيه، أي يشتد عطشها حتى تيبس جلودها، إلا أن الأبيات التالية التي تسرد كل الشهور العربية قبل الإسلام توضح بلا شك أن المقصود بناجر صفر. ★ تَصَفح: المحرم.

بمُؤْتَمِرٍ وناجر ابتدأنا وبالخَوّان يتبعه البُصانُ
ورُنَّى ثم أيِّدة تليه تعود أصمَّ صُمَّ به السِّنان
وعادلة وناطِلةٌ جميعًا وواغِلة فهم غُرر حسان
ورَنَّة بعدها بُرك فتمت شهور الحَول يعقدها البنان
وهذه الشهور على التوالي هي: المؤتمر: محرم، وناجِر: صفر، والخوان والبُصان: الربيعان، ورُُنَّى وأيدة: الجماديان، وأصم: رجب، وعادلة وناطلة: شعبان ورمضان، وواغِلَة: شوال، ورَنَّة وبُرَك: ذو القَعْدة وذو الحِجَّة.

من أهم الأحداث التي وقعت في هذا الشهر، أن هجرة الرسول ﷺ ـ من مكة إلى المدينة ـ بدأت في أواخره، وبعد أن مكث في غار ثور آخر ثلاث ليال فيه، خرج منه في غرة ربيع الأول قاصدًا يثرب (المدينة المنورة). وفي مثل هذا الشهر من سنة 3هـ، وهي التي كانت تُسمى عند العرب سنة التّمحيص كانت غزوة بني قينقاع، ★ تَصَفح:التقويم الهجري. أما في سنة الترفئة، أي في صفر من عام 4 هـ فكانت غزوة الرجيع، وفي صفر عام 7 هـ سنة الاستغلاب كان فتح خيبر، وفي 27 منه عام 11هـ كان مرض الرسول ﷺ الذي توفي بعده في يوم الاثنين 13 ربيع الأول من العام نفسه. كما كان الأول من صفر عام 37هـ بداية حرب صِفّين بين علي ومعاوية، ودامت هذه الحرب 110 أيام. وفي 21 صفر من عام 99هـ بويع عمر بن عبدالعزيز بالخلافة.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية